5- المرض
وأما قوله: المرض على كذا وجه، فالمرض هو ممازجة النفس شيئا من غير تلك الأجناس التي ركبت فيها.
1- الشك: وإنما صار المرض ها هنا «شكا» ونفاقا: لأن النفاق
[تحصيل نظائر القرآن: 29]
إذا دخل القلب مازج المعرفة، والنفاق: هو الريب، وأصله من مكر النفس، وذلك أن النفس إذا تحيرت في معرفة الرب مكرت أي أسرت في نفسها ما يوسوس به العدو إليها، وما يشير لها الهوى إليه فاليربوع، إنما صيرت لجحرها بابين: مكرا، ولذلك سمى جحرها «نافقا» فالنفاق مشتق من ذلك، وهو قوله تعالى:
{فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض}.
والنفقة مشتقة منه، فإن النفقة هو الذي يحوى الشيء في يده، أو في دعاء ثم يخرجه فيصرفه في وجوه حوائجه، ومنه قولهم،: «هذه سلعة نافقة» أي تخرج وتتزوج، ولا تبقى كاسدة، فقلب المنافق مجخي، مائل لا يستقر منه شيء ببيان، هو عارف مقر، ثم تجده من ساعته شاكا مريبا متحيرا يطلب معبوده، والشك هو: تقبض القلب وانقباضه.
2- الزنا: وإنما صار المرض «الزنا» في مكان آخر، لأن أصل
[تحصيل نظائر القرآن: 30]
الزنا من الفرح، وما لم يفرح لا يقدر أن يزني، ألا ترى أن صاحب المصيبة لما افتقد الفرح: عجز عن قضاء هذه الشهوة وإتيان النساء في وقت المصيبة، فالزنا هيجان من فرح القلب، فإذا مازج فرح الزنا إيمانه: مرض القلب، وذهبت قوته، ومرضه: ضعف إيمانه.
3- علة الجسد: وإنما صار المرض في المكان الآخر «علة الجسد» لأن ذلك بلاء مازج العافية، وحركة مازجت السواكن.