دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير جزء تبارك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ربيع الأول 1436هـ/19-01-2015م, 08:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة الجن [ من الآية (19) إلى الآية (28) ]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)}

تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ يقول: لمّا سمعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يتلو القرآن كادوا يركبونه؛ من الحرص، لمّا سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتّى أتاه الرّسول فجعل يقرئه: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ} يستمعون القرآن.
هذا قولٌ، وهو مرويٌّ عن الزّبير بن العوّام، رضي اللّه عنه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن معمرٍ، حدّثنا أبو مسلمٍ، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال الجنّ لقومهم: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: لمّا رأوه يصلّي وأصحابه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، قالوا: عجبوا من طواعية أصحابه له، قال: فقالوا لقومهم: {لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا}
وهذا قولٌ ثانٍ، وهو مرويٌّ عن سعيد بن جبيرٍ أيضًا.
وقال الحسن: لمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا إله إلّا اللّه" ويدعو النّاس إلى ربّهم، كادت العرب تلبد عليه جميعًا.
وقال قتادة في قوله: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: تلبّدت الإنس والجنّ على هذا الأمر ليطفئوه، فأبى اللّه إلّا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه.
هذا قولٌ ثالثٌ، وهو مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وقول ابن زيدٍ، واختيار ابن جريرٍ، وهو الأظهر لقوله بعده: {قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا} ).
[تفسير القرآن العظيم: 8/244-245]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}؛ أي: يَسْأَلُه ويَتَعَبَّدُ له ويَقْرَأُ القرآنَ، كادَ الجِنُّ مِن تَكاثُرِهم عليه أنْ يَكونوا عليه لِبَداً؛ أي: مُتَلَبِّدِينَ مُترَاكِمِينَ حِرْصاً على سَماعِ ما جاءَ به مِن الْهُدَى). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (19- {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ} وهو النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ, {يَدْعُوهُ} أيْ: يَدْعُو اللهَ ويَعْبُدُه، وذلك ببَطْنِ نَخلةَ كما تَقَدَّمَ.
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أيْ: كادَ الجنُّ يَكونونَ على رسولِ اللهِ لِبَداً متراكمينَ، مِن ازدحامِهم عليه لسماعِ القرآنِ منه. وقيلَ: المرادُ: تَلَبَّدَتِ الإنسُ والجنُّ، على هذا الأمْرِ ليُطْفِئُوهُ, فأَبَى اللهُ إلا أنْ يَنْصُرَه ويُتِمَّ نُورَه). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا} أي: قال لهم الرّسول-لمّا آذوه وخالفوه وكذّبوه وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحقّ واجتمعوا على عداوته: {إنّما أدعو ربّي} أي: إنّما أعبد ربّي وحده لا شريك له، وأستجير به وأتوكّل عليه، {ولا أشرك به أحدًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/245]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({قُلْ} لهم يا أيُّها الرسولُ، مُبَيِّناً حَقيقةَ ما تَدعو إليه: {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً}؛ أي: أُوَحِّدُه وَحدَه لا شَريكَ له، وأَخْلَعُ ما دُونَه مِن الأندادِ والأوثانِ، وكلِّ ما يَتَّخِذُه المشْرِكونَ مِن دُونِه). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (20-{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُوا رَبِّي} وأَعْبُدُه، {وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} مِن خَلْقِه. سببُ نزولِها أنَّ كُفَّارَ قُريشٍ قالوا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: إنك جِئتَ بأمْرٍ عظيمٍ، وقد عادَيْتَ الناسَ كلَّهم، فارجِعْ عن هذا فنحن نُجِيرُكَ). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا} أي: إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ، وعبدٌ من عباد اللّه ليس إليّ من الأمر شيءٌ في هدايتكم ولا غوايتكم، بل المرجع في ذلك كلّه إلى اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/245]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَداً}؛ فإنِّي عبدٌ ليسَ لي مِن الأمْرِ ولا مِن التصَرُّفِ شيءٌ). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (21-{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} أيْ: لا أَقْدِرُ أنْ أَدْفَعَ عنكم ضَرًّا ولا أَسُوقَ إليكم خَيْراً في الدنيا أو الدِّينِ). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر عن نفسه أيضًا أنّه لا يجيره من اللّه أحدٌ، أي: لو عصيته فإنّه لا يقدر أحدٌ على إنقاذي من عذابه، {ولن أجد من دونه ملتحدًا} قال مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: لا ملجأ. وقال قتادة أيضًا: {قل إنّي لن يجيرني من اللّه أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحدًا} أي: لا نصير ولا ملجأ. وفي روايةٍ: لا وليّ ولا موئل). [تفسير القرآن العظيم: 8/245]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ}؛ أي: لا أحَدَ أَستجيرُ به يُنْقِذُنِي مِن عذابِ اللَّهِ، وإذا كانَ الرسولُ الذي هو أَكمَلُ الخَلْقِ لا يَمْلِكُ ضَرًّا ولا رَشَداً، ولا يَمْنَعُ نَفْسَه مِن اللَّهِ شيئاً إنْ أَرَادَه بسُوءٍ فَغَيْرُه مِن الخَلْقِ مِن بابِ أَوْلَى وأَحْرَى.
{وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً}؛ أي: مَلْجَأً ومُنْتَصَراً). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (22-{قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} أيْ: لا يَدفَعُ عَنِّي أحَدٌ عذابَه إنْ أَنْزَلَه بي.
{وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أيْ: مَلجأً ومَعْدِلا ًوحِرْزاً). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {إلا بلاغًا من اللّه ورسالاته} قال بعضهم: هو مستثنى من قوله: {لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا} {إلا بلاغًا} ويحتمل أن يكون استثناءً من قوله: {لن يجيرني من اللّه أحدٌ} أي: لا يجيرني منه ويخلّصني إلّا إبلاغي الرّسالة الّتي أوجب أداءها عليّ، كما قال تعالى: {يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من النّاس} [المائدة: 67]
وقوله: {ومن يعص اللّه ورسوله فإنّ له نار جهنّم خالدين فيها أبدًا} أي: أنما أبلّغكم رسالة اللّه، فمن يعص بعد ذلك فله جزاءٌ على ذلك نار جهنّم خالدين فيها أبدًا، أي لا محيد لهم عنها، ولا خروج لهم منها).
[تفسير القرآن العظيم: 8/245-246]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({إِلاَّ بَلاَغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ}؛ أي: ليسَ لي مَزِيَّةٌ على الناسِ إلاَّ أنَّ اللَّهَ خَصَّنِي بإبلاغِ رِسالاتِه ودَعوةِ الخلْقِ إلى اللَّهِ، وبهذا تَقُومُ الْحُجَّةُ على الناسِ.
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}، وهذا المرادُ به المعصيةُ الكُفْرِيَّةُ، كما قَيَّدَتْهَا النصوصُ الأُخَرُ المُحْكَمَةُ.
وأمَّا مُجَرَّدُ المعصيةِ؛ فإِنَّه لا يُوجِبُ الخُلُودَ في النارِ، كما دَلَّتْ على ذلكَ آياتُ القرآنِ والأحاديثُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، وأَجْمَعَ عليه سلَفُ الأُمَّةِ وأَئِمَّةُ هذه الأُمَّةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (23-{إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} أيْ: إلاَّ أنْ أُبَلِّغَ عن اللهِ وأعمَلَ برِسالاتِه، فآخُذَ نفْسِي بما آمُرُ به غَيْرِي، فإنْ فَعلتُ ذلك نَجوتُ، وإلا هَلَكْتُ). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {حتّى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرًا وأقلّ عددًا} أي: حتّى إذا رأى هؤلاء المشركون من الجنّ والإنس ما يوعدون يوم القيامة فسيعلمون يومئذٍ من أضعف ناصرًا وأقلّ عددًا، هم أم المؤمنون الموحّدون للّه عزّ وجلّ، أي: بل المشركين لا ناصر لهم بالكلّيّة، وهم أقلّ عددًا من جنود اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/246]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ}؛ أي: شاهَدُوهُ عِيَاناً وجَزَمُوا أنَّه واقعٌ بهم.
{فَسَيَعْلَمُونَ} في ذلكَ الوقتِ حقيقةَ المعرِفَةِ.
{مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} حينَ لا يَنْصُرُهم غيرُهم ولا أَنْفُسُهم يَنْتَصِرُونَ، وإذ يُحشَرونَ فُرَادَى كما خُلِقُوا أوَّلَ مَرَّةٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (24-{فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا} جُنداً يَنْتَصِرُ به، {وَأَقَلُّ عَدَداً} أَهُمْ أَمِ المؤمنونَ). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول للنّاس: إنّه لا علم له بوقت السّاعة، ولا يدري أقريبٌ وقتها أم بعيدٌ؟ {قل إن أدري أقريبٌ ما توعدون أم يجعل له ربّي أمدًا}؟ أي: مدّةً طويلةً.
وفي هذه الآية الكريمة دليلٌ على أنّ الحديث الّذي يتداوله كثيرٌ من الجهلة من أنّه عليه السّلام، لا يؤلّف تحت الأرض، كذبٌ لا أصل له، ولم نره في شيءٍ من الكتب. وقد كان صلّى اللّه عليه وسلّم يسأل عن وقت السّاعة فلا يجيب عنها، ولمّا تبدّى له جبريل في صورة أعرابيٍّ كان فيما سأله أن قال: يا محمّد، فأخبرني عن السّاعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السّائل" ولمّا ناداه ذلك الأعرابيّ بصوتٍ جهوريّ فقال: يا محمّد، متى السّاعة؟ قال: "ويحك. إنّها كائنةٌ، فما أعددت لها؟ ". قال: أما إنّي لم أعدّ لها كثير صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكنّي أحبّ اللّه ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت". قال أنسٌ: فما فرح المسلمون بشيءٍ فرحهم بهذا الحديث
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن مصفى، حدّثنا محمّد بن حمير حدّثني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى، والّذي نفسي بيده، إنّما توعدون لآتٍ"
وقد قال أبو داود في آخر "كتاب الملاحم": حدّثنا موسى بن سهيلٍ، حدّثنا حجّاج بن إبراهيم، حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عبد الرّحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لن يعجز اللّه هذه الأمّة من نصف يوم"
انفرد به أبو داود، ثمّ قال أبو داود:
حدّثنا عمرو بن عثمان. حدّثنا أبو المغيرة، حدّثني صفوان، عن شريح بن عبيدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّي لأرجو ألّا تعجز أمّتي عند ربّها أن يؤخّرهم نصف يومٍ". قيل لسعدٍ: وكم نصف يومٍ؟ قال: خمسمائة عامٍ. انفرد به أبو داود).
[تفسير القرآن العظيم: 8/246-247]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({قُلْ} لهم إنْ سأَلُوكَ فقالوا: مَتَى هذا الوعْدُ؟:
{إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً}؛ أي: غايةً طويلةً، فعِلْمُ ذلك عندَ اللَّهِ). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (25-{قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ} أيْ: لستُ أعْلَمُ قُربَ العذابِ الذي يَعِدُكم اللهُ به، {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} أيْ: غايةً ومُدَّةً فلا يَعرِفُ متى يَومُ القِيامةِ إلاَّ اللهُ وَحْدَه). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ} هذه كقوله تعالى: {ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255] وهكذا قال هاهنا: إنّه يعلم الغيب والشّهادة، وإنّه لا يطّلع أحدٌ من خلقه على شيءٍ من علمه إلّا ممّا أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: {فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ} وهذا يعمّ الرّسول الملكيّ والبشريّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/247]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} مِن الْخَلْقِ.
بل انْفَرَدَ بعِلْمِ الضمائرِ والأسرارِ والغَيْبِ). [تيسير الكريم الرحمن: 891]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (26-{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} أيْ: لا يُطْلِعُ على الغيْبِ، وهو ما غابَ عن العِبادِ، أحداً منهم). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ} هذه كقوله تعالى: {ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255] وهكذا قال هاهنا: إنّه يعلم الغيب والشّهادة، وإنّه لا يطّلع أحدٌ من خلقه على شيءٍ من علمه إلّا ممّا أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: {فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ} وهذا يعمّ الرّسول الملكيّ والبشريّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/247] (م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} أي: يختصّه بمزيد معقّباتٍ من الملائكة يحفظونه من أمر اللّه، ويساوقونه على ما معه من وحي اللّه؛ ولهذا قال: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}). [تفسير القرآن العظيم: 8/247]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يعقوب القمّيّ عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: أربعة حفظةٍ من الملائكة مع جبريل، {ليعلم} محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث يعقوب القمّيّ به. وهكذا رواه الضّحّاك، والسّدّيّ، ويزيد بن أبي حبيبٍ.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر عن قتادة: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم} قال: ليعلم نبيّ اللّه أنّ الرّسل قد بلّغت عن اللّه، وأنّ الملائكة حفظتها ودفعت عنها. وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. واختاره ابن جريرٍ.
وقيل غير ذلك، كما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: هي معقّباتٌ من الملائكة يحفظون النّبيّ من الشّيطان، حتّى يتبيّن الّذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول، ليعلم أهل الشّرك أن قد أبلغوا رسالات ربّهم).
[تفسير القرآن العظيم: 8/247] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}؛ أي: فإنَّه يُخْبِرُه بما اقْتَضَتْ حِكْمَتُه أنْ يُخْبِرَه به.
وذلك لأنَّ الرسُلَ لَيْسُوا كغَيْرِهم؛ فإنَّ اللَّهَ أيَّدَهم بتأييدٍ ما أَيَّدَه أحداً مِن الخَلْقِ، وحَفِظَ ما أَوْحَاهُ إليهم حتَّى يُبَلِّغُوه على حقيقتِه مِن غيرِ أنْ تَتَخَبَّطَهم الشياطينُ، ولا يَزيدُوا فيه أو يَنْقُصُوا.
ولهذا قالَ: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}؛ أي: يَحْفَظُونَه بأمْرِ اللَّهِ). [تيسير الكريم الرحمن: 892]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (27-{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} استَثْنَى مَن ارْتَضَى مِن الرُّسُلِ، فأَوْدَعَهم ما شاءَ مِن غَيبةٍ بطَريقِ الوحيِ إليهم، وجَعَلَه مُعجزةً لهم ودَلالةً صادقةً على نُبُوَّتِهم، وليس الْمُنَجِّمُ ومَن ضَاهَاهُ ممن يَضْرِبُ بالحَصَى ويَنْظُرُ في الكَفِّ ويَزْجُرُ بالطيرِ ممن ارتضاه، فهو كافرٌ باللهِ مُفْتَرٍ عليه بحَدْسِه وتَخْمِينِه وكَذِبِه.
{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} يَجْعَلُ سُبحانَه بينَ يَدَيِ الرسولِ ومِن خَلْفِه حرَساً مِن الملائكةِ يَحرُسُونَه مِن تَعَرُّضِ الشياطينِ؛ لِمَا أَظْهَرَه عليه مِن الغَيْبِ، ويَحُوطُونَه مِن أنْ تَسْتَرِقَهُ الشياطينُ فتُلْقِيَهُ إلى الكَهَنَةِ). [زبدة التفسير: 573]

تفسير قوله تعالى: (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا} وقد اختلف المفسّرون في الضّمير الّذي في قوله: {ليعلم} إلى من يعود؟ فقيل: إنّه عائدٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 8/247]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يعقوب القمّيّ عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا (26) إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: أربعة حفظةٍ من الملائكة مع جبريل، {ليعلم} محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث يعقوب القمّيّ به. وهكذا رواه الضّحّاك، والسّدّيّ، ويزيد بن أبي حبيبٍ.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر عن قتادة: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم} قال: ليعلم نبيّ اللّه أنّ الرّسل قد بلّغت عن اللّه، وأنّ الملائكة حفظتها ودفعت عنها. وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. واختاره ابن جريرٍ.
وقيل غير ذلك، كما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: هي معقّباتٌ من الملائكة يحفظون النّبيّ من الشّيطان، حتّى يتبيّن الّذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول، ليعلم أهل الشّرك أن قد أبلغوا رسالات ربّهم.
وكذا قال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم} قال: ليعلم من كذّب الرّسل أن قد أبلغوا رسالات ربّهم. وفي هذا نظرٌ.
وقال البغويّ: قرأ يعقوب: "ليعلم" بالضّمّ، أي: ليعلم النّاس أنّ الرّسل بلّغوا.
ويحتمل أن يكون الضّمير عائدًا إلى اللّه عزّ وجلّ، وهو قولٌ حكاه ابن الجوزيّ في "زاد المسير" ويكون المعنى في ذلك: أنّه يحفظ رسله بملائكته ليتمكّنوا من أداء رسالاته، ويحفظ ما بيّن إليهم من الوحي؛ ليعلم أنّ قد أبلغوا رسالات ربّهم، ويكون ذلك كقوله: {وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه} [البقرة: 143] وكقوله: {وليعلمنّ اللّه الّذين آمنوا وليعلمنّ المنافقين} [العنكبوت: 11] إلى أمثال ذلك، مع العلم بأنّه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعًا لا محالة؛ ولهذا قال بعد هذا: {وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}).
[تفسير القرآن العظيم: 8/247-248]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({لِيَعْلَمَ} بذلك {أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ} بما جَعَلَه لهم مِن الأسبابِ، {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ}؛ أي: بما عندَهم، وما أَسَرُّوه وأَعْلَنُوه، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.
وفي هذه السورةِ فَوائدُ كَثيرةٌ: منها وُجودُ الجِنِّ، وأنَّهم مُكَلَّفونَ مَأمُورونَ مكَلَّفونَ مَنْهِيُّونَ، مُجَازُونَ بأعمالِهم كما هو صريحٌ في هذه السورةِ.
ومنها: أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ رسولٌ إلى الْجِنِّ، كما هو رسولٌ إلى الإنسِ؛ فإنَّ اللَّهَ صَرَفَ نَفَرَ الجِنِّ لِيَسْتَمِعُوا ما يُوحَى إليه ويُبَلِّغُوا قومَهم.
ومنها: ذَكاءُ الجِنِّ, ومَعْرِفَتُهم بالحقِّ، وأنَّ الذي سَاقَهم إلى الإيمانِ هو ما تَحَقَّقُوه مِن هدايةِ القرآنِ، وحُسْنُ أدَبِهم في خِطابِهم.
ومِنها: اعتناءُ اللَّهِ برسولِه وحِفْظُه لِمَا جاءَ به، فحِينَ ابْتَدَأَتْ بَشائِرُ نُبُوَّتِه، والسماءُ محروسةٌ بالنجومِ، والشياطينُ قد هَرَبتْ عن أماكِنِها وأُزْعِجَتْ عن مَرَاصِدِها، وأنَّ اللَّهَ رَحِمَ به الأرضَ وأَهْلَها رَحمةً ما يُقْدَرُ لها قَدْرٌ، وأرادَ بهم ربُّهم رَشَداً.
فأَرَادَ أنْ يُظْهِرَ مِن دِينِه وشَرْعِه ومَعْرِفَتِه في الأرضِ، ما تَبتَهِجُ له القلوبُ، وتَفْرَحُ به أُولُو الألبابِ، وتَظهَرُ به شعائرُ الإسلامِ، ويَنْقَمِعُ به أهْلُ الأوثانِ والأصنامِ.
ومنها: شِدَّةُ حِرْصِ الجِنِّ لاستماعِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وتَرَاكُمُهم عليه.
ومِنها: أنَّ هذه السورةَ قدِ اشْتَمَلَتْ على الأمْرِ بالتوحيدِ والنهيِ عن الشِّرْكِ، وبَيَّنَتْ حالةَ الخلْقِ، وأنَّ كلَّ أحَدٍ منهم لا يَسْتَحِقُّ مِن العبادةِ مِثقالَ ذَرَّةٍ؛ لأنَّ الرسولَ مُحمَّداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذا كانَ لا يَمْلِكُ لأحَدٍ نفْعاً ولا ضَرًّا، بل ولا يَمْلِكُ لِنَفْسِه ـ عُلِمَ أنَّ الخلْقَ كلَّهم كذلك، فمِن الخطأِ والغَلَطِ اتِّخاذُ مَن هذا وصْفُه إلَهاً آخَرَ معَ اللَّهِ.
ومنها: أنَّ عُلومَ الغَيْبِ قدِ انْفَرَدَ اللَّهُ بعِلْمِها فلا يَعْلَمُها أحَدٌ مِن الخلْقِ إلاَّ مَن ارْتَضَاهُ اللَّهُ وخَصَّهُ بعِلْمِ شيءٍ منها). [تيسير الكريم الرحمن: 892]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (28-{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} أيْ: ليَعْلَمَ اللهُ أنَّ رُسُلَه قد أبْلَغُوا رِسالاتِه، ليَعلَم ذلك عن مُشاهَدَةٍ كما عَلِمَه غَيْباً.
{وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} أيْ: بما عندَ الرصَدِ مِن الملائكةِ، أو بما عندَ الرُّسُلِ الْمُبَلِّغِينَ لرِسالاتِه، وبما لَدَيْهِم مِن الأحوالِ). [زبدة التفسير: 573]


* للاستزادة ينظر: هنا

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir