سؤال الطالبة: ميمونة
ذكرت يا شيخ:
القسم الثاني: النذر الذي يراد به الإلزام المجرد عن معاني التعبد كأن ينذر ألا يكلم فلاناً وإن لم يكن فيه لفظ النذر،
كأن يقول رجل لابنه لئن لم تأتني فكلامك علي حرام، أو لا أكلمك أبداً، أو لأضربنك مائة سوط، ونحو ذلك ،
فهذا يسمى نذراً لأنه ألزم نفسه به، ولا يحل الوفاء به، وليس فيه معنى التعبد.
لكن لو قال: لِلْوَلِيِّ الفلاني علي نذر أن لا أكلمك، فهذه عبادة لأنه قصد بهذا النذر التقرب لذلك الولي؛
فيكون بذلك مشركاً والعياذ بالله.
سؤالي: لم تقصد هنا بالمثال التقرب به للولي وإنما قال: عليّ نذر ألا أكلمك وهناك فرق .. فلمَ يعتبر نذرعبادة ومشرك صاحبه ؟
جواب الشيخ: عبدالعزيز الداخل
إذا قال عليَّ نذر وهو يقصد بذلك أنه نذر لله ؛ فلا يكون شركاً ، لأنه لم يتقرب بهذا النذر لغير الله.
وإذا قال : عليَّ نذر للحسين أو للسيد البدوي أو لغيرهما فهذا شرك أكبر ، لأنه صرف عبادة النذر لغير الله تعالى.
وقول القائل: (لِلْوَلِيِّ الفلاني علي نذر أن لا أكلمك) صريح في أنه يتقرب بهذا النذر لذلك الولي.
سؤال الطالبة: ميمونة
- والناس في إرادة الدنيا على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة إيثاراً مطلقاً فهي همهم ولأجلها عملهم ؛
فهؤلاء هم الكفار الذين عناهم الله تعالى في الآيات السابقة،
ويلتحق بهم كل من ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام بسبب إيثاره للحياة الدنيا ، والعياذ بالله.
القسم الثاني: الذين لديهم نوع إيثار للحياة الدنيا حملهم على ترك بعض الواجبات واقتراف بعض المحرمات
فهؤلاء هم أهل الفسق من المسلمين.
القسم الثالث: الذين استعانوا بأمور الدنيا على ما ينفعهم في الآخرة،فأخذوا منها ما يستعينون به على إعفاف أنفسهم والتقوي على طاعة الله ؛
فهؤلاء هم الناجون السعداء .
سؤالي في القسم الثاني: هل كل من لديه نوع إيثار للحياة الدنيا حمله على ترك بعض الواجبات نحكم عليه بأن فاسق كما ذكرت ....
كمن يشاهد مباراة كرة القدم وأخّر صلاة العشاء ولم يصليها مع الجماعة في المسجد
أوحتى لم يصليها في وقتها في المنزل فهنا آثرالحياة الدنيا وأخّر الواجب .. هل نحكم عليه بأن فاسق؟
وكذلك من تؤخر صلاة الفجر بسبب ذهابها لمناسبة زواج ثم أتت متعبة ومرهقة ونامت قُرب صلاة الفجر,
ولم تستقيقظ للصلاة وأدتها في وقت متأخر .. وهذا يحصل وكثيراً لبعض الأخوات فهل تعتبر فاسقة ؟
جواب الشيخ: عبدالعزيز الداخل
ينبغي أن يفرَّق بين بيان حكم الفعل، والفاعل المطلق ، وبين حكم الفاعل المعيَّن.
فنقول كل معصية لله تعالى فهي فسق؛ لأنها خروج عن طاعة الله في ذلك الأمر.
فمن ارتكب حراماً لا يُعذر بارتكابه أو ترك واجباً لا يعذر بتركه فقد أتى فسقاً، ويصح أن نقول بإطلاق من غير تعيين أن من فعل المعصية فهو فاسق ، أي بفعله لتلك المعصية.
لكن الفاعل المعيَّن كفلان من الناس فلا يصح أن يوصف بأنه فاسق إلا بأحد أمرين:
الأمر الأول: أن يأتي كبيرة من الكبائر المعروفة ولا يظهر من حاله التوبة عنها ؛ كأن يقتل أو يزني أو يأكل الربا أو يسرق ونحو ذلك ، فمن فعل أحد هذه الكبائر ونحوها ولو مرَّة واحدة فهو فاسق إلى أن يتوب منها.
الأمر الثاني: أن يكثر منه فعل المعاصي ويعرف هذا من شأنه ؛ فيكون فاسقاً لذلك.
وأما من يقع في بعض المعاصي أحياناً ويعرف من عموم شأنه الاستقامة والصلاح فتوصف المعصية التي عملها بأنها فسق ، لكن لا يوصف هو بأنه فاسق، ولذلك قد يقع بعض الأخيار في بعض المعاصي أحياناً ويستغفرون ويتوبون ولا يوصفون بالفسق، فهم ليسوا معصومين من الوقوع في بعض المعاصي.
وهذا كما أن من وقع في بدعة عملية لا يصح أن يوصف بأنه مبتدع إلا إذا عرف ذلك من حاله بكثرة البدع وتكرارها أو يكون قد خالف أهل السنة في أصل من أصول العقيدة.
والمقصود أن هؤلاء إن كان قد وقع منهم ذلك على وجه القلة والندرة فيناصحون ، ولا يصح أن يوصفوا بأنهم فسقة ، وأما إذا كان من عادتهم التفريط في الصلوات وإضاعتها وتأخيرها عن أوقاتها بسبب الإقبال على اللهو واللغو ؛ فهم أهل فسق.