بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثانية:
1. حرّر القول في معنى العود في قوله تعالى: {ثم يعودون لما قالوا}.
اختلف السلف في معنى العود في هذه الآية على أقوال:
- فقيل : هو ان يعود إلى الجماع أو يعزم عليه ، فلا تحل له حتى يكفّر بهذه الكفارة ؛ وهو الراجح.
وهذا قول الإمام أحمد واختاره مالك وهو قول سعيد بن جبير.
وأصحاب هذا القول منهم من أوجب الكفارة المذكورة بمجرد العزم ومنهم من قال العود معناه حقيقة الوطء كالحسن وحجتهم قوله : (ثم يعودون لما قالوا) قالوا: والذي قالوا إنما هو الوطء.
- وقيل : أن يمسكها زوجة بعد الظهار زمانا مع القدرة على الطلاق فلا يطلق ، وهو قول الشافعي وحكي عن مالك.
- وقيل: أن يعود إلى الظهار بعد تحريمه ، وهو قول أبو حنيفة وإليه ذهب أصحابه والليث.
- وقيل : هو أن يعود إلى لفظ الظهار فيكرره، وهو قول باطل، وهو اختيار ابن حزم وداوود وغيرهما.
والقول الأول هو أرجح الأقوال.
2.*فسّر قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)}*المجادلة.
يقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين ومؤدبا وموجها لهم : إذا تساررتم فلا تتحدثوا بالإثم والعدوان ومخالفة الرسول وتسارّوا بينكم بفعل الخيرات والتقوى واجتناب المحرمات واتقوا الله الذي إليه تجمعون فيخبركم بجميع أعمالكم ويجزيكم بها ،
ويبين سبحانه لعباده أن تناجي أعداء المؤمنين بالمؤمنين بالمكر والخديعة إنما هو من تزيين الشيطان ليوقع الحزن في قلوب المؤمنين لما يحصل لهم من التوهم أنها مكيدة يكادون بها ، فمن أحس من ذلك شيئا فليستعذ بالله وليتوكل عليه فهو كافيه.
3. بيّن معنى الظهار وحكمه.
معنى الظهار: أصل الظهار مشتق من الظهر ، وكانوا في الجاهلية إذا تظاهر أحد من امرأته قال لها أنت علي كظهر أمي ، وكان المعتاد عندهم في هذا اللفظ الظهر ولهذا سمّاه الله ظهارا ،
وفي الشرع: كان الظهار في سائر الأعضاء قياسا على الظهر.
حكمه : كان الظهار عند الجاهلية طلاقا ، وأرخص الله لهذه الأمة وجعل فيه كفارة ولم يجعله طلاقا ، ولفظه: أن يقول الرجل لامرأته : أنت علي كظهر أمي ، أو غيرها من محارمه.
قال سعيد بن جبير: كان الإيلاء والظهار من طلاق الجاهلية ، فوقّت الله الإيلاء أربعة أشهر ، وجعل في الظهار الكفارة.
4.*استدلّ على شرط الإيمان في الرقبة المعتقة في كفّارة الظهار.
قال ابن كثير : الرقبة هنا مطلقة غير مقيدة بالإيمان ، وفي كفارة القتل - اي في آية القتل- قيّدت بالإيمان ، فحمل الشافعي رحمه الله ما أطلق ها هنا على ما قيّد هناك لاتحاد الموجب وهو عتق رقبة.