دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأقسام العلمية العامة > القراءة المنظمة > صفحات الطلاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1432هـ/2-02-2011م, 09:00 PM
عبد الرحمن جهاد عبد الرحمن جهاد غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 2
افتراضي صفحة الطالب: عبد الرحمن جهاد

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقاصد الشيخ في رسالته هي :- السعادة في الحياة ، ينتج عنه راحة القلب وطمأنينته ، السرور وزوال الهموم والغموم // فسيحصل على الحياة الطيبة ، و السرور والابتهاج
وتكون الأسباب هي :-

1- أسباب دينية
2- أسباب طبيعية
3- أسباب علمية


بيان سناد المقاصد :-

1) أعظم الأسباب التي توصل إلى السعادة الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) سورة النحل: آية 97..
فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره. لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر فيتفاوتان تفاوتاً عظيماً في تلقيها، وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح.
هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما، فيحدث له السرور والابتهاج، وزوال الهم والغم، والقلق، وضيق الصدر، وشقاء الحياة وتتم له الحياة الطيبة في هذه الدار. والآخر يتلقى المحاب بأشرٍ وبطرٍ وطغيان.
فتنحرف أخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع، ومع ذلك فإنه غير مستريح القلب، بل مشتته من جهات عديدة.

2) ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق، الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف، وكلها خير وإحسان.
قال تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) (سورة النساء: آية 114).

3) ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب ، الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة
وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه.

4) ومما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا، ويسأل ربه نجاح مقصده. ويستعينه على ذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) (رواه مسلم.)،

5) الإكثار من ذكر الله ، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه وغمه، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (سورة الرعد: آية 28) فلذكر الله أثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته،

6) وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم، ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا.

7) ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم) (رواه البخاري)

8) ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون، فيجاهد قلبه عن التفكر فيها وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله،

9) ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر) (رواه مسلم.). وكذلك قوله: (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينْ وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت) (رواه أبو داود بإسناد صحيح).

10) ومن أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد شئ من النكبات، أن يسعى في تخفيفها بأن يقّدِر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وبهذا السعي النافع، تزول همومه وغمومه، ويكون بذل ذلك السعي في جلب المنافع، وفد دفع المضار الميسورة للعبد.

11) ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضاً للأمراض البدنية: قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة. والغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية، والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة.

12) ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة، وكم أثَّرت هذه الأمور على قلوب كثيرين من الأقوياء، فضلاً عن الضعفاء، وكم أدت إلى الحمق والجنون، والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب، الدافعة لقلقه، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (سورة الطلاق: آية 3) أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه.

13) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) (رواه مسلم)، فائدتان عظيمتان:
إحداهما: الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل، وكل من بينك وبينه علاقة واتصال، الفائدة الثانية: وهي زوال الهم والقلق، وبقاء الصفاء، والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة: وحصول الراحة بين الطرفين،

14) العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرة جداً، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهباً للهموم والأكدار، ولا فرق في هذا بين البر والفاجر، ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر، والنصيب النافع العاجل والآجل.

15) وينبغي أيضاً إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.
وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية وبذلك يزول همه وخوفه،

16) ومن الأمور النافعة أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصاً في الأقوال السيئة، لا تضرك بل تضرهم، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها، وسوغت لها أن تملك مشاعرك، فعند ذلك تضرك كما ضرتهم، فإن أنت لم تضع لها بالاً لم تضرك شيئاً.

17) واعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكاراً فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة. وإلا فالأمر بالعكس

18) ومن أنفع الأمور لطرد الهم أن توطن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله، فإذا أحسنت إلى من له حق عليك أو من ليس له حق، فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله. فلا تبال بشكر من أنعمت عليه، كما قال تعالى في حق خواص خلقه: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً) (سورة الإنسان: آية 9).

19) اجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة.

20) ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال، والتفرغ في المستقبل لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.

21) وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فالأهم، وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة، فما ندم من استشار،

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 ربيع الأول 1432هـ/5-02-2011م, 10:49 AM
عبد الرحمن جهاد عبد الرحمن جهاد غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 2
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

موضوع اليوم هو :- الرسالة التبوكية للشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية .


{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب }

وقد اشتملت هده الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم بعضا وفيما بينهم وبين ربهم فان كل عبد لا ينفك عن هاتين الحالتين وهذين الواجبين : واجب بينه وبين الله وواجب بينه وبين الخلق فأما ما بينه وبين الخلق : من المعاشرة والمعاونة والصحبة فالواجب عليه فيها أن يكون اجتماعه بهم وصحبته لهم تعاونا على مرضاة الله وطاعته التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه ولا سعادة له إلا بها وهي البر والتقوى اللذان هما جماع الدين كله وإذا افرد كل واحد من الاسمين دخل في مسمى الآخر إما تضمنا وإما لزوما ودخوله فيه تضمنا أظهر لأن البر جزء مسمى التقوى وكذلك التقوى فانه جزء مسمى البر وكون أحدهما لا يدخل في الآخر عند الاقتران لا يدل على أنه لا يدخل فيه عند انفراد الآخر .

معنى البر والتقوى
قوله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .
فأخبر سبحانه أن البر هو الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وهذه هي أصول الإيمان الخمس التي لا قوام للإيمان إلا بها

وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً ، أمراً ونهياً ، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده ، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من وعيده ، كما قال طلق بن حبيب : " إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى " قالوا : وما التقوى ؟ قال : " أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله " .

وهذا باب شريف ينتفع به انتفاعاً عظيماً في فهم ألفاظ القرآن ودلالته ، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله فانه هو العلم النافع وقد ذم الله تعالى في كتابه من ليس له علم بحدود ما أنزل الله على رسوله.


فإن عدم العلم بذلك مستلزم مفسدتين عظيمتين :
إحداهما أن يدخل في مسمى اللفظ ما ليس منه فيحكم له بحكم المراد من اللفظ فيساوي بين ما فرق الله بينهما .
والثانية أن يخرج من مسمى اللفظ بعض أفراده الداخلة تحته فيسلب عنه حكمه فيفرق بين ما جمع الله بينهما .

معنى الإثم والعدوان

قال تعالى : { ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان } . والإثم والعدوان في جانب النهي نظير : البر والتقوى في جانب الأمر . والفرق بين الإثم والعدوان كالفرق ما بين محرم الجنس ومحرم القدر . فالإثم ما كان حراماً لجنسه ، والعدوان ما حرم لزيادة في قدر وتعدي ما أباح الله منه فالزنا والخمر والسرقة ونحوها

فالعدوان : هو تعدي حدود الله التي قال فيها : { تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } .


الهجرة إلى الله ورسوله


الهجرة تنقسم إلى هجرتان :
الهجرة الأولى : هجرة بالجسم من بلد إلى بلد ، وهذه أحكامها معلومة وليس المراد الكلام فيها .
والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله ، وهذه هي المقصودة هنا . وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها .

وهي هجرة تتضمن ( من ) و ( إلى ) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته ، ومن عبودية غيره إلى عبوديته ، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه ، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى : { ففروا إلى الله }

النفي والإثبات مثل قوله تعالى : { فلا أقسم بالخنس ، الجوار الكنس ، والليل إذا عسعس ، والصبح إذا تنفس ، إنه لقول رسول كريم ، ذي قوة عند ذي العرش مكين ، مطاع ثم أمين ، وما صاحبكم بمجنون ، ولقد رآه بالأفق المبين ، وما هو على الغيب بضنين ، وما هو بقول شيطان رجيم } ، وكذلك قوله : { لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة ، أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ، بلى قادرين على أن نسوي بنانه } .
والمقصود : أن افتتاح هذا القسم بأداة النفي يقتضي تقوية المقسم عليه وتأكيده وشدة انتفائه .
وثانيها : تأكيده بنفس القسم .
وثالثها : تأكيده بالمقسم به ، وهو إقسامه بنفسه لا بشيء من مخلوقاته ، وهو سبحانه يقسم بنفسه تارة وبمخلوقاته تارة .
ورابعها : تأكيده بانتفاء الحرج وهو وجود التسليم .
وخامسها : تأكيد الفعل بالمصدر ، وما هذا التأكيد إلا لشدة الحاجة إلى هذا الأمر العظيم ، وإنه مما يعتني به ويقرر في نفوس العباد بما هو من ابلغ أنواع التقرير .

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ، وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً } ، فأمر سبحانه بالقيام بالقسط وهو العدل في هذه الآية ، وهذا أمر بالقيام به في حق كل أحد عدواً كان أو ولياً وأحق ما قام له العبد بقصد الأقوال والآراء والمذاهب ، إذ هي متعلقة بأمر الله وخبره .
فالقيام فيها بالهوى والمعصية مضاد لأمر الله مناف لما بعث به رسوله .
والقيام فيها بالقسط وظيفة خلفاء الرسول في أمته وأمنائه بين اتباعه . ولا يستحق اسم الأمانة إلا من قام فيها بالعدل المحض نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعباده ، وأولئك هم الوارثون حقا ، لا من يجعل أصحابه ونحلته ومذهبه معياراً على الحق وميزاناً له ، يعادي من خالفه ويوالي من وافقه بمجرد موافقته ومخالفته ، فأين هذا من القيام بالقسط الذي فرضه الله على كل أحد ؟! وهو في هدا الباب أعظم فرضاً وأكبر وجوباً .
ثم قال : { شهداء الله } الشاهد هو المخبر ، فان أخبر بحق فهو شاهد عدل مقبول ، وإن أخبر بباطل فهو شاهد زور ، وأمر تعالى أن يكون شهيداً له مع القيام بالقسط ، وهذا يتضمن أن تكون الشهادة بالقسط ، وان تكون لله لا لغيره ، وقال في الآية الأخرى : { كونوا قوامين لله شهداء بالقسط } فتضمنت الآيتان أموراً أربعة .
أحدهما : القيام بالقسط .
الثاني : أن يكون لله .
الثالث : الشهادة بالقسط .
الرابع : أن تكون لله .
واحتضنت آية النساء بالقسط والشهادة لله ، وآية المائدة بالقيام لله والشهادة بالقسط لسر عجيب من أسرار القرآن ليس هذا موضع ذكره .
ثم قال تعالى : { ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين } فأمر سبحانه أن يقام بالقسط ويشهد على كل أحد ولو كان أحب الناس إلى العبد ، فيقوم بالقسط على نفسه ووالديه الذين هما أصله وأقاربه الذين هم أخص به والصديق من سائر الناس ، فإن كان ما في العبد من محبة لنفسه ولوالديه وأقرابه يمنعه من القيام عليهم بالحق ، ولاسيما إذا كان الحق لمن يبغضه ويعاديه قبلهم ، فإنه لا يقوم به في هذا الحال إلا من كان الله ورسوله أحب إليه من كل ما سواهما ، وهذا يمتحن به العبد إيمانه فيعرف منزلة الإيمان من قلبه ومحله منه ، وعكس هذا عدل العبد في أعدائه ومن يجفوه ، فإنه لا ينبغي أن يحمله بغضه لهم أن يحيف عليهم ، كما لا ينبغي أن يحمله حبه لنفسه ووالديه وأقاربه على أن يترك القيام عليهم بالقسط ، فلا يدخله ذلك البغض في باطل ولا يقصر به هذا الحب عن الحق . كما قال السلف : " العادل هو الذي إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل ، وإذا رضي لم يخرجه رضاه عن الحق " .
اشتملت الآيتان على هذين الحكمين : وهما القيام بالقسط والشهادة به على الأولياء والأعداء .
ثم قال تعالى { إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما } منكم هو ربهما ومولاهما وهما عبيده ، كما أنكم عبيده فلا تحابوا غنياً لغناه ، ولا فقيراً لفقره فإن الله أولى بهما منكم .
وقد يقال : فيه معنى آخر أحسن من هذا ، وهو أنهم ربما خافوا من القيام بالقسط وأداء الشهادة على الغني والفقير .
أما الغني فخوفاً على ماله ، وأما الفقير فلإعدامه وأنه لا شيء له فتتساهل ، النفوس في القيام عليه بالحق ، فقيل لهم : والله أولى بالغني والفقير منكم ، أعلم بهذا وأرحم بهذا ، فلا تتركوا أداء الحق والشهادة على غني ولا فقير .
ثم قال تعالى : { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } نهاهم عن اتباع الهوى الحامل على ترك العدل . وقوله تعالى { أن تعدلوا } منصوب الموضع لأنه مفعول لأجله ، وتقديره عند البصريين : كراهية أن تعدلوا ، أو حذر أن تعدلوا ، فيكون اتباعكم للهوى كراهية العدل أو فراراً منه ، وعلى قول الكوفيين التقدير.أن لا تعدلوا ، وقول البصريين أحسن وأظهر .
ثم قال تعالى : { وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً } ذكر سبحانه السببين الموجبين لكتمان الحق محذرا منهما ومتوعدا عليهما :
أحدهما : اللّي والآخر : الإعراض ، فإن الحق إذا ظهرت حجته ولم يجد من يروم دفعها طريقاً إلى دفعها أعرض عنها وأمسك عن ذكرها فكان شيطاناً أخرس ، وتارة يلويها ويحرفها ، اللي مثال الفتل وهو التحريف ، وهو نوعان : ليُّ في اللفظ وليُّ في المعنى ، فاللي في اللفظ أن يلفظ بها على وجه لا يستلزم الحق ، إما بزيادة لفظة أو نقصانها أو إبدالها بغيرها ، ولي في كيفية أدائها وإيهام السامع لفظاً وإرادة غيره ، كما كان اليهود يلوون ألسنتهم بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فهذا أحد نوعي اللي .
والنوع الثاني منه : لي المعنى وهو تحريفه وتأويل اللفظ على خلاف مراد المتكلم ، وبجهالة ما لم يرده أو يسقط منه لبعض المراد به ، ونحو هذا من لي المعاني ، فقال تعالى : { وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا } .

الموالاة لله


فهذا حكم الاتباع والمتبوعين المشركين في الضلالة . وأما الأتباع المخالفون لمتبوعيهم ، العادلون عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم ، فهم المذكورون في قوله تعالى : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب . وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا . كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار } ، فهؤلاء المتبوعون كانوا على هدى وأتباعهم ادعوا أنهم كانوا على طريقتهم ومنهاجهم ، وهم مخالفون لهم سالكون غير طريقتهم ، يزعمون أنهم يحبونهم وأن محبتهم لهم تنفعهم مع مخالفتهم ، فيتبرءون منهم يوم القيامة فإنهم اتخذوهم أولياء من دون الله وظنوا أن هذا الاتخاذ ينفعهم .

وهذه هي النسبة التي تنفع العبد ، فلا ينفعه غيرها في الدور الثلاثة : أعني دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار ، فلا قوام له ولا عيش ولا نعيم ولا فلاح إلا بهذه النسبة . وهي السبب الواصل بين العبد وبين الله ولقد أحسن القائل :
إذا تقطع حبل الوصل بينهم * فللمحبين حبل غير منقطـع
وان تصدع شمل القوم بينهم * فللمحبين شمل غير متصدع
والمقصود أن الله سبحانه يقطع يوم القيامة الأسباب والعلق والوصلات التي كانت بين الخلق في الدنيا كلها ، ولا يبقى إلا السبب والوصلة التي بين العبد وبين الله فقط وهو سبب العبودية المحضة التي لا وجود لها ولا تحقيق إلا بتجريد متابعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم إذ هذه العبودية إنما جاءت على ألسنتهم وما عرفت إلا بهم ولا سبيل إليها إلا بمتابعتهم


الهجرة زاد المسافر

والمقصود بهذا أن من أعظم التعاون على البر والتقوى والتعاون على سفر الهجرة إلى الله والرسول باليد واللسان والقلب والمساعدة والنصيحة تعليما وإرشاداً ومودة ، ومن كان هكذا مع عباد الله فكل خير إليه أسرع ، وأَقْبَلَ الله إليه بقلوب عباده وفتح على قلبه أبواب العلم ويسره لليسرى ، ومن كان بالضد فبالضد .
فإن قلت : قد أشرت إلى سفر عظيم وأمر جسيم فما زاد هذا السفر وما طريقه وما مركبه ؟
قلت : زاده العلم الموروث من خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ولا زاد له سواه فمن لم يحصل هذا الزاد فلا يخرج من بيته وليقعد مع الخالفين

فاسمع الآن بعض ما في هذه الآيات من أنواع الأسرار .
وكم قد تضمنت من الثناء على إبراهيم . . .
وكيف جمعت الضيافة وحقوقها . . .
وما تضمنت من الرد على أهل الباطل من الفلاسفة والمعطلة . . .
وكيف تضمنت علما عظيماً من أعلام النبوة . . .
وكيف تضمنت جميع صفات الكمال التي ردها إلى العلم والحكمة . . .
وكيف أشارت إلى دليل إمكان المعاد بألطف إشارة وأوضحها ثم أفصحت وقوعه . . .
وكيف تضمنت الأخبار عن عدل الرب وانتقامه من الأمم المكذبة . . .
وتضمنت ذكر الإسلام والإيمان والفرق بينهما . . .
وتضمنت بقاء آيات الرب الدالة على توحيده وصدق رسله وعلى اليوم الآخر . . .
وتضمنت انه لا ينتفع بهذا كله إلا من في قلبه خوف من عذاب الآخرة وهم المؤمنون بها . . .
وأما من لا يخاف الآخرة ولا يؤمن بها فلا ينتفع بتلك الآيات . . .
فاسمع الآن بعض تفاصيل هذه الجملة : قال الله تعالى : { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } افتتح سبحانه القصة بصيغة موضوعة للاستفهام ، وليس المراد بها حقيقة الاستفهام ، ولهذا قال بعض الناس : إن ( هل ) في مثل هذا الموضع بمعنى ( قد ) التي تقتضي التحقيق . ولكن في ورود الكلام في مثل هذا بصيغة الاستفهام سر لطيف ، ومعنى بديع ، فإن المتكلم إذا أراد أن يخبر المخاطب بأمر عجيب ينبغي الاعتناء به ، وإحضار الذهن له صدر له الكلام بأداة الاستفهام لتنبيه سمعه وذهنه للمخبر به ، فتارة يصدره بألا ، وتارة يصدره بهل ، فقول : هل علمت ما كان من كيت وكيت ؟ إما مذكرا به ، وإما واعظاً له مخوفا ، وإما منبها على عظمه ما يخبر به ، وإما مقرراً له

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 جمادى الأولى 1432هـ/24-04-2011م, 08:04 PM
أم البراء صبرين جلاييف أم البراء صبرين جلاييف غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: مصر...أرض الكنانة
المشاركات: 1,621
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حيا الله الأخوة و الأخوات
أختي ماريا الضريبي : أحسنت تلخيص موفق و إن كنت أغفلت مقصدين مهمين و هما تدبر القرآن و دلالات معانيه و المقصد الثاني و هو متطلبات طريق الهجرة من الاقتداء بالعلماء و الإعراض عن المثبطين عن الطريق من أموات الأحياء و رحمة الخلق بلين النصح و الجانب .
و كذا : المقصد العام من الرسالة هو الهجرة إلى الله و رسوله من أهم أبواب التعاون على البر و التقوى .
فالرسالة تناولت الهجرة إلى الله و رسوله و آدابها و أحوال الأتباع و المتبوعين و متطلبات الطريق وزاده .
و قدم ابن القيم رحمه الله تعالى بالحديث عن التعاون على البرو التقوى ليبين رحمة الله عليه أن الهجرة إلى الله و رسوله أو السفر إلى الله و رسوله من أوسع أبواب التعاون على البرو التقوى و أهمها لأنه طريق الغرباء و ليس التعاون على اللبر و التقوى هو مقصد الرسالة بل الهجرة إلى الله و رسوله هي المقصد العام منها .

أختي طالبة العفو : تلخيص موفق و إن فاتك التنويه عن المقصد الأخير الذي يتحدث متطلبات طريق الهجرة من رفقة الأموات الأحياء من العلماء و الصالحين و الابتعاد عن مخالطة المثبطين من أموات الأحياء و النصح للخلق رحمةً بهم و إشفاقاً عليهم .

أخي عبد الرحمن جهاد : تلخيصك أقرب للكشاف التحليلي لعرض مجمل الرسالة و هنا لا نريد هذا كما أن هذا سيجعلك مستقبلاً تمل من التلخيص و هذا غير مطلوب :
لم تذكر المقصد الكلي للرسالة و هو بيان الهجرة إلى الله و رسوله و آدابها و أن السفر إلى الله من أهم أوجه التعاون على البر و التقوى .
أكتفي بعد ذلك بذكر المقاصد الفرعية باقتضاب مع ذكر السناد لكلٍ منها فقط دون شرح . فأعد التلخيص كما ذكرت لك و ستجده سهلاً ميسراً


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1432هـ/30-04-2011م, 04:55 PM
أم البراء صبرين جلاييف أم البراء صبرين جلاييف غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: مصر...أرض الكنانة
المشاركات: 1,621
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أختي سومي منيرة : السناد هو ما ذكره المؤلف من دليل تعليلاًلكلامه سواء كان آية أو حديث أو دليل عقلي
في التلخيص نتبع ما يلي :
1-نذكرالمقصد العام من الرسالة ( موضوعها ) بجملة معبرة
2-نذكر المقاصد الفرعية المتفرعة عنه بجملة مقتضبة مع ذكرالسناد لكل ٍ منها
سأعطيك مثال من تلخيصك وآمل أن تعيدي التلخيص مرةً أخرى و تكملي عليه :-
مثال:المقصد العام من الرسالة : ( الوسائل الموصلة لسعادة الدنيا و الآخرة)
المقاصدالفرعية أو هذه الوسائل تتلخص فيما يلي :
1- الإيمان و العمل الصالح و سناده قوله تعالى : {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبةولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوايعملون}
آمل أن تكملي على هذا النسق
أختي بنت الإسلام : تلخيصك موفق و لكن آمل منك عدم الاستطراد،فهوغير مطلوب وعدم إهمال ذكر السناد في أي مقصد .
أخي عبد الرحمن جهاد : تلخيصك موفق و لكنك تكثر من شرح المقصد الفرعي تكفيك جملة مقتضبة تعبر عنه حتى لا تمل التلخيص مستقبلاً.

أختي محبة القرآن : تلخيص موفق و لكن آمل منك ذكر السناد لكل مقصد فقد أغفلته في بعض المقاصد .
يمكنك الانتقال للتطبيق الثاني .
وفقكم الله جميعاً لما يحب و يرضى

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالب, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir