دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > كشف الشبهات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م, 02:00 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الجواب الأول: الإجماع على أن من صدق الرسول في شيء وكذبه في شيء فهو كافر

فَالجَوَابُ:
أَنَّه لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ كُلِّهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذا صَدَّقَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شَيْءٍ وَكَذَّبَهُ في شَيْءٍ، أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يَدْخُلْ في الإِسلامِ.
وَكَذَلِكَ إِذا آمَنَ بِبَعْضِ القُرْآنِ وَجَحَدَ بَعْضَهُ، كَمَنْ أَقَرَّ بِالتَّوحِيدِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاةِ، أَوْ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَالصَّلاةِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ وجوب الصَّوْمِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ وجوب الحَجِّ.

وَلَمَّا لَمْ يَنْقَدْ أُنَاسٌ في زَمَنِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلحَجِّ أَنْزَلَ اللهُ تعالى في حَقِّهِمْ {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ}[آل عمران: 97].

وَمَنْ أَقَرَّ بِهَذا كُلِّهِ وَجَحَدَ البَعْثَ كَفَرَ بِالإِجْمَاعِ وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ،كَما قالَ تَعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُريدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ} الآية [النساء: 150].


فَإِذَا كَانَ اللهُ تعالى قَدْ صَرَّحَ في كِتَابِهِ: أَنَّ مَنْ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فَهُوَ كَافِرٌ حَقّاً زَالَتْ هَذِهِ الشُّبْهَةُ.
وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ الأحْسَاءِ في كِتَابِهِ الَّذِي أرْسَلَ إِلَيْنَا.


  #2  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:43 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

(2) (فالجَوَابُ) عَمَّا اعْتَرَضُوا بِهِ مِن هَذِه الفُرُوقِ التي زَعَمُوا أَنَّها تُؤَثِّرُ؛

أَنَّ الفُرُوقَ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى قِسْمَيْنِ:
-فَرْقٍ يُؤَثِّرُ.
- وَفَرْقٍ لاَ يُؤَثِّرُ.
فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ أَنَّ هَذِه الفُرُوقَ لاَ تُؤَثِّرُ، (أَنْ) مُخَفَّفَةٌ (لاَ خِلاَفَ بَيْنَ العُلَمَاءِ كُلِّهِم أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شَيْءٍ وكَذَّبَهُ في شَيْءٍ أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يَدْخُلْ في الإِسْلاَمِ) بالإِجْمَاعِ، يَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلاَ عِنْدَه مِن الإِسْلاَمِ شَعْرَةٌ؛ فَإِذَا كَذَّبَهُ في وَاحِدٍ وصَدَّقَهُ في الأُلُوفِ مِن الصَّلاَةِ والصَّدَقَةِ ونَحْوِ ذَلِكَ فَهُو قَاضٍ عَلَى تَلِكَ الأُلُوفِز
فَإِذَا كَانَ مَن صَدَّقَهُ في شَيْءٍ وكَذَّبَهُ في شَيْءٍ فهو كَافِرٌ، فَكَيْفَ بالتَّوْحِيدِ الذي هو أَعْظَمُ فَرِيضَةٍ جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ عَمَدَ إِلَى زُبْدَةِ الرِّسَالَةِ، وجَعَلَ لفَاطِرِ الأَرْضِ والسَّمَاوَاتِ شَرِيكًا في العِبَادَةِ فَصَرْفُهُ لَهُ الدُّعَاءَ الَّذِي هو مُخُّ العِبَادَةِ وخَالِصُهَا، إِمَّا أَنْ يَدْعُوَ غَيْرَه وَحْدَهُ أَوْ يَجْعَلَهُ شَرِيكًا لَهُ.فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الفُرُوقُ لاَ تُؤَثِّرُ فَكَيْفَ بالتَّوْحِيدِ؟ لَكِنْ والعِيَاذُ باللهِ طَمَسَ عَلَى قُلُوبِهِم الشِّرْكُ، وامْتَزَجَتْ بِهِ؛ فَإِنَّ أَهْلَ هَذِه الشُّبِهَةِ مِن أَهْلِ الجَهَالاَتِ والضَّلاَلاَتِ؛ فَإِنَّ صَاحِبَ النَّظَرِ المُنْصِفَ إِذَا نَظَرَ في أَهْلِ هَذِه الشُّبَهِ لَقِيَهُم مَفَالِيسَ مِن العِلْمِ بالمَرَّةِ (وَكَذَلكَ إِذَا آمَنَ بالقُرْآنِ وجَحَدَ بَعْضَهُ) وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا، أَنْكَرَهُ وجَحَدَهُ، أَوْ جَحَدَ شَيْئًا مِمَّا ثَبَتَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو كُفْرٌ ظَاهِرٌ؛ أي: كُفْرٌ فَوْقَ كُفْرِ تَكْذِيبِ اللهِ وَرَسُولِهِ (كَمَنْ أَقَرَّ التَّوْحِيدَ) لَفْظًا وَمَعْنًى (وَجَحَدَ) فَرْعًا مِن فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ جَاءَ بِهِ (وُجُوبَ الصَّلاَةِ) الَّذِي يَجْحَدُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ كَافِرٌ بِالإِجْمَاعِ، ولو أَنَّهُ يَفْعَلُهَا، وَجَاءَ بالتَّوْحِيدِ (أَوْ أَقَرَّ بالتَّوْحِيدِ وَالصَّلاَةِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ) وَلَوْ كَانَ يُؤَدِّيهَا، فهو كَافِرٌ بإِجْمَاعِ الأُمَّةِ (أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وجَحَدَ الصَّوْمَ) وَلَوْ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ بإِجْمَاعِ الأُمَّةِ لتَكْذِيبِهِ اللهَ ورَسُولَهُ (أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ الحَجَّ) إلى البَيْتِ، وَإِنْ كَانَ يَحُجُّ، فهو كَافِرٌ بالإِجْمَاعِ لتَكْذِيبِهِ اللهَ ورَسُولَهُ ورَدِّهِ إِجْمَاعَ الأُمَّةِ.

(3) (وَلَمَّا لَمْ يَنْقَدْ أُنَاسٌ في زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلحَجِّ) إلى البَيْتِ (أَنْزَلَ اللهُ في حَقِّهِم: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}) يَعْنِي: وَاجِبٌ للهِ عَلَى المُسْتَطِيعِ مِن النَّاسِ أَنْ يَحُجَّ {وَمَن كَفَرَ} يَعْنِي: تَرَكَ ذَلِكَ {فَإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ كُفْرٌ؛ فَمَنْ جَحَدَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ؛ فَدَلَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ حَجِّ الْبَيْتِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لاَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ كَافِرٌ وَهَذَا بِخِلاَفِ العَاجِزِ.وكَذَلِكَ مَنْعُ الزَّكَاةِ بُخْلاً بِخِلاَفِ الجَاحِدِ.فَأَمَّا تَرْكُ الصَّلاَةِ تَهَاوُنًا، فاخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَحَكَى إِسْحَاقُ بنُ رَاهُويَه كُفْرَهُ بالإِجْمَاعِ.
(وَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ البَعْثَ) أي: جَحَدَ بَعْثَ هَذِه الأَجْسَامِ بَعْدَ بَلاَئِهَا وإِعَادَةَ أَرْوَاحِهَا إِلَيْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ (كَفَرَ بالإِجْمَاعِ) بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ (وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ) وَلَمْ يَنْفَعْهُ الإِقْرَارُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} الآيةَ.فَصَرَّحَ اللهُ تَعَالَى في هَذِهِ الآيَةِ أَنَّهُ الكَافِرُ حَقًّا؛فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يَكُونَ كُفْرًا إِلاَّ إِذَا كَفَرَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ بل هَذَا كُفْرٌ نَوْعِيٌّ؛ فَإِنَّ الكُفْرَ كُفْرَانِ:
-كُفْرٌ كُلِّيٌّ.
-وَكُفْرٌ نَوْعِيٌّ.
وَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ مَنْ كَفَرَ بِبَعْضٍ فَكَمَنْ كَفَرَ بالكُلِّ لاَ فَرْقَ.

(4) (فَإِذَا كَانَ اللهُ قَدْ صَرَّحَ في كِتَابِهِ أَنَّ مَن آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فهو الكَافِرُ حَقًّا زَالَتْ هَذِه الشُّبْهَةُ، وهَذِهِ هي الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ الإِحْسَاءِ في كِتَابِهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا) وبِهَذَا ظَهَرَ واتَّضَحَ أَنَّهُ يُوجَدُ فُرُوقٌ ولَكِنْ لاَ تُؤَثِّرُ؛ فَإِنَّ الرِّدَّةَ رِدَّتَانِ:
-رِدَّةٌ مُطْلَقَةٌ: وهي الرُّجُوعُ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ جُمْلَةً.
والثَّانِيَةُ: أَنْ يَكْفُرَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ الَّذِي يَرْتَدُّ عَنْ بَعْضِ الدِّينِ كَافِرٌ؛ بل يَرَوْنَ أَنَّ الاعْتِقَادَ الوَاحِدَ والكَلِمَةَ الوَاحِدَةَ قَدْ تُخرِجُ صَاحِبَهَا عن جُمْلَةِ الدِّينِ. وبِهَذَا انْكَشَفَت الشُّبْهَةُ وعُرِفَ أَنَّ التَّفْرِيقَ بالفُرُوقِ الَّتِي ذُكِرَتْ مِن الفُرُوقِ الَّتِي هي غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ.


  #3  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:44 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

(2) يَقولُ رَحِمَهُ اللهُ: إنَّهم إذا قالوا هذا، يَعْنِي: أنَّهم يَشْهَدونَ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ

محمَّدًا رسولُ اللهِ … إلخ، يَعْنِي فكيفَ يَكونونَ كُفَّارًا؟
وجوابُهُ أنْ يُقالَ: إنَّ العلماءَ أَجْمَعوا على أنَّ مَنْ كَفَر ببعضِ ما جاءَ بهِ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكَذَّبَ بهِ، فهوَ كَمَنْ كَذَّبَ بالجميعِ وكَفَرَ بهِ، ومَنْ كَفَرَ بنبيٍّ مِن الأنبياءِ فهو كَمَنْ كَفَرَ بجميعِ الأنبياءِ؛ لِقولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُريدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نَؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}[النساءُ: 150، 151].
وقولِهِ تعالى في بَنِي إسْرائِيلَ: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[ البقرةُ: 85 ].

ثمَّ ضَرَبَ المؤلِّفُ لذلكَ أمْثلةً:
المثالُ الأوَّلُ: الصَّلاةُ، فمَنْ أقَرَّ بالتَّوحيدِ وأَنْكَرَ وُجوبَ الصَّلاةِ فهوَ كافرٌ.

قولُهُ: (أوْ أقَرَّ بالتَّوحيدِ...) إلخ، هذا هوَ.

المثالُ الثَّاني: وهوَ مَنْ أقَرَّ بالتَّوحيدِ والصَّلاةِ وجَحَدَ وجوبَ الزَّكاةِ فإنَّهُ يَكونُ كافرًا.
المثالُ الثَّالثُ: مَنْ أقَرَّ بوجوبِ ما سَبَقَ وجَحَدَ وجوبَ الصَّومِ فإنَّهُ يَكونُ كافرًا.
المثالُ الرَّابعُ: مَنْ أقَرَّ بذلكَ كلِّهِ وجَحَدَ وجوبَ الحجِّ فإنَّهُ كافرٌ.
واسْتَدَلَّ المؤلِّفُ على ذلكَ بقولِهِ تعالى: {وَ للهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ} يَعْنِي: مَنْ كَفَرَ بِكَوْنِ الحَجِّ واجِبًا أوْجَبَهُ اللهُ على عِبادِهِ {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آلُ عمرانَ: 97 ].
قولُ المؤلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ: (ولمَّا لمْ يَنْقَدْ...) إلخ، ظاهرُهُ أنَّ للآيةِ سببَ نُزولٍ هوَ هذا، ولمْ أَعْلَمْ لِمَا ذكَرَهُ الشَّيخُ دَليلاً(1).

(3) قولُهُ: (ومَنْ أقَرَّ بهذا كُلِّهِ) أيْ: بشهادةِ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووجوبِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ والحجِّ، لكنَّهُ كَذَّبَ بالبعثِ، فإنَّهُ كافرٌ باللهِ؛ لِقولِ اللهِ تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}[ التَّغَابُنُ: 7 ]، وقدْ حَكَى المؤلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ الإِجماعَ على ذلكَ.

(4) قولُهُ: (كما قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ} الآيةَ، سبَقَ الكلامُ على هذهِ الآيةِ، وقدْ ساقَها المؤلِّفُ مُسْتَدِلاًّ بها على أنَّ الإِيمانَ ببعضِ الحقِّ دونَ بعضٍ كفرٌ بالجميعِ كما قَرَّرَهُ بقولِهِ.

(5) لا أَعْلَمُ عنْ هذا الكتابِ شيئًا فَلْيُبْحَثْ عنهُ(2).





حاشية الشيخ صالح العصيمي


(1) كأنه أراد -رحمه الله- دليلاً صحيحاً، إذ جاء في المنقول ما يشهد لما ذكره إمام الدعوة وذلك فيما أخرجه ابن جرير في (تفسيره) وسعيد بن منصور في (السنن) عن عكرمة مولى ابن عباس قال: (لما أنزل الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} قالت اليهود والنصارى: فنحن مسلمون، فأنزل الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} فقالوا: لا نحج فقال تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}).

(2) لعله أحمد بن عبد الكريم الوارد ذكره في رسالة موردة في مؤلفات الشيخ (5/12 ـ 224) ردّ فيها على من يزعم أن من أظهر الإسلام لا يكفر ولا يقتل، وإن صدر منه ناقض من نوا قض الإسلام.


  #4  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:45 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ صالح الفوزان ( م )

(1) مَازَالَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- يُوَاصِلُ الرَّدَّ عَلَى شُبُهَاتِ المُشَبِّهِينَ في مَسْأَلَةِ الشِّرْكِ والتَّوْحِيدِ، فانْتَهَى إِلَى هَذِه الشُّبْهَةِ العَظِيمَةِ الَّتِي هي مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم وأَخْطَرِهَا، أَلاَ وهي قَوْلُهُم: (إنَّ مَن شَهِدَ أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ

مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وصَلَّى وَصَامَ وحَجَّ وأَدَّى الأَعْمَالَ أَنَّه لاَ يَكْفُرُ ولو فَعَلَ مَا فَعَلَ مِن أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ.
أَمَّا الَّذِينَ نَزَلَ فيهم القُرْآنُ وهم المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ فإنَّهم لَيْسُوا مِثْلَ هَؤُلاَءِ، فَهُم لَمْ يَشْهَدُوا أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ولَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ، فَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ ولاَ بالرَّسُولِ ولاَ بالإِسْلاَمِ ولاَ بالقُرْآنِ.

أَمَّا هَؤُلاَءِ فأَظْهَرُوا الإِيمَانَ بالبَعْثِ ويُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويَحُجُّونَ ويُزَكُّونَ ويَذْكُرُونَ اللهَ كَثِيرًا، فالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- عِنْدَ هذه الشُّبْهَةِ خَاصَّةً قَالَ: أَصْغِ سَمْعَكَ لِجَوَابِهَا؛ فإِنَّها مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم.
فالشَّيْخُ رَدَّ عَلَى هَذِه الشُّبْهَةِ مِن سِتَّةِ وُجُوهٍ مُهِمَّةٍ:
الوَجْهُ الأَوَّلُ:أَنَّه مَن آمَنَ بِبَعْضِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وكَفَرَ بِبَعْضِهَا الآخَرِ فهو كَافِرٌ بالجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُم أَنْكَرُوا التَّوْحِيدَ الَّذي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وهو إِفْرَادُ اللهِ بالعِبَادَةِ، فَهَؤُلاَءِ لَمْ يُفْرِدُوا اللهَ بالعِبَادَةِ، وإِنَّمَا أَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَه مِن الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحِين.

فالإِسْلاَمُ لاَ يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ولاَ التَّفْرِقَةَ،وأَعْظَمُ الإِسْلاَمِ التَّوْحِيدُ وهو دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ، وهَؤُلاَءِ جَحَدُوا أَعْظَمَ شَيْءٍ وهو تَوْحِيدُ العِبَادَةِ، وقَالُوا: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْذُرَ الإِنْسَانُ لِفُلاَنٍ، ويَذْبَحَ لِفُلاَنٍ؛ لأَِنَّهُ وَلِيٌّ، والوَلِيُّ يَنْفَعُ ويَضُرُّ، مِمَّا هو مِثْلُ فِعْلِ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ.


  #5  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:54 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الشيخ صالح آل الشيخ




فقال الشيخ -رحمه الله- مبدياً حجة علمية، وإبطالاً لهذه الإيرادات العاطفية، قال: (فالجواب: أنه لا خلاف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيء وكذبه في شيء أنه كافر لم يدخل في الإسلام) وهذا حكاية للإجماع، وهذا القدر من الحجة صحيح كما أورده الإمام -رحمه الله- تعالى في أن الإجماع انعقد باتفاق الأئمة الأربعة وأتباعهم وكذلك غيرهم؛ في أنه من أراد الدخول في الإسلام فقال: أنا أدخل مصدقاً بأشياء ومكذباً في أشياء، أنه لا يدخل في الإسلام وإن قال: أشهد (أن لا إله إلا) الله وأن محمداً رسول الله، فإن تصديقه ببعض الأشياء في الدين، وتكذيبه ببعض آخر لا يدخله في الإسلام أصلاً، وهذا من جهة أول ما يدخل في الإسلام.كذلك من دخل في الإسلام فشهد (أن لا إله إلا الله) وأن محمداً رسول الله، ثم كذب ببعض القرآن ولو بحرف واحد متفق عليه من القرآن فإنه لا يدخل في الملة؛ ويخرج منها بتكذيبه؛ لأن العلماء نصوا على أنّ من أنواع الردة أنْ يكون مكذباً أو شاكاً أو جاحداً، فمن كذب بشيء، ولو بحرف واحد من القرآن متفق عليه؛ فإنه كافر ولا تنفعه صلاته ولا صيامه بالاتفاق.قال: (وكذلك إذا آمن ببعض القرآن وجحد بعضه) (آمن ببعض القرآن) يعني: من حيث الألفاظ.(وجحد بعضه) يعني: من المتفق عليه، ولم يؤمن به، بل قال: هذا ليس من القرآن، والأمة متفقة على أن هذا الذي جحده من القرآن - يعني: لفظاً - فإنه يكون كافراً بالإجماع.وكذلك من آمن ببعض أحكام القرآن المتفق عليها وجحد بعض أحكام القرآن المتفق على معناها، يعني: التي دلالتها قطعية، فإنه يكون أيضاً كافراً خارجاً من الدين باتفاق العلماء وبالإجماع، حتى من أورد هذه الشبهة فإنه لا ينكر هذا الإجماع.
مثل لهذا بقوله: (كمن أقر بالتوحيد وجحد وجوب الصلاة) من أقر بالتوحيد، موحد مؤمن بأنه (لا إله إلا الله) وبأن محمداً رسول الله، وكثير الزكاة والصدقات ويصوم فرضاً ونفلاً ويحج بيت الله -جل وعلا- كل سنة، لكن قال: هذه الصلاة ليست بواجبة، إما مطلقاً أو ليست بواجبةٍ عليه، فإن هذا يعد كفراً بالإجماع؛ لأنه جحد معلوماً من الدين بالضرورة، وبالإجماع لا يشفع له توحيده، وبالإجماع لا يشفع له كثرة زكاته وصدقاته، وبالإجماع لا يشفع له صيامه الفرض والنفل، وبالإجماع لا يشفع له التزامه ببقية أحكام الشريعة؛ لأنه جحد وجوب الصلاة إما مطلقاً أو عليه.فإذا كان كذلك،صارت هذه القاعدة التي أوردوها، أو هذه الشبهة منتقضة بالإجماع، إذ إنهم قالوا: كيف تجعلون من جحد الرسالة من المشركين ومن لم يؤمن بالله إلها واحداً ومن كذب الرسول ومن كذب بالبعث، يعني: لم يؤمن بالبعث، كيف تجعلونه كالذي يصلي ويصوم ويفعل ويفعل من هذه الأفعال والأعمال الصالحة؟
فنقول: بالإجماع هذه منتقضة بالصلاة، وكذلك منتقضة بالزكاة بالإجماع، فإنه لو كان مصلياً كثير الصلاة وجحد وجوب الزكاة إما مطلقاً - يعني: على الناس جميعاً - وإما عليه بخاصةٍ فلم يلتزم، فإنه يكون: كافراً بالاتفاق.
فإذاً: يدل على أن الإيراد العاطفي الذي أوردوه ليس بوارد شرعاً باتفاق أهل العلم.
قال: (أو أقر بالتوحيد والصلاة، وجحد وجوب الزكاة، أو أقر بهذا كله وجحد الصوم، أو أقر بهذا كله وجحد الحج) العلماء من كل مذهب من المذاهب الأربع المتبوعة، مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى جميعاً، وكذلك غيرهم من المذاهب المهجورة كمذهب سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وابن جرير وجماعات أهل العلم، وكذلك مذهب الظاهرية الذي ألف فيه ابن حزم وقبله داود الظاهري، متفقون على أن المسلم الذي يشهد (أن لا إله إلا الله) وأن محمداً رسول الله يخرج من الإسلام بقول أو فعل أو اعتقاد أو شك، فذكروا أنّ المكفرات بالاتفاق أربعة تخرج الموحد من الدين، وهي:
1-القول.
2-والفعل.
3-والاعتقاد.
4-والشك.
وذلك لأنهم اتفقوا على أن من قال قولاً يناقض الشهادة، أو يناقض أصل توحيده، أو يناقض أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، فإنه يخرج من الدين.
وكذلك إذا عمل عملاً أو اعتقد اعتقاداً - يعني: مكفراً، يعني: شركاً - اعتقد في الله بأنه جسم كالأجسام، أو اعتقد في الله صفةً قبيحة، أو شك في أمر من الأمور فإنه يكفر ولو كان يشهد (ألا إله إلا الله) وأن محمداً رسول الله.
إذاً الأئمة متفقون على أن المسلم الذي يعمل بأركان الإسلام ويعمل بفروعه قد يكفر بعمل، أو قول، أو اعتقاد، أو شك.
فإذاً: هذه الشبهة التي أوردوها مخالفة أيضاً لإجماع العلماء الذين ألفوا في هذا الباب، وفي كل مذهب تجد باباً خاصاً بهذا، وهو باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه.
وفي الحقيقة: قولنا عن هؤلاء - يعني: عباد القبور الذين نشأوا على ذلك - إنهم مرتدون أصعب من أن نقول: إنهم كفار أصليون، ولهذا ذهب جمع من علماء الدعوة بل الأكثر منهم ومن غيرهم أن هؤلاء الذين لم يعرفوا التوحيد أصلاً، ونشأوا عليه وشبوا عليه، وكانوا مشركين بالله -جل وعلا- ولم يعرفوا الإسلام الصحيح أنهم لم يدخلوا في الدين أصلاً حتى يقال: إن أحكام المرتد تجري عليهم، بل هم كفار أصليون، ومعلوم أن الكافر الأصلي في أحكامه أخف من أحكام المرتد؛ لأن لهم في ذلك تفاصيل معلومة في بابها.
نقول هنا: الإجماع إذاً منعقد على هذا، ومن احتج بهذا القول من أتباع مذهب مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو الإمام أحمد يقال لهم ما قاله علماؤهم في كتب مذاهبهم فإنه سَيَقِفْ.
ولهذا يناسب أن يقوم الدعاة إلى الله -جل وعلا- في كل بلد فيه أنواع الشرك بالله، بالمقبورين، والمدفونين، والأولياء، وغيرهم؛ أن يوردو الأدلة والأقوال من أقوال علماء مذهبهم ويجمعونها وينشرونها في الناس ؛ لأن في هذا إقامة للحجة عليهم، ولأن في هذا أيضاً إبعاداً للشبهة التي أوردها هذا المورد، فإنه قد يتخيل بعض من لم يحقق من طلبة العلم أو بعض العوام أن هذا القول إنما جاء به الوهابية وليس عليه علماء المذاهب، فإذا جمعت هذه الأقوال ونشرت في البلد، البلد الذي يشيع فيه مذهب الإمام مالك؛ ينقل فيه كلام المالكية - والمالكية عندهم توسع في هذا أيضاً - والحنفية أيضاً أكثر منهم، والشافعية والحنابلة في باب التكفير أقل، يعني: فيما يحصل به الكفر، فيُنقل من كتبهم ما به يكون رد هذه الشبهة حتى لا يتوهم أن هذا القول تفرد به الوهابية كما يزعمون.
والدعوة السلفية بعامة في كل بلد إنما عمدتها الكتاب والسنة وإجماع هذه الأمة، إجماع علمائها، وما كان عليه سلفنا الصالح وما عقده أئمة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وأتباع الأثر، هذه عمدتهم في أي بلد، فالوسيلة التي يقررون بها الحجة ويضعفون بها الشبهة ينبغي لهم أن يسلكوها؛ لأن الحق أحق أن يتبع.
قال رحمه الله بعد ذلك: (ولما لم ينقد أناس في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- للحج أنزل الله في حقهم: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}) قوله: (ولما لم ينقد أناس) عبرَّ -رحمه الله- بالانقياد الذي معناه الالتزام، وإلا فإن عدم الحج مع الانقياد للحكم - يعني مع اعتقاد وجوبه على المخَاطب به - ليس بكفر، وإنما يكفر من جحده أو لم يلتزم به، يعني قال: لا يجب علي وإنما يجب على غيري، من لم ينقد للحكم، قال: هو واجب على الناس، واجب على غيري، وأنا لا يجب علي الحج، فهذا غير ملتزم به؛ كحال الرجل الذي نكح امرأة أبيه بعد نزول قول الله جل وعلا: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً}لم يلتزم بالحكم، لم ينقد له فقال: أنا غير مخاطب بذلك، ولم يلتزم به ولم ينقد له فصار كافراً، خلاف من لو التزم وانقاد يعني قال: أنا مخاطب به وهذا حرام علي لكن فعَله، فهذا له حكم أمثاله من أهل الكبائر.
فقول الشيخ رحمه الله: (ولما لم ينقد) هذا تعبير دقيق، ولهذا قرأتم في شروط (لا إله إلا الله) وتعلمتم أن من شروطها الانقياد، فالانقياد معناه: الالتزام، الالتزام بما دلت عليه ولو لم يفعل، لكنه يلتزم بأن يقول: هذا واجب وأنا مخاطب به، وهذا محرم وأنا مخاطب بتحريم كذا، لكنه لم يفعل، فله حكم أمثاله من أهل الكبائر.
لكن إن قال: (هذا غير واجب علي) (أنا ممن ارتفعت عنه التكاليف) (هذا يجب على الناس وأما أنا فلا يجب علي) (هذا يحرم على الناس وأما أنا لا يحرم علي) فيعتقد أنه واجب في نفسه، يعني هذا الأمر محرم في نفسه، يعني المحرم لكن يقول: (أنا لا ألتزمه لأني غير مخاطب به) كفعل طوائف في هذه الأمة، فهؤلاء لم ينقادوا للحكم الشرعي.

فالشيخ -رحمة الله- عبر بالانقياد وهو تعبير علمي له دلالته في الأحكام الفقهية وفي التوحيد.

قال: (ولما لم ينقد أناس في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- للحج أنزل الله في حقهم: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}) وقوله: {عَلَى النَّاسِ} هذا من ألفاظ الوجوب عند الأصوليين (لله على الناس) (عليك كذا) وأشباه هذا فإن ألفاظ الوجوب عندهم كثيرة متعددة، ومنها كلمة (عليك) و(على) وأشباه ذلك.

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} يعني يجب عليهم {حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ}بهذا الحكم، فلم ينقد له{فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.




بعد ذلك قال الإمام رحمه الله: (ومن أقر بهذا كله وجحد البعث، كفر بالإجماع).
ما رأيكم فيمن قال: (أنا موحد أقول (لا إله إلا الله)محمد رسول الله، لا أعبد إلا الله، ومقر لله بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، ومقر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وشاهد له بالرسالة وبأنه خاتم المرسلين، وأصلي وأزكي وأصوم وأحج، لكن مسألة البعث هذه فيها نظر عندي، والأقرب ألا بعث بعد الموت) ولو كان من أتقى الناس في تلك الأمور لكنه قال: (أنا أتعبد لله وأصلي وأصوم - طاعة لله جل وعلا- لكن لا بعث) فإنه بالإجماع كافر، ويحل دمه وماله لإجماع المسلمين على ذلك، كما قال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}.
فهذه الآية دلت على أن من فرق بين حكم وحكم فجحد حكماً وقبل حكماً فإنه يكون كافراً لقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}.
قال رحمه الله: (فإذا كان الله قد صرح في كتابه أن من آمن ببعض وكفر ببعض فهو الكافر حقاً، وأنه يستحق ما ذكر، زالت الشبهة) لم؟لأن الذي قال: (إن عبادة غير الله -جل وعلا- ليست شركاً أكبر، وإنما هي شرك أصغر) فإنه لم يؤمن بقول الله جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.وبقول الله -جل وعلا- في سورة الحج: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}ونحو ذلك من الآيات الكثيرة في هذا الباب، فآمن بأن المشرك بدعاء غير الله مشرك، لكنه ليس بالمشرك الشرك الأكبر الذي يستحق معه النار، فإن هذا لاشك جحْد، أو عدم إيمان ببعض ما أنزل الله جل وعلا.

-------------------

[ سؤال]: ماذا تعلمون عن الرسالة التي أرسلت إلى الشيخ من الأحساء ؟
[جواب]: هناك عدة رسائل تأتي للشيخ من بعض علماء الإحساء، وأخص منهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عبداللطيف الأحسائي وله عدة رسائل مع الشيخ، والشيخ -رحمه الله- لما رجع من البصرة مرّ عليه في الإحساء؛ وجلس عنده عدة ليالي، وفرح الشيخ -رحمه الله- بعبد الله بن عبد اللطيف فرحاً عظيماً؛ لأنه وجده يخالف الأشاعرة الذين نشأ على طريقتهم في مسائل الإيمان حيث قال له مرة في رسالة له: (ولما كنت جئتك ورأيتك كتبت على أول (صحيح البخاري) في مسائل الإيمان: هذا هو الحق الذي يجب القول به، فرحت بذلك؛ لأنك خالفت ما عليه أهل بلدتك من كلام الأشاعرة، يعني: في مسألة الإيمان). وقال الشيخ -رحمه الله- في رسالته أيضاً لعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الإحسائي - هذه - (وأنا كثير الدعاء لك، وأدعو لك في سجودي، وكنت أقول: أرجو أن تكون فاروقاً لهذه الأمة في آخرها كما كان عمر بن الخطاب فاروقاً للأمة في أولها) ورسائله مع عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الأحسائي هذه فيها فوائد كثيرة في العلم تبين لك عظم علم الشيخ؛ لأن إمام الدعوة إذا كاتب العلماء كاتبهم بلهجة علمية قوية وتفصيل في المسائل، وإذا خاطب العوام أو المتوسطين في العلم خاطبهم بما يعرفون (حدثوا الناس بما يعرفون).


  #6  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:55 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي العناصر

العناصر :

الجواب الأول عن هذه الشبة الحادية عشر
- لا خلاف بين العلماء أن من صدق الرسول في شيء وكذبه في شيء فهو كافر
- من جحد بعض الشرائع كفر بالإجماع
- من أقر بالشرائع وجحد البعث كفر بالإجماع
- صرح الله تعالى في كتابه أن من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض فهو الكافر حقاً
- النتيجة: إنكار التوحيد أعظم كفراً من إنكار بقية الشرائع
- لا فرق بين الكفر الكلي والكفر النوعي


  #7  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:56 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي الأسئلة

الأسئلة

س1: ما حكم من كذَّب الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر من الأمور، وصدّقه في بقية الأمور؟
س2: ما الفرق في الحكم بين التارك للحج الملتزم لوجوبه؛ والتارك له غير الملتزم بوجوبه عليه؟
س3: هل تشترط نيّة الكفرإذا ارتكب العبد مكفّراً ؟ وضح إجابتك مع الاستدلال.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الجواب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir