دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 07:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي لا يقوم الدين إلا بتوحيد الربوبية وتوحيد العبادة

وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ غَايَةَ مَا يُقَرِّرُهُ هَؤُلاَءِ النُّظَّارُ، أَهْلُ الْإِثْبَاتِ لِلْقَدَرِ، الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى السُّنَّةِ، إِنَّمَا هُوَ تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَمَعَ هَذَا فَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا مُقِرِّينَ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ - فَكَذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّفِ، الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ.
غَايَةُ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ هُوَ شُهُودُ هَذَا التَّوْحِيدِ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُه وَخَالِقُه، لاَ سِيَّمَا إِذَا غَابَ الْعَارِفُ بِمَوْجُودِهِ عَنْ وُجُودِهِ، وَبِمَشْهُودِهِ عَنْ شُهُودِهِ، وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، وَدَخْلَ فِي فَنَاءِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، بِحَيْثُ يَفْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ، وَيَبْقَى مَنْ لَمْ يَزَلْ. فَهَذَا عِنْدَهُمْ هُوَ الْغَايَةُ الَّتِي لاَ غَايَةَ وَرَاءَهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا هُوَ تَحْقِيقُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَلاَ يَصِيرُ الرَّجُلُ بِمُجَرَّدِ هَذَا التَّوْحِيدِ مُسْلِمًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لِلَّهِ أَوْ مِنْ سَادَاتِ الْأَوْلِيَاءِ.
وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّفِ وَالْمَعْرِفَةِ يُقِرُّونَ هَذَا التَّوْحِيدَ مَعَ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، فَيَفْنَوْنَ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ إِثْبَاتِ الْخَالِقِ لِلْعَالَمِ الْمُبائنِ لِمَخْلُوقَاتِهِ. وَآخَرُونَ يَضُمُّونَ هَذَا إِلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ فَيَدْخُلُونَ فِي التَّعْطِيلِ مَعَ هَذَا. وَهَذَا شَرٌّ مِنْ حَالِ كَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ.
وَكَانَ جَهْمٌ يَنْفِي الصِّفَاتِ، وَيَقُولُ بِالْجَبْرِ، فَهَذَا تَحْقِيقُ قَوْلِ جَهْمٍ، لَكِنَّهُ إِذَا أَثْبَتَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، فَارَقَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنَّ جَهْمًا وَمَنِ اتَّبَعَهُ يَقُولُ بِالْإِرْجَاءِ، فَيَضْعُفُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عِنْدَهُ.
والنَّجَّاريَّةُ والضِّرَارِيَّةُ وَغَيْرُهمْ يَقْرَبُونَ مِنْ جَهْمٍ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ وَالْإِيمَانِ مَعَ مُقَارَبَتِهِمْ لَهُ أَيْضًا فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ.
وَالْكُلاَّبِيَّةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلاَءِ فِي بَابِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ لِلَّهِ الصِّفَاتِ الْعَقْلِيَّةَ، وَأَئِمَّتُهمْ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ فِي الْجُمْلَةِ، كَمَا فَصَّلْتُ أَقْوَالَهمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا فِي بَابِ الْقَدَرِ، وَمَسَائِلِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ فَأَقْوَالُهمْ مُتَقَارِبَةٌ.
وَالْكُلاَّبِيَّةُ - هُمْ أَتْبَاعُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كُلاَّبٍ، الَّذِي سَلَكَ الْأَشْعَرِيُّ خَلْفَهُ، وَأَصْحَابُ ابْنِ كُلاَّبٍِ، كَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ القَلانَسِيِّ وَنَحْوِهِمَا - خَيْرٌ مِنَ الأَشْعَرِيَّةِ فِي هَذَا وَهَذَا، فَكُلَّمَا كَانَ الرَّجُلُ إِلَى السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ أَقْرَبَ كَانَ قَوْلُه أَعْلَى وَأَفْضَلَ.
وَالْكَرَّامِيَّةُ قَوْلُهمْ فِي الْإِيمَانِ قَوْلٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، حَيْثُ جَعَلُوا الْإِيمَانَ قَوْلَ اللِّسَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، فَيَجْعَلُونَ الْمُنَافِقَ مُؤْمِنًا، لَكِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، فَخَالَفُوا الْجَمَاعَةَ فِي الِاسْمِ دُونَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا فِي الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، فَهُمْ أَشْبَهُ مِنْ أَكْثَرِ طَوَائِفِ الْكَلاَمِ الَّتِي فِي أَقْوَالِهَا مُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَهُمْ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ، وَيُقَارِبُونَ قَوْلَ جَهْمٍ، لَكِنَّهُمْ يَنْفُونَ الْقَدَرَ، فَهُمْ وَإِنْ عَظَّمُوا الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، وَغَلَوْا فِيهِ، فَهُمْ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ، فَفِيهِمْ نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَالْإِقْرَارُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مَعَ إِنْكَارِ الْقَدَرِ خَيْرٌ مِنَ الإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ مَعَ إِنْكَارِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَنْ يَنْفِي الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ، وَكَانَ قَدْ نَبَغَ فِيهِمُ الْقَدَرِيَّةُ، كَمَا فِيهِمُ الْخَوَارِجُ الْحَرُورِيَّةُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ مِنَ البِدَعِ أوَّلًا مَا كَانَ أَخَفَّ، وَكُلَّمَا ضَعُفَ مَنْ يَقُومُ بِنُورِ النُّبُوَّةِ قَوِيَتِ الْبِدْعَةُ.
فَهَؤُلاَءِ الْمُتَصَوِّفُونَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ الْحَقِيقَةَ الْكَوْنِيَّةَ، مَعَ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ شَرٌّ مِنَ القَدَرِيَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهُمْ، أُولَئِكَ يُشَبَّهُونَ بِالْمَجُوسِ، وَهَؤُلاَءِ يُشَبَّهُونَ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا: ( لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ)، وَالْمُشْرِكُونَ شَرٌّ مِنَ المَجُوسِ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, يقول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir