بابُ الحَيْضِ
أصلُه لُغَةً: السَّيَلانُ مِن قَوْلِهِم: حاضَ الوَادِي إذَا سالَ، وهو شَرْعا:ً دَمُ طَبِيعَةٍ وجِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِن قَعْرِ الرَّحِمِ في أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ خَلَقَهُ اللَّهُ
لحِكْمَةِ غِذَاءِ الوَلَدِ وتَرْبِيَتِه، (لا حَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ) فإِنْ رَأَت دَماً لدُونِ ذلك فلَيْسَ بحَيْضٍ؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ في الوُجُودِ، وبَعْدَهَا إن صَلَحَ فحَيْضٌ.
قالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْتُ جَدَّةً لهَا إِحْدَى وعِشْرُونَ سَنَةً. (ولا) حَيْضَ (بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةٍ) لقَوْلِ عَائِشَةَ: (إِذَا بَلَغَتِ المَرْأَةُ خَمْسِينَ سَنَةً خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الحَيْضِ)
ذكرَهُ أَحْمَدُ، ولا فَرْقَ بينَ نساءِ العربِ وغيرِهِنَّ.
(ولا) حَيْضَ (معَ حَمْلٍ) قالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا تَعْرِفُ النِّسَاءُ الحَمْلَ بانقِطَاعِ الدَّمِ. فإِنْ رَأَتْ دَماً فهو دَمُ فَسَادٍ لا تَتْرُكُ لهُ العِبَادَةَ ولا يُمْنَعُ
زَوْجُهَا مِن وَطْئِهَا، ويُسْتَحَبُّ أنْ تَغْتَسِلَ عندَ انقِطَاعِه إلاَّ أنْ ترَاهُ قبلَ وِلادَتِهَا بيَوْمَيْنِ أو ثَلاثَةٍ معَ أَمَارَةٍ فنِفَاسٌ ولا تَنْقُصُ مُدَّتُه.
(وأَقَلُّه)؛ أي: أَقَلُّ الحَيْضِ (يَوْمٌ ولَيْلَةٌ) لقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، (وأَكْثَرُه)؛ أي: أَكْثَرُ الحَيْضِ (خَمْسَةُ عَشَرَ يَوْماً) بلَيَالِيهَا لقَوْلِ عَطَاءٍ:
رَأَيْتُ مَنْ تَحِيضُ خَمْسَةَ عَشَرَةَ يَوْماً. (وغَالِبُه)؛ أي: غَالِبُ الحَيْضِ (سِتُّ) لَيَالٍ بأَيَّامِهَا (أو سَبْعُ) لَيَالٍ بأيَّامِهَا.
(وأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الحَيْضَتَيْنِ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْماً) احتَجَّ به أَحْمَدُ بما رُوِيَ عَن عَلِيٍّ أَنَّ امرَأَةً جَاءَتْهُ وقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فزَعَمَت أنَّهَا حَاضَت
فِي شَهْرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ.
فقالَ عَلِيٌّ لشُرَيْحٍ: قُلْ فِيهَا. فقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ جَاءَتْ بَبَيِّنَةٍ مِن بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّن يُرْجَى دِينُه وأَمَانَتُه فشَهِدَت بذلك، وإلاَّ فهِيَ كَاذِبَةٌ، فقالَ عَلِيٌّ:
قَالُونْ؛ أي: جَيِّدٌ بالرُّومِيَّةِ.
(ولا حَدَّ لأَكْثَرِه)؛ أي: أَكْثَرِ الطُّهْرِ بينَ الحَيْضَتَيْنِ؛ لأنَّهُ وقد وُجِدَ مَن لا تَحِيضُ أَصْلاً، لَكِنَّ غَالِبَهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ، والطُّهْرُ زَمَنُ حَيْضٍ خُلُوصُ النَّقَاءِ
بأنْ لا تَتَغَيَّرَ معَهُ قُطْنَةٌ احتَشَت بِهَا، ولا يُكْرَهُ وَطْؤُهَا زَمَنَهُ إن اغتَسَلَت.