الحكم الوضعي وأقسامه
سبق في ما مضى الكلام على تعريف الوضع في اللغة، وأنه يطلق ويراد به (الترك)، ويطلق ويراد به (الافتراء)، (والولادة)، وغير ذلك.
يقال: افترى فلان هذا الحديث، أو وضع فلان هذا الحديث، بمعنى افتراه، ووضعت المرأة حملها إذا ولدت، ويقال: وضع فلان دينه عن فلان، إذا أسقطه.
أما تعريفه في الإصطلاح:
فإنه عُرّف بتعاريف منها: أنه خطاب الله تعالى الوارد بكون هذا الشيء سبباً في شيء آخر أو شرطاً له، أو مانعاً منه، أو صحيحاً، أو فاسداً، أو رخصة، أو عزيمة.
وعلى هذا يشمل خطاب الوضع أشياء، فهو يشمل: السبب والشرط والمانع والعلة والصحة والفساد والأداء والقضاء، والرخصة، والعزيمة.
وقد اختلفوا في بعض هذه الأشياء، والذي محل وفاق: السبب والشرط والمانع، أما ما عدا هذه الثلاثة فهو موضع خلاف بين الأصوليين.
فالحكم الوضعي:
هو خطاب الله تعالى الوارد بكون هذا الشيء سبباً في شيء آخر، أو شرطاً، أو مانعاً منه، أو صحيحاً، أو فاسداً، أو رخصة، أو عزيمة، وإنما قيل ذلك لتعذر معرفة خطابه سبحانه في كل حال وفي كل واقعة بعد انقطاع الوحي، فحذراً من تعطيل أكثر الوقائع عن الأحكام الشرعية قيل ذلك.
قال ابن قدامه رحمه الله في الروضة: (اعلم أنه لما عسُر على الخلق معرفة خطاب الله تعالى في كل حال أظهر خطابه لهم بأمور محسوسة، جعلها مقتضية لأحكامها، على مثال اقتضاء العلة المحسوسة معلولاً، وذلك شيئان:
أحدهما:
العلة.
والثاني: السبب: ونصبهما مقتضيين لأحكامهما حكم من الشارع.
وسُمي بذلك لأنه شيء وضعه الله في شرائعه، أي جعله دليلاً وسبباً وشرطاً، لا أنه جل وعلا أمر به عباده ولا أناطه بأفعالهم، من حيث هو خطاب وضع، ولذلك لا يشترط العلم والقدُرة في أكثر خطاب الوضع كالتوريث كما سبق.
والمؤلف رحمه الله لم يذكر مما يتعلق بخطاب الوضع إلا الصحيح والباطل فقط.