دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المتفقه > كتاب الطهارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 شعبان 1434هـ/2-07-2013م, 06:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الفصل الثاني: المياه المختلف فيها

الفصل الثاني: المياه المختلف فيها

تقدّم ذكر أنواع المياه التي يصحّ التطهر بها والتي لا يصحّ التطهر بها بلا خلاف بين أهل العلم، وبقي ذكر المسائل التي اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله تعالى، واختلافهم في هذا الباب على نوعين:
النوع الأول: الاختلاف في جواز التطهر وعدمه، والكراهة وعدمها.
والنوع الآخر: الاختلاف في الإجزاء وعدمه.

o الوضوء بالنبيذ
النبيذ هو الماء الذي ينبذ فيه التمر أو العنب أو غيرهما حتى يتغير طعمه ويتغير لونه تغيراً يسيراً؛ وهو على نوعين:
النوع الأول: ما يصل به التغير إلى درجة الإسكار لطول مكثه أو حفظه في مكان حارّ أو طبخه في الماء حتى يتغير طعمه ولونه؛ فهذا لا يصحّ التطهر به بلا خلاف.
قال البخاري في صحيحه: (بابٌ لا يجوز الوضوء بالنبيذ) ، واستدل لذلك بحديث: (كل مسكر حرام) والحرمة تتناول شربه والتطهر به.
النوع الثاني: ما لا يصل إلى درجة الإسكار ولم يطبخ في الماء، وإنما يتغير به طعم الماء فيصير حلواً.
وجمهور أهل العلم على تحريم الوضوء بالنبيذ وأنه لا يجزئ، وهو الصواب.
وذهب سفيان الثوري وأبو حنيفة في رواية عنه إلى صحة الوضوء بالنبيذ واستدلوا بحديث أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة لقي الجن فقال : ((أمعك ماء؟ ))
فقلت: لا.
قال: ما في هذه الإداوة؟
قلت: نبيذ.
قال: ((أرنيها ، تمرة طيبة وماء طهور )) فتوضأ منها ثم صلى بنا .
والحديث رواه أحمد وأبو داوود والترمذي كلهم من هذا الطريق، ولا يصح.
وروي عن أبي حنيفة أنه قال: (( يجوز أن يتوضأ بالنبيذ إذا عدم الماء)).
وجمهور أهل العلم على أنه لا يصح الوضوء بالنبيذ مطلقاً، والحديث المروي فيه ضعيف جداً؛ فمن لم يجد إلا النبيذ فإنه يتيمم ولا يتوضأ به.

أما إذا ألقي في الماء تمرات أو قطع من طعام لا يتحلل فيه ولم يطل وقته حتى يغير طعم الماء أو لونه فهو باق على الأصل ويصح التطهر به.
وكذلك لو وضع في الماء خبز ولم يغير له لوناً ولا طعماً صح الوضوء به؛ أما إذا غلب على اسم الماء حتى يكون مريساً فلا يصح التطهر به.

o الماء الذي ولغ فيه الكلب
إذا كان الماء قليلاً وولغ فيه كلب فهو نجس لما في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار))
وفي رواية له: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)).
فالأمر بإراقة الماء دليل على نجاسته ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم...) دليل على أن الإناء ينجس بولوغ الكلب وإن أريق الماء؛ فنجاسة الماء آكد.
وجمهور أهل العلم على أن الماء الذي ولغ فيه الكلب نجس لا يصح التطهر به،
وذهب الإمام الزهري ومالك والأوزاعي إلى صحة التطهر به إذا لم يجد غيره عملاً بقوله تعالى : {فلم تجدوا ماء فتيمموا} ، والصحيح قول الجمهور لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإراقة الماء الذي ولغ فيه الكلب.

فهذا في الماء القليل الذي يلغ فيه الكلب كماء الإناء ونحوه؛ وأما إذا كان الماء كثيراً كمياه الغدران والسيول فإنّ الماء باقٍ فيها على طهارته، ويصح التطهر به؛ لأن النجاسة تكون مغمورة في الماء الكثير .
وقد روى ابن ماجه والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع والكلاب والحُمُر، وعن الطهارة منها ؟
فقال:( لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما غَبَر طَهور )
غَبَر: أي بقي.
وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بمثله، لكن العمدة على ما تقدم من أن الماء الكثير لا يَحمل الخبث.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:22 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

الماء القليل الذي أسأرت فيه الحيوانات

الحيوانات على أنواع :
النوع الأول: الكلب والخنزير، وقد تقدم الكلام فيما ولغ فيه الكلب، والخنزير له حكمه.
النوع الثاني: السباع ؛ كالذئاب والأسود والفهود ونحوها ؛ فهذه اختُلف في نجاسة سؤرها على قولين:
القول الأول: أنه نجس لأنها نجسة وقد باشرت الماء بأفواهها وهو قليل فينجس. وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد وإسحاق بن راهوية.
القول الثاني: أنه طاهر ليس بنجس، لأن هذه الحيوانات ليست بنجسة، وهو قول الشافعي.
واستدل الشافعي بحديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُتوضأ بما أفضلت الحُمُر فقال: ((نعم، وبما أفضلت السباع كلها)).
لكنه ضعيف جداً لا يحتج بمثله.
وذكر البيهقي والنووي وهما من الشافعية أن العمدة على حديث الهرة وسيأتي.
النوع الثالث: كواسر الطير كالنسور والصقور والعقبان، وكل ذي مخلب من الطير.
والصواب فيه أنه إذا تغير الماء القليل بها حكم بنجاسته ، وإلا فهو باق على أصل الطهارة.
وفيه القولان السابقان إلا أن أبا حنيفة ذهب إلى أنه طاهر مكروه لأن مناقيرها جافة فلا تتعدى
بها النجاسة غالباً.

النوع الرابع: ما لا يؤكل لحمه كالحمير والبغال ؛ وهذه الحيوانات اختلف أهل العلم فيما أسأرت فيه من الماء، على أقوال:
القول الأول: أنه نجس لأنها حيوانات نجسة قد باشرت الماء، والماء قليل فينجس بذلك،
واستدلوا لنجاستها بما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى : ((إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس)). وهذا قول الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية.
والحكم إذا ذكرت علته فهو معلق بها وجوداً وعدماً ؛ فكل رجس فهو محرم، كما لو قيل: لا تأكل هذا الطعام فإنه مسموم فهو بمعنى النهي عن كل طعام مسموم.
القول الثاني: أنه طاهر، لأنها حيوانات طاهرة ليست بنجسة ، وما أسأرت فيه فهو طاهر، وإنما حرم أكلها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يركب الحمار وربما أصاب ثوبه شيء من عرقه ولم يكن يغسل ذلك، وهو قول مالك والشافعي.
القول الثالث: أنه مكروه، وهو قول أبي حنيفة، وقال محمد بن الحسن الشيباني: من لم يجد غيره يتوضأ به ويتيمم احتياطاً.
والراجح ما دل عليه النص من نجاسة الحمار فيكون سؤره نجساً، وأما ما يصيب الثوب من عرقه ونحو ذلك فهو مما يعفى عنه لمشقة التحرز منه، جمعاً بين الأدلة.
النوع الخامس: الطوافات من الحيوانات كالهرة ونحوها، وقد صح في السنن من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: (( إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم )).
والتعليل بهذه العلة دليل على أن الطوافات من الحيوانات ليست بنجسة.
قال أبو عبيد: (جعلها بمنزلة المماليك ألا تسمع قول الله عز و جل : {يَآ أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا لِيَسْتَأذِنْكُمُ الَّذِيْنَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...} إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُوْنَ عَلَيْكُمْ } وقال تعالى في موضع آخر: {يَطُوْفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُوْنَ} فهؤلاء الخدم فمعنى هذا الحديث أنه جعل الهرة كبعض المماليك; ومن هذا قول إبراهيم النخعي: إنما الهرة كبعض أهل البيت، ومثله قول ابن عباس: إنما هي من متاع البيت).
وبطهارة سؤر الهرة قال جمهور أهل العلم.
وألحق بها جمع من أهل العلم ما يشق التحرز منه كقوارض البيوت ودويبات البر.
وقال أبو حنيفة بكراهة سؤر السنور.
وأما الكلب فلا يصح اعتباره من الطوافين لما صح من النهي عن اقتنائه إلا كلب الماشية والحراسة للحاجة ومكانهما خارج البيت لا داخله بخلاف الهرة وقوارض البيوت.
النوع السادس: ما يؤكل لحمه كبهيمة الأنعام من البقر والغنم والإبل والطيور غير ذوات المخالب فهذه طاهرة وما أسأرت فيه فهو طاهر.
قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن سؤر ما يؤكل لحمه طاهر يجوز شربه والتطهر به).
وأما سؤر الآدمي فهو طاهر بلا خلاف حتى الحائض والجنب والكافر لا ينجس سؤرهم.
وسيأتي في باب إزالة النجاسة إن شاء الله تفصيل لأحكام نجاسات الحيوانات، وإنما الغرض هنا بيان حكم الماء الذي أسأرت فيه الحيوانات.
والقاعدة فيه أن من ذهب إلى نجاسة حيوان حكم بنجاسة سؤره إذا كان الماء قليلاً، وأما إذا كان الماء كثيراً فإنه لا يحمل الخبث.
وإنما خرج عن هذه القاعدة قول أبي حنيفة في كراهة سؤر كواسر الطيور، وقوله في سؤر الحمار.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:23 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

الماء المستعمل في طهارة سابقة

اختلف العلماء في حكم الماء المستعمل في رفع الحدث أو إزالة النجاسة ، وفي كل مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة تفصيلات في هذه المسألة.
والخلاف فيها مبني على تعيين المراد بالماء المستعمل في الطهارة من جهة، وفي حكمه من جهة أخرى .
وخلاصة القول في بيان هذه المسألة:
1- أنه إذا استعمل الماء في إزالة النجاسة وكان قليلاً فهو نجس، وأما إذا كان كثيراً فوق القلتين فلا يحمل الخبث.
2- وإذا استعمل الماء في تطهير ثوب أو آنية فتغير لونه فليس بماء مطلق ، ولا يصح التطهر به، وأما إن كانت الآنية والثياب نظيفة وبقي الماء على اسمه فلا كراهة في استعماله في طهارة أخرى على الراجح من أقوال أهل العلم.
3- وإذا كان الماء المستعمل في رفع الحدث كثيراً كأن يتوضأ من غدير أو حوض ماء كبير فوق القلتين فلا كراهة في استعماله بلا خلاف.
4- وإذا كانت أعضاء المتوضئ طاهرة لا نجاسة فيها وكان الماء قليلاً كأن يتوضأ من إناء ويتقاطر الماء من أعضائه في الإناء؛ فهل يجوز استعمال هذا الماء القليل في طهارة أخرى؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: يجوز استعماله بلا كراهة إذا كان الماء نظيفاً لأنه ماء طهور وأعضاء المتوضئ طاهرة ليست بنجسة، والماء لم يتغير باستعماله، وهذا قول أبي ثور وداوود الظاهري ومحمد بن نصر المروزي، وهو رواية عيسى بن أبان عن الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وقال به ابن المنذر وأطال في الاحتجاج له في كتابه الأوسط وأحسن في ذلك.
وهو ظاهر اختيار البخاري في صحيحه.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقد احتجا لهذا القول احتجاجاً حسناً.
القول الثاني: يكره استعماله؛ فإن استعمله صح وضوؤه ، وهو قول المالكية.
ففي المدونة أن الإمام مالك كره استعماله، وقال: لا خير فيه، فإن استعمله وصلى لم ير عليه الإعادة، وأفتى فيما يستقبل أن يتيمم ولا يستعمله إذا لم يجد غيره.
وقال ابن القاسم من المالكية إذا لم يجد غيره توضأ به ولا يتيمم.
القول الثالث: لا يجوز استعماله فإن لم يجد غيره تيمم وتركه، وهو قول أبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد في المشهور عنهم.
واختلفوا في حكم هذا الماء على أقوال:
فقال أبو حنيفة في رواية عنه وأبو يوسف: هو نجس.
وحُكي عن الثوري أنه قال: هو ماء الذنوب.
وقال الشافعي وأحمد: هو طاهر ليس بمطهر، وهو رواية عن أبي حنيفة.
وقال زفر بن الهذيل: إذا كان المتوضئ على طهارة سابقة فالماء طهور ، وإن كان محدثاً فهو طاهر ليس بطهور، وهو رواية عن أحمد.
والصواب أنه طهور باقٍ على أصل الطهارة ما دام الماء نظيفاً ، وأعضاء المتوضئ لا تنجس الماء.
ومن قال بنجاسته استدل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) رواه مسلم.
قال النووي: (والصواب أن المراد بهذا الحديث النهى عن الاغتسال في الدائم وإن كان كثيرا لئلا يقذره، وقد يؤدى تكرار ذلك إلى تغيره).

وقد رد الشافعي على من زعم أن الماء المستعمل في الطهارة نجس فروى البيهقي في السنن الكبرى بإسناده إلى الشافعي أنه قال: (فإن قال قائل: فمن أين لم يكن نجساً؟
قيل: من قِبَل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأَ، ولا شك أنَّ من الوضوء ما يصيب ثيابَه، ولم يعلم أنه غسل ثيابه منه، ولا أبدلها، ولا علمته فعل ذلك أحد من المسلمين، وكان معقولا إذا لم تمس الماء نجاسة أنه لا ينجس).ا.هـ.
واستدل البخاري في صحيحه على طهارة ماء المتوضئ بأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب وضوءه على جابر بن عبد الله لما أغمي عليه.
وأما احتجاج بعض الفقهاء على نجاسة الماء المستعمل بما صح من أن خطايا المتوضئ تخرج مع قطر الماء؛ فهذا خطأ في الاستدلال، وقد ردَّه ابن عبد البر في الاستذكار بأن نجاسة الذنوب معنوية ليست حسية.
قال ابن عبد البر: (وقد استدل بعض من لم ير الوضوء بالماء المستعمل بحديث الصنابحي هذا وما كان مثله وقال: خروج الخطايا مع الماء يوجب التنزه عنه، وسماه بعضهم ماء الذنوب.
وهذا عندي لا وجه له لأن الذنوب لا أشخاص لها تمازج الماء فتفسده وإنما معنى قوله: ((خرجت الخطايا مع الماء)) إعلام منه بأن الوضوء للصلاة عمل يكفر الله به السيئات عن عباده المؤمنين رحمة منه بهم وتفضلا عليهم ترغيبا في ذلك).
نعم لو كان الماء قد رُقِيَ فيه رُقية شركية كرقية السحر أو ما يسميه النصارى الماء المقدَّس؛ فهذا ينهى عن استعماله لا لكونه نجساً، وإنما لأنه مظنة الضرر باستعماله.
وذهب بعض من لم يجز الوضوء بالماء المستعمل إلى أنه ليس بماء مطلق، وإنما هو غُسَالة أعضاء المتوضئ، وهذا يكون صحيحاً إذا كانت أعضاء المتوضئ غير نظيفة، وتغير الماء بفضل وضوئه.
فأما إذا كانت أعضاؤه نظيفة، وبقي الماء نظيفاً لم يتغير بها الماء فهو ماء مطلق.
ومما يدل على ذلك اتفاقهم على أن الماء المستعمل في غير رفع الحدث كالاغتسال للتبرد أو غسل بعض الأعضاء من غير نية رفع الحدث أنه ماء طهور.
قال ابن قدامة: (ولا تحتلف الرواية أن ما استعمل في التبرد والتنظيف أنه باقٍ على إطلاقه ، ولا نعلم فيه خلافاً).
ونية المتوضئ لا تغيّر في الماء شيئاً.

فرع:
واختلفوا فيما لو انغمس الجنب في ماء دون القلتين يريد رفع الحدث فذهب الشافعية إلا أنه يرتفع حدثه ويصير الماء مستعملاً فلا يجوز لغيره أن يستعمله.
وذهب الحنابلة إلى أنه يصير الماء مستعملاً ولا يرتفع الحدث به، لأنه بملاقاته لبعض جسده صار مستعملاً فلا يرفع الحدث.
والعلة عند الشافعي أنه لا يكون مستعمَلاً حكماً حتى يرتفع الحدث به.
وعند الحنابلة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اغتسال الجنب في الماء الدائم الذي لا يجري، والنهي يقتضي الفساد.
والصواب أنه يرتفع الحدث به، ويأثم على مخالفته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

ومما يتصل بهذه المسألة : لو غَمَس الكافر أو الطفل أو المجنون يده في إناء فيه ماء فهل ينجس؟
والصحيح أنه لا ينجس إلا إذا كانت أعضاؤهم تحمل نجاسة باشرت الماء.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:24 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

فضل وضوء المرأة، والماء الذي خلت به امرأة

o فضل وضوء المرأة
-روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً).
وبوّب له البخاري: (باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة).
-وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة).
-وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرتني ميمونة أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.
-وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنّ زينب بنت أمّ سلمة حدّثته أنّ أمّ سلمة حدثتها قالت: كانت هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسلان في الإناء الواحد من الجنابة.
وفي هذه المسألة أحاديث أخر بهذا المعنى، قال النووي : (اتفق العلماء على جواز وضوء الرجل والمرأة واغتسالهما جميعا من إناء واحد).
فاغتسالهما جميعاً من إناء واحد جائز لا خلاف فيه إلا ما روي عن ابن عمر والشعبي والأوزاعي من استثناء الحائض وبعضهم استثنى الجنب أيضاً، والصواب الجواز لعموم دلالة الدليل على صحة اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، ولصراحة الأدلّة في الجنب، والحائض كالجنب في هذه المسألة.
أخرج الدارمي من طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (لا بأس بفضل وضوء المرأة ما لم تكن جنبا أو حائضاً). وهو في موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني عن مالك عن نافع به.
وقد روي في هذا الباب أحاديث في النهي عن وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة:
منها: حديث الحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضّأ الرجل بفضل وضوء المرأة). رواه أحمد وأصحاب السنن.
ومنها: حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة والمرأة بفضل وضوء الرجل، ولكن يَشْرَعَان جميعاً). رواه الترمذي وابن ماجه.
ومنها: حديث حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه و سلم أربع سنين فقال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعا). رواه أبو داود والنسائي.
وقد اختلف أهل الحديث في هذه الأحاديث:
فأمّا حديث الحكم بن عمرو فقال فيه البخاري: ليس بصحيح.
وأمّا حديث ابن سرجس: فقال فيه البخاري أيضاً: (الصحيح أنّه موقوف عليه، ومن رفعه فقد أخطأ). ووافقه الدارقطني.
وقال البيهقي في حديث الحكَم الغفاري: إن كان صحيحا ، فمنسوخ بإجماع الحجة على خلافه.
ومن أهل العلم من صحّحهما واحتجّ بهما كالإمام أحمد وبعض شرّاح الأحاديث، لكن اختلفوا في الجمع بينها وبين الأحاديث الصحيحة السابقة على أقوال:
القول الأول: إذا توضّآ جميعاً جاز، وأمّا إذا خلت المرأة بالماء فلا يتوضّأ الرجل بفضل وضوئها، وهو قول الإمام أحمد وداوود الظاهري.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: (سمعت أبي يقول: لا بأس أن تتوضأ يعني المرأة وهو يراها ما لم تخلو به على حديث ابن سرجس).
وقد روى ابن أبي شيبة عن غُنيم بن قيس قال: (إذا خلت المرأة بالوضوء دونك فلا توضّأ بفضلها).
وقال أبو العالية: (كنت عند رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأردت أن أتوضّأ من ماء عنده فقال: لا توضأ به؛ فإنّه فضل امرأة). رواه ابن أبي شيبة.
القول الثاني: كراهة فضل وضوء المرأة مطلقاً، وهو قول سعيد بن المسيّب والحسن البصري.
روى ابن أبي شيبة عن قتادة عن سعيد بن المسيّب والحسن أنهما كانا يكرهان فضل طهورها. وقد حمله النووي في المجموع على الإطلاق، وهذا الإطلاق هو في فضل طهورها، وأمّا فضل شرابها فكان الحسن وسعيد بن المسيّب لا يريان به بأساً.

القول الثالث: جواز وضوء الرجل بفضل المرأة ، وهو قول أبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي ومحمد بن الحسن ورواية عن الإمام أحمد.
قال ابن عبد البر: (والذي عليه جماعة فقهاء الأمصار أنه لا بأس بفضل وضوء المرأة وسؤرها حائضاً كانت أو جنبا خلت به أو شرعا معا، إلا أحمد بن حنبل فإنه قال: إذا خلت المرأة بالطهور فلا يتوضأ منه الرجل، إنما الذي رخص فيه أن يتوضأ جميعا)ا.هـ.

والعلماء الذين رجّحوا القول الثاني أجابوا عن أحاديث النهي بأربعة أجوبة:
أحدها: أنها ضعيفة، وأحاديث الإباحة صحيحة صريحة كثيرة فالأخذ بها أولى.
ومنهم من قال بأنها شاذة فيما تعمّ به البلوى، كما ذهب إليه السرخسي في المبسوط.
والثاني: أنها إن كانت صحيحة فهي منسوخة، وهذا قول البيهقي.
والثالث: أنها مخصوصة بما سال من الأعضاء وليس فضل ما في الإناء، وهذا التوجيه ذكره أبو سليمان الخطّابي.
والرابع: أن النهي فيها ليس على سبيل التحريم ، وإنمّا هو للتنزيه، ذكره الخطّابي وبعض الشافعية.

والراجح: قول جمهور أهل العلم ، وهو جواز الوضوء بفضل وضوء المرأة وإن خلت به، وإن كانت جنباً أو حائضاً، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والأدلّة عليه أصح وأظهر وأشهر، وأحاديث النهي منها ما لا يصحّ ، ومنها ما هو صحيح لكنّه منسوخ.

فهذا الخلاف إنما هو في وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة خاصة، قال النووي: (واتفقوا على جواز وضوء الرجل والمرأة بفضل الرجل).

o الماء الذي خلت به امرأة.
سبب إفراد هذه المسألة عن سابقتها وقوع الخلاف فيها، وإمكان انفصالها عنها؛ لأن المرأة قد تخلو بالماء ولا تستعمله.
قال البخاري في صحيحه: (توضّأ عمر بالحميم ومن بيت نصرانية)
قال ابن حجر: (وصله الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه به، ولفظ الشافعي: (توضأ من ماء في جرّة نصرانية).
ولم يسمعه ابن عيينة من زيد بن أسلم؛ فقد رواه البيهقي من طريق سعدان بن نصر عنه قال حدثونا عن زيد بن أسلم فذكره مطولا، ورواه الإسماعيلي من وجه آخر عنه بإثبات الواسطة؛ فقال عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه به، وأولاد زيد هم عبد الله وأسامه وعبد الرحمن، وأوثقهم وأكبرهم عبد الله، وأظنه هو الذي سمع ابنُ عيينة منه ذلك، ولهذا جزم به البخاري)ا.هـ.

وجمهور أهل العلم على جواز وضوء الرجل بالماء الذي خلت به امرأة، وذهب الإمام أحمد في رواية عنه وداوود الظاهري إلى أنه لا يجوز للرجل أن يستعمل الماء الذي خلت به امرأة.
قال الحافظ العراقي: (وروي هذا عن عبد اللّه بن سرجس والحسن البصريّ).
وعند فقهاء الحنابلة أن الماء الذي خلت به المرأة طهورٌ لكنّه لا يرفع حدث الرجل البالغ، ويرفع حدث المرأة، وفي رفعه حدث الصبي المميّز الذي لم يبلغ روايتان عن الإمام أحمد.
واختلف فقهاء الحنابلة في ضابط هذه الخلوة على أقوال:
أحدها: أنها خلوة كخلوة النكاح؛ فتزول بمشاهدة امرأة أو صبيّ مميز أو كافرٍ.
والقول الثاني: لا تزول الخلوة إلا بمشاهدة مسلم مكلّف؛ فلو شاهدها صبيّ مميّز لم ترتفع الخلوة.
والقول الثالث: لا تزول إلا بمشاهدة رجل مسلم حرّ.
واختلفوا في الخنثى هل يُلحق بالرجل أو بالمرأة على قولين.
والقول الراجح هو قول جمهور أهل العلم ، وهو أن الماء الذي خلت به المرأة طهور، ويصحّ تطهّر الرجل به من غير كراهة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورواية عن الإمام أحمد.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:28 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

الماء الحميم والماء المسخَّن والماء المشمس والماء الآجن

o الماء الحميم
وهو الماء الذي يشق على المتطهر استعماله لشدة حرارته كمياه بعض الحمّامات والعيون الحارة أو كان في مكان لا يجد فيه إلا ماء حاراً؛ فإن أمكنه تبريد ما يكفي لطهارته إلى القدر الذي يتمكن به من إسباغ الوضوء تعيَّن ذلك عليه.
فإن لم يستطع ولم يجد غيره جاز له أن يدعه ويتيمم، ويكره له أن يتجشم حرارته.
وقد نص الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه على جواز الوضوء بالماء الحميم، وهو محمول على ما يطيقه الإنسان.
وعن زيد بن أسلم عن أبيه (أن عمر كان يتوضّأ بالحميم ويغتسل منه) رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور بإسناد صحيح، وعلّقه البخاري مختصراً.

o الماء المسخَّن
الماء المسخَّن له حالتان:
الأولى: أن يسخَّن بوقود طاهر ؛ كالحطَب والغاز الطاهر ؛ فجمهور أهل العلم على جواز التطهر به من غير كراهة إلا أن يصل التسخين إلى درجة لا يتمكن بها من إسباغ الوضوء.
وعن زيد بن أسلم عن أبيه (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسخّن له ماء في قُمْقُمَةٍ ويغتسل به) رواه ابن أبي شيبة والدارقطني وصححه.
قال ابن قُدامة: (ولا يكره الوضوء بالماء المسخن بطاهر إلا أن يكون حارا يمنع إسباغ الوضوء لحرارته).
وروى أبو عبيد في كتاب الطهور عن ليث بن أبي سليم أن مجاهد بن جبر كان لا يتوضّأ بالماء المسخّن إلا مضطرا.
والحالة الثانية: أن يسخن بوقود نجس كأن يسخن بحطب قد خالطته نجاسة أو بروث حيوان نجس ونحو ذلك ؛ ففي هذه المسألة تفصيل:
فإن كانت النجاسة تخالط الماء فإنه ينجس بذلك، وأما إن كان الماء محفوظاً عن مخالطة النجاسة فإنه يبقى على طهارته وإن كان ما سخن به وقود نجس.
وهذا في حال عدم الشك، وأما إن شك في مخالطة النجاسة للماء؛ ففي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الحكم بنجاسته لأن تسخينه بنجس من مظنة تنجسه.
القول الثاني: الكراهة التنزيهية.
القول الثالث: الحكم بطهارته لأن الأصل هو طهارة الماء ولا يخرج عن يقين الأصل بشك التغير.
والراجح أن الأمر معلّق بغلبة الظن ؛ فإن كان الذي يغلب على الظن هو نقاء الماء من النجاسة فإنه يحكم بطهارته، وإن كان الذي يغلب على الظنّ تنجس الماء لم يستعمله وجاز له التيمم إذا لم يجد غيره، وهذا قد يُتصوّر في تسخين الماء في مكان ضيق أو مغلق بحيث يرتدّ بخار النجاسة إلى الماء فيخالطه، وأما تسخينه في فضاء فإنّ من شأن الدخان أن يرتفع ولا يرتدّ إلى الماء.

o الماء المشمَّس
الماء المشمَّس وهو الماء الذي ترك مكشوفاً في إنائه تحت الشمس مدة حتى يسخن ؛ وهو غير نجس بالإجماع.
لكن من أهل العلم من كره استعماله خشية ضرره على صحة الإنسان.
قال الشافعي: (وَلا أكرَهُ الماءَ المشَمَّسَ إلا من جِهة الطِّبِّ).
وقد روي في النهي عن الوضوء بالماء المشمس أحاديث منها أنه يورث البرص، ولا يصح منها شيء.
قال العقيلي : ( لا يصح في الماء المشمَّس حديث إنما يروى فيه شيء عن عمر بن الخطاب).
قال الألباني: (وأما أثر عمر الذي أشار إليه العقيلى فلا يصح عنه).
والحاصل أنّه إذا ثبت في الطب ضرره حرم تناوله؛ ومن خشي ضرَرَه جاز له تركه؛ كمن يخشى وجود سمّ في الماء فإنه إذا غلب هذا على ظنه لم يجز له استعماله، وجاز له التيمم إذا لم يجد غيره.

o الماء الآجن
وهو الماء الذي تغير بطول مكثه في مكانه من غير أن تحل فيه نجاسة؛ فيصح التطهر به لأنه ليس بنجس، وأما شربه فإن خشي منه الضرر لم يشربه.
قال ابن المنذر: (أَجْمَعُواعَلَى أَنَّ الوُضوءَ بالماءِ الآجِنِ مِن غيرِ نَجاسةٍ حَلَّتْ فيه جائِزٌ. وانفرَدَ ابنُ سِيرينَ فقالَ: لا يَجوزُ).
وابن المنذر لا يعتبر مخالفة الواحد خرقاً للإجماع، لكن روى ابن أبي شيبة عن القاسم بن مخيمرة أنه كان يكره الوضوء بالماء الآجن.
فيكون قول جمهور أهل العلم صحة التطهر به من غير كراهة، وهو الصحيح.
قال أبو عبيد: (ومع ذلك إني إنما أرى الوضوء به إذا لم يوجد غيره ، ثم لا يجزئه التيمم إن تركه حينئذ).


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:29 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

الماء غير المأذون بالتطهر به، والماء المغصوب

o الماء غير المأذون بالتطهر به.
لو أن رجلاً سبَّل ماء للشرب فقط، فهل يصح التطهر به؟
لفقهاء المذاهب في هذه المسألة قولان:
القول الأول: لا يصح التطهر به.
القول الثاني: يصح التطهر به، وهو الصحيح، واختلفوا هل يأثم أو لا؟
والراجح أنه إذا لم يجد غيره أو شقّ عليه طلب غيره، ولم يضرّ استعماله في الطهارة بمن يحتاجه للشرب؛ فيصح التطهر به لأداء العبادة؛ لأنه في مثل حكم مصرف الوقف، بل التطهر به للعبادة أولى من تعطيله إذا لم يوجد من يحتاجه للشرب، أما إذا وجد من يحتاجه للشرب وكان استعماله في الطهارة مضراً به ؛ فلا يجوز استعماله للتطهر حينئذ؛ فإن تطهر به؛ صحَّ التطهر مع الإثم.
وهذا كما لو أنّ مع أناس ماء ًقليلاً يخشون الظمأ إن استعملوه في الطهارة؛ فإنّه يجوز لهم أن يتيمّموا ويستبقوا الماء للشرب حتى يقوا أنفسَهم الهلاك من الظمأ.

o الماء المغصوب
لأهل العلم في هذه المسألة قولان:
القول الأول: لا يصح التطهر به ؛ لأن التطهر عبادة ولا يصح أداؤها بمحرم، وعلى هذا القول يجب على من صلى وطهارته من ماء مغصوب أن يعيد الصلاة، وهذا القول قال به بعض فقهاء الحنابلة.
والقول الثاني: يصح التطهر به مع الإثم وضمان الماء لصاحبه، وذلك بأن يرد عليه مثل ما أتلف من الماء.
وهذا القول له أصل مأثور عن السلف ينبغي لطالب العلم أن يعيه، لأن تطبيقاته في مسائل الفقه كثيرة.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: (وقد يبدَّلُ بعض ما يُؤمر به في العبادة بما هو منهيٌّ عنه ، كمن ستر عورتَه في الصَّلاة بثوب مُحرَّم ، أو تؤضَّأ للصلاة بماءٍ مغصُوبٍ ، أو صلَّى في بُقعةٍ غَصْبٍ ، فهذا قد اختلفَ العُلماءُ فيه : هل عملُه مردودٌ من أصله ، أو أنَّه غير مردود ، وتبرأ به الذِّمَّةُ من عُهدة الواجب ؟
وأكثرُ الفُقهاء على أنَّه ليس بمردود من أصله ، وقد حكى عبدُ الرحمن بنُ مهدي ، عن قومٍ من أصحاب الكلامِ يقال لهم : الشِّمْريَّة أصحاب أبي شِمْر أنَّهم يقولون : إنَّ من صلَّى في ثوبٍ كان في ثمنه درهمٌ حرامٌ أنَّ عليه إعادة صلاته).
وقال: (ما سمعتُ قولاً أخبثَ مِن قولهم) ، نسأل الله العافية.
وعبد الرحمن بنُ مهدي من أكابر فُقهاء أهل الحديث المطَّلعين على مقالات
السَّلف ، وقد استنكر هذا القول وجعله بدعةً ، فدلَّ على أنَّه لم يعلم عن أحدٍ من السَّلف القول بإعادة الصَّلاة في مثل هذا)ا.هـ.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:31 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

ماء القوم المعذَّبين

· ماء القوم المعذَّبين
في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لمَّا مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحِجْر قال: ((لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين ثم قنَّع رأسَه وأسرَع السيرَ حتى أجاز الوادي)).
(قنَّع رأسَه): أي ستره بردائه.
وفي رواية في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم ))
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر أيضاً أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أرض ثمود الحجر؛ فاستقوا من بئرها واعتجنوا به؛ فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تَرِدُها الناقة.
وعن سَبْرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين راح من الحجر: ((من كان عجَن منكم من هذا الماء عجينةً أو حاس حيساً، فليُلْقِهْ)). رواه الطبراني في الكبير وأصله في صحيح البخاري.
قال ابن تيمية رحمه الله: (فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى أماكن المعذبين ، إلا مع البكاء ؛ خشية أن يصيب الداخلَ ما أصابهم ، ونهى عن الانتفاع بمياههم ، حتى أمرهم مع حاجتهم في تلك الغزوة - وهي غزوة العسرة - وهي أشد غزوة كانت على المسلمين - أن يعلفوا النواضحَ بعجين مائهم)ا.هـ.
وقال ابن القيم رحمه الله: (من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذَّبين لم ينبغِ له أن يدخلها ولا يقيم بها، بل يسرع السير، ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً)ا.هـ.
وقال محمد الأمين الشنقيطي: (ومن هنا قال بعض العلماء: لا يجوز التطهر بمائها ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن ماءها لما لم يصلح للأكل والشرب علم أنه غير صالح للطهارة التي هي تقرب إلى الله تعالى)ا.هـ.
فعامّة فقهاء الحديث على تحريم الوضوء بماء القوم المعذّبين من الأمم السابقة والانتفاع بشيء منه، وعن الإمام أحمد رواية أنه أجاز الشرب منه للضرورة، كما في الفروع لابن مفلح.
وقال ابن رجب الحنبلي: (وحمَلَ أبو الحسين ابن المنادي من متقدمي أصحابنا النهي عن دخولها وعن شرب مائها على الكراهة دون التحريم).
قال ابن مفلح الحنبلي: (ولا وجه لظاهر كلام الأصحاب رحمهم الله على إباحته مع الخبر ، ونصّ أحمد رحمه الله).
وقد قال بالكراهة دون التحريم جماعة من الشافعية والمالكية، وذهب إلى الإباحة جماعة أخرى بدعوى النسخ كما قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: (كلّ ما روي في هذا الباب من النهي عن الصلاة في المقبرة وبأرض بابل وأعطان الإبل وغير ذلك مما في هذا المعنى كل ذلك عندنا منسوخ ومرفوع؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: « جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا » )ا.هـ.
ودعوى النسخ هنا لا تصح؛ لأن هذا الحديث الذي ذكره ابن عبد البر عامّ وأحاديث النهي خاصّة.
فأصبحت أقوال الفقهاء من أتباع المذاهب في هذه المسألة ثلاثة: التحريم والكراهة والإباحة.
والصواب هو التحريم لصراحة الأدلّة في ذلك وهو قول جلّة العلماء.

ويتصل بهذه المسألة خمس مسائل:
الأولى: في ماء المعذّبين من هذه الأمة
والصواب جواز استعماله لأن الله تعالى لما أهلك كفّار قريش في وقعة بدر أباح غنائمهم وأنزل على نبيّه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً}.
ومن المعلوم أن الماء من متاع المسافرين ولم يخصّه بالمنع، وتسليطُ القَتْل عليهم من أنواع العذاب.
المسألة الثانية: حكم الوضوء بماء البحر الميّت وحكم الانتفاع بما يُستخرج منه.
وقد نصّ بعض فقهاء المذاهب على كراهة الوضوء بماء البحر الميت، واختلف فيها أهل العلم المعاصرون لاختلافهم في أمرين:
الأمر الأول: تحديد موقع ديار قوم لوط؛ فمن أهل العلم المعاصرين من يقول : إنه لم يثبت أن مكان البحر الميت من ديار قوم لوط.
والأظهر من كلام المفسّرين والمؤرّخين أن البحر الميت وما حوله من ديارهم ، ولا يجوز أن يكون محلّهم خافياً وقد قال الله تعالى: {وإنها لبسبيل مقيم}
قال ابن كثير: ({ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ } أي: وإنّ قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي، والقذف بالحجارة، حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة لبطريق مَهْيَع مسالكه مستمرة إلى اليوم، كما قال تعالى: { وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِالَّليْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ }).ا.هـ.
وقال تعالى في مكان قوم لوط ومكان قوم شعيب: {وإنهما لبإمام مبين} أي طريق بيّن واضح.
الأمر الثاني: أن ديار قوم لوط قد قُلبت وخُسف بها، والموجود على ظاهر الأرض إنما هي ديار جديدة غير تلك التي خُسف بها.

وليس في هذه المسألة أحاديث ولا آثار تمنع من الوضوء بها، وتلك البلاد هي من بلاد الشام التي فتحها الصحابة رضي الله عنهم، وهي بطريق بيّن يسلكه السالكون، ولا أعلم عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم منع الوضوء بها.
ولذلك فمن توضّأ بماء البحر الميّت صحّ وضوءه، والله تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: حكم الوضوء من بئر بَرَهُوت
ولها ضبطان:
أحدهما: بَرَهُوت، بفتح الباء والراء؛ كجَلَمون.
والآخر: بُرْهوت؛ بضمّ الباء وإسكان الراء.
وهي بئر بحضرموت.
وقد رُوي فيه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ، فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم ، و شرّ ماء على وجه الأرض ماء بوادي بَرَهوت بقية حضرموت كرِجْل الجراد من الهوام ، يصبح يتدفق و يمسي لا بلال بها). رواه الطبراني في الكبير والضياء المقدسي في المختارة، وهو حديث مختلف في صحته، وقد حسّنه الألباني رحمه الله.
وروى عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن فرات القزاز عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه أنه قال: (خيرُ واديين في الناس ذي مكة ووادٍ في الهند هبط به آدم صلى الله عليه وسلم فيه هذا الطيب الذي تطيَّبون به، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يقال له برهوت، وخير بئر في الناس زمزم، وشر بئر في الناس بلهوت وهي بئر في برهوت تجتمع فيه أرواح الكفار). وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد أخرجه أيضاً ابن أبي حاتم وابن منده والأزرقي.
ولذلك نص بعض فقهاء المذاهب على كراهة الوضوء من ماء بئر برهوت؛ لأجل النصّ على أنه شرّ ماء على وجه الأرض، ومثل هذا لا يُقوله الصحابي من جهة الرأي؛ فلو قيل فيه بالتحريم خشية الضرر لكان له وجه.

المسألة الرابعة: ماء أرض بابل
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: (ويُذكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رضى الله عنه كَرِهَ الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بَابِلَ).
وفي مصنف ابن أبي شيبة أن عبد الله بن أبي المحلّ قال: (كنّا مع عليّ فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصلِّ حتى أجازه) أي تعدّاه.
وفي مصنّف ابن أبي شيبة أيضاً عن حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ الحضْرمِيِّ، أنه قالَ: خرَجنا مع عَلِيٍّ إِلى النَّهْروانِ، حتى إذا كُنَّا ببابلَ حضرَتْ صلاةُ العصرِ قلنا: الصَّلاة، فسكَتَ، ثُمَّ قلنا: الصلاة، فسكت، فلمَّا خرَجَ منها صلَّى، ثُمَّ قالَ: «ما كنتُ أصلِّي بأرضٍ خسفَ بها ثلاث مرَّاتٍ».
قال ابن حجر: (والظاهر أن قوله: (ثلاث مرار) ليس متعلقا بالخسف لأنه ليس فيها إلا خسفٌ واحد، وإنما أراد أنَّ علياً قال ذلك ثلاثا).
وقد رُوي في شأن الصلاة في أرض بابل حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنّه لا يصحّ؛ قال البيهقي: (وأما الذي روي عن علي أنه قال : « نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي في المقبرة ، ونهاني أن أصلي في أرض بابل ، فإنها ملعونة » ، فإسناده غير قوي ، ولعله إن صح كره الإقامة بأرض كان بها خسف وعذاب لصلاة أو غيرها)ا.هـ.
وقال الخطابي: (لا أعلم أحدا من العلماء حرَّم الصلاةَ في أرض بابل).
والقول بتخصيص موضع الخسف متجّه فيُمكن أن يقال فيه بالكراهة وأمّا أرض بابل كلها فلا دليل على منع الصلاة فيها.
وقد فرّع على هذه المسألة بعض الفقهاء كراهة الوضوء من ماء أرض بابل ، وهو قول عند الشافعية، والراجح فيه أن الماء إذا كان في موضع الخسف فيُكره، وإن كان في غيره من أرض بابل فلا كراهة، والله تعالى أعلم.

المسألة الخامسة: ماء بئر ذي أروان، ويقال له: ذروان.
وهو البئر الذي وضع فيه السحر للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد نص جماعة من المالكية والشافعية والحنابلة على كراهة الوضوء منه.
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدَفْنِ هذه البئر فدُفنت؛ فلذلك لا يجوز أن يعاد حفرُها ولا يُستخرج ماؤها.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ربيع الأول 1435هـ/26-01-2014م, 01:31 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

التطهر بماء زمزم


· التطهر بماء زمزم
روى الفاكهي في أخبار مكّة من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد قال: إن رجلا من بني مخزوم من آل المغيرة اغتسل في زمزم ، فوجد من ذلك ابن عباس رضي الله عنهما وجدا شديدا وقال : « لا أحلها لمغتسل ، وهي لشارب ومتوضّئ حل وبل » قال سفيان : يعني في المسجد.
ورواه ابن أبي شيبة عن سفيان عن عبد الله بن يزيد عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنه قال: "لا أحلّها لمغتسل يغتسل في المسجد، وهي لشارب ومتوضّئ حلّ وبلّ" رواه ابن أبي شيبة.
ورواه أبو عبيد في الطهور مختصراً دون ذكر القصّة بلفظ: "لا أحلّها لمغتسل ولكن لشارب ومتوضّئ حلّ وبلّ"
ورواه أبو عبيد أيضاً من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زرّ أنه سمع العباس بن عبد المطلب يقول – وذكر زمزم-: "لا أحلها لمغتسل ولكن لشارب حلّ وبلّ" دون ذكر المتوضّئ
ورواه أحمد في العلل بلفظ"حل وبلّ لا أحلّها لمغتسل"
وشاع هذا الخبر في كتب الفقه بألفاظه؛ فمن رواه مقتصراً على ذكر الشرب كره الوضوء بماء زمزم كما أفتى به ابن الزاغوني من الحنابلة، وهو خطأ فقد ثبت وضوء النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ماء زمزم.
ومنهم من أخذ باللفظ الثاني فأباح الوضوء والشرب وكره الاغتسال بماء زمزم وهو رواية عن الإمام أحمد وظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ونسبه للشافعي.
والصّواب أن هذا الأثر مخرّج على قصّته، وهي منع الاغتسال في بئر زمزم.
وأمّا حمل ماء زمزم والاغتسال به فلا حرج فيه إن شاء الله ، وهو قول جمهور أهل العلم.
وهذه الكلمة "لا أحلها لمغتسل ولكن لشارب حلّ وبل" مأثورة عن عبد المطلب بن هاشم لمّا جدد حفر بئر زمزم؛ ولذلك قصّة أخرى مبسوطة في كتب السيرة؛ فكأنّ هذه الكلمة صارت شعاراً يحفظه أولاده ويذكّرون به.
قال الأموي في مغازيه: (حدثنا أبو عبيد أخبرني يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن حرملة سمعت سعيد بن المسيب يحدث أن عبد المطلب بن هاشم حين احتفر زمزم قال: "لا أحلها لمغتسل وهي لشارب حل وبل" ). ذكره ابن كثير في البداية والنهاية وقال: (لينزه المسجد عن أن يغتسل فيه).
وروى نحوه عبد الرزاق عن الزهري مرسلاً.
وفي هذا المبحث ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: الوضوء بماء زمزم
وقد كرهه بعض الحنابلة لما تقدّم، والصواب هو الجواز.
المسألة الثانية: الاغتسال بماء زمزم
وفي كراهته رواية عن الإمام أحمد وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والصواب جواز الاغتسال به، وكراهة الانغماس في بئر زمزم.
المسألة الثالثة: إزالة النجاسة بماء زمزم
نص بعض فقهاء المذاهب على كراهة إزالة النجاسة بماء زمزم لأنّه ماء كريم مبارك ينبغي صونه عن ملاقاة النجاسة، والجمهور على جواز إزالة النجاسة بماء زمزم فهو ماء من المياه التي أباحها الله تعالى، وإزالة النجاسة من أوجه الاحتياج إلى الماء بل الحاجة إليه في ذلك أشدّ، والله تعالى أعلم.
وبعض الفقهاء يشدّد في ذلك حتى جزم المحبّ الطبري بتحريم إزالة النجاسة بماء زمزم ، وبعض الفقهاء ينهى عن غسل الميّت به، والتشديد فيه ليس بسديد، والإباحة دليل يقيني لا يعارض بما ادّعي من أنّ فيه امتهانا لماء زمزم أو أنّه مطعوم ولا يصح الاستنجاء بمطعوم أو قياسه على الاغتسال، كما قال بكل وجه من هذه الأوجه بعض الفقهاء رحمهم الله، وكلّ ذلك لا يصحّ.
فإنّ الماء كلّه مباح وإزالة النجاسة به لا تعدّ امتهاناً له، بل هو من استعمال الشيء فيما خلق له، وقد استعمل الصحابة الماء الذي نبع من بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في طهورهم ، ولا تخلو حاجة المسافر من الاستنجاء وإزالة النجاسة، ولم يعدّ ذلك امتهانا له.
والله تعالى أعلم.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, الفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir