دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 01:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي الإيمان بصفة العفو والمغفرة

وَقَوْلُهُ : {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}[سُورَةُ النِّسَاءِ : 149] ،
{وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[سُورَةُ النُّورِ : 22]

  #2  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:28 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي شرح العقيدة الواسطية للشيخ : عبد الله بن عبد العزيز بن باز

ليس للشيخ تعليق على هذه الجزئية

  #3  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:29 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي لتنبيهات اللطيفة للشيخ : عبد الرحمن بن ناصر السعدي

ليس للشيخ تعليق على هذه الجزئية

  #4  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:30 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد خليل هراس

وقَوْلُهُ: { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوْءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيْرًا }،
{ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (33).

(33) قولُهُ: { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا …} إلخ. هذهِ الآياتُ تَضَمَّنَتْ إثباتَ صِفَاتِ العَفْوِ والقُدْرَةِ والمَغْفِرَةِ والرَّحمةِ والعزَّةِ والتَّبارُكِ والجلالِ والإِكرامِ.
فالعَفُوُّ الذي هوَ اسمُهُ تعالى؛ معناهُ: المُتَجَاوِزُ عن عقوبةِ عبادِهِ إذَا همْ تابُوا إليهِ وأنابوا؛ كمَا قالَ تعالى: { وَهُوَ الَّذي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئاتِ}.
ولمَّا كانَ أكملُ العفوِ هوَ ما كانَ عنْ قدْرةٍ تامَّةٍ على الانتقامِ والمؤاخذةِ؛ جاءَ هذانِ الاسمانِ الكريمانِ: العَفُوُّ والقدْيرُ مقترنَينِ في هذهِِ الآيةِ وفي غيرِهَا.
وأَمَّا القدْرةُ؛ فهيَ الصِّفةُ التَّي تتعلَّقُ بالممكناتِ إيجادًا وإعداما، فكلُّ ما كانَ ووَقَعَ مِن الكائناتِ واقعٌ بمشيئتِهِ وقَدْرتِهِ؛ كمَا في الحديثِ: (( مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ )).
وأَمَّا قولُهُ تعالى: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا … } الآية؛ فقَدْ نزلتْ في شأنِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حينَ حلفَ لا يُنفقُ على مِسْطَحِ بنِ أثاثةَ، وكانَ ممَّنْ خاضوا في الإِفكِ، وكانَتْ أمُّ مِسْطَحٍ بنتَ خالةِ أبي بكرٍ، فلما نزلتْ هذهِ الآيةُ قالَ أبو بكرٍ:
((واللهِ إنِّي لأُحبُّ أنْ يغفرَ اللهُ لي))، ووصلَ مِسطحًا.

  #5  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:34 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي شرح العقيدة الواسطية للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً) أي تُظْهروه
(أَوْ تُخفُوهُ) فتعملوهُ سِرًّا.
(أَوْ تَعفُوا عَنْ سُوءٍ) أي تتجاوزوا عمَّن أساء إليكم
(فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا) عَن عبادِه يتجاوزُ عنهم
(قَدِيراً) عَلى الانتقامِ منهم بما كسبت أيديهم، فاقتدوا به سبحانَه فإنَّه يَعفو مع القدرةِ.

قولُه: (وَلْيَعْفُوا) أي ليسترْ ويتجاوزْ أولو الفضْلِ والسَّعةِ المذكورون في أوَّلِ الآيةِ
(وَلْيَصْفَحُوا) بالإعراضِ عن الجاني والإغماض عَن جنايتِه
(أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لكُمْ) بسببِ عَفْوِكُم وصَفْحِكُم عَن المسيئين إليكم
(وَاللهُ غَفُورٌ): كثيرُ المغفرةِ
(رَحِيمٌ) كَثيرُ الرَّحمةِ.

  #6  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:35 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وقولُهُ: (إِن تُبدُوا خَيرًا أَو تُخفُوهُ أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) (41) [النساء: 149].
(وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 22].

صفةُ العفوِ والمغفرةِ والرَّحمةِ والعزَّةِ
(41) ذَكرَ المؤلِّفُ -رحمَهُ اللَّهُ- أربعَ آياتٍ فِي صفةِ العفوِ والقُدرةِ والمغفرةِ والرحمةِ والعزَّةِ:
الآيةُ الأُولى: فِي العفوِ والقُدرةِ: قولُهُ: (إِن تُبدُوا خَيرًا أَو تُخفُوهُ أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) [النساء: 149].
يعني: إنْ تفعلوا خيراً، فتبدُوه، أيْ: تظهرُوه للناسِ، (أَو تُخفُوهُ)، يعني: عَنِ الناسِ، فإنَّ اللَّهَ تَعَالَى يعلمُه، ولاَ يخفَى عليْهِ شيءٌ.
وفِي الآيةِ الثَّانِيَةِ: (إِن تُبدُوا شَيئًا أَو تُخفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا) [الأحزاب: 54]، وَهَذَا أعمُّ، يشملُ الخيرَ والشرَّ، ومَا ليسَ بخيرٍ ولاَ شرٍّ.
ولكُلِّ آيةٍ مكانهُا ومناسبتُها لِمَنْ تأمَّلَ.
وقولُهُ: (أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ): العفوُ: هُوَ التَّجاوزُ عَنِ العقوبةِ، فَإِذَا أساءَ إلَيِك إنسانٌ، فعفَوْتَ عنه، فإنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلمُ ذلِكَ.
ولكنَّ العفوَ يُشترطُ للثَّناءِ عَلَى فاعلِهِ أنْ يكونَ مقروناً بالإصلاحِ، لقولِهِ تَعَالَى: (فَمَن عَفَا وَأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى: 40]، وذلِكَ أنَّ العفوَ قدْ يكونُ سبباً للزِّيادةِ فِي الطغيانِ والعدوانِ، وقدْ يكونُ سبباً للانتهاءِ عَنْ ذلِكَ، وقدْ لاَ يزيدُ المعتدِيَ ولاَ ينقصُهُ.
1 – فَإِذَا كَانَ سبباً للزِّيادِة فِي الطغيانِ، كَانَ العفوُ هُنا مذموماً، وربَّما يكونُ ممنوعاً، مثلُ أنْ نعفوَ عَنْ هَذَا المجرمِ، ونعلمَ – أوْ يغلبَ عَلَى الظَّنِّ – أنَّهُ يذهبُ فيُجرمُ إجراماً أكبرَ، فهُنَا لاَ يمدحُ العافِي عنه، بَلْ يُذَّمُ.
2 – وقَدْ يكونُ العفو سبباً للانتهاءِ عَنِ العدوانِ، بحَيْثُ يخجلُ ويقولُ: هَذَا الَّذِي عَفا عنِّي لاَ يمكنُ أنْ أعتدِيَ عَلَيْهِ مرَّةً أخرى، ولاَ عَلَى أحدٍ غيرِهِ، فيخجلُ أنْ يكونَ هُوَ مِنَ المعتدين، وَهَذَا الرَّجلُ مِنَ العافينَ، فالعفوُ هُنَا محمودٌ ومطلوبٌ، وقَدْ يكونُ واجباً.
3 – وقَدْ يكونُ العفوُ لاَ يؤثرُ لاَ ازدياداً ولاَ نقصاً، فَهُوَ أفضلُ، لقولِهِ تَعَالَى: (وَأَن تَعفُوا أَقرَبُ لِلتَّقوَى) [البقرة: 237].
وهُنَا يقولُ تَعَالَى: (أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا)، يعني: إِذَا عفَوْتُم عَنِ السُّوءِ، عفا اللَّه عَنْكُمْ، ويؤخذُ هَذَا الحكمُ مِنَ الجوابِ: (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا)، يعني: فيعفو عَنْكُم مَعَ قدرتهِ عَلَى الانتقامِ مِنْكُمْ وجمعَ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا بين العَفُوِّ والقديرِ؛ لأنَّ كمالَ العفوِ أنْ يكونَ عَنْ قدرةٍ. أمَّا العفو الَّذِي يكونُ عَنْ عجزٍ، فهَذَا لاَ يمُدَحُ فاعلُهُ؛ لأنَّهُ عاجزٌ عَنِ الأخذِ بالثَّأرِ. وأمَّا العفوُ الَّذِي لاَ يكونُ مَعَ قدرةٍ، فقدْ يُمدَحُ، لكنَّهُ ليسَ عفواً كاملاً، بَلِ العفو الكاملُ مَا كَانَ عَنْ قدرةٍ.
وَلِهَذَا جمعَ اللَّهَ تَعَالَى بينَ هذينِ الاسمينِ (العَفُوُّ) و(القديرُ):
فالعَفُوُّ: هُوَ المتجاوزُ عَنْ سيئاتِ عبادِه، والغالبُ أنَّ العفوَ يكونُ عَنْ تركِ الواجباتِ، والمغفرةَ عَنْ فعلِ المحرّماتِ.
والقديرُ: ذو القُدرةِ، وهِيَ صفةٌ يتمكَّنُ بها الفاعلُ مِنَ الفعلِ بدونِ عجزٍ.
وهَذَانِ الاسمانِ يتضمَّنانِ صفَتَيْنِ، وهمُا: العفوُ، والقُدرةُ.
الآيةُ الثَّانِيَةُ: فِي المغفرةِ والرَّحمةِ: قولُهُ: (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 22].
هذِهِ الآيةُ نزلَتْ فِي أبِي بكرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، وذلِكَ أنَّ مِسْطَحَ بنَ أُثاثةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ ابنَ خالةِ أبي بكرٍ، وكَانَ ممنْ تكلَّمُوا فِي الإفكِ.
وقصَّةُ الإفكِ: أنَّ قوماً مِنَ المنافقينَ تكلَّمُوا فِي عِرضِ عائشةَ رَضِي اللَّهُ عَنْها، وليسَ واللَّهِ قصدُهم عائشةَ، لكنَّ قصدَهم رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنْ يدنِّسُوا فِراشَه، وأنْ يلحقوُه العارَ والعياذُ باللَّهِ! ولكنَّ اللَّهَ –ولِلَّهِ الحمدُ- فضَحَهُم، وقالَ: (وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
تكلَّمُوا فِيهَا، وكَانَ أكثرَ مَنْ تكلَّمَ فِيهَا المنافقونَ، وتكلَّمَ فِيهَا نفرٌ مِنَ الصَّحابةِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُم معروفونَ بالصَّلاحِ، وَمِنْهُمْ مسطحُ بنُ أُثاثةَ، فلمَّا تكلَّمَ فِيهَا، وكَانَ هَذَا مِنْ أكبرِ القطيعةِ –قطيعةِ الرَّحمِ- أنْ يتكلَّمَ إنسانٌ فِي قريبهِ بمَا يخدشُ كرامتَهُ، لاَ سيَّمَا وأنَّ ذلِكَ فِي أمِّ المؤمنينَ زوجةِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أقسمَ أبو بكرٍ ألاَّ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وكَانَ أبو بكرٍ هُوَ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ) –وكُلُّ هذِهِ الأوصافِ ثابتةٌ فِي حقِّ مِسْطَحٍ، فَهُوَ قريبٌ ومسكينٌ ومهاجرٌ- (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 22]، فقَالَ أبو بكرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: بلى واللَّهِ، نحبُّ أنْ يغفرَ اللَّهُ لنا! فردَّ عَلَيْهِ النَّفقةَ.
هَذَا هُوَ مَا نزلَتْ فِيهِ الآيةُ.
أمَّا تفسيرُها، فقولُهُ: (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ): اللاَّمُ لامُ الأمرِ، وسكِّنَتْ لأنهَّا أتَتْ بعدَ الواوِ، ولامُ الأمرِ تسكَّنُ إِذَا وقعَتْ بعدَ الواوِ –كَمَا هُنا- أوْ بعدَ الفاءِ أوْ بعدَ (ثُمَّ): قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) [الطلاق: 7]، وقَالَ تَعَالَى: (ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ) [الحج: 29]، هَذَا إِذَا كانَتْ لامَ أمرٍ، أمَّا إِذَا كانَتْ لامَ تعليلٍ، فإنهَّا تبقَى مكسورةً، لاَ تُسَكَّنُ، وإنْ وليَتْ هذِهِ الحروفَ.
قولُهُ: (وليعفُوا)، يعني: يتجاوَزُوا عَنِ الأخذِ بالذَّنبِ.
(وليصْفَحُوا)، يعني: يُعْرِضوا عَنْ هَذَا الأمرِ، ولاَ يتكلَّمُوا فِيهِ، مأخوذٌ مِنْ صفحةِ العُنقِ، وهِيَ جانبهُ؛ لأنَّ الإنسانَ إِذَا أعرضَ، فالَّذِي يبدو مِنْهُ صفحةُ العنقِ.
والفرقُ بينَ العفوِ والصَّفحِ: أنَّ الإنسانَ قدْ يعفُو ولاَ يصفحُ، بَلْ يذكرُ هَذَا العدوانَ وهذِهِ الإساءةِ، لكنَّهُ لاَ يأخذُ بالذَّنْبِ، فالصَّفحُ أبلغُ مِنْ مجرَّدِ العفوِ.
وقولُهُ: (أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ): (أَلاَ): للعِرضِ، والجوابِ: بلى نحبُّ ذلِكَ، فَإِذَا كُنَّا نحبُّ أنْ يغفرَ اللَّهُ لنَا، فلنتعرضْ لأسبابِ المغفرةِ.
ثُمَّ قالَ: (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ): (غَفُورٌ) هذِهِ إمَّا أنْ تكونَ اسمَ فاعلٍ للمبالغةِ، وإمَّا أنْ تكونَ صفةً مُشبهةً، فَإِذَا كانَتْ صفةً مشبهةً، فهِيَ دالَّةٌ عَلَى الوصفِ اللاَّزمِ الثَّابتِ، هَذَا هُوَ مقتضَى الصِّفةِ المشبَّهةِ، وإنْ كانَتْ اسمُ فاعلٍ محولاً إِلَى صيغةِ التَّكْثِيرِ، كانَتْ دالَّةً عَلَى وقوعِ المغفرةِ مِنَ اللَّهِ بكثرةٍ.
وبعدَ هَذَا نقولُ: إنهَّا جامعةٌ بينَ الأمرينِ، فهِيَ صفةٌ مشبَّهةٌ؛ لأنَّ المغفرةَ صفةٌ دائمةٌ لِلَّهِ عزَّ وجلَّ، وهِيَ أيضاً فعلٌ يقعُ بكثرةٍ، فمَا أكثرَ مغفرةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ! ومَا أعظَمَها !
وقولُهُ: (رَحِيمٌ): هذِهِ أيضاً اسمُ فاعلٍ محوَّلٍ إِلَى صيغةِ المبالغةِ، وأصلُ اسمِ الفاعلِ مِنْ رَحِمَ: راحمٍ، لكنْ حُوِّلَ إِلَى رحيمٍ لكثرةِ رحمةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وكثرةِ مَنْ يرحمُهم اللَّهُ عزَّ وجلَّ.
واللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقرنُ بين هذينِ الاسمينِ، لأنَّهمَا دالاَّنِ عَلَى معنىً متشابِهٍ، ففِي المغفرةِ زوالُ المكروبِ وآثارِ الذَّنبِ، وفِي الرَّحمةِ حصولُ المطلوبِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى للجنَّةِ: ((أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ)).


  #7  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:38 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي الروضة الندية للشيخ: زيد بن عبد العزيز بن فياض

في هذه الآياتِ إثباتُ وصفِ اللَّهِ بالعَفْو والمغفرةِ والقُدرةِ والعزَّةِ .
والعَفُوُّ اسمُه تَعَالَى وصِفَتُه ، ومعناه المُتجاوِزُ عن خطيئاتِ عِبادِه ، إذا تابوا وأنابوا ،
{وهو الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبةَ عن عِبادِه ، ويَعفو عن السَّيِّئات}ِ ، وأكمَلُ العَفْوِ ما كان عَن مقدِرةٍ، ولذا قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى عَفْوَه بالقُدرةِ فَقَالَ :{ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيراً } وقد سألَتْ عائشةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يُعلِّمَها دعاءً تدعو به في ليلةِ القَدْرِ إنْ وافقَتْها . قَالَ قُولِي : "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي". رواه التِّرمِذِيُّ ، وروى أنَّ مِن دعاءِ حملَةِ العرشِ : " سُبْحَانَكَ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ " وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فِي الكَافِيةِ الشَّافِيةِ :

وَهُوَ الْعَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الْوَرَى لَوْلاَهُ غَارَ الأَرْضُ بِالسُّكَّانِ

  #8  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 03:39 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

وقَوْلُهُ: ( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُو عَنْ سُوْءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيْراً ).(77)
وقَوْلُهُ: ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).( 78)

(77) قَولُهُ: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا): أي تُظهرُوه.
قَولُهُ: (أَوْ تُخْفُوهُ): أي فَتعمَلوا سرًّا، وهذا عامٌّ شامِلٌ لكلِّ خيرٍ قوليٍّ أو فِعْليٍّ، ظاهرٍ أو باطنٍ.
قَولُهُ: (أَوْ تَعْفُو عَنْ سُوْءٍ): أي تَتَجاوزوا عمَّن أساءَ إليكم في أنفسِكم أو أموالِكم أو غيرِ ذلك. فالعفوُ هو التَّجاوزُ عن الذَّنبِ والصَّفحُ عنه،
فَعَفا تأتِي في اللغةِ لمَعانٍ:
الأوَّلِ: عفَا عن الذَّنبِ، أي صفحَ عنه، وعَفا: أسقطَ حقـَّه كما قال تعالى: (إلاَّ أَن يَعْفُونَ): أي يُسقطونَ حُقوقَهم، وعفَا القومُ، أي كَثُروا، ومنه حتَّى عفَوا أي كثرُوا وعفا المنزِلُ أي انْطَمسَ، ومنه قولُ حسَّانَ:
عَفَتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ … أي زالتْ وزالَ أهلُها وانطمسَتْ.
قَولُهُ: (عَفُوًّا): معناه ذو العفوِ، وهو تركُ المؤاخذَةِ على ارتكابِ الذَّنبِ، وهو أبلغُ من المغفرةِ، فإنَّها مُشتقَّةٌ من الغَفْرِ وهو السَّترُ، والعفوُ إزالةُ الأثرِ، ومنه عفتِ الدِّيارُ. قال ابنُ القيِّمِ في ((النُّونيَّةِ)):
وهُوَ العفوُّ فعفوُه وسِعَ الورَى لولاهُ غارَ الأرضُ بالسُّكَّانِ
قَولُهُ: (قَدِيْرًا): أي قادرًا على كلِّ شيءٍ.
قالَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ بنُ تيميةَ رحمَه اللهُ: فمَن جعلَ شيئًا مِن الأعمالِ خارجًا عن قدرتِه ومشيئتِه فقد ألحدَ في أسمائِه وآياتِه، بخلافِ ما عليه القَدَرِيَّةُ. انتهى.

(78) قَولُهُ: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا): العفْوُ: السَّترُ و التـَّجاوزُ، والصِّفحُ: الإعراضُ، مشتقٌّ مِن صفحةِ العُنُقِ، وهو أنْ يُعرِضَ عن عقابِ المُذنبِ وعتابِه، وكأنَّه ولاَّه صفحةَ عُنقهِ، وهو أبلغُ مِن العفوِ؛ لأنَّ الصَّفحَ لا لومَ فيه ولا تَثريبَ.
هذه الآيةُ نزلَتْ في شأنِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ حين حلفَ أنْ لا يُنْفِقَ على مِسطَحٍ ابنِ خالتِه لخوضِه في أمْرِ عائشةَ، وكان مسكينًا بدريًّا مهاجِرًا، فلمَّا تلاها النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- على أبي بكرٍ قالَ: بلى أحِبُّ أنْ يغفرَ اللهُ لي، وردَّ على مِسطحٍ نفقتَه.
وقَولُهُ: (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ): غفورٌ، أي كثيرُ المغفرةِ، وقد تقدَّمَ الكلامُ على ذلك،
في هذه الآياتِ وصفُه -سُبْحَانَهُ وتعالَى- بالعفوِّ والغفُورِ، وفيها الحثُّ على الصَّفحِ والعفوِ ومكارمِ الأخلاقِ ومعالِي الأمورِ، وفيها أنَّ ما ذُكِرَ سببٌ للمغفرةِ، وفيها دليلٌ على أنَّ الجزاءَ من جنسِ العملِ، والأدلَّـةُ على ذلك في الكتابِ والسُّنَّةِ كثيرةٌ، وفيها حِلمُ اللهِ -سُبْحَانَهُ- وكرمُه ولطفُه بعبادِه مع ظُلمهِم لأنفسِهم،
وفيها إثباتُ فعلِ العبدِ وأنَّه فاعلٌ حقيقةً، والرَّدُّ على المجبرةِ الَّذين يزعمونَ أنَّ العبدَ لا فِعلَ له، وإنَّما يُنسبُ إليه الفعلُ على جهةِ المجازِ، ولو كان الأمرُ كما يزعمونَ لم يُؤمرْ بما ذُكِر، ولم يُنسبْ إليه الفعلُ، ولم يعاقَبْ على سوءٍ، وقَولُهُم باطلٌ تردُّه أدلَّةُ الكتابِ والسُّـنَّةِ، بل الفطرةُ والعقلُ وطردُه يَخْتلُّ به النِّظامُ، ولا يمكنُ أنْ تعيشَ عليهِ أمَّةٌ أبدًا.
قال ابنُ القيِّمِ رحمهُ اللهُ تعالى: ثمَّ ختَمَ الآيةَ بصِفَتينِ من صفاتِه -سُبْحَانَهُ- مُناسِبتين لِما تضمَّنته، فقال: (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ففيه إشارةٌ إلى أنَّ كُلَّ اسمٍ يناسِبُ ما ذُكِرَ معه واقترَنَ به من فعلِه وأمرِه سُبْحَانَهُ، وفيها أنَّ أسماءَ الرَّبِّ مشتقَّةٌ من أوصافٍ ومعانٍ قامتْ به سُبْحَانَهُ، فهي أسماءٌ وهي أوصافٌ وبذلك كانت حُسنى، إذ لو كانتْ ألفاظًا لا معانيَ لها لم تكنْ حُسنى، ولا كانتْ دالَّـةً على المدحِ ولا الكمالِ، ولَسَاغ وقوعُ أسماءِ الانتقامِ والغضبِ في مقامِ أسماءِ الرَّحمةِ والإحسانِ، فيُقالُ اللهمَ إنِّي ظلمتُ نفسي فاغفرْ لي إنَّك أنتَ المنتقمُ، ونحوُ ذلك، ونفيُ معاني أسمائِه -سُبْحَانَهُ وتعالَى- من أعظمِ الإلحادِ فيها.انتهى.

  #9  
قديم 6 رجب 1447هـ/25-12-2025م, 09:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,419
افتراضي شرح العقيدة الوسطية للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)

وصف الله بالعفو والمغفرة والرحمة والعزة والقدرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد: فهذه صلة للكلام على ما يثبت لله جل وعلا من الصفات، صفات الذات.
يعني الصفات الذاتية الملازمة لله جل وعلا والتي لا تنفك عنه سبحانه وتعالى.
والصفات الفعلية التي يتصف بها في حال دون حال بمشيئته وقدرته.
وهذه الآيات فيها إثبات جملة من هذه الصفات، ففيها:
إثبات صفة العفو لله جل وعلا
وإثبات صفة المغفرة لله جل وعلا
وإثبات صفة العزة لله جل وعلا

وفيها أن الله جل وعلا يتسمى بالأسماء الحسنى المتضمنة للعلمية وللصفات كما قال جل وعلا: {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} وقوله: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ} قال: {ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ} وهذا كثير من أن الله جل وعلا يعرف عباده بصفاته وبأسمائه الحسنى بما يخاطبهم به من الأوامر والنواهي.
وفي هذه الآيات إثبات صفة العزة لله جل وعلا وأهل السنة والجماعة بابهم في هذا باب واحد يثبتون هذه جميعا لله جل وعلا، فما أثبته الله جل وعلا لنفسه من الصفات أثبتوه وما نفاه نفوه وما سمى نفسه به من الأسماء الحسنى سموه به جل وعلا وما نفاه عن نفسه نفوه.
فالباب عندهم باب واحد في الصفات لا يفرقون بين صفة وصفة ولا بين نص ونص لأن الباب باب واحد في ذلك جميعا لأن الآية أو الحديث إذا ثبت أنه من آيات الصفات أو من أحاديث الصفات فإنهم يجرون عليه قاعدة الإثبات لما تضمنه من الأسماء والصفات والأفعال..
وأهل السنة والجماعة بابهم في هذا باب واحد يثبتون هذه جميعا لله جل وعلا، فما أثبته الله جل وعلا لنفسه من الصفات أثبتوه وما نفاه نفوه وما سمى نفسه به من الأسماء الحسنى سموه به جل وعلا وما نفاه عن نفسه نفوه فالباب عندهم باب واحد في الصفات لا يفرقون في ذلك بين صفة وصفة ولا بين نص ونص لأن الباب باب واحد في ذلك جميعا، لأن الآية أو الحديث إذا ثبت أنه من آيات الصفات أو من أحاديث الصفات فإنهم يجرون عليه قاعدة الإثبات لما تضمنه من الأسماء والصفات والأفعال.
في الآية الأولى فيها إثبات صفة العفو لله جل وعلا.

قال سبحانه في سورة النساء {إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا}
سمى الله جل وعلا هنا نفسه بأنه العفو قال: {فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} ومن أسماء الله الحسنى العفو، وكذلك قال: {قديرًا} ومن أسماء الله جل وعلا الحسنى القدير
فهو سبحانه قدير وعفو وعفوه جل وعلا لا عن ضعف ولكن عن قدرة وعزة وعظمة وجلال.
وقوله هنا {أو تعفوا عن سوءٍ} يعني أن لا تؤاخذوا من أتى بالسوء في حقكم أن لا تؤاخذوه بذلك بل تمحوا ذلك ولا ترتبوا أثر السوء الذي أصابكم على من أتى به بل تعفون عن ذلك ولا تعاقبوا من أتى به
وهذه هي صفة العفو، لأن العفو معناه (عدم المؤاخذة بالفعل)
وهذا إنما يكون لمن يملك المؤاخذة، فالعفو صفة من صفات الجمال لله جل وعلا.
ويكون العفو كمالا إذا كان عن غير عجز، إذا كان العفو عن قدرة وعن استطاعة في إنفاذ العقوبة كان العفو كمالا لأنه يكون عن عزة.
وقد يعفو الضعيف فيكون عفوه عن ضعف لا عن قدرة والله جل وعلا له من الصفات العلا وله من الأسماء الحسنى فله صفة العفو، وهو أنه لا يؤاخذ المذنب بجريرته على ما دلت عليه النصوص من قيود وشروط في ذلك، ولا يؤاخذه بذلك بل يمحو ذلك عنه ولا يعاقبه لعفوه عنه جل وعلا وذلك لقدرته.
ولهذا قال هنا {فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} يجمع بين العفو وقدرته على إنفاذ العقوبة.
وهذا بخلاف صفة المغفرة وصفة قبول التوبة، فإن الله جل وعلا من أسمائه العفو ومن أسمائه الغافر والغفار والغفور ومن أسمائه جل وعلا التواب.
وهذه تختلف ليس معناها واحدا، بخلاف من قال إن معنى العفو والغفور معناهما واحد هذا ليس بصحيح بل الجهة تختلف والمعنى فيه نوع اختلاف مع أن بينهما اشتراكا.

فكما ذكرت لك العفو (عدم المؤاخذة بالجريرة، عدم المؤاخذة بالسيئة) يسيء وسيئته توجب العقوبة فإذا لم يؤاخذ صار عدم مؤاخذته بذلك عفوا.
وأما المغفرة فهي (ستر الذنوب) أو (ستر أثر الذنوب).
وهذا جهته أخرى غير تلك، لأن تلك فيها ترك المعاقبة على الفعل وهذا ستر دون تعرضٍ للعقوبة.
والتواب هو (الذي يقبل التوبة عن عباده) ومعنى ذلك أنه يمحو الذنب ولا يؤاخذ بالسيئات إذا تاب العبد وأتى بالأسباب التي تمحو عنه السيئات.
فإذن هذه ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى لكل اسم دلالته غير ما يدل عليه الاسم الآخر
هنا في هذه الآية قال: {فإنّ اللّه كان عفوًّا قديرًا} يعني لا يؤاخذ العباد بجرائرهم ولا يوقع العقوبة بهم على ما فعلوا إذا شاء ذلك وذلك لكمال عفوه وكمال قدرته سبحانه.
ولولا عفوه جل وعلا لفسدت الأرض ولهلك الناس لأن العباد ما من لحظة فيها إلا وهم يستحقون عليها العقوبة.
لأن الشرك أكثر من الإيمان وأهل الإشراك أكثر من أهل الإيمان
والأرض من أزمان طويلة منذ أن تنسخ العلم وفترته قبل رسالة نوح عليه السلام فقد عم فيها الشرك وعم فيها الكفر حتى أتى نوح عليه السلام وأرسله الله جل وعلا فطهر الله جل وعلا الأرض من الكافرين استجابة لدعاء نوح {رّبّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} فطهر الله جل وعلا الأرض بالتوحيد ثم عاد بعد ذلك الشرك.
والشرك أكثر في الأرض ولو يؤاخذ الله جل وعلا الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة وهذا جاء في آيات في سورة النحل وفي سورة فاطر
ولهذا متعلّق العفو عند أهل العلم هو الذنوب، فإن الذنوب موجبة للعقوبة كما قال جل وعلا: {وما أصابكم مّن مّصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} يعني لا يأتيكم بالمصائب التي هي بسبب ذنوبكم وعدم الإتيان هو بسبب العفو.

وقال جل وعلا: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ}
فالعبد إذا عفا وصفح عن المذنب الذي أذنب في حقه فإن الله جل وعلا يغفر له وهذه نزلت في امتناع أبي بكر من النفقة على قريبه مسطح ونزل فيها هذه الآية وعفا بعد ذلك أبو بكر عن مسطح وذلك رغبة فيما وعد الله جل وعلا به في هذه الآية.
قال: {واللّه غفورٌ رحيمٌ} وغفور هذا مبالغة للكثرة يعني كثير المغفرة
لأن غفور فعيل من غافر، وغافر اسم فاعل المغفرة والمغفرة (ستر الذنب)
فلا يفضح الله جل وعلا العبد بذنوبه ولا يخزيه بل يغفر له ذلك ويستره إذا طلب المغفرة
وإذا كان مع طلب المغفرة، مع طلب الستر، إذا كان معه توبة وإنابة إلى الله جل وعلا محيت تلك السيئات، فيكون سترها بمعنى محوها أن توجد في صحائف أعماله، وهذا كما قال جل وعلا: {وإنّي لغفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثمّ اهتدى}.
بل قد يبدل الله جل وعلا بالتوبة السيئات حسنات كما قال جل وعلا: {إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا فأولئك يبدّل اللّه سيّئاتهم حسناتٍ وكان اللّه غفورًا رحيمًا () ومن تاب وعمل صالحًا فإنّه يتوب إلى اللّه متابًا}.
من المعلوم أن عدم المؤاخذة وعدم العقوبة هذا يشترط له الإسلام فإن المشرك ليس بداخل في أثر هذا الاسم في الآخرة ويدخل في أثره في الدنيا لأن الله لا يعاجله بالعقوبة في الدنيا.
قد يكون المشرك يشرك ثم يموت ولم ير عقابه.
وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بخامة الزرع التي تتكفأها الرياح مرة ها هنا ومرة هنا والكافر يأتيه الموت مرة واحدة فيكسره عن ذلك.
يعني أن العفو أثره في المسلم وأما المشرك فليس من أهل العفو في الآخرة - يعني جنس المشرك لا المشرك المعين -.

وأما في الدنيا فإن العفو كما ذكرت لك وسع أهل الأرض جميعا، ولو لم يعف الله جل وعلا عنهم لعاجلهم بالعقوبة.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بصفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir