دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصيام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 03:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي كتاب الصيام (15/19) [يجوز للمسافر أن يفطر]


وعن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَرَجَ عامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ في رَمضانَ فصامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَميمِ، فصامَ الناسُ، ثُمَّ دَعَا بقَدَحٍ مِن ماءٍ فرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ الناسُ إليهِ ثُمَّ شَرِبَ، فقيلَ له بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ بعضَ الناسِ قد صامَ. قالَ: ((أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ)).
وفي لفظٍ: فقيلَ له: إنَّ الناسَ قد شَقَّ عَلَيْهِم الصيامُ وإِنَّمَا يَنظرونَ فيما فَعَلْتَ. فدعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فشَرِبَ. رواهُ مسلِمٌ.
وعن حمزةَ بنِ عمرٍو الأسلميِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أنه قالَ: يَا رسولَ اللَّهِ! أَجِدُ بي قُوَّةً عَلَى الصيامِ في السفَرِ، فهل عَلَيَّ جُناحٌ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)). رواهُ مسلِمٌ.
وأَصْلُهُ في (الْمُتَّفَقِ) مِن حديثِ عائشةَ؛ أنَّ حَمزةَ بنَ عمرٍو سَأَلَ.

  #2  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 06:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


22/631 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إلَيْهِ فَشَرِبَ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. فَقَالَ: ((أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ)).
وَفِي لَفْظٍ: فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِم الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْتَظِرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ. فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ فَشَرِبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا,أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ) سَنَةَ ثَمَانٍ مِن الهِجْرَةِ, قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ العَاشِرِ مِنْهُ (فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ) بِضَمِّ الكَافِ فَرَاءٍ آخِرَهُ مُهْمَلَةٌ، وَالغَمِيمُ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهُوَ وَادٍ أَمَامَ عُسْفَانَ (فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إلَيْهِ فَشَرِبَ) لِيُعْلِمَ النَّاسَ بِإِفْطَارِهِ، (ثُمَّ قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. فَقَالَ: أُولَئِكَ العُصَاةُ, أُولَئِكَ العُصَاةُ. وَفِي لَفْظٍ: فَقِيلَ: إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِم الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْتَظِرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ. فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ فَشَرِبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ المُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ, وَأَنَّ لَهُ الإِفْطَارَ وَإِنْ صَامَ أَكْثَرَ النَّهَارِ, وَخَالَفَ فِي الطَّرَفِ الأَوَّلِ دَاوُدُوَالإِمَامِيَّةُ فَقَالُوا: لا يُجْزِئُ المُسافِرَ الصَّوْمُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وَلقَوْلِهِ:((أُولَئِكَ العُصَاةُ)). ولقَوْلِهِ: ((لَيْسَ مِن البِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)).
وَخَالَفَهُم الجَمَاهِيرُ فَقَالُوا: يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ؛ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَالآيَةُ لا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى عَدَمِ الإِجْزَاءِ. وَقَوْلُهُ: ((أُولَئِكَ العُصَاةُ)) إنَّمَا هُوَ لِمُخَالَفَتِهِمْ لِأَمْرِهِ بِالإِفْطَارِ وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ, وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيثِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ وَإِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ يَقْتَضِي الوُجُوبَ. وَأَمَّا حَدِيثُ:((لَيْسَ مِن البِرِّ)) فَإِنَّمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ, نَعَمْ يَتِمُّ الِاسْتِدْلالُ بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَلَى مَنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُمْ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِم الصِّيَامُ,فَالَّذِينَ صَامُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ.
وَأَمَّا جَوَازُ الإِفْطَارِ وإنْ صَامَ أَكْثَرَ النَّهَارِ فَذَهَبَ أَيْضاً إلَى جَوَازِهِ الجَمَاهِيرُ, وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ القَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الحَدِيثِ وَهَذَا إذَا نَوَى الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ,وَأَمَّا إذَا دَخَلَ فِيهِ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمِهِ فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الإِفْطَارُ, وَأَجَازَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمْ وَالظَّاهِرُ مَعَهُمْ؛ لأَنَّهُ مُسَافِرٌ.
وَأَمَّا الأَفْضَلُ فَذَهَبَتِ الهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ حَيْثُ لا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ وَلا ضَرَرَ, فَإِنْ تَضَرَّرَ فَالفِطْرُ أَفْضَلُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَآخَرُونَ: الفِطْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقاً. وَاحْتَجُّوا بِالأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ قَالَ: لا يُجْزِئُ الصَّوْمُ. قَالُوا: وَتِلْكَ الأَحَادِيثُ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى المَنْعِ لَكِنَّ حَدِيثَ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الآتِيَ, وَقَوْلَهُ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ)) أَفَادَ بِنَفْيِهِ الجُنَاحَ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ لا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلا أَفْضَلُ, وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الصَّوْمَ الأَفْضَلُ أَنَّهُ كَانَ غَالِبَ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ, وَلا يَخْفَى أَنَّهُ لا بُدَّ مِن الدَّلِيلِ عَلَى الأَكْثَرِيَّةِ, وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيثَ المَنْعِ بِأَنَّهُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الصَّوْمُ وَالإِفْطَارُ سَوَاءٌ؛ لِتَعَادُلِ الأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ, وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ:سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ.


23/632 - وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَجِدُ فِيَّ قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ, فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ مِن اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ, وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَأَصْلُهُ فِي المُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَ.
(وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ) هُوَ أَبُو صَالِحٍ أَوْ أبو مُحَمَّدٍ حَمْزَةُ بِالحَاءِ المُهْمَلَةِ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ, يُعَدُّ فِي أَهْلِ الحِجَازِ,رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌوَعَائِشَةُ وغيرُهما, مَاتَ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَلَهُ ثَمَانُونَ سَنَةً (أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي أَجِدُ فِيَّ قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ, فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ رُخْصَةٌ مِن اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَصْلُهُ فِي المُتَّفَقِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ, أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَ).
وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ: إنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: ((صُمْ إنْ شِئْتَ وَأَفْطِرْ إنْ شِئْتَ)).فَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَتَقَدَّمَ الكَلامُ فِي ذَلِكَ.
وَقَد اسْتَدَلَّ بِالحَدِيثِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ؛وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَأَقَرَّهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي السَّفَرِ فَفِي الحَضَرِ بِالأَوْلَى, وَذَلِكَ إذَا كَانَ لا يَضْعُفُ بِهِ عَنْ وَاجِبٍ وَلا يَفُوتُ بِسَبَبِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ, وَبشَرْطِ فِطْرِهِ العِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقَ.
وَأَمَّا إنْكَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَلا يُعَارِضُ هَذَا, إلاَّ أَنَّهُ عَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَضْعُفُ عَنْهُ وَهَكَذَا كَانَ فَإِنَّهُ ضَعُفَ آخِرَ عُمُرِهِ وَكَانَ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ العَمَلَ الدَّائِمَ وَإِنْ قَلَّ وَيَحُثُّهُمْ عَلَيْهِ.

  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 06:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


559_ وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما؛ أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- خَرَجَ عامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ في رَمضانَ فصامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَميمِ فصامَ الناسُ، ثم دَعَا بقَدَحٍ مِن ماءٍ فرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ الناسُ إليه ثم شَرِبَ فقيلَ له بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ بعضَ الناسِ قد صامَ. قالَ: ((أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ)).
وفي لفظٍ: فقيلَ له: إنَّ الناسَ قد شَقَّ عَلَيْهِم الصيامُ وإِنَّمَا يَنظرونَ فيما فَعَلْتَ. فدعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فشَرِبَ. رواه مسلِمٌ.

* مُفرداتُ الحديثِ:
_ عامُ الفَتْحِ: الْمُرادُ به: فَتْحُ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ؛ وذلك في رمضانَ مِن السنَةِ الثامنةِ مِن الْهِجْرَةِ.
_ كُرَاعٌ: بضَمِّ الكافِ وفتْحِ الراءِ المهمَلَةِ، ثم ألِفٍ آخِرَه عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، كُراعُ كلِّ شيءٍ: ظَرْفُه، والكُراعُ: ما سالَ مُستطيلاً مِن أَنْفِ جَبَلٍ أو حِرَّةٍ، جَمْعُها: كُرعانُ.
_ الغَميمُ: بفَتحِ الغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وكَسْرِ الميمِ ثم ياءٍ ساكنةٍ آخِرَه مِيمٌ، وكُراعُ الغَميمِ: وادٍ على طريقِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إلى المدينةِ المنوَّرَةِ يَبْعُدُ عن مَكَّةَ بـ(64) كيلومتر، ويُعْرَفُ عندَ أهْلِ تلك الْجِهَةِ ببَرقاءِ الغَيْمِ، وهو وادِي عَسْفَانَ، ويَنتهِي مَصَبُّهُ في البَحْرِ الأحمرِ، في الشَّمالِ الغَرْبِيِّ مِن جِدَّةَ.
_ أولئك العُصاةُ: جَمْعُ: عاصٍ، والعاصِي هو المخالِفُ للأَمْرِ الخارِجِ عن الطاعَةِ، وسَمَّاهُمْ عُصاةً؛ لأنهم شَدَّدُوا على أنْفُسِهِم، ولم يَقْبَلُوا الرُّخْصَةَ.
_ قَدَحٌ: بفَتحتينِ، هو إناءٌ يُشرَبُ فيه الماءُ ونحوَه.
_ أولئكَ العُصاةُ: كَرَّرَها تأكيداً لزَجْرِهم عن مُخالَفَةِ الْحُكْمِ الذي بالَغَ في بيانِه برَفْعِ الإناءِ حتى يَراهُ الناسُ، فيُبَادِرُوا إلى الامتثالِ والأَخْذِ بالرُّخْصَةِ.
_ شَقَّ: بفَتْحِ الشينِ الْمُعْجَمَةِ، وتشديدِ القافِ، يقالُ: شَقَّ يَشُقُّ شَقًّا ومَشَقَّةً، مِن بابِ قَتَلَ: صَعُبَ عليه الأمْرُ واشْتَدَّ، والمعنى: تَكَلَّفُوا مِن الصيامِ في الْحَرِّ.
* * *
560- وعن حمزةَ بنِ عمرٍو الأسلميِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أنه قالَ: يا رسولَ اللهِ! أَجِدُ بي قُوَّةً عَلَى الصيامِ في السفَرِ فهل عَلَيَّ جُناحٌ؟ فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((هِيَ رُخْصَةً مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)) رواه مسلِمٌ.
وأَصْلُهُ في ((الْمُتَّفَقِ)) مِن حديثِ عائشةَ؛ أنَّ حَمزةَ بنَ عمرٍو سَأَلَ.
* مُفرداتُ الحديثِ:
_ هي رُخْصَةٌ: الضميرُ عائدٌ إلى معنى السؤالِ أَتَتْ باعتبارِ الْخَبَرِ، والرُّخْصَةُ لُغَةً: التسهيلُ في الأَمْرِ والتيسيرُ.
واصطلاحاً: ما جاءَ على خِلافِ دَليلٍ شَرعِيٍّ لعَارِضٍ راجِحٍ.
_جُنَاحٌ: بضَمِّ الجيمِ وتَخفيفِ النونِ آخِرَه حاءٌ مُهْمَلَةٌ، قالَ في (المحيطِ): قيلَ: هو مُعَرَّبُ "كناه" بالفارسيَّةِ وهو الإِثْمُ، قالَ تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة:158] أي فلا حَرَجَ ولا إِثْمَ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الحديثينِ:
1- الحديثانِ يَدُلاَّنِ على جَوازِ الفِطْرِ مِن صِيامِ شَهْرِ رمضانَ في السفَرِ، وأنه رُخْصَةٌ، كما تَدُلُّ على ذلك الآيةُ الكريمةُ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185] فاليُسْرُ والسُّهولةُ على العِبادِ مِن مَقاصِدِ الربِّ تَبَارَكَ وتعالى في أُمورِ الدِّينِ.
2_ كما يَدُلاَّنِ على جَوازِ الصيامِ في السفَرِ، وصِحَّتِه، وإجزائِه عن صاحِبِه إجماعًا، فقد رَخَّصَ لِحَمزةَ الأَسْلَمِيِّ في الصيامِ والفِطْرِ.
3_ أمَّا قولُه: لِمَن لَمْ يُفْطِرْ: "أولئكَ العُصاةُ"؛ فلِمُخَالَفَتِهم وعَدَمِ امتثالِهم أمْرَه بالإفطارِ، في حالٍ يَتَعَيَّنُ عليهم؛ لِمَا جَاءَ في بعْضِ أَلفاظِه "أنهم قد شَقَّ عليهم الصيامُ".
4_ يُسْتَحَبُّ لِمَن هُو قُدوةٌ في الأعمالِ الشرعيَّةِ، وهم العُلماءُ وأهْلُ الدِّينِ أنْ يُبَيِّنُوا للناسِ الأحكامَ الشرعيَّةَ في أقوالِهم وأعمالِهم؛ ليَكُونُوا قُدوةً في ذلك، وليَحْصُلَ بهم التَّأَسِّي، وراحةُ الضميرِ عندَ العَامَّةِ، فالنبِيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- دعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ، فرَفَعَه حتى نَظَرَ الناسُ إليه، فشَرِبَ.
5_ يَدْخُلُ وقتُ رُخَصِ السفَرِ التي منها الفِطْرُ في نَهارِ رمضانَ إذا شَرَعَ في السفَرِ، وفارَقَ عامِرَ بَلَدِه.
6_ وللعلماءِ تَقييداتٌ في السفَرِ الذي تُباحُ فيه الرُّخَصُ بالمسافةِ والْمُدَّةِ والإباحَةِ، أمَّا الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ فيقولُ: إنَّ الشارِعَ ذَكَرَ السفَرَ، وأَطْلَقَه بدونِ ذِكْرِ مَسافَةٍ ولا مُدَّةٍ، وجَعَلَ ذلك راجعاً إلى العُرْفِ، فأيُّ سَفَرٍ في عُرْفِ الناسِ فهو السفَرُ الذي عَلَّقَ به الشارِعُ الحكيمُ تلك الأحكامَ والرُّخَصَ، والتحديدُ لم يَثْبُتْ به نَصٌّ، ولا إجماعٌ، ولا قِياسٌ، وليس مع الْمُحَدِّدِينَ حُجَّةٌ.
7- لا يُشْتَرَطُ -على الصحيحِ- إباحةُ السفَرِ، بل تُؤْتَى الرُّخَصُ في سَفَرِ الطاعةِ والْمَعْصِيَةِ، وهو مَذْهَبُ أبي حَنيفةَ، واختيارُ الْمُوَفَّقِ، والشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
8_ قالَ شيخُ الإسلامِ: أَجْمَعَ الأَئِمَّةُ على جَوازِ الصيامِ والفِطْرِ في نَهارِ رمضانَ للمسافِرِ، واختلَفُوا في الأَفْضَلِ منهما.
فذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ إلى: أنَّ الصوْمَ لِمَن أطاقَه بلا مَشَقَّةٍ ظاهِرَةٍ أفْضَلُ، واسْتَدَلُّوا على ذلك بما رواه أبو داودَ عن سَلَمَةَ بنِ المحبقِ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ تَأْوِي إِلَى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ)).
وذَهَبَ الإمامُ أحمدُ وأصحابُه إلى: أنَّ الفِطْرَ في رمضانَ أفْضَلُ، ولو لم يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ؛ لِمَا في البخاريِّ (1844) ومسلِمٍ (1115) أنه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَ: ((لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ))، وحديثُ:((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ)) رواه أحمدُ (5600).
* خِلاَفُ العُلماءِ:
اختَلَفَ العُلماءُ في حُكْمِ صوْمِ رمضانَ في السفَرِ على ثلاثةِ أقوالٍ: فذَهَبَ الأئمَّةُ الثلاثةُ إلى: أنَّ الصوْمَ أفْضَلُ، واسْتَدَلُّوا على ذلك: بأنه فِعْلُ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وأنه أسْرَعُ في إبراءِ الذِّمَّةِ، وأنه أيْسَرُ أداءً؛ إذ صامَ والناسُ صائمونَ.
وذَهَبَ الإمامُ أحمدُ إلى: أنَّ الفِطْرَ أَوْلَى، وأنَّ الصوْمَ مَكروهٌ، وعَلَّلَ ذلك بأنه رُخصةٌ مِن اللهِ تعالى، يَنبغِي للمسلِمِ أنْ يُسارِعَ إلى قُبُولِها، والتمَتُّعِ بها، فقد قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا اللهُ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)) رواه مسلِمٌ (686).
وذَهَبَ بعْضُ العُلماءِ إلى: جَوازِ الأَمْرَيْنِ، واسْتَدَلُّوا على ذلك بما رواه مسلِمٌ (1116) مِن حديثِ جابرٍ قالَ: "سافَرْنَا مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فيَصومُ الصائمُ، ويُفْطِرُ الْمُفْطِرُ، فلا يَعيبُ بعضُهم على بعْضٍ".
وقالتْ طائفةٌ مِن العُلماءِ: أفْضَلُ الأمرينِ أيْسَرُهما عليه، لقولِه تعالى:{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة:185].
وعَدَمُ كَراهةِ أحَدِهما أرْجَحُ، ما لم يَكُنْ في الصوْمِ مَشَقَّةٌ كَبيرةٌ، أو كان يَمْنَعُ مِن القِيامِ بأعمالٍ فاضِلَةٍ في السفَرِ، فحينئذٍ الفِطْرُ يكونُ أفْضَلُ؛ فقد جاءَ في الصحيحينِ مِن حديثِ أنَسٍ قالَ: "كنَّا مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في السفَرِ، فمِنَّا الصائِمُ ومنا الْمُفْطِرُ، فنَزَلْنَا مَنْزِلاً في يومٍ حارٍّ، فسَقَطَ الصائمونَ، وقامَ الْمُفْطِرونَ فضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وسَقُوا الرِّكابَ، فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ)) رواه البخاريُّ (2733) ومسلِمٌ (1119).
* فوائدُ:
الأُولَى: جاءَتْ هذه الشريعةُ بالأحكامِ الْمُيَسِّرَةِ السَّمْحَةِ، فقد قالَ تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] وقالَ تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 158] ولَمَّا كانَ السفَرُ -غالِبًا- فيه مَشَقَّةٌ، خُفِّفَ فيه، فرَخَّصَ اللهُ تعالى الفِطْرَ في نهارِ رمضانَ، فهي رُخصةٌ يُسْتَحَبُّ التمَتُّعُ بها؛ لأنها مِن رُخَصِ اللهِ التي أباحَها فَضْلاً منه، وإحسانًا على خَلْقِه، ويُحِبُّ أنْ تُؤْتَى.
الثانيةُ: استحبابُ الفِطْرِ للمسافِرِ في نَهارِ رَمضانَ، وأمَّا صيامُ يَوْمِ عَرفةَ في السفَرِ وعاشوراءَ فنَصَّ الإمامُ أحمدُ على استحبابِ صِيامِه، وهو قولُ طائفةٍ مِن السلَفِ، ولعلَّ الفرْقَ بينَ رمضانَ وهذينِ اليومينِ أنَّ رَمضانَ إذا فاتَتْ أيَّامُه قَضَى صَوْمَه، بخِلافِ عَرفةَ وعاشوراءَ، فلا يُقْضَى الصيامُ بفَوْتِهما.
الثالثةُ: قالَ الشيخُ: ويُفْطِرُ مَن عادتُه السفَرُ كصاحبِ البَرِيدِ والْمَكَارِي والْمَلاَّحِ إذا كانَ له بَلَدٌ يَأْوِي إليه.
وقالَ الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ: إذا كانَ الإنسانُ المسافِرُ يَحْمِلُ أهْلَه معه، أو ليس له أهْلٌ، فإنه يَلْزَمُه الصيامُ، لأنَّ سَفَرَه هذا غيرُ مُنْقَطِعٍ، وإنْ كان له أهْلٌ، ولكن لا يَحْمِلُهم معه، فهو يُخَيَّرُ بينَ الصِّيامِ والإفطارِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصيام, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir