دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > حلية طالب العلم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 08:55 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي حفظ الرعاية

28- حِفْظُ الرِّعايةِ :
ابْذُل الوُسْعَ في حِفْظِ العلْمِ ( حفْظَ رِعايةٍ ) بالعمَلِ والاتِّباعِ ؛ قالَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَجِبُ على طالِبِ الحديثِ أن يُخْلِصَ نِيَّتَه في طَلَبِه ، ويكونَ قَصْدُه وَجْهَ اللهِ سبحانَه ، ولْيَحْذَرْ أن يَجْعَلَه سَبيلًا إلى نَيْلِ الأعراضِ ) ، وطريقًا إلى أَخْذِ الأعواضِ ؛ فقد جاءَ الوعيدُ لِمَن ابْتَغَى ذلك بعِلْمِه .
ولْيَتَّقِّ المفاخَرَةَ والْمُباهاةَ به ، وأن يكونَ قَصْدُه في طَلَبِ الحديثِ نَيْلَ الرئاسةِ واتِّخاذَ الأتباعِ وعَقْدَ المجالِسِ ؛ فإنَّ الآفَةَ الداخلةَ على العُلماءِ أَكْثَرُها من هذا الوجْهِ .
ولْيَجْعَلْ حِفْظَه للحديثِ حِفْظَ رعايةٍ لا حِفْظَ روايةٍ ؛ فإنَّ رُواةَ العُلومِ كثيرٌ ، ورُعاتَها قَليلٌ ، ورُبَّ حاضرٍ كالغائبِ ، وعالِمٍ كالجاهِلِ ، وحاملٍ للحديثِ ليس معه منه شيءٌ إذ كان في اطِّرَاحِه لِحُكْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الذاهبِ عن مَعرفتِه وعِلْمِه .
ويَنبغِي لطالِبِ الحديثِ أن يَتمَيَّزَ في عامَّةِ أمورِه عن طرائقِ العَوَامِّ باستمعالِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أَمْكَنَه ، وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِه ؛ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اهـ .


  #2  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 01:43 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي الشرح الصوتي للشيخ : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

  #3  
قديم 13 صفر 1430هـ/8-02-2009م, 08:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

28- حفظ الرعاية:
ابذل الوسع في حفظ العلم(حفظ رعاية) بالعمل والاتباع، قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:«يجب على طالب الحديث أن يخلص نيته في طلبه، ويكون قصده وجه الله سبحانه. وليحذر أن يجعله سبيلا إلى نيل الأعراض، وطريقا إلى أخذ الأعواض، فقد جاء الوعيد لمن ابتغى ذلك بعلمه.
جاء الوعيد لمن طلب علما وهو يبتغي به وجه الله لغير الله لم يجد عرف الجنة، أي ريحها، وما ذكره الخطيب البغدادي- رحمه الله- حق أن يخلص الإنسان النية في طلب العلم بأن ينوي امتثال أمر الله تعالى والوصول إلى ثواب طلب العلم وحماية الشريعة والذب عنها ورفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن غيره، كل هذه تدل على الإخلاص، ولا يكون قصده نيل الأعراض كالجاه والرئاسة والمرتبة، أو طريقا إلى أحد الأعواض كالمرتبات لا يريد هذا.
فإذا قال قائل: كل الذين يطلبون العلم في الكليات إنما يقصدون الشهادة ولذلك نرى بعضهم يريد الوصول إلى هذه الشهادات ولو بالباطل كالشهادات المزيفة والغش وما أشبه ذلك. فيقال يمكن للإنسان أن يريد الشهادة في الكلية مع إخلاص النية وذلك أن يريد الوصول إلى منفعة الخلق لأن من لم يحمل الشهادة لا يتمكن من أن يكون مدرسا أو مديرا أو ما أشبه ذلك مما يتوقف على نيل الشهادة.
فإذا قال: أنا أريد أن أنال الشهادة لأتمكن من التدريس في الكلية مثلا، ولولا هذه الشهادة ما درست. أريد الشهادة لأن أكون داعية، لأننا في عصر لا يمكن أن يكون الإنسان فيه داعيا إلى الله إلا بالشهادة.
فإذا كانت هذه نية الإنسان فهي نية حسنة لا تضر إن شاء الله هذا في العلم الشرعي. أما في العلم الدنيوي فانو فيه ما شئت مما أحله الله. لو تعلم الإنسان الهندسة وقال أريد أن أكون مهندسا ليكون الراتب 10 آلاف ريال. فهل هذا حرام؟
لا.. لماذا؟ لأن هذا علم دنيوي، كالتاجر يتاجر من أجل أن يحصل على ربح.
وليتق المفاخرة والمباهاة به، وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة، واتخاذ الأتباع، وعقد المجالس، فإن الآفة الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه.
وقد جاء الوعيد فيمن طلب ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء. فأنت لا تقصد بعلمك المفاخرة والمباهاة، وأن يكون قصدك أن تصرف وجوه الناس إليك وما أشبه ذلك. هذه نيات سيئة، وهي ستحصل لك مع النية الصالحة إذا نويت نية صالحة، صرت إماما، صرت رئيسا يشير الناس إليك وأخذوا بقولك.
وليجعل حفظه للحديث حفظ رعاية لا حفظ رواية، فإن رواة العلوم كثير ورعاتها قليل، ورب حاضر كالغائب، وعالم كالجاهل، وحامل للحديث ليس معه منه شيء إذا كان في اطراحه لحكمة بمنزلة الذاهب عن معرفته وعلمه.
ومعنى «رعاية» أن يفقه الحديث ويعمل به ويبينه للناس، لأن مجرد الحفظ بدون فقه للمعنى ناقص جدا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :«رب مبلغ أوعى من سامع» .
والمقصود بالأحاديث أو القرآن الكريم هو فقه المعنى حتى يعمل به الإنسان ويدعو إليه، ولكن الله سبحانه وتعالى بحكمته جعل الناس أصنافا، منهم راو فقط ولا يعرف من المعنى شيئا إلا شيء واضح بين لا يحتاج الناس إلى مناقشته فيه، لكنه في الحفظ والثبات قوي جدا، ومن الناس من أعطاه الله فهما وفقها لكنه ضعيف الحفظ إلا أنه يفجر ينابيع العلم من النصوص إلا أنه ضعيف الحفظ، ومن الناس من يعطيه الله الأمرين: قوة الحفظ وقوة الفقه، لكن هذا نادر، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لما أتاه الله تعالى من العلم والحكمة مطر أصاب أرضا فصارت الأرض ثلاثة أقسام:
قسم: قيعان ابتلعت الماء ولم تنبت الكلأ، فهذا مثل من أتاه الله العلم والحكمة ولكنه لم يرفع به رأسا ولم ينتفع به ولم ينفع به غيره.
والقسم الثاني- أرض أمسكت الماء ولكنها لم تنبت الكلأ. هؤلاء من الرواة، امسكوا الماء فسقوا الناس واستقوا وزرعوا، لكن هم أنفسهم ليس عندهم إلا حفظ هذا الشيء.
والأرض الثالثة- أرض رياض قبلت الماء فأنبتت العشب والكلأ فانتفع الناس وأكلوا وأكلت مواشيهم. وهؤلاء الذين من الله عليهم بالعلم والفقه، فنفعوا الناس وانتفعوا به.
وينبغي لطالب الحديث أن يتميز في عامة أموره عن طرائق العوام باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمكنه، وتوظيف السنن على نفسه، فإن الله تعالى يقول :(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (سورة الأحزاب: 21). اهـ.
«ينبغي» أحيانا يراد بها الوجوب، لكن الشائع في استعمالها أنها للندب. وهذا في الأمور التعبدية ظاهر. أنه ينبغي للإنسان أن يتميز باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور الاتفاقية التي وقعت اتفاقا من غير قصد هل يشرع أن يتبعها الإنسان أم لا ؟
كان ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه يتبع ذلك، حتى أنه يتحرى المكان الذي نزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وبال فيه، فنزل ويبول. وإن لم يكن محتاجا للبول.
كل هذا من شدة تحريه لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن هذا قد خالف أكثر الصحابة فيه ورأوا أن ما وقع اتفاقا فليس بمشروع اتباعه للإنسان. ولهذا لو قال قائل: أيسن لنا الآن ألا نقدم مكة في الحج إلا في اليوم الرابع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم في اليوم الرابع؟
الصحيح أنه لا يشرع لأنه وقع اتفاقا لا قصدا.
ما وقع عادة فهل يشرع لنا أن نتبعه فيه؟ مثلا: العمامة والرداء والإزار. نقول: نعم يشرع أن نتبعه فيه.
لكن ما معنى الاتباع. هل معناه اتباعه في عين ما لبس؟ أو اتباعه في جنس ما لبس؟ الجواب: الثاني. لأنه لبس ما اعتاده الناس في ذلك الوقت.
وعلى ذلك نقول: السنة لبس ما يعتاده الناس، ما لم يكن محرما، فإن كان محرما وجب اجتنابه ما وقع على سبيل التشهي فهل نتبعه فيه. كان عليه الصلاة والسلام يحب الحلوى، يحب العسل، يتتبع الدباء في الأكل. هل نتبعه في ذلك.
قال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء- يعني القرع- في الطعام، فمازلت أتتبعها منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبعها.
وعلى هذا فهل نقول من المشروع أنك تتبع الدباء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يتبعه أم لا؟
الظاهر أن هذا الاتباع فيه أحرى من الاتباع فيما سبقه- وهو ما وقع اتفاقا- لأن هذا لم يقع اتفاقا، حيث أننا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين يتتبعها أنه يتتبعها قصدا لا اتفاقا، ولا شك أن الإنسان إذا تتبع الدباء من على ظهر القصعة وهو يشعر أنه يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لا شك أن هذا يوجب له محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع آثاره وحينئذ نقول: إذا تتبعت هذا فإنك على الخير، وقد يكون في الدباء منفعة طبية، تسهل وتلين وتكون قدما للطعام.
قوله «باستعمال آثار» هذه العبارة فيها شيء من الركاكة، ولو قال «باتباع آثار» كما عبر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية قال: من أصول أهل السنة والجماعة اتباع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا». وهذا هو اللفظ المطابق للقرآن . (فاتبعوني يحببكم الله) (سورة آل عمران: 31). أما استعمال الآثار فقد يتوهم واحد أن استعمال ثيابه وعمامته وما أشبه ذلك. لكن إذا قلنا اتباع آثار كان ذلك أحسن وأوضح.
وقوله :«توظيف السنن على نفسه» يراد بذلك أن يطبق توظيفها، بمعنى تطبيق السنن على نفسه لأن الله يقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة) (سورة الأحزاب: 21).
ولو ذكر آخر الآية لكان أحسن ما هي (لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) (سورة الأحزاب: 21).

تم التهذيب بواسطة زمزم


  #4  
قديم 8 ربيع الثاني 1433هـ/1-03-2012م, 09:32 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)




القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
28- حِفْظُ الرِّعايةِ :
ابْذُل الوُسْعَ في حِفْظِ العلْمِ ( حفْظَ رِعايةٍ ) بالعمَلِ والاتِّباعِ ؛ قالَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَجِبُ على طالِبِ الحديثِ أن يُخْلِصَ نِيَّتَه في طَلَبِه ، ويكونَ قَصْدُه وَجْهَ اللهِ سبحانَه ، ولْيَحْذَرْ أن يَجْعَلَه سَبيلًا إلى نَيْلِ الأعراضِ ) ، وطريقًا إلى أَخْذِ الأعواضِ ؛ فقد جاءَ الوعيدُ لِمَن ابْتَغَى ذلك بعِلْمِه .
ولْيَتَّقِّ المفاخَرَةَ والْمُباهاةَ به ، وأن يكونَ قَصْدُه فيطَلَبِ الحديثِ نَيْلَ الرئاسةِ واتِّخاذَ الأتباعِ وعَقْدَ المجالِسِ ؛ فإنَّ الآفَةَ الداخلةَ على العُلماءِ أَكْثَرُها من هذا الوجْهِ .
ولْيَجْعَلْ حِفْظَه للحديثِ حِفْظَ رعايةٍ لا حِفْظَ روايةٍ ؛ فإنَّ رُواةَ العُلومِ كثيرٌ ، ورُعاتَها قَليلٌ ، ورُبَّ حاضرٍ كالغائبِ ، وعالِمٍ كالجاهِلِ ، وحاملٍ للحديثِ ليس معه منه شيءٌ إذ كان في اطِّرَاحِه لِحُكْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الذاهبِ عن مَعرفتِه وعِلْمِه .
ويَنبغِي لطالِبِ الحديثِ أن يَتمَيَّزَ في عامَّةِ أمورِه عن طرائقِ العَوَامِّ باستعمالِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أَمْكَنَه ، وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِه ؛ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} اهـ .
الشيخ:
الأدب الثامن والعشرون من آداب طالب العلم أن يحفظ الطالب العلم من خلال رعايته، ورعاية العلم على أنواع :
أولها: أن يرعاه بالعمل ، بحيث كلما علم مسألة عمل بها ، وهذا يكون به قد عمل بعلمه ، وترك العمل بالعلم من أسباب غضب الله تعالى كما في سورة الفاتحة ، وقد جاء في الحديث أنّ رجلا كان يأمر الناس بالمعروف فألقي في نار جهنم على أقتابه فقيل له في ذلك : ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، قال : كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه.
وكثير من أهل العلم قد حذّر من هذا ، وجاء في حديث في السنن أنّ من لم يعمل بعلمه يُعذّب قبل عابد الوثن.
الطريقة الثانية لرعاية العلم : أن يكون مقصد الإنسان وجه الله والدار الآخرة ، فإنك إذا قصدت ذلك ، بارك الله في علمك ، وجعلك تحفظه ويبقى في ذهنك.
أما من قصد الدنيا، فإن الدنيا زائلة ، وما عُمل لله يبقى ، وما كان لغيره يفنى.
الطريقة الثالثة : الدعوة إلى ما لديك من العلم ، فإنّ هذا يُبقي العلم عندك ، فمتى كنت تدعو الناس ، وتُدَرِّسُهم ، وتعلمهم ، بقي العلم لديك ، ومتى أهملت ما لديك من العلم فلم تُراعي فيه ذلك ، ولم تدع إليه ، فإنه مع مرور الزمن ستنساه ، ولن يبقى عندك.
الأمر الرابع مما تحصل به رعاية العلم وحفظه : حفظ العلم رعايةً له ، ترك المفاخرة به ، فإنّ من فاخر بالعلم عاقبه الله بزوال ذلك العلم منه.
وكثير من الناس فاخر بما لديه من العلم فكان ذلك سببا من أسباب زوال العلم عنه ، لأنّ الله جل وعلا جعل من سيمة العلماء التواضع ، فمن فاخر بالعلم وترفّع به وقال : علمي أحسن من علم غيري ، وضعه الله جل وعلا، وانظر لقصة موسى عليه السلام لما قيل له: هل على الأرض أحد أعلم منك؟ فقال : نعم ، قال الله عز وجل : بلى عبدي الخضر أعلم منك.
الطريقة الخامسة من طرق حفظ العلم من جانب الرعاية : عدم الاستهزاء بالجهّال والضحك على تصرفاتهم ، فإنّ الإنسان متى استهزأ بالآخرين بكونهم لا يعلمون ، عاقبه الله بسلب العلم منه.
وقد جاء في الحديث : "لا تُظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" ، كما ورد ذلك في سنن الترمذي.
كذلك من طرائق حفظ العلم ورعايته : حفظ مكانة أهل العلم ، فإنك عندما تنتقص غيرك من العلماء فإن ذلك يكون سببا لعدم تمكينك من تحصيل العلم ، فإنّ الله جل وعلا جعل حملة العلم لهم مكانة وحرمة ، وجعل المعتدي لهم بالأذية يعاقب بالعقوبات الدنيوية والأخروية ، كما جاء في الحديث : "من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب" ، ولذلك يحفظ الإنسان سلا لسانه من الكلام في علماء الشريعة.
قال المؤلف: (وليتق المفاخرة والمباهاة به) يعني وصف النفس بالعلو لكونها قد اتصفت بالعلم.
(وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة) وإنما ينوي بطلبه للحديث ، رضا رب العالمين ودخول الجنة.
قال : (وليجعل حفظه للحديث حفظ رعاية) وهذه وسيلة أخرى من وسائل حفظ العلم بالرعاية ، ألا وهي : التأمل والتدبر والتفكر في العلم الذي تعلّمته ، لتستفيد منه وتستخرج منه الفوائد ، فإنّ من يحفظ العلوم كُثر ، لكن من يستفيد منها ويأخذ منها الفوائد قليل ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رب حامل فقه ليس بفقيه ، رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
قال : (ورب) يعني يمكن أن يوجد حاضر يكون كالغائب ، بل قد يكون الغائب أكثر فهما وحفظا ومعرفة وإدراكا من الحاضر.
وفي مرّات يكون هناك عالم يحفظ المرويّات وتكون منزلته بمنزلة الجاهل لا يستفيد من ذلك العلم ، بل قد تكون منزلته أدنى من منزلة الجاهل.
قال : (ورب حامل للحديث ليس معه منه شيء ، إذا كان في اطراحه لحكمه) يعني ترك حكم الحديث.
(بمنزلة الذاهب عن معرفته وعلمه) يكون كالجاهل.
ونقول الصواب أنّ حامل العلم الذي لا يعمل به ، أقل درجة من الشخص الذي لا يحمل ذلك العلم ، لأنه إذا كان عندك عينان تتمكن من الإبصار بهما ، ثم بعد ذلك تغلق عينيك وتكون ممن يضرب في الأعمدة والجدران ، حال من كان كذلك أقل من الأعمى الذي يضرب في الأعمدة والجدران لعجزه عن الرؤية.
قال: (وينبغي لطالب الحديث أن يتميّز في عامّة أموره عن طرائق العوام ، باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمكنه ، وتوظيف السنن على نفسه بالعمل ، فإنّ الله تعالى يقول : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}) ، نعم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرعاية, دفع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir