بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه:
السؤال الأول: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك.
ج1 : دين الاسلام دين مبني على الدليل والبرهان وأعظم برهان هو القرآن الكريم, كما قال تعالى : (ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين). والعلم بالقرآن والايمان به ركن من أركان الايمان , وفي القرآن جعل الله العلم والايمان شرطين لإقامة الدين. من قام بهما أقام دين الله ومن ترك أحدهما فقد خاب وخسر, فبالعلم يعرف هدى الله عز وجل وبالإيمان يتبع هذا الهدى, لتحصل العاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة.
السؤال الثاني: ما يعتري طالب العلم من الفتور على نوعين؛ بيّنهما.
ج2 : يعتري طالب العلم نوعين من الفتور, هما :
الأول : فتور طبعي, وهو ما جبل عليه ابن آدم من الضعف والتقصير , وقد قال الله تعالى وهو سبحانه الخبير بخلقه : (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما).
وهذا النوع لايلام عليه الانسان , لقوله صلى الله عليه وسلم : (لكل عمل شرة ولكل شرة فترة, فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى, ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك). وهنا يتضح أن الفتور طبعي لكن بشرط ألا يؤدي الى مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني : الفتور الذي يلام عليه العبد, وهو الفتور الذي يكون سببه ضعف اليقين وضعف الصبر.
وضعف اليقين بما أعد الله للمؤمنين من نعيم وما أعد للكافرين من عذاب مهين, من أكبر أسباب الفتور, وذلك لضعف التصور الذي يورث العزيمة والارادة والعمل.
وضعف الصبر على الطاعات وعن المعاصي وعلى أقدار الله المؤلمة سبب أيضا للفتور, ولذلك جعل الله الصابرين من أحبابه فقال : (والله يحب الصابرين) حثا منه سبحانه على الصبر, بل جعل تلك الصفة من أسباب دخول الجنة فقال : (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
السؤال الثالث: وجّه رسالة في سبعة أسطر لطالب علم افتتن بأمور تثبّطه عن طلب العلم وتصرفه إلى الدنيا وملذاتها.
ج3: أقول : أخي .. لاشك أننا نتمنى جميعا رضا الله ودخول الفردوس الأعلى, إلا أن هاتين الغايتين العظيمتين لا تحصل بالأماني وانما تحصل بالعمل الذي يشترط فيه خصلتين هما الاخلاص لله تعالى والاتباع لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وهذا لا يكون إلا بمعرفة هذين الأصلين معرفة دقيقة, فإذا عرف العبد ذلك وامتلأ به قلبه ازدادت الحاجة للثبات على ذلك حتى يلقى الله غير محرف ولا مبدل, وهذا لا يكون إلا بالاستمرار على التزود من هذا العلم الذي يزيده يقينا ثم عزيمة ثم إرادة ثم عملا صالحا نافعاً بإذن الله تعالى.
السؤال الرابع: اذكر سبعة أسباب للفتور مع التوضيح الموجز لكل سبب.
ج4: من أسباب الفتور :
1: العجب : وهو ماحق للعلم متلف للهمة, لأن صاحبه لم يعرف نعمة الله عليه, ولم يثني بها على الله سبحانه الذي أنعم بها عليه, فتراه ينظر إلى غيره نظرة احتقار وازدراء, وهذا يورث الحسد إن زاد عليه أحدهم بمزية أو فضيلة.
2. الرياء: وهو ارادة غير الله بهذا العمل, ومن أراد غير الله بعمله فقد حكم على نفسه بأمرين عظيمين, إثبات الحجة على نفسه بما لديه من علم خالفه, والفتور عن العمل عند غياب الذين يرائيهم دون الله تعالى.
3. الذنوب : سبب للفتور عن الطاعات ومن أعظمها طلب العلم, فإذا طان النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه), فكيف بالعلم بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم, والذي هو أشرف مطلوب وأعلى مرغوب.
4. تحميل النفس فوق طاقتها: قد يؤدي إلى العجز عن ادراك المطلوب كله فيؤدي إلى نتائج عكسية لطالب العلم ومنها الفتور والتراجع عن طلب العلم.
5. الموازنات الجائرة: فطالب العلم لا يقارن نفسه إلا بمن يراه في مستواه العلمي والتحصيلي, لأن المقارنة بالعلماء المتمرسين قد يؤدي إلى الاحباط وأنه لم يدرك من العلم شيئا فيعود من حيث أتى.
6. الرفقة : سواءا كانت سيئة أو مثبطة, فطالب العلم ينظر في الغايات ولا يرافق في طريقه إلا من يعينه على بلوغ تلك الغايات, ومن نظر وجد المعين على ذلك أندر من النادر, فإن لم يجد طالب العلم من يعينه, فلا أقل من أن يصرف نفسه عمن يثبطه ويدعوه إلى الدعة والراحة.
7. عدم التزام منهج واضح قد يؤدي بطالب العلم إلى فقدان بوصلة الطريق, ولذلك ينبغي على طالب العلم عدم التذبذب بين المناهج والمشايخ والكتب, ويجعل له شيخا يجمع بين الورع والتقوى والعلم يكون له نبراسا في طريقه الى المنهج الصحيح.
السؤال الخامس: اذكر سبع وصايا لعلاج الفتور ، مع التوضيح الموجز لكل وصية.
ج5: من الوصايا لعلاج الفتور :
1. العمل الجاد على تحصيل الصبر واليقين, فبالصبر واليقين تنال الامامة في الدين, فزيادة اليقين تورث العزيمة والعمل وزيادة الصبر تورث الاستمرار على العمل. وقد ثبت عن بعض الصحابة أنه قال : (والله لو رأيت الجنة والنار رأي عين مازددت في عملي شيئا), لأنهم بلغوا من اليقين مبلغا عظيما. وأما الصبر فإنما ينال بالتصبر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ومن يتصبر يصبره الله).
2. الفرح بفضل الله وشكره على نعمه سبب في ازديادها, كما قال تعالى : (ولئن شكرتم لأزيدنكم).
3. الاعراض عن اللغو وفضول الطعام والشراب والنوم والمخالطة, كلها أسباب لقوة العزيمة وتفريغ القلب للمهمات من العلوم.
4. تنظيم الوقت والرضى بالقيل الدائم, فلا يكون طالب العلم كالمنبت لا ظهرا أبقى و لا أرضا قطع.
5. الحرص على تزكية العلم وبذله فهو أبقى وسبب لازدياده وبركته, والعلم في الصدر كالحليب في الضرع, إن تحلبه در وإن تتركه قر.
6. قراءة سير السابقين من أهل الهمة العالية في الرحلة لطلب العلم والصبر عليه.
7. أن يجعل العبد بينه وبين الله خبيئة يدعوه بها كبر الوالدين وصلة الأرحام والقيام على الأرامل والأيتام.