دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > ألفية العراقي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 07:41 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الأفراد

الأفرادُ

الفرْدُ قِسمانِ ففَرْدٌ مُطْلَقَا = وحُكْمُه عندَ الشذوذِ سَبَقَا
والفرْدُ بالنسبةِ ما قَيَّدْتَهُ = بثِقةٍ أو بلَدٍ ذَكَرْتَهُ
أو عنْ فُلانٍ نَحْوُ قَوْلِ القائِلْ = لم يَرْوِه عن بَكْرٍ الاَّ وائِلْ
لم يَرْوِهِ ثِقةٌ الاَّ ضَمْرَهْ = لم يَرْوِ هذا غيرُ أهلِ البَصْرَهْ
(190) فإنْ يُرِيدُوا واحدًا مِن أَهْلِها = تَجوُّزاً فاجْعَلْه مِن أوَّلِهَا
وليسَ في أفرادِه النِّسْبِيَّهْ = ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيثيَّهْ
لكنْ إذا قَيَّدَ ذاك بالثِّقَهْ = فحُكْمُه يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 01:58 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الناظم

الأفْرَادُ
(186) الفرْدُ قِسمانِ ففَرْدٌ مُطْلَقَا وحُكْمُه عندَ الشذوذِ سَبَقَا
(187)والفرْدُ بالنسبةِ ما قَيَّدْتَهُ بثِقةٍ أو بلَدٍ ذَكَرْتَهُ
(188)أو عنْ فُلانٍ نَحْوَ قَوْلِ القائِلْ لم يَرْوِه عن بَكْرٍ الاَّ وائِلْ
(189)لم يَرْوِهِ ثِقةٌ الاَّ ضَمْرَهْ لم يَرْوِ هذا غيرُ أهلِ البَصْرَهْ
(190) فإنْ يُرِيدُوا واحدًا مِن أَهْلِها تَجوُّزاً فاجْعَلْه مِن أوَّلِهَا
(191)وليس في أفرادِه النِّسْبِيَّهْ ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيثيَّهْ
(192)لكن إذا قَيَّدَ ذاك بالثِّقَهْ فحُكْمُه يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ
الأفرادُ مُنْقَسِمَةٌ إلى ما هو فَرْدٌ مُطْلَقاً وهو ما يَنفرِدُ به واحِدٌ عن كلِّ أحَدٍ، وقد سَبَقَ حكْمُه ومثالُه في قِسمِ الشاذِّ، وإلى ما هو فرْدٌ بالنِّسبةِ إلى جِهةٍ خاصَّةٍ كتقييدِ الفَرديَّةِ بثِقةٍ أو بلَدٍ مُعَيَّنٍ كمَكَّةَ والبصرةِ والكوفةِ أو بكونِه لم يَرْوِهِ مِن أهْلِ البصرةِ أو الكوفةِ مَثَلاً إلاَّ فلانٌ، أو لم يَرْوِهِ عن فُلانٍ إلاَّ فُلانٌ ونحوِ ذلك.
فمِثالُ تقييدِ الانفرادِ بكونِه لم يَرْوِهِ عن فُلانٍ إلاَّ فُلانٌ حديثٌ رواهُ أصحابُ السُّنَنِ الأربعةِ مِن طريقِ سُفيانَ بنِ عُيينةَ عن وائلِ بنِ بكرٍ عن أبيه بكْرِ بنِ وائِلٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أنَسٍ ((أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أَوْلَمَ على صَفِيَّةَ بسَوِيقٍ وتَمْرٍ)) قالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ غريبٌ، وقالَ ابنُ طاهِرٍ في أطرافِ الغرائبِ: غريبٌ مِن حديثِ بكرِ بنِ وائلٍ عنه، تَفَرَّدَ به وائلٌ عن ابنِ داوُدَ ولم يَرْوِهِ عنه غيرُ سفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ انتهى.
فلا يَلْزَمُ مِن تَفَرُّدِ وائلٍ به عن أبيه بَكْرٍ تَفَرُّدُه به مُطْلَقاً، فقد ذَكَرَ الدارقُطْنِيُّ في العِلَلِ: أنه رواه محمَّدُ بنُ الصلْتِ التَّوْرِيُّ عن ابنِ عُيينةَ عن زيادِ بنِ سَعدٍ عن الزُّهْرِيِّ قالَ: ولم يُتَابَعْ عليه، والمحفوظُ عن ابنِ عُيَيْنَةَ عن وائلٍ عن أبيه، ورواه جماعةٌ عن ابنِ عُيينةَ عن الزُّهْرِيِّ بغيرِ واسِطَةٍ.
ومِثالُ تَقييدِ الانفرادِ بالثِّقَةِ حديثُ ((أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ كان يَقرأُ في الفِطْرِ والأضْحَى بقافٍ واقترَبَتِ الساعةُ)). رواه مسلِمٌ وأصحابُ السنَنِ مِن روايةِ ضَمْرَةَ بنِ سعْدٍ الْمَازِنِيِّ عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ عن أبي واقِدٍ اللَّيْثِيِّ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وهذا الحديثُ لم يَرْوِهِ أحَدٌ مِن الثِّقاتِ إلاَّ ضَمْرَةُ، قالَ شيخُنا علاءُ الدِّينِ بنُ التُّرْكُمَانِيِّ في (الدُّرِّ النَقِيِّ): مَدارُه على ضَمرةَ. يريدُ حديثَ أبي واقِدٍ، وإنما قَيَّدْتُ هذا الحديثَ بقَوْلِي (أحَدٌ مِن الثِّقَاتِ) لأنَّ الدارقُطنيُّ رواه مِن روايةِ ابنِ لَهِيعَةَ عن خالِدِ بنِ يزيدَ عن الزُّهْرِيِّ عن عُروةَ عن عائشةَ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ، وابنُ لَهِيعَةَ ضَعَّفَه الْجُمهورُ.
ومِثالُ ما تَفَرَّدَ به أهْلُ بَلدةٍ، ما رواه أبو داودَ عن أبي الوليدِ الطَّيَالِسِيِّ عن هَمَّامٍ عن قَتادةَ عن أبي نَضرةَ العَوْفِيِّ عن أبي سعيدٍ، قالَ: ((أمَرَنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ نَقرأَ بفاتحةِ الكتابِ وما تَيَسَّرَ)).
قالَ الحاكِمُ: تَفَرَّدَ بذكْرِ الأمْرِ فيه أهلُ البصرةِ مِن أوَّلِ الإسنادِ إلى آخِرِه، ولم يَشْرَكْهم في هذا اللفْظِ سِوَاهُم، ونحوُ حديثِ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في صِفةِ وُضوءِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ((ومَسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدِهِ)) رواه مسلِمٌ وأبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ، قالَ الحاكِمُ: هذه سُنَّةٌ غريبةٌ تَفَرَّدَ بها أهْلُ مِصْرَ، ولم يَشْرَكْهُمْ فيها أحَدٌ.
وقولُه: (فإنْ يُريدوا واحداً مِن أهْلِها) أيْ: فإنْ يُرِيدُوا بقولِهم: انْفَرَدَ به أهلُ البَصرةِ أو هو مِن أفرادِ البَصْرِيِّينَ ونحوُ ذلك واحداً مِن أهْلِ البصرةِ انْفَرَدَ به متَجَوِّزِينَ بذلك كما يُضافُ فعْلُ واحدٍ مِن قَبيلةٍ إليها مَجازاً، فاجْعَلْهُ مِن القِسْمِ الأوَّلِ وهو الفرْدُ الْمُطْلَقُ، مثالُه ما تَقَدَّمَ عندَ ذكْرِ المنكَرِ مِن روايةِ أبي زُكَيْرٍ عن هشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه عن عائشةَ مَرفوعاً: ((كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ)) الحديثَ.
قالَ الحاكِمُ: هو مِن أفرادِ البَصريِّينَ عن الْمَدَنِيِّينَ انْفَرَدَ به أبو زُكَيْرٍ عن هشامِ بنِ عروةَ. انتهى.
فجَعَلَه مِن أفرادِ البَصْرِيِّينَ وأرادَ به واحداً منهم، وليس في أقسامِ الفرْدِ الْمُقَيَّدِ بنِسبةٍ إلى جِهةٍ خاصَّةٍ ما يَقتضِي الحكْمَ بضَعْفِها مِن حيثُ كونُها أفراداً، لكنْ إذا كان القَيْدُ بالنِّسبةِ لروايةِ الثِّقَةِ كقولِهم: لم يَرْوِه ثِقةٌ إلاَّ فلانٌ، فإنَّ حُكْمَه قريبٌ مِن حُكْمِ الفرْدِ الْمُطْلَقِ؛ لأنَّ رِوايةَ غيرِ الثِّقَةِ كلاَ رِوايةٍ، إلاَّ أنْ يكونَ قد يَبْلُغُ رُتبةَ مَن يُعْتَبَرُ بحديثِه فلهذا قيلَ: يَقْرُبُ. ولم يُجْعَلْ حكْمُه حكْمَ الفرْدِ الْمُطْلَقِ مِن كلِّ وجهٍ، واللهُ أعْلَمُ.

  #3  
قديم 23 ذو الحجة 1429هـ/21-12-2008م, 11:25 AM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح الباقي لأبي زكريا الأنصاري

الأَفْرَادُ

الفرْدُ قِسمانِ ففَرْدٌ مُطْلَقاَ وحُكْمُه عندَ الشذوذِ سَبَقَا
والفرْدُ بالنسبةِ ما قَيَّدْتُهُ بثِقةٍ أو بلَدٍ ذَكَرْتُهُ
أو عنْ فُلانٍ نَحْوُ قَوْلِ القائِلْ: لم يَرْوِه عن بَكْرٍ الاَّ وائِلْ
لم يَرْوِهِ ثِقةٌ الاَّ ضَمْرَهْ لم يَرْوِ هذا غيرُ أهلِ البَصْرَهْ
فإنْ يُرِيدُوا واحدًا مِن أَهْلِها تَجوُّزاً فاجْعَلْه مِن أوَّلِهَا
وليس في أفرادِه النِّسْبِيَّهْ ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيثيَّهْ
لكن إذا قَيَّدَ ذاك بالثِّقَهْ فحُكْمُه يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ

الأفرادُ بفَتْحِ الهمزةِ.
(الفَرْدُ قِسمانِ: ففَرْدٌ) يَقَعُ (مُطْلَقَا) وهو أَوَّلُهما: بأنْ يَنْفَرِدَ به راوٍ واحدٌ عن كلِّ أحَدٍ.
(وحُكْمُه) مع مِثالِه (عندَ الشذوذِ سَبَقَا) أيْ: سَبَقَ في نوعِ الشاذِّ.
و(الفرْدُ بالنِّسبةِ) إلى جِهةٍ خاصَّةٍ، وهو ثانِيهُما: وله أنواعٌ:
(ما قَيَّدْتُه بثِقَةٍ أو بلَدٍ) مُعَيَّنٍ (ذَكَرْتُه) كمكةَ، والبصرةِ، والكوفةِ، وسيأتِي مِثالُها، (أوْ) براوٍ مُعَيَّنٍ، بأنْ لم يَرْوِهِ (عن فُلانٍ) إلاَّ فُلانٌ؛ (نحوُ قوْلِ القائل) أبِي الفضْلِ بنِ طاهِرٍ في حديثِ أصحابِ السُّنَنِ الأربعةِ مِن طريقِ سُفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن وائلِ بنِ داوُدَ، عن ابنِه بكرِ بنِ وائلٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنَسٍ: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أَوْلَمَ على صَفِيَّةَ بسَوِيقٍ وَتَمْرٍ): - (لم يَرْوِه عن بكْرٍ الاَّ وائلْ) – بدَرْجِ الهمزةِ - أيْ: أبوه.
ولم يَرْوِهِ عن وائلٍ إلاَّ ابنُ عُيَيْنَةَ، فهو غَريبٌ.
وكذا قال التِّرْمِذِيُّ: إنه حسَنٌ غريبٌ.
ولا يَلْزَمُ مِن تَفَرُّدِ وائلٍ به عن ابنِه بكرٍ تَفَرُّدُه به مُطْلَقًا، فقد ذكَرَ الدارقُطنيُّ في (عِلَلِه) أنه رواه محمَّدُ بنُ الصلْتِ التَّوَّزِيُّ، عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن زِيادِ بنِ سعْدٍ، عن الزُّهْرِيِّ.
قالَ: ولم يُتَابَعْ عليه، والمحفوظُ عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن وائلٍ، عن ابنِه، ورواه جماعةٌ عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْرِيِّ بلا واسِطَةٍ.
ومِثالُ الْمُقَيَّدِ بالثقَةِ: قولُ القائلِ في حديثِ قِراءةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في الأَضْحَى والفِطْرِ بـ (ق) و(إِذَا اقْتَرَبَتْ): - (لم يَرْوِهِ ثِقَةٌ الاَّ ضَمْرَهْ) - بدرْجِ الهمزةِ - أيِ: ابنُ سعيدٍ المازِنِيُّ.
فقد انْفَرَدَ به عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ، عن أبي واقِدٍ الليثيِّ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، رواه مسلِمٌ وغيرُه.
وإنما قَيَّدَ بالثقةِ لروايةِ الدارقُطنيِّ له مِن روايةِ ابنِ لَهِيعَةَ - وقد ضَعَّفَه الجمهورُ - عن خالدِ بنِ يزيدَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ.
ومِثالُ الْمُقَيَّدُ ببلدٍ: قولُ القائلِ في حديثِ أبي داوُدَ، عن أبي داودَ الطَّيَالِسِيِّ، عن هَمَّامٍ، عن قَتادةَ، عن أبي نَضْرَةَ، عن أبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ قالَ: (أمَرَنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ نَقرأَ بفاتحةِ الكتابِ وما تَيَسَّرَ): - (لم يَرْوِ هذا) الحديثَ (غيرُ أهْلِ البَصْرَهْ).
فقد قالَ الحاكِمُ: إنهم تَفَرَّدُوا بذِكْرِ الأمْرِ فيه مِن أوَّلِ الإسنادِ إلى آخِرِه.
وكذا قالَ في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في صِفَةِ وُضوءِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: إنَّ قولَه: (ومَسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدِه) - سُنَّةٌ غريبةٌ تَفَرَّدَ بها أهْلُ مِصْرَ.
(فإنْ يُريدوا) أيِ: القائلونَ بما ذُكِرَ ونحوِه (واحدًا) فقط (مِن أهْلِها) أيْ: مِن أهْلِ تلكَ البَلدةِ (تَجَوُّزًا) في الإضافةِ كما يُضافُ فعْلُ واحدٍ مِن قَبيلةٍ إليها مَجازًا (فاجعَلْهُ مِن أوَّلِها) أيْ: مِن أوَّلِ الصوَرِ المذكورةِ في البابِ؛ وهو الفرْدُ المطلَقُ.
ومنه حديثُ: ((كُلُوا الْبَلَحَ بالتَّمْرِ)) السابقُ في نوعِ المنكَرِ حيثُ قالَ الحاكِمُ: هو مِن أفرادِ البَصريِّينَ عن الْمَدنِيِّينَ، تَفَرَّدَ به أبو زُكَيْرٍ عن هشامِ بنِ عُروةَ. فجَعَلَه مِن أفرادِ البَصريِّينَ وأرادَ واحدًا منهم.
(وليس في أفرادِه) أيْ: هذا البابِ (النِّسْبِيَّهْ) وهي أنواعُ القِسْمِ الثاني (ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيْثِيَّهْ) أيْ: حَيْثِيَّةِ الفَرديَّةِ.
(لكنْ إذا قَيَّدَ) القائلُ مِن الْحُفَّاظِ (ذاك) التفَرُّدَ (بالثقه)؛ كقولِه: لم يَرْوِه ثِقةٌ إلاَّ فُلانٌ (فحُكْمُه يَقْرُبُ مما أَطْلَقَهْ) أيْ: مِن القِسمِ الأوَّلِ؛ لأنَّ روايةَ غيرِ الثِّقَةِ كَلاَ رِوايةٍ، فيُنْظَرُ فيه هل بَلَغَ رُتبةَ مَن يُعتبَرُ بحديثِه، أو لا؟ وفي الْمُتَفَرِّدِ بالحديثِ هل بلَغَ رُتبةَ مَن يُحْتَجُّ بتَفَرُّدِه أو لا؟
فعُلِمَ أنَّ مِن أنواعِ القِسْمِ الثاني ما يُشارِكُ الأوَّلَ؛ كإطلاقِ تَفَرُّدِ أهْلِ بلَدٍ بما يكون رَاوِيهِ منها واحدًا، وتَفَرُّدِ ثِقةٍ بما يُشارِكُه في رِوايتِه ضَعيفٌ.
تَنبيهٌ: قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: إذا قيلَ في حديثٍ: تَفَرَّدَ به فُلانٌ عن فُلانٍ، احتَمَلَ أنْ يكونَ تَفَرُّدًا مُطْلَقًا، وأنْ يكونَ تَفَرَّدَ به عن هذا الْمُعَيَّنِ خاصَّةً، ويكونَ مَرْوِيًّا عن غيرِ ذلك الْمُعَيَّنِ، فلْيُتَنَبَّهْ لذلك.

  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 05:41 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي

الأفرادُ
الفرْدُ قِسمانِ ففَرْدٌ مُطْلَقَا وحُكْمُه عندَ الشذوذِ سَبَقَا
والفرْدُ بالنسبةِ ما قَيَّدْتَهُ بثِقةٍ أو بلَدٍ ذَكَرْتَهُ
أو عنْ فُلانٍ نَحْوُ قَوْلِ القائِلْ لم يَرْوِه عن بَكْرٍ الاَّ وائِلْ
لم يَرْوِهِ ثِقةٌ الاَّ ضَمْرَهْ لم يَرْوِ هذا غيرُ أهلِ البَصْرَهْ
فإنْ يُرِيدُوا واحدًا مِن أَهْلِها تَجوُّزاً فاجْعَلْه مِن أوَّلِهَا
وليسَ في أفرادِه النِّسْبِيَّهْ ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيثيَّهْ
لكنْ إذا قَيَّدَ ذاك بالثِّقَهْ فحُكْمُه يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ

ومُناسبتُه لِمَا قَبْلَه واضحةٌ، ولكنْ لو ضُمَّ إلى المنكَرِ والشاذِّ - كما قَدَّمْنَا - كان أنْسَبَ، (الفرْدُ قِسمانِ: ففَردٌ) يَقعُ (مُطلَقَا) وهو أوَّلُهما بأنْ يَنفرِدَ به الراوي الواحدُ عن كلِّ أحَدٍ مِن الثقاتِ وغيرِهم.
(وحُكْمُه) مع مِثالِه (عندَ) نوعِ (الشذوذِ سَبَقَا، والفرْدُ بالنسبةِ) إلى جِهةٍ خاصَّةٍ وهو ثانيهما وهو أنواعٌ (ما قَيَّدْتُهُ بثقةٍ أو بلدٍ) مُعَيَّنٍ؛ كمكةَ والبصرةِ والكوفةِ (ذَكرتُه) صريحاً كما سيأتي التمثيلُ لهما (أو) براوٍ مخصوصٍ؛ حيث لم يَرْوِهِ (عن فُلانٍ) إلا فُلانٌ.
(نحوُ قولِ القائلْ) أبي الفضْلِ بنِ طاهرٍ في (أطرافِ الغرائبِ) له عَقِبَ الحديثِ الْمَرويِّ في السنَنِ الأربعةِ مِن طريقِ سُفيانَ بنِ عُيينةَ عن وائلِ بنِ دَاودَ عن وَلَدِه بكرِ بنِ وائلٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أنَسٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَوْلَمَ على صَفيَّةَ بسَويقٍ وتَمْرٍ.
(لم يَرْوِهِ عن بكرٍ الاَّ وائلْ) بنقْلِ الهمزةِ يعني أباه، ولم يَرْوِهِ عن وائلٍ غيرُ ابنِ عُيينةَ فهو غريبٌ، وكذا قالَ التِّرْمِذِيُّ: إنه حسَنٌ غَريبٌ.
قالَ: وقد رواه غيرُ واحدٍ عن ابنِ عُيينةَ عن الزُّهريِّ - يعني بدونِ وائلٍ ووَلَدِه - قالَ: وكانَ ابنُ عُيينةَ ربما دَلَّسَهما.
قلتُ: ممن رواه عنه كذلك إبراهيمُ بنُ الْمُنْذِرِ وأبو الخطَّابِ زِيادُ بنُ يحيى وعبدُ اللهِ بنُ محمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وعليُّ بنُ عمرٍو الأنصاريُّ وابنُ الْمُقْرِئِ، وصرَّحَ عبدُ اللهِ مِن بينِهم بأنَّ ابنَ عُيينةَ قالَ: سَمعتُه مِن الزُّهْرِيِّ ولم أَحْفَظْهُ، فسَمعتُه مِن آخَرَ، ورواه سهْلُ بنُ صُقيرٍ عن ابنِ عُيينةَ بدونِ بكرٍ وَحْدَه.
ورواه أبو يَعلى محمَّدُ بنُ الصلْتِ التَّوَّزِيُّ عن ابنِ عُيينةَ، فجَعَلَ الواسطةَ بدَلَهما زيادَ بنَ سعدٍ، قالَ الدارقُطنيُّ: ولم يُتابَعْ عليه، والمحفوظُ عن ابنِ عُيينةَ الأوَّلُ.
قلتُ: وممن رواه عنه كذلك إبراهيمُ بنُ بشارٍ وحامدُ بن يحيى البَلْخِيُّ والْحُمَيْدِيُّ وغَيَّاثُ بنُ جَعفرٍ الرَّحْبِيُّ وابنُ أبي عمرَ العَدَنِيُّ وهو المعتمَدُ، وإنما لم يكنْ مِن القِسْمِ الأوَّلِ لروايةِ النَّسائيِّ له مِن حديثِ سُليمانَ بنِ بلالٍ، والبخاريِّ بنحوِه مِن حديثِ إسماعيلَ بنِ جَعفرٍ كِلاهما عن حُميدٍ عن أنَسٍ، ونحوُه عندَ النَّسائيِّ أيضاً مِن حديثِ عبدِ العزيزِ بنِ صُهيبٍ عن أنَسٍ،
ونحوُه حديثُ عبدِ الواحدِ بنِ أَيمنَ عن أبيه عن جابرٍ في قِصَّةِ الكُدْيَةِ التي عَرضتْ لهم يومَ الخنْدَقِ، أخرَجَه البخاريُّ، فإنه تَفرَّدَ به عبدُ الواحدِ عن أبيه، وقد رُوِيَ مِن غيرِ حديثِ جابرٍ.
ومِن أمثلةِ النوعِ الأوَّلِ قولُ القائلِ في حديثِ قِراءةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأَضْحَى والفطْرِ بـ "ق" و"اقْتَرَبَتْ" (لم يَرْوِهِ) أي الحديثَ (ثِقةٌ الاَّ ضَمْرَهْ) بنقْلِ الهمزةِ أي: ابنُ سعيدٍ، فقد انفَرَدَ به عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ عن أبي واقدٍ الليثيِّ صَحَابِيِّهِ، وإنما قُيِّدَ بالثقةِ لروايةِ الدارقُطنيِّ له مِن جِهةِ ابنِ لَهيعةَ، وهو ممن ضَعَّفَه الْجُمهورُ لاحتراقِ كُتبِه، عن خالدِ بنِ يَزيدَ عن الزُّهْرِيِّ عن عُروةَ عن عائشةَ.
ومِن أمثلةِ النوعِ الثاني: قولُ القائلِ في حديثِ أبي سعيدٍ الْخُدريِّ الذي رواه أبو داودَ في كِتَابَيْهِ (السننِ) و(التفَرُّدِ) عن أبي الوليدِ الطَّيَالِسِيِّ عن هَمَّامٍ عن قَتادةَ عن أبي نَضرةَ عنه قالَ: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نَقرأَ بفاتحةِ الكتابِ وما تَيَسَّرَ-: (لم يَرْوِ هذا) الحديثَ (غيرُ أهلِ البَصْرَهْ)؛ فقد قالَ الحاكمُ: إنهم تَفَرَّدُوا بذكْرِ الأمرِ فيه مِن أوَّلِ الإسنادِ إلى آخِرِه، ولم يَشْرَكْهم في لفْظِه سِواهُم.
وكذا قالَ في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ في صِفةِ وُضوءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّ قولَه: (ومَسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فضْلِ يَدِهِ) سُنَّةٌ غَريبةٌ تَفرَّدَ بها أهْلُ مِصرَ، ولم يَشْرَكْهم فيها أحَدٌ، وحديثُ: ((القضاةُ ثلاثةٌ))، تَفرَّدَ به أهْلُ مَرْوَ عن عبدِ اللهِ بنِ بُريدةَ عن أبيه، وحديثُ يَزيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عن زيدِ بنِ خالدٍ الْجُهَنِيِّ في اللُّقَطَةِ، تفَرَّدَ به أهلُ المدينةِ عنه.
(فإنْ يُرِيدُوا) أي: القائلونَ بقولِهم هذا وما أَشْبَهَه (واحِداً مِن أهْلِها) بأنْ يكونَ الْمُتَفَرِّدُ به مِن أهلِ تلك البلَدِ واحداً فقط وهو أكثَرُ صَنيعِهم، وأطلَقُوا البلَدَ (تَجَوُّزاً) كما يُضافُ فعْلُ واحدٍ مِن قَبيلةٍ إليها مَجازاً (فاجْعَلْهُ مِن أوَّلِها) أي: الصورِ المذكورةِ في البابِ، وهو الفرْدُ المطلَقُ.
ومنه حديثُ عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ المذكورِ، فإنه لم يَرْوِهِ مِن أهلِ مِصرَ إلاَّ عمرُو بنُ الحارثِ عن حَبَّانَ بنِ واسعٍ الأنصاريِّ عن أبيه عنه، فأطلَقَ الحاكمُ أهلَ البلَدِ وأَرادَ واحداً منهم، (وليس في أَفرادِه) أيْ: هذا البابِ (النِّسْبِيَّهْ) وهي أنواعُ القِسْمِ الثاني (ضَعْفٌ لها مِن هذه الْحَيْثِيَّهْ) أيْ: جِهةِ الفَرديَّةِ، إلا إن انضَمَّ إليها ما يَقتَضِيهِ (لكنْ إذا قَيَّدَ) القائلُ مِن الأئمَّةِ والْحُفَّاظِ (ذاك) أي التَّفَرُّدَ (بالثقةِ) كقولِهم: لم يَرْوِهِ ثِقةٌ إلاَّ فلانٌ - (فحُكْمُه) إنْ كان رَاوِيهِ الذي ليس بثِقةٍ ممن بَلَغَ رُتبةَ مَن يُعتبرُ حديثُه (يَقْرُبُ مما أَطْلَقَهْ) أيْ: مِن القِسمِ الأوَّلِ، وإنْ كان ممن لا يُعتبرُ به فكالمطْلَقِ؛ لأنَّ رِوايتَه كلا رِوايةٍ.
والحاصلُ أنَّ القِسمَ الثاني أنواعٌ، منها ما يَشترِكُ الأوَّلُ معه فيه؛ كإطلاقِ تَفَرُّدِ أهلِ بلَدٍ بما يكون رَاوِيهِ منها واحداً فقط، وتَفَرُّدِ الثقةِ بما يَشترِكُ معه في رِوايتِه ضَعيفٌ، ومنها ما هو مُخْتَصٌّ به، وهي تَفَرُّدُ شخْصٍ عن شخْصٍ أو عن أهلِ بلَدٍ، أو أهلِ بلَدٍ عن شخْصٍ أو عن بلَدٍ أُخْرَى.
وصَنَّفَ في (الأفرادِ) الدارقُطنيُّ وابنُ شاهينَ وغيرُهما، وكتابُ الدراقُطنيِّ حافلٌ في مائةِ جُزءٍ حَديثيَّةٍ، سُمِعَتْ منه عِدَّةُ أجزاءٍ.
وعَمِلَ أبو الفضْلِ بنُ طاهرٍ (أطرافَه)، ومِن مَظَانِّها (الجامعُ) للتِّرْمِذِيِّ، وزَعَمَ بعضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أنَّ جَميعَ ما فيه مِن القِسْمِ الثاني.
ورَدَّهُ شيخُنا بتَصريحِه في كثيرٍ منه بالتفَرُّدِ الْمُطْلَقِ، وكذا مِن مَظَانِّها (مسنَدُ البَزَّارِ) والْمُعْجَمَانِ (الأوسطِ) و(الصغيرِ) للطبرانيِّ.
وصَنَّفَ أبو داودَ (السننَ) التي تَفَرَّدَ لكلِّ سنَّةٍ منها أهْلُ بلَدٍ؛ كحديثِ طلْقٍ في مَسِّ الذكَرِ، قالَ: إنه تَفَرَّدَ به أهلُ اليمامةِ. وحديثِ عائشةَ في صلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على سُهيلِ بنِ بَيضاءَ، قالَ الحاكمُ: تَفرَّدَ أهلُ المدينةِ بهذه السنَّةِ.
وكلُّ ذلك لا يَنهضُ به إلا مُتَّسِعُ الباعِ في الروايةِ والحفْظِ، وكثيراً ما يَقعُ التعَقُّبُ في دَعوَى الفَرْدِيَّةِ، حتى إنه يُوجَدُ عندَ نفْسِ مُدَّعِيها المتابِعِ، ولكنْ إنما يَحْسُنُ الجزْمُ بالتعَقُّبِ حيث لم يَختلفِ السِّياقُ، أو يكونُ المتابِعُ ممن يُعتبَرُ به؛ لاحتمالِ إرادةِ شيءٍ مِن ذلك بالإطلاقِ.
وقد قالَ ابنُ دَقيقِ العيدِ: (إنه إذا قِيلَ في حديثٍ: تَفرَّدَ به فُلانٌ عن فُلانٍ، احْتَمَلَ أنْ يكونَ تَفَرُّداً مُطْلَقاً، واحْتَمَلَ أنْ يكونَ تَفَرَّدَ به عن هذا الْمُعَيَّنِ خاصَّةً، ويكونَ مَرْوِيًّا عن غيرِ ذلك الْمُعَيَّنِ، فلْيُتَنَبَّهْ لذلك، فإنه قد يَقعُ فيه الْمُؤَاخَذَةُ على قومٍ مِن الْمُتَكَلِّمينَ على الأحاديثِ، ويكونُ له وجهٌ كما ذَكرناهُ الآنَ). انتهى.
تَتِمَّةٌ: قولُهم: لا نَعلمُ أحداً روى هذا الحديثَ غيرَ فُلانٍ، جَوَّزَ ابنُ الحاجبِ في "غير" الرفْعَ والنصْبَ، وأطالَ في تَقريرِه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأفراد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir