(28) هذَا معنَى قولِ الفقهاءِ:
العادةُ مُحَكَّمَةٌ أَيْ معمولٌ بهَا، فإذَا نصَّ الشَّارعُ على حكمٍ، وعلَّقَ بهِ شيْئاً، فإنْ نَصَّ عَلى حَدِّهِ وتفْسِيرِهِ، وإلاَّ رُجِعَ إلى العُرفِ الجَاري، وذلكَ كالمعروفِ في قولِهِ تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بالْمَعْرُوفِ}، وهذَا الَّذي جرى عليهِ عُرْفُ النَّاسِ.
وكذلكَ برُّ الوالديْنِ، وصلةُ الأَرحامِ، فكلُّ ما يُعَدُّ بِرًّا وصلةً، فهوَ داخلٌ في ذلكَ، وكذلكَ لفظُ القبضِ والحِرزِ وألفاظُ العقودِ كلُّهَا: يُرْجَعُ فيهِ إلى عُرفِ النَّاسِ.
وَمِنْ هذَا إذَا أمرَ حمّالاً ونحوَهُ بحملِ شيْءٍ منْ غيرِ إجارةٍ فلهُ أُجرةُ عادتِهِ، ويدخلُ في هذَا تصرُّفُ الإنسانِ في ملكِ غيرِهِ، واستعمالُهُ بغيرِ إذنِهِ، إذَا جرتِ العادةُ بذلكَ، والمسامحةُ كالتَّروُّحِ بمروحةِ غيرِهِ، ودقِّ بابِهِ، ودخولِ ملكِهِ، ولوْ لمْ يأْذنْ فيهِ، لجريانِ العُرفِ بذلكَ.