الإِقْرَارُ
الإِقْرَارُ هوَ لُغَةً: الإِثْبَاتُ، وَفِي الشَّرْعِ: إخْبَارُ الإِنْسَانِ بِمَا عَلَيْهِ، وَهُوَ ضِدُّ الْجُحُودِ.
1/838 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُلِ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا)). صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
(وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلِ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا. صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ) سَاقَهُ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَفِيهِ وَصَايَا نَبَوِيَّةٌ.
وَلَفْظُهُ: قَالَ: " أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْظُرَ إلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنِّي، وَلا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَنْ أُحِبَّ الْمَسَاكِينَ، وَأَنْ أَدْنُوَ مِنْهُمْ، وَأَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ قَطَعُونِي وَجَفَوْنِي، وَأَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا، وَأَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَأَنْ لا أَسْأَلَ أَحَداً شَيْئاً، وَأَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ".
وَقَوْلُهُ: ((قُلِ الْحَقَّ)) يَشْمَلُ قَوْلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}، وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ}.
وَبِاعْتِبَارِ شُمُولِهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا تَبَعاً لِلرَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الإِقْرَارِ، وَفِيهِ دَلالَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ إقْرَارِ الإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ، وَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ الأَحْكَامِ؛ لأَنَّ قَوْلَ الْحَقِّ عَلَى النَّفْسِ هُوَ الإِخْبَارُ بِمَا عَلَيْهَا مِمَّا يَلْزَمُهَا التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِمَالٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ عِرْضٍ.
وَقَوْلُهُ: ((وَلَوْ كَانَ مُرًّا)) مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ؛ لأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَصْعُبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى النَّفْسِ كَمَا يَصْعُبُ عَلَيْهَا إسَاغَةُ الْمُرِّ لِمَرَارَتِهِ. وَيَأْتِي فِي بَابِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَحَادِيثُ فِي الإِقْرَارِ.