دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > كشف الشبهات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م, 01:53 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كشف الشبهة الحادية عشرة وهي احتجاجهم بأنهم يصلون ويصومون ولا ينكرون البعث ولا يكذبون الرسل...

إِذَا تَحَقَّقْتَ أَنَّ الَّذينَ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحُّ عُقُولاً، وَأَخَفُّ شِرْكاً مِنْ هَؤُلاءِ، فَاعْلَمْ أَنَّ لِهَؤُلاءِ شُبْهةً يُورِدُونَها على ما ذَكَرْنا وَهِيَ مِنْ أعْظَمِ شُبَهِهِمْ، فَأَصْغِ سَمْعَكَ لِجَوابِهَا.
وَهِيَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ:
(إِنَّ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِم القُرْآنُ لا يَشْهَدونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، ويُكَذِّبُونَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُنْكِرونَ البَعْثَ، وَيُكَذِّبُونَ القُرْآنَ وَيَجْعَلُونَهُ سِحْراً، وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَنُصَدِّقُ القُرْآنَ، وَنُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، وَنُصَلِّي وَنَصُومُ، فَكَيْفَ تَجْعَلونَنا مِثْلَ أُولَئِكَ؟).


  #2  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:34 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

(1) (إِذَا تَحَقَّقْتَ) مِمَّا تَقَدَّمَ (أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلَهُم رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحُّ عُقُولاً وَأَخَفُّ شِرْكًا مِنْ هَؤُلاَءِ) يَعْنِي: مِن شِرْكِ مُشْرِكِي زَمَانِنَا (فَاعْلَمْ أَنَّ لِهَؤُلاَءِ شُبْهَةً يُورِدُونَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا) يُدْلِي بِهَا بَعْضُ مَنْ في زَمَنِ المُؤَلِّفِ مِن كَوْنِ مَا عَلَيْهِ مُشْرِكُو زَمَانِنَا مِن الشِّرْكِ كشِرْكِ الأَوَّلِينَ؛ بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّكُم مَا اقْتَصَرْتُمْ عَلَى أَنْ جَعَلْتُمُونَا مِثْلَهُم بل زِدْتُمْ، يُرِيدُ صَاحِبُ هَذِه الشُّبْهَةِ مِمَّا اعْتَرَضَ بِهِ مِن الفُرُوقِ نَفْيَ مَا قَرَّرَهُ المُصَنِّفُ في هَذِه التَّرْجَمَةِ (وهي مِنْ أَعْظَمِ شُبَهِهِمْ فَأْصْغِ سَمْعَكَ لِجَوَابِهَا) وَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ بِتِسْعَةِ أَجْوِبَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَافٍ شَافٍ في رَدِّهَا، لَكِنْ كَثَّرَهَا لِمَزِيدِ كَشْفٍ وَإِيضَاحٍ.
(وَهِيَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ القُرْآنُ لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) يَعْنِي: لاَ يَنْطِقُونَ بالشَّهَادَتَيْنِ (وَيُكَذِّبُونَ الرَّسُولَ) وَيَمْتَنِعُونَ عَنْ طَاعَتِهِ (وَيُنْكِرُونَ البَعْثَ) وَلاَ يُصَدِّقُونَ بِهِ (وَيُكَذِّبُونَ القُرْآنَ ويَجْعَلُونَهُ سِحْرًا) وَلاَ يُصَلُّونَ وَلاَ يَصُومُونَ (وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَنُصَدِّقُ القُرْآنَ، ونُؤْمِنُ بِالبَعْثِ، ونُصَلِّي وَنَصُومُ، فَكَيْفَ تَجْعَلُونَنَا مِثْلَ أُولَئِكَ؟) فَكَيْفَ تُسَوُّونَ مَن يُقِرُّ بِهَذِهِ الأُمُورِ العَظِيمَةِ وبَيْنَ مَن يَجْهَلُهَا؛ يَعْنِي وأَنَّكُمْ سَوَّيْتُم بَيْنَ المُتَفَارِقَيْنِ وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ المُخْتَلِفَيْنِ؛ بل مَا اقْتَصَرْتُمْ، بل جَعَلْتُمُونَا أَعْظَمَ جَهْلاً وَضَلاَلاً منهم.
فَعَرَفْتَ أَنَّهُم يُعَارِضُونَ مَا قَرَّرَهُ المُصَنِّفُ ويَقُولُونَ لَسْنَا منهم، وَأَنْتُم جَعَلْتُمُونَا أَعْظَمَ مِنْهُم، كَيْفَ تَجْعَلُونَ مَن كَانَتْ فيه هَذِه الخِصَالُ والفُرُوقُ كَمَنْ لَيْسَ فِيهِ مِنْهَا شَيْءٌ؟
ويَأْتِيكَ جَوَابُ المُؤَلِّفِ لَهُم وَأَنَّ هَذِهِ الفُرُوقَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ، بَلْ هَذِه الفُرُوقُ مِمَّا يَتَغَلَّظُ كُفْرُهُم بِهَا؛ فَإِنَّ الكَافِرَ الأَصْلِيَّ الذي مَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ أَهْونُ كُفْرًا مِمَّنْ أَقَرَّ بالحَقِّ وجَحَدَهُ، ولذلك المُرْتَدُّ أَعْظَمُ كُفْرًا مِن الكَافِرِ الأَصْلِيِّ في أَحْكَامِهِ.


  #3  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:36 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

(1) في هذه الجملةِ يُبَيِّنُ رَحِمَهُ اللهُ شُبْهَةً مِنْ أَعْظَمِ شُبَهِهم، ويُجِيبُ عنها فيَقولُ: (إذا تَحَقَّقْتَ أنَّ المشركينَ في عهدِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أصَحُّ عُقولاً وأخَفُّ شركًا مِنْ هؤلاءِ، فاعْلَمْ أنَّهم يُورِدونَ شُبْهةً) حيثُ يَقولونَ: (إنَّ المشركينَ في عهدِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَشْهَدونَ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنَّ

مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، ولا يُؤْمِنونَ بالبعثِ ولا الحسابِ ويُكَذِّبونَ القرآنَ، ونحنُ - يَعْنِي مُشْرِكِي زَمَانِهِ - نَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، ونُصَدِّقُ القرآنَ، ونُؤْمِنُ بالبعثِ، ونُقِيمُ الصَّلاةَ ونُؤْتِي الزَّكاةَ، ونَصومُ رَمضانَ، فكيفَ تَجْعَلُوننا مِثلَهم، وهذهِ شُبْهَةٌ عظيمةٌ).


  #4  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:37 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح فضيلة الشيخ صالح الفوزان

(1) مَازَالَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- يُوَاصِلُ الرَّدَّ عَلَى شُبُهَاتِ المُشَبِّهِينَ في مَسْأَلَةِ الشِّرْكِ والتَّوْحِيدِ، فانْتَهَى إِلَى هَذِه الشُّبْهَةِ العَظِيمَةِ الَّتِي هي مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم وأَخْطَرِهَا، أَلاَ وهي قَوْلُهُم: (إنَّ مَن شَهِدَ أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ

مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وصَلَّى وَصَامَ وحَجَّ وأَدَّى الأَعْمَالَ أَنَّه لاَ يَكْفُرُ ولو فَعَلَ مَا فَعَلَ مِن أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ.
أَمَّا الَّذِينَ نَزَلَ فيهم القُرْآنُ وهم المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ فإنَّهم لَيْسُوا مِثْلَ هَؤُلاَءِ، فَهُم لَمْ يَشْهَدُوا أَن لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ولَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ، فَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ ولاَ بالرَّسُولِ ولاَ بالإِسْلاَمِ ولاَ بالقُرْآنِ.

أَمَّا هَؤُلاَءِ فأَظْهَرُوا الإِيمَانَ بالبَعْثِ ويُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويَحُجُّونَ ويُزَكُّونَ ويَذْكُرُونَ اللهَ كَثِيرًا، فالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- عِنْدَ هذه الشُّبْهَةِ خَاصَّةً قَالَ: أَصْغِ سَمْعَكَ لِجَوَابِهَا؛ فإِنَّها مِن أَعْظَمِ شُبَهِهِم.
فالشَّيْخُ رَدَّ عَلَى هَذِه الشُّبْهَةِ مِن سِتَّةِ وُجُوهٍ مُهِمَّةٍ:
الوَجْهُ الأَوَّلُ:أَنَّه مَن آمَنَ بِبَعْضِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وكَفَرَ بِبَعْضِهَا الآخَرِ فهو كَافِرٌ بالجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُم أَنْكَرُوا التَّوْحِيدَ الَّذي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وهو إِفْرَادُ اللهِ بالعِبَادَةِ، فَهَؤُلاَءِ لَمْ يُفْرِدُوا اللهَ بالعِبَادَةِ، وإِنَّمَا أَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَه مِن الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحِين.

فالإِسْلاَمُ لاَ يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ولاَ التَّفْرِقَةَ،وأَعْظَمُ الإِسْلاَمِ التَّوْحِيدُ وهو دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ، وهَؤُلاَءِ جَحَدُوا أَعْظَمَ شَيْءٍ وهو تَوْحِيدُ العِبَادَةِ، وقَالُوا: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْذُرَ الإِنْسَانُ لِفُلاَنٍ، ويَذْبَحَ لِفُلاَنٍ؛ لأَِنَّهُ وَلِيٌّ، والوَلِيُّ يَنْفَعُ ويَضُرُّ، مِمَّا هو مِثْلُ فِعْلِ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ.


  #5  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:38 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الشيخ صالح آل الشيخ




قال: (وإذا تحققت أن الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح عقولاً وأخف شركاً من هؤلاء، فاعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا وهي من أعظم شبههم فأصغ سمعك لجوابها، وهي أنهم يقولون: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وينكرون البعث، ويكذبون القرآن ويجعلونه سحراً، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونصدق القرآن ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟)
فهذه شبهة جديدة ذكرها إمام الدعوة -رحمه الله تعالى- مما يورده الخصوم، وهذه الشبهة شبهة العلماء؛ لأن الذي يوردها من أهل العلم، فإن الشبه التي ذكرنا فيما سبق وإن جوابها الذي ذكره الشيخ، أقر بحسنه جمع كثير من أهل العلم في الأمصار؛ كما قال إمام الدعوة رحمه الله تعالى: (وقد عرضت ما عندي على علماء الأمصار فوافقوني في التوحيد وخالفوني في التكفير والقتال).
يعني: وافقوه في معنى العبادة، وفي معنى التوحيد، وفي معنى الشرك بالله جل وعلا، لكن خالفوا في أن عُبّاد القبور، عبَّاد الأضرحة والأوثان والأشجار والأحجار، إلى آخره، خالفوا في أن هؤلاء مشركون تقام عليهم الحجة فإن استجابوا وإلا قوتلوا.

خالفوا لشبهة وهي أن هؤلاء ليسوا كالأولين؛ لأن الأولين الذي بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبُعثت إليهم الأنبياء، هؤلاء يقرون بأنهم اتخذوا آلهة مع الله -جل وعلا- ولم ينقادوا للرسل، بل قالوا: إن هناك آلهة مع الله؛ كما قال سبحانه مخبراً عن قولهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}.
وكقول الله جل وعلا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}.

وكقوله -جل وعلا- في سورة هود: {إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} إلى آخر الآيات في هذا الباب التي فيها اعتقاد أولئك بأن هناك آلهة مع الله جل وعلا.

قال طائفة من الناس من المنتسبين للعلم: إن المشركين من هذه الأمة من عباد القبور هؤلاء وقعوا في الشرك، ولكن هذا الشرك ليس كفراً منهم؛ لأنهم يشهدون (أن لا إله إلا الله) فإذا سألت الواحد منهم هل هناك إله مع الله؟ قال: لا، فحين يفعل، يفعل الشيء مع عدم اعتقاد أنه تأليه لغير الله جل وعلا، فخالف صنيع أولئك المتقدمين الذين اعتقدوا بإلهين، بل اعتقدوا بآلهة مع الله جل جلاله.


كذلك قالوا: هؤلاء إن وقعوا في هذه الأشياء، فهي كفر عملي لا يخرج من الملة، ككفر من قاتل مسلماً، وكفر من أتى حائضاً، وكفر من أتى امرأة في دبرها، وكفر كذا وكذا مما جاء في النصوص تسميته كفراً وليس بالكفر الأكبر بل هو كفر أصغر، وأشباه ذلك.
وقالوا أيضاً: إن هؤلاء الذين من هذه الأمة فعلوا تلك الشركيات هؤلاء لا يكذِّبون الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا ينكرون البعث، ولا يكذبون القرآن ويجعلونه سحراً، ولا يقولون بإنكار الزكاة والصلاة، أو بعدم تحريم الخمر، أو بعدم تحريم الزنى؛ كفعل المشركين في الزمن الأول، بل هم مقرون بكل هذه التفاصيل لكنهم فعلوا ما فعلوا، وهذا يعني أنه لا يخرجهم من الملة، وليسوا بمشركين الشرك الأكبر.
وإذا تقرر هذا:فإن هذه الشبهة كما ذكر الإمام رحمه الله تعالى - وما أعرفه بشبه القوم - قال: (فاعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا، وهي من أعظم شبههم، فأصغ سمعك لجوابها).
في هذه الجملة ذكر أن هذه الشبهة يوردونها على ما ذكر الإمام، يعني ما ذكره في المحاجة ورد الشبه في التوحيد، في معنى التوحيد، ومعنى الشرك، ومعنى عبادة غير الله، ومعنى الالتجاء إلى الصالحين، وهل الالتجاء إلى الصالحين شرك أم لا؟ ومعنى التوسل، وأشباه ذلك، وتفاصيله مما ذُكر من أول الرسالة إلى هذا الموضع.
فإذا تبين ذلك قال: (لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا) يعني من كل جواب الشبه السالفة، فإن مُحصلة الشبه السالفة أن يقال: أنت محقٌ في هذا الجواب، وأنّ هذا الذي يفعل شرك، وأن الالتجاء إلى الصالحين شرك، وأن طلب الشفاعة من الأموات شرك، إلى آخر ذلك، وأن صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله شرك، فأنت محق، وهؤلاء الذين أدلوا بالشبه في استحسان هذه الأفعال مبطلون، وما ذكرته صواب في أن هذه الأشياء شرك، لكن هذه الأشياء شرك ولكنها لا تخرج من الملة من فعلها، وهذا هو جواب هذه الشبهة فيما يأتي من كلام الإمام رحمه الله تعالى.
قال الشيخ رحمه الله: (وهي من أعظم شبههم).
لم صارت من أعظم الشبه؟

لأنها كما ذكرت شبهة العلماء التي يذكرونها ويروجون على العامة هذا الأمر، فكثيرون من الذين ردوا على الشيخ نقلوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكلام ابن القيم وقالوا: (أنت محق فيما تقول، لكن كون هؤلاء يكفرون الكفر الأكبر هذا ليس بصحيح، بل هؤلاء على كفر أصغر، هؤلاء على شرك أصغر؛ وليسوا بمشركين الشرك الأكبر).
هذا تقرير الشبهة على حسب ما يوردونها، وهذه الشبهة أجاب عنها الإمام رحمه الله تعالى هنا إجابة مختصرة، وفي ردود أئمة الدعوة ابتداءً من الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في كتابه (إفادة المستفيد في كفر تارك التوحيد) وكتب تلامذته وأبنائه وتلاميذهم إلى هذا الزمن ما يبين رد هذه الشبهة، فإن هذه الشبهة من أعظم هذه الشبه، فتفصيل رد هذه الشبهة في ردود أئمة الدعوة المختلفة من وقت الشيخ محمد -رحمه الله- إلى زماننا هذا، فيها تفصيل الرد على هذه الشبهة، ولا يتسع المقام لإيراد كل ما ذكروه، لكن نذكر تقرير ما ذكره الإمام رحمه الله تعالى، وهو أصل هذه الردود، وبه كفاية.

قال: (وهي أنهم يقولون: إن الذين نزل فيهم القرآن - يعني من المشركين - لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وينكرون البعث، ويكذبون القرآن ويجعلونه سحراً، ونحن - يعني: نفارق أولئك - ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث، ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟).

وهذه لاشك أنه إذا أُتي إليها من جهة عاطفية فإنها تروج؛ لأن الناظر نظراً عاطفياً مجرداً عـن الحجة والبرهان قد يروج عليه ذلك فيقول: هؤلاء يصلون ويصومون، وقد يكون بعضهم في جبهته أثر السجود، وبعضهم يصوم يوماً ويفطر يوماً، وبعضهم تصدَّق بكل ماله، وبعضهم مجاهد في سبيل الله وحارب الكفار وفعل ما فعل من أنواع الجهاد، وبعضهم كذا وكذا، فيذكر جملة الأعمال الصالحة التي عملها، فيقول: كيف تجعله مثل أبي جهل؟ وكيف تجعله مثل أبي لهب؟ كيف تجعله مثل فلان وفلان؟ كيف تجعله مثل المشركين؟
وهذه حجة عاطفية، ومعلوم أن الديانة قامت على البرهان، والبرهان العاطفي أو القضية العاطفية ليست برهاناً باتفاق العقلاء؛ لأن العاطفة للهوى مدخل عليها، والبراهين خارجة عن مقتضى الهوى، البرهان يقام بالحجة المتفق على الاحتجاج بها، شرعية سمعية أو عقلية، في كلام العقلاء وكلام النُظّار من جميع الفرق، يعني في كون الحجة تمضي والحجة العاطفية ليست بحجة؛ لأنها ناشئة عن رغبة وهوى.
فلذلك نقول: هذه الشبهة ينبغي أن يتخلص صاحبها أولاً من العاطفة، والعاطفة لا مدخل لها في الدين؛ لأنها ليست أحد الأدلة، وإنما الأدلة على المسائل التي يحتج بها في هذه الشريعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح والعقل الصريح وأقوال الصحابة، إلى آخر الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، يعني: أن الحجج في الشريعة ليست فيها الحجة العاطفية: كيف نجعل هذا مثل هذا؟ هذا أمره عظيم، هذا فيه كذا وفيه كذا، فكيف يجعل على شبه بأولئك؟


  #6  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:38 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي العناصر

العناصر :

الشبهة الحادية عشرة: زعمهم أن المشركين الأولين إنما كفروا لأنهم لا يشهدون أن لا إله إلا الله ويكذبون الرسل وينكرون البعث
من الحكمة في التعليم: تهيئة نفس المتعلم لتلقي العلم
فائدة تعدد الأجوبة على الشبهة الواحدة
- المرتد أعظم كفراً من الكافر الأصلي
- أنواع الردة


  #7  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 07:40 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي الأسئلة


الأسئلة

س1: بيّن الشبهة التاسعة لهؤلاء المشركين، وبيّن الجواب عنها من خلال دراستك لهذا الدرس.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشبهة, كشف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir