السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
في الآية فوائد جمة عظيمة، منها:
1- أن مهمة الرسل البشارة لمن آمن بالله برضوان الله والجنة، والنذارة لمن جحد واستكبر وأعرض عن الحق بالنار والعذاب الأليم كما قال تعالى إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فحري بالمؤمن أن يمتثل بما جاء به المرسلون ليفوز بهذه البشارة وينجو من العذاب المقيم.
2- أن الرسل عليهم هداية الدلالة والإرشاد كما قال تعالى في حق نبينا: " إن عليك إلا البلاغ" وهو مفهوم قوله تعالى في هذه الآيه: " وَلَا تسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ"، أما هداية التوفيق والإلهام فبيد الله وحده، وإدراك العبد لذلك وتفريقه بين نوعي الهداية يسوقه إلى التعلق بالله وحده واللجأ إليه في طلب الهداية لنفسه أو لمن يحب مع التمسك بما أرشد إليه المرسلون.
3- في قوله تعالى: "وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ" نهي عن السؤال عن أحوال أهل النار كما جاء في الحديث أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ليت شعري ما فعل أبواي، ليت شعري ما فعل أبواي، ليت شعري ما فعل أبواي؟ ". فنزلت: {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} فما ذكرهما حتّى توفّاه اللّه، عزّ وجلّ، فالخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عام للأمة من بعده أن يحذروا من السؤال عن أحوال الموتي من أهل النار.
4- في قوله تعالى: "وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ" نهي على جهة التفخيم والتعظيم لحالهم من العذاب، وفي هذا تخويف شديد وتهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه الإعراض عما جاء به المرسلون بالعذاب الأليم الذي يبلغ منتهاه نسأل الله العافية.
5- أن القرآن الكريم جاء بالترغيب والترهيب كما دل عليه قوله تعالى: "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا" وهذه هي طريقة المرسلين الذين أمرهم الله بها فينبغي لكل داعية إلى الله أن يحرص على الجمع بين الطريقتين في دعوته إلى الله ليحقق التوازن ويجمع بين الخوف والرجاء للمدعوين ليكون أرجى لقبول الحق والعمل به.
.......................................................................................................................................
السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
في مبتدأ هذه الآيات المباركة إخبار من الله تعالى عن شأن طائفة آمنوا بالله ورسوله وبما أنزل عليهم من ربهم من كتاب، فأثني عليهم بقوله: "الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ" أي يحسنون قراءته ويؤمنون به ويتبعونه حق الاتباع؛ وذلك بامتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه، فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويحفظونه من التحريف والتأويل فهؤلاء هم الذين ينطبق عليهم اسم الإيمان والتصديق حقا، وعلى النقيض من ذلك جاءت ختام الآية لذم الذين كفروا بالله وبرسله وكتبه وبيان عاقبتهم بقوله: "فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" أي هم الذين لحقهم النقص والخسار في الدنيا وفي الآخرة فكانت النار مصيرهم ومثواهم، وقد اختلف في المقصود بالآية فقيل هم اليهود والنصارى الذين آمنوا بالتوارة وبما فيها، ومن تصديقهم بما جاء فيها تصديقهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن المنزل عليه أما الذين لم يحسنوا الأخذ بالتوراة وبما فيها فإنهم يكفرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم والكتاب المنزل عليه في تفسير الآية قولا آخر وأن المراد أن الذين آمنوا من اليهود والنصارى بالتوارة وبما جاء فيها من الأوامر والنواهي هم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، وهذا اختيار طائفة من المفسرين منهم ابن جرير الطبري؛ لدلالة السياق عليه، وقيل الآية موجهة لمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم من الصحابة الكرام ففيها ثناء عليهم وذم وتوعد بالخسار والحرمان لمن جحد بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم والكتاب المنزل عليه من كفار قريش.
.......................................................................................................................................
2: حرّر القول في:
أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.
اختلف المفسرون في متعلق التطهير في الآية على أقوال:
القول الأول: أن التطهير يراد به التطهير الحسي وهو: إما منعهما من تعليق الأصنام والأوثان والرّفث وقول الزّور والرّجس، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو اختيار الزجاج، وقيل: بلا إله إلّا اللّه من الشرك، وهذا قول عبيد بن عميرٍ، وأبي العالية، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ وقتادة، ذكره ابن عطية في تفسيره وابن كثير في تفسيره، وقيل: هو أمر بالتطهير من عبادة الأوثان وهذا قول مجاهد، ذكره ابن عطية في تفسيره، وقيل: من الفرث والدم. ابن عطية في تفسيره، وقال: وهذا ضعيف لا تعضده الأخبار.
القول الثاني: أن التطهير يراد به التطهير المعنوي وهو بناءه وتأسيسه مطهرا وبنية طهارة، كقوله تعالى: "أسّس على التّقوى" ذكره ابن عطية في تفسيره.
ويمكن الجمع بين القولين فكلاهما مراد والله أعلم.
ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.
اختلف المفسرون في معنى قوله: " كل له قانتون" على أقوال:
القول الأول: {كلٌّ له قانتون} عموم أريد به الخصوص، فأهل طاعته هم القانتون المطيعون له، وهذا قول الفراء.
القول الثاني: {كلٌّ له قانتون} أي مصلين، وهذا قول ابن عباس، ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول الثالث: {كلٌّ له قانتون} أي مقرون له بالعبوديّة، وهذا قول عكرمة وأبو مالكٍ.ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول الرابع: {كلٌّ له قانتون} أي مخلصون وهذا قول سعيد بن جبير.ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول الخامس: {كلٌّ له قانتون} أي قائم بين يديه يوم القيامة، وهذا قول الرّبيع بن أنسٍ.ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول السادس: {كلٌّ له قانتون} أي كل الخلائق مطيعون لربهم يوم القيامة، وهذا قول السّدّيّ.ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول السابع {كلٌّ له قانتون} أي كل الخلائق مطيعون خاضعون منقادون له بالإرادة الكونية والشرعية، فإذا قال كن إنسانًا فكان، وقال: كن حمارًا فكان، والكافر يسجد ظله وهو كاره فتظهر عليهم أثر الصنعة فيدخلون في هذا العموم وهذا هو قول مجاهد، وهو الذي رجحه ابن جرير كما قال ابن كثير حيث قال: "وهو اختيار ابن جريرٍ-يجمع الأقوال كلّها، وهو أنّ القنوت: هو الطّاعة والاستكانة إلى اللّه، وذلك شرعيٌّ وقدري، كما قال تعالى: {وللّه يسجد من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال}، وكذلك هو اختيار الزجاج وابن عطية.
.......................................................................................................................................
3: بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}.
أي لا يمكن دخول الكفار سواء كانوا اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين إلى مساجد المسلمين إلا خائفين من القتل أو الجزية، وفي هذا دلالة على أن أمر المسلمين يظهر على جميع من خالفهم كما قال تعالى: {ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون}.
ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.
القائل هم أهل الكتاب، اليهود والنصارى، والدليل على ذلك من وجهين:
الأول: أن الله جمع وعقد النصارى معهم في قوله: {وقالوا}؛ لأن الفريقين يقرآن التوراة، ويختلفان في تثبيت رسالة موسى وعيسى، فدل تفريق نوعيهم على تفرق قوليهم، وهذا هو الإيجاز واللف.
الثاني: أنه جاز أن يلفظ بلفظ جمع؛ لأن معنى {من} معنى جماعة, فحمل الخبر على المعنى، والمعنى: إلا الذين كانوا هوداً, وكانوا نصارى.