دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير جزء تبارك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ربيع الأول 1436هـ/12-01-2015م, 09:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة الملك [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) }

تفسير قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يمجّد تعالى نفسه الكريمة، ويخبر أنّه بيده الملك، أي: هو المتصرّف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عمّا يفعل لقهره وحكمته وعدله. ولهذا قال: {وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/176]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ( (1 -4) {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ *}.
أي: تَعَاظَمَ وتعالى، وكَثُرَ خَيْرُه، وعَمَّ إحسانُه، مِن عَظمتِه أنَّ بِيَدِه مُلْكَ العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ، فهو الذي خَلَقَه ويَتَصَرَّفُ فيه بما شاءَ، مِن الأحكامِ القَدَرِيَّةِ، والأحكامِ الدِّينيَّةِ التابعةِ لِحِكمتِه.
ومِن عَظَمَتِه كَمالُ قُدرتِه التي يَقْدِرُ بها على كُلِّ شيءٍ، وبها أَوْجَدَ ما أَوْجَدَ مِن المخلوقاتِ العظيمةِ، كالسماواتِ والأرضِ). [تيسير الكريم الرحمن: 875]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1-{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} تَبارَكَ أيْ: كَثُرَ خَيرُ اللهِ وعَظُمَ، والملْكُ هو مُلْكُ السماواتِ والأرضِ في الدنيا والآخِرةِ, {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} لا يُعْجِزُه شيءٌ, بل هو يَتصرَّفُ في مُلْكِه كيفَ يُريدُ، مِن إنعامٍ وانتقامٍ، ورَفْعٍ ووَضْعٍ، وإِعطاءٍ وَمَنْعٍ، وهذا الأمْرُ يَعلمُه المؤمنونَ في الدنيا ويُنكِرُه الكُفَّارُ.
أمَّا في الآخِرَةِ فلا يَدَّعِي الْمُلْكَ أحَدٌ غيرُ اللهِ، ولا يُنكِرُ مُلكَه أحَدٌ، ولذا قالَ تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وقالَ:{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}). [زبدة التفسير: 561]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {الّذي خلق الموت والحياة} واستدلّ بهذه الآية من قال: إنّ الموت أمرٌ وجوديٌّ لأنّه مخلوقٌ. ومعنى الآية: أنّه أوجد الخلائق من العدم، ليبلوهم ويختبرهم أيّهم أحسن عملًا؟ كما قال: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم} [البقرة: 28] فسمّى الحال الأوّل -وهو العدم-موتًا، وسمّى هذه النّشأة حياةً. ولهذا قال: {ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [البقرة: 28].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان، حدّثنا الوليد، حدّثنا خليد، عن قتادة في قوله: {الّذي خلق الموت والحياة} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إنّ اللّه أذلّ بني آدم بالموت، وجعل الدّنيا دار حياةٍ ثمّ دار موتٍ، وجعل الآخرة دار جزاءٍ ثمّ دار بقاءٍ".
ورواه معمر، عن قتادة.
وقوله: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} أي: خيرٌ عملًا كما قال محمّد بن عجلان: ولم يقل أكثر عملًا.
ثمّ قال: {وهو العزيز الغفور} أي: هو العزيز العظيم المنيع الجناب، وهو مع ذلك غفورٌ لمن تاب إليه وأناب، بعدما عصاه وخالف أمره، وإن كان تعالى عزيزًا، هو مع ذلك يغفر ويرحم ويصفح ويتجاوز). [تفسير القرآن العظيم: 8/176]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وخَلَقَ الموتَ والحياةَ؛ أي: قَدَّرَ لعِبادِه أنْ يُحْيِيَهم ثم يُمِيتَهم, {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}؛ أي: أَخْلَصَه وأَصْوَبَه، فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ عِبادَه، وأَخْرَجَهم لهذه الدارِ، وأَخْبَرَهم أنَّهم سيُنقَلُونَ منها، وأَمَرَهم ونَهَاهُم، وابْتَلاهُم بالشَّهَواتِ المعارِضَةِ لأَمْرِه:فمَنِ انقادَ لأمْرِ اللَّهِ وأَحْسَنَ العمَلَ، أَحْسَنَ اللَّهُ له الجزاءَ في الدارَيْنِ.
ومَن مالَ معَ شَهواتِ النفْسِ، ونَبَذَ أمْرَ اللَّهِ، فله شَرُّ الجزاءِ.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي له العِزَّةُ كُلُّها، التي قَهَرَ بها جميعَ الأشياءِ، وانْقَادَتْ له المخلوقاتُ.
{الْغَفُورُ} عن الْمُسِيئِينَ والْمُقَصِّرِينَ والْمُذْنِبينَ، خُصوصاً إذا تَابُوا وأَنَابُوا فإنه يَغفِرُ ذُنوبَهم ولو بَلَغَتْ عَنانَ السماءِ، ويَسْتُرُ عُيُوبَهم ولو كانَتْ مِلْءَ الدنيا). [تيسير الكريم الرحمن: 875]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} الموتُ انقطاعُ تعَلُّقِ الرُّوحِ بالبَدَنِ ومُفارَقَتُها له، والحياةُ تَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَنِ واتِّصَالُها به، فالحياةُ تَعنِي خَلْقَه إِنْسَاناً وخلْقَ الرُّوحِ فيه.
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أيْ: خَلَقَ الموتَ والحياةَ, أيْ: جَعَلَكم أُناسًا عُقلاءَ، ليُكَلِّفَكم ثم يَخْتَبِرَكم فيُجَازِيَكم على ذلك، والْمَقْصِدُ الأصليُّ مِن الابتلاءِ هو ظُهورُ كمالِ إحسانِ الْمُحْسنينَ.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ} أيْ: الغالبُ الذي لا يُغالَبُ {الْغَفُورُ} لِمَن تابَ وأَنابَ). [زبدة التفسير: 561]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {الّذي خلق سبع سماواتٍ طباقًا} أي: طبقةً بعد طبقةٍ، وهل هنّ متواصلاتٌ بمعنى أنّهنّ علويّاتٌ بعضهم على بعضٍ، أو متفاصلاتٌ بينهنّ خلاءٌ؟ فيه قولان، أصحّهما الثّاني، كما دلّ على ذلك حديث الإسراء وغيره.
وقوله: {ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ} أي: بل هو مصطحبٌ مستوٍ، ليس فيه اختلافٌ ولا تنافرٌ ولا مخالفةٌ، ولا نقصٌ ولا عيبٌ ولا خللٌ؛ ولهذا قال: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: انظر إلى السّماء فتأمّلها، هل ترى فيها عيبًا أو نقصًا أو خللًا؛ أو فطورًا؟.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والثّوريّ، وغيرهم في قوله: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ} أي: شقوقٍ.
وقال السّدّيّ: {هل ترى من فطورٍ} أي: من خروق. وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ: {من فطورٍ} أي: من وهيّ وقال قتادة: {هل ترى من فطورٍ} أي: هل ترى خللا يا ابن آدم؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/176-177]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً}؛ أي: كلَّ واحدةٍ فوقَ الأُخْرَى، ولَسْنَ طَبَقةً واحدةً، وخَلَقَها في غايةِ الحُسْنِ والإتقانِ، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}؛ أي: خَلَلٍ ونَقْصٍ.
وإذَا انْتَفَى النَّقْصُ مِن كلِّ وَجهٍ، صارَتْ حَسنةً كاملةً، مُتناسِبَةً مِن كلِّ وَجهٍ؛ في لَوْنِها وهَيئتِها وارتفاعِها، وما فيها مِن الشمْسِ والقمَرِ والكواكبِ النَّيِّرَاتِ الثوابِتِ مِنهنَّ والسيَّاراتِ.
ولَمَّا كانَ كَمالُها مَعلوماً، أمَرَ اللَّهُ تعالى بتَكرارِ النظَرِ إليها والتأمُّلِ في أَرجائِها؛ قالَ: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ}؛ أي: أَعِدْهُ إليها، ناظِراً مُعْتَبِراً، {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}؛ أي: نقْصٍ واختلالٍ؟). [تيسير الكريم الرحمن: 875]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3-{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} أيْ: بعضَها فوقَ بعضٍ، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} مِن تناقُضٍ ولا تَبَايُنٍ، ولا اعْوجاجٍ ولا تَخَالُفٍ، بل هي مُستويةٌ مُستقيمةٌ دالَّةٌعلى خالِقِها، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} أيْ: ارْدُدْ طَرْفَكَ في السماءِ وتَأَمَّلْ, هل تَرى فيها ـ على عَظَمَتِها واتِّسَاعِها ـ مِن تَشَقُّقٍ أو تَصَدُّعٍ). [زبدة التفسير: 561]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ ارجع البصر كرّتين} قال: مرّتين. {ينقلب إليك البصر خاسئًا} قال ابن عبّاسٍ: ذليلًا؟ وقال مجاهدٌ، وقتادة: صاغرًا.
{وهو حسيرٌ} قال ابن عبّاسٍ: يعني: وهو كليلٌ. وقال مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: الحسير: المنقطع من الإعياء.
ومعنى الآية: إنّك لو كرّرت البصر، مهما كرّرت، لانقلب إليك، أي: لرجع إليك البصر، {خاسئًا} عن أن يرى عيبًا أو خللًا {وهو حسيرٌ} أي: كليلٌ قد انقطع من الإعياء من كثرة التّكرّر، ولا يرى نقصًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/177]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}، والمرادُ بذلك: كَثرةُ التَّكرارِ.
{يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}؛ أي: عاجزاً عن أنْ يَرَى خَلَلاً أو فُطوراً، ولو حَرِصَ غايةَ الْحِرْصِ). [تيسير الكريم الرحمن: 875]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4-{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} أيْ: مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ، وإنْ كَثُرَتْ تلك الْمَرَّاتُ، فيكونُ ذلك أبْلَغَ في إقامةِ الْحُجَّةِ، وأَقطَعَ للمَعذِرَةِ.
{يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً} ذَليلاً صَاغراً عن أنْ يَرى شيئاً مِن العَيْبِ في خَلْقِ السماءِ، {وَهُوَ حَسِيرٌ} أيْ: كَليلٌ مُنقَطِعٌ). [زبدة التفسير: 561]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولمّا نفى عنها في خلقها النّقص بيّن كمالها وزينتها فقال: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح} وهي الكواكب الّتي وضعت فيها من السّيّارات والثّوابت.
وقوله: {وجعلناها رجومًا للشّياطين} عاد الضّمير في قوله: {وجعلناها} على جنس المصابيح لا على عينها؛ لأنّه لا يرمي بالكواكب الّتي في السّماء، بل بشهبٍ من دونها، وقد تكون مستمدّةً منها، واللّه أعلم.
وقوله: {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} أي: جعلنا للشّياطين هذا الخزي في الدّنيا، وأعتدنا لهم عذاب السّعير في الأخرى، كما قال: في أوّل الصّافّات: {إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب وحفظًا من كلّ شيطانٍ ماردٍ لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كلّ جانبٍ دحورًا ولهم عذابٌ واصبٌ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ} [الصّافّات: 6 -10].
قال قتادة: إنّما خلقت هذه النّجوم لثلاث خصالٍ: خلقها اللّه زينةً للسّماء، ورجومًا للشّياطين، وعلاماتٍ يهتدى بها، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظّه، وأضاع نصيبه، وتكلّف ما لا علم له به. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم). [تفسير القرآن العظيم: 8/177]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثم صَرَّحَ بذِكْرِ حُسْنِها، فقالَ:
(5 -10) {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ *}.
أي: ولَقَدْ جَمَّلْنَا {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} التي تَرَوْنَها وتَلِيكُم {بِمَصَابِيحَ} وهي النجومُ، على اختلافِها في النورِ والضياءِ؛ فإنه لولا ما فيها مِن النجومِ لكانَ سَقْفاً مُظْلِماً، لا حُسْنَ فيه ولا جَمالَ.
ولكنْ جَعَلَ اللَّهُ هذه النجومَ زِينةً للسماءِ، وجَمالاً ونُوراً وهِدايةً يُهْتَدَى بها في ظُلُماتِ الْبَرِّ والبحْرِ.
ولا يُنافِي إِخبارُه أنه زَيَّنَ السماءَ الدنيا بِمَصابيحَ أنْ يكونَ كثيرٌ مِن النجومِ فوقَ السماواتِ السبْعِ؛ فإنَّ السماواتِ شَفَّافَةٌ، وبذلك تَحْصُلُ الزينةُ للسماءِ الدنيا، وإنْ لم تَكُنِ الكواكبُ فيها.
{وَجَعَلْنَاهَا}؛ أي: المَصابِيحَ، {رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ} الذينَ يُريدونَ اسْتِرَاقَ خَبَرِ السماءِ، فجَعَلَ اللَّهُ هذه النجومَ حِراسةً للسماءِ عن تَلَقُّفِ الشياطينِ أخبارَ الأرضِ.
فهذهِ الشُّهُبُ التي تُرْمَى مِن النجومِ أَعَدَّهَا اللَّهُ في الدنيا للشياطينِ.
{وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ}في الآخِرَةِ {عَذَابَ السَّعِيرِ}؛ لأنَّهم تَمَرَّدُوا على اللَّهِ، وأَضَلُّوا عِبادَه، ولهذا كانَ أَتْبَاعُهم مِن الكُفَّارِ مِثلَهم، قد أَعَدَّ اللَّهُ لهم عَذابَ السَّعِيرِ.
فلهذا قالَ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ). [تيسير الكريم الرحمن: 875-876]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5-{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} فَصارَتْ في أحْسَنِ خَلْقٍ وأكمَلِ صورةٍ وأَبهجِ شكْلٍ، وسُمِّيَتِ الكواكبُ مَصابيحَ لأنها تُضيءُ كإضاءةِ السِّراجِ.
{وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} أيْ: وجَعَلْنَا المصابيحَ رُجوماً يُرْجَمُ بها الشياطينُ، وهذه فائدةٌ أُخْرَى غيرُ كونِها زِينةً للسماءِ الدنيا، قالَ قَتادةُ: خَلَقَ اللهُ النجومَ لثلاثٍ: زِينةً للسماءِ، ورُجومًا للشياطينِ، وعَلاماتٍ يُهتدَى بها في الْبَرِّ والبحرِ.
{وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} أي: وأَعْدَدْنا للشياطينِ في الآخِرةِ بعدَ الإحراقِ في الدنيا بالشهُبِ, عذابَ النارِ). [زبدة التفسير: 561-562]


* للاستزادة يُنظر: هنا

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir