دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير جزء قد سمع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1436هـ/24-08-2015م, 07:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة الممتحنة [ من الآية (1) إلى الآية (3) ]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) }

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ} يعني: المشركين والكفّار الّذين هم محاربون للّه ولرسوله وللمؤمنين، الّذين شرع اللّه عداوتهم ومصارمتهم، ونهى أن يتّخذوا أولياء وأصدقاء وأخلّاء، كما قال {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} [المائدة: 51].
وهذا تهديدٌ شديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ، وقال تعالى:
{يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا الّذين اتّخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفّار أولياء واتّقوا اللّه إن كنتم مؤمنين} [المائدة: 57] وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا للّه عليكم سلطانًا مبينًا} [النّساء: 144]. وقال تعالى: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيءٍ إلا أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم اللّه نفسه} [آل عمران: 28]؛ ولهذا قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عذر حاطبٍ لمّا ذكر أنّه إنّما فعل ذلك مصانعةً لقريشٍ، لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد.
ويذكر هاهنا الحديث الّذي رواه الإمام أحمد:
حدّثنا مصعب بن سلّامٍ، حدّثنا الأجلح، عن قيس بن أبي مسلمٍ، عن ربعي بن حراشٍ، سمعت حذيفة يقول: ضرب لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمثالًا واحدًا وثلاثةً وخمسةً وسبعةً، وتسعةً، وأحد عشر -قال: فضرب لنا منها مثلًا وترك سائرها، قال: "إنّ قومًا كانوا أهل ضعفٍ ومسكنةٍ، قاتلهم أهل تجبّرٍ وعداءٍ، فأظهر اللّه أهل الضّعف عليهم، فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلّطوهم، فأسخطوا اللّه عليهم إلى يوم يلقونه".
وقوله:
{يخرجون الرّسول وإيّاكم} هذا مع ما قبله من التّهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم؛ لأنّهم أخرجوا الرّسول وأصحابه من بين أظهرهم، كراهةً لما هم عليه من التّوحيد وإخلاص العبادة للّه وحده؛ ولهذا قال: {أن تؤمنوا باللّه ربّكم} أي: لم يكن لكم عندهم ذنبٌ إلّا إيمانكم باللّه ربّ العالمين، كقوله: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا باللّه. العزيز الحميد} [البروج: 8]، وكقوله {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلا أن يقولوا ربّنا اللّه} [الحجّ: 40].
وقوله:
{إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي} أي: إن كنتم كذلك فلا تتّخذوهم أولياء، إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي باغين لمرضاتي عنكم فلا توالوا أعدائي وأعداءكم، وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقًا عليكم وسخطًا لدينكم.
وقوله:
{تسرّون إليهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم} أي: تفعلون ذلك وأنا العالم بالسّرائر والضّمائر والظّواهر {ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السّبيل} ).[تفسير القرآن العظيم: 8/85-86]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وهذهِ الآياتُ فيها النَّهْيُ الشديدُ عن مُوالاةِ الكُفَّارِ مِن المُشركِينَ وغيرِهم، وإلقاءِ الْمَوَدَّةِ إليهم، وأنَّ ذلكَ مُنافٍ للإيمانِ ومخالِفٌ لِمِلَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، ومُناقِضٌ للعقْلِ الذي يُوجِبُ الحَذَرَ كلَّ الحذَرِ مِن العدُوِّ الذي لا يُبْقِي مِن مَجهودِه في العَداوةِ شيئاً، ويَنتهِزُ الفُرْصةَ في إيصالِ الضرَرِ إلى عَدُوِّهِ.
(1) فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: اعْمَلُوا بِمُقتضَى إيمانِكم مِن وَلايةِ مَن قامَ بالإيمانِ ومُعاداةِ مَن عادَاهُ؛ فإنَّه عَدُوٌّ للهِ وعَدُوٌّ للمُؤمنِينَ.
فـ {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}؛ أيْ: تُسارِعونَ في مَوَدَّتِهم والسعْيِ في أسبابِها؛ فإنَّ المَودَّةَ إذا حَصَلَتْ تَبِعَتْها النُّصْرةُ والْمُوالاةُ، فخَرَجَ العبْدُ مِن الإيمانِ وصارَ مِن جُملةِ أهْلِ الكُفْرانِ، وانفَصَلَ عن أهلِ الإيمانِ.
وهذا الْمُتَّخِذُ للكافِرِ وَلِيًّا عادِمُ الْمُروءَةِ أيضاً؛ فإنَّه كيفَ يُوَالِي أعْدَى أعدائِه، الذي لا يُريدُ له إلاَّ الشرَّ، ويُخالِفُ رَبَّه ووَلِيَّه الذي يُريدُ به الخيرَ، ويَأمُرُه به ويَحُثُّه عليه.
ومِمَّا يَدْعُو المُؤمِنَ أيضاً إلى مُعاداةِ الكُفَّارِ أنَّهم قدْ كَفَرُوا بما جاءَ المُؤمنِينَ مِن الحقِّ، ولا أعظَمَ مِن هذهِ الْمُخالَفَةِ والْمُشَاقَّةِ؛ فإِنَّهم قدْ كفَرُوا بأصْلِ دينِكم، وزَعَمُوا أنَّكم ضُلاَّلٌ على غيرِ هُدًى، والحالُ أنَّهم كَفَرُوا بالحقِّ الذي لا شَكَّ فيه ولا مِرْيَةَ.
ومَن رَدَّ الحقَّ فمُحالٌ أنْ يُوجَدَ له دليلٌ أو حُجَّةٌ تَدُلُّ على صِحَّةِ قولِه، بل مُجَرَّدُ العلْمِ بالحقِّ يَدُلُّ على بُطْلانِ قَولِ مَن رَدَّهُ وفَسادِه.
ومِن عَداوتِهم البَليغةِ أنَّهم {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} أيُّها المؤمنونَ مِن دِيارِكم ويُشَرِّدُونَكم مِن أوطانِكم، ولا ذَنْبَ لكم في ذلكَ عندَهم إلاَّ أنَّكم تُؤمنونَ {بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} الذي يَتَعيَّنُ على الخَلْقِ كلِّهم القيامُ بعُبودِيَّتِه؛ لأنَّه رَبَّاهُم، وأنْعَمَ عليهم بالنِّعَمِ الظاهرةِ والباطنةِ، وهو اللَّهُ تعالى.
فلَمَّا أَعْرَضُوا عن هذا الأمْرِ الذي هو أوْجَبُ الواجباتِ وقُمْتُمْ به؛ عادَوْكُم وأَخْرَجُوكم مِن أجْلِه مِن دِيارِكم.
فأيُّ دِينٍ وأيُّ مُروءَةٍ وعَقْلٍ يَبقَى معَ العَبْدِ إذا وَالَى الكُفَّارَ الذينَ هذا وَصْفُهم في كُلِّ زَمانٍ أو مكانٍ، ولا يَمْنَعُهم منه إلاَّ خَوْفٌ أو مانِعٌ قَوِيٌّ.
{إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي}؛ أيْ: إنْ كانَ خُروجُكم مَقصودَكم به الجهادُ في سبيلِ اللَّهِ لإعلاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وابتغاءِ رِضاهُ؛ فاعْمَلُوا بِمُقْتَضَى هذا مِن مُوالاةِ أولياءِ اللَّهِ ومُعاداةِ أعدائِه؛ فإنَّ هذا مِن أعْظَمِ الجهادِ في سبيلِه، ومِن أعْظَمِ ما يَتقَرَّبُ بهِ الْمُتقَرِّبونَ إلى اللَّهِ، ويَبْتَغُونَ به رِضاهُ.
{تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ}؛ أيْ: كيفَ تُسِرُّونَ الْمَوَدَّةَ للكافرِينَ وتُخْفُونَها، معَ عِلْمِكم أنَّ اللَّهَ عالِمٌ بما تُخْفُونَ وما تُعلِنونَ.
فهو وإنْ خَفِيَ على المُؤمنِينَ فلا يَخْفَى على اللَّهِ تعالى، وسيُجازِي العِبادَ بما يَعْلَمُه مِنهم مِن الخيرِ والشرِّ، {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ}؛ أيْ: مُوالاةَ الكافرِينَ بعدَما حَذَّرَكم اللَّهُ منها, {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}؛ لأنَّه سَلَكَ مَسْلَكاً مُخالِفاً للشرْعِ والعَقْلِ والمُروءَةِ الإنسانيَّةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 855]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} نَزَلَتْ في حاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ حينَ كتَبَ إلى مُشركِي قُريشٍ يُخْبِرُهم بِمَسيرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهم، وذلك في غَزوةِ فتْحِ مكَّةَ سنةَ ثمانٍ مِن الهجرةِ، والآيةُ تدُلُّ على النهيِ عن مُوالاةِ الكُفَّارِ بوَجْهٍ مِن الوجوهِ.
{تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أيْ: تُوَصِّلونَ إليهم أخبارَ النبيِّ بسببِ المودَّةِ التي بينَكم وبينَهم.
{وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ} أيْ: كَفَرُوا باللهِ والرسولِ وما جاءَكم به مِن القرآنِ والهدايةِ الإلهيَّةِ.
{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} أيْ: أَخْرَجوه وإيَّاكُم مِن مكَّةَ؛ لكُفْرِهم بما جاءَكم مِن الحقِّ، فكيف تُوَادُّونَهم؟! {أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ} أيْ: يُخْرِجونكم بسببِ إيمانِكم باللهِ، أو كَراهةَ أنْ تُؤْمِنُوا.
{إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي} أيْ: إنْ كُنتمْ كذلك فلا تَتَّخِذوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُم أولياءَ.
{تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أيْ: تُسِرُّون إليهم الأخبارَ بسببِ الْمَوَدَّةِ.
{وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ} أيْ: أعلَمُ مِن كلِّ أحَدٍ بما تَفعلونَه مِن إرسالِ الأخبارِ إليهم.
{وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}: أخطَأَ طريقَ الحقِّ والصوابِ، وضَلَّ عن قَصْدِ السبيلِ). [زبدة التفسير: 548-549]


تفسير قوله تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسّوء} أي: لو قدروا عليكم لما اتّقوا فيكم من أذًى ينالونكم به بالمقال والفعال. {وودّوا لو تكفرون} أي: ويحرصون على ألّا تنالوا خيرًا، فهم عداوتهم لكم كامنةٌ وظاهرةٌ، فكيف توالون مثل هؤلاء؟ وهذا تهييجٌ على عداوتهم أيضًا).[تفسير القرآن العظيم: 8/86]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ( (2) ثُمَّ بَيَّنَ تعالى شِدَّةَ عَداوَتِهِم؛ تَهْيِيجاً للمُؤْمنِينَ على عَداوَتِهم.
{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ}؛ أي: يَجِدُوكم وتَسْنَحْ لهم الفُرصةُ في أَذاكُم, {يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً}: ظاهرِينَ.
{وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} بالقتْلِ والضَّرْبِ ونحوِ ذلك، {وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ}؛ أيْ: بالقولِ الذي يَسُوءُ؛ مِن شَتْمٍ وغيرِه، {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}؛ فإنَّ هذا غايةُ ما يُرِيدونَ مِنكم). [تيسير الكريم الرحمن: 855-856]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2- {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً} أيْ: إنهم إنْ يَلْقَوْكُم ويُصادِفُوكم يُظْهِروا لكم ما في قلوبِهم مِن العداوةِ.
{وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ} أيْ: يَمُدُّوا إليكم أيْدِيَهُم بالضرْبِ ونحوِه، وأَلْسِنَتَهم بالشَّتْمِ ونحوِه.
{وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}: تَمَنَّوُا ارتدادَكم ورُجوعَكم إلى الكفْرِ). [زبدة التفسير: 549]


تفسير قوله تعالى: (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم واللّه بما تعملون بصيرٌ} أي: قراباتكم لا تنفعكم عند اللّه إذا أراد اللّه بكم سوءًا، ونفعهم لا يصل إليكم إذا أرضيتموهم بما يسخط اللّه، ومن وافق أهله على الكفر ليرضيهم فقد خاب وخسر وضلّ عمله، ولا ينفعه عند اللّه قرابته من أحدٍ، ولو كان قريبًا إلى نبيٍّ من الأنبياء. قال الإمام أحمد:
حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه: أين أبي؟ قال: "في النّار" فلمّا قفّى دعاه فقال: "إنّ أبي وأباك في النّار".
ورواه مسلمٌ وأبو داود، من حديث حمّاد بن سلمة، به).
[تفسير القرآن العظيم: 8/86-87]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ( (3) فإنِ احْتَجَجْتُم وقُلْتُم: نُوالِي الكُفَّارَ لأجْلِ القَرابةِ والأموالِ، فلَنْ تُغنِيَ عنكم أموالُكم ولا أولادُكم مِن اللَّهِ شيئاً، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}؛ فلذلكَ حَذَّرَكُم مِن مُوالاةِ الكافرِينَ الذينَ تَضُرُّكُم مُوالاتُهم). [تيسير الكريم الرحمن: 856]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3- {لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ} أيْ:إنَّ أولادَكم وأقاربَكم لن يَنفعوكُم يومَ القِيامةِ حتى تُوَالُوا الكفارَ لأجْلِهم، كما وَقَعَ في قِصَّةِ حاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ، بل الذي يَنفعُكم هو ما أمَرَكم اللهُ به مِن مُعاداةِ الكُفَّارِ وَجِهَادِهم وتَرْكِ مُوالاتِهم, {يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}: يَفْرُقُ بينَكم، فيُدْخِلُ أهْلَ طاعتِه الجنَّةَ، وأهْلَ مَعصيتِه النارَ). [زبدة التفسير: 549]


* للاستزادة ينظر: هنا

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir