ومن سورة الضحى
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {والضّحى... واللّيل إذا سجى...}.
فأمّا الضحى فالنهار كله، والليل إذا سجى: إذا أظلم وركد في طوله، كما تقول: بحر ساج، وليل ساج، إذا ركد وسكن وأظلم.
وقوله عز وجل: {ما ودّعك ربّك وما قلى...}.
نزلت في احتباس الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة [ليلة]، فقال المشركون: قد ودّع محمدا صلى الله عليه وسلم ربّه، أو قلاه التابع الذي يكون معه، فأنزل الله جلّ وعزّ: {ما ودّعك ربّك} يا محمد، {وما قلى} يريد: وما قلاك، فألقيت الكاف، كما يقول: قد أعطيتك وأحسنت
[معاني القرآن: 3/273]
ومعناه: أحسنت إليك، فتكتفى بالكاف الأولى من إعادة الأخرى، ولأن رءوس الآيات بالياء، فاجتمع ذلك فيه.
وقوله عز وجل: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى...}.
وهي في قراءة عبد الله: "ولسيعطيك [ربك فترضى]" والمعنى واحد، إلا أن (سوف) كثرت في الكلام، وعرف موضعها، فترك منها الفاء والواو، والحرف إذا كثر فربما فعل به ذلك، كما قيل: أيشٍ تقول، وكما قيل: قم لا باك، وقم لا بشانئك، يريدون: لا أبالك، ولا أبا لشانئك، وقد سمعت بيتاً حذفت الفاء فيه من كيف، قال الشاعر:
من طالبين لبعران لنا رفضت * كيلا يحسون من بعراننا أثرا
أراد: كيف لا يحسون؟ وهذا لذلك.
وقوله عز وجل: {ألم يجدك يتيماً فآوى...}.
يقول: كنت في حجر أبي طالب، فجعل لك مأوى، وأغناك عنه، ولم يك غني عن كثرة مال، ولكنّ الله رضّاه بما آتاه.
وقوله عز وجل: {ووجدك ضالاًّ فهدى...}.
يريد: في قوم ضلاّل فهداك {ووجدك عائلاً}: فقيرا، ورأيتها في مصاحف عبد الله "عديما"، والمعنى واحد.
وقوله عز وجل: {فأغنى...} و"فآوى" يراد به (فأغناك) و(فآواك) فجرى على طرح الكاف لمشاكلة رءوس الآيات. ولأنّ المعنى معروف.
وقوله عز وجل: {فأمّا اليتيم فلا تقهر...}.
فتذهب بحقه لضعفه، وهي في مصحف عبد الله "فلا تكهر"، وسمعتها من أعرابي من بني أسد قرأها عليّ.
[معاني القرآن: 3/274]
وقوله عز وجل: {وأمّا السّائل فلا تنهر...}.
السائل على الباب يقول: إمّا أعطيته، وإمّا رددته ردًّا لينا.
وقوله تبارك وتعالى: {وأمّا بنعمة ربّك فحدّث...}.
فكان القرآن أعظم نعمة الله عليه، فكان يقرؤه ويحدث به، ويغيره من نعمه.