دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة البقرة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 ذو القعدة 1435هـ/17-09-2014م, 08:33 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (211) إلى الآية (212) ]



تفسير قول الله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)}



تفسير قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بيّنة ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته فإنّ اللّه شديد العقاب}
الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمعنى له ولسائر المؤمنين وغيرهم. المعنى أنهم أعطوا آيات بينات قد تقدم ذكرها، وقد علموا صحة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وجحدوا، وهم عالمون بحقيقته.
وقوله عزّ وجلّ: {ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته}.
يعني به في هذا الموضع حجج اللّه الدالة على أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن الله شديد العقاب (أي شديد التعذيب) ). [معاني القرآن: 1/281]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: سل بني إسرائيل الآية، الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، وفيه إباحة السؤال لمن شاء من أمته، ومعنى الآية توبيخهم على عنادهم بعد الآيات البينة. وقرأ أبو عمرو في رواية عباس عنه «اسأل» على الأصل، وقرأ قوم «أسل» على نقل الحركة إلى السين وترك الاعتداد بذلك في إبقاء ألف الوصل على لغة من قال الحمر، ومن قرأ «سل» فإنه أزال ألف الوصل حين نقل واستغنى عنها. وكم في موضع نصب إما بفعل مضمر بعدها لأن لها صدر الكلام، تقديره كم آتينا آتيناهم، وإما ب آتيناهم.
وقوله: من آيةٍ هو على التقدير الأول مفعول ثان ل آتيناهم، وعلى الثاني في موضع التمييز. ويصح أن تكون كم في موضع رفع بالابتداء والخبر في آتيناهم. ويصير فيه عائد على كم تقديره كم آتيناهموه، والمراد بالآية: كم جاءهم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم من آية معرفة به دالة عليه، ونعمة اللّه لفظ عام لجميع أنعامه، ولكن يقوي من حال النبي معهم أن المشار إليه هنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: ومن يبدل من بني إسرائيل صفة نعمة الله، ثم جاء اللفظ منسحبا على كل مبدل نعمة لله تعالى.
وقال الطبري: «النعمة هنا الإسلام»، وهذا قريب من الأول، ويدخل في اللفظ أيضا كفار قريش الذين بعث محمد منهم نعمة عليهم، فبدلوا قبولها والشكر عليها كفرا، والتوراة أيضا نعمة على بني إسرائيل أرشدتهم وهدتهم، فبدلوها بالتحريف لها وجحد أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: فإنّ اللّه شديد العقاب خبر يقتضي ويتضمن الوعيد، والعقاب مأخوذ من العقب، كأن المعاقب يمشي بالمجازاة له في آثار عقبه، ومنه عقبة الراكب وعقبة القدر). [المحرر الوجيز: 1/507-509]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آيةٍ بيّنةٍ ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته فإنّ اللّه شديد العقاب (211) زيّن للّذين كفروا الحياة الدّنيا ويسخرون من الّذين آمنوا والّذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ (212)}
يقول تعالى مخبرًا عن بني إسرائيل: كم قد شاهدوا مع موسى {من آيةٍ بيّنةٍ} أي: حجّةٌ قاطعةٌ على صدقه فيما جاءهم به، كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدّة الحرّ، ومن إنزال المنّ والسّلوى وغير ذلك من الآيات الدّالّات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه، ومع هذا أعرض كثيرٌ منهم عنها، وبدلوا نعمة اللّه [كفرًا] أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها، والإعراض عنها. {ومن يبدّل نعمة اللّه من بعد ما جاءته فإنّ اللّه شديد العقاب} كما قال إخبارًا عن كفّار قريشٍ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار * جهنّم يصلونها وبئس القرار} [إبراهيم: 28، 29]). [تفسير ابن كثير: 1/568]
تفسير قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {زيّن للّذين كفروا الحياة الدّنيا ويسخرون من الّذين آمنوا والّذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة واللّه يرزق من يشاء بغير حساب}
رفع على ما لم يسم فاعله، و (زيّن) جاز فيه لفظ التذكير، ولو كانت زيّنت لكان صوابا. وزين صواب حسن، لأن تأنيث الحياة ليس بحقيقي، لأن معنى الحياة ومعنى العيش واحد، وقد فصل أيضا بين الفعل وبين الاسم المؤنث.
وقيل في قوله {زيّن للّذين كفروا الحياة الدّنيا}قولان:
1- قال بعضهم زينها لهم إبليس، لأن اللّه عزّ وجلّ قد زهّد فيها وأعلم أنها متاع الغرور.
2- وقال بعضهم: معناه أن اللّه عزّ وجلّ خلق فيها الأشياء المعجبة فنظر إليها الذين كفروا بأكثر من مقدارها، ودليل قول هؤلاء قوله تعالى: {زيّن للنّاس حبّ الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة}
وكلّ جائز.
وقوله عزّ وجلّ: {ويسخرون من الّذين آمنوا}.
كان قوم من المشركين يسخرون من المسلمين لأن حالهم في ذات اليد كانت قليلة، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - بأن الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة. لأن المسلمين في عليين والفجّار في الجحيم، قال اللّه - عزّ وجلّ - {إنّ الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكو}
ومعنى: {واللّه يرزق من يشاء بغير حساب}أي: ليس يرزق المؤمن على قدر إيمانه ولا يرزق الكافر على قدر كفره.
فهذا معنى{بغير حساب} - أي: ليس يحاسبه بالرزق في الدنيا على قدر العمل، ولكن الرزق في الآخرة على قدر العمل وما يتفضل اللّه به جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 1/281-282]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: زيّن للّذين كفروا الحياة الدّنيا المزين هو خالقها ومخترعها وخالق الكفر، ويزينها أيضا الشيطان بوسوسته وإغوائه، وقرأ مجاهد وحميد بن قيس وأبو حيوة «زين» على بناء الفعل للفاعل ونصب «الحياة»، وقرأ ابن أبي عبلة «زينت» بإظهار العلامة، والقراءة دون علامة هي للحائل ولكون التأنيث غير حقيقي، وخص الذين كفروا الذكر لقبولهم التزيين جملة وإقبالهم على الدنيا وإعراضهم عن الآخرة سببها، والتزيين من الله تعالى واقع للكل، وقد جعل الله ما على الأرض زينة لها ليبلو الخلق أيهم أحسن عملا، فالمؤمنون الذين هم على سنن الشرع لم تفتنهم الزينة، والكفار تملكتهم لأنهم لا يعتقدون غيرها، وقد قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه حين قدم عليه بالمال: «اللهم إنّا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا».
وقوله تعالى: ويسخرون إشارة إلى كفار قريش لأنهم كانوا يعظمون حالهم من الدنيا ويغتبطون بها ويسخرون من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم كبلال وصهيب وابن مسعود وغيرهم، فذكر الله قبيح فعلهم ونبه على خفض منزلتهم بقوله: والّذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة، ومعنى الفوق هنا في الدرجة والقدر فهي تقتضي التفضيل وإن لم يكن للكفار من القدر نصيب، كما قال تعالى: أصحاب الجنّة يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا [الفرقان: 24]، وتحتمل الآية أن المتقين هم في الآخرة في التنعم والفوز بالرحمة فوق ما هم هؤلاء فيه في دنياهم، وكذلك خير مستقرا من هؤلاء في نعمة الدنيا، فعلى هذا الاحتمال وقع التفضيل في أمر فيه اشتراك، وتحتمل هذه الآية أن يراد بالفوق المكان من حيث الجنة في السماء والنار في أسفل السافلين، فيعلم من ترتيب الأمكنة أن هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وتحتمل الآيتان أن يكون التفضيل على ما يتضمنه زعم الكفار، فإنهم كانوا يقولون: وإن كان معاد فلنا فيه الحظ أكثر مما لكم، ومنه حديث خباب مع العاصي بن وائل، وهذا كله من التحميلات حفظ لمذهب سيبويه والخليل في أن التفضيل إنما يجيء فيما فيه شركة، والكوفيون يجيزونه حيث لا اشتراك.
وقوله تعالى: واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ يحتمل أن يكون المعنى: والله يرزق هؤلاء الكفرة في الدنيا فلا تستعظموا ذلك ولا تقيسوا عليه الآخرة، فإن الرزق ليس على قدر الكفر والإيمان بأن يحسب لهذا عمله ولهذا عمله فيرزقان بحساب ذلك، بل الرزق بغير حساب الأعمال، والأعمال ومجازاتها محاسبة ومعادة إذ أجزاء الجزاء تقابل أجزاء الفعل المجازى عليه، فالمعنى أن المؤمن وإن لم يرزق في الدنيا فهو فوق يوم القيامة، وتحتمل الآية أن يكون المعنى أن الله يرزق هؤلاء المستضعفين علو المنزلة بكونهم فوق، وما في ضمن ذلك من النعيم بغير حساب، فالآية تنبيه على عظم النعمة عليهم وجعل رزقهم بغير حساب، حيث هو دائم لا يتناهى، فهو لا ينفد، ويحتمل أن يكون بغير حسابٍ صفة لرزق الله تعالى كيف تصرف، إذ هو جلت قدرته لا ينفق بعد، ففضله كله بغير حساب، ويحتمل أن يكون المعنى في الآية من حيث لا يحتسب هذا الذي يشاؤه الله، كأنه قال بغير احتساب من المرزوقين، كما قال تعالى: ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق: 3]، وإن اعترض معترض على هذه الآية بقوله تعالى: عطاءً حساباً [النبأ: 36]، فالمعنى في ذلك محسبا، وأيضا فلو كان عدا لكان الحساب في الجزاء والمثوبة لأنها معادة وغير الحساب في التفضل والإنعام). [المحرر الوجيز: 1/509-511]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدّنيا للكافرين الّذين رضوا بها واطمأنّوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها ممّا يرضي اللّه عنهم، وسخروا من الّذين آمنوا الّذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربّهم، وبذلوا ابتغاء وجه اللّه؛ فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظّ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم، ومسيرهم ومأواهم، فاستقرّوا في الدّرجات في أعلى علّيّين، وخلّد أولئك في الدّركات في أسفل السّافلين؛ ولهذا قال تعالى: {واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ} أي: يرزق من يشاء من خلقه، ويعطيه عطاءً كثيرًا جزيلًا بلا حصرٍ ولا تعدادٍ في الدّنيا والآخرة كما جاء في الحديث: "ابن آدم، أنفق أنفق عليك"، وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا". وقال تعالى: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأٍ: 39]، وفي الصّحيح أنّ ملكين ينزلان من السّماء صبيحة كلّ يومٍ، يقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكا تلفًا. وفي الصحيح "يقول ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، وما لبست فأبليت، وما تصدّقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهبٌ وتاركه للنّاس".
وفي مسند الإمام أحمد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "الدّنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له"). [تفسير ابن كثير: 1/568-569]



* للاستزادة ينظر: هنا

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir