دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو القعدة 1429هـ/18-11-2008م, 12:05 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أقسام المياه وأحكامها

المياهُ ثلاثةٌ: طَهورٌ لا يَرْفَعُ الحدَثَ ولا يُزِيلُ النَّجَسَ الطارئَ , غيرُه، وهو الباقي علي خِلْقَتِه، فإن تَغَيَّرَ بغيرِ مُمَازِجٍ كقِطَعِ كافورٍ أو دُهْنٍ بِمِلْحٍ مائيٍّ أو سُخِّنَ بنَجِسٍ كُرِهَ، وإن تَغَيَّرَ بِمُكْثِه أو بما يَشُقُّ صَوْنُ الماءِ عنه من نَابتٍ فيه ووَرَقِ شجَرٍ أو بِمُجاوَرَةِ مَيْتَةٍ أو سُخِّنَ بالشمْسِ أو بطاهِرٍ لم يُكْرَهْ، وإن استُعْمِلَ في طَهارةٍ مُستَحَبَّةٍ كتَجديدِ وُضوءٍ وغُسلِ جُمُعةٍ وغَسلةٍ ثانيةٍ وثالثةٍ كُرِهَ.


  #2  
قديم 23 ذو القعدة 1429هـ/21-11-2008م, 10:02 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

وهي على ثلاثة أقسام ماء طهور وهو الباقي على أصل خلقته وما تغير بمكثه بطاهر لايمكن صونه عنه كالطحلب وورق الشجر أو بمالا يخالطه كالعود والكافور والدهن أو بما أصله الماء كالملح البحري أو ما تروح بريح ميتة إلى جانبه أو سخن بالشمس أو بطاهر كله طاهر مطهر يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس غير مكروه الإستعمال .

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 01:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(المِيَاهُ) باعتِبَارِ ما تَتَنَوَّعُ إليهِ في الشَّرْعِ (ثَلاثَةٌ):
أَحَدُهَا: (طَهُورٌ)؛ أي: مُطَهِّرٌ، قالَ ثَعْلَبٌ: طَهُورٌ ـ بفَتْحِ الطَّاءِ ـ الطَّاهِرُ في ذَاتِه المُطَهِّرُ لغَيْرِه. انتهى.قالَ تعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}(لاَ يَرْفَعُ الحَدَثَ) غَيْرُه. والحَدَثُ لَيْسَ نَجَاسةً بل مَعْنًى يَقُومُ بالبَدَنِ يَمْنَعُ الصَّلاةَ ونَحْوَهَا، والطَّاهِرُ ضِدُّ المُحْدِثِ والنَّجِسِ.
(وَلاَ يُزِيلُ النَّجَسَ الطَّارِئَ) على مَحَلٍّ طَاهِرٍ فهو النَّجَاسَةُ الحُكْمِيَّةُ (غَيْرُه)؛ أي: غَيْرُ المَاءِ الطَّهُورِ، والتَّيَمُّمُ مُبِيحٌ لا رَافِعٌ وكذا الاستِجْمَارُ.
(وهُو)؛ أي: الطَّهُورُ (البَاقِي علَى خِلْقَتِه)؛ أي: صِفَتِه التي خُلِقَ علَيْهَا إمَّا حَقِيقَةً بأن يَبْقَى على ما وُجِدَ عليه مِن بُرُودَةٍ أو حَرَارَةٍ أو مُلُوحَةٍ ونَحْوِها، أو حُكْماً كالمُتَغَيِّرِ بمُكْثٍ أو طُحْلُبٍ ونَحْوِه ممَّا يَأْتِي ذِكْرُه.
(فإنْ تَغَيَّرَ بغَيْرِ مُمَازِجٍ)؛ أي: مُخَالِطٍ.
(كقِطَعِ كَافُورٍ) وعُودٍ قَمَارِيٍّ
(أو دُهْنٍ) طَاهِرٍ على اختِلافِ أَنْوَاعِه. قالَ في الشَّرْحِ: وفِي مَعْنَاهُ مَا تَغَيَّرَ بالقَطِرَانِ والزِّفْتِ والشَّمْعِ؛ لأنَّ فيه دُهْنِيَّةً يَتَغَيَّرُ بها المَاءُ
(أو بمِلْحٍ مَائِيٍّ) لا مَعْدَنِيٍّ فيَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ
(أو سُخِّنَ بنَجِسٍ كُرِهَ) مُطْلَقاً إنْ لم يُحْتَجْ إليه، سَوَاءٌ ظَنَّ وُصُولَهُ إليهِ أو كَانَ الحَائِلُ حَصِيناً أو لا، ولو بَعْدَ أَنْ يَبْرُدَ لأنَّهُ لا يَسْلَمُ غَالِباً مِن صُعُودِ أَجْزَاءٍ لَطِيفَةٍ إليه، وكذا ما سُخِّنَ بمَغْصُوبٍ، ومَاءِ بِئْرٍ بمَقْبَرَةٍ، وبَقْلِهَا وشَوْكِهَا واستِعْمَالِ مَاءِ زَمْزَمَ في إِزَالَةِ خَبَثٍ لا وُضُوءٍ وغُسْلٍ.
(وإنْ تَغَيَّرَ بمُكْثِهِ)؛ أي: بطُولِ إِقَامَتِه في مَقَرِّه وهو الآجِنُ لم يُكْرَهْ؛ لأنَّهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ تَوَضَّأَ بمَاءٍ آجِنٍ، وحكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ إجماعَ مَن يُحْفَظُ قَوْلُه مِن أَهْلِ العِلْمِ سِوَى ابنِ سِيرِينَ.
(أو بما)؛ أي: بطَاهِرٍ
(يَشُقُّ صَوْنُ المَاءِ عَنْهُ مِن نَابِتٍ فيهِ ووَرَقِ شَجَرٍ) وسمَكٍ، وما تُلْقِيهِ الرِّيحُ، أو السُّيُولُ مِن تِبْنٍ ونحْوِه وطُحْلُبٍ فإِنْ وُضِعَ قَصْداً وتَغَيَّرَ به المَاءُ عَن مُمَازَجَةٍ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ (أو) تَغَيَّرَ (بمُجَاوَرَةِ مَيْتَةٍ)؛ أي: برِيحِ مَيْتَةٍ إلى جَانِبِه؛ فلا يُكْرَهُ قالَ في (المُبْدِعِ): بغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُه.
(أو سُخِّنَ بالشَّمْسِ أو بطَاهِرٍ) مُبَاحٍ ولم يَشْتَدَّ حَرُّهُ
(لم يُكْرَهْ)؛ لأنَّ الصَّحَابَةَ دَخَلُوا الحَمَّامَ ورَخَّصُوا فيه، ذكرَهُ في (المُبْدِعِ). ومَن كَرِهَ الحَمَّامَ؛ فعِلَّةُ الكَرَاهَةِ خَوْفُ مُشَاهَدَةِ العَوْرَةِ، أو قَصْدُ التَّنَعُّمِ بدُخُولِه، لا كَونُ المَاءِ مُسَخَّناً فإنِ اشتَدَّ حَرُّه أو بَرْدُه؛ كُرِهَ لمَنْعِهِ كَمَالَ الطَّهَارَةِ.
(وإنِ استُعْمِلَ) قَلِيلٌ(في طَهَارَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ كتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وغُسْلِ جُمُعَةٍ)أو عِيدٍ ونَحْوِه (وغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وثَالِثَةٍ) في وُضُوءٍ أو غُسْلٍ (كُرِهَ) للخِلافِ في سَلْبِه الطَّهُورِيَّةَ، فإن لم تَكُنِ الطَّهَارَةُ مَشْرُوعَةً كالتَّبَرُّدِ لم يُكْرَهْ.


  #4  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:25 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(المياه )باعتبار ما تتنوع إليه في الشرع (ثلاثة) ([1]).
أحدها (طهور) أي: مطهر قال ثعلب: طهور بفتح الطاء الطاهر في ذاته المطهر لغيره اهـ([2]) قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}([3]) (لا يرفع الحدث) غيره([4]).والحدث ليس بنجاسة، بل معنى يقوم بالبدن، يمنع الصلاة ونحوها([5]) والطاهر ضد المحدث والنجس([6]) (ولا يزيل النجس الطارئَ) على محل طاهر فهو النجاسة الحكمية (غيره) أي غير الماء الطهور([7]) والتيمم مبيح لا رافع، وكذا الاستجمار([8]) (وهو) أي الطهور (الباقي على خلقته) أي صفته التي خلق عليها([9]).إما حقيقة بأن يبقى على ما وجد عليه، من برودة أو حرارة أو ملوحة ونحوها([10]) أو حكما كالمتغير بمكث([11]) أو طحلب ونحوه مما يأتي ذكره([12]) (فإن تغير بغير ممازج) أي مخالط (كقطع كافور)([13]) وعود قماري([14]).
(أو دهن) طاهر على اختلاف أنواعه([15]) قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران([16]) والزفت والشمع([17]) لأن فيه دهنية يتغير بها الماء([18]).
(أو بملح مائي)([19]) لا معدني فيسلبه الطهورية([20]) (أو سخن بنجس كره) مطلقا([21]) إن لم يحتج إليه([22]) سواء ظن وصولها إليه، أو كان الحائل حصينا أو لا، ولو بعد أن يبرد([23]). لأنه لا يسلم غالبا من وصول أجزاء لطيفة إليه([24]) وكذا ما سخن بمغصوب([25]) وماء بئر بمقبرة([26]) وبقلها وشوكها([27]) واستعمال ماء زمزم في إزالة خبث([28]) لا وضوء ولا غسل([29]).(وإن تغير بمكثه) أي بطول إقامته في مقره([30]) وهو الآجن لم يكره([31]) لأنه عليه الصلاة والسلام توضأ بماء آجن([32]) وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ قوله من أهل العلم([33]). سوى ابن سيرين([34]) (أو بما) أي بطاهر (يشق صون الماء عنه من نابت فيه) ([35]) (وورق شجر) وسمك([36]) وما تلقيه الريح أو السيول من تبن ونحوه([37]) فإن وضع قصدا([38]) وتغير به الماء ممازجة سلبه الطهورية([39]).
(أو) تغير (بمجاورة ميتة) أي بريح ميتة إلى جانبه، فلا يكره، قال في المبدع: بغير خلاف نعلمه([40]) (أو سخن بالشمس) ([41]) ( أو بطاهر) مباح ولم يشتد حره (لم يكره)([42]).لأن الصحابة دخلوا الحمام، ورخصوا فيه، ذكره في المبدع([43]) ومن كره الحمام فعلة الكراهة خوف مشاهدة العورة([44]) أو قصد التنعم بدخوله([45]) لا كون الماء مسخنا([46]) فإن اشتد حره أو برده كره، لمنعه كمال الطهارة([47]) (وإن استعمل) قليل (في طهارة مستحبة كتجديد وضوء وغسل جمعة) أو عيد ونحوه([48]).(وغسلة ثانية وثالثة) في وضوءٍ أو غسلٍ (كره) للخلاف في سلبه الطهورية([49]) فإن لم تكن الطهارة مشروعة كالتبرد لم يكره([50])


([1]) أي تعلم بالاستقراء والمياه جمع ماء، وهو جمع كثرة، وهي ما فوق العشرة لزيادة أنواع الماء عليها، وجمع الماء في القلة أمواه، وهو اسم جنس والألف واللام فيه لبيان حقيقة الجنس، لا للجنس الشامل، لأنه مستحيل فتكون للعهد الذهني والماء جوهر بسيط سيال بطبعه وبدأ بالكلام عليه، لأن الطهارة المائية هي الأصل، ولا تحصل إلا بالماء المطلق فاحتاج إلى تمييزه من غيره وقدمه لشرفه وتقسيمهم الماء إلى ثلاثة، طهور وطاهر ونجس، لكونه عندهم لا يخلو: إما أن يجوز الوضوء به أو لا، فإن جاز فهو الطهور، وإن لم يجز فلا يخلو: إما أن يجوز شربه أو لا فإن جاز فهو الطاهر، وإلا فهو النجس، ومرادهم بالطاهر يعني غير المطهر وعليه الأكثر وعنه طهور وفاقا لمالك، ورواية عن أبي حنيفة والشافعي وطوائف من السلف، واختاره الشيخ وابن عقيل وأبو البقاء وغيرهم فإن الماء كله طهور، إلا ما تغير بنجاسة أو خرج عن اسم الماء، كماء ورد، قال شيخ الإسلام: ينقسم إلى طاهر ونجس، وإثبات قسم طاهر غير مطهر لا أصل له في الكتاب والسنة.
([2]) وقال الجوهري: اسم لما تطهرت به، وقال النووي: طهور بفتح الطاء اسم لما يتطهر به، وبالضم اسم للفعل، هذه اللغة المشهورة التي عليها الأكثر من أهل اللغة قال: الشيخ والمفسرون وغيرهم، التحقيق أنه ليس معدولا عن طاهر، ولكنه من أسماء الآلات كوجور وسحور، وثعلب هو: أبو العباس أحمد بن يحيى ابن زيد بن سيار الشيباني مولاهم، الحنبلي، إمام اللغة المشهور قال ابن الجوزي: لا يرد القيامة أعلم بالنحو من ثعلب، مات سنة مائتين وإحدى وتسعين.
([3]) أي: من الأحداث والجنابة وقال: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا *} وهو الطاهر في ذاته المطهر لغيره، وقال عليه الصلاة والسلام «اللهم طهرني بالثلج والبرد» والماء البارد، وقال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» وقال في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» وهذا قول أهل العلم قاطبة حكاه غير واحد، إلا ما ذكر عن ابن عمر في ماء البحر، التيمم أعجب إلي منه، ولكن حديث «هو الطهور ماؤه» تلقته الأمة بالقبول، وتداوله فقهاء الأمصار، ورواه الأئمة الكبار، وصححوه وقالوا: إنه أصل من أصول الإسلام، وقد بلغ حد التواتر، حتى قال الشافعي: هذا الحديث نصف علم الطهارة.
([4]) أي: غير الماء الطهور إجماعا، حكاه ابن المنذري والغزالي وغيرهما ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الوضوء بغير الماء، وما روي عن عكرمة وأبي حنيفة من جوازه بالنبيذ لما روي عن ابن مسعود فلا يثبت.
([5]) كالطواف ومس المصحف ومعنى يقوم بالبدن أي وصف شرعي يقوم بالأعضاء سببه الحدث نحوه.
([6]) المحدث من قام به الحدث، والنجس بالكسر: الشيء المتنجس وبالفتح عين النجاسة، محمول على الوصف بالمصدر، وهو في اللغة: المستقذر وفي الشرع: قذر مخصوص، وهو ما يمنع جنسه الصلاة، كالبول والدم، والخمر فالطاهر الخالي منها.
([7]) أي لا يزيل النجس الطاري على محل طاهر كالثوب وهو النجاسة الحكمية التي يمكن تطهيرها غير الماء الطهور وأخرج بالحكمية العينية التي لا يمكن تطهيرها بحال، وهي كل عين يابسة كانت أو رطبة يمنع منها الشرع بلا ضرورة لا لأذى فيها طبعا، ولا لحق الله أو غيره شرعا، كالبول والعذرة.
([8]) أي التيمم مبيح مزيل للحكم فقط ويأتي أنه مطهر، وأن الاستجمار مطهر لحديث وجعلت تربتها لنا طهورا، وحديث إنهما يعني: الروث والعظم لا يطهران المفيد لرفع النجاسة.
([9]) وبقي عليها سواء كان من الماء النازل من السماء كالمطر وذوب الثلج والبرد، أو ماء الأنهار والعيون والآبار والبحار، ولو تصاعد ثم قطر، كبخارات الحمامات، وما يستخرج بالكنداسات ونحوها، وأو استهلك فيه يسير مستعمل أو مائع طاهر لم يغيره، بل بقي على صفته التي خلق عليها، فلم يقيد بوصف دون آخر، ولم يضف إلى اسم شيء غيره، كماء البقول والحمص والعصفر ونحو ذلك، ولو كان شريفا كماء زمزم، والخلقة الفطرة، وفطرة الشيء أول وجوده، والمراد استمراره على الصفة التي كان عليها وقت ظهوره إلينا.
([10]) كعذوبة أو بياض وغير ذلك.
([11]) أي أو كان باقيا على صفته في الحكم، بأن جعل كالأول في الحكم ولم يلتفت إلى التغير بالمكث بتثليث الميم، أي بسب طول اللبث، مصدر مكث بفتح الكاف وضمها.
([12]) في قوله: من نابت فيه وورق شجر وطحلب بضم اللام وفتحها وهو الأخضر الذي يخرج من أسفل الماء حتى يعلوه، ويقال له العرمض وثور الماء.
([13]) طيب معروف يستخرج من شجر كبار من جبال بحر الهند والصين وغيرهما، أبيض شفاف قليل الذوبان في الماء، ومفهومه أنه إذا سحق ووقع في الماء أنه يسلبه الطهورية، لتغيره تغير ممازجة ومخالطة لتحلل أجزائه فيه.
([14]) صفة لعود. بفتح القاف، نسبة إلى قامر بلدة بالهند، شجره يشبه شجر الخوخ تأكل منه الأرض رديئة إذا وقفت التغذية عنه، ويحتقن بمادة دهنية عطرية، فيضوع منه رائحة ذكية، وفي الصحيح «عليكم بالعود الهندي»، وقال ابن القيم: العود نوعان: أحدهما يستعمل في الأدوية، وهو الكست ويقال له القسط، والثاني يستعمل في الطيب ويقال له الألوة وهو أنواع: أجودها الهندي، ثم الصيني ثم القماري، ثم المندلي، وقيل هو أجوده وأجوده الأسود ثم الأزرق الصلب الرزين الدسم، وأقله جودة ما خف وطفى على الماء.
([15]) سواء دهن الحيوانات أو الأشجار كزيت وشيرج وسمسم.
([16]) بفتح القاف وكسر الطاء، عصارة الأبهل والأرز ونحوهما، يطبخ فيتحلل منه، والمراد به ما لا يمازج، وأما الذي يمازج فيسلبه الطهورية، وأما المتغير بمحل تطهير، كزعفران وعجين على عضو طاهر تغير به الماء وقت غسله، فلا يمنع حصول الطهارة به، والمراد بالشرح هو الشرح الكبير المشهور على المقنع، للإمام أبي الفرج شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن أحمد بن قدامة، المقدسي ثم الصالحي سمع من أبيه وعمه الموفق، وقرأ عليه المقنع، وشرحه في عشر مجلدات مستمدا من المغني انتهت إليه رئاسة المذهب، بل العلم في عصره، أخذ عنه جماعة منهم شيخ الإسلام، توفي سنة ستمائة واثنتين وثمانين.
([17]) الزفت بكسر الزاي القار، والمزفت المطلي به، والشمع هو الذي يستصبح به، أوموم العسل.
([18]) لا عن ممازجة بل عن مجاورة فيكره للاختلاف في سلبه الطهورية وذكر غير واحد استحباب الخروج من الخلاف في مسائل الاجتهاد، لكن إذا كان الخلاف مخالفا سنة صحيحة فلاحرمة له، ولا يستحب الخروج منه لأن صاحبه لم تبلغه وإن بلغته وخالفها فمحجوج بها.
([19]) كره وهو الماء الذي يرسل على السباخ، فيصير ملحا، أضيف إليه لأنه منعقد من الماء، فلا يمنع إطلاق اسم الماء عليه، وقيل كالملح البحري، لأن أصله لماء، واختاره الشيخ وحكم التراب إذا تغير به الماء كالملح البحري، لكن إن ثخن الماء بوضع التراب فيه بحيث لا يجري على الأعضاء لم تجز الطهارة به.
([20]) يعني إن تغير به، والمعدني نسبة إلى المعدن، كالجبلي، فإنه يضر التغير الكثير به، إن لم يكن بمقر الماء، أو ممره، وقال شيخ الإسلام: منهم من يفرق بين الكافور والدهن وغيره، وبين الملح المائي والجبلي، وليس على شيء من هذه الأقوال دليل لا من نص ولا قياس ولا إجماع وصوب النووي جواز الطهارة بالماء الذي ينعقد منه ملح ما دام جاريا.
([21]) صوبه في الإنصاف، للاختلاف في طهوريته ومذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين لا كراهة فيه، والمكروه ضد المحبوب، وهو ما يثاب على تركه، ولا يعاقب على فعله، والإطلاق لا يكون إلا في مقابلة تقييد سابق، أو لاحق ومعناه هنا ما ذكره المصنف بقوله: سواء ظن وصولها إليه إلخ.
([22]) أي حاجة غير شديدة، بأن كان عنده غيره، إلا أن في استعماله رفقا به، فتزول الكراهة قال الشيخ: فإن احتيج إليه زالت الكراهة، وكذا المشمس، قال: وليس بنجس باتفاق الأئمة، إذا لم يحصل له ما ينجسه.
([23]) أي المسخن بنجس، فإن علم وصول النجاسة إليه، وكان يسيرا، فنجس على ما سيأتي.
([24]) أو لكون استعمال النجاسة مكروها،،أن السخونة حصلت بفعل مكروه وما لم يعلم وصول شيء من أجزاء النجاسة إليه فطهوريته باقية بلا خلاف.
([25]) فيكره لاستعمال المغصوب فيه.
([26]) بتثليث الباء مع فتح الميم، وبكسر الباء مع كسر الميم، وظاهره في أكل وشرب وطهارة وغيرها، فيكره نص عليه ويكره أيضا ماء بئر حفرها غصب أو أجرتها غصب وكذا ما ظنت نجاسته، وماء بئر ذروان التي ألقي فيها سحر النبي صلى الله عليه وسلم وماء بئر برهوت التي بحضرموت قال ابن الأثير: تجتمع فيها أرواح الفجار، ولا يباح غير بئر الناقة من آبار ديار ثمود، لأمره عليه الصلاة والسلام أن يهريقوا ما استقوا من آبارها، وأن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة، متفق عليه، وبئر الناقة هي البئر الكبيرة التي تردها الحاج اليوم، استمر علم الناس بها قرنا بعد قرن، وهي طوية محكمة البناء، واسعة الأرجاء، ولا يحكم بنجاسة غيرها من تلك الآبار لأن الشارع لم يتعرض لنجاستها.
([27]) فيكره لكونها عندهم مظنة النجاسة والبقل ما نبت في بزره وقيل البقل ما ينبت الربيع من العشب، والشوك مصدر، وهو ما يخرج من النبات ما يدق ويصلب منه، شبيها بالإبر معروف الواحدة شوكة.
([28]) يكره تكريما له، وقال عليه الصلاة والسلام:« إنها طعام طعم وشفاء سقم ».
([29]) أي فلا يكره وهو قول جمهور العلماء لقول علي: ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بسجل من ماء فشرب منه وتوضأ رواه عبد الله ابن الإمام أحمد بإسناد صحيح، وللنصوص الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بلا فرق ولم يزل المسلمون على الوضوء منه بلا إنكار، وما يقال عن العباس من النهي عن الاغتسال به فغير صحيح قاله النووي وغيره، وعن أحمد يكره الغسل وحده اختاره الشيخ، وعلل بأنه يجري مجرى إزالة النجاسة من وجه، ولهذا يعم البدن ولأن حدثها أغلظ، وظاهر كلامهم لا يكره الغسل ولا الوضوء بما جرى على الكعبة.
([30]) من أرض أو آنية من أدم أو نحاس، أو غيرها لمشقة الاحتراز منه.
([31]) حيث إن تغيره من غير مخالطة شيء يغيره فهو باق على طهوريته.
([32]) أي متغير رواه البيهقي. والآجن الدائم الذي لا يجري، ولأنه توضأ من بئر كأن ماءها نقاعة الحناء.
([33]) أي حكى ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم أن الوضوء بالماء الآجن المتغير بمكثه من غير نجاسة حلت فيه جائز، وحكاه الشيخ وغيره، وقال الإجماع أن تجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم فإنها لا تجتمع على ضلالة، والإجماع هو الأصل الثالث بعد الكتاب والسنة، ويجب تقديمه على ما يظن من معاني الكتاب والسنة، فإنه لا بد أن يكون منصوصا، قال وعامة التنازعات إنما هي في أمور مستحبات لا في واجبات ومحرمات اهـ. والإجماع في اللغة الاتفاق، يقال أجمعت الجماعة على كذا، إذا اتفقت عليه ويطلق بإزاء تصميم العزم،
وفي الشرع، اتفاق مجتهدي عصر من الأعصار من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين وابن المنذر هو محمد بن إبراهيم الحافظ أبو بكر النيسابوري صاحب التصانيف المفيدة التي يحتاج إليها كل الطوائف توفي سنة ثلاثمائة وتسع وعشرين قال النووي لا شك في إتقانه، وتحقيقه، وكثرة اطلاعه على السنة ومعرفته بالدلائل الصحيحة وعدم تعصبه.
([34]) فإن كره ذلك، ولا يفعل صلى الله عليه وسلم ما يكره فعله، ولا يقال ذلك فيه، فلعله رحمه الله خفي عليه، وابن سيرين اسمه محمد ابن أبي عمرة وسيرين أبوه نسب إليه وهو مولى لأنس بن مالك، ثقة مشهور زاهد ورع توفي بالبصرة سنة مائة وعشر.
([35]) أي: في الماء، وكذا ما يجري عليه الماء من الكبريت والقار ونحوه، فلا يكره لأجل تغيره بذلك.
([36]) ونحوه، وجراد ونحوه، مما لا نفس له سائلة، فلا يكره واحترز بالورق من الثمار الساقطة فيه، سواء كانت رطبة أو يابسة.
([37]) أي: وإن تغير بما يشق صون الماء عنه مما تلقيه الريح، أو السيول، من تبن ونحوه كحشيش وعيدان، وطحلب ونحو ذلك، فلا يكره، لعدم إمكان التحرز منه.
([38]) بأن كان الواضع مميزًا عاقلاً، لأن من دون التمييز لا عبرة به، وإن لم يكن الطحلب وورق الشجر ونحوهما الموضوعان قصدا متفتتين ولم يتحلل منهما شيء، فهما قياس قطع الكافور.
([39]) أي فإن كان المطروح فيه من جنس قرار الماء، كالتراب والملح، لم يسلبه الطهورية قال الشيخ: ومذهب أبي حنيفة وأحمد في المنصوص عنه أنه لا فرق بين التغير بأصل الخلقة وغيره، ولا بما يشق صون الماء عنه وما لا يشق، فما دام يسمى ماء، ولم يغلب عليه أجزاء غيره، كان طهورا قال: وهو الصواب قال في الفروع: واختار الشيخ وغيره أن تناول الاسم لمسماه لا فرق فيه بين أصلي وطارئ يمكن الاحتراز منه.
([40]) وقاله الشارح والنووي وغيرهما، لأنه تغير مجاورة، كإن كان إلى جانب الماء جيفة، أو عذرة أو غيرهما، فنقلت الريح رائحة ذلك إلى الماء فتغير ومنه لو سد فم الإناء بشجر أو نحوه فتغير منه الماء من غير مخالطة لشيء منه وينضبط المجاور بما يمكن فصله، والممازج بما لا يمكن فصله، وإن كان مما يسمى مخالطة عند الإطلاق مجاورة في الحقيقة، فالنظر إلى تصرف اللسان، فإن أرباب اللسان قسموا التغير إلى مجاورة ومخالطة، والمبدع شرح المقنع تأليف العلامة إبراهيم ابن محمد الأكمل، بن عبد الله بن محمد بن مفلح، المقدسي الصالحي، أربع مجلدات ممزوج الأصل وله «مرقاة الوصول»، والمقصد الأرشد، وغيرها توفي سنة ثمانمائة وأربع وثمانين.
([41]) لم يكره وفاقا، وما روي أنه قال لعائشة وقد سخنت ماء في الشمس «لا تفعلي فإنه يورث البرص» فقال النووي: ضعيف باتفاق المحدثين ومنهم من يجعله موضوعا وأجمع أهل الطب أنه لا أثر له في البرص.
([42]) قال الشارح وغيره: لا نعلم فيه خلافا إلا عن مجاهد، وقول الجمهور أولى، لخبر رواه الطبراني، والمراد بالمباح غير المغصوب، كحطب ونحوه، وإلا فيكره لاستعمال المغصوب فيه.
([43]) أي ذكر صاحب المبدع أنهم دخلوه، ورخصوا في دخوله، وذكره عنهم غير واحد قال شيخ الإسلام: وإنما صح فيه عن الصحابة رضي الله عنهم قال ابن القيم وغيره، إذا اشتهر قول الصحابي، ولم يخالفه صحابي آخر، فالجماهير على أنه إجماع وحجة, وإن لم يشتهر أو لم يعلم أنه اشتهر أم لا فجمهور الأمة على أنه حجة اهـ. والحمام هو المغتسل المعروف وجمعه حمامات ويأتي.
([44]) هي السوأة وكلما يستحي منه، للنهي عن النظر إليها، وتقدم أن العلة في اللغة المرض الشاغل، قال في المصباح: أعله جعله ذا علة، ومنه إعلالات الفقهاء واعتلالاتهم.
([45]) ففي الأثر «إن عباد الله ليسوا بالمتنعمين».
([46]) أي ليست علة الكراهة كون الماء مسخنا فإن تسخينه لا يؤثر في كراهته قال في المبدع: هذا إجماع منهم على أن سخونة الماء لا توجب كراهته.
([47]) بسبب شدة الحرارة أو البرودة قال النووي: وذلك متفق عليه عندنا ودليل الكراهة أنه يتعرض للضرر، ولأنه لا يمكنه استيفاء الطهارة به على وجهها اهـ وذلك إذا لم يحتج إليه، وذكر ابن القيم وغيره أن الوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية.
([48]) كبقية الأغسال المستحبة كره، وكذا إن استعمل في غسل كافر كره للاختلاف فيه، والفرق بين الغسل الواجب والمستحب أن ما شرع بسبب ماض كان واجبا، كالغسل من الجنابة والحيض والنفاس، وما شرع لمعنى مستقبل كان مستحبا كأغسال الحج والجمعة والعيدين.
([49]) وظاهر الفروع والمنتهى والإنصاف وغيرها عدم الكراهة، وذهب إلى ذلك طوائف من أهل العلم للأدلة على عدم الكراهة ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا فبقي مطهرا غير مكروه بوجه من الوجوه.
([50]) قال في الإنصاف: بلا نزاع وذكر الشارح وغيره أنه لا خلاف فيه لأنه باق على إطلاقه، وأن الماء إذا خالطه طاهر لم يغيره، لم يمنع الطهارة به، وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، وإذا وقع في الماء ماء مستعمل يسير عفي عنه، أو كمله بمائع آخر لم يغيره جاز الوضوء به لبقاء اسم الماء عليه.


  #5  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 09:17 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(المِياهُ ثلاثةٌ: طَهُورٌ لا يَرْفَعُ الحَدَثَ)
قوله: «المياهُ ثلاثةٌ: طَهُورٌ» ، المياه: جمعُ ماء،
والمياه ثلاثة أقسام:
الأول: الطَّهور، بفتح الطَّاء على وزن فَعول، وفَعول: اسم لما يُفعَلُ به الشيءُ، فالطَّهورُ ـ بالفتح ـ: اسم لما يُتطهَّر به، والسَّحور ـ بالفتح ـ: اسم للطَّعام الذي يُتسحَّرُ به.وأما طُهور، وسُحور بالضمِّ، فهو الفعل.
والطَّهور: الماء الباقي على خلقته حقيقة، بحيث لم يتغيَّر شيء من أوصافه، أو حكماً بحيث تغيَّر بما لا يسلبُه الطَّهوريَّةَ.فمثلاً: الماء الذي نخرجه من البئر على طبيعته ساخناً لم يتغيَّر، وأيضاً: الماء النَّازل من السَّماء طَهور، لأنَّه باقٍ على خلقته، هذان مثالان للباقي على خلقته حقيقة، وقولنا: «أو حُكْماً» كالماء المتغيِّر بغير ممازج، أو المتغيِّر بما يشقُّ صون الماء عنه، فهذا طَهور لكنه لم يبقَ على خلقته حقيقة، وكذلك الماء المسخَّن فإِنه ليس على حقيقته؛ لأنَّه سُخِّن، ومع ذلك فهو طَهور؛ لأنَّه باقٍ على خلقته حكماً.
قوله: «لا يرفع الحدث» ، أي: لا يرفع الحَدَث إلا الماء الطَّهُور.فالبنزين وما أشبهه لا يرفع الحَدَثَ؛ فكل شيء سوى الماء لا يرفع الحَدَث، والدَّليل قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[المائدة: 6] ، فأمر بالعدول إلى التيمُّم إذا لم نجد الماء، ولو وجدنا غيره من المائعاتِ والسوائل.
والتُّراب في التيمُّم على المذهب لا يرفع الحَدَث. والصَّواب أنَّه يرفع الحَدَث لقوله تعالى عَقِبَ التيمُّم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6] ،
ومعنى التَّطهير: أن الحَدَث ارتفع، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطَهُوراً» بالفتح، فيكون التُّراب مطهِّراً. لكن إِذا وُجِدَ الماءُ، أو زال السَّبب الذي من أجله تيمَّم؛ كالجرح إذا برئ، فإنه يجب عليه أن يتوضَّأ، أو يغتسل إِن كان تيمَّم عن جنابة.

(ولا يُزِيلُ النَّجَسَ الطَّارِئَ غَيْرُهُ)
قوله: «ولا يزيل النَّجس الطارئَ غيرُه» ، أي: لا يزيل النَّجس إلا الماء، والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم في دم الحيض يصيب الثَّوب: «تَحُتُّه، ثم تَقْرُصُه بالماء، ثم تَنْضَحُه، ثم تُصلِّي فيه».والشَّاهد قوله: «بالماء»، فهذا دليل على تعيُّن الماء لإزالة النَّجاسة.وقوله صلّى الله عليه وسلّم في الأعرابي الذي بَالَ في المسجد: «أهْريقوا على بوله سَجْلاً من ماء».«ولمَّا بال الصبيُّ على حِجْره؛ دعا بماء فأتْبَعَهُ إِيَّاه»، فدلَّ هذا على أنَّه لا يزيل النَّجَس إِلا الماء، فلو أزلنا النَّجاسة بغير الماء لم تَطْهُر على كلام المؤلِّفِ.
والصَّواب: أنَّه إِذا زالت النَّجاسة بأي مزيل كان طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفاً كالحدث لا يُزال إِلا بما جاء به الشَّرع، وقد قال الفقهاء رحمهم الله: «إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة»، وهذه طهارة بغير الماء.وأما ذِكْرُ الماء في التَّطهير في الأدلة السَّابقة فلا يدلُّ تعيينُه على تعيُّنِهِ؛ لأن تعيينَه لكونه أسرعَ في الإِزالة، وأيسرَ على المكلَّف.
وقوله: «النَّجس الطَّارئ»، أي: الذي وَرَدَ على محَلٍّ طاهر.فمثلاً: أن تقع النَّجاسة على الثَّوب أو البساط، وما أشبه ذلك، فقد وقعت على محَلٍّ كان طاهراً قبل وقوع النَّجاسة، فتكون النَّجاسةُ طارئةً.أما النَّجاسة العينيَّة فهذه لا تطهُر أبداً، لا يطهِّرُها لا ماء ولا غيره؛ كالكلب، فلو غُسِلَ سبع مرات إِحداهن بالتُّراب فإِنَّه لا يَطْهُر؛ لأنَّ عينَه نجسة.وذهب بعض العلماء إِلى أنَّ النَّجاسة العينية إِذا استحالت طَهُرت؛ كما لو أوقد بالرَّوث فصار رماداً؛ فإِنه يكون طاهراً، وكما لو سقط الكلب في مملحة فصار ملحاً؛ فإنه يكون طاهراً، لأنَّه تحوَّلَ إِلى شيء آخر، والعين الأولى ذهبت، فهذا الكلب الذي كان لحماً وعظاماً ودماً، صار ملحاً، فالملح قضى على العين الأولى.

(وَهُوَ الْبَاقِي على خِلْقَتِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بغير مُمَازجٍ كَقِطَع كَافُور)
قوله: «وهو الباقي على خلقته» ، هذا تعريفُ الماء الطَّهور، وقد تقدم شرحُه.
قوله: «فإن تغيَّر بغير ممازجٍ كقطع كافور» ، إن تغيَّر الماءُ بشيء لا يُمازجه كقطع الكافور؛ وهو نوع من الطِّيب يكون قِطعاً، ودقيقاً ناعماً غير قطع، فهذه القطع إذا وُضِعَت في الماء فإنَّها تُغيِّر طعمه ورائحته، ولكنها لا تمازجُه، أي: لا تُخالطه، أي: لا تذوب فيه، فإذا تغيَّر بهذا فإنه طَهُور مكروه.
فإن قيل: كيف يكون طهوراً وقد تغيَّر؟
فالجواب: إن هذا التغيُّر ليس عن ممازجة، ولكن عن مجاورة، فالماء هنا لم يتغير لأن هذه القطع مازجته، ولكن لأنها جاورته.
فإن قيل: لماذا يكون مكروهاً؟
فالجواب:لأن بعض العلماء يقول:إنه طاهرغيرمطهِّر.فيرون أن هذا التغيُّر يسلبه الطَّهوريَّةَ فصار التَّعليل بالخلاف، فمن أجل هذا الخلاف كُرِهَ.
والصَّواب: أن التَّعليل بالخلاف لا يصحُّ؛ لأنَّنا لو قُلنا به لكرهنا مسائل كثيرة في أبواب العلم، لكثرة الخلاف في المسائل العلمية، وهذا لا يستقيم.فالتعليل بالخلاف ليس علَّة شرعية، ولا يُقبل التَّعليل بقولك: خروجاً من الخلاف؛ لأنَّ التَّعليل بالخروج من الخلاف هو التَّعليل بالخلاف. بل نقول: إن كان لهذا الخلاف حظٌّ من النَّظر، والأدلَّة تحتمله، فنكرهه؛ لا لأنَّ فيه خلافاً، ولكن لأنَّ الأدلَّة تحتمله، فيكون من باب «دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَريبُك».أما إذا كان الخلاف لا حَظَّ له من النَّظر فلا يُمكن أن نعلِّلَ به المسائل؛ ونأخذ منه حكماً فليس كلُّ خلافٍ جاء مُعتَبراً إِلا خلافٌ له حظٌّ من النَّظر لأن الأحكام لا تثبت إلاَّ بدليل، ومراعاة الخلاف ليست دليلاً شرعياً تثبتُ به الأحكامُ، فيقال: هذا مكروه، أو غير مكروه.

(أو دُهْنٍ، أو بملْحٍ مَائِيٍّ، أوْ سُخِّن بنَجَسٍ كُره)
قوله: «أو دُهْنٍ» ، معطوف على «غير ممازج» أو على «قطع كافور».
مثاله: لو وضع إِنسان دُهْناً في ماء، وتغيَّر به، فإنه لا يسلبه الطَّهوريةَ، بل يبقى طَهوراً؛ لأن الدُّهن لا يمازج الماء فتجده طافياً على أعلاه، فتغيُّره به تغيُّر مجاورة لا ممازجة.
قوله: «أو بملح مائي» ، وهو الذي يتكوَّن من الماء، فهذا الملح لو وضعتَ كِسْرةً منه في ماء، فإِنه يُصبح مالحاً، ويبقى طَهوراً مع الكراهة خروجاً من الخلاف.
فإن قيل: لماذا لا تنسلب طَهوريته؟
فالجواب أن يقال: لأن هذا الملح أصله الماء.
والتَّعليل بالخلاف للكراهة قد تقدَّم الكلام عليه.
وعُلِم من قوله: «مائي» أنَّه لو تغيَّر بملح معدني يُستخرَجُ من الأرض فإنه يسلبه الطَهوريَّةَ على المذهب، فيكون طاهراً غير مطهِّر.
قوله: «أو سُخِّن بنَجَسٍ كُرِه» ؛ أي: إِذا سُخِّن الماءُ بنجَسٍ تَغيَّر أو لم يتغيَّر فإِنه يُكره.
مثاله: لو جمع رجلٌ روث حمير، وسخَّن به الماء فإِنه يُكره، فإِن كان مكشوفاً فإِنَّ وجه الكراهة فيه ظاهر، لأن الدُّخان يدخله ويؤثِّر فيه. وإِن كان مغطَّى، ومحكم الغطاء كُره أيضاً؛ لأنَّه لا يَسْلَمُ غالباً من صعود أجزاء إِليه. والصَّواب: أنَّه إِذا كان محكم الغطاءِ لا يكره.فإِن دخل فيه دخان وغَيَّرَهُ، فإِنه ينبني على القول بأن الاستحالةَ تُصيِّرُ النَّجس طاهراً، فإِن قلنا بذلك لم يضر. وإِن قلنا بأن الاستحالة لا تُطهِّر؛ وتغيَّر أحد أوصاف الماء بهذا الدُّخان كان نجساً.

(وإِنْ تَغَيَّر بمكثِهِ، أو بما يَشقُّ صَوْنُ الماءِ عنه من نابتٍ فيه، وَوَرَقِ شَجَرٍ)
قوله: «وإن تغيَّرَ بمكثه» ، أي: بطول إِقامته، فلا يضرُّ، لأنه لم يتغيَّر بشيء حادث فيه، بل تغيَّر بنفسه، فلا يكره.
قوله: «أو بما يَشقُّ صون الماء عنه من نابتٍ فيه وورَقِ شَجَرٍ» ،
مثل: غدير نَبَتَ فيه عُشبٌ، أو طُحلب، أو تساقط فيه ورقُ شجر فتغيَّر بها، فإنَّه طَهُورٌ غير مكروه؛ ولو تغيَّر لونُه وطعمُه وريحُه، والعِلَّة في ذلك أنه يشقُّ التحرُّز منه، فيشُقُّ ـ مثلاً ـ أن يمنع أحدٌ هذه الأشجار من الرِّياح حتى لا تُوقع أوراقها في هذا المكان. وأيضاً يشُقُّ أن يمنع أحدٌ هذا الماء حتى لا يتغيَّر بسبب طول مُكثه.
ولو قلنا للنَّاس: إِن هذا الماء يكون طاهراً غيرَ مطهِّر، لشققنا عليهم.
وإِن تغيَّر بطين كما لو مشى رجل في الغدير برجليه، وأخذ يحرِّك رجليه بشدَّة حتى صار الماء متغيِّراً جدًّا بالطِّين؛ فإِنَّ الماء طَهُورٌ غيرُ مكروه؛ لأنه تغيَّر بمُكْثِه.

(أو بمُجَاوَرَةِ مَيْتةٍ، أو سُخِّنَ بالشَّمس، أو بطَاهر؛ لم يُكْرَه، وإِن استُعْمِلَ )
قوله: «أو بمجَاورة مَيْتَةٍ» ،
مثاله: غدير عنده عشرون شاةً ميتة من كُلِّ جانب، وصار له رائحة كريهة جدًّا بسبب الجِيَفِ، يقول المؤلِّفُ: إِنه طَهُور غير مكروه؛ لأن التغيُّر عن مجاورة، لا عن ممازجة، وبعض العلماء حكى الإجماع على أنه لا ينجس بتغيُّره بمجاورة الميتة، وربما يُستَدَلُّ ببعض ألفاظ الحديث: «إنَّ الماءَ طاهرٌ، إِلا إِن تغيَّر طعمُه أو لونه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه»، على القول بصحَّة الحديث.ولا شكَّ أن الأَوْلَى التنزُّه عنه إن أمكن، فإِذا وُجِدَ ماء لم يتغيَّر فهو أفضل، وأبعد من أن يتلوَّث بماء رائحته خبيثة نجسة، وربما يكون فيه من النَّاحية الطبيَّة ضرر، فقد تحمل هذه الروائح مكروبات تَحُلُّ في هذا الماء.
قوله: «أو سُخِّن بالشَّمس» ، أي وُضِعَ في الشَّمس ليسْخُنَ. مثاله: شخص في الشِّتاء وضع الماء في الشمس ليسْخُنَ فاغتسل به، فلا حرج، ولا كراهة.
قوله: «أو بطاهر» ، يعني: أو سُخِّن بطاهر مثل الحطب، أو الغاز، أو الكهرباء، فإنه لا يُكره.
قوله: «وإن استُعْمِلَ» الضَّمير يعود على الماء الطَّهور. والاستعمال: أن يُمَرَّ الماء على العضو، ويتساقط منه، وليس الماء المستعمل هو الذي يُغْتَرفُ منه. بل هو الذي يتساقط بعد الغَسْل به.
مثاله: غسلت وجهك، فهذا الذي يسقط من وجهك هو الماء المستعمل.

(في طهارةٍ مُسْتَحبَّةٍ كتجديد وُضُوءٍ، وغُسْل جُمُعَةٍ، وغَسْلةٍ ثَانيةٍ، وثالثةٍ كُرِهَ )
قوله: «في طهارة مستحبَّة» ، أي: مشروعة من غير حَدَث.
قوله: «كتجديد وضوء» ، تجديد الوُضُوء سُنَّة، فلو صَلَّى إنسان بوُضُوئه الأول ثم دخل وقت الصَّلاة الأُخرى، فإنه يُسنُّ أن يجدِّدَ الوُضُوء ـ وإِن كان على طهارة ـ فهذا الماء المستعمل في هذه الطَّهارة طَهُور لكنه يُكره.يكون طَهُوراً؛ لأنه لم يحصُلْ ما ينقله عن الطَّهورية، ويكون مكروهاً للخلاف في سلبه الطَّهورية؛ لأن بعض العلماء قال:لو استُعْمل في طهارة مستحبَّة فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّر. وقد سبق الكلام على التَّعليل بالخلاف.
قوله: «وغُسْل جُمُعَة» ، هذا على قول الجمهور أن غُسْل الجمعة سُنَّةٌ، فإذا استُعْمِلَ الماء في غُسْلِ الجمعة فإِنه يكون طَهُوراً مع الكراهة.
قوله: «وغَسْلة ثانية وثالثة كُرِهَ» ، الغَسْلَةُ الثانية والثالثة في الوُضُوء ليست بواجبة، والدَّليل قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] والغُسْل يصدق بواحدة، ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ثبت أنه توضَّأ مرَّةً مرَّةً. فالثانية، والثالثة طهارة مستحبَّة، فالماء المستعمل فيهما يكون طَهُوراً مع الكراهة، والعِلَّةُ هي: الخلاف في سلبه الطَّهورية.
والصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع. ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: 116] ، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده.


  #6  
قديم 9 جمادى الأولى 1431هـ/22-04-2010م, 03:58 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح زاد المستقنع للشيخ حمد الحمد

* قوله: ( المياة ثلاثة ):
المياه: جمع كثرة لماء، وأصله موه، لذا جمع القلة منه (أمواه)، وجمع الكثرة منه (مياه).
( ثلاثة ): أي شرعاً، وإلا فإنها في الواقع قد تنقسم إلى أكثر من هذه الأقسام، لكن المقصود هنا أقسامها من حيث حكم الشارع فيها.
فذكر هنا أن المياه تنقسم إلى ثلاثة وهي:
1- الطهور أي المطهر.
2- والطاهر وهو الطاهر بنفسه غير المطهر لغيره.
3- والنجس.
هكذا قسمه فقهاء الحنابلة وغيرهم فهو مذهب الجمهور ، وأن المياه تنقسم إلى ثلاثة .والمؤلف هنا سيذكر القسم الأول وما يتعلق به من مسائل ثم يذكر القسم الثاني وما يتعلق به من مسائل ثم يذكر القسم الثالث وما يتعلق به من مسائل ، هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة وغيرهم من أن المياه تنقسم إلى ثلاثة.
والراجح ما ذهب إليه المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية من أن المياه تنقسم إلى قسمين اثنين:
ماء طاهر، وماء نجس، فالطاهر هو الطهور المطهر ، والقسم الثاني هو الماء النجس.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وإثبات ماء طاهر غير مطهر لا أصل له في الكتاب والسنة" ([1]).وسيأتي البحث في هذا عند الكلام في القسم الثاني من أقسام المياه.
- إذن: قوله: (ثلاثة): فيه نظر، فالصواب والصحيح -وسيأتي الاستدلال له- أنالمياه إنما تنقسم إلى قسمين: مياه طاهرة يصح للمسلم أن يتطهر بها، ومياه نجسة.وأما أن يكون هناك ماء يسمى ماءً وهو مع ذلك لا يطهر فهذا ليس بصحيح وسيأتي مزيد بحث فيه في موضعه – إن شاء الله - .

قوله: (( طهور لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره )):
هذا القسم الأول: هو الطهور: فهو طاهر بنفسه مطهر لغيره ، بل لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره.
(النجس الطارئ): لأن هناك نجس ليس بطارئ ، بل هو نجس نجاسة عينيّة.
النجس الطارئ: هو الموضع أو المحل الذي وردت عليه النجاسة، فهو في أصله طاهر لكن وردت عليه نجاسة، فهذا يسمى النجس حكماً، والنجاسة هنا طارئة عليه، ليست بأصلية، فهذا هو الذي قابل لإزالة النجاسة فيعود طاهراً كما كان.وأما النجس عيناً: فهو الذي قد خلقه الله نجساً فهذا لا يُزال بأي شيء كان.
مثال ذلك: البول أو العذرة أو الكلب أو الخنزير ونحو ذلك، فهذه نجاستها نجاسة عينية، بمعنى: أنها لا يمكن أبداً أن تزول عنها هذه النجاسة التي خلقها الله عز وجل عليها مهما فعل فيها من أدوات التطهير.إذن الكلام إنما هو على المحل الذي ترد عليه النجاسة، فهذا هو النجس حكماً؛ لأنه طاهر في الأصل فالنجاسة طرأت عليه فأصبح في حكم الشيء النجس .
فإذا أزيلت هذه النجاسة فإنه حينئذ يعود طاهراً.
(ولا يزيل النجس الطارئ غيره):
إذن يقرر المؤلف أن هذا النوع من المياه أولاً يرفع الحدث ، وهو كذلك يزيل النجس ، بل لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره.أما كونه لا يرفع الحدث غيره فسيأتي البحث في باب التيمم ، عن التيمم أهو رافع أو مبيح؟وفقهاء الحنابلة يرون أنه مبيح ، لذا هذا التعريف يجري على قاعدتهم ، وسيأتي البحث في هذا.

* وقوله هنا كذلك: (( لا يزيل النجس الطارئ غيره )):
يدل على أنه لو كانت هناك نجاسة فصب عليها شيء آخر من المواد كالكيميائية مثلا ، أو أزيل بتراب أو نحو ذلك فإن النجاسة تبقى ولا تزول .بمعنى : ثوب أزيلت نجاسته بغير الماء أو زالت نجاسته بغير الماء ، هل يزول ذلك أم لا ؟
قالوا: لا يزول إلا بالماء ، هذا هو مذهب الحنابلة. فعلى ذلك إذا أزيل بحكة مثلاً وكان مما يقبل الحك ، أو أزيل بأي طريق آخر ، بمواد كيميائية أو نحو ذلك أو بتراب فإنه عندهم لا يزول واستدلوا بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: في دم الحيض يصيب الثوب: ( تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه ) ([2]) متفق عليه.
قالوا : فقد خصص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الماء بالذكر ، واستدلوا كذلك بالحديث المتفق عليه في أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يهراق على بول الأعرابي ذنوباً من ماء ) ([3]) متفق عليه.
قالوا: فخصص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك الماء بالذكر.
ـ وذهب فقهاء الأحناف : إلى أن الماء ليس فقط هو المزيل للنجاسة ، بل أي شيء تزول به النجاسة ؛ فإن المحل يطهر ، كأن يزول بالتراب أو بمرور الزمن ونحو ذلك مما تزول به النجاسة بالشمس وغير ذلك ، فمتى زالت النجاسة ولم يبق لها أثر يمكن إزالته فإنها حينئذ تطهر ، وهذا هو القول الراجح.ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في سنن أبي داود: ( إذا وطئ أحدكم الأذى في نعله فإن التراب لها طهور ) ([4]).فجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التراب طهوراً للنعل إذا أصابها الأذى.ومثل ذلك ما ثبت في سنن أبي داود ، أنه عليه الصلاة والسلام ، قال: (إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإذا رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه ثم يصل فيهما) ([5])فهذا الحديث يدل على أن المسح كاف في إزالة الأذى الواقع في النعلين.
- ثم إن النجاسة هي علة التنجس، فإذا زالت هذه النجاسة بأي طريق فإنه لا مبرر لانتفاء الحكم عليه.وقد قعّد الفقهاء القاعدة المشهورة: الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.فإذا ثبتت العلة ثبت الحكم ، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم.
إذن الراجح: أنه ليس الماء الطهور فقط هو المزيل للنجاسة. بل كل طريق تزول به النجاسة فإنه يكون الشيء طاهراً.فمثلاً: رجل وضع ثوبه في محل تشرق فيه الشمس فزالت النجاسة عنه ، ولم يبق لها أثر مطلقاً فإنه حينئذ يكون الشيء طاهراً وهكذا.

* قوله: (( وهو الباقي على خلقته )):
هذا هو الماء الطاهر، وهو الباقي على خلقته التي خلقه الله عليها من مياه الأنهار ومياه البحار ومياه الآبار ومياه الأمطار ونحو ذلك. فالباقي على خلقته هو الطهور، ويدخل في ذلك البرد، والثلج ونحو ذلك كل هذا داخل في ذلك الباب. وقد ثبت في الصحيحين أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: ( اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد ) ([6]). لكن يجب أن يعلم أن الثلج والبرد لا يثبت به - مع كونه طهوراً لا يثبت به - الغسل حتى يجري على الأعضاء ؛ لأن حقيقة الغسل جريان الماء على أعضاء المغسل أو المتوضئ. فغسل الأعضاء حقيقته جريان الماء عليها. فإذا كان البرد أو الثلج خفيفاً يجري الماء عند إدراته([7]) على الأعضاء - يجري عليها - فإنه يثبت غسلاً ويصح الوضوء به أو الغسل. وأما إذا كان لا يجري كأن يكون ثخيناً ثقيلاً فإنه حينئذ لا يجزئ ، فإذا ماع فتوضأ أو اغتسل فإنه حينئذ يجزئه ذلك ـ وهل يستثنى من الماء شيء ؟
(أ) ذهب بعض الفقهاء المتقدمون([8]) كما يروى ذلك عن ابن عمرو ، من أن مياه البحار ليست بطهورة ، وخالف في ذلك جماهير الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وقالوا بطهوريتها وأنها مياه طهورة .وهذا هو الحق وقد دل عليه الحديث الذي رواه الأربعة وغيرهم وصححه البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيل له: يا رسول الله: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر، قال: (هو الطهور ماؤه الحِلّ ميتته) ([9]). فالبحر هو الطهور ماؤه، فمياه البحار يجوز للمسلم أن يتوضأ منها وأن يغتسل ولا حرج في شيء من ذلك.
(ب) واستثني بالنصوص الصحيحة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام، آبار ثمود سوى بئر الناقة. فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: (نزل الناس مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة) ([10]).
فهذا يدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يتطهر بمياه آبار ثمود سوى بئر الناقة فإنه يجوز له أن يتطهر به.
(ج) الثانية: بئر برهوت: فقد كره الفقهاء أن يتوضأ منها أو يغتسل وهي بئر بحضرموت. وقد روى الطبراني في "الكبير" ، وقد رواه الضياء في "المختارة" من طريق الطبراني في "الكبير" أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ) إلى أن قال: ( وشر ماء على وجه الأرض ماء بوادي برهوت) ([11]) وهو حديث حسن. وهي بئر معروفة في حضرموت. فهذا الحديث يدل على كراهية الغسل أو الوضوء فيها كما قال ذلك الفقهاء.

* مسألة: ( ماء زمزم ):هل يكره أن يتوضأ وأن يغتسل وأن يزيل الخبث منه أم لا يكره ؟؟
ـ أما الوضوء منه ، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذلك جائز، واستدلوا بما رواه الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه، من حديث علي بن أبي طالب: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ([12]). هذا الحديث يدل على جواز الوضوء من ماء زمزم وأنه لا حرج في ذلك ولا بأس .
ـ وعند الإمام أحمد خلاف المشهور في المذهب عنه كراهية ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بكراهية الاغتسال دون الوضوء وأن الغسل مكروه دون الوضوء.
ـ أما القول بأن الوضوء مكروه فإنه لا دليل عليه والحديث النبوي الذي تقدم ذكره يرده.
وأما الغسل منه فليس في الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اغتسل.
وهل هناك ما يمنع من الاغتسال أم يقال إن الاغتسال مثل الوضوء ؟؟
روى الفاكهي في "أخبار مكة" وهو من علماء القرن الثالث ، بإسناد صحيح عن العباس بن عبد المطلب وابنه "والعباس هو ساقي الناس من ماء زمزم فكان على سقاية زمزم ـ رضي الله عنه" قالا : ( لا أحله لمغتسل وهو لمتوضئ وشارب حل وبِلّ ) ([13]) أي برؤ من الأمراض. فهنا قال هذان الصحابيان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهما. قالا: (لا أحله لمغتسل) فكل واحد منهما قال هذه المقالة. ولم يصب النووي عندما قال فيه: أنه لم يصح ما ذكروه عن العباس ، بل قد صح ذلك بإسنادين أحدهما إسناد حسن والآخر إسناد صحيح ، وقد احتج بهذا الأثر الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى. وهذا الأثر عن العباس وابنه يدل على النهي عن الاغتسال من ماء زمزم وأن ذلك منهي عنه. وقد كرهه ـ كما تقدم شيخ الإسلام ابن تيمية وحكى ذلك عن طائفة من العلماء. ولم أر أحداً من أهل العلم صرّح بتحريمه.
- ثم إن هناك شيء من الفارق بين الغسل والوضوء فإن إزالة الجنابة أشد من إزالة الحدث الأصغر. فإن إزالة الحدث الأكبر أشد من إزالة الحدث الأصغر. لذا لا تزال إلا بتعميم الماء في البدن كله ، بخلاف الحدث الأصغر فإنه يزول بغسل بعض الأعضاء التي أمر الله عز وجل بغسلها. فما ذهب إليه شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ قوي في النظر ، وهو كراهية الاغتسال من ماء زمزم. وأما الوضوء فلا حرج فيه ـ وأعظم من الاغتسال أن يزيل به النجس فإن كراهيته أشد ؛ لأن هذا الماء ماء مبارك وقد قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في مسلم : ( هو طعام طعم ) ، وزاد الطيالسي بإسناد صحيح: (وشفاء سقم) ([14]). وقال عليه الصلاة والسلام: (ماء زمزم لما شرب له) ([15]). فهو ماء مبارك فلا ينبغي أن يزيل الخبث به ، فإزالة الخبث مكروهة وقد نص على ذلك فقهاء الحنابلة وغيرهم. والحمد لله رب العالمين.
قال المصنف رحمه الله:
(( فإن تغيّر بغير ممازج كقطع كافور أو دهن أو بملح مائي أو سُخِّن بِنَجِس كره ، وإن تغيّر بمكثه أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه وورق شجر أو بمجاورة ميتة أو سخن بالشمس أو بطاهر لم يكره ، وإن استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء وغسل جمعة وغسلة ثانية وثالثة كره )) :
قوله: ( فإن تغير بغير ممازج كقطع كافور أو دهن أو بملح مائي ) :
(فإن تغير): أي هذا الماء الطهور الذي تقدم أنه هو الباقي على خلقته التي خلقه الله عليها. وهو الذي يرفع به الأحداث وتزال به الأنجاس كما تقدم تقريره في المذهب.
(بغير ممازج): بأن يحدث في هذا الماء تغير في لونه أو رائحته أو طعمه، ويكون سبب هذا التغير وقوع شيء غير ممازج، يعني : لا يمازجه ولا يخالطه بل يحدث التغير بغير ممازجة.
يعني: يقع في الماء هذا الشيء ولا يخالطه مخالطة الممازج، وإنما خالطه مخالطة غير الممازج، فهذا المخالط ما يزال باقياً على حالته ومع ذلك أحدث ذلك التأثير.
مثال ذلك: (كقطع كافور): والكافور طيب معروف، وإنما ذكر القطع؛ لأنه إذا دُقَّ فإنه يمازج ويخالط ، لكنه وهو على هيئة القطع إذا وقع في الماء فإنها تبقى قطع غير متحللة تحللاً واضحا في الماء لكنها تقع فيه وتؤثر فيه من غير ممازجة.
(أو دهن): دهن من الأدهان سواء كان من الأدهان الحيوانية أو النباتية ، فإذا وقع هذا الدهن في الماء أو قطع الكافور أو عود الغماري ومثله الشمع أو القطران والزفت، فكل هذه الأشياء إذا وقع شيء منها في الماء فإنه يؤثر فيه لكنه ليس عن ممازجة وإنما بمجرد المجاورة. فهنا ما حكمه ؟؟ هل يكون ليس بطهور أو نقول: هو طهور لكنه يكره التطهر به ، أو يقال: إنه ليس بمسلوب الطهورية بل هو طهور وليس بمكروه شرعاً ؟؟
ـ ثلاثة أقوال في مذهب الحنابلة:
(1) القول الأول: ما ذكره المؤلف هنا ، حيث قال بعد ذلك : "كره" .إذن هو طهور تصح الطهارة به، فيصح أن يتوضأ به أو يغتسل به وتزال به النجاسة لكنه مكروه.
قالوا: هو طهور؛ لأن هذا التغير لم يكن عن ممازجة وإنما كان عن مجاورة.
ـ وهو مكروه قالوا: للخلاف فيه، فقد وقع الخلاف فيه ، هل هو طهور أو طاهر (وقد تقدم الكلام أن تقسيم الماء إلى طهور وطاهر ونجس ليس بصحيح على هذه القسمة الثلاثية، وإنما الراجح أنه ينقسم إلى قسمين طهور ونجس) ، هم يعتقدون أن الماء ينقسم إلى طهور وطاهر ونجس.
قالوا: فبعض العلماء قد نازعنا فقال: هو ليس بطهور، بل هو طاهر فلأجل هذه المنازعة قلنا بكراهيته خروجاً من الخلاف ، هذا هو المشهور في المذهب.
(2) القول الثاني: قالوا : هو طاهر مسلوب الطهورية فهو طاهر بنفسه لكنه لا يطهر.
قالوا: لأن التأثر قد وقع فيه والتغيّر قد وقع فيه، وما ذكرتموه من التفريق بين المجاورة والممازجة فارق ليس بمؤثر، فما دام قد حدث التغيير والتأثير فهذا فارق ليس بمؤثر. وهذا القول أصح من القول السابق؛ لأن ذلك ليس بمؤثر يعني: هذا التفريق ليس بمؤثر إذ الماء قد تغير سواء كان هذا التغير بممازجة أو بغير ممازجة.
(3) القول الثالث - وهو القول الراجح، وهو قول الجمهور -، قالوا : الماء طهور وليس بمكروه. أما كونه طهور فنحن نستدل عليه بما سنستدل عليه على صحة القول بأن الماء ينقسم إلى طاهر ونجس . فنقول: هذا يسمى ماء وكونه قد تغيّر أو تأثر فإن هذا لا يخرجه عن مسمى الماء، وقد قال تعالى : { فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً }([16]) هذه هو دليلنا.
- أما الجمهور فاستدلوا بالدليل الذي تقدم تضعيفه وهو التفريق بين المجاورة وبين الممازجة.
ونحن نقول بهذا القول لكن بغير هذا الدليل. ولكن بدليل آخر، وهو أن هذا طهور وقع فيه شيء ، هذا الشيء طاهر ولم ينقله عن مسمى الماء ، بل مازال يسمى ماءً، فلم ينـتقل عن مسماه.
- فلو أن رجلاً غسل كأساً –قد وقع فيها شيء من الشاي أو القهوة– في إناء فإن هذا الإناء الذي فيه ماء سيتأثر ويتغير شيئاً قليلاً لكنه مع ذلك يبقى يسمى ماء . بخلاف ما إذا وضع فيه ما يغيره فأصبح شاياً أو قهوة أو غير ذلك، فإنه حينئذ لا يسمى ماءً. وقد قال تعالى {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} ، وهذا ماء ، وسيأتي مزيد بحث عن هذا وذكر من قال به من أهل العلم.
- والذي يهمنا هنا: هو ترجيح هذا القول وأن الماء إذا وقع فيه شيء لا يمازجه فإنه يبقى طهوراً.
- وهو كذلك ليس بمكروه ؛ لأن التعليل الذي عللوه ليس بقوي من أجل أن نحكم على هذا الماء بأنه ماء مكروه الاستعمال؛ ذلك لأن التعليل بالخلاف ضعيف ، فكثير من المسائل العلمية وقع فيها الخلاف بين أهل العلم ، فهل نقول بكراهية هذه المسائل التي وجدنا الأدلة الشرعية أو القواعد العامة الشرعية – أيضا، التي([17]) - تدل على جوازها وإباحتها لوجود هذا الخلاف ، هذا ليس بصحيح.
نعم: إذا كان الخلاف معتبراً قوياً فإننا نجتنب ما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم إن أمكننا اجتناب ذلك من باب قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ([18]). رواه أحمد النسائي وغيرهما، من غير أن نكره ذلك ، فإن الكراهية حكم شرعي ، فإن الأحكام الشرعية أحدها الكراهية ، فلا يحل لمسلم أن يحكم على شيء بكراهية ولا تحريم ولا تحليل ولا إيجاب ولا استحباب إلا بدليل شرعي.إذن الصحيح : أن الماء ـ كما ذهب [ إليه ] الجمهور - الذي خالطه شيء قد أثّر به من غير ممازجة، فإن هذا الماء طهور ، وهذا الماء ليس بمكروه الاستعمال .

قوله: (( أو بملح مائي )):
هنا أعاد حرف الجر ؛ لأن الملح المائي ليس من المخالِط غير الممازج بل هو مخالط ممازج . الملح المائي هو الملح المنعقد عن الماء ، وهو الملح الذي يوضع في الأطعمة وهو المستخرج من المياه ـ وقيده بالمائي: احترازاً من الملح المعدني ، وهو ما يستخرج من باطن الأرض فهذا يسمى ملحاً معدنياً ، والملح المعدني في المذهب إذا خالط الماء فإنه ينتقل الماء إلى الطاهرية ، فيكون مسلوب الطهورية ، وسيأتي الكلام عليه. أما الملح المائي، فإنه منعقد عن الماء وأصله من الماء وهو مستخرج من الماء وهو شبيه بماء البحر ، فإذا خالط الماء فغيّره وأوجد فيه ملوحة يغير عذوبه، فإن الماء يبقى طهوراً، لكنه قال: يكره؛ لأن بعض أهل العلم من الحنابلة ذهب إلى أن الماء يكون طاهراً. وهذا تعليل بالخلاف وهو ضعيف كما تقدم بل هو ماء طهور ولا كراهية في استعماله.
إذن: إذا وضع في الماء ملح فغيّره وأوجد فيه طعم الملوحة فإنه حينئذ يكون شبيها بماء البحر الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (هو الطهور ماؤه الحل ميتـته) ([19]). ثم إن هذا المغيِّر أصله من الماء فليس بمؤثر.
إذن: الماء الذي خالطه الملح المائي أو البحري هو طهور لا كراهية في استعماله ، وهو قول في مذهب أحمد ـ رحمه الله.

قوله: (أو سخن بنجس):
إذا سخن الماء بنجس، قال: (كره). رجل أتى بإناء فيه ماء فسخنه بنجاسة ، فقال هنا: يكره.هكذا على الإطلاق ـ والواجب أن يفصل، فيقال: لا يخلو هذا من ثلاثة أحوال:
1ـ الحال الأول: أن تسري النجاسة إلى الماء ، فحينئذ: إما أن تغيّره وإما أن لا تغيّره. ، فإن غيّرته فهو حينئذ نجس. وإن لم تغيّره فلا يخلو ، إما أن يكون يسيراً أو كثيراً.
ـ فإن كان يسيراً فهو على المذهب نجس، والصحيح أنه ليس بنجس، كما سيأتي تقريره إن شاء الله.
ـ إذن على القول الراجح: إذا سرت النجاسة على الماء فإن غيرته فهو نجس، وإن لم تغيره فليس بنجس سواء كان كثيراً أو قليلاً.
2ـ الحالة الثانية: أن يكون الإناء محكماً ، وتحقق أن النجاسة لم تصل إليه فحينئذ: لا معنى للقول بكراهيته ، وهما قولان في المذهب.
القول الأول: أنه مكروه ، والقول الثاني: أنه ليس بمكروه ، وأصحهما أنه ليس بمكروه إذ لا معنى لكراهيته. ذلك فإننا قد تحققنا وتيقنا من عدم وصول النجاسة ؛ لأن هذا الإناء محكم قد أحكم تمام الإحكام فليس للنجاسة إليه نفوذ ، فحينئذ لا معنى لكراهيته.
3ـ الحالة الثالثة: ألا نتحقق أن النجاسة لم تصل ولا نتحقق وصولها ، فوصولها محتمل فهنا: المشهور في المذهب أنه مكروه حينئذ: وعليه قول المؤلف هنا: (كره) .وذهب الجمهور إلى أنه لا يكره ، وهذا هو الراجح.
ـ أما حجة المذهب في كراهية ذلك فقالوا: لأنه لا يؤمن أن تصل إليه هذه النجاسة فحينئذ قلنا بكراهيته.
ـ والراجح: أنه ليس بمكروه ؛ لأن هذا مجرد احتمال والأصل في الماء أنه طهور ووصول هذه النجاسة إليه مجرد احتمال فلا يكون ذلك مؤثراً.
إذن: الراجح أنه إذا سخن بنجس فاحتمل أن تصل النجاسة إلى الماء ؛ فإنه لا يقال بكراهيته كما أنه لا يقال بأنه طاهر أو بأنه نجس ، بل هو طهور وليس بمكروه الاستعمال.
إذن: إذا سُخّن الماء بنجاسة فلا يخلو من أحوال ثلاثة على الراجح.
1ـ الحال الأولى: أن تصل إليه شيء من النجاسة، فإذا وصل إليه شيء من النجاسة نظرنا:
فإذا تغيّر الماء فهو نجس.
وإذا لم يتغيّر فهو طهـور.
2ـ الحال الثانية: أن نتحقق عدم وصول النجاسة إليه تحققا تاماً لإحكام الإناء، فحينئذ: لا مجال للقول بكراهيته.
3ـ الحال الثالثة: أن يكون الأمر محتملاً فكذلك لا يقال بكراهيته على القول الراجح.

قوله: (( وإن تغيّر بمكثه لم يكره )):
إن تغيّر بمكثه: بمعنى: ماء نزل من السماء ثم أقام في أرض زمناً فحدث له شيء من التغير بسبب طول الإقامة فإن الأرض تؤثر في الماء بسبب طول الإقامة لكنه مازال يسمى ماءً ولم يغير هذا المكث مسماه ، بل ما زال يسمى ماءً .فحينئذ: هو طهور وليس بمكروه أيضا ، وهذا مما اتفق عليه أهل العلم. إذن الماء إذا تغير بسبب طول مكثه فهو ماء طهور وليس بمكروه وهو ما يسمى بالماء الآجن أي المتغيّر بسبب طول المكث.

قوله: (أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه وورق شجر):
كذلك قد يتغير الماء في بِرْكَةٍ أو موضع يجتمع فيه الماء فحدث فيه تغير وكان هذا التغير يشق الاحتراز من سببه ، كأن يتغير بسبب تساقط أوراق الأشجار التي تحفه أو بسبب هبوب الرياح فتأتي بشيء من الأوراق أو نحو ذلك فـتقع فيه أو بسبب ما ينبت فيه أو الطحالب أو نحو ذلك ، فإن الماء قد تغير لكن هذا التغير ليس بأمر يسهل الاحتراز منه بل هو بأمر يشق علينا الاحتراز منه. فهو باتفاق العلماء طهور وليس بمكروه لمشقة الاحتراز منه.

قوله: (أو بمجاورة ميتة):
الميتة عندهم نجسة. فإذا سقطت شاة ميتة حول بركة ماء وبسبب تحرك الرياح أحدثت في هذا الماء رائحة كريهة بسبب مجاورة هذه الميتة لهذه المياه فتغيرت المياه أي تغيرت رائحتها بسبب مجاورة الميتة. قال هنا (هو طهور ليس بمكروه): قال في المبدع: ( بغير خلاف تعلمه ) ([20]) ، وكذلك قال غيره ، فهي إذن مسألة اتفاقية بل هي مسألة تقرب أن تكون إجماعية ولم أر في هذه المسألة خلافاً وقد قال صاحب المبدع وغيره بما تقدم.
وهذا مشكل ، وهو على قاعدتهم المتقدمة من أن المجاورة تفرق عن الممازجة ، فما يتغير بالمجاورة لا يؤثر وما يتغير بالممازجة فإنه يؤثر . وهذا تفريق في الحقيقة ليس بمؤثر فإن الماء الذي جاورته أشياء نجسة فتغيرت رائحته فتُشم النجاسة منه، هو ماء متغير بالنجاسة، فإن لم يكن هناك إجماع في هذه المسألة فالأقوى أن يقال بنجاسته؛ لأنه قد تغير بالنجاسة ونحن لا يهمنا إلا التغير سواء كان هذا التغير بمخالطة أو كان ذلك بمجاورة؛ لأن الماء قد تغيّر وهو مادة التطهر، وهو ماء متغير بالنجاسة.
فإذن: الجمهور بل لم يذكر فيه نزاع أن الماء الذي جاورته ميتة ونحوها فتغيرت بها رائحته، فهو ماء طهور بل لا يكره التطهر به .

قوله: (أو سخن بالشمس):
إذا سخن الماء بالشمس قال: (لم يكره)، وهذا كذلك مذهب الجمهور. وأما ما رواه الدارقطني من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة وقد سخنت الماء بالشمس فقال لها: ( ياحميراء ـ وهو تصغير حمراء ـ لا تفعلي فإنه يورث البرص ) ([21]) ، فهذا حديث ضعيف جداً لا يصح نسبته إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورُوي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ كما عند الدارقطني([22])، وفي إسناده جهالة. وهذا مذهب جمهور الفقهاء وأن الماء إذا سخن بالشمس فإنه لا حرج فيه ـ إلا أن يثبت طبياً أن فيه ضرراً. فإذا ثبت طبياً أنه فيه ضرر فإنه ينهى عنه كما قال الإمام الشافعي: ( لا أكره الماء المشمس إلا أن يكره من جهة الطب ) ([23]). فإذا ثبت طبياً أن له أثراً على البدن فإنه ينهى عنه لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) ([24]) ولم يثبت عندي أن ذلك فيه أثر طبي ، فيبقى ذلك على الخيار. فإذا نقل من طريق الثقات عن الأطباء ، أو أثبته الأطباء في كتبهم فإنه ينهى عنه لضرره.
* قوله: ( أو بطاهر لم يكره ):
كذلك إذا سخن بطاهر قال (لم يكره).
ـ قد يستغرب البعض فيقول: هذا طاهر وسخن، فكيف يذكر، فإن مثل هذا أمر معلوم لا يحتاج إلى ذكر؟؟
والجواب على ذلك: أن مراده كون الماء ساخناً حاراً، أي هل يكره للمسلم أن يستخدم الماء الحار الساخن أم لا يكره له ذلك ؟ فليست المسألة في كونه سخن بطاهر وإنما المسألة بكونه ماءً ساخناً، فهل يكره ذلك أم لا ؟
* قال: (هو طهور ولا يكره):
ولا شك في طهوريته لكن قد يقع في القلب شيء من اعتقاد كراهيته؛ ذلك لإخراجه عن أصل الماء وطبيعته وهو ليس بمكروه بل قد ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، الاغتسال به. من ذلك: ما رواه الدارقطني أن عمر ـ رضي الله عنه ـ ( كان يسخن له ماءً في قمقم "الجرة" فيغتسل منه) ([25]). وثبت عند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن ابن عمر كان يغتسل بالحميم) ([26]). وإنما ينهى عنه وضوءاً أو غسلاً إذا كان مانعاً لإكمال الطهارة ، ومثله البارد برداً شديداً ، فإنه إذا كان مؤثراً في إتمام الطهارة فإنه ينهى عنه. إذا كان بسبب شدة حرارته أو شدة برودته يؤثر في كمال الطهارة فإنه ينهى عنه لذلك أما إذا كان ساخناً سخونة أو بارداً برودة لا تؤثر في تمام الطهارة ، فإنه حينئذ لا يقال بكراهيته مطلقاً.

* قوله: (وإن استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء ، وغسل جمعة ، وغسلة ثانية وثالثة كره):
ما هو الماء المستعمل ؟
الجواب: الماء المستعمل هو الماء المتساقط من الأعضاء بمعنى : عندما يجري الماء على الأعضاء ويتساقط منها قد يجتمع فهذا المجتمع هو الماء المستعمل الذي يبحث فيه الفقهاء.
ـ هذا الماء المستعمل وهو المتساقط من أعضاء المتوضئ أو المغتسل له ثلاثة أحوال:
1ـ الحال الأولى: أن يكون متساقطاً عن حدث سواء كان حدثاً أصغر أو حدثاً أكبر وسيأتي الكلام عليه.والحنابلة يرون أن الماء يكون طاهراً ، فلا يصح التطهر به.
2ـ الحال الثانية: وهي المذكورة هنا: وهي ألا يكون عن حدث لكنه عن طهارة مستحبة كتجديد وضوء أو غسل جمعة أو غسل عيد أو غسل يوم عرفة أو غسلة ثانية وثالثة، فإن المتساقط عن غسلة ثانية وثالثة ليس عن حدث، ومثل ذلك ما يكون عن غسل جمعة أو وضوء مستحب، فإن ذلك كله ليس عن حدث .فما حكم هذا الماء ؟
الجواب:هنا قال: (كره) ، إذن هو مكروه عندهم.
قالوا: للخلاف فيه، فقد اختلف فيه هل هو طهور أم لا، فلما كان الأمر كذلك قلنا بكراهيته خروجاً من الخلاف. وقد تقدم أن هذا تعليل ضعيف.
ـ فإن قيل: هل فيه خلاف؟؟
فالجواب: أنه قد ذهب بعض الحنابلة إلى أن الماء المتساقط من الوضوء المستحب أو الغسل المستحب هو كالمتساقط من الغسل الواجب أو الوضوء الواجب لا فرق قالوا: كلاهما طهارة .
والصواب: أن بينهما فرقاً، فإن ذاك غسل أو وضوء عن حدث.وهذا وضوء أو غسل عن غير حدث ففرق بين الأمرين، وسيأتي أن الصحيح أن كليهما طهور لا شيء فيه.إذن: الحنابلة في المشهور عنهم كرهوه لوجود الخلاف فيه ، فإذا توضأ الرجل وضوءاً مستحباً فصار الماء يقع على الإناء فيكره أن نستعمله في طهارة. فإذا تساقط عن حدث فإنه لا يحل له.
3ـ وهناك صورة ثالثة: اتفق العلماء على أن الماء المتساقط فيها أنه ليس بمكروه بل هو طهور لا كراهية فيه وهو: ما إذا تساقط فيه عن غير حدث وعن غير طهارة مستحبة بل عن تبريد ونحوه.
مثلاً: رجل اغتسل للتبريد ونحوه فتساقط الماء فهو ليس عن حدث ولا عن طهارة مستحبة بل للتبريد ، فإن الماء يكون طهوراً لا كراهية فيه باتفاق العلماء. إذن أصبح عندنا ثلاث صور ، الراجح فيها كلها أن الماء طهور لا كراهية فيه.
أما على المذهب: فالأولى([27]): الماء يكون طاهراً وليس بطهور.
والثانية([28]): الماء يكون فيها طهوراً مكروهاً.
والثالثة([29]): الماء فيها طهور وليس بمكروه. والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين .


([1])
([2]) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم (227): عن أسماء قالت: جاءت امرأةٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب ، كيف تصنع ؟ قال: ( تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه )، وانظر (307). وأخرجه مسلم (291) كتاب الطهارة، باب نجاسة الدم وكيفية غسله عن أسماء قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع به ؟ قال: ( تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه ) .
([3]) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء ، باب صب الماء على البول في المسجد (220): أن أبا هريرة قال : قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) وانظر 219 ، 221 ، 6128 . وأخرجه مسلم في كتاب الطهارة ، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد (284) ، (285) عن أنس : أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوه ولا تزرموه ) قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه " .
([4]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة ، باب في الأذى يصيب النعل (385) قال : " حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة ح وحدثنا عباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي ، ح ، وحدثنا محمود بن خالد ، حدثنا عمر - يعني بن عبد الواحد - عن الأوزاعي ، المعنى ، قال : أُنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور ) . وأخرجه برقم (386) من طريق سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال : ( إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب ) . وبرقم (387) قال : " حدثنا محمود بن خالد حدثنا محمد يعني ابن عائذ ، حدثني يحيى - يعني ابن حمزة - عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد أخبرني أيضاً سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه .
([5]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة في النعل (650) قال : " حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن زيد عن أبي نُعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه ، فوضعهما عن يساره ، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : ( ما حملكم على إلقاء نعالكم ؟ ) قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً ) أو قال : أذى ، وقال : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر ، فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ) .
([6]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان ، باب ما يقول بعد التكبير (744) بلفظ " اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد ". وفي كتاب الدعوات ، باب الاستعاذة من أرذل العمر (6375) بلفظ : (اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد .. ". وأخرجه مسلم في كتاب في كتاب الذكر والدعاء ، باب التعوذ من شر الفتن ( بعد (2705) بلفظ " اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد "وفي كتاب المساجد ، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (598) بلفظ :( اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) .
([7]) كذا في الأصل ، ولعل الصواب : إدارته .
([8]) لعل الصواب : المتقدمين .
([9]) أخرجه أبو داود في كتاب الظهارة ، اب الوضوء بماء البحر (83): " أن المغيرة بن أبي بُردة - وهو من بني عبد الدار - أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول : سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم( هو الظهور ماؤه الحل ميتته ) ، وأخرجه الترمذي في الطهارة (69) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، والنسائي في الطهارة (59) و (333) وفي الصيد (4355) وابن ماجه (386) . سنن أبي داود مع المعالم (1/64) .
([10]) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قول الله تعالى : { وإلى ثمود .. } (3379) : " أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره : أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود ، الحِجْر ، فاستقوا من بئرها واعتجنوا به ،فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُهَريقوا ما استقوا من بئرها وأن يعلقوا الإبل العجين ، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة " ، وراجع (3378) . وأخرجه مسلم (2981) في كتاب الزهد والرقائق ، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا
([11])
([12])
([13])
([14])
([15])

([16]) سورة المائدة ( 6 ) ، وسورة النساء ( 43 ) .
([17]) كذا في الأصل .
([18]) أخرجه أحمد في المسند من حديث الحسن بن علي [1/200] برقم (1723) ، (1727) ، ومن حديث أبي سعيد الخدري [3/112] برقم ( 12123 ) ، [3 / 153] برقم ( 12578 ) ، وأخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة (2518) قال : " حدثنا أبو موسى الأنصاري حدثنا عبد الله بن إدريس حدثنا شعبة عن بُريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال : قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة ) وفي الحديث قصة . قال: وأبو الحوراء السعدي اسمه ربيعة بن شيبان . قال: وهذا حديث حسن صحيح " . وأخرجه النسائي في كتاب الأشربة (5711) قال رحمه الله : " أخبرنا محمد بن أبان قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال أنبأنا شعبة عن بُريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال : قلت للحسن ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حفظت منه .. "
([19] )
([20] )
([21] )
([22] ) وأخرجه الشافعي في الأم [1 / 3]
([23] ) الأم للشافعي [1 / 3] بلفظ : " ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب " .
([24] ) قال النووي في الأربعين : " حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً ، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد ، وله طرق يقوي بعضها بعضاً " . وأخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام (2341) قال رحمه الله : " حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ) . (2340) حدثنا عبدُ ربه بن خالد النُّميري أبو المُغلِّس حدثنا فُضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار " . وأخرجه الدارقطني في سننه (4 / 227) قال : " نا محمد بن عمرو بن البختري نا أحمد بن الخليل نا الواقدي نا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) . نا أحمد بن محمد بن أبي شيبة نا محمد بن عثمان بن كرامة نا عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( للجار أن يضع خشبته على جداره وإن كره ، والطريق الميتاء سبع أذرع ، ولا ضرر ولا إضرار ) . نا إسماعيل بن محمد الصفار نا عباس بن محمد نا عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن نا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا إضرار ) . نا أحمد بن محمد بن زياد نا أبو إسماعيل الترمذي نا أحمد بن يونس نا أبو بكر بن عياش قال : أراه قال عن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرورة ، ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على حائطه ) " .
([25])
([26])
([27]) ما كان عن حدث .
([28]) ما كان عن طهارة مستحبة .
([29]) ما كان عن تبريد .


  #7  
قديم 25 محرم 1433هـ/20-12-2011م, 04:30 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : ان وجد البديل لماء طهور متغير . هل يجوز لي استعمال المتغير ؟؟
الجواب : نعم، طالما يجوز استعماله منفرداً فيجوز استعماله ولو قرن به أحسن منه وأصفى
هذا من حيث الجواز فلو توضأ بمتغير بطاهر لم يخرجه عن مسمى الماء فوضوؤه صحيح
أما مراعاة الأفضل فلا شك أن اختيار الأصفى منهما والأنقى دون تكلف أفضل .

السؤال الأول (ب) : ان كان كذلك فما هو مقياس تغير الماء الطهور الى ماء ليس بنجس و لكن لا يستعمل للطهارة اذ مثلا و حسب الشرح....الماء الذي فيه قطع كافور و هي مغيرة للرائحة يعتبر طهوراا ؟؟ و إن سمعت جيدا السؤال (اذ صوت الطالب لا يُسمع جيدا) اجاب الشيخ عن سؤال طُرح خلال الدرس بانه يرى انه لا يتوضأ منه ؟؟
الجواب : إذا خرج عن مسمى الماء إلى شيء آخر كالشاي مثلاً فلا يتوضأ منه مع أنه طاهر ليس بنجس ، لكن لما تغير بما سلبه اسم الماء لم يكن ماء .



السؤال الثاني : قال في الزاد :( وإن استعمل ) قليل ( في طهارة مستحبه كتجديد وضوء وغسل جمعة ) أو عيد ونحوه ( وغسلة ثانية وثالثة ) في وضوء أو غسل.
شيخنا الفاضل :مافائدة التقييد بالقليل؟
الجواب :
لأن الكثير طهور لا يحمل الخبث.


السؤال الثالث :
قال الحاشية في النقطة ٢٧: ''ﻓﻴﻜﺮﻩ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻈﻨﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﻘﻞ ﻣﺎﻧﺒﺖ ﻓﻲ ﺑﺰﺭﻩ
ﻭﻗﻴﻞ ﺍﻟﺒﻘﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﺖ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺸﺐ، ﻭﺍﻟﺸﻮﻙ ﻣﺼﺪﺭ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﻳﺪﻕ ﻭﻳﺼﻠﺐ ﻣﻨﻪ، ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻹﺑﺮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺷﻮﻛﺔ''.
أرجو منك شيخي الفاضل أن توضح لي وجه مظنة النجاسة في البقل والشوك؟
الجواب:
التعليل هنا خاطئ، وأصل هذه المسألة أن ابن مفلح نقل في الفروع في كتاب الأطعمه أن الإمام أحمد كره ماء بئر بين القبور وشوكها وبقلها.
فهذا في الطعام والشراب .

فعلَّق ابن عقيل الحنبلي على كلام الإمام أحمد ملتمساً العلة فقاسه على كراهة ما سُمِّدَ بنجاسة؛ أي النبات الذي نبت بسماد نجس، وقاسه أيضاً على لحم الشاة الجلالة التي تتغذى على النجاسات.

وهذا في باب الأطعمه.

فاختصر ذلك صاحب منتهى الإرادات وعنه أخذها صاحب الروض المربع وصاحب الحاشية بأن شوك المقبرة وبقلها مظنة للنجاسة ؛ وليس لهذه المسألة صلة بالنجاسة وعدمها.

والله تعالى أعلم.



السؤال الرابع :في مسألة الماء المستعمل، هل القول واحد بالنسبة للماء المستعمل في رفع الحدث والغسل المستحب؟
وهل يلزمني الوضوء منه إن لم أجد غيره؟ لأني مرة لم أجد غيره ولكن نفسي لم تقبله لوجود الشعر فيه وتغير لونه قليلا،
وكنت قد قرأت قبل ذلك ترجيح بعضهم لطهارة الماء المستعمل ولو في رفع الحدث. فهل ما فعلته صحيح شيخي المفضال حفظك الله بحفظه؟
الجواب :
اختلف العلماء في حكم الماء المستعمل في رفع الحدث أو إزالة النجاسة ، وفي كل مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة تفصيلات في هذه المسألة.
والخلاف فيها مبني على تعيين المراد بالماء المستعمل في الطهارة من جهة، وفي حكمه من جهة أخرى .
وخلاصة القول في بيان هذه المسألة:
• أنه إذا استعمل الماء في إزالة النجاسة وكان قليلاً فهو نجس، وأما إذا كان كثيراً فوق القلتين فلا يحمل الخبث.
• وإذا استعمل الماء في تطهير ثوب أو آنية فتغير لونه فليس بماء مطلق ، ولا يصح التطهر به، وأما إن كانت الآنية والثياب نظيفة وبقي الماء على اسمه فلا كراهة في استعماله في طهارة أخرى على الراجح من أقوال أهل العلم.
• وإذا كان الماء المستعمل في رفع الحدث كثيراً كأن يتوضأ من غدير أو حوض ماء كبير فوق القلتين فلا كراهة في استعماله بلا خلاف.
• وإذا كانت أعضاء المتوضئ طاهرة لا نجاسة فيها وكان الماء قليلاً كأن يتوضأ من إناء ويتقاطر الماء من أعضائه في الإناء؛ فهل يجوز استعمال هذا الماء القليل في طهارة أخرى؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: يجوز استعماله بلا كراهة إذا كان الماء نظيفاً لأنه ماء طهور وأعضاء المتوضئ طاهرة ليست بنجسة، والماء لم يتغير باستعماله، وهذا قول أبي ثور وداوود الظاهري ومحمد بن نصر المروزي، وهو رواية عيسى بن أبان عن الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وقال به ابن المنذر وأطال في الاحتجاج له في كتابه الأوسط وأحسن في ذلك.
وهو ظاهر اختيار البخاري في صحيحه.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقد احتجا لهذا القول احتجاجاً حسناً.
القول الثاني: يكره استعماله؛ فإن استعمله صح وضوؤه ، وهو قول المالكية.
ففي المدونة أن الإمام مالك كره استعماله، وقال: لا خير فيه، فإن استعمله وصلى لم ير عليه الإعادة، وأفتى فيما يستقبل أن يتيمم ولا يستعمله إذا لم يجد غيره.
وقال ابن القاسم من المالكية إذا لم يجد غيره توضأ به ولا يتيمم.
القول الثالث: لا يجوز استعماله فإن لم يجد غيره تيمم وتركه، وهو قول أبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد في المشهور عنهم.
واختلفوا في حكم هذا الماء على أقوال:
فقال أبو حنيفة في رواية عنه وأبو يوسف: هو نجس.
وحُكي عن الثوري أنه قال: هو ماء الذنوب.
وقال الشافعي وأحمد: هو طاهر ليس بمطهر، وهو رواية عن أبي حنيفة.
وقال زفر بن الهذيل: إذا كان المتوضئ على طهارة سابقة فالماء طهور ، وإن كان محدثاً فهو طاهر ليس بطهور، وهو رواية عن أحمد.
والصواب أنه طهور باقٍ على أصل الطهارة ما دام الماء نظيفاً ، وأعضاء المتوضئ لا تنجس الماء.
ومن قال بنجاسته استدل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) رواه مسلم.
قال النووي: (والصواب أن المراد بهذا الحديث النهى عن الاغتسال في الدائم وإن كان كثيرا لئلا يقذره، وقد يؤدى تكرار ذلك إلى تغيره).

وقد رد الشافعي على من زعم أن الماء المستعمل في الطهارة نجس فروى البيهقي في السنن الكبرى بإسناده إلى الشافعي أنه قال: (فإن قال قائل: فمن أين لم يكن نجساً؟
قيل: من قِبَل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأَ، ولا شك أنَّ من الوضوء ما يصيب ثيابَه، ولم يعلم أنه غسل ثيابه منه، ولا أبدلها، ولا علمته فعل ذلك أحد من المسلمين، وكان معقولا إذا لم تمس الماء نجاسة أنه لا ينجس).ا.هـ.
واستدل البخاري في صحيحه على طهارة ماء المتوضئ بأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب وضوءه على جابر بن عبد الله لما أغمي عليه.
وأما احتجاج بعض الفقهاء على نجاسة الماء المستعمل بما صح من أن خطايا المتوضئ تخرج مع قطر الماء؛ فهذا خطأ في الاستدلال، وقد ردَّه ابن عبد البر في الاستذكار ، لأن نجاسة الذنوب معنوية غير حسية.
قال ابن عبد البر: (وقد استدل بعض من لم ير الوضوء بالماء المستعمل بحديث الصنابحي هذا وما كان مثله وقال خروج الخطايا مع الماء يوجب التنزه عنه وسماه بعضهم ماء الذنوب
وهذا عندي لا وجه له لأن الذنوب لا أشخاص لها تمازج الماء فتفسده وإنما معنى قوله: ((خرجت الخطايا مع الماء)) إعلام منه بأن الوضوء للصلاة عمل يكفر الله به السيئات عن عباده المؤمنين رحمة منه بهم وتفضلا عليهم ترغيبا في ذلك).
نعم لو كان الماء قد رُقِيَ فيه رُقية شركية كرقية السحر أو ما يسميه النصارى الماء المقدَّس؛ فهذا ينهى عن استعماله ليس لكونه نجساً، وإنما لمظنة الضرر باستعماله.
وذهب بعض من لم يجز الوضوء بالماء المستعمل إلى أنه ليس بماء مطلق، وإنما هو غُسَالة أعضاء المتوضئ، وهذا يكون صحيحاً إذا كانت أعضاء المتوضئ غير نظيفة، وتغير الماء بفضل وضوئه.
فأما إذا كانت أعضاؤه نظيفة، وبقي الماء نظيفاً لم يتغير بها الماء فهو ماء مطلق.
ومما يدل على ذلك اتفاقهم على أن الماء المستعمل في غير رفع الحدث كالاغتسال للتبرد أو غسل بعض الأعضاء من غير نية رفع الحدث أنه ماء طهور.
قال ابن قدامة: (ولا تحتلف الرواية أن ما استعمل في التبرد والتنظيف أنه باقٍ على إطلاقه ، ولا نعلم فيه خلافاً).
ونية المتوضئ لا تغيّر في الماء شيئاً.


السؤال الخامس :قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في (أقسام المياه وأحكامها)
"ﺃﻭ سخن ﺑﻨَﺠَﺲٍ ﻛُﺮِه"؛ﺃﻱ: ﺇِﺫﺍ ﺳُﺨِّﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀُ ﺑﻨﺠَﺲٍ ﺗَﻐﻴَّﺮ ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴَّﺮ ﻓﺈِﻧﻪ ﻳُﻜﺮﻩ.
ﻣﺜﺎﻟﻪ: ﻟﻮ ﺟﻤﻊ ﺭﺟﻞٌ ﺭﻭﺙ ﺣﻤﻴﺮ، ﻭﺳﺨَّﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﺈِﻧﻪ ﻳُﻜﺮﻩ، ﻓﺈِﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻜﺸﻮﻓﺎً ﻓﺈِﻥَّ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ ﻓﻴﻪ ﻇﺎﻫﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﺪُّﺧﺎﻥ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﻭﻳﺆﺛِّﺮ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺇِﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻐﻄَّﻰ، ﻭﻣﺤﻜﻢ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ﻛُﺮﻩ ﺃﻳﻀﺎً؛ ﻷﻧَّﻪ ﻻ ﻳَﺴْﻠَﻢُ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺩ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺇِﻟﻴﻪ.ﻭﺍﻟﺼَّﻮﺍﺏ: ﺃﻧَّﻪ ﺇِﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻜﻢ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀِ ﻻ ﻳﻜﺮﻩ.
ﻓﺈِﻥ ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺩﺧﺎﻥ ﻭﻏَﻴَّﺮَﻩُ، ﻓﺈِﻧﻪ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔَ ﺗُﺼﻴِّﺮُ ﺍﻟﻨَّﺠﺲ ﻃﺎﻫﺮﺍً،
ﻓﺈِﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻀﺮ. ﻭﺇِﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﺗُﻄﻬِّﺮ؛ ﻭﺗﻐﻴَّﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪُّﺧﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﺠﺴﺎ".
والذي أشكل علي تحديدا في الجملة الأخيرة،
ذكر الشيخ رحمه الله أن الماء إذا تغير بالدخان المذكور فإنه ينجس مع أن الماتن رحمه الله ذكر هذه المسألة بقوله قبلها:
" فإن تغير بغير ممازج" فهنا ذكر التغير مع أنه علق عليه بالحكم بالكراهة على استعماله دون التنجس.
الجواب :
تغير الماء يكون أحياناً بالمخالطة والممازجة، وأحياناً بالمجاورة من غير ممازجة .
فإن كان التغير بسبب أن النجاسة خالطت الماء ومازجتها حتى تغير لون الماء أو طعمه أو ريحه بهذه النجاسة فيحكم بنجاسته,
وإن كان التغير بغير ممازجة وإنما بمجاورة وهذا قد يحصل أحيانا ولا سيما في الزمن السابق ؛ قد يجد المرء جيفة بجانب غدير ماء ؛ فإذا استقى من هذا الغدير وجد فيه رائحة الميتة ، والميتة نجسة ، والماء قد تغيرت رائحته بسبب قرب الجيفة منه لا بسبب أن الجيفة ألقيت في الماء .
فالتغير بالمجاورة لا ينجس الماء بغير خلاف بين العلماء .
وأما التغير الذي يكون بسبب المخالطة فهو مؤثر.
والدخان المتصاعد من النجاسات اختلف فيه فقيل إن النجاسة إذا أحرقت فإن الإحراق تطهير لها؛ فيكون الدخان المتصاعد طاهراً، وقيل إن دخان النجاسة نجس، والصواب التفريق بين نجس العين ونجس الصفة؛ فدخان نجس العين نجس لا يطهر، وإنما تحول من سائل إلى بخار أو من جماد إلى دخان.
فهذا الدخان لو جعل في إناء فيه ماء طهور وخالط الماء فإنه يغير رائحته إذا كان الماء قليلاً غالباً فيكون الماء نجساً بذلك؛ لأنه من المعروف أن الدخان لا يدخل في الماء إلا بقوة تدفعه للتغلغل بين أجزاء الماء وبذلك تحصل المخالطة؛ فأما إذا كان الماء مكشوفاً والدخان يمر من فوقه فإن التغير يكون بالمجاورة لا بالمخالطة.


السؤال السادس :قال الشيخ رحمه الله: "ﻭﺇِﻥ ﺗﻐﻴَّﺮ ﺑﻄﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻣﺸﻰ ﺭﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﺑﺮﺟﻠﻴﻪ،
ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺤﺮِّﻙ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﺑﺸﺪَّﺓ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺘﻐﻴِّﺮﺍً ﺟﺪًّﺍ ﺑﺎﻟﻄِّﻴﻦ؛ ﻓﺈِﻥَّ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻃَﻬُﻮﺭٌ ﻏﻴﺮُ ﻣﻜﺮﻭﻩ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻐﻴَّﺮ ﺑﻤُﻜْﺜِﻪ".
وسؤالي: لم علل الشيخ التغيير بالمكث مع أن أن الرجل هو الذي تعمد تحريكه برجليه؟
الجواب
هو ألحقه بالتغير بالمكث، وهذا الإلحاق فيه نظر من جهتين ، لكن الخلاصة فيما يخالط الماء أنه على أنواع:
النوع الأول: ما يغير لون الماء وطعمه حتى يخرج عن اسم الماء كالمرق والخل والحبر والعصير ونحو ذلك فهذا لا يصح الوضوء به بلا خلاف بين أهل العلم.
النوع الثاني: ما لا يغير لون الماء بعامة ولا يسلبه اسم الماء ، وذلك مثل الحصى والطين والملح والأعواد التي تكون في الماء والطحالب التي تكون في بعض الغدران والبرك والأنهار، وتغير لون الماء قليلاً بسبب الأوعية التي يحفظ فيها كالقِرَب والجرار ونحوها ؛ فهذا التغير الذي لا يسلب الماء اسمه لا يؤثر في صحة التطهر به بلا خلاف بين أهل العلم.
وما يُلقى في الماء من الأشياء الطاهرة كالحديد والخشب وغيرها إذا كان لا يغير لون الماء حتى يسلبه اسمه فهو باقٍ على حكم الأصل وهو صحة الوضوء به، وأنه ماء مطلق.
فأما إذا تغير لون الماء بعامة حتى صار شيئاً آخر غير الماء المطلق كغُسَالة الأصباغ ونحوها فهذا يلتحق بالنوع الأول، ولا يصح التطهر به.
والطين إذا كان كثيفاً فلا يصح الوضوء به لأنه ليس بماء مطلق، وأما إذا كان قليلاً فيصح التطهر به ولو تغير لونه قليلا لأنه تغير بشوائب طاهرة لم تخرجه عن اسم الماء.


السؤال السابع : قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وقد قال الفقهاء رحمهم الله: «إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً[(32)]، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة»[(33)]، وهذه طهارة بغير الماء.
سؤال : لم تتضح لي صورة المسألة، كيف يتغير الماء النجس الكثير بنفسه ؟
الجواب :
الماء الكثير فيه قوة مطهّرة، فلا تبقى النجاسة في الماء الكثير بل تتحلَّل وتذهب، ولا سيما الماء المالح كمياه البحار والماء المرّ كمياه بعض الآبار، ومتى زالت النجاسة زال حكمها.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بُضَاعَةَ، وهي بئرٌ يلقَى فيها الحِيَضُ والنَّتَنُ ولحومُ الكِلابِ؟
قال: (( الماء طَهور لا ينجِّسُه شيء)). رواه أحمد وأبو داوود والترمذي والنسائي وغيرهم.
وصَحَّحُه الإمام أحمد.
قال أبو داوود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألتُ قيّمَ بئر بضاعة عن عمقها؟
قال: أكثرُ ما يكون فيها الماء إلى العانة.
قلت: فإذا نقص؟
قال: دون العورة.
قال أبو داوود: وقدَّرتُ أنا بئرَ بُضَاعة بردائي، مَدَدْتُهُ عليها ثم ذَرَعْتُه؛ فإذا عَرْضُها ستَّةُ أذْرُعٍ.
وسألتُ الذي فتحَ لي باب البستانِ فأدخَلني إليهِ: هل غُيِّرَ بناؤها عما كانت عليه؟
قال: لا.
قال أبو داوود: ورأيت فيها ماءً متغيِّرَ اللَّونِ.
قال البغوي: (وهذا الحديث غير مخالف لحديث ابن عمر في القلتين ، لأن ماء بئر بضاعة كان كثيراً لا يغيّره وقوعُ هذه الأشياء فيه).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أقسام, المياه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir