المجموعة الثانية :
س1: كيف يتحلى طالب العلم بعزّة العلماء؟ وما التوجيه في أمر دعوة أهل الدنيا؟
يجب على طالب العلم مطالعة سير العلماء, وتراجمهم, ليتعرف على ما تحلوا به من أخلاق, وكيف صانوا ما حملوه من علم, ولم يعرضوه للمهانة, ورفعوا قدره, وعظموا شأنه, فرفعهم الله في الدنيا, وأبقى ذكرهم بين الناس, حتى بعد رحيلهم عن الدنيا, والتحلي بعزة العلماء فيه صيانة للعلم الذي يحمله الطالب, وفيه حماية جناب عزه وشرفه, فلا يجعل نفسه مطية يركبها الأمراء وأصحاب الجاه أو المال, لتجويز اعمالهم, فيشتغل بالمداهنة في دين الله, ويقبض عليه أجرا, فيذل ويخزى, وعليه كذلك ألا يجعل من نفسه محل سخرية واستهزاء, بعرض ما لديه من علم على أهل الدنيا, المتعلقة قلوبهم بها, فيهين نفسه, ويهين علمه, بل عليه الترفع عن هذا, ففيه حفظ للعلم, وقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى:"العلم يؤتي ولا يأتي", وقال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:"حق الفائدة أن لا تساق إلا إلى مبتغيه, ولا تعرض إلا على الراغب فيها", كما إن هذا حفظ لنفسه من الفتن و التأثر بمغريات اهل الدنيا وزينتها, وقد يستثنى من هذا, العالم صاحب المكانة في قلوب الناس, والذي إذا دخل على هذا الصنف, رحبوا به, واستمعوا لكلامه, وأولوه إهتمامهم, فهذا ينبغي له ان يفعل هذا, ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, وينشر الخير, ويعلم الدين, ويظهر الحق, أما إن كان غير ذلك, فرأى منهم تملل, واستهزاء, وغمزو ولمز, فعليه بترك المكان, وعدم الرجوع, ولكل مقال مقام.
س2: التعامل مع الكتاب يكون بأمور لتتحقق لك الاستفادة منه، اذكرها.
التعامل مع الكتاب يكون بأمور, منها ما يخص الكتاب نفسه, ومنها ما يتعلق بأمر خارجي عنه, فالأمور التي تتعلق بالكتاب هي:
أولا: يجب عليه أن يبدأ يعرف الموضوع الذي يتكلم عنه الكتاب, حتى تتم له الإستفادة منه, وينفعه ذلك إن أراد التخصص في فن ما, كما إن فيه حفظ للوقت.
ثانيا: النعرف على معاني المصطلحات التي استخدمها المؤلف, ليتحقق للقارئ الفهم التام للكتاب, وهذا عادة يجده القارئ في مقدمة الكتاب, فمثلا:قول صاحب بلوغ المرام"متفق عليه", فهو يعني وجود الحديث في صحيح البخاري ومسلم.
ثالثا: معرفة اسلوب الكتاب وعباراته, فقد تمر بالقارئ بعض العبارات التي تحتاج منه إلى توقف وتأمل, ليفهم المراد منها, وقد يكون عليه إعادة قراءة الكتاب, حتى يألف هذه المفردات, وتصبح هينة يسيرة, كما هو الحال في كتب شيخ الإسلام والتي قد يجد القارئ صعوبة في فك عباراتها إن لم يكن قد تعود على قراءة كتبه.
أما ما يتعلق بالأمور الخارجية, فهي:
أولا: التعليق بالهوامش أو الحواشي, فيكتب المسائل والفوائد التي تمر بهو ويخشى من نسيانها, فيقتنصها, ويقيدها, فإذا مرت بالطالب مسألة, وأشكلت عليه مثلا, رجع إلى مصادر أوسع, فإن بانت له, قيد الأقوال والفوائد التي حصلها, أو إذا كان الكتاب مختصا بمذهب فقهي معين, يقيد أقوال المذاهب الأخرى في حكم المسألة, ليسهل عليه حصرها في مكان واحد, أو ما يسمعه من الشيخ عند شرح الكتاب, مما يسهل نسيانه, فيقيده في الهامش الذي هو عن اليمين أو الشمال, أو الحاشية, التي تكون في اسفل الصفحة.
ثانيا: تلخيص الكتاب, وهذا فيه فوائد كثيرة من تثبيت المعلومات الموجود فيه, وسهولة الرجوع إليه, لكن لا يتعرض لنشره إلا إذا دعت الحاجة لذلك, حتى لا يهجر الناس الأصل, ويتعلقون بالمختصر الذي قد يكون اختصاره مخلا من بعض الجوانب.
س3: ما المقصود باللحن؟
اللحن هو الميل, ويكون في اللفظ والكتب, سواء كان في قواعد التصريف, أو في قواعد الإعراب, فعدم اللحن ذوق وصفاء, ويجعل الإنسان يقف على المعاني في الكلام, بعكس من يتكلم ويلحن, ولا يميز الخطأ من الصواب, فهذا لم يفهم الكلام, ولم يرى ما فيه من بلاغة وذوق ومعان, لذلك قال عمر رضي الله عنه:"تعلموا العربية فإنها تزيد من المروءة", فكلما كان الإنسان أعلم بالعربية, كان أكثر مروءة, وكان بعض السلف يضرب الصبيان على اللحن, وكانوا ينهون عن رطانة الأعاجم, فيجب على طالب العلم أن يتعلم قواعد النحو ليستقيم لسانه, ويزداد فهمه لما يقرأ, ويتنبه لما يتكلم به.
س4: ما موقفك من وهم من سبقك؟
يكون التصرف إن حدث هذا من جهتين:
الجهة الأولى: تتعلق بي شخصيا, فلا أفرح لخطأ العالم, ولا اشمت, ولا أعتقد في نفسي أني أعلى منه مرتبة, وأكثر علما, بل لا يفرح بهذا إلا حاسد معتدي, يريد ان يتصيد اخطاء العلماء ليشهر بهم, وهذا من أخس ما يكون, بل يجب إلتماس العذر لهم, فلا معصوم إلا من عصمه الله سبحانه وتعالى, والعالم خاصة إذا كترت مؤلفاته, قد يتعرض للخطأ والوهم, بدون قصد منه, أو قد يكون قد أخذ هذا القول ممن يثق فيه من مشايخه ممن عنده بعض المخالفات لعقيدة اهل السنة, فنقله عنهم لثقته بهم, فيجب إلتماس العذر, وحفظ مكانة العلماء, وعدم التشهير بهم, حتى لا يدع الناس الأخذ عنهم, أو يفقدوا ثقتهم بالعلماء من حيث العموم.
الجهة الثانية: خاصة بالخطأ نفسه, فهنا يجب تصحيح الخطأ وعدم السكوت عليه, لأن العلم أمانة, ولا يراعى أحد لمكانته ولا لفضله, على حساب السكوت عن خطأ صدر منه, لكن تبقى الطريقة التي يبين بها هذا الخطأ, فينظر للمصلحة, من حيث ذكر اسمه, أو مجرد التنويه بالخطأ وتصحيحه, بدون نسبته إلى قائله, فإن كان ممن يثق فيه الناس, وله مكانة عظيمة في قلوبهم, فلعل الأفضل التنويه بالخطأ بأن يقال:"وهم من قال كذا", أو ما اشبه ذلك, ولكل مقام مقال, فهنا القصد تصحيح الخطأ, وبيان الحق, حتى لا يحصل كتمان للعلم بأي طريقة كانت.