دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > حلية طالب العلم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 10:43 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي خفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء

خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ :
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا : ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي .
قلتُ :يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّه من الْخُيلاءِ. اهـ .
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
واحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةِ ( الْكِبْرَ )؛ فإنَّ الكِبْرَ والحرْصَ والحسَدَ أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به ، فتَطَاوُلُكَ على مُعَلِّمِكَ كِبرياءُ، واستنكافُكَ عَمَّن يُفيدُك مِمَّنْ هو دونَك كِبرياءُ، وتَقصيرُك عن العمَلِ بالعِلْمِ حَمْأَةُ كِبْرٍ وعُنوانُ حِرمانٍ .
العلْمُ حربٌ للفَتَى الْمُتَعَالِي = كالسيْلِ حرْبٌ للمكانِ الْعَالِي
فالْزَمْ – رَحِمَك اللهُ – اللُّصُوقَ إلى الأرضِ والإزراءَ على نفسِك وهَضْمَها ومُراغَمَتَها عندَ الاستشرافِ لكِبرياءَ أو غَطرسةٍ أو حُبِّ ظُهورٍ أو عُجْبٍ ... ونحوِ ذلك من آفاتِ العِلْمِ القاتلةِ له الْمُذهِبَةِ لِهَيْبَتِه الْمُطْفَئِةِ لنورِه وكُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا أو رِفعةً في وِلايةٍ فالزَمْ ذلك ، تُحْرِزْ سعادةً عُظْمَى ، ومَقامًا يَغْبِطُكَ عليه الناسُ .
وعن عبدِ اللهِ بنِ الإمامِ الحُجَّةِ الراويةِ في الكتُبِ الستَّةِ بكرِ بنِ عبدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ رَحِمَهما اللهُ تعالى قالَ :
( سَمِعْتُ إنسانًا يُحَدِّثُ عن أبي ، أنه كان واقفًا بعَرَفَةَ فَرَقَّ ، فقالَ : لولا أَنِّي فيهم ، لقُلْتُ قد غُفِرَ لهم ) .
خَرَّجَه الذهبيُّ ثم قالَ : ( قلتُ : كذلك يَنبغِي للعبْدِ أن يُزْرِيَ على نفسِه ويَهْضِمَها ) اهـ .


  #2  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 01:42 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح صوتي للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  #3  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 10:06 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه حلية طالب العلم .
الأمر الخامس من آداب الطالب في نفسه
خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ :
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
الشيخ:
قوله: (تحل بآداب النفس من العفاف والحلم والصبر والتواضع للحق) لأن المقام يقتضي هكذا أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم وحلم لا يعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك للخلق، يتواضع للحق بمعنى أنه متى بان له الحق خضع له، ولم يبغ بدله، نعم، ولم يبغ لسواه بديلا وكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا وقوله: سكون الطائر من الوقار والرزانة وخفض الجناح هذه أيضا ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عن الخفة سواء كان في مشيته أو في تعامله مع الناس وألا يكثر من القهقهة التي تميت القلب وتذهب الوقار بل يكون خافضا للجناح متأدبا بالآداب التي تليق بطالب العلم وقوله : متحملا ذل التعلم لعزة العلم . هذا جيد يعني : أنك لو أذللت نفسك للتعلم فإنما تطلب عزها بالعلم فيكون تذليلها بالتعلم لأنه ينتج ثمرة طيبة .
القارئ:
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا.
الشيخ:
صحيح الخيلاء هذه تحدث للإنسان طالب العلم وللإنسان كثير المال وللإنسان سديد الرأي وكذلك في كل نعمة أنعم الله بها على العبد ربما يحصل عنده خيلاء والخيلاء هي الإعجاب بالنفس مع ظهور ذلك على هيئة البدن كما جاء في الحديث (( من جر ثوابه خيلاء )) فالإعجاب يكون بالقلب فقط فإن ظهرت آثاره فهو خيلاء وقوله : (فإنه نفاق وكبرياء) أما كونه كبرياء فواضح وأما كونه نفاقا فلأن الإنسان يظهر بمظهر أكبر من حجمه الحقيقي وهكذا المنافق يظهر بمظهر المخلص الناصح وهو ليس كذلك.
القارئ:
ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي
قلتُ : يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّ ذلك من الْخُيلاءِ. اهـ .
الشيخ:
صحيح يخطر بيده يعني يحركها تحريكا معينا يدل على أنه عنده كبرياء وعنده خيلاء فيقبض بيمنه على شماله لئلا تتحرك .
القارئ:
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
واحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةِ (الْكِبْرَ)؛ فإنَّ الكِبْرَ والحرْصَ والحسَدَ أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به ، فتَطَاوُلُكَ على مُعَلِّمِكَ كِبرياءُ، واستنكافُكَ عَمَّن يُفيدُك مِمَّنْ هو دونَك كِبرياءُ، وتَقصيرُك عن العمَلِ بالعِلْمِ حَمْأَةُ كِبْرٍ وعُنوانُ حِرمانٍ .
العلْمُ حربٌ للفَتَى الْمُتَعَالِي = كالسيْلِ حرْبٌ للمكانِ الْعَالِي
الشيخ:
احذر داء الجبابرة وهو الكبر وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه فقال: ((الكبر بطر الحق وغمط الناس)) .
وبطر الحق: هو ردُّ الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وازدرائهم.
وقوله: (إن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عُصي الله به) يريد فيما نعلم لأننا نعلم أن أول من عصى الله عز وجل هو الشيطان حين أمره الله تعالى أن يسجد لآدم لكن منعه الكبرياء، {أبى واستكبر} وقال: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} ، وقال: {هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} وقال لما أمره ربه أن يسجد- قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ، فقوله: (إنه أول ذنب عُصي الله به) يعني باعتبار ما نعلم، وإلا فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} ، قال أهل العلم: إنما قال الملائكة ذلك لأنه كان على الأرض أمة من قبل آدم وبنيه، كانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. ثم ذكر أمثلة، قال: (تطاولك على معلمك كبرياء) التطاول يكون باللسان ويكون أيضاً بالانفعال، قد يمشي مع معلمه وهو يتبختر، ويقول فعلت وفعلت، وكذلك أيضاً استنكافك عمن يفيدك من علومه كبرياء، وهذا أيضاً يقع لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم يستنكف ولا يقبل.
(تقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان) نسأل الله العافية، يعني هذا نوع من الكبر، ألاّ تعمل بالعلم.
وقوله: (العلم حرب للفتى المتعالي) يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يُدرك العلم، لأن العلم حرب له، (كالسيل حرب للمكان العالي)، صحيح؟ نعم، المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه.
القارئ :
فَالزَمْ – رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْماً أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقاماً يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ، وَعَنْ عَبْدِ الله بن الإِمام الْحُجَّة الرّاوِيَةِ في الْكُتُبِ السِّتَةِ بَكْرٍ بن عَبْدِ الله الْمُزْنّي- رَحِمَهُما الله تَعالى- قال: سَمِعْتُ إنْساناً يُحدِّث عَنْ أَبي، أَنَّهُ كانَ واقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقال: (لَوْلا أَنّي فيهمْ؛ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ)، خَرَّجَهُ الذَّهْبِيِّ، ثُمَّ قال:
(قُلْتُ: كَذلِكَ يَنْبَغي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْري عَلى نَفْسِهِ وَيَهْضُمُها) اهـ.
الشيخ:
وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، من مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبداً، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى بالإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام، في مقام عرفة الذي هو مقام دعاء وتضرع إلى الله عزوجل، ويقول مثلاً: إن الله لم ييسر لي الوصول إلى هذا المكان إلا من أجل أن يغفر لي لأني أسأله المغفرة، والله تعالى يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، لكن تظهر مثل هذه العبارات من السلف من باب التواضع وسوء الظن بالنفس لا بالله عزَّ وجل.


تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
[/align]

تم التهذيب بواسطة زمزم


  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1430هـ/23-04-2009م, 05:04 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)





الشيخ :
نحمده سبحانه ونثني عليه وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى عليه وعلى آله و أصحابه و أتباعه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :
نواصل ما كنا ابتدأنا به من قراءة كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ، قال المؤلف رحمه الله تعالى :
خفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء
تحل بآداب النفس، من العفاف، والحلم، والصبر، والتواضع للحق، وسكون الطائر، من الوقار والرزانة، وخفض الجناح، متحملاً ذل التعلم لعزة العلم، ذليلا للحق.
وعليه، فاحذر نواقض هذه الآداب، فإنها مع الإثم تقيم على نفسك شاهداً على أن في العقل علة، وعلى حرمان من العلم والعمل به، فإياك والخيلاء، فإنه نفاق وكبرياء، وقد بلغ من شدة التوقي منه عند السلف مبلغاً.ومن دقيقه ما أسنده الذهبي في ترجمة عمرو بن الأسود العنسي المُتوفى في خلافة عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى: أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك؟ فقال: مخافة أن تنافق يدي.قلت: يمسكها خوفاً من أن يخطر بيده في مشيته، فإن ذلك من الخيلاء اهـ. وهذا العارض عرض للعنسي رحمه الله تعالى.
واحذر داء الجبابرة: (الكبر) ، فإن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عصى لله به ، فتطاولك على معلمك كبرياء، واستنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء، وتقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان.
العلم حرب للفتى المعالي ... ... كالسيل حرب للمكان العالي
فالزم - رحمك الله - اللصوق إلى الأرض، والإزراء على نفسك، وهضمها، ومراغمتها عند الاستشراف لكبرياء أو غطرسة أو حب ظهور أو عجب.. ونحو ذلك من آفات العلم القاتلة له، المذهبة لهيبته، المطفئة لنوره، وكلما ازددت علماً أو رفعة في ولاية، فالزم ذلك، تحرز سعادة عظمى، ومقاماً يغبطك عليه الناس.
وعن عبد الله ابن الإمام الحجة الراوية في الكتب السنة بكر بن عبد الله المزني رحمهما الله تعالى، قال:
"سمعت إنساناً يحدث عن أبي، أنه كان واقفاً بعرفة، فرق، فقال: لولا أني فيهم، لقلت: قد غفر لهم".
خرجه الذهبي ، ثم قال: "قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها"اهـ. وانظر كلاماً نفيساً لشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (14/160) ..
الشيخ :
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أدباً خامساً من آداب طالب العلم ، وهو خَفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء ، والمراد بهذا التواضع ، فخفض الجناح ، بأن يكون المرء حَسُن التعامل ، ذليلا في تعامله مع غيره ، بحيث لا يرى لنفسه فضلا ولا مكانة ولا يرى أنه أعلى من غيره ، هذا هو خفض الجناح ، بحيث يكون بمثابة من يرى أنه والناس بمرتبةٍ واحدة ، ولا يرى له فضلا على أحد من الناس ، ولا يرى أنه أرفع أو أعلى من أي أحد من الخلق مهما كانت منزلة من يقابله.
وأما الخيلاء والكبرياء فالمُراد بها رؤية المرء للنفس حتى يُخيل للإنسان أنه أعلى من غيره وأرفع درجة منهم ، وأما الكبرياء فقد فسَّرها النبي - صلى الله وسلم- بأنها جَحْد الحق واحتقار الخلق ، إذا تقرر هذا فإنَّ الكِبْرَ والبَطْرَ من الأمور المحرمة في الشريعة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)) ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : ((لا يدخلُ الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قالوا يا رسول الله : إنَّ الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "الكبرُ بطَرُ الحق ، وغَمْط الناس)).بطر الحق: يعني جحده ، وغمط الناس يعني احتقارهم.
والنصوص الواردة في النهي عن الخيلاء والكبرياء كثيرة ، جاء في حديث آخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ، قال المؤلف: (تحلى بآداب النفس من العفاف) ، المراد بالعفاف ترفع النفس عما لا يليق بها ، فعفتها عن الأمور والفواحش وترفُّعِها عنها يُعد عفافاً.
وأما (الحلم) فهو السكينة والأناة ، بحيث يصبر الإنسان على أذى الآخرين ، ويكون حسَن التعامل معهم ، وأما (الصبر) فيراد به الصبر على أذية الآخرين ، والصبر في طاعة الله ، والصبر عن معاصي الله ، قال : (والتواضع للحق) بحيث إذا جاءك الحق من أي أحد قبلته وعملت به مهما كان قائله. قال : (وسكون الطائر من الوقار) بحيث لا يكون الإنسان خفيفًا ولا سريعًا ، وإنما عليه السكينة ، قال : (والرزانة) بحيث لا يتصرف الإنسان تصرفات فيها تسرع ، أو فيها دلالة على طيش، قال: (وخفض الجناح) يعني : التواضع مع الآخرين متحملا ذل التعلم من أجل أن تنال عزة العلم ذليلا للحق.
قال المؤلف : (واحذر نواقض هذه الآداب) فإنَّ المرء يكسب بهذه الآداب الأجر والثواب متى نوى التقرب بها لله ، ويكسب أيضا محبة الناس له لكن إذا اتصف الإنسان بضد هذه الآداب ، فإنه أولا : يأثم ، وثانيًا : يمْقُتُه الله ، وثالثاً : يحتقره الناس ويعلمون أنَّ في عقله مرضًا وعلة ، ومن ثَمَّ يجتنبونه ، ورابعا : يكون سببا لحرمان العلم والعمل به.
قال المؤلف : (وقد بلغ من شدة التوقِّي منه) ، يعني : بلغ من شدة السلف للحذر من ذلك مبالغ عالية ، من ذلك أنَّ عمرو بن الأسود يخشى إذا أطلق يديه ، وبدأ يرسلهما وهو يمشي ، أن تتحرك يمينا وشمالا وأن تتقدم ، ثم بعد ذلك يصبح مظهرًا من مظاهر الخيلاء ، ولذلك كان يمسك شماله بيمينه. وعلى كلٍّ ، هذا تطبيق للنصوص السابقة ، والنصوص السابقة دلَّت على التحذير من الكِبر والخيلاء ورغَّبت في ضدهما من خفض الجناح والوَقار والسكينة. وقد جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا مَشيتم إلى الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)) ، وأما تطبيقات هذا فإنه يختلف ما بين زمان وآخر ، قد نرى في زمن من الأزمان أنَّ هذا التصرف فيه خيلاء وكبرياء لكنه يكون في زمان آخر تصرفا معتادا لا يكون من الخيلاء في شيء ، وهكذا أيضا فيما يتعلق بأنواع الألبسة ، فقد نلبَس لباسا في عصرنا الحاضر لكنَّ هذا اللباس ليس معتاداً في زمان آخر ، عندك مثلا : كان أهل الزمان الأول يسيرون بهذه البشوت ، يلبسها الصغير والكبير ، ويلبسها العامِي ، ولا يتركها أحد ، ففي ذلك الزمان لا يعد لبسها من الخيلاء في شيء ، لكن في زماننا هذا اقتصر لبسها على المناسبات العامة ، أو على العلماء ليعرفهم الناس ، فحينئذ يكون لبسها من غيرهم نوع خيلاء.
قال المؤلف : (واحذر داء الجبابِرة وهو الكِبر ، فإنَّ الكبرَ والحرصَ) ، الحرص الإسراع بالنفس من أجل طمع ، (والحسد) والمراد بالحسد تمني زوال النعم التي أنعمها الله على الغير ، هذه الأمور أول ذنب عُصي الله به ، هكذا يقرره طائفة من العلماء. لأنَّ آدم حسده إبليس ، وتكبّر إبليس ، كيف أسجد لمن خلقت طينا ، من كان مخلوقا من النار كيف يسجد لمخلوق من الطين ، قال المؤلف : (فتطاولك) من أمثلة الكبرياء المذمومة شرعا التطاول على المعلم ، المراد بالتطاول الترفع عليه ومضادة كلامه ورفع الصوت عليه ونحو ذلك ، هذا يعد من الكبرياء قال ومن أمثلته : (استنكافُك عمن يفيدك ممن هو دونك) ، استنكافُك يعني : ترفُّعك عمن يأتيك بفائدة ، إذا كان هذا ممن هو دونك فإنه من الكبرياء ، فينبغي للإنسان أن يقبل الفائدة ولو كانت من أصغر صغير ، ولا يستنكف عن ذلك .
صورة ثالثة من صور التكبر، (التقصير عن العمل بالعلم) فإنه من مظاهر التكبر، عندما يجد مجتمعاً من المجتمعات يجعل الإنسان لا يؤدي سنةً كان يعتادها ، هذا كبر.
قال ثم ذكر المؤلف هذا البيت: (الْعِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتى المُتَعالي = كَالسَّيْلِ حَرْبٌ للمَكانِ العالي)
المتعالي يعني : المتكبر ،كالسيل حرب للمكان العالي ، المكان العالي لا يصله السيل إنما السيل يجري في مكان منخفض ، وهكذا العلم ، العلم لا يناله كما ورد عن بعض السلف ، العلم لا يناله مُستح ولا متكبِّر.
قال : (فالزم اللُّصوق إلى الأرض والإزراء على نفسك) ، يعني : التنقص منها.
وإذا جاءتك نفسك وخيلت إليك أنك على منزلةٍ عالية ، وأنك قد استفدت علمًا كثيراً فكذِّبها ، وقل يا نفس هذا ليس من صفاتِك ، لم تستفيدي من العلم إلا الشيء القليل ، وانظر إلى قصة موسى عليه السلام مع الخضر ، لما سُئل موسى من أعلم من في الأرض ، قال موسى : أنا ، فابتلاه الله وقال: بل عبدنا الخضر أعلم منك فسأل الرحلة إليه ، لماذا؟ لأنه أدرى بالنفس بعد ذلك ، وطلب أن يذهب إلى من هو أعلم منه وتَعرفون من قصتهم في سورة الكهف ما تَعرفون.
قال: (ومراقبة النفس عند الاستشراف بالكبرياء) ، إذا تطلعت نفسك إلى التكبر على الخلق ، قم بإمساك لجامها ، وقِدْها ، ولا تجعلها تستشرف الكبرياء ، (أو الغطرسة أو حب الظهور أو الإعجاب بالنفس) ، فكل هذا من آفات النفس التي يجب علينا أن نُروِّض النفس من أجل مضادتها.
قال المؤلف في بيان الأدب الخامس من آداب طالب العلم خفض الجناح ونبذ الكبرياء والخُيلاء ، قال : (من آفات النفس الكبرياء ، والغطرسة ، وحب الظهور ، والإعجاب بالنفس) ، فإنَّ هذه الآفات تقتل النفس ، ولا تُمكنها من طلب العلم ، وكلما ازددت علما أو رفعةً في ولاية فاحذر من التكبر ، والزم التواضع ، (تُحرز بذلك السعادة العظمى) ، فإنَّ المتكبر كالبعيد يراه الناس صغيراً ويرونه صغيرا ، المتكبر كالبعيد يراه الناس صغيراً و يراهم صغارا.
قال : ثم ذكر رواية (عن بكر بن عبد الله المزني قال كان أبي واقفا بعرفه فرقّ ) أي : رقَّت نفسُه وبدأت العبرة تخرج من عينه ثم بعد ذلك أزرى بنفسه وتَنقَّصها فقال: أخشى أن لا يُغفر لهم بسببي. بكر بن عبد الله المزني إمام ، عالم ، حجة ، قد بثَّ من العلم ما بثَّ ومع ذلك يخشى أن لا يُقبل من الحجيج ولا يُغفر لهم بسببه هو.
(قال الإمام الذهبي كذلك ينبغي للعبد أن يُزري على نفسه) ، يعني : أن ينتقص منها (وأن يهضمها) يأخذ بعض ما يكون لها ، من أجل أن يكون ذلك سبباً لقبول الله له ، كلما تواضع العبد لله كان ذلك سبباً لرفعة العبد عند الله - جل وعلا- ، وكلما ترك الإنسان الكبرياء والعجب بالنفس كلما كان أدعى لقبول الأعمال ، وأدعى إلى معية الله ، وأدعى لأن تكون معية الله مع العبد.نعم


  #5  
قديم 28 ربيع الثاني 1430هـ/23-04-2009م, 05:04 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول :
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :
(العلم حرب للفتى المتعالي ،يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يدرك العلم ،لأن العلم حرب له ...)
كيف يكون العلم حرب؟!!! وما المعنى؟!
الجواب :
لعلك تشيرين إلى قول الشاعر:

العلم حرب للفتى المتعالـي = كالسيل حرب للمكان العالي


ومراده والله أعلم ، أن الفتى المتعالي لا ينتفع بالعلم لأن تعاليه يصرفه عن الانتفاع بالعلم كما أن المكان العالي لا يصيبه السيل لتعاليه وارتفاعه .
فلو شبه العلم بالسيل لكانت الأرض المتواضعة لها النصيب من الانتفاع به ، وحرممن الانتفاع به الأراضي المترفعة عنه لأن السيل يجري وينحدر ولا يرتفع .
وهذه التشبيهات التي يذكرها الشعراء إنما هي لتشبيه حالة بحالة فيمثلون الصورة المعنوية بصورة حسية حتى تتضح في الأذهان .
وأما كونه حرباً للمكان العالي فليس المقصود منه الحرب الذي هو ضد السلم كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، وإنما المراد منه شدة العداوة والمنافرة يقال فلان حرب لفلان إذا كان بينهما عداوة ومباغضة شديدة.
قال في لسان العرب: (يقال فلان حَرْبٌ لفلان إِذا كان بينهما تَباعُدٌ)



السؤال الثاني :
ماذ يقصد الشيخ من قوله:
(والتواضع للحق وكذلك للخلق يتواضع للحق بمعنى أنه متى بانله الحق خضع له ولم يبغي بدله نعم ولم يبغي لسواه بديلاوكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا )
الجواب :
التواضع للحق : هو قبوله والانقياد لحكم الله تعالى ، فإذا علم العبد أن الله حرم أمراً وجب عليه اجتنابه ، وإذا علم أن الله أوجب شيئاً وجب عليه امتثاله ما استطاع .
وهذا هو الانقياد للحق والتواضع له ، فمن فعله فقد برئ من نصف الكِبر.
وأما من تكبر عن امتثال الأمر واجتناب النهي ورآى أنه لا يليق به أن يمتثل ما يعلم أن الله أمر به فهذا من الكبر والعياذ بالله ، وصاحبه على شفير هلكة نسأل الله العافية.
والتواضع للخلق : هو عدم غمطهم وازدرائهم وهضمهم حقوقَهم ظلماً وعلواً ، فيلين مع المسلمين كما أمر الله تعالى ، ويحبهم ويواليهم ولا يكون في قلبه غِلاً لإخوانه المسلمين ، ويعامل الكفار بما أمر الله تعالى من العدل والإحسان في مواضع الإحسان ، والغلظة في مواضع الغلظة ليس ترفعاً وازدراء وتكبراً عليهم وإنما امتثالاً لأمر الله تعالى وبياناً للعزة الإيمانية.
فمن تواضع للحق وتواضع للخلق فقد برئ من الكبر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرَّف الكبر بقوله: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)
وأما قوله: (فكم من طالب فَتَحَ على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا)
فيعني به أن الطالب قد يذكر لمعلمه أموراً لا يعرفها ولم تكن تخطر على باله، فإن العالم مهمابلغ علمه فإنه لا يحيط علمه بجميع المسائل ، بل ربما كان ما يحهله من المسائلكثيراً جداً، وربما تحير العالم في جواب بعض المسائل لعارض من العوارض وتفطن للجواب بعض طلابه المبتدئين .
كما حصل ذلك للقاضي الماوردي رحمه الله فقد ذكر أنه ألف كتاباًكبيراً في أحكام البيوع استقصى فيه المسائل والأدلة والأقوال واجتهد فيه اجتهاداً بالغاً
قال فلما فرغت من الكتاب خرجت إلى المسجد فأتاني رجلان يختصمان في مسألة من مسائل البيوع فلم أحر فيها جواباً !!
فذهبا إلى طالب من الطلاب فأجابهم .
فاستفدنا من هذه القصة فوائد :
الأولى: أن العالم قد يستغلق عليه جواب بعض المسائل وهذا من طبيعة النقص البشري.
الثانية: أن بعض الطلاب قد يفتح لهم في العلموالفهم ما لا يفتح لشيوخهم كما قال تعالى: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً)
الثالثة: ورع القاضي الماوردي رحمه الله ونصحه ، فأما ورعه فلإمساكه عن الفتوى فيما لم يتبين له جوابه.
وأما نصحه فلذكره لهذه القصة التي ربما يظنها بعض الناس نقيصة في حقه ، وهي لم تزده إلارفعة.



السؤال الثالث :
أفهم من كلامك أن الإنقياد للحق والتواضع له براءة من نصف الكبر، وأن التواضع للخلق واللين معهم براءة من النصف الآخر.
فنصف الكبر التعالي على الحق ونصفه الآخرالتعالي على الخلق.
ألا يكون يا شيخنا قول الشيخ " وكذلك للخلق " من باب عطفه على قوله "والتواضع للحق" أي هو داخل فيه، فمن تواضع للخلق فقد تواضع للحق، فاللهيأمر بالتواضع للخلق، واتباع الأمر تواضع للحق. ومن يتعالى على الخلق فقد تعالى على الحق.
فيصبح الكبر كله تعال على الحق. وله أنواع.
الجواب :
أنا قصدت ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)
فبطر الحق يعالج بالتواضع للحق ، وهذا هو النصف الأول
وغمط الناس يعالج بالتواضع للخلق، وهذا هو النصف الثاني
والتعبير بكونه نصف الكبر ونحوه إنما المراد منه تقريب الصورة والتبيين والتوضيح ، ولا يلزم منه أن يكون النصف الأول مساو لمقدار النصف الثاني.
وهذا المنهج التعليمي ورد في الهدي النبوي وله أكثر من مثال ، كما في صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطهور شطر الإيمان) ، وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث رجل من بني سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم (الطهور نصف الإيمان) .
وللعلماء كلام كثير في معنى كون الطهور شطر الإيمان،وأقربهما ذكره الخطابي ورجحه ابن رجب وغيره من أن التقسيم إلى نصفين في مثل هذا المقام إنما هو باعتبار اقتضته المناسبة،كما في قول الشاعر:

إذا مِتُّ كان الناسُ نصفينِ : شامتٌ = بموتي ومُثْنٍ بالذي كنـتُ أفعـلُ
أي أنهم فريقان:

-
فريق مبغض له شامت بموته
- وفريق محب له مادح له ومثن عليه بأمجاده
ولا يلزم تساوي عدد الفريقين ،وتماثل النصفين
قيل لشريح القاضي: كيف أصبحت؟
فقال: (أصبحت ونصفُ الناس عليَّ غضبان)
قال ابن رجب: (يريد أنَّ الناسَ بين محكومٍ له ومحكومٍ عليه ،فالمحكومُ عليه غضبان ، والمحكوم له راضٍ عنه ، فهما حزبان مختلفان)
والمقصود أنه لما كان لا بد للبراءة من الكبر من أمرين:
الأول: التواضع للحق
والثاني: التواضع للخلق
صح اعتبارهما قسمين كما دل عليه الحديث،ولا يلزم من ذلك تماثل القسمين، بل بينهما من التلازم ما هو ظاهر بين ، كحال سائر الطاعات فإن بعضها يدل على بعض ويعين عليه ويكمله .


السؤال الرابع : ذكر الشيخ العثيمين عن اهل العلم ان هناك امة قبل آدم وبنيه كيف نوفق بين هذا وان آدم اول بشر خلقه الله
الجواب : التوفيق بأن الأمم السابقة من غير البشر.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجناح, خفض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir