دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > منتدى دراسة التفسير

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 شعبان 1436هـ/3-06-2015م, 06:41 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي بُلْغة المفسّر من علوم الحديث

بلغة المفسّر من علوم الحديث

لفضيلة الشيخ المحدّث
سعد بن عبد الله الحميّد



  #2  
قديم 17 شعبان 1436هـ/4-06-2015م, 12:40 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

تفريغ اللقاء
تحت المراجعة.

الجزء الأول [تفريغ الأخت: إسراء خليفة]

الشيخ سعد بن عبد الله الحميد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فكما علمتم من عنوان هذه المحاضرة، أنها بعنوان " بلغة المفسر من علوم الحديث" أو ما يمكن أن نطلق عليه "ما لا يسع المفسر جهله من علوم الحديث".
بين يدي هذا الموضوع أود أن أقدم ببعض المقدمات ومنها التفريق بين الإنشاء والخبر، وهذا أمر معروف لنا جميعًا بأن الفرق واضح بين الإنشاء والخبر.
فالإنشاء: لا يستطيع إنسان أن ينكر على آخر ما أنشأه من كلام؛ لأنه لا يحتاج إلى مبدأ التثبت؛ فأنا مثلا حينما أتكلم بكلامٍ أعظ فيه أو أوجه أو أبدي رأيًا من الآراء لا يمكن أن يعترض عليّ معترض ويقول: ما دليلك؟ أو من أين أخذت هذا الخبر؟ أو نحو ذلك...؛ لأنه مجرد كلام إنشائي.
فالإنشاء: لا يفتقر إلى علوم الآلة التي وضعت لقبول الأخبار وردها. ربما يتدخل متدخل في رد هذا الإنشاء حينما يكون معبرًا عن رأي مرفوض أو رأي عليه تحفظ؛ فهذا ليس مما نحن فيه بسبيل. ذاك يمكن أن يناقش إما من منطلق عقدي أو من منطلق أصولي أو غير ذلك مما هو معلوم لنا.
الأمر الثاني: الخبر:
فالخبر هو الذي يحتاج إلى ما يضبطه؛ لنعلم هل هو صحيح أو غير صحيح، هل هو مقبول أو مردود، هل هو صدق أو كذب؛ ولهذا نجد أن علوم الحديث حينما وضعها المحدثون وضعوها لتكون ضوابط لقبول الأخبار وردها، وليس لقبول الإنشاء ورده.
وما يرد في كتب التفسير لا يخرج عن أحد هذين؛ إما أن يكون إنشاءً، وإما أن يكون خبرًا؛ فإذا كان إنشاءً فهذا يمكن أن ينظر إليه وفق الضوابط التي وضعها المفسرون لقبول التفسير، ومن جملتها مثلا أن يكون موافقا للغة العرب؛ فإذا كان هذا موافقًا للغة العرب، ولم يكن هناك شيء يمكن أن يعترض به عليه فإنه يكون مقبولًا ولا يحتاج إلى مبدأ التثبت. فحينما فسر بعض السلف؛ إما من الصحابة كما روي عن ابن عباس أو من التابعين كما روي عن الحسن البصري أو غيره قول الله جل وعلا: {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} [آل عمران177] وذهب بعضهم إلى أن الصر هنا هو البْرد أو البَرد أو أنه الصوت والحركة أو أنه النار؛ ريح فيها نار أو نحو ذلك، فهذا كله من باب الإنشاء وليس من باب الخبر؛ يعني بالالتفات إلى قائله، "لو كنا حضورا عند الحسن البصري وهو يفسر قول الله جل وعلا: {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} [آل عمران177]؛ فهذا جاء من باب الإنشاء وليس من باب الخبر.
لكن ما كان من باب الخبر؛ فإن الأخبار تحتاج منّا إلى مبدأ التثبت، ومبدأ التثبت في قبول الأخبار مبدأ مقبول لدى كل الأمم. فليس هناك أمة من الأمم بترفض مبدأ التثبت، والدليل على هذا ما نراه في العالم أجمع خاصة في القضايا الأمنية وما يدور في المحاكم أيًّا كانت تلك المحاكم؛ فنجد أن ما يحصل مثلا من جرائم أو خصومات أو غير ذلك كلها تدور على مبدأ التثبت؛ إذن مبدأ التثبت مبدأ مطلوب لدى كل الأمم، وهو مبدأ عقلي لا شك فيه ولا ريب. لكن يكون الخلاف بين أمة الإسلام وبين غيرها من الأمم في تلك الضوابط التي وضعت لقبول هذه الأخبار؛ فنحن أمة شرفنا الله بالإسلام. ومن القضايا التي تهم في هذا قضية الإسناد الذي هو خصيصة من خصائص هذه الأمة المحمدية؛ فأمة محمد صلى الله عليه وسلم شرفها الله أيضًا بالإسناد الذي لم تحظى به أمة من الأمم ولم تشرف به أمة من الأمم على الإطلاق.
وإذا جئنا لتفسير كتاب الله جل وعلا فإننا نعرف تلك القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن:
فأولها: تفسير القرآن بالقرآن: مثلما فسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم بالشرك.
ومنها: تفسير القرآن بالسنة.
ومنها: تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ثم تفسير القرآن بأقوال التابعين، ثم تفسير القرآن بلغة العرب.
فهذه القواعد التي وضعها المفسرون نجد أن أهمها تفسير القرآن بالقرآن ولكن هذا إنما يكون في آيات محدودة، ويبقى الكثير من كتاب الله جل وعلا بحاجة إلى ما يفسره ولا نجد تفسيره في كتاب الله نفسه، فنضطر إلى الذهاب إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فنجد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تعين في تفسير تلك الآية. ويتضح لنا هذا جليًّا من خلال كتب التفسير التي وضعها الأئمة والتي تروي بالإسناد مثل: تفسير عبد الرزاق، أو تفسير سفيان الثوري، أو تفسير ابن جرير الطبري، أو تفسير ابن المنذر، أو تفسير سعيد بن منصور، أو تفسير ابن أبي حاتم، أو غير ذلك من كتب التفسير المسندة، ومن جملة ذلك ما نجده في الكثير من كتب الحديث حينما تفرد كتابًا بأكمله للتفسير؛ فصحيح البخاري فيه كتاب بأكمله للتفسير، كذلك في صحيح مسلم، كذلك في جامع الترمذي، كذلك في السنن الكبرى للنسائي، وهكذا دواليك (8:35) مستدرك أبي عبد الله الحاكم وغير ذلك من كتب الحديث خاصة تلك الكتب التي تعد من الجوامع أو هي قريبة من الجوامع التي شملت جميع أبواب الدين فنجد فيها كتابا كاملا يتعلق بتفسير القرآن، ونجد أن هؤلاء العلماء عنوا عناية شديدة بإيراد هذا التفسير بالأسانيد مما يدل على أن التعامل مع تفسير كتاب الله جل وعلا كالتعامل مع باقي القضايا الشرعية التي يُعنى فيها المحدثون بالأسانيد مثل: القضايا الفقهية ونحو ذلك. ولو لم نحتج إلى تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير لما وجدنا هؤلاء العلماء يتعبون أنفسهم بإيراد هذه الأسانيد خاصة أنهم بحاجة إلى الورق، وبحاجة إلى الأقلام، وبحاجة إلى الأحبار التي يكتبون بها، وبحاجة إلى الوقت، وما إلى ذلك من أدوات الكتابة التي كان فيها صعوبة خاصة في العصور الأولى، فما الذي يحوجهم لهذا الترف إذا لم يكن له تلك القيمة؟، وليس مقصودي من هذا أنه لا بد أن تطبق قواعد المحدثين في كل شيء، -سأتعرض لهذا إن شاء الله تعالى- ولكن الأصل يبقى أصلًا لا يمكن أن نحيد عنه، وإنما يمكن أن يتخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف، فما كان فيه من سعة أخذنا بها؛ وإلا فالأصل يبقى كما هو لا نحيد عنه أبدا.
إذن هذا يدلنا على أنه لا بد أن ننظر إلى مرويات التفسير التي وردت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما يتلوها -أو ما يلتحق بها- من أقوال الصحابة وأقوال التابعين، فكل هذا لا بد فيه من التثبت من صحته إلى قائله فإن وجدناه صحيحًا فذاك غاية المطلوب، وإن أخفقنا أو وجدنا في الإسناد ما يجعلنا نتريث عن الحكم عليه بالصحة فإن التعامل معه يمكن أن يكون وفق ضوابط معينة لعلي أشير إليها إن شاء الله تعالى. وإلا فإننا لا يمكن مثلا أن نأتي إلى كل ما يروى في تفسير كتاب الله جل وعلا ثم نطلق القول بقبوله.
هذا بلا شك أنه سيدعو للفوضى في تفسير كتاب الله، فكل سيغني على ليلاه، وكل سيدعي وصلا بليلاه، وكل سيقول هذا هو التفسير الصحيح. ونحن نجد أن هناك بعض الأقوال المتعارضة في تفسير بعض الآيات مما يحتاج معها إلى مبدأ التثبت. مبدأ التثبت لا بد معه من تطبيق منهج المحدثين في قبول الأخبار وردها.


[تفريغ الدقائق: 12 - 27]
الجزء الثاني
...ومما يدل على هذا دلالة واضحة جدا ما نجده في كتب العلل من جعل مرويات التفسير أسوة لبقية الأحاديث التي تروى في جميع أبواب الدين؛ لا فرق بين هذا وذاك.
فكما أن المحدثين يعلون بعض المرويات في كتاب الطهارة وفي كتاب الصلاة وفي كتاب الزكاة وفي كتاب الصوم وفي كتاب الحج وغير ذلك من أبواب الدين فإنهم كذلك يعلون مرويات في كتاب التفسير والدليل على هذا ما نجده مثلاً في كتاب العلل لابن أبي حاتم، فابن أبي حاتم أفرد كتابًا بأكمله في داخل كتاب العلل بعنوان "علل أخبار رويت في القرآن وتفسير القرآن" ثم نجد أن هناك أحاديث مرفوعة، وأحاديث موقوفة، وبل ومن آثار التابعين يعني من أقوال التابعين وكلها يتطرق إليها التعليل، مثلها مثل غيرها من أبواب الدين.
ونحن إذا جئنا على سبيل المثال لأخذ مثال من هذه الأمثلة التي في كتاب العلل أمامي الآن المسألة رقم (1659) يقول فيها ابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديثٍ رواه يوسف بن موسى قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب امرأة فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم (14:25) فانطلق في يومٍ مطير فإذا هو بامرأة -يعني بتلك المرأة- على غدير ماءٍ تغتسل فلما جلس منها مجلس الرجل من المرأة ذهب يحرك ذكره فإذا هو كأنه هُدبة -يعني كأنه هُدبة ثوب- فذكر ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أربع ركعاتٍ" يعني صلي أريع ركعاتفأنزل الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} لما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، قال أبوه: هذا خطأ.
- حدثنا ابن أبي عمر؛ قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث، يعني أن الحديث صار مرسلاً؛ فصار فيه اختلاف على سفيان بن عيينة في إسناده، فمنهم من يرويه بإسناد على شرط الشيخين، مثل ما جاء في رواية عبيد الله بن موسى عن سفيان ابن عيينة، ومنهم من يرويه على أنه عن يحيى بن جعدة مرسلاً مثل ما رواه ابن أبي عمر وغيره.

ونجد أن للعلماء كلامًا في هذا الحديث يصل إلى حد التكذيب فالإمام أحمد رحمه الله كما في كتاب العلل لابنه عبد الله يقول: "ما أرى هذا إلا كذاب -أو كذب-"، وأنكره جداً، والدارقطني يقول: تفرد به عبيد الله بن موسى، عن ابن عيينة، عن الزهري عنه والخطيب البغدادي يقول: وهذا الحديث قد تابع يوسف على روايته هكذا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري، فرواه عن عبيد الله بن موسى فسقطت العهدة فيه عن يوسف ولا نعلم رواه عن ابن عينة كذلك سوى عبيد الله، ورواه محمد بن أبي عمر العدني، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن يحيي بن جعدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلى آخره.

فالمقصود تعليل هذه الرواية حتى إن الإمام أحمد حكم عليها بأنها كذب، وهذا حكم من الأحكام تضمنته هذه الرواية التفسيرية؛ إذن ما كان يُحتاج فيه إلى التشديد فإنه لا يمكن أن يطلق القول بعدم تطبيق قواعد المحدثين عليه، فهذا لا يجوز ولا يمكن أن يقبل بحال، ولا أظن أن قائلاً يقول هذا؛ وإنما قد يكون المراد أننا لا نشدد في تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير فيما يمكن أن يتساهل فيه، والذي يمكن أن يتساهل فيه إما أنه مما يتعلق بالقاعدة الأخيرة وهي ما يندرج تحت لغة العرب فهذا أمره واسع ونحن نعرف أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فلا يمكن إطلاقًا أنني حينما أقول: {الحمد لله رب العالمين} أنني سأحتاج إلى ما يفسر لي معنى هذه اللفظة، لا، أنا عربي وأعي وأدرك معنى هذه اللفظة، والقرآن معظمه وغالبه كله يسير على هذا المجرى، أي: أنه يدرك بلغة العرب، ولكن الذي يحتاج فيه إلى تدخل إما من خلال تفسيره بآية أخرى أو من خلال تفسيره بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو بتفسيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، بحكم أنهم هم ألصق بالوحي، أو لو تنزلنا قلنا عن طريق بعض التابعين الذين لازموا الصحابة، وبعضهم قد يكون عرض القرآن أو عرض تفسير القرآن على بعض الصحابة مثل: مجاهد حينما عرض القرآن على ابن عباس ونحو ذلك..

فإن هذا لا بد فيه من التفصيل، فإن كانت هذه الرواية تتضمن حكمًا، وهذا الحكم مبين بآية أخرى فهذا لا أحد يمكن أن يشك في قبوله؛ وأما إن كان هذا الحكم يستفاد من حديث، أو من قول صاحب، أو من قول تابعي؛ فإن هذا الحكم لا بد من تطبيق قواعد المحدثين عليه؛ وإلا فإن.. هنا فيه تفريق بين المتماثلات.
إذ كيف يمكن أن أشترط الصحة في قبول الأخبار في الأحكام التي ترد في كتب الحديث في الطهارة والزكاة ونحو ذلك..؟
وأقبلها إذا كانت جاءت في كتب التفسير وهي تتعلق بالأبواب عينها مثل: الحديث الذي أوردناه قبل قليل وهو يتعلق مثلاً بكتاب الحدود، فأقول إن كان جاء هذا في تفسير آية فأنا أقبله، وإن كان جاء في كتب الحديث فأنا أطبق عليه شروط المحدثين.

هذا كلام لا يقبله عقل، لكن لو كان هذا المعنى، معنى تسعه لغة العرب وهو صحيح في لغة العرب والقرآن كما قلت معظمه يُفهم من خلال لغة العرب ففهمت من خلال هذه الآية فهمًا، ونحن نعرف أيضًا أن عندنا في هذا العصر التوسع في ما رأيناه من بعض المشايخ الفُضلاء في قضية تدبر القرآن، وصارت هناك جهود مشكورة ومحاولة وضع ضوابط لهذا التدبر، فتدبر القرآن إذا كان مبنيًا على أساس سليم من لغة العرب ومن الأفهام السليمة لا يتعارض مع شيء من القواعد التي نحتاجها، كالقواعد التي في أبواب الاعتقاد، أو في باب أصول الفقه، أو حتى عند المحدثين ونحو ذلك..

فالتدبر هنا لا بأس به، وهذا من الأمور التي دعا إليها كتاب الله جل وعلا نفسه {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} فإن التدبر مطلوب، لكن إذا كان هذا التدبر والله سيفضي إلى القول على الله بغير علم، أو إلى الإتيان بأقوال شنيعة مستبشعة ليس هناك ما يدل على أصلها، وليس لها أصل ثابت مثل والله أن يأتينا ويفسر مثلاً البقرة بأنها عائشة {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}– إن الله يأمركم أن تذبحوا عائشة – فهذا لا يمكن إطلاقًا أن يقال عنه إنه تدبر بل يقال إن هذا افتئات على كتاب الله جل وعلا، وكذب على الله، وكذب على شرع الله، ويكون بهذا القول يحتاج معه إلى أن يستتاب، فإن تاب وإلا طبق عليه الحد الشرعي من قبل الإمام الذي يملك ذلك، كذلك أيضًا نجد أن في كتب التفسير بعض الروايات التي تتعلق بأبواب الاعتقاد، إما في أسماء الله وصفاته، أو في غير ذلك من أبواب الاعتقاد، فهذه أيضًا لا بد معها من التثبت، حتى وإن كانت وردت في كتب التفسير فلا بد أن نطبق عليها قواعد المحدثين، وإلا فإن دين الله سيكون عرضة للوضع والكذب لأن يمكن أن هذا لو كان موجوداً، أو أن هذا الكلام لو أثير في وقت الوضع في الحديث في العصور التي نشأ فيها الوضع في الحديث أو كثر فيها الوضع في الحديث خاصة في وقت الدولة العباسية، يمكن أن يكون هذا مما يفرح به أولئك الوضاعون، لماذا؟ لأنهم سيدخلون في هذا الذي وضعوه وكذبوه واختلقوه آية قرآنية ليكون هذا الذي وضعوه مندرجًا تحت التفسير ويمشي، بطبيعة الحال أنا أعرف أنه لا أحد يقول بهذا، ولكن هذا من باب الشدة في التوضيح ورفض القول القائل بأننا لا نطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير، فأقول إن هذا لا يمكن قبوله بهذا الإطلاق.

كذلك أيضًا نجد أن كتب التفسير تضمنت بعض المرويات الإسرائيلية والتي أحيانًا تروى وكأنها أحاديث أو تروى على أنها مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو على أنها من أقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم، مثل ما نجده في تفسير قول الله جل وعلا: {ببابل هاروت وماروت} والقصة الطويلة جداً، ويمكن أن تنظروا لها وإلى اختلاف الروايات فيها، إن في كتاب القول المسدد للحافظ ابن حجر لأن الحديث رواه الإمام أحمد في المسند، يعني لاحظوا هذا الحديث من الأحاديث التي رويت في مسند الإمام أحمد، وقد اجتهد الحافظ ابن حجر رحمه الله في محاولة الدفاع عن هذا على الأقل ليثبت أن له أصلاً ولو عن الصحابي الذي روي عنه هذا الحديث إما عن عبد الله بن عمر، أو عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وقد تكلمت على هذا في تفسير سعيد بن منصور لمن أراد أن ينظر في الكلام على هذه الرواية وبينت أنها رواية لا تصح ورحم الله الحافظ ابن كثير، فإننا بحاجة إلى مفسرين مثل الحافظ ابن كثير رحمة الله تعالى عليه، الذي جمع بين الحديث وبين القدرة على تفسير كتاب الله جل وعلا، فابن كثير رحمه الله إذا مر على بعض هذه الأحاديث أو الروايات التي فيها ما يستدعي تطبيق قواعد المحدثين طبقها، ولم يقل إن هذا مما يسع فيه الأمر، فهذه القصة التي وردت وهي قصة هاروت وماروت وأنهما ملكان يعني سخرا ببني آدم وما يصعد إلى الرب جل وعلا من عصاة بني آدم وأن الله جل وعلا ابتلاهما فأهبطهما إلى الأرض، وابتلاهما بامرأة يقال لها الزهرة، وأنهما شربا الخمر، وقتلا الغلام، وفجرا بالزهرة هذه، ثم إنها مسخت في هذا الكوكب، أو إلى هذا الكوكب الذي نراه في السماء وهو كوكب الزهرة، فهذا كله من الإسرائيليات، لكن دخل في كتب التفسير عن طريق خطأ بعض الرواة، فصارت هناك حاجة إلى أولئك المحدثين الذين ينقدون هذه الروايات ويبينون من أين جاء الخلل في هذه الرواية وأنها لا بد أن ترجع إلى أصلها، وأصلها هو الإسرائيليات، فالصواب أن هذا.. وهذا الذي رجحه الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى على أنه من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما يوم اليرموك لأن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في وقعة اليرموك كان قد غنم زاملتين عليهما أحمال من كتب أهل الكتاب فصار يقرأ من هذه الكتب ويحدث بها، بطبيعة الحال عبد الله بن عمرو بن العاص كان يحدث على أساس وضوح الضوابط الشرعية في عصره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون قال: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يُشعر بأن هناك ما يمكن أن يُصدق وهناك ما يمكن أن يُكذب من ما يأتي عن أهل الكتاب، وهناك ما يمكن أن يُتوقف فيه.


[تفريغ الدقائق: 28 - 39]
الجزء الثالث
إذن ما كان مما يمكن أن يُصدّق بدليل من شرعنا؛ فإننا نقول: لعل هذا مما صحّ من أخبار أهل الكتاب، وما كان فيه من شيء يدلّ شرعنا على عدم صحته، مثل: الإخبار بأن لوطا عليه السلام شرب الخمر ففجر بابنتيه؛ فإن هذا كذب قطعاً؛ هذا لا يمكن أن يُقبل بحال من الأحوال، ولو كان موجودا في التوراة ونحو ذلك، فهذا مما نجزم بأنه كذب، ولا تجوز روايته بحال إلا على سبيل الإنكار أو البيان.
وهناك أشياء لا نستدلّ على صدقها ولا كذبها، فنحن في هذه الحال، نطبّق قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم"، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". إذن هذه التي لا نعلم صدقها من كذبها يجوز لنا أن نحدّث بها، ولا حرج في ذلك، لكن ليس معنى التحديث بها التسليم بصحتها، وإنما مما يمكن أن تتشوف إليه النفوس البشرية من مزيد علم، وإن كان علما لا يترتب عليه الصدق الجازم، مثل: حينما تتشوف النفوس مثلا لعدة أصحاب الكهف، أو إلى لون كلبهم، أو إلى بعض التفاصيل التي وردت مجملة في كتاب الله جل وعلا مثل: قصة صاحب الحمار الذي أحياه الله جل وعلا ونحو ذلك؛ فكل هذه القصص إنما تورد في كتاب الله جل وعلا لأجل ما فيها من مواطن العبرة، وأما التفاصيل فإن القرآن ما كان يأتي بتفاصيل هذه القَصص، لكن إذا كانت النفوس تتشوف إلى بعض هذه التفاصيل، ووجدناها في بعض أخبار بني إسرائيل مما لا يمكن أن يُقطع معه بأنه كذب، وكذلك أيضا لا يُمكن أن يجزم بأنه صدق، فإن هذا مما أباحت لنا الشريعة أن نحدّث به، لكن لما حدّث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بهذه القصة، تُنوقل ذلك عنه من باب الخطأ من بعض الرواة، فبعضهم رفعه، وجعله من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم جعله من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص، وإذا كان من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه يمكن أن يكون مما أخذه من كتب أهل الكتاب -هذه التي أشرت إليها - والله تعالى أعلم.
لكن في المقابل نجد أن هناك بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت في تفسير كتاب الله جل وعلا، وهذا تزخر به كثير من كتب التفسير، وبخاصّة كتب التفسير التي أُودعت في بطون بعض الكتب، مثل: كتاب التفسير من صحيح البخاري، أو كتاب التفسير من صحيح مسلم، أو المرويات المنثورة في صحيح مسلم ويمكن أن تُضم إلى كتاب التفسير؛ لأن كتاب التفسير من صحيح مسلم مختصَر، ليس كطول كتاب التفسير في صحيح البخاري، يعرف هذا من قرأه، لكن ممكن أن يُجمع من باقي صحيح مسلم عدة أحاديث يُمكن أن تُلحق بكتاب التفسير، بل بعضها نجد أن البخاري أفردها في كتاب التفسير، وبعضها يكون مخرّجا في بعض كتب التفسير الأخرى كتفسير النسائي ونحوه، ومما أشار به بعض الأفاضل مثل الشيخ إبراهيم بن يوسف الموريتاني، كان مشاركا معي في دورة في شرح صحيح مسلم في الكويت، فلما مررنا ببعض المرويات، كان قد أشار بأنه يُحبذ أن تجمع مثل هذه المرويات وتُضاف إلى كتاب التفسير، يعني يُمكن أن يُستلّ كتاب كبير أكبر مما هو موجود، من صحيح مسلم، وقد قام بذلك خاصة بعض الأخوات الفُضليات الحاضرات لتلك الدورة، وأطلعونا على المشروع الأول من هذا الجمع، يعني مجرد جمع فقط من المجلس السابق، وسيتحفونا أيضا بما جُمع من خلال المجلس الثاني هذا، وسيكون هناك - إن شاء الله تعالى - أيضا بعض المجالس الأخرى التي تُجمع فيها البقية الباقية، فمثل هذا يُمكن أن يجتمع حتى من كتب الحديث التي لم تُفرد كتابا في التفسير، أيًّا كانت تلك الكتب، كسنن أبي داوود، وإن كان فيها كتاب للقراءات لكن ليس فيها كتاب للتفسير، بينما نجد أن النسائي رحمة الله تعالى عليه في السنن الكبرى، أفرد كتابا كبيرا للتفسير، وأورد فيه الكثير من الأحاديث والتي يُعد كثير منها من الصحيح، فبعضها مما خُرّج في الصحيحين أو في أحدهما وهلم جرّا.
وإذا جئنا للحديث الذي أشرت إليه قبل قليل، وهو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم بأنه الشرك، نجد أن الحديث مخرج في الصحيحين، لمّا قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون …} الآية من سورة الأنعام؛ تعاظم الصحابة رضي الله تعالى عنهم ذلك، وقالوا: "يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه؟"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس الظلم الذي تعنون، أولم تسمعوا إلى ما قال العبد الصالح: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}"، إذن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر الظلم الوارد في سورة الأنعام بأنه الظلم الذي عناه لقمان عليه السلام بقوله: {إن الشرك لظلم عظيم}، إذن الظلم الذي ينبغي للمرء أن يحذر منه هو الشرك بالله، وأما ما دون ذلك فكل بني آدم خطّاء. إذن هذا من المرويات الصحيحة التي يُعتنى بها في كتب التفسير.
مما أحب أن أشير إليه أن علماء الحديث حينما وضعوا هذه الضوابط لقَبول الأخبار وردّها، ليس معنى هذا أنهم لا يقبلون إلا ما.. أو لا يستعملون إلا ما توفرت فيه شروط الصحة، بل في إطلاقاتهم - خاصة في العصور الثلاثة الأولى بل أستطيع أن أقول إلى عصر ابن الصلاح -، في إطلاقهم لفظ الحُسن على بعض المرويات ما يُشعر بتخفيف هذه الشروط، ولست أقصد بالحسن هنا على تعريف ابن الصلاح، أو الحديث الحسن بتعريف ابن الصلاح، لا، وإنما أعني الحديث الحسن بالإطلاق القديم؛ فإطلاق وصف الحُسن على بعض الأحاديث كان موجودا في كلام عروة بن الزبير وهو من التابعين، وكان يوجد في عصر أتباع التابعين كشعبة، كان يطلق لفظ الحسن على بعض المرويات، هكذا: عبد الله بن المبارك، وكيع بن الجراح، الإمام الشافعي. بالنسبة لبقية علماء الحديث كالإمام أحمد، أو علي بن المَديني، أو أبي حاتم الرازي، أو البخاري، أو غيرهم، فهذا موجود في كلامهم بكثرة، ولكن الترمذي رحمه الله تعالى، مِن أكثر من أشاع ذلك وأشهره، وأكثر من ذِكْرِه، لكن إذا نظرنا لإطلاقهم وصف الحُسن فإذا به في كثير من الأحيان يُطلق هذا الوصف على بعض الأحاديث التي فيها ضعف، ولكن هذا الضَعف يمكن أن يُتسامح فيه، ونحن نعرف أن الضعف يختلف؛ فهو إما بسبب سقط في الإسناد، وإما بسبب طَعْن في الراوي، هذا في حقيقته، وما يكون من طعن في الراوي، فإن هذا الطعن إما أن يكون إما في عدالته، وإما في حفظه، وإما في صفة روايته، وهذا مما أرجو أن يُتنبه له؛ لأن الذي شاع أن الطعن في الراوي إما أن يكون في العدالة أو الضبط، وهذا صحيح، لكن أيضا يُمكن أن يكون الطعن في صفة روايته، وإن كان هذا سيعود إلى سبب من أسباب الضعف الأخرى، وهو مثلا: السقط في الإسناد، لكن صفة الرواية حينما نأتي على سبيل المثال للحديث الذي مرّ معنا قبل قليل، في رواية عبيد الله بن موسى- وهو العبسي-، عن سفيان بن عيينة، ويبدو أن عبيد الله بن موسى هو الذي يتحمّل تبعة الخطأ في تلك الرواية، حتى إن الإمام أحمد شدّد - كما رأينا - ووصفها بأنها كذب، فليس معنى هذا أن عبيد الله بن موسى يمكن أن يكذب، عبيد الله بن موسى عدْل في نفسه، وهو موثوق أيضا بالحفظ، ولكن تُكلم في حفظه، في بعض رواياته، وهذا لا يمكن إطلاقا أن يكون عن عمد من عبيد الله بن موسى، ولكن يمكن أن يكون بأحد سببين: إما على سبيل الوهم الذي لا يسلم منه بشر، - وهذا الذي أُنشئ لأجله علم العلل؛ علم علل الحديث مبناه على أوهام الثقات؛ لأنه علم نشأ لبيان أوهام الثقات -، وإما أن يكون عبيد الله بن موسى أَسْقَط من الإسناد؛ يعني دلّس، حتى لو لم يكن موصوفا بالتدليس، فإن الذي لا يكون موصوفا بالتدليس ليس معنى ذلك أنه لا يَصْنع هذا، قد يكون يصنعه أحيانا ولكن لم يُتفطن له، أو لم يُكثر منه حتى يُعرف به، وهذا يتبين من ردّ بعض المحدثين للإسناد، أو تحميل العلّة على الإسناد المعنعن إذا لم يجدوا موطنا للعلة في باقي الإسناد إلا ذلك الموضع؛ فإنه يمكن أن يُعلّه أيضا بالعنعنة، ولو كانت صادرة من غير مدلّس، وبعضهم يُصرّح يقول: لعله سمعه من غيره. خاصة إذا كان ذلك الخبر مما للراوي فيه هوى؛ مثل أن تكون تلك الرواية يُمكن أن توافق هوى إنسان موصوف بالتشيع؛ ...

[تفريغ الدقائق: 40-51]
الجزء الرابع [تفريغ الأخت: سنا]
فإذا كانت توافق هوى من هو موصوف بالتشيع, ثم دلّس فيها؛ لأجل أنها توافق هواه؛ فإن هذا الذي جعل بعض علماء الحديث لا يقبلون رواية المبتدع؛ إذا روى ما يؤيد بدعته، (أنا لا أقول أنّ هذا هو الحق)، هذه فيها تفصيل؛ ولكن هذا الذي جعل بعض العلماء يطلقون القول: (بأنه لا تقبل رواية الراوي إذا روى ما يؤيد بدعته)، إذن صفة الراوي.. أو صفةالرواية، هذه يمكن أن يدخل فيها بعض أسباب الضعف, أو بعض أسباب الرد؛ الذي ترد من أجله الرواية؛ لكنّ المحدثين تساهلوا أحيانا، ليس فقط في أبواب التفسير، وليس فقط في باب التاريخ والسيرة، بل حتى في أحاديث الأحكام؛ فإنه إذا كان ذلك الحديث من الأحاديث التي تضمنت بعض الأحكام المقررة في بعض الأحاديث الأخرى؛ يعني: أن لهذا الحكم أصلا؛ فإنهم يتساهلون أيضا في قبوله، مثل ما لو جاء حديث يدل على فضل صلاة الجماعة -صلاة الجماعة مقررة بأحاديث أخرى-؛ فإنهم يتسمحون في ذلك, ويعدون هذا من باب الترغيب والترهيب، ونحو ذلك؛ إما ترغيب في حضور صلاة الجماعة, أو الترهيب من ترك صلاة الجماعة، أما ما يتعلق بأبواب الفضائل الأخرى؛ مثل: فضائل الصحابة، أو فضائل القرآن، أو فضائل بعض الأذكار والأدعية، ونحو ذلك, وما يتعلق بالترغيب والترهيب عموما؛ فإن قاعدة المحدثين فيه معروفة، وعبارتهم مشتهرة؛ مثل: سفيان الثوري، عبد الله بن المبارك، والإمام أحمد وورد أيضا عن عبد الرحمن بن المهدي وغيرهم, حينما يقولون: إذا روينا في الحرام والحلال شددنا، ويَقبل الواحد منهم (42:20)، وإذا روينا في الفضائل؛ تساهلنا، إذن هذا مبدأ عند المحدثين, هذا المبدأ يهمنا فيما نحن بصدده -في كلامنا هذا -، إذا أضفنا لذلك ما ذكرته سابقاً عن سعة لغة العرب وأنه يمكن أن نتقبل من لسانٍ حتى في هذا العصر لو أنه بيّن معنى آية-وهذا البيان مقبول-؛ لأنه يتفق مع لغة العرب؛ حتى ولو تضمن هذا تدبرا واستنباطا لبعض المعاني التي لا نجدها مثلا: في بعض كتب التفسير القديمة؛ مثل: بعض اللطائف التي تأتي (43:06) [مستاً] مثل: من يوفق لذلك من بعض الذين تدبروا القرآن فإن هذا يمكن أن يكون مقبولاً -هل يطلق عليه أنه تساهل ولا تطبق عليه قواعد المحدثين؟!-، أقول: إذا قلنا هذا؛ فإن هذا تجوز، لكن هذا مبدأ له أصل، وينبغي أن يوضَح هذا الأصل، ولا يخلط معه غيره, فينبغي للإخوة الذين يُعنون بتفسير القرآن أن يوضحوا هذا توضيحاً يعيه كل من يقرأ، وكل من يسمع، بحيث.. كما يقال: (لا تخلط الأوراق), لا يخلط هذا بذاك, ولا يطلق القول: (بأنه لا تطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير)، فإن إطلاق القول هكذا جزافاً؛ غلط، بل الأصل أن تطبق قواعد المحدثين على المرويات، ولكن يمكن أن يتسامح في قبول بعض المرويات؛ مثل: ما نجده -مثلا- من تسامح المحدثين من قبول رواية (الضحاك عن ابن عباس) وهي منقطعة، بل أشد من ذلك، من قبول رواية (جويبر بن سعيد عن الضحاك)؛ سواء عن (الضحاك) من قوله، أو من رواية (الضحاك عن ابن عباس)، فإن بعض المحدثين تسمحوا في هذا بل استحسنوا هذه الرواية، (لماذا؟)؛ لأنّها عبارة عن بيان لمعاني الآيات، ولا تتضمن أحكاما؛ ولكن لو أنّ رواية (جويبر بن سعيد) تضمنت حكماً شرعياً؛ يحتاج إلى دعامة، يحتاج إلى ما يقويه، يحتاج إلى ما يستند عليه من أصل ثابت؛ فإنه لا بد من تطبيق قواعد المحدثين في هذه الحالة، هذه مسألة من خالفها فإنه ينبغي أن يراجع هذه القضية، ولا يتعجل فإنّ هذا الرأي غلط محض، ومثل ما ذكرت لكم من وجود هذه الروايات الكثيرة في كتب العلل، أو في أحكام الأئمة الذين يحكمون على هذه الروايات -قد يقول قائل- نحن بحاجة إلى إعطائنا ما يحتاجه المفسر من هذه القواعد الضابطة؛ بمعنى أنّ المفسر لا يمكن أن يكون محدثاً، أو إذا قلنا: إنه لا يفسر القرآن إلاّ محدث يملك الآلة والقدرة؛ فمعنى ذلك أننا ضيقنا واسعاً، أو حجرنا واسعاً، (فهل يمكن أن تعطونا الخطوط العريضة التي يحتاجها المفسر للتعامل مع كتاب الله جل وعلا؟)، فأقول: نعم، المفسر ينبغي له أولا: أن يعمد إلى ما وجده من روايات فينظر في أحكام الأئمة عليها مادام أنه يمكن أن يكون محكوماً في هذا، ليس بشرط أن يجتهد هو في تمحيص تلك الرواية؛ وإنما قد يكونوا هناك بعض الأئمة الذين حكموا على هذه المرويات، مثل ما قلته مثلا: عن (كتاب العلل لابن أبي حاتم)، أو (كتاب العلل للترمذي) أو يأتي لـ(كتاب العلل للدارقطني) أو غير ذلك من كتب العلل_ فيجد فيها بعض المرويات التي أعلها هؤلاء الأئمة؛ فإذا وجد هذه الرواية مما أعله بعض الأئمة؛ فإنه قد خُدم وقد كُفي فيحمد الله على هذه النعمة أنه قد كُفي، فيقول: هذا الحديث أعله الإمام الفلاني ويتنبه لهذا ولا يستشهد به، ولا يستدل به؛ بل ينبه عليه، والعكس كذلك، لو وجد هذه الرواية من الروايات التي صححها بعض الأئمة، سواء كانت موجودة في بعض الكتب التي اشترطت الصحة مثل صحيح البخاري، أو صحيح مسلم، أو وجدناها -مثلا- في (كتاب الترمذي), وحكم عليها الترمذي بالصحة ولم يُخالف من إمام آخر، أو وجدناها -مثلا- في (مستدرك أبي عبد الله الحاكم) وصححها الحاكم، ولم يتعقبه الذهبي، ولم نجد كلاما لأحد من الأئمة؛ مع العلم أن التعامل مع مستدرك (أبي عبد الله الحاكم ) ينبغي أن يكون أدق من هذا -مثل ما نبه عليه علماء الحديث في كتب المصطلح- لأنه لا بد من النظر في أسانيد (أبي عبد الله الحاكم) ولا يكتفى بحكمه، وليس شرطا أن يكون الذهبي قد تعقبه في كل شيء؛ لأن (الذهبي) -رحمه الله- ألف كتابه هذا الذي هوالتلخيص في بداية عمره وكان متعجلاً في كتابته، فترك (الذهبي) أشياء كثيرة لم يتعقب الحاكم فيها، وهي متعَقَبة في حقيقة الأمر؛ فينبغي في الحقيقة أنه إذا نظر في كتاب التفسير في (مستدرك أبي عبد الله الحاكم) ينبغي أن يبذل جُهدا آخر، يحاول أن ينظر هل هناك من تكلم على هذه الرواية تصحيحاً، أو تضعيفا من أئمة آخرين؛ خاصة من الأئمة الذين يمكن أن تشد اليد بأحكامهم؛ يعني: لا يعتمد على الأئمة الذين عرفوا بالتساهل، أو لهم منهج في التصحيح واسع مثل: (ابن حبان -مثلا-)، وهلم جرا، فضلا عن (أبي عبد الله الحاكم)؛ بل ينبغي أن يعمد إلى أئمة أشد تطبيقاً لقواعد المحدثين من هؤلاء الأئمة فإن لم يجد فإنه على الأقل يمكن أن يأخذ من علوم الحديث بالمقدار الذي يعينه إلى حد ما؛ مثل: أن ينظر في الإسناد، هل فيه أحد ضُعِّف -وربما خُدم-، مثل ما نجده في (تقريب التهذيب) من أحكام الحافظ ابن حجر على أولئك الرجال.
قد يقول قائل: أنت الآن تجرئ الناس على الحكم على الأحاديث، أقول: لا، ليس هذا من هذا الموضوع؛ وإنما هذا من باب أخذ الحيطة؛ يعني أنه إذا جاء لي حديث، ونظر في هذا الحديث؛ وإذا بهذا الحديث مداره على راوٍ معين، مثلاً: (ابن لهيعة)، وعرف -مثلا- ضعف ابن لهيعة مطلقاً، أو عرفه عن طريق (تقريب التهذيب)؛ فإن غاية ما هنالك أن لا يستشهد بهذه الرواية في حالته العجلى التي هو متعجل فيها (وسأذكر أنا بعض الأشياء الخادمة-إن شاء الله تعالى- الأخرى)؛ لكن أهم شيء أن لا يستشهد بهذه الرواية مادام أنه وجد فيها راوياً ضعيفاً، أو تبين له من ضعف في الرواية أنها مرسلة؛ بمعنى أنه إن وجد علة ظاهرة؛ فإنه لا بأس أن يتوقف عن قبول الرواية لوجود تلك العلة الظاهرة؛ (العلة الظاهرة): إما سقط ظاهر في الإسناد, وإما وجود راوٍ مطعون فيه؛ إما في عدالته أو ضبطه, وأما بالنسبة للعلل الخفية, أو الحكم الجازم على الرواية ضعفاً، أو تصحيحاً فإن هذا يحتاج إلى دقة، لو كان طالب العلم الذي يريد أن يفسر قد تزود من علم الحديث، بحيث صار يملك القدرة على الحكم على الحديث، وعنده الآلة التي تعينه فكما يقال: (الصلاة خيرٌ من النوم) هذا نورٌ على نور؛ لا بد أن يكون كل الذين يتولون التفسير بهذه الصفة، لكن كما قلت: لا نحجرواسعًا لكن على الأقل يمكن للواحد منهم أن يأخذ الخطوط العريضة، والخطوط العريضة لا بد أن يصاحبها الحذر من إطلاق الحكم، وإنما يمكن أن يستعين بها من باب أخذ الحيطة، من باب الورع عن قبول تلك الرواية، فإذا أراد أن يدقق ويفتش أكثر، فإنه يمكن.. وهو لا يملك الآلة، أو لا يملك الآلة الدقيقة....

[تفريغ الدقائق: 52 - 63]
الجزء الخامس [تفريغ الأخت: رجاء]

.. فإنه يمكن أن يستعين بمن يمكن أن يخدمه في هذا من طلبة العلم المعروفين بالقدرة على الحكم على الأحاديث، وهم بحمد الله تعالى قد كثُروا في هذا العصر بحكم وجود الدراسات الحديثية في الجامعات التي خرّجت لنا بعض الأجيال بالإضافة إلى بعض الذين انبروا من أنفسهم لخدمة سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وشُغفوا بها، وأحبوها، فكلّ هؤلاء نسأل الله - جل وعلا - أن يجعل ما قدموه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في موازين حسناتهم.
فهذا كله مما يمكن أن يخدم الـمُفسّر الذي لا يملك القدرة، وهناك بعض الذين لهم دراسات تاريخيّة وعُرفوا بأنهم ممن تخصّص في هذا الجانب ويتصل - وهم أساتذة كبار يعني في طبقة مشائخي وقد تقاعدوا - ومع ذلك إذا عرضت لهم بعض المرويّات في التاريخ أو السيرة يتصل ويستفسر عن هذه المرويات، وأبين له ما أراه فيها.
فكما أن هذا في باب التاريخ والسيرة كذلك أيضا نقوله أيضا في باب التفسير، فيمكن للذي يريد أن يفسر وتوقف في شيء من المرويّات، يمكن له أن يتصل بأحد المشايخ طلبة العلم الموجودين في الساحة الذين يعينونه في الحكم على هذه الرواية إن لم يتضح له شيء منها من خلال أقوال الأئمة أو من خلال مثلا العلل الظاهرة التي تكلمت عليها.
أرجو إن شاء الله تعالى أن تكون هذه المعاني التي طرقتها موضحة لصورة قائمة في الذهن كان بودي أن أتحدث عنها بشيء من التفصيل أكثر حينما علمت أن هناك بعض الجدل الذي وُجد في ملتقى أهل التفسير وفي بعض الملتقيات العلمية، وصار هناك خلاف بين بعض طلبة العلم في مسألة تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير، وكان بودي أن أشارك وأدلي بدلوي في هذا ولكن أنا عندي ظروفي من خلال محاصرة بعض الأعمال العلمية لي والتي لا بد من تقديمها على غيرها لأنها هي من باب الواجب، وليس هناك ما يدعوني للتفصيل في لماذا صارت من الواجب؟، لكن ما لا يدرك جلّه لا يترك كلّه فالشيخ عبد العزيز الداخل - وفقه الله لكل خير- حينما طلب مني هذا وأنا والله كنت مشغول بالتصحيح وما سلمت النتائج إلا اليوم بعد الظهر حتى لم يكن عندي فرصة إطلاقا لتحضير هذه المادة العلمية، ولعله يكون هناك مني جمع لأشياء يمكن أن تخدم في هذا ويمكن أن تكون إن شاء الله تعالى أكثر إيضاحاً مما ذكرته، فهذا الذي ذكرته يمكن أن يكون كما يقال خطوط عريضة في هذا الموضوع وربما يستثار العلم بالسؤال، يمكن أن يكون هناك شيء يُستثار عن طريق السؤال أدع الفرصة الآن لبعض الأسئلة التي يمكن أن تذكرني أشياء غفلت عنها أو نسيتها والأمر عائد لكم وأسأل الله - جل وعلا - للجميع التوفيق والسداد وصلّى الله وسلم على نبينا محمد.
- ماذا عن أسانيد القراءات وقواعد المحدثين ؟
- طيب، هذا سؤال عن أسانيد القراءات.. يعني لعلي أسجل.. أسانيد القراءات..
- طيب، كلام شيخ الإسلام عن المراسيل، أليست هذه القاعدة مقبولة عند المحدثين؟، والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصدا أو اتفاقاً بغير قصد كانت صحيحة قطعا فإن النقل إما أن يكون صدقا مطابقا للخبر وإما أن يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه فمن سلم من الكذب العام والخطأ كان صدقا بلا ريب.
- طيب سأتكلم إن شاء الله تعالى على هذا.

سأجيب على بعض الأسئلة إلى سؤال الأخت وردة ماجد الجابري ثم بعد ذلك إن شاء الله تعالى إذا كان هناك مزيد أسئلة أجاوب عليها.

السؤال الأول: عن أسانيد القراءات :
بالنسبة لأسانيد القراءات الذي يظهر والله تعالى أعلم أن التشديد فيها من حيث جهالة بعض رجال الإسناد؛ يعني لا ينبغي أن يشدد فيها؛ لكن بالنسبة للانقطاع أو الخلل في الإسناد مثل الخطأ في اسم الراوي أو نحو ذلك فهذا ينبغي أن يصحح وينبغي أن ينبه عليه، وللأسف أنا وجدت أن بعض الذين يروون بعض القراءات بالأسانيد يكون في أسانيدهم خلل ظاهر وبيّن، فيُسمّى الرجال بغير أسمائهم، ولأن صاحب الإسناد الذي في القراءة ليس له معرفة بالرجال أصلا فأخذ الإسناد على أنه صورة من الصور، فأنا لا أحبذ هذا يعني ينبغي للإنسان الذي يريد أن يعتني بإسناد ويكون إسناده إسنادًا على الأقل مقبولاً أن يتعرف على رجال الإسناد بما أمكنه، وأن يعتني بسلامة هذا الإسناد خاصة بالنظر في الكتب التي يذكر فيها هذا الإسناد؛ يعني لا يكتفي مثلا بإعطاء شيخه له هذا الإسناد فإنه قد يكون هذا الشيخ ليس من الذين يميزون هذه الأسانيد، وربما كان شيخ شيخه وهلم جرا، خاصة ونحن نعرف أن الأسانيد قد طالت في عصرنا، لكن إذا وجد هذا الإسناد مثل ما هو موجود في الكتب، وتوثقنا من عدم وجود الانقطاع، وعدم وجود الخلل الظاهر البيّن؛ وإنما بقي عندنا شيء من أننا لم نجد ترجمة لهذا الراوي أو وجدنا له ذكرا ولكن لم نجد أحدًا تكلم عليه بجرح ولا تعديل فأرى أن هذا مما يمكن أن يغتفر ويتساهل فيه؛ لأنه قد ورد التساهل فيه حتّى في بعض الكتب الحديثية فبعض الكتب الحديثية وخاصة الأجزاء الحديثية يوجد فيها من هذا القبيل، ولذلك تكلم ابن الصلاح على التصحيح في الأعصار المتأخرة، ولم ير التصحيح في الأعصار المتأخرة وكان السبب أو أعظم سبب دفعه إلى هذا أنّ أسانيد هذه الكتب لو فتشنا فيها فإن فيها من هو عريّ عن (1:00:43) [التوثيق]، أو نحو هذا الكلام الذي ذكره ابن الصلاح، فهذا قد يوجد في بعض كتب الحديث فما بالك بأسانيد التفسير؟
وليس معنى هذا التشكيك مثلا في أن القرآن لم يصل إلينا بالتواتر أو نحو ذلك، لا، لا هذا أمر مفروغ منه، ولذلك يعجز العالم كله قاطبة عن أن يشككوا في حرف من كتاب الله - جل وعلا - فتواتر القرآن هذا لا يمكن لأحد إطلاقا أن يتكلم عليه ألبتة، وإنما المقصود أن يحظى الواحد منا بشرف الإسناد بقراءة من القراءات وربما أكثر من قراءة، فقط هذا يكون شرف لحامل ذلك الإسناد أما القرآن من حيث هو فإن تواتره بلغ الذروة في التواتر التي لا يعلى عليها أبدا، هذا أمر لا أظن أن أحدا يجهله فإنه من وقت النبي صلى الله عليه وسلم والأمة تتلقاه واحدا عن واحد، وليس هناك واحد من أفراد الأمة لا يقرأ القرآن، ولا يكون أخذ قراءته عن شيخ بغضّ النظر عن ذلك الشيخ، هل أخذ عنه القرآن كله بأكمله أو هل هذا الشيخ من الذين تصدروا للقراءات أو قد يكون معلما في مدرسة أو أبا أو أخا أو غير ذلك..، لكن لا بد أن يكون هذا القرآن قد تُلقي بالتداول من وقت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر.
أما بالنسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وكلامه على المراسيل فهذه المسألة ينبغي أن توضع في الحيز الحقيقي لها؛ فشيخ الإسلام يتكلم على الصدق والكذب في الخبر، ونحن نعلم فعلا أن الأخبار إما أن تكون صدقا أو كذبا، هذا لا شك فيه فما كان من خبر صادق عُرف صدقه بإحدى وسائل التثبت هذا مفروغ منه أو مفروغ من قبوله يعني ليس هذا موضع البحث إنما موضع البحث فيما كان كذبا، هذا الذي يكون كذبا إما أن يكون هذا الكذب عن عمد أو عن خطأ؛ فالمرء قد يقع في الكذب عن خطأ، كيف؟ نعم، يكون قد توهم فحدث بشيء ليس بصحيح، فالكذب هو التحديث بخلاف الواقع أو إخبار بخلاف الواقع وهذا إذا أخبر بخلاف الواقع فإنه يكون قد أخبر بما هو كذب ولكن هل كذبه هذا نشأ عن عمد أو عن توهم ؟ الجواب: أنه قد نشأ عن توهم، ولذلك قد يكون هذا الذي حدّث بهذا الكذب قد يكون صادقا عادلا في نفسه، بل قد يكون من الصالحين وهلم جرا، ولكن يتوهم.

تفريغ الجزء السادس من المحاضرة ( من د64 إلى د75):
الجزء السادس [تفريغ الأخت: جنات]
وما يجري هذا المجرى، ما نبه عليه الكثير من الأئمة، ومن جملتهم مسلم بن الحجاج -رحمه الله - في مقدمة صحيحه، حينما حكى عن يحيى بن سعيد القطان وغيره، حينما قال:"لم نرالصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث"، عجيب! يكون "صالحا"، ويكون "كاذبا في الحديث"؟، قال: "نعم، يجري الكذب على ألسنتهم ولا يتعمدونه"، لا يتعمدون الكذب، فالذي لا يتعمد الكذب هذا، ليس معناه أن لا نتكلم على روايته ولا ننقدها، بل ننقدها ولا بد من بيانها، كما أشار إلى ذلك مسلم بن الحجاج أيضا، حينما نقل عن عبد الله بن المبارك، في قصته مع عباد بن كثير، وذهابه إلى شيخيه، الإمام مالك وسفيان الثوري -رحمة الله تعالى على الجميع- وقال: "إنّ عباد بن كثير ممن تعلمون حاله، وإذا حدّث حدّث بأمر عظيم، أفترون أن نبيّن حاله؟" قالا: "بلى، بيّن حاله."، فكان عبد الله بن المبارك، إذا ذكر عباد بن كثير في مجلس، أثنى عليه في دينه، ثمّ بيّن مكانته في الحديث -أو بيّن ما يؤخذ عليه في الحديث-، هذا ما يكون من باب الإخبار بخلاف الواقع لا عن عمد، وإنّما عن توهم، أمّا ما يكون عن عمد فإنّ هذا الأمر واضحٌ جدا، بأنه لا بد من ردّه، ولا بد من الحكم عليه.
إذن، الذي يشكل علينا ما هو؟
الذي يشكل علينا، ما كان من باب التوهم، فهذا يُسلك فيه هذا المسلك الوسط؛ مثل ما حكيناه عن عبد الله بن المبارك، يبيّن الخطأ، ويبيّن الكذب، ويبيّن أنّ هذا الشخص، قد لا يكون قد تعمد، أو إذا كان صاحب ديانة، يبيّن أنه صاحب ديانة.
أمّا إذا كان هذا الذي حُدِّث به، لم تتوفر فيه شروط الصحة، مثل ما ذكر شيخ الإسلام عن بعض المراسيل، وأنها إذا كثرت، دلّ هذا على أنّ لذلك الخبر أصلا،
فهذا صحيح .. ولكن المراسيل منها ما يمكن أن يتقوى، ومنها ما لا يمكن أن يتقوى، وإلاّ فأنتم .. خاصة الحضور- فيما يظهر أنهم ممن يعنون -إن شاء الله تعالى- بمسألة التفسير- أنتم تعرفون قصة الغرانيق، أو تعرفون قصة ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- وهكذا..
فلو نظرتم في كتب التفسير، ستجدون العديد من الأسانيد المرسلة التي وردت بها هذه القصص؛ قصة الغرانيق هذه القصة منكرة، لا يمكن أن تُقبل بحال، لأنّ قبولها يعني دخول الزيف حتى في كتاب الله جل وعلا؛ يعني يكون الشيطان قد ألقى في قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلّم، ويكون هذا مقبولا؟! حاشا، وكلاّ؛
فهذه المراسيلٌ مراسيل موضوعةٌ، مكذوبةٌ، باطلة.
أمّا رواية ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- فإنها قد اشتهرت على ألسن الوعاظ وما إلى ذلك، حتى بُيّن بطلانها، وأنّ ثعلبة -رضي تعالى الله عنه- بريء من هذا، ونكارة هذه القصة أيضا منصوص عليها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن باب التوبة مفتوح ولا يغلق إلا إذا طلعت الشمس من مغربها، أو إذا بلغت الروح الحلقوم، أو إذا خرجت الدابة، وثعلبة إن كان وقع منه هذا الذي وقع ثم تاب، ما الذي يمنع من قبول توبته، وهذا يدل على القدح في أصل القصة، فليس للقصة إسناد يثبت أن ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- كان ممن امتنع من أداء الزكاة، وكما قلت هذه كلها -لو نظرتم في كتب التفسير- جاءت من طرق متعددة كلها مراسيل.

كذلك أيضا: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، أيضا كون هذه الآية وردت في الوليد بن عتبة فهذه أيضًا ليست بصحيحة، كلها عبارة عن مراسيل ليست بصحيحة، وليس معنى هذا أنه لم تقع من الوليد شيء من الهنات، مثل ما هو معروف بأن عثمان -رضي الله تعالى عنه- قد جلده الحد ونحو ذلك، لكن أن يكون بلغ به الأمر أن يرسله النبي صلى الله عليه وسلم، ليأخذ زكاة بني المصطلق، ثم يأتي ويكذب على النبي صلى الله عليه وسلم،
يعني .. هذا أمر فظيع .. وهذا مما يشعر بوجود الوضع في الحديث في وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر مرفوض.
وقد بينه علماء الحديث، وأن الوضع في الحديث، إنما نشأ بعد فتنة مقتل عثمان -رضي الله تعالى عنه- كما قال ابن سيرين رحمه الله تعالى: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمّا وقعت الفتنة، قالوا: سمّوا لنا رجالكم)، فينظر إلى أهل السنة فيقبل حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فيترك حديثهم.
فالمراسيل، لا بد أن تكون من المراسيل التي يمكن أن تتقوّى، كما بين ذلك الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- فإذا كانت هذه المراسيل تتقوى على طريقة الإمام الشافعي، فيمكن أن تقبل، وأما إذا كانت من المراسيل التي فيها شيء من النكارة، أو لا نعرف شيئا يدل على تقويتها أصلا، اللّهم إلاّ أنها مراسيل هزيلة، خاصة ممّا كان من مراسيل صغار التابعين، خاصة ما كان من مراسيل الذين عرفوا بالإسناد، مثل "الزهري "، الزهري إذا جاءك مرسله وهذا المرسل ذاهب غرباً، فاتَّجِه شرقاً، فرّ منه، الزهري صاحب إسناد، يقولون: "لو كان عنده بهذا الحديث إسنادا، لصاح به." فمراسيل الزهري رديئة، كذلك أيضا مراسيل قتادة ومجاهد بل حتى مراسيل الحسن البصري، وإن كان بعض علماء الحديث يحسنون الظن بها، لكن بعض علماء الحديث شددوا أيضا حتى في مراسيل الحسن البصري رحمه الله تعالى.

فالمراسيل التي اتفقوا على قبولها بشروطها، هي مراسيل كبار التابعين: إما مراسيل المخضرمين من التابعين، كعبيد الله بن عدي بن الخيار وغيره، أو الكبار من التابعين وإن لم يكونوا من المخضرمين، كسعيد بن المسيب -رحمة الله تعالى عليه- ونحو هؤلاء.
الأواسط من التابعين، كالحسن البصري وابن سيرين، فيهم تفصيل، منهم من يقبل، ومنهم من يرد ومنهم من يفصل في أحوالهم؛ أما الصغار كقتادة ومجاهد والزهري ونحو هؤلاء فهؤلاء مراسيلهم رديئة، والله تعالى أعلم.

السؤال الثالث: عن ضابط قبول الأحاديث الضعيفة في الأحكام:
أنا ذكرت أنه إذا كان هناك ما يشهد له مما يدل على أن له أصلا.
كذلك سؤال الأخت التي بعد هذا تقول: إذا كان للحديث شواهد بالمعنى، ولكن هذه الشواهد صحيحة، أقول: هذا الذي قصدته، وهو أنه إذا كان هناك حديث ضعيف، وهذا الحديث له أصل لكن ليس في هذا الحديث الضعيف زيادة حكم شرعي، أمّا إذا تتضمن هذا الحديث الضعيف زيادة حكم شرعي، واتفق مع الحديث الأصل في باقي اللفظ أو في باقي المعنى، فإننا لا يمكننا أن نقبل هذه الزيادة.
على سبيل المثال مثلا قصة ثمامة بن أثال رضي الله تعالى عنه .. أو تقريبا نحو هذه القصة يعني حينما وجدت في مصنف عبد الرزاق، وأصلها في صحيح البخاري .. ليست قصة ثمامة بن أثال وإنما نحو هذه القصص .. المهم أنه في مصنف عبد الرزاق تضمنت حكما من أحكام الطهارة، لا يوجد في الرواية التي توجد في صحيح البخاري، وإنما هذا الحكم موجود في مصنف عبد الرزاق وهو يتعلق –فيما أذكر- بحكم الاغتسال لمن أسلم، فهل تقبل هذه الرواية بحذافيرها –رواية عبد الرزاق- ؟ أقول: لا، إنما يقبل منها ما وافق الذي في صحيح البخاري، وأما الزيادة فهذه يحكم عليها بما يناسبها، فقد تكون زيادة شاذة أو منكرة ونحو ذلك.
لكن، في الأعم الأغلب، أن الذي يمكن أن يتسامح فيه في هذا، ما كان في باب الترغيب والترهيب، مما أشرت إليه في المثال الذي مثلته مثل صلاة الجماعة، فضلها، والترهيب من تركها، ووُجِدنا حديث ضعيفا يدل على هذا، فإنه لا بأس أن يحدث به في هذا الباب، بحكم أن الأصل متقرر، وأن هذا الحديث الضعيف لم يضف أصلا جديدا -لعلّ هذا يكفي إن شاء الله تعالى في هذا التوضيح-

بالنسبة لتصحيح الشيخ الألباني رحمه الله، جاء سؤال عنه، أقول: بالنسبة لتصحيح الشيخ الألباني إما أن يكون الشيخ الألباني صحح شيئا، صححه أئمة آخرون -ولم نجد أحدا أعله- فإن كان أولئك الأئمة من الأئمة الذين عرفوا بأنهم من جهابذة علم العلل، ومن النقّاد مثل: الإمام أحمد وعلي بن المديني والبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والدارقطني وأمثال هؤلاء، فإن هذا مما يمكن أن يؤخذ عن الشيخ الألباني رحمه الله، وإن كان هذا التصحيح لم يأت عن أئمة كبار كهؤلاء الذين سميت وإنما جاء عن مثل الحاكم، ثم بعد ذلك أيضا وجد النووي وأمثال هؤلاء ولم نجد ما يعلّ به ذلك الحديث، بمعنى أننا نظرنا فيه ولم نجد فيه علة، واستفرغ الجهد بجمع الطرق والنظر في أقوال الأئمة فلم نجد من أعله، فإن تصحيح هذا الحديث لا بأس به، أنا أرى أنه لا بأس به ما دام أنه لم يتبين فيه علة والذي ظهر لنا من إسناده أنه لا علة فيه، فهذا يمكن أن يقبل إن شاء الله تعالى.

[تفريغ الدقائق: 76 - 87]
الجزء السابع [تفريغ الأخت: أروى]
أما إن كان الشيخ الألباني؛ وإن عارضه آخرون كالحاكم، وابن حبان، والنووي، وأمثال هؤلاء، كلهم صححوا الحديث، ثم وجدنا أحد أئمة النقد، أو عدداً من أئمة النقد يُعِلُّون ذلك الحديث مثل من سمَّيت: كالإمام أحمد، وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم وأمثال هؤلاء؛ فإن العمدة على تعليله مثل ما رأيناه مثلاً من تعليل حديث الأذنان من الرأس، أو البسملة في الوضوء، ونحو ذلك. ثم يقوي هؤلاء العلماء هذا الحديث أو يصححونه أو يُحسنونه بمجموع طُرقه؛ فإن العمدة على أحكام أولئك الأئمة الكبار، وأما هذا التصحيح أو التحسين الذي وجدناه سواءً من الشيخ الألباني أو من بعض المتساهلين فإن هذا ناشئٌ من ذلك المنهج الذي ساروا عليه، وهو منهج فيه تساهل، فإذا عارضه أحكام أئمة أوثق منه فإننا نُقدم أحكام أولئك الأئمة. فأرجو أن يكون هذا أيضاً إن شاء الله تعالى موضحاً لما أرادته الأخت في سؤالها.

السؤال الذي بعد هذا: المرويات المُعَلَّة في كتب التفسير هل جُمِعت؟
- ياليت. وأظن هذا السؤال كان الذي ذكره الشيخ عبد العزيز الداخل.
الحقيقة هذا المشروع جيد، أنا لا أذكر، وإن كان هناك أحد منكم يعرف -يعني- أن هناك شيء من الأطروحات الجامعية قد دخلت في هذا المشروع فهذا جيد، وإن لم يكن فإننا إن شاء الله تعالى يمكن أن نقترحه كموضوع من الموضوعات لبعض الطلاب، ويمكن أن يكون مشروعاً -يعني- يدخل فيه عدد من الطلاب إن شاء الله تعالى، إن كان هناك أحد -يعني- عرف أن هذا قد طُرِح فليفدنا به الآن أو بعد حين إن شاء الله تعالى.

- عنعنة غير المدلس أنا أشرت إليها وأنها مما يمكن أن يُعَلَّ به بعض علماء الحديث؟
- أقول نعم، إنهم يُعلِّون بناء على الأصل وهو أنهم كانوا في الأصل مختلفين في قبول الإسناد المُعنعن؛ وكان هناك من لا يقبل الإسناد المعنعن كشعبة بن الحجاج، ويقولون: كل إسناد ليس فيه حدثنا أو أخبرنا فهو خلٌّ وبقل -يعني ليس له قيمة-، ولكن لمّا طال العهد -يعني كان هذا ممكناً في وقت التابعين ولنقل في وقت أتباع التابعين ونحو ذلك- لكن لما جاء بعد ذلك وجدوا أن الضرورة تفرض عليهم قبول الإسناد المُعنعن، فوضعوا لقبوله تلك الشروط المعروفة، وهي إما الشروط التي حصل فيها خلاف في الاشتراط اللُّقي أو (الاكتفاء بالمعاصرة)، وهذا هو أبرز ما حصل فيه الخلاف. هناك بعض الشروط التي اشتِرَطت ولكن اندثرت تلك الشروط، لكن أبرز هذه الشروط ما عُرف بأنه شرط البخاري وشرط مسلم، مما حصل فيه الخلاف، بالإضافة لأن يكون الراوي عَرِيًّا عن وصمة التدليس أو بريئاً من وصمة التدليس. فهذا اشترطوه ويجعلوه ضابطاً (1:19:52) لقبول الإسناد المعنعن، لكن إذا جاءهم أي إشكال في الإسناد فإنهم يعودون للأصل، مثل ما نجده من تطبيقات.

-طبعاً يبدو السؤال جاء: هل هناك من تكلم على هذا؟
أنا من حيث -يعني- التصنيف فيه كمصنف لا أذكر، وأما في الأبحاث فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن بعض الملتقيات وُجِد فيها بعض الأبحاث، وبعض الأطروحات التي تفيد في هذا، لكن ممن أكد على هذا؛ الشيخ عبد الرحمن المعلمي -رحمه الله- في مقدمة "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للشوكاني. كذلك أقول كما جاء في تطبيقاتهم قي مبحث "المزيد في متصل الأسانيد" خاصة ما نجده من تطبيقاتٍ عند البخاري، وعند الدارقطني، وعند أبي حاتم، وأبي زرعة -رحم الله الجميع-. فالإسناد الذي حصل فيه زيادة راوي الأصل عندهم -طبعا الزيادة تكون في الموضع الذي فيه عنعنة- فإن كان ذلك الموضع فيه عنعنة فإنهم لا يأخذون بذلك الإسناد الناقص؛ وإنما يأخذون بالإسناد الزائد. ولا يأخذون بالإسناد الناقص إلا مع توفُّر شرطين:
-الشرط الأول (وهو الأهم):
أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة.
انظروا، هذا تحقيقٌ منهم للأصل الذي ذكرته وهو: لا بد أن يكون هناك تصريح بالسماع. فإنه في حال وجود الحديث بإسنادين في أحدهما زيادة راوي؛ فإنهم يأخذون بالإسناد الزائد ولا يقبلون الإسناد الناقص إلا إذا توفر السماع في موضع الزيادة.
-و الشرط الثاني:
أن يكون من نَقَص أكثر عدداً أو أحفظ ممن زاد.
فإن توفر هذان الشرطان أخذوا بالإسناد الناقص، وإلا فالأصل الأخذ بالإسناد الزائد.

سؤال: ما سبب عناية المُحدِّثين بتفسير بعض المتهمين كالكلبي؟
-هذا أيضا سؤال طرحه الشيخ عبد العزيز -وفقه الله-. أقول -يعني- ليس هذا موجوداً عند كل المُحدِّثين؛ فكثير من المُحدِّثين كانوا يتركون روايات هؤلاء المتهمين كالكلبي. أما عطيَّة بن سعد العوفي فإنه ليس بِمُتهم ولكن هو مُتكَلَّمٌ فيه من جهة حُكمه، ومن جهة صفة روايته؛ فصفة روايته الإشكال فيها أنه قد يروي عن الكلبي أحياناً ويُدلّسه، فيقول: حدثنا أبو سعيد -وهو كأنه يومِئُ إلى "أبي سعيد الخدري" وهو يقصد محمد بن السائب الكلبي-. إذن هذا مبني على صفة رواية عطية العوفي، وأما هو في نفسه فليس بمتهم، لكن الكلبي مُتهم، والذي عُرِف أنه يأخذ عن الكلبي هو سُفيان الثوري -رحمه الله تعالى-، وسفيان لما نُوقِش في هذا قال: "أنا أعرف صدقه من كذبه".
إذن يمكن في هذه الحال أن تقول: هذه خصيصة لسفيان الثوري فيما إذا رَوى عن الكلبي، وليس معنى أنه يعرف صدقه من كذبه؛ أن ما يرويه سفيان الثوري عن الكلبي يكون صحيحاً مُطلقاً، وإنما يمكن أن يُتسامح فيه، في التفسير مثلاً ونحو ذلك، هذا مما تسامح فيه بعض أهل العلم إذا كان من طريق سُفيان الثوري. أما غير سفيان الثوري فلا أعرف أنا أن أحداً صارت له هذه الخصيصة في تمييز صدق محمد بن السائب الكلبي من كذبه، لا أعرف هذا إلا لسفيان الثوري، والله تعالى أعلم.
إذن هذا يكون نموذجاً خاصاً فقط، يعني فيما يتعلق برواية سفيان الثوري عن الكلبي، مع هذا التحفظ الذي ذكرته بأنه لا يحكم عليه بالصحة وإنما يمكن أن يُتَسامح فيها فقط -يعني- في روايتها، والرواية لا تعني الاستدلال.
أنا أرجو أن نتنبه لهذا، يعني حينما يتكلم علماء الحديث على رواية الحديث الضعيف بعضهم يخلط بين رواية الحديث الضعيف والعمل بالحديث الضعيف.
لا، هناك فرق بين رواية الحديث وبين العمل بالحديث الضعيف؛ فرواية الحديث الضعيف مثل: ما نجده مثلاً عند بعض الأئمة: كأبي نُعيم في الحلية، أو الخطيب البغدادي في التاريخ، أو ابن عساكر، أو نحو ذلك من روايتهم للحديث الضعيف، فبعض أهل العلم قالوا: لا بد أن نُبيِّن ضعفه صراحةً أو تلميحاً، مثل: أن يقول: رُوِيَ، أو غير ذلك من صيغ التمريض. بعضهم قال: لا بأس إذا روى بالإسناد، فإن من أسند فقد أحالك -يعني أحالك على الإسناد-. لكن جاء من يعترض ويقول: هذا إنما كان في عصر الرواية حينما كان الناس يعرفون الأسانيد، أما عند المتأخرين الذين لا يدرون أو لا يعرفون (1:25:27) قيمة الإسناد، ولا يدركون أن هناك ما هو صحيح وغير صحيح؛ حتى إن بعضهم لما حكم على حديثٍ بأنه غير صحيح وأنه كذب؛ اعترض عليه معترض وقال: كيف تقول هذا وقد رواه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات؟! هذا دليلٌ على جهله بحقيقة كتاب الموضوعات. كأنه يرى أن كتاب الموضوعات -يعني- للمواضيع .. وفيها الموضوع الفلاني والموضوع الفلاني وهلمّ جرا.. وليس المقصود بها الأحاديث الموضوعة. يعني يجهل هذا؟ ولا يعرف حقيقة الكتاب؛ فإذا كان الناس بهذه الصفة الحقيقة أنه لا يُكتفَى برواية الحديث مسنداً بل لا بد من أن يُبيّن ضعف الحديث.

-تفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم وحتى غيرها من كتب التفسير التي من مثل: تفسير عبد الرازق وتحقيقها..
-نعم هذه الكتب إلى الآن ما لقيت الخدمة التي تليق بها من تخريج ودراسة أسانيد، وإغفاءهذه الحُلّة التي قد تُجلِّي بعض الإشكالات في هذه المرويات، وهناك فعلاً بعض الإشكالات التي تأتي في بعض المرويات في كتاب ابن جرير الطبري، في كتاب ابن أبي حاتم وتحتاج جهد جهيد، وهذا ما يمكن أن يتبين إلا بعد جمع الطرق، جمع الطرق يزيل كثيراً من الإشكالات، ولكن إذا نظرنا لتفسير ابن جرير الطبري طبعة (دار هجر) وإذا بها هي أحسن الطبعات الموجودة الآن، وهي التي يمكن أن تكون رقم واحد مما يمكن أن يعتمد عليه، فإن كان هناك مشروع .. أو من سيقوم على خدمة هذا الكتاب خدمة تليق به؛ يمكن أن يجتمع عنده عدد من النسخ أكثر مما هو موجود، يمكن أن يوفق بعض هذه المرويات من الكتب التي تنقل أو تروي منها مثل: تفسير ابن كثير أو غيره، يمكن أن يجمع طرق الحديث، فقد يكون فيه إشكال ويزيل ذلك الإشكال. فهذا مما تحتاجه مثل هذه الكتب، نسأل الله -جلّ وعلا- أن يعين طلبة العلم على القيام بذلك..

[تفريغ الدقائق: 88 - لآخر المحاضرة]

الجزء الثامن [تفريغ الأخت: نهال]

السؤال: إحدى الأخوات سألت هل هناك من جمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم؟
إجابة الشيخ: فأقول: أنا لا أعرف أن أحدًا جمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم جمعًا يصاحبه تحقيق ودراسة لهذه الأسانيد؛ أمّا الجمع المعتاد الذي يمكن أن يستفيد منه الخطيب فقط من خلال الكلام الموجود؛ سواء كان صحيحا أو غير صحيح، فالظاهر أن هناك من جمع في هذا شيئًا، ولست أدري هل استوعب أو لا؛ فأحمد بن حجر آل بوطامي الذي كان في قطر، أظنه توفي -رحمة الله تعالى عليه- أذكر أن له كتابًا في هذا؛ لكن ليس بالصفة التي –كما قلت- يصاحبها جمع، ودراسة أسانيد، وتحقيق الصحيح من غير الصحيح. والله تعالى أعلم.

السؤال: الأخت صفية الشقيفي تقول: ما هي الكتب التي تنصحون طالب علم التفسير أن يدرسها في مصطلح الحديث والتراجم وغيرها من علوم الحديث؟
إجابة الشيخ: الذي أنصح به على الأقل؛ نخبة الفكر مع بعض شروحها؛ هذا أقل ما يمكن أن يأخذه طالب العلم الذي يريد أن يكون عنده شيء من علم الحديث بالإضافة للتفسير، على الأقل نخبة الفكر مع شرحها.

السؤال: أنس بن محمد، ما تقييم فضيلتكم لبعض الجهود المعاصرة في العناية بصحيح الأسانيد في التفسير؛ مثل كتاب التدبر والبيان في تفسير القرآن بصحيح السنن في أربعين مجلدًا؟
إجابة الشيخ: أخ أنس، أين هذا الكتاب؟! أنا ما أعرف عنه شيئًا؛ إن كنت تقصد المشروع الذي قام عليه الشيخ محمد التركي، وليس بالدكتور محمد التركي الذي في جامعة الملك سعود، وإنما مشروع آخر قائمين على جمع السنة، فهذا إلى الآن ما خرج منه شيء؛ أما إذا كان شيء آخر؛ فأنا لا أعرف عنه شيئًا، فأتحفنا به -بارك الله فيك-.
(تداخل) .... للشيخ محمد المغراوي، ليس لعلماء الجزائر وإنما لأحد علماء المغرب للشيخ محمد المغراوي، الشيخ محمد المغراوي الحقيقة يعني معروف، ورجل فاضل، ومن أهل العلم، وأرجو -إن شاء الله تعالى- أن يكون عنده إفادة في هذا الجانب، لكن أنا ما رأيت الكتاب، ولا أستطيع الحكم على غائب، فلعلي -إن شاء الله تعالى- أطلع عليه، ثم أنظر ماذا فيه –بإذن الله-.
(كلام غير مفيد)

السؤال: من وثّق في علمٍ، وضُعِّف في علمٍ آخر، كأن يوثّق في السيّر مثل محمد بن إسحاق، أو مثل عاصم في القراءات.
إجابة الشيخ: صحيح؛ من وثق في علمٍ، وضُعِّف في علمٍ آخر، فإن ما وثق فيه يمكن أن يعتمد عليه فيه؛ فمحمد بن إسحاق عمدة في السيرة، فإذا روى شيئًا في السيرة؛ فإن عنايته بالسيرة معروفة، وقد أثنى عليه أهل العلم في عنايته بالسيرة، وكذلك عاصم بن أبي النجود، أو عاصم ابن بهدلة في عنايته بالقراءات؛ فهو حجة في القراءات، ولكنه متكلم فيه من جهة الحديث؛ لكن أنا أرى أن الكلام في محمد بن إسحاق، أو في عاصم بن أبي النجود، لا يُوصلهما إلى درجة الضعف، إلا فيما استنكر عليهما، وهذا الذي يستنكر على الراوي، ليس مخصوصًا بهما، لأجل الكلام الذي فيهما، بل حتى بعض الثقات، فهناك بعض الأوهام التي يقع فيها بعض الثقات، هذه الأوهام تُتقى أيضًا، وتُجتنب، وهكذا أيضًا بالنسبة لمحمد بن إسحاق، وعاصم بن أبي النجود؛ فما عُرف عنهما من أوهامٍ وهموا فيها، فإنها تُتقى، وتُجتنب، وأما ما سوى ذلك، فالأصل فيه القبول، وأنه من قبيل الحسن لذاته -إن شاء الله تعالى-. نعم هناك أحيانًا بعض القرائن التي تنضاف للرواية، فتجعل المرء محتارًا في القبول أو الرد؛ مثل أن يكون محمد بن إسحاق قد انفرد بحكم لم يروه غيره؛ مثل ما انفرد بالحكم الشرعي المتعلق بطهارة الثوب من المذي إذا أصابه، فمحمد بن إسحاق روى حديث سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه في رش الثوب إذا أصابه المذي، وهذا مما يسع فيه الخلاف؛ والذي يدل على أنه مما يسع فيه الخلاف، أن الإمام أحمد –رحمة الله تعالى عليه- صارت له مع هذا الحديث ثلاثة مواقف كلها متباينة؛ فمرةً قَبِل هذا الحديث من رواية محمد بن إسحاق، وأفتى بموجبه، ورأى أن الرش يكفي، ومرةً رده، وأفتى بأن الرش لا يكفي، ولا بد من الغسل، وهذا مصير منه إلى تعليل الحديث بتفرد محمد بن إسحاق، ومرةً توقف، وهذا مصير منه إلى أنه تردد في حال محمد بن إسحاق؛ هذا موقف من إمام واحد، في حديث واحد، وانظروا إلى هذا التباين فيه؛ فهذا يدل على أن هذا مما يسع فيه الخلاف، ولا ينبغي لطلبة العلم أن يشددوا فيه، فمن يقبل؛ فلا بأس بذلك، ومن يرد؛ فهذه كلها من المسائل التي يسع فيها الخلاف. والله تعالى أعلم.
يبقى السؤال: لو روى مثلًا محمد بن إسحاق حديثًا في السيرة، ولكنه يتضمن حكمًا، مثل: قصة الرجل الذي قام على الحراسة، وجاءه رجل من الأعداء فرماه ببعض السهام، وأخذ الدم ينزف؛ استُفيد من هذا الحديث –كما هو موجود في سنن أبي داود وغيره- ما يتعلق بنجاسة الدم من عدمه، وما يتعلق بـ هل خروج الدم ينقض الوضوء أو لا؟، فهذه أحكام؛ فهل يُقال الآن: إن هذه الرواية خرجت عن حيّز التفسير، وصارت من أحاديث الأحكام؟ فنطبق على محمد بن إسحاق قاعدة المحدثين، أو أن هذه من مرويات السيرة، فتُقبل من محمد بن إسحاق؟. الذي يظهر –والله تعالى أعلم- أن الكلام في هذه الرواية ليس من جهة محمد بن إسحاق، وإنما من جهة التابعي الراوي لهذه القصة، وأنه مجهول الحال، وإن كان هناك من قد يتكلم فيها من جهة محمد بن إسحاق. والله تعالى أعلم.

السؤال: حديثٌ صححه الحاكم، وابن حجر، ووجدت في تحقيقكم لسنن سعيد بن منصور تحسينًا له بمجموع طرقه؛ وهو شهادة عبد الله بن مسعود للعرضة الأخيرة، ووجدت لباحثٍ حديثًا تضعيفٌ لهذا الأثر، من جميع طرقه، واعتبره منكرًا.
إجابة الشيخ: بطبيعة الحال؛ هذا الحديث من الأحاديث القديمة التي كتبتها من قرابة عشرين سنة -أو أكثر- أنا والله لست مستوعبًا لطرق هذا الحديث، أحتاج إلى مراجعة، فلا أستطيع الحقيقة أن أقول الآن إن إسناد هذا الحديث كذا، أو إن الضعف يزول بكذا، هذا يحتاج إلى مراجعة تخريج الحديث، لعلي إن شاء الله تعالى أراجعه.
بارك الله فيكم جميعًا، نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا جميعًا العلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


  #3  
قديم 27 شعبان 1436هـ/14-06-2015م, 04:28 PM
هبة مجدي محمد علي هبة مجدي محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 656
افتراضي

جزاكم الله خيرا ، تم الحضور.
هل للدرس أسئلة؟

  #4  
قديم 27 شعبان 1436هـ/14-06-2015م, 05:21 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبة مجدي محمد علي مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا ، تم الحضور.
هل للدرس أسئلة؟
وإياكم..
بارك الله فيكِ السؤال مدرج في أول مشاركة.

  #5  
قديم 28 شعبان 1436هـ/15-06-2015م, 08:29 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

تم قراءة تفريغ المحاضرة ،جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم

  #6  
قديم 28 شعبان 1436هـ/15-06-2015م, 09:37 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
تم قراءة تفريغ المحاضرة ،جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم
بارك الله فيكِ
المطلوب الإجابة عن السؤال.
وفقك الله.

  #7  
قديم 29 شعبان 1436هـ/16-06-2015م, 09:26 AM
هبة مجدي محمد علي هبة مجدي محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 656
افتراضي

تم بفضل الله ، وهذا الرابط

http://afaqattaiseer.net/vb/showpost...1&postcount=55

  #8  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 01:48 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...8&postcount=39

  #9  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 10:36 AM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي

السلام عليكم
أين توضع إجابة المحاضرة؟

  #10  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 12:59 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

السلام عليكم
أين توضع إجابة المحاضرة؟

  #11  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 04:00 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هلال الجعدار مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
أين توضع إجابة المحاضرة؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
أين توضع إجابة المحاضرة؟
وعليكم السلام..
توضع الإجابة في صفحة دراسة أصول التفسير.

  #12  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 05:16 PM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي

جزاكم الله خير

  #13  
قديم 1 رمضان 1436هـ/17-06-2015م, 05:37 PM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي

السلام عليكم
هذا رابط إجابة الواجب.
http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?p=208832#post208832

  #14  
قديم 3 رمضان 1436هـ/19-06-2015م, 12:54 AM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا رابط إجابة سؤال المحاضرة
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...917#post208917

  #15  
قديم 4 رمضان 1436هـ/20-06-2015م, 04:09 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تم بفضل الله
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=55

  #16  
قديم 8 رمضان 1436هـ/24-06-2015م, 09:24 PM
حياة بنت أحمد حياة بنت أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 222
افتراضي

تم بفضل الله تعالى
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...297#post209297

  #17  
قديم 21 رمضان 1436هـ/7-07-2015م, 09:00 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...083#post210083
بفضل الله تم حل واجب محاضرة بلغة المفسر في هذا الرابط

  #18  
قديم 23 رمضان 1436هـ/9-07-2015م, 06:25 PM
ريم الحمدان ريم الحمدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...4&postcount=47
جزاكم الله خيراً

  #19  
قديم 28 رمضان 1436هـ/14-07-2015م, 12:55 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي تكليف المحاضرة

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...206#post210206

  #20  
قديم 2 شوال 1436هـ/18-07-2015م, 05:10 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

الحمدلله تم حل الواجب
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...258#post210258

جزى الله الاخوات اللاتي فرغن المحاضرة ويسرن لنا العلم كل خير ونفع بهن وجعلهن مباركات أينما كنا

  #21  
قديم 10 شوال 1436هـ/26-07-2015م, 09:51 PM
كمال بناوي كمال بناوي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
الدولة: ايطاليا
المشاركات: 2,169
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...1&postcount=47

  #22  
قديم 12 شوال 1436هـ/28-07-2015م, 05:36 AM
روان ابن الأمير روان ابن الأمير غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 213
افتراضي

تم بحمد الله
رابط الإجابة << #49

  #23  
قديم 20 شوال 1436هـ/5-08-2015م, 11:40 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي تم حضور الدرس والتلخيص

تم بحمد الله
http://afaqattaiseer.net/vb/showpost...6&postcount=48

  #24  
قديم 20 شوال 1436هـ/5-08-2015م, 06:33 PM
نبيلة الصفدي نبيلة الصفدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 508
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...t=23635&page=2
الرابط
وهناك بعض الملاحظات كتبتها أرجو الأطلاع عليها

  #25  
قديم 23 شوال 1436هـ/8-08-2015م, 07:45 AM
فاطمة بنت سالم فاطمة بنت سالم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 224
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...167#post212167

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفسّر, بُلْغة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir