دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة آل عمران

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 ذو القعدة 1436هـ/21-08-2015م, 08:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (165) إلى الآية (168) ]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {أولمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيء قدير}
هذه الواو واو النسق، دخلت عليها ألف الاستفهام فبقيت مفتوحة على هيئتها قبل دخولها، ومثل ذلك في الكلام قول القائل: تكلم فلان بكذا وكذا، فيقول قائل مجيبا له أو هو ممن يقول ذلك.
وقيل في التفسير: إن هذه المصيبة عنى بها ما نزل بهم يوم أحد، و{أصبتم مثليها} أصبتم في يوم أحد مثلها وأصبتم يوم بدر مثلها، فأصبتم مثلي ما أصابكم.
{قلتم أنّى هذا}أي: من أين أصابنا هذا.
{قل هو من عند أنفسكم}أي: أصابكم بمعصيتكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وما من قوم أطاعوا نبيهم في حربهم إلا نصروا، لأنهم إذا أطاعوا فهم حزب اللّه، وحزب الله هم الغالبون). [معاني القرآن: 1/487-488]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وقف تعالى المؤمنين على الخطأ في قلقهم للمصيبة التي نزلت بهم وإعراضهم عما نزل بالكفار، وعرفهم أن ذلك لسبب أنفسهم، والواو في قوله: أولمّا عطف جملة على جملة دخلت عليها ألف التقرير على معنى إلزام المؤمنين هذه المقالة في هذه الحال، والمصيبة التي نالت المؤمنين هي: قصد- أحد- وقتل سبعين منهم، واختلف في المثلين اللذين أصاب المؤمنين فقال قتادة والربيع: وابن عباس وجمهور المتأولين: ذلك في يوم بدر، قتل المؤمنون من كفار قريش سبعين، وأسروا سبعين، وقال الزجّاج: أحد المثلين: هو قتل السبعين يوم بدر، والثاني: هو قتل اثنين وعشرين من الكفار يوم- أحد- فهو قتل بقتل، ولا مدخل للأسرى في هذه الآية، هذا معنى كلامه، لأن أسارى بدر أسروا ثم فدوا، فلا مماثلة بين حالهم وبين قتل سبعين من المؤمنين، وأنّى- معناها: كيف ومن أين؟ ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام أن يقول لهم: هو من عند أنفسكم، واختلف الناس كيف هو من عند أنفسهم ولأي سبب؟
فقال الجمهور من المفسرين: لأنهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرأي حين رأى أن يقيم بالمدينة ويترك كفار قريش بشر محبس فأبوا إلا الخروج حتى جرت القصة، وقالت طائفة: قوله تعالى:
من عند أنفسكم إشارة إلى عصيان الرماة وتسبيبهم الهزيمة على المؤمنين. وقال الحسن وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما: بل ذلك لما قبلوا الفداء يوم بدر، وذلك أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
لما فرغت هزيمة المشركين ببدر جاء جبريل عليه السلام إلى النبي عليه السلام فقال: يا محمد إن الله قد كره ما يصنع قومك في أخذ الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: أن يقدموا الأسارى فتضرب أعناقهم، أو يأخذوا الفداء، على أن يقتل من أصحابك عدة هؤلاء الأسارى، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا: يا رسول الله، عشائرنا وإخواننا، بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم، فليس في ذلك ما نكره، قال: فقتل منهم يوم أحد- سبعون رجلا). [المحرر الوجيز: 2/413-414]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167) الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)}
يقول تعالى: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ} وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السّبعين منهم {قد أصبتم مثليها} يعني: يوم بدر، فإنّهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلًا وأسروا سبعين أسيرًا {قلتم أنّى هذا} أي: من أين جرى علينا هذا؟ {قل هو من عند أنفسكم}
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكره أبي، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا قراد أبو نوحٍ، حدّثنا عكرمة بن عمّارٍ، حدّثنا سماك الحنفيّ أبو زميل، حدّثني ابن عبّاسٍ، حدّثني عمر بن الخطّاب قال: لمّا كان يوم أحدٍ من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدرٍ من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفرّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنه، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدّم على وجهه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} بأخذكم الفداء.
وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرّحمن بن غزوان، وهو قراد أبو نوحٍ، بإسناده ولكن بأطول منه، وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا إسماعيل بن عليّة عن ابن عون، عن محمّدٍ عن عبيدة (ح) قال سنيد -وهو حسينٌ-: وحدّثني حجّاجٌ عن جرير، عن محمّدٍ، عن عبيدة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: جاء جبريل، عليه السّلام، إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد، إنّ اللّه قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين، إمّا أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء، على أن يقتل منهم عدّتهم. قال: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الناس فذكر ذلك لهم، فقالوا: يا رسول اللّه، عشائرنا وإخواننا، ألا نأخذ فداءهم فنتقوّى به على قتال عدوّنا، ويستشهد منّا عدّتهم، فليس في ذلك ما نكره؟ قال: فقتل منهم يوم أحدٍ سبعون رجلًا عدّة أسارى أهل بدرٍ.
وهكذا رواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث أبي داود الحفري، عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن سفيان بن سعيدٍ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، به. ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلّا من حديث ابن أبي زائدة. وروى أبو أسامة عن هشام نحوه. وروى عن ابن سيرين عن عبيدة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرسلًا.
وقال محمّد بن إسحاق، وابن جريجٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والسديّ: {قل هو من عند أنفسكم} أي: بسبب عصيانكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرّماة {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه).
[تفسير القرآن العظيم: 2/158-159]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين}
وقوله جلّ وعزّ: {فبإذن اللّه}أي: ما أصابكم كان بعلم اللّه.
{وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه).[معاني القرآن: 1/488]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167)
الخطاب بقوله تعالى: وما أصابكم للمؤمنين، والجمعان هما عسكر النبي صلى الله عليه وسلم وعسكر قريش يوم- أحد- ودخلت الفاء في قوله: فبإذن اللّه رابطة مشددة، وذلك للإبهام الذي في ما فأشبه الكلام الشرط، وهذا كما قال سيبويه: الذي قام فله درهمان، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء، وكذلك ترتيب هذه الآية، فالمعنى إنما هو، وما أذن الله فيه فهو الذي أصاب، لكن قدم الأهم في نفوسهم والأقرب إلى حسهم، والإذن: التمكين من الشيء مع العلم به). [المحرر الوجيز: 2/414]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} أي: فراركم بين يدي عدوّكم وقتلهم لجماعةٍ منكم وجراحتهم لآخرين، كان بقضاء اللّه وقدره، وله الحكمة في ذلك. [وقوله] {وليعلم المؤمنين} أي: الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/159]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ):{وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه). [معاني القرآن: 1/488] (م)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وليعلم معناه: ليكون العلم مع وجود المؤمنين والمنافقين، أي مساوقين للعلم الذي لم يزل ولا يزال واللام في قوله: ليعلم معلقة بفعل مقدر في آخر الكلام، والإشارة بقوله: نافقوا وقيل لهم هي إلى عبد الله بن أبي وأصحابه الذين انصرفوا معه عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم- أحد- وذلك أنه كان من رأي عبد الله بن أبي أن لا يخرج إلى كفار قريش، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على الوجه الذي قد ذكرناه، قال عبد الله بن أبي: أطاعهم وعصاني، فانخذل بنحو ثلث الناس، فمشى في أثرهم عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري أبو جابر بن عبد الله فقال لهم: اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، أو نحو هذا من القول، فقال له ابن أبي: ما أرى أن يكون قتال، ولو علمنا أن يكون قتال لكنا معكم، فلما يئس منهم عبد الله قال: اذهبوا أعداء الله، فسيغني الله رسوله عنكم، ومضى مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستشهد، واختلف الناس في معنى قوله:
أو ادفعوا فقال السدي وابن جريج وغيرهما معناه: كثروا السواد وإن لم تقاتلوا، فيندفع القوم لكثرتكم، وقال أبو عون الأنصاري: معناه رابطوا، وهذا قريب من الأول، ولا محالة أن المرابط مدافع، لأنه لولا مكان المرابطين في الثغور لجاءها العدو، والمكثر للسواد مدافع، وقال أنس بن مالك: رأيت يوم القادسية عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى، وعليه درع يجر أطرافها وبيده راية سوداء، فقيل له: أليس قد أنزل الله عذرك؟ قال: بلى، ولكني أكثر المسلمين بنفسي، وروي أنه قال: فكيف بسوادي في سبيل الله، وذهب بعض المفسرين إلى أن قول عبد الله بن عمرو: أو ادفعوا، إنما هو استدعاء القتال حمية، لأنه دعاهم إلى القتال في سبيل الله، وهو أن تكون كلمة الله هي العليا، فلما رأى أنهم ليسوا أهل ذلك، عرض عليهم الوجه الذي يحشمهم ويبعث الأنفة، أي أو قاتلوا دفاعا عن الحوزة، ألا ترى أن قزمان قال: والله ما قاتلت إلا على أحساب قومي، وألا ترى أن بعض الأنصار قال يوم- أحد- لما رأى قريشا قد أرسلت الظهر في زروع قناة قال: أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أن لا يقاتل أحد حتى يأمره بالقتال، فكأن عبد الله بن عمرو بن حرام دعاهم إلى هذا المقطع العربي الخارج عن الدين والقتال في سبيل الله، وذهب جمهور المفسرين إلى أن قوله: أقرب مأخوذ من القرب ضد البعد، وسدت- اللام- في قوله: للكفر، وللإيمان- مسد إلى، وحكى النقاش: أن قوله أقرب مأخوذ من القرب بفتح القاف والراء وهو الطلب، والقارب طالب الماء، وليلة القرب ليلة الورد، فاللفظة بمعنى أطلب، واللام متمكنة على هذا القول، وقوله: بأفواههم تأكيد، مثل يطير بجناحيه، وقوله: ما ليس في قلوبهم يريد ما يظهرون من الكلمة الحاقنة لدمائهم، ثم فضحهم تعالى بقوله: واللّه أعلم بما يكتمون أي من الكفر وعداوة الدين وفي الكلام توعد لهم). [المحرر الوجيز: 2/414-416]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} يعني [بذلك] أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول الّذين رجعوا معه في أثناء الطّريق، فاتّبعهم من اتّبعهم من المؤمنين يحرّضونهم على الإياب والقتال والمساعدة؛ ولهذا قال: {أو ادفعوا} قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وأبو صالحٍ، والحسن، والسّدّي: يعني كثروا سواد المسلمين. وقال الحسن بن صالحٍ: ادفعوا بالدّعاء. وقال غيره: رابطوا. فتعلّلوا قائلين: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} قال مجاهدٌ: يعنون لو نعلم أنّكم تلقون حربًا لجئناكم، ولكن لا تلقون قتالًا.
قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن مسلم بن شهابٍ الزّهريّ، ومحمّد بن يحيى بن حبّان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرّحمن بن عمرو بن سعد بن معاذٍ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدّث قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني حين خرج إلى أحدٍ-في ألف رجلٍ من أصحابه، حتّى إذا كان بالشّوط -بين أحدٍ والمدينة-انحاز عنه عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول بثلث النّاس، وقال أطاعهم فخرج وعصاني، وواللّه ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيّها النّاس، فرجع بمن اتّبعه من النّاس من قومه أهل النّفاق وأهل الرّيب، واتّبعهم عبد اللّه بن عمرو بن حرامٍ أخو بني سلمة، يقول: يا قوم، أذكّركم اللّه أن تخذلوا نبيّكم وقومكم عندما حضر من عدوّكم، قالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكّنا لا نرى أن يكون قتالٌ. فلمّا استعصوا عليه وأبوا إلّا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم اللّه أعداء اللّه، فسيغنى اللّه عنكم. ومضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال اللّه تعالى: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان} استدلّوا به على أنّ الشّخص قد تتقلّب به الأحوال، فيكون في حالٍ أقرب إلى الكفر، وفي حالٍ أقرب [إلى] الإيمان؛ لقوله: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان}
ثمّ قال: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} يعني: أنّهم يقولون القول ولا يعتقدون صحّته، ومنه قولهم هذا: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} فإنّهم يتحقّقون أنّ جندًا من المشركين قد جاءوا من بلادٍ بعيدةٍ، يتحرّقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدرٍ، وهم أضعاف المسلمين، أنّه كائنٌ بينهم قتالٌ لا محالة؛ ولهذا قال تعالى: {واللّه أعلم بما يكتمون}).
[تفسير القرآن العظيم: 2/160]


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168) ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم اللّه من فضله ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (170)
الّذين بدل من «الذين» المتقدم، و «إخوانهم» المقتولون من الخزرج وهي أخوة نسب ومجاورة،
وقوله تعالى: لإخوانهم معناه لأجل إخوانهم وفي شأن إخوانهم، ويحتمل أن يكون قوله:
لإخوانهم للأحياء من المنافقين، ويكون الضمير في أطاعونا هو للمقتولين، وقوله: وقعدوا جملة في موضع الحال وهي حالة معترضة أثناء الكلام، وقوله: لو أطاعونا يريد في أن لا يخرجوا إلى قريش، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «ما قتّلوا» بشد التاء، وهذا هو القول بالأجلين، فرد الله تعالى عليهم بقوله: قل فادرؤا الآية، والدرء الدفع ومنه قول دغفل النسابة: [الرجز]
صادف درء السّيل درءا يدفعه = والعبء لا تعرفه أو ترفعه
ولزوم هذه الحجة هو أنكم أيها القائلون: إن التوقي واستعمال النظر يدفع الموت، فتوقوا وانظروا في الذي يغشاكم منه حتف أنوفكم، فادفعوه إن كان قولكم صدقا، أي إنما هي آجال مضروبة عند الله). [المحرر الوجيز: 2/417]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} أي: لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل. قال اللّه تعالى: {قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} أي: إن كان القعود يسلم به الشّخص من القتل والموت، فينبغي، أنّكم لا تموتون، والموت لا بدّ آتٍ إليكم ولو كنتم في بروجٍ مشيّدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهدٌ، عن جابر بن عبد اللّه: نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول). [تفسير القرآن العظيم: 2/160-161]


* للاستزادة ينظر: هنا

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir