دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > الرسائل التفسيرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الآخرة 1436هـ/11-04-2015م, 03:00 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير الباقيات الصالحات للحافظ العلائي

تفسير الباقيات الصالحات

للحافظ الفقيه صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائي (ت:761هـ)




ترجمة المؤلف:
هو الفقيه المحدّث صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي الشافعي، عالم بيت المقدس في زمانه، ولد سنة 694هـ، وتوفّي سنة 761هـ.
قال عنه الذهبي: (حافظ يستحضر الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم).
وقال عنه الحسيني: (كان إماما في الفقه والأصول والنحو مفننا في علوم الحديث وفنونه علامة فيه عارفا بالرجال علامة في المتون والأسانيد ولم يخلف بعده مثله).
- له مصنّفات تدلّ على براعته وحسن فهمه وجودته تحصيله وخصوصا في الحديث والأصول، ومن أجلّ كتبه وأشهرها كتاب "جامع التحصيل في أحكام المراسيل"
ومن كتبه المطبوعة: "جزء في تفسير الباقيات الصالحات" وهي هذه الرسالة، وكتاب المختلطين، وإثارة الفوائد، وتحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة، وبغية الملتمس في سباعيَّات حديثِ الإمام مالكِ بنِ أنس،
والمسلسلات المختصرة المقدمة أمام المجالس المبتكرة، والتنبيهات المجملة على المواضع المشكلة، والنقد الصحيح لما اعترض من أحاديث المصابيح، والفصول المفيدة في الواو المزيدة، وتحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، وإجمال الإصابة في أقوال الصحابة.
فيستفاد مما كتبه في الحديث والفقه والتفسير وعلوم اللغة ويتجنّب ما أخطأ فيه في مسائل الاعتقاد؛ فقد كان أشعرياً، رحمه الله وعفا عنه.
قال الحافظ العلائي رحمه الله(ت:761هـ) :(
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه وسلامٌ على عباده الّذين اصطفى وحسبنا اللّه وكفى.
قال اللّه سبحانه وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربك ثوابًا وخير أملا} ذكر أهل التّفسير أنّ هذه الآية نزلت في عيينة بن حصن والأقرع بن حابسٍ وأشباههما من رؤساء العرب الّذين قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لو أبعدت هؤلاء عن نفسك لجالسناك. يعنون فقراء المؤمنين مثل عمار وبلالا وصهيبًا وسلمان الفارسيّ وأمثالهم رضي اللّه عنهم وقالوا: إنّ ريحهم يؤذينا.
فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} الآية وما بعدها في ذكر عاقبة الظّالمين والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ليبيّن به مآل هؤلاء الّذين تكبّروا على الفقراء وحسن عاقبة المؤمنين.
ثمّ أتبع سبحانه وتعالى ذلك بقصّة الرّجلين والجنّتين اللّتين لأحدهما وما أصابهما من إذهاب اللّه سبحانه لهما وحسن عاقبة المؤمن يوم القيامة بقوله تعالى: {الولاية للّه الحقّ} ثمّ أتبع سبحانه ذلك بذكر المثل للحياة الدّنيا والحصول منها على غير طائلٍ ثمّ بين أن الّذي يفتخرون به هؤلاء على الفقراء إنّما هو المال والبنون وذلك من زينة الحياة الدّنيا الّتي لا بقاء لها ولا دوام وأن الّذي أعطوا هؤلاء المؤمنين من الأعمال الباقيات الصّالحات هي الّتي ينبغي أن ينافس عليها ويرغب فيها لبقائها والنّفع بها.
وهذا اتساق في النّظم مناسب لكن اتّفق العلماء على أنّ هذه السّورة مكّيّة وإنّما كان مجيء عيينة بن حصن والأقرع بن حابسٍ والمؤلّفة قلوبهم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وخطابهم له بالمدينة هذا ما لا ريب فيه.
فالظّاهر واللّه أعلم أنّ هذه الآيات نزلت في عظماء المشركين من أهل مكّة الّذين عابوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ملازمة الفقراء المؤمنين له كصهيبٍ وبلالٍ رضي اللّه عنهم وقالوا له: اطرد هؤلاء عنك حتّى نأتيك لا في عيينة والأقرع، أو تكون هذه الآيات مدنيةً. والأوّل أقرب وأصحّ لاتّفاقهم على كون السّورة مكّيّةٍ وعلى كلا التّقديرين فالمناسبة بين هذه وبين ما قبلها ظاهرةٌ
وقوله سبحانه وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا} لفظه وإن كان لفظ الخبر لكنّ معه قرينة الضّعة للمال والبنين وتحقير أمر الدّنيا فيدلّ بفحواه على النّهي عن اختيارها وإيثارها والمفاخرة بها
وزينةٌ: مصدرٌ وقد أخبر به عن أشخاصٍ فإمّا أن يكون على حذف مضافٍ تقديره مقرّ زينة الحياة الدّنيا وما أشبه ذلكوإمّا أن يكون وضع المال والبنين بمنزلة الغنى والكثرة.
ثمّ أخبر سبحانه وتعالى: أنّ الباقيات الصّالحات خيرٌ عنده ثوابًا وأملا وانتصابهما على التّمييز أي صاحبها ينتظر الثّواب وينبسط أمله على حال خيرٍ من حال ذي المال والبنين دون عملٍ صالحٍ.
وهذا على عادة تخاطب العرب فإنّهم يقولون في الشّيئين: هذا خيرٌ من هذا وإن لم يكن في الثّاني شيءٌ من الخيريّة كما في قوله تعالى أيضًا: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خير مستقرًّا} ومعلومٌ أنّه لا خير في مستقرّ أصحاب النّار
وقد اختلف أهل التّفسير في المراد بالباقيات الصّالحات هنا وفي سورة مريم أيضًا.
فقالت طائفةٌ: هي الصّلوات الخمس.
رواه سفيان الثّوريّ عن عبد اللّه بن مسلمٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ وعبد اللّه بن يزيد بن هرمز عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عبّاسٍ أيضًا.
وقاله عمرو بن شرحبيل وإبراهيم النّخعيّ وأبو ميسرة
وكذلك قال مسروقٌ وابن أبي مليكة.
وقال جمهور العلماء: هي قول: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر"
رواه جماعةٌ عن أبي عقيلٍ زهرة بن معبدٍ عن الحارث مولى عثمان عن عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- وصحّ ذلك عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما من وجوهٍ عدّةٍ:
رواه سفيان الثّوريّ أيضًا عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ.
وعبد اللّه بن إدريس وزائدة عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ.
وهذا أصحّ ما روي عنه من الأسانيد فيه.
وروى حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ أخبرني عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ عن نافع بن سرجس أنّه سأل ابن عمر -رضي اللّه عنهما- عن الباقيات الصّالحات فقال: "لا إله إلا اللّه واللّه أكبر وسبحان اللّه والحمد للّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه" قال ابن جريجٍ وقال عطاء بن أبي رباحٍ مثل ذلك.
وهذا هو قول سعيد بن المسيّب وسالمٍ ومجاهدٍ ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ والحسن وقتادة وجمهور أهل التّفسير.
وقال آخرون: هي الكلام الطّيّب وهو راجعٌ إلى القول الّذي قبله لأنّ قول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر من الكلام الطّيّب لكنّه أعمّ منه من جهة عدم قصره على هذه الكلمات بل يدخل فيه تلاوة القرآن وبقيّة الأذكار.
وهذا القول روي أيضًا عن ابن عبّاسٍ.
وقالت طائفةٌ: هي الأعمال الصّالحة كلّها من الأقوال والأفعال.
رواه ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عبّاس .
ورواه معاوية ابن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قال في قوله تعالى: {والباقيات الصّالحات}، قال: هي ذكر اللّه قول: لا إله إلا اللّه واللّه أكبر وسبحان اللّه والحمد للّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه وتبارك اللّه وأستغفر اللّه وصلّى اللّه على رسول اللّه والصّيام والصّلاة والحجّ والصّدقة والعتق والجهاد والصّلة وجميع أعمال الحسنات وهنّ الباقيات الصّالحات الّتي تبقى لأهلها في الجنّة ما دامت السّماوات والأرض.
وقاله ابن زيدٍ أيضًا.
وهذا القول رجّحه ابن جريرٍ الطّبريّ واختاره ابن عطيّة وغيره حملا للفظ على العموم ووجهه ظاهر لأنّه متى أمكن حمل لفظ القرآن على العموم كان أكثر فائدةً فكان أولى لكنّ هذا إذا لم يرد ما يمنع من ذلك وقد ورد هنا تفسيرٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ثابتٌ عنه يدلّ على القول الثّاني.
أخبرناه أبو محمّدٍ عيسى بن عبد الرّحمن المقدسيّ بقراءتي قال: أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الواحد الحافظ أنا القاسم بن عبد اللّه الصّفّار أنا جدّي عمر بن أحمد بن منصورٍ أنا أحمد بن خلفٍ الشّيرازيّ أنا محمّد بن عبد اللّه الحافظ ثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ ثنا يحيى بن يحيى ثنا أبو عمر حفص بن عمر ثنا عبد العزيز بن مسلمٍ ثنا محمّد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (خذوا جنّتكم) قلنا: يا رسول اللّه من عدوٍّ حضر؟ قال: (لا بل جنّتكم من النّار قول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر فإنّها تأتي يوم القيامة منجياتٍ ومقدّماتٍ وهنّ الباقيات الصّالحات)
وأخبرناه أعلى من هذا بدرجةٍ إبراهيم بن محمّدٍ الطّبريّ أنا عليّ بن الجميزيّ أنا أبو طاهرٍ السّلفيّ أنا أحمد بن أشتعة ثنا أبو سعيدٍ النّقّاش أنا أبو بكرٍ القطيعي ثنا إسحاق بن الحسن الحري ثنا أبو عمر الضّرير وهو حفص بن عمر فذكره.
كذا أخرجه الحاكم في المستدرك وقال فيه: صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه.
قلت: وفيما قاله نظرٌ لأنّ مسلمًا لم يخرّج لابن عجلان شيئًا في الأصول إنّما أخرج له في الشّواهد ثلاثة عشر حديثًا وقد بيّنهما الحاكم في المدخل إلى الصّحيح له وقد تكلّم في حفظه ولكنّ حديثه لا ينزل عن درجة الحسن.
والحديث أخرجه النّسائيّ أيضًا في اليوم واللّيلة عن إبراهيم بن يعقوب عن حفص بن عمر الحوضيّ به.
ورواه أبو نصرٍ التّمّار عن عبد العزيز بن مسلمٍ عن محمّد بن عجلان عن سعيدٍ المقبريّ عن أبيه عن أبي هريرة وذلك لا يضرّ لأنّ أبا سعيدٍ المقبريّ ثقةٌ من رجال الصّحيحين فلا يزيد الحديث إلا قوّةً ثمّ إنّ الحديث له شاهدٌ رواه ابن جريرٍ الطّبريّ في تفسيره قال: حدّثني يونس بن عبد الأعلى أنا ابن وهبٍ أنا عمرو بن الحارث أنّ درّاجًا أبا السّمح حدّثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (استكثروا من الباقيات الصّالحات)، قيل: وما هنّ يا رسول اللّه قال: (الملّة)، قيل: وما هي يا رسول اللّه؟ قال: (التّكبير والتّهليل والتّسبيح والحمد ولا حول ولا قوّة إلا باللّه)
أخبرتناه عائشة بنت محمّد بن المسلم وغيرها قالت: أنا عبد الرّحمن بن أبي الفهم أنا يحيى بن أسعد بن بوش أنا عبد القادر بن محمّد بن يوسف أنا عبد العزيز بن عليٍّ الأزجيّ أنا الحسن بن جعفرٍ الحرفيّ ثنا جعفر بن محمّد الفيرابي ثنا أحمد بن عيسى ثنا ابن وهبٍ فذكره كما تقدّم سواءٌ وأخبرناه أيضًا محمّد بن أبي الهيجاء وغيره قالوا: أنا يوسف بن قزعليٍّ سبط ابن الجوزيّ الواعظ أنا جدّي العلامة أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليٍّ أنا عليّ بن عبد الواحد الدّينوريّ أنا الحسن بن عليٍّ الجوهريّ ثنا عليّ بن محمّد بن كيسان النّحويّ أنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد اللّه بن وهبٍ فذكره وقال فيه: المسألة بدل الملّة.
وأخرجه النّسائيّ أيضًا في اليوم واللّيلة عن أبي الطّاهر ابن السّرح عن ابن وهبٍودرّاجٌ هذا احتجّ به أصحاب السّنن ووثّقه بعضهم وقال فيه أحمد بن حنبلٍ: أحاديثه مناكير
قلت: لكن يصلح حديثه للمتابعات والشّواهد ويقوى به حديث ابن عجلان المتقدّم ولعلّه ينتهي إلى درجة الصّحّة إن شاء اللّه.
وإذا ثبت هذا الحديث فهو أولى ما رجع إليه تفسير الباقيات الصّالحات مع ما ثبت فيه عن عثمان وابن عبّاسٍ وغيرهما من الصّحابة رضي اللّه عنهم.
وقد أجاب ابن جريرٍ عن هذا الحديث بأنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- لم يقل هنّ جميع الباقيات الصّالحات ولا كلّ الباقيات الصّالحات قال: وذلك جائزٌ أن تكون هذه باقياتٍ صالحاتٍ وغيرها من أعمال الخير باقياتٌ صالحاتٌ.
وهذا الجواب يعارضه مفهوم الحصر بين المبتدأ والخبر مع ما تقتضيه الألف واللام والدّلالة على العهد في قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (هنّ الباقيات الصّالحات) لكنّ المفهوم من حصر الخبر في المبتدأ أقوى منه كما لو قال صلّى اللّه عليه وسلّم: (الباقيات الصّالحات هنّ) ومع ذلك فمفهوم حصر المبتدأ في الخبر قويٌّ هنا من جهة التّعريف المذكور ولا يخرج عنه إلا بدليلٍ يعارضه ولم يوجد.
وأمّا ما أشار إليه ابن عطيّة من التّرجيح برواته كلّ هذه الأقوال عن ابن عبّاسٍ فإنّه يدلّ على فهمه العموم في حمل الباقيات الصّالحات فجوابه أنّ أصحّ الطّرق فيه عن ابن عبّاسٍ كما تقدّم رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ فهذه على شرط مسلمٍ.
وأمّا رواية عبد اللّه بن مسلم بن هرمز فقد ضعّفه يحيى بن معينٍ.
ورواية عطاءٍ الخراسانيّ كذلك أيضًا لأنّه متكلّمٌ فيه قال: فيه ابن حبّان رديء الحفظ يخطئ.
وأمّا طريق عليّ بن أبي طلحة فإنّها مرسلةٌ لأنّه لم يلق ابن عبّاسٍ بل أرسل عنه التّفسير فقيل: سمعه من مجاهدٍ عنه وقيل: من غيره على أنّ عليّ بن أبي طلحة قال فيه أحمد: له أشياء منكراتٌ فتبيّن أنّ أصحّ الطّرق فيه عن ابن عبّاسٍ هو الموافق للحديث ويترجّح ذلك أيضًا بقول عثمان وابن عمر رضي اللّه عنهم وجمهور المفسّرين واللّه أعلم
وقد ورد في فضل هذه الكلمات أيضًا أحاديث كثيرةٌ منها ما أخبرنا عيسى بن عبد الرّحمن المقدسي وأبو بكر بن أحمد ابن عبد الدّائم قالا: أنا محمّد بن إبراهيم الإربليّ أنا يحيى بن ثابتٍ البقّال أنا طراد بن محمّدٍ الزّينبيّ أنا عليّ بن محمّد بن بشران أنا محمّد بن عمر بن البحيريّ ثنا أحمد يعني ابن الوليد الفحّام.
(ح) وأخبرنا أحمد بن محمّد بن أبي القاسم الأيميّ أنا محمّد بن عبد الواحد الحافظ أنا محمّد بن أحمد بن نصر أنا الحسن بن أحمد المقرئ حظورا أنا أحمد بن عبد اللّه الحافظ ثنا سليمان بن أحمد الطّبرانيّ ثنا حفص بن عمر الرّقّيّ قالا: ثنا أبو معمرٍ المقعد:
(ح) قال الطّبرانيّ: وثنا الحسين بن إسحاق ثنا يحيى الحمّانيّ قالا: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا محمد بن جحادة عن منصورٍ عن عمارة بن عميرٍ عن الرّبيع بن عميلة عن سمرة بن جندبٍ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أحبّ الكلام إلى اللّه أربعٌ سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر لا يضرّك بأيّهنّ بدأت لفظهما واحدٌ)
أخرجه النّسائيّ في اليوم واللّيلة عن الحسين بن عيسى عن عبد الصّمد بن عبد الوارث عن أبيه به.
ورواه مسلمٌ من حديث جرير بن عبد الحميد ومعتمر بن سليمان كلاهما عن الرّكين بن الرّبيع بن عميلة عن أبيه به.
وأخرجه مسلمٌ أيضًا عن بندارٍ وأبي موسى عن غندرٍ عن شعبة عن منصورٍ عن هلال بن يسافٍ عن الرّبيع بن عميلة به.
وكذلك رواه النّسائيّ أيضًا من هذا الوجه.
وقد رواه سلمة بن كهيلٍ عن هلال بن يسافٍ عن سمرة من غير ذكر الرّبيع بن عميلة بينهما وقد وقع لنا من طريقه عاليًا.
أخبرناه الزّاهد أبو إسحاق إبراهيم بن محمّدٍ الطّبريّ الإمام أنا عليّ بن هبة اللّه اللّخميّ أنا يحيى بن يوسف السّقلاطونيّ أنا ثابت بن بندارٍ البقّال أنا الحسن بن أحمد بن شاذان ثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ثنا عبد الملك بن محمّدٍ ثنا بشر بن عمر وعبد الصّمد في آخرين قالوا: ثنا شعبة.
(ح) وأخبرنا شيخنا أبو الفضل سليمان بن حمزة الحاكم بقراءتي عن محمود بن إبراهيم بن منده أنا أحمد بن محمّد بن أحمد الفسيح أنا عبد عبد الوهّاب بن محمّد بن إسحاق ثنا جعفر بن محمّد بن عاصمٍ أنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل ثنا أسيد بن عاصمٍ ثنا الحسين بن حفصٍ ثنا سفيان الثّوريّ كلاهما عن سلمة بن كهيلٍ عن هلال بن يسافٍ عن سمرة بن جندبٍ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أربعٌ من أطيب الكلام إلا القرآن وهنّ من القرآن لا يضرّك بأيّهنّ بدأت سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر)
هذا لفظ شعبة وقال سفيان: أفضل الكلام أربعٌ لا يضرّك بأيّهنّ بدأت فذكرها.
رواه النّسائيّ في اليوم واللّيلة عن بندارٍ عن غندرٍ عن شعبة به.
وأخرجه ابن ماجه عن حفص بن عمرٍو عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ عن سفيان الثّوريّ به.
والظّاهر واللّه أعلم أنّ رواية مسلمٍ بزيادة الرّبيع بن عميلة بينهما أصحّ.
وقد رواه غير سمرة عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-.
أخبرناه سليمان بن حمزة ومحمّد بن عليّ بن البالسيّ والقاسم بن مظفّر بن عساكر قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهّاب الأوّل سماعًا والآخران حضورًا قالت: أنبأنا محمّد بن محمّد بن غبرة الكوفيّ أنّ محمّد بن أحمد بن علان أخبرهم ثنا القاضي محمّد بن عبد اللّه الجعفيّ ثنا محمّد بن جعفر الأسجعي ثنا عليّ بن المنذر الطّريفيّ ثنا محمّد بن فضيل بن غزوان ثنا الأعمش عن أبي صالحٍ عن بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ أحبّ الكلام إلى اللّه أربعٌ لا يضرّك بأيّهنّ بدأت سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر) أخرجه النّسائيّ عن عليّ بن المنذر هذا فوقع موافقةً له عاليةً.
وأخبرناه متّصلا محمّد بن عبد الرّحيم القرشيّ أنا عبد الوهّاب بن ظاهرٍ الأزديّ أنا أحمد بن محمّدٍ الحافظ السّلفيّ أنا محمّد بن عبد السّلام الأنصاريّ أنا الحسن بن محمّد بن شاذان أنا عليّ بن عبد الرّحمن بن ماتي ثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسيّ ثنا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش عن أبي صالحٍ عن بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أفضل الكلام سبحان اللّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر والحمد للّه) قال: وقال أبو صالحٍ عن بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا قال العبد: سبحان اللّه قالت الملائكة: الحمد للّه وإذا قال: لا إله إلا اللّه قالت الملائكة: اللّه أكبر وإذا قال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر قالت الملائكة: يرحمك اللّه
ورواه أبو معاوية الضّرير عن الأعمش فسمّى الصّحابيّ لكنّه غيّر المتن
أخبرناه سليمان بن حمزة وعيسى بن معالي وأبو بكر بن أحمد ويحيى بن محمّد بن سعدٍ المقدسيّون قالوا: أخبرنا جعفر بن عليّ المقري أنا أحمد بن محمّدٍ السّلفيّ أنا عبد الرّحمن بن عمر السّمنانيّ أنا الحسن بن أحمد بن شاذان أنا أحمد بن عثمان الآدميّ ثنا أحمد بن عبد الجبّار العطارديّ ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لأن أقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس) رواه مسلمٌ والتّرمذيّ عن أبي كريبٍ ومسلمٌ أيضًا عن أبي بكر بن أبي شيبة والنّسائيّ عن أحمد بن حربٍ ثلاثتهم عن أبي معاوية به فوقع لنا بدلا عاليًا.
أخبرنا أبو نصرٍ محمّد بن محمّد بن محمّد بن الشّيرازيّ بقراءتي عن الزّاهد أبي حفصٍ عمر بن محمّدٍ السّهرورديّ أنا هبة اللّه بن أحمد الشّبليّ أنا طراد بن محمّدٍ النّقيب أنا عليّ بن محمّد بن بشران أنا الحسين بن صفوان ثنا عبد اللّه بن محمّدٍ القرشيّ حدّثني عبد اللّه بن الصّبّاح ثنا أبو عامرٍ ثنا إسرائيل.
(ح) وأخبرنا أبو الرّبيع بن قدامة الحاكم بقراءتي عن عمر بن كرمٍ الزّاهد الدّينوريّ قال: أنا عبد الأوّل بن عيسى أنا عبد الوهّاب بن أحمد الثّقفيّ أنا محمّد بن عبد اللّه بن باكويه ثنا أحمد بن جعفرٍ ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ قال: حدّثني أبي ثنا عبد الرازق أنا إسرائيل عن أبي سنانٍ عن أبي صالحٍ الحنفيّ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه وعن أبي سعيدٍ الخدريّ أيضًا رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (إنّ اللّه تبارك وتعالى اصطفى من الكلام أربعًا سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر فمن قال: سبحان اللّه كتبت له عشرون حسنةً وحطّت عنه عشرون سيّئةً ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك ومن قال: لا إله إلّا الله فمثل ذلك ومن قال: الحمد للّه ربّ العالمين من قبل نفسه كتب له بها ثلاثون حسنةً وحطّ عنه ثلاثون سيّئةً).
أخرجه النّسائيّ في اليوم واللّيلة عن عمرو بن عليٍّ عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ عن إسرائيل به وأبو سنانٍ اسمه ضرار بن مرّة وأبو صالحٍ اسمه عبد الرّحمن بن قيسٍ ويقال: اسمه ماهان ثقةٌ
وأخبرنا أبو نصر بن الشّيرازيّ بإسناده المتقدّم إلى عبد اللّه القرشي قال: ثنا القاسم بن هاشمٍ حدّثني حرميّ بن حفصٍ ثنا عبيد بن مهران قال: سمعت الحسن يحدّث عن عمران بن حصينٍ رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (أما يستطيع أحدكم أن يعمل كلّ يومٍ عملا مثل أحدٍ) قالوا: يا رسول اللّه ومن يستطيع أن يعمل كلّ يومٍ عملا مثل أحدٍ قال: (كلّكم يستطيعه) قالوا: ماذا قال: (سبحان اللّه أعظم من أحدٍ ولا إله إلا اللّه أعظم من أحدٍ واللّه أكبر أعظم من أحدٍ والحمد للّه أعظم من أحدٍ) رواه النّسائيّ في اليوم واللّيلة أيضًا عن عمرو بن منصورٍ عن حرميّ بن حفصٍ به ورجاله ثقاتٌ.
أخبرنا عليّ بن محمّد بن ممدودٍ الصّوفيّ أخبرنا محمّد بن عليّ بن الهني ببغداد أنا عبد العزيز بن محمودٍ الحافظ بن الأخضر أنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخيّ.
(ح) قال شيخنا: وأنبأنا عبد الخالق بن أنجب المعمّر عن الكروخيّ هذا أنا محمود بن القاسم الأزديّ وغيره قالوا: أنا عبد الجبّار بن محمّدٍ أنا محمّد بن أحمد بن محبوبٍ أنا محمّد بن عيسى التّرمذيّثنا عبد الله بن أبي زياد عبد الواحد ثنا سيّارٌ ثنا عبد الواحد بن زيادٍ عن عبد الرّحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرّحمن عن أبيه عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لقيت إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام ليلة أسري بي فقال: يا محمّد أقرئ أمّتك منّي السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبة التّربة عذبة الماء وأنّها قيعانٌ وأنّ غراسها سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر)
قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ
قلت: القيعان جمع قاعٍ وهو المكان المستوي الفسيح في وطأةٍ من الأرض يعلوه ماء السّماء فيمسكه ويستوي نباته والمراد واللّه أعلم أنّها ينمو غراسها سريعًا بهذه الكلمات كما ينمو غراس القيعان من الأرض ونبتها
وبه إلى التّرمذيّ قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا زيد بن الحباب أنّ حميدًا المكّيّ مولى ابن علقمة حدثه أن عطاء ابن أبي رباحٍ حدّثه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا قال: قلت: يا رسول اللّه وما رياض الجنّة قال: المساجد قلت: وما المرتع يا رسول اللّه؟ قال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر)
وبه قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ غريبٌ
وبه قال: حدّثنا محمّد بن وزيرٍ الواسطيّ ثنا أبو سفيان الحميريّ عن الضّحّاك بن حمرة عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدّه رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (من سبّح اللّه مائةً بالغداة مائة بالعشيّ كان كمن حجّ مائة حجّةٍ، ومن حمد الله مائة بالغداة مائة بالعشيّ كان كمن حمل على مائة فرسٍ في سبيل اللّه) أو قال: (غزا مائة غزوة، ومن هلل مائة بالغداة مائة بالعشيّ كان كمن أعتق مائة رقبةٍ من ولد إسماعيل، ومن كبّر اللّه مائةً بالغداة مائة بالعشيّ لم يأت في ذلك اليوم أحدٌ بأكثر ممّا أتى إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال)
وبه قال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
قلت: الضّحّاك بن حمرة قال فيه النّسائيّ: ليس بثقةٍ.
وأبو سفيان الحميريّ: ضعّفه ابن سعدٍ لكن احتجّ به البخاريّ.
أخبرنا القاسم بن مظفّرٍ الدّمشقيّ بقراءتي عن أبي الفتوح محمّد بن محمّد بن أبي المعالي الوثّابيّ أنا جدّي أبو المعالي الحسن بن محمّدٍ البكريّ أنا طراد بن محمّدٍ الزّينبيّ أنا عليّ بن محمّدٍ السّكّريّ أنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا القرشيّ ثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا الأحوص بن جوّابٍ ثنا عمّار بن زريقٍ عن فطرٍ عن القاسم بن أبي بزّة عن عطاءٍ الخراسانيّ عن حمران عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (من قال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر كتب له بكلّ حرفٍ عشر حسنات)
رواه النّسائيّ في اليوم واللّيلة عن أبي بكر بن إسحاق هذا وهو الصّاغانيّ فوافقناه فيهوحمران هذا مولى العبلات لا بأس به.
وقد رواه النّسائيّ أيضًا من حديث إبراهيم بن طهمان عن عطاءٍ الخراسانيّ عن نافعٍ عن ابن عمر من قوله وهذه علّةٌ في الحديث.
وبه إلى ابن أبي الدّنيا ثنا هارون بن سفيان ثنا عمّار بن عثمان الحلبيّ ثنا جعفر بن سليمان ثنا ثابتٌ عن أنسٍ رضي اللّه عنه قال: جاء رجلٌ بدويٌّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه علّمني خيرًا.
قال: (قل: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر) قال: وعقد بيده أربعًا ثمّ ذهب فقال: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ثمّ رجع فلمّا رآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبسّم وقال: يفكّر البائس فقال: يا رسول اللّه سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر هذا كلّه للّه فما لي؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إذا قلت: سبحان اللّه قال اللّه: صدقت وإذا قلت: الحمد للّه قال اللّه: صدقت وإذا قلت: لا إله إلا اللّه قال اللّه: صدقت وإذا قلت: اللّه أكبر قال اللّه: صدقت فتقول: اللّهمّ اغفر لي فيقول اللّه: قد فعلت وتقول: اللّهمّ ارحمني فيقول اللّه: قد فعلت وتقول: اللّهمّ ارزقني فيقول اللّه: قد فعلت قال: فعقد الأعرابيّ سبعًا في يديه)
فصلٌ :
ذكر الشّيخ الإمام عزّ الدّين بن عبد السّلام رحمه اللّه في أثناء كلامه له إنّ أسماء اللّه تبارك وتعالى كلّها مندرجةٌ في هذه الكلمات الأربع الباقيات الصّالحات ثمّ بيّن رحمه اللّه ذلك بأن قال: سبحان اللّه معناه التّنزيه والسّلب أي نسلب كلّ نقصٍ وعيبٍ عن اللّه عزّ وجلّ فيندرج تحته ما كان من الأسماء سلبًا كالقدّوس وهو الطّاهر من كلّ عيبٍ والسّلام وهو السّلام من كلّ آفةٍ، والحمد للّه مشتملةٌ على ضروب الكمال لذاته وصفاته فيدخل تحتها كلّ اسم إثبات كالعليم والقدير والسميع البصير، فنفينا بسبحان اللّه كلّ عيبٍ عقلناه وكلّ نقصٍ فهمناه وأثبتنا بالحمد للّه كلّ كمالٍ عرفناه وكلّ جلالٍ أدركناه ووراء ذلك كلّه تبيانٌ عظيمٌ غاب عنّا وجهلناه فنحقّقه إجمالا بقول: اللّه أكبر لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك فيدخل فيه كلّ اسمٍ تضمّن ذلك كالأعلى والمتعالي فإذا كان في الوجود من هذا شأنه نفينا أن يكون في الوجود من يشاكله ويناظره فحقّقنا ذلك بقولنا: لا إله إلا اللّه فيدخل فيه من أسمائه ما تضمّن ذلك كالواحد والأحد وذي الجلال والإكرام)
هذه خلاصة ما ذكره الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام رحمه اللّه وبه يظهر سرّ فضل هذه الكلمات وكونها الباقيات الصّالحات.
وقد تقدّم في حديث أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه إضافة لا حول ولا قوّة إلا باللّه إليها وكذلك ذكرها عثمان -رضي اللّه عنه- في تفسيره لها أعني الباقيات الصّالحات كما تقدّم ومعناها اختصاص الرّبّ سبحانه وتعالى بالمشيئة والقدرة وسلب العبد عن كلّ اختيارٍ وتصرف إلّا بمشيئته سبحانه تعالى في مشيئته على نهاية التّفويض وخالصه ولهذا جعلها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من كنوز الجنّة في الحديث الّذي أخبرناه عليّ بن يحيى بن عليٍّ المعدّل أنا أحمد بن المفرّج الأمويّ سماعًا.
(ح) وأخبرنا محمّد بن محمّد بن مميلٍ المزّيّ بها عن أبي محمّدٍ الحسن بن عليّ بن المرتضى العلويّ قالا:
أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق، قال الأموي: إذنا قال: أخبرنا عاصم بن الحسن العاصميّ أنا عبد الواحد بن محمّد بن مهديٍّ ثنا الحسين بن إسماعيل المحامليّ ثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ ثنا أبو معاوية الضّرير ثنا عاصمٌ الأحول عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي اللّه عنه قال: كنّا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في سفرٍ فقال: (يا عبد اللّه بن قيسٍ ألا أدلّك على كلمةٍ من كنز الجنّة؟) قال: قلت: بلى قال: (لا حول ولا قوّة إلا باللّه)اتّفق الأئمّة السّتّة عليه من عدّة طرقٍ أطول من هذا وفيه قصّةٌ ومنها رواية مسلمٍ عن أبي بكر بن أبي شيبة والنّسائيّ عن أحمد بن حربٍ كلاهما عن أبي معاوية الضّرير به فوقع لنا بدلا لهما عاليًا.
وبه إلى المحامليّ قال: ثنا العبّاس بن عبد اللّه ثنا محمّد بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبد الرّحمن ابن أبي ليلى، عن أبي ذرٍّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا حول ولا قوّة إلا باللّه كنزٌ من كنوز الجنّة) رواه النّسائيّ وابن ماجه من حديث يحيى القطّان ووكيع بن الجرّاح كلاهما عن الثّوريّ وإسناده صحيحٌ
وقد رواه عن أبي ذرٍّ أيضًا عبد الرّحمن بن غنمٍ وبشير بن كعبٍ وأبو زينب مولى حازمٍ الغفاريّ من طرقٍ.
وروي أيضًا من حديث سعد بن أبي وقّاصٍ ومعاذ بن جبلٍ وزيد بن ثابتٍ وأبي أيّوب الأنصاريّ رضي اللّه عنهم وغيرهم عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- من طرقٍ تركت ذكرها خوف الإطالة
ولعظم موقع هذه الباقيات الصّالحات جعلها النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن القرآن العزيز في حقّ من لا يحسنه كما أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن يوسف المقرئ وأبو محمّدٍ عيسى بن عبد الرّحمن بن معالي المطعم قالا: أنا عبد اللّه بن عمر الحريميّ أنا عبد الأوّل بن عيسى الصّوفيّ أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفّر أنا عبد اللّه بن أحمد بن حمّويه السّرخسيّ أنا إبراهيم بن خزيمٍ ثنا عبد بن حميدٍ ثنا أبو نعيمٍ أنا سفيان عن أبي خالدٍ الواسطيّ عن إبراهيم وليس بالنّخعيّ عن ابن أبي أوفى رضي اللّه عنهما قال:جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّي لا أستطيع أن أتعلّم القرآن فعلّمني شيئًا يجزيني قال: (تقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوّة إلا باللّه) فقال الأعرابيّ: هكذا وقبض يديه فقال: هذا للّه فما لي؟ قال: (تقول: اللّهمّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني) فأخذها الأعرابيّ وقبض كفّيه فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (أمّا هذا فقد ملأ يديه بالخير)
أخرجه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن وكيعٍ عن الثّوريّ به ورواه النّسائيّ من حديث مسعرٍ عن إبراهيم السكسكي عن أبي أوفى به وقال: إبراهيم السّكسكيّ ليس بالقويّ
قلت: وهو راويه في هذا السّند أيضًا وهو إبراهيم بن عبد الرّحمن السّكسكيّ احتجّ به البخاريّ والحديث صحّحه الدّار قطنيّ وغيره.
وقد روي من حديث سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه أيضًا.
أخبرناه محمّد بن أحمد الزّرّاد وغيره أنا يوسف ابن بنت الجوزيّ قال: أنا جدّي الإمام أبو الفرج عبد الرّحمن بن الجوزيّ أنا عليّ بن عبد الواحد أنا الحسن بن عليٍّ أنا عليّ بن كيسان النّحويّ ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمّد بن أبي بكرٍ ثنا عمر بن عليٍّ ثنا موسى الجهنيّ عن مصعب بن سعد ابن أبي وقّاصٍ عن أبيه رضي اللّه عنه قال: جاء أعرابيٌّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: علّمني كلامًا أقوله؟ قال: (قل: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له واللّه أكبر كبيرًا والحمد للّه كثيرًا وسبحان اللّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلا باللّه العزيز الحكيم) قال: هؤلاء لربّي فما لي؟ قال: (قل: اللّهمّ اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني)
هذا إسنادٌ صحيحٌ أخرجه مسلمٌ وبه يقوى الحديث الّذي قبله والله سبحانه أعلم). [تفسير الباقيات الصالحات: 15-46]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الباقيات, تفسير

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir