دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > كشف الشبهات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م, 02:04 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الجواب الثالث: أن الصحابة قاتلوا بني حنيفة لما جحدوا الزكاة وهم يصلون ويؤذنون فكيف بمن جحد التوحيد؟

وَيُقَالُ أَيْضاً لهَؤلاءِ:

أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلُوا بَني حَنِيفةَ وَقَدْ أَسْلَمُوا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُهُ، وَيُصَلُّونَ وَيُؤَذِّنُونَ.
فَإِنْ قَالَ: إِنَّهُمْ يَشْهَدُونَ: أنَّ مُسَيْلِمَةَ نَبِيٌّ.
قُلْنا: هَذا هُوَ المَطْلُوبُ إِذَا كَانَ مَنْ رَفَعَ رَجُلاً في رُتْبَةِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرَ وَحَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ وَلَمْ تَنْفَعْهُ الشَّهادتانِ وَلا الصَّلاةُ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَفَعَ شَمْسَانَ أوْ يُوسُفَ أَوْ صَحَابِيّاً أَوْ نَبِيّاً أو غيرَهم في مَرْتَبَةِ جَبَّارِ السَّماوات وَالأَرْضِ؟ سُبحانَه، مَا أعْظَمَ شَأْنَهُ {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[ الروم: 59 ].


  #2  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:07 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

(1) (ويُقَالُ أَيْضًا) هَذَا جَوَابٌ ثَالِثٌ (هَؤُلاَءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَفَّرُوا و (قَاتَلُوا بَنِي حَنِيفَةَ) ورَأَوْا أَنَّهُ مِن أَفْضَلِ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَاسْتَحَلُّوا دِمَاءَهُم، وسَبَوا ذَرَارِيَّهُم، وَهُم يَدَّعُونَ الإِسْلاَمَ (وَقَدْ أَسْلَمُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُم يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَيُؤَذِّنُونَ ويُصَلُّونَ فَإِنْ قَالَ) المُشَبِّهُ: (إِنَّهُم يَقُولُونَ: إِنَّ مُسَيْلِمَةَ نَبِيٌّ) يَعْنِي: كَفَّرُوهُم لِقَوْلِهِم: مُسَيْلِمَةُ نَبِيٌّ .(قُلْنَا): نَعَمْ (هَذَا هو المَطْلُوبُ) هَذَا هو مَطْلُوبُنَا، فَهَؤُلاَءِ مَا صَدَرَ منهم إِلاَّ أَنَّهُم قَالُوا: إِنَّهُ نَبِيٌّ، فَجَنَوْا عَلَى الرِّسَالَةِ وصَارَ مُبْطِلاً تَوْحِيدَهُم ودِينَهُم (إِذَا كَانَ مَن رَفَعَ رَجُلاً إِلَى رُتْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرَ وَحَلَّ دَمُهُ ومَالُهُ وَلَمْ تَنْفَعْهُ الشَّهَادَتَانِ وَلاَ الصَّلاَةُ) وَلاَ الصِّيامُ وَلاَ الأَذَانُ؛ وَأَنْتَ تُقِرُّ بِهَذَا، وهَذِه جَرِيمَةُ رَفْعِ مَخْلُوقٍ إِلَى رُتْبَةِ مَخْلُوقٍ (فَكَيْفَ بِمَنْ) جَنَى عَلَى الأُلُوهِيَّةِ فَرَفَعَ مَخْلُوقًا إِلَى رُتْبَةِ خَالِقٍ.
فالعُلَمَاءُ كَفَّرُوا مَنْ جَنَى عَلَى الرِّسَالَةِ فكَيْفَ بِمَنْ جَنَى عَلَى الأُلُوهِيَّةِ؟ فالَّذِي يَعْبُدُ مَعَ اللهِ غَيْرَه قَدْ جَنَى، بل لاَ أَعْظَمَ مِن جِنَايَتِهِ (رَفَعَ شِمْسَانَ أو يُوسُفَ أو صَحَابِيًّا أو نَبِيًّا في رُتْبَةِ جَبَّارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) يَعْنِي: هَذَا أَوْلَى بالكُفْرِ والضَّلاَلِ؛ لأَِنَّهُ صَرَفَ للمَخْلُوقِ مِنْ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ مَا لاَ يَسْتَحِقُّهُ إِلاَّ الخَالِقُ، وهَذَا مِن قِيَاسِ الأَوْلَى، يَعْنِي: إِذَا كَانَ جِنْسُ مَا احْتَجُّوا بِهِ كُفْرًا فَبِطَرِيقِ الأَوْلَى هَذَا، فَهَذَا رَدٌّ عَلَيْهِم مِن نَفْسِ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وإِلاَّ فَالأَدِلَّةُ في ذَلِكَ مَعْلُومَةٌ (سُبْحَانَ اللهِ ما أَعْظَمَ شَأْنَهُ، {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لاََ يَعْلَمُونَ}) كَهَذَا الطَّبْعِ عَلَى قَلْبِ هَذَا الجَاهِلِ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّ مَن رَفَعَ رَجُلاً إِلَى رُتْبَةِ رَجُلٍ فهو كَافِرٌ وَإذا رَفَعَ رَجُلاً في رُتْبَةِ جَبَّارِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لاَ يَكْفُرُ؟!


  #3  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:08 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

(1) قولُهُ: (ويُقالُ أيضًا: هؤلاءِ أصْحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ... إلخ)، هذا جوابٌ ثالثٌ، ومَضمونُهُ أنَّ الصحابةَ رَضِيَ اللهُ عنْهم قاتَلُوا

مُسَيْلِمةَ وأَصْحابَهُ، واسْتَحَلُّوا دِماءَهمْ وأموالَهم، معَ أنَّهم يَشْهَدونَ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ، ويُؤَذِّنونَ ويُصَلُّونَ، وهمْ إنَّما رَفَعوا رَجُلاً إلى مَرتَبةِ النَّبيِّ، فكيفَ بمَنْ رَفَعَ مَخْلوقًا إلى مرتبةِ جبَّارِ السماواتِ والأرضِ، أفلا يَكونُ أحَقَّ بالكفرِ ممَّنْ رفَعَ مخلوقًا إلى مَنْزِلةِ مخلوقٍ آخَرَ؟! وهذا أمْرٌ واضحٌ، ولكنْ كما قالَ اللهُ تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[سُورةُ الرُّومِ: 59].


  #4  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:08 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ صالح الفوزان

(1) الوَجْهُ الثَّانِي: ذَكَرَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- وَقَائِعَ في التَّارِيخِ الإِسْلاَمِيِّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ العُلَمَاءَ في كُلِّ زَمَانٍ يُكَفِّرُونَ مَن آمَنَ بِبَعْضٍ وكَفَرَ بِبَعْضٍ، منها: أنَّ الصَّحَابَةَ ومَن بَعْدَهُم قَاتَلُوا الَّذِينَ يَتَظَاهَرُونَ بالشَّهَادَتَيْنِ ويُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويَحُجُّونَ، لكن لَمَّا فَعَلُوا شَيْئًا مِن الشِّرْكِ، أو جَحَدُوا شَيْئًا مِن الدِّينِ قَاتَلُوهُم واسْتَحَلُّوا دِمَاءَهُم وأَمْوَالَهُم، منهم:

أَوَّلاً: بَنُو حَنِيفَةَ الَّذِينَ مَنَعُوا الزَّكَاةَ، واعْتَقَدُوا أنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ، والَّذِينَ جَحَدُوا وُجُوبَ الزَّكَاةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.


  #5  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:10 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الشيخ صالح آل الشيخ




قال: (ويقال أيضاً: هؤلاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاتلوا بني
حنيفة، وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون، ويؤذنون.فإن قال: إنهم يقولون: إن مسيلمة نبي.قلنا: هذا هو المطلوب، إذا كان من رفع رجلاً إلى رتبة النبي -صلى الله عليه وسلم- كفر؛ وحل ماله ودمه، ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة، فكيف بمن رفع شمسان أو يوسف أو صحابياً أو نبياً إلى مرتبة جبار السماوات والأرض، سبحان الله ما أعظم شأنه {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}).
خلاصة هذا: أن بني حنيفة الذين قاتلهم أبو بكر الصديق -رضي الله- عنه ومعه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَكفروا بكل أمور الدين، بل كفروا بأنَّ محمداً خاتم الأنبياء والمرسلين، فرفعوا مسيلمة الكذاب إلى مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في تبليغ الرسالة، وهذا النوع مِن كفرهم تبعه معه أنهم أطاعوا مسيلمة فيما أمرهم به وجعلوا رسالة مسيلمة الكذاب لهم، فما أمرهم به ائتمروا به وما نهاهم عنه انتهوا عنه.
وهذا هو الذي جعلهم كفاراً،وذلك لأنهم جعلوا مسيلمة الكذاب نبياً بعد محمد -عليه الصلاة والسلام- ولم يجعلوا رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمة الرسالات.
و الاستدلال هذا الذي أوردوه - كما قال الشيخ رحمه الله - هذا هو المطلوب؛ لأن كفر هؤلاء دون ما يكفَّر به غيرهم من عبدة القبور، والأوثان، وعبدة الصالحين، وعبدة الأولياء، وغير الأولياء، والأشجار، والأحجار؛ لأن من عبد هؤلاء، واستغاث بهم، وأنزل بهم حاجته، وطلب منه دفع الضر ودفع المدلهمات - في الواقع - قد رفع منزلة هذا المدفون إلى منزلة رب العالمين.فقتال الصحابة-رضوان الله عليهم- لبني حنيفة الذين اتبعوا مسيلمة الكذاب يدل بدلالة الأولى على أن من رفع شخصاً مسلماً كان أو غير مسلم إلى مرتبة جبار السماوات والأرض في استحقاق العبادة، أو الطاعة المطلقة الدينية؛ فإنه أعظم كفراً من أولئك الذين لم يشركوا بالله -جل وعلا- أحداً، وإنما كفروا من جهة أنهم جعلوا مسيلمة نبياً؛ لأنهم لم يعودوا إلى عبادة الأصنام وإنما جعلوا مسيلمة الكذاب نبياً لهم وبعد محمد -عليه الصلاة والسلام- إلى آخر تفاصيل قصتهم وكَذِب مسيلمة في نبوته واتباع أولئك له.فتحصل من هذا الإيراد الذي أوردوه ليدلوا على أنَّ المسلم الذي يدعو غير الله جل وعلا، يدعو نبياً أو يدعو صالحاً، أنه لا يكفر، بدلالة أن أولئك الذين قاتلهم الصحابة ما كفروا إلا بادعاء النبوة لمسيلمة.
قلنا: ما هو أولى يدل على أن غيرهم ممن ألهَّوا الأشخاص أعظم كفراً من أولئك، فمن انخرم في حقه الشرط الأول من الشهادة وهو شهادة (أن لا إله إلا الله) لا شك أنه أعظم كفراً ممن انخرم في حقه الإقرار بأن محمداً رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين؛ لأن تأليه الله -جل وعلا- وحده دون ما سواه فرض ودليله الشهادة، وهذه الشهادة تنفي هذا القسم، والشهادة بأن محمداً رسول الله تنفي أن يكون أحد نبياً بعد محمد عليه الصلاة والسلام.فدل هذا على أن من جعل بعد محمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً فهو كافر، ومن جعل مع الله -جل وعلا- إلهاً يعبده ويرجوه ويستغيث به، ويسأله رفع الضر وجلب النفع أنه كافر من باب أولى؛ لأن حق الله -جل وعلا- أعظم من حق خلقه.
وهذا الذي ذكره الإمام -رحمه الله تعالى- وجيه وعظيم من جهة أن حال أولئك هو دون ما نحن فيه، فالذين اتبعوا مسيلمة الكذاب وأقروا له بالنبوة هم أخف حالاً ممن أله غير الله، وسجد له، واستغاث به، وتقرب إليه رجاء شفاعته ليكون له شافعاً عند الله جل وعلا، وطالباً وداعياً له عند الله جل وعلا، فكفر هؤلاء أعظم كفراً من الأولين بدلالة القياس الذي ذكرناه.إنَّ قتال مانعي الزكاة، وتكفير الصحابة لمن لم يلتزم بوجوب أداء الزكاة لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتال أولئك قتال المرتدين لا قتال البغاة يدل على ما نحن فيه من باب الأولى، فإن مانعي الزكاة أكثرهم مرتد عن الدين، ولهذا سماهم الصحابة -رضوان الله عليهم- مرتدين، وقالوا في قتال بني حنيفة وفي قتال مانعي الزكاة جميعاً: قتال المرتدين، ولم يفرقوا ما بين طائفة وطائفة؛ لأن أهل العلم أجمعوا على أن الطائفة الممتنعة عن تحريم ماحرم الله -جل وعلا- أو عن تحليل ما أحل الله، أو الطائفة الممتنعة عن امتثال ما أمر الله -جل وعلا- أنه يجب قتالها، ثم إن كان امتناعها من جهة عدم الالتزام والانقـياد، فإنها تكفر بذلك. ولهذا نص العلماء على أنه لو اجتمع أهل قرية على أن يتركوا الأذان فإنه يجب قتالهم، مع أن الأذان سنة عند كثير من أهل العلم، وفرض كفاية عند آخرين، ولو اجتمعوا على ترك سنة من السنن، فإنهم يقاتلون حتى يلتزموها، يعني: حتى يعملوا بها ولا يجتمعوا على تركها.فإن كانوا غير منقـادين، ممتنعين امتناع عدم التزام فإنهم مرتدون بذلك.ومعنى الطائفة الممتنعة: يعني غير الملتزمة، ومعنى الالتزام في هذا الموضع: أن يقول: (إنَّ هذا الأمر - إما الواجب أو المحرم - حق في نفسه فهو واجب أوجبه الله، أو هـو حـرام حرمـه الله، ولكـن أنـا غير مخاطب بهذا، يخاطب به غيري من الناس، فأنا غير داخل في هذا الخطاب) كما قال مانعوا الزكاة: إن هذا طلب الزكاة أن ترسل إلى المدينة، هذا لغير أهل نجد، لغيرنا، يعني فيما قالوا، لم يلتزم اتجاه الخطاب إليهم، فخرجوا إذاً بقولهم عن عموم المخاطَبة، وهذا ردة عن الدين؛ لأنه انتفى معه شرط الانقياد؛ لأن من شروط (لا إله إلا الله) الانقياد، ومعنى الانقياد: الالتزام بتحليل ما أحل الله - يعني باعتقاد حله وأن هذا المسلم مخاطب بهذا التحليل - وتحريم ما حرم الله باعتقاد حرمته وأنه مخاطب بهذا التحريم.
فمانعوا الزكاة كانوا على صنفين:
-منهم من لم يلتزم، يعني: امتنع بحيث قال: (إنه غير مخاطب بهذا الحكم، ولا يلزمه أن يعطي الزكاة للخليفة) مع إقراره بأن هذا الحكم متوجه إلى غيره، فيقول: (هذا واجب، ولكن أنا لا أدخل في هذا الواجب) فلم ينقد لكل الأحكام، يعني: لم يجعل نفسه داخلاً في خطاب الله -جل وعلا- للمكلفين بأحكام الإسلام، فهذا يسمى امتناعاً، امتناع عن دخوله في بعض أحكام الشريعة، وهذا كفر وردة كما ذكرنا.
-ومنهم - من مانعي الزكاة - طائفة أخرى منعوها للتأويل فقالوا: (أهل المدينة ليسوا بحاجة، ونحن بحاجةٍ إلى الزكاة فنحن أولى بها).
والصحابة -رضوان الله عليهم- لم يفرقوا بين هؤلاء وهؤلاء، بل جعلوا قتال مانعي الزكاة كقتال المرتدين، بل لم يجعلوا المرء من المرتدين الأولين من بني حنيفة أتباع مسيلمة ولا من مانعي الزكاة، لم يجعلوه سالماً حتى يشهد على قتلاهم أنهم في النار وعلى قتلى المؤمنين أنهم في الجنة.
وهذا يدل على أن من لم يلتزم توحيد العبادة، بمعنى جعل توحيد العبادة حقاً ولكن قال: (نحن غير مخاطبين بذلك؛ لأن الناس لهم كذا وكذا من التأويلات) فهذا داخل في جنس هذه المسألة.ولهذا استدلال الشيخ -رحمه الله- بالاستدلال الأولوي في محله، واستدلال وجيه وحكيم؛ لأن هذه المسألة التي نحن فيها أعظم مما قاتل فيه الصحابة -رضوان الله عليهم- المرتدين ومانعي الزكاة، فقتالهم لهم في شأن أقل مما نحن فيه.وليس كل طائفة تترك شريعة من شرائع الله أو شعيرة من شعائر الله فتقاتل تعتبر مرتدة، بل تقاتل لتلتزم، وقد يكون تركها لعدم الالتزام - يعني من جهة الامتناع - فتكون كافرة، وقد يكون تركها لأجل شبهة أو تأويل لا لأجل عدم الالتزام؛ فلا تكفر بذلك، وإنما يكفر من لم ينقد لشهادة (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).وضابط الانقياد هوما ذكرت لك بأن يكون ملتزماً.وبهذا يكون هناك فرق عظيم ما بين الجحد والامتناع، وما بين القبول والالتزام.فالجحد في الحكم على الطوائف يقابله القبول، والامتناع يقابله الالتزام.
فالامتناع والالتزام: لفظان لدخول المخاطب في الأحكام الشرعية.
والقبول والجحد: لفظان لإقرار المخاطب بالحكم له ولغيره، فمن أقر بأن هذا الحكم شامل له ولغيره، هذا واجب علي وعلى غيري فهذا يعتبر قابلاً، وإذا قال: (هذا الحكم ليس لي ولا لغيري، ليس واجباً) هذا يعد جاحداً.وإذا قال: (نعم هذا الحكم واجب، أداء الصلوات واجب فرضه الله جل وعلا، لكن إنما وجب على طائفة من الناس وطائفة أخر ى لا يجب عليها) كحال الذين سقطت عنهم التكاليف وارتفعت أحوالهم حتى لا تؤثر فيهم الطاعات في زيادة يقين، فهذا كحال غلاة الصوفية، فهذا يكون ممتنعاً غير ملتزم، وهذا قرره العلماء في مواطن عدة، وبحثه شيخ الإسلام ابن تيمية في بحث جيد في الفرق ما بين الالتزام والقبول، والامتناع والجحد، في كلامه على ترجيح الطاعة أو ترجيح الأمر على النهي، أو النهي على الأمر في (مجموع الفتاوى) وهو مقرر عند كثير من أهل العلم.

إذا تقرر هذا: فمسألة مانعي الزكاة ربما تجد:
- من أهل العلم من يقول:إنهم قوتلوا قتال بغاة.
- ومنهم من قال:إنهم قوتلوا قتال مرتدين.
وهذا لأجل انقسامهم في أنفسهم، فليس الجميع غير ملتزم، ليس الجميع ممتنعاً بل فيهم هذا وفيهم هذا، لكن الصحابة أجمعوا على قتالهم قتال مرتدين، حتى قال عمر رضي الله عنه: (ما زلت بأبي بكر لعله أن يترك القتال حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: (والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) قال عمر: (فما رأيت إلا أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق) وقاتل مع الصحابة رضوان الله عليهم، وأقر بذلك.
إذا تقرر هذا: فالمسألة التي نحن فيها أعظم وأبلغ من هذه المسائل التي قاتل الصحابة الناس عليها والتي كفروا المرتدين بها، لهذا نقول: من رفع كما قال الشيخ هنا: (من رفع شمسان ويوسف أو تاجاً أو صحابياً أو نبياً إلى مرتبة) الله -جل وعلا- فأعطاه صفات الحق تبارك وتعالى في كونه يغيث الملهوف، ويجيب المضطر، وكونه يغفر الذنب، وكونه يمنع ويعطي، ويتصرف في الملكوت؛ فلا شك أن هذا أعظم كفراً من الأولين، وأن قتالهم بعد إقامة الحجة عليهم أوجب من قتال الأوائل.
فإذا كان الصحابة -رضوان الله عليهم- قاتلوا من لم يلتزم حكم الزكاة وتأدية الزكاة إلى الخليفة وقاتلوا الطائفة الممتنعة عن هذا الحكم؛ فإن قتال الطائفة الممتنعة عن توحيد العبادة أظهر في البرهان وأوجب.فهذه الشبهة التي أوردوها هي في الواقع تنعكس عليهم والحجة لنا فيها وليست علينا، ولكن كما قال الله جل وعلا: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}


  #6  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:10 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي العناصر

العناصر :

الجواب الثالث عن الشبهة الحادية عشرة
- أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة مع أنهم يقرون بالشهادتين ويؤذنون ويصلون ...
- إذا كان من رفع رجلاً إلى رتبة النبي صلى الله عليه وسلم كفر فكيف بمن رفعه إلى مرتبة جبار السماوات والأرض


  #7  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 08:11 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي الأسئلة

الأسئلة

س1: لم قاتل الصحابة -رضي الله عنهم- بني حنيفة؟
س2: أيهما أعظم: ادعاء النبوة في مسيلمة؛ أو الاستشفاع بالصالحين؟


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, الجواب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir