كمثال هذه المشاركة
(1) كَمَا دَلَّ عليه قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} (الحَدِيد: 3)، وَقَوْلُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: " أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ".
لَكِنَّ كَلِمَةَ (قَدِيمٌ) لا تُطْلَقُ على اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا مِن بابِ الخَبَرِ، أَمَّا من جِهَةِ التَّسْمِيَةِ فَلَيْسَ من أَسْمَائِهِ القديمُ، وَإِنَّمَا مِن أَسْمَائِهِ: الْأَوَّلُ، والْأَوَّلُ لَيْسَ مثلَ القَدِيمِ؛ لأنَّ القديمَ قد يَكُونُ قَبْلَهُ شَيْءٌ، أمَّا الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ)، لَكِنَّ المُؤَلِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ احْتَاطَ فقالَ: (قَدِيمٌ بلا ابْتِدَاءٍ)، أَمَّا لو قالَ: (قَدِيمٌ) وَسَكَتَ، فهذا ليسَ بِصَحِيحٍ في المَعْنَى.
(2) الفناءُ والبَيْدُ بمعنًى وَاحِدٍ، فاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى موصوفٌ بالحياةِ الباقِيَةِ الدَّائِمَةِ، قالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} (الفُرْقَان: 58).
فاللَّهُ لا يَأْتِي عليهِ الفناءُ، قالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (القَصَص: 88)، وقالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (الرَّحْمَن: 26، 27).
فَلَهُ البقاءُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالخَلْقُ يَمُوتُونَ ثم يُبْعَثُونَ، وكانوا في الأَوَّلِ عَدَمًا, ثم خَلَقَهُم اللَّهُ، ثم يَمُوتُونَ, ثم يَبْعَثُهُم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
فاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ لَهُ بِدَايَةٌ, وليسَ لهُ نِهَايَةٌ.
(3) هذا فيهِ إثباتُ القدرِ وإثباتُ الإرادةِ، فلا يكونُ فِي مُلْكِهِ ولا يَحْصُلُ في خَلْقِهِ من الحوادثِ والكائناتِ إِلَّا ما أَرَادَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالإرادةِ الكونيَّةِ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس: 82)، فَكُلُّ خَيْرٍ وَكُلُّ شَرٍّ فَهُوَ بإرادةِ اللَّهِ الكَوْنِيَّةِ، فلا يَخْرُجُ عن إرادتِهِ شَيْءٌ، وهذا فيهِ رَدٌّ على القَدَرِيَّةِ الذينَ يَنْفُونَ القدرَ، وَيَزْعُمُونَ أنَّ العبدَ هو الذي يَخْلُقُ فِعْلَ نفسِهِ وَيُوجِدُ فِعْلَ نَفْسِهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ، وهذا تَعْجِيزٌ للهِ، وأنَّهُ يكونُ في خَلْقِهِ ما لا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذا وَصْفٌ لَهُ بالنَّقْصِ، فجميعُ ما يكونُ في الكونِ من خيرٍ وشرٍّ فإنَّهُ بِإِرَادَتِهِ، فَيَخْلُقُ الخيرَ لِحِكْمَةٍ، ويَخْلُقُ الشَّرَّ لِحِكْمَةٍ، فهو من جِهَةِ خَلْقِهِ لَهُ لَيْسَ بشَرٍّ؛ لأنَّهُ لِحِكْمَةٍ عظيمةٍ، ولغَايَةٍ عظيمةٍ، وهي الابتلاءُ والامتحانُ، وتَمْيِيزُ الخَبِيثِ من الطَّيِّبِ، والجزاءُ على الأعمالِ الصالحةِ، والجزاءُ على الأعمالِ السيِّئَةِ، لَهُ الحِكْمَةُ في ذلكَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لم يَخْلُقْ ذَلِكَ عَبَثًا.
لو ضغطتِ على الرقمين 1 و 3 ستفتح لكِ صفحة لكنها عديمة النفع
لذا قلت إنها لم تعد تعمل
فتقومين بتظليل النص كله والضغط على أيقونة حذف الروابط