الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية
اختلاف الناس في القراءات،وأنواعها،وأقسامها.
أ)اختلاف الناس في القراءات
*الحكمة من اختلاف الناس في القراءات.
*تفاضل حملة القرآن في حمله ونقله ،ومنازل في نقل حروفه.
*الآثار التي رويت في الأحكام.
*الآثار التي رويت في حروف القرآن.
*أصح القراءات سنداً وأفصحها في العربية.
*القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
*تعريف الشاذ لغة واصطلاحاً.
*حكم من بدل كلمة بمعناها.
*حكم من قراءة القراءات المختلفة في آي العشر الواحد.
*حكم من قرأ بالقراءة الشاذة.
أ:اختلاف الناس في القراءات:
*الحكمة من اختلاف الناس في القراءات
رويت الآثار باختلاف الناس في القراءات عن الصحابة والتابعين كما اختلفوا في الأحكام ،وذلك توسعة ورحمة للمسلمين وبعضها قريب من بعض.
*تفاضل حملة القرآن في حمله ونقله ،ومنازل في نقل حروفه:
1- المعرب العالم بوجوه الإعراب في القراءات، العارف باللغات ومعاني الكلام، البصير بعيب القراءة المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين".
2-الذي يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه.
3- الذي يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه،فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بنقله، وليس عنده إلا الأداء لما تعلم، لا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ ولا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده، فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا.
4- الذي يعرب قراءته ويبصر المعنى ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس في الآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعا.
*الآثار التي رويت في الأحكام:
1- السائر المعروف المجتمع عليه.
2-المتروك المكروه عند الناس ،المعيب من أخذ به، وإن كان روي عند الناس.
3- المتوهم فيه من رواه فضيع روايته ونسي سماعه لطول عهده، فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه وردوه على من حمله.
ولعل كثيرا ممن ترك حديثه واتهم في روايته كانت هذه علته، وإنما ينتقد ذلك أهل العلم بالأخبار والحلال والحرام والأحكام، وليس انتقاد ذلك إلى من لا يعرف الحديث ولا يبصر الرواية والاختلاف
*الآثار التي رويت في حروف القرآن:
2-الضعيف المعنى في الإعراب، غير أنه قد قرئ به.
3-ما توهم فيه فغلط به، فهو لحن غير جائز عند من لا يبصر من العربية غير اليسير.
4-اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا العالم النحرير.
القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول، فاقرءوا كما علمتموه،قاله
عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما من الصحابة، وعن ابن المنكدر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي من التابعين وأيضا قاله زيد،وهي القراءة التي كان عليها
الناس بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوليهم تلقيا، وقام بها في كل مصر من هذه الأمصار رجل ممن أخذ عن التابعين، اجتمعت الخاصة والعامة على قراءته وسلكوا فيها طريقه وتمسكوا بمذاهبه على ما روي ،وهي ما ثبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم نصاً أنه قرأه وأذن فيه علي ما صح عنه:(إن القرآن نزل علي سبعة أحرف)
هي القراءة التي جمعت في المصحف.قاله إسماعيل القاضي.
"القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه، هي التي يقرؤها الناس اليوم". قاله بن سيرين وعبيدة السلماني وأخرجه أبو عبيد وغيره وابن أبي شيبة
والدليل: قال محمد بن سيرين:
"نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين".
1- ثبوت النقل الصحيح بالنصوص عن النبي صلي الله عليه وسلم بالتواتر أو بخبر الآحاد.
2- أن يكون موافق لرسم المصحف.
3- أن يوافق وجهه من أوجه اللغة العربية.
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة.ذكر ذلك الشيخ المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد صنفه في معاني القراءات السبع،
ذكره أيضا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه "جمال القراء" في باب مراتب الأصول وغرائب الفصول.
-قراءة العامة: هي ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة،وربما اختاروا ما اجتمع عليه أهل الحرمين.
- ولعل مرادهم بموافقة خط المصحف ما يرجع إلى زيادة الكلم ونقصانها.
-ما يرجع إلى الهجاء وتصوير الحروف، فلا اعتبار بذلك في الرسم، فإنه مظنة الاختلاف، وأكثره اصطلاح، وقد خولف الرسم بالإجماع في مواضع من ذلك، كالصلاة والزكاة والحياة، فهي مرسومات بالواو ولم يقرأها أحد على لفظ الواو.
فليكتف في مثل ذلك بالأمرين الآخرين، وهما صحة النقل والفصاحة في لغة العرب.
*أصح القراءات سنداً وأفصحها في العربية:
قراءة عاصم ونافع ، وبعدهما في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي.
- القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
1-القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
-قد انتهت إلى السبعة القراء المقدم ذكرهم، واشتهر نقلها عنهم لتصديهم لذلك وإجماع الناس عليهم.
-إن من القراءات المعتبرة المنقولة عن السبعة القراء ما يطلق عليه أنه ضعيف وشاذ بخروجه عن الضابط المذكور باختلال بعض الأركان الثلاثة، ولهذا ترى كتب المصنفين في القراءات السبع مختلفة في ذلك، ففي بعضها ذكر ما سقط في غيرها، والصحيح بالاعتبار الذي ذكرناه موجود في جميعها إن شاء الله تعالى.
-لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة،وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا عمن تنسب إليه.
- القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.
-مما نسب إليهم فيه إنكار لأهل اللغة عليه مثل
الجمع بين الساكنين في تاءات البزي، وإدغام أبي عمرو، وقراءة حمزة "فما اسطاعوا" إلي غير ذلك من الأمثلة.وكل هذا محمول علي قلة ضبط الرواة فيه كما قاله ابن مجاهد ،وإن صح فيه النقل فهو من بقايا الأحرف السبعة التي كانت القراءة مباحة عليها ، وعلي ما هو جائز في العربية ،فصيحا كان أو دون ذلك.
قد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة.
نحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها.إن القراءات السبع المراد بها ما روي عن الأئمة السبعة القراء المشهورين، وذلك المروي عنهم منقسم إلى ما أجمع عليه عنهم لم يختلف فيه الطرق، وإلى ما اختلف فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق.
فالمصنفون لكتب القراءات يختلفون في ذلك اختلافا كثيرا
هل القراءات السبع المتواترة لأن القرآأنزل علي سبعة أحرف؟
هذا خطأ ، لأن الأحرف السبعة المراد بها غير القراءات السبع على ما سبق تقريره في الأبواب المتقدمة.
هل قراءة من لم يبسمل بين السورتين ينبغي أن تكون ضعيفة لمخالفتها الرسم.
لا، فإنه يبسمل إذا ابتدأ كل سورة، فهو يرى أن البسملة إنما رسمت في أوائل السور لذلك على أنا نقول الترجيح مع من بسمل مطلقا بين السورتين وعند الابتداء، وذلك على وفق مذهب إمامنا الشافعي رحمه الله.
لغة:يقال شذ الرجل يشذ ويشذ شذوذا، إذا انفرد عن القوم واعتزل عن جماعتهم.
اصطلاحاً:هو ماخالف شروط القراءة الصحيحة المعتبرة.وقال ابن جني "والقراءة الشاذة ما نقل قرآنا منغير تواتر واستفاضة،متلقاة بالقبول من الأمة".
-حكمة:" يجب اجتناب الشاذ واتباع القراءة المشهورة ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها".
وأيضا قال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم أو روى عن كل أحد أو روى كل ما سمع".
"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".
"علماء المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوما شذوا لا يعرج عليهم "
3-قد ذكر الإمام أبو بكر الشاشي في كتابه المسمى بالمستظهري نقلا عن القاضي الحسين وهو من كبار فقهاء الشافعية المراوزة: "إن الصلاة بالقراءة الشاذة لا تصح".
ثم قال أبو بكر: "هذا فيما يحيل المعنى عن المشهور، فإن لم يحل صحت".
4-وقال شيخ المالكية رحمه الله:
لا يجوز أن يقرأ بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها، عالما كان بالعربية أو جاهلا. وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها، وإن كان عالما أدب بشرطه، وإن أصر على ذلك أدب على إصراره وحبس إلى أن يرتدع عن ذلك".
*حكم من بدل كلمة بمعناها:
مثل"أتينا "بأعطينا و"سولت"بزينت ونحوه
-فليس هذا من الشواذ، وهو أشد تحريماً، والتأديب عليه أبلغ، والمنع منه أوجب".
*حكم من قراءة القراءات المختلفة في آي العشر الواحد.
-فالأولى أن لا يفعل، نعم، إن قرأ بقراءتين في موضع إحداهما مبنية على الأخرى، مثل أن يقرأ "نغفر لكم" بالنون و"خطيئاتكم" بالرفع، ومثل "إن تضل إحديهما" بالكسر "فتذكر إحديهما" بالنصب، فهذا أيضا ممتنع، وحكم المنع كما تقدم، والله أعلم".
رد المؤلف:المنع من هذا ظاهر، وأما ما ليس كذلك فلا منع منه، فإن الجميع جائز، والتخيير في هذا، وأكثر منه كان حاصلا بما ثبت من إنزال القرآن على سبعة أحرف توسعة على القراء، فلا ينبغي أن يضيق بالمنع من هذا ولا ضرر فيه، نعم، أكره ترداد الآية بقراءات مختلفة كما يفعله أهل زماننا في جميع القراءات لما فيه من الابتداع، ولم يرد فيه شيء عن المتقدمين. وقد بلغني كراهته عن بعض متصدري المغاربة المتأخرين، والله أعلم.
حكم من قرأ بالقراءة الشاذة :
-إذا قرأ بها الجاهل بالحكم علم.
-إذا كان عالماً عزر بالرفق والمدارة لأن له حرمة أهل القرآن.
- وإذا أصر حبس وضرب حتي يرتدع.
-كما فعل في ابن شنبوذ يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويتتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس،وقبض عليهالوزير بن مقله وناظرة ثم عاقبه وضربه حتي تاب عن فعلته
قاله إسماعيل الخطبي في كتاب التاريخ.