المجموعة الأولى:
السؤال الأول:
اذكر خمس فوائد سلوكية من دراستك لتفسير سورة الماعون، وبيّن وجه دلالة السورة عليها.
1- الإيمان بالبعث والجزاء يعين المسلم على أداء حقوق المجتمع عليه، ومنها حق اليتيم، فقد قال تعالى في صفات الذي يكذب بالدين: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ(2)} أنه يقهر اليتيم ويمنعه حقه ولا يحسن إليه.
2- كما يعينه أيضا على إطعام المساكين والتواصي بذلك حتى تصير سمة للمجتمع المسلم، فقال فيمن يكذب بالدين: { وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)}.
3- الصلاة عماد الدين، وقد توعد الله سبحانه يسهون عن صلاتهم ولا يؤدونها إلا رياء وسمعة، أو بعد فوات وقتها، فقال تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)}.
4- عدم اليقين بالبعث والجزاء يؤدي إلى عدم إخلاص العبادة لله، لذلك توعدهم الله سبحانه بالويل، فعدم الإخلاص سبب لعدم قبول العمل، قال تعالى فيهم: { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)}.
5- أعارة السلم للمسلم ما يعينه في أمور حياته هي صفة نافية للنفاق والرياء، وهي علامة الإيمان بالبعث والجزاء، فقد ذم الله مانعي الماعون؛ وهو كل ما يستعيره الناس من متاع، فقال بالويل لمن يمنع الماعون: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}
السؤال الثاني:
ضع قائمة بأهم المسائل التي اشتملت عليها سورة الفلق، واذكر خلاصة كلام المفسّرين في كل مسألة.
1- اسم السورة:
الاسم الأول: سورة الفلق، ذكره السعدي،
وقد سميت إذا اجتمعت مع سورة الناس بالمعوذتين، ذكره ابن كثير
2- سبب النزول:
القول الأول: مدنية،ذكره ابن كثير
القول الثاني: مكية، ذكره السعدي
3- فضائل السورة:ذكر ابن كثير فضائل كثيرة:
أولا: الرد على من قال أن المعوذتين ليستا من كتاب الله، واستدل بأن عبد الله بن مسعودٍ كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه، وهو مشهور عند كثير من القراء والفقهاء:
أ- أن النبي أمر بقراءتها، كما في القرآن عن طريق الوحي، روى الإمام أحمد والبخاري عن زر بن حبيش، قال: سألت ابن مسعودٍ عن المعوّذتين، فقال: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عنهما فقال: ((قيل لي، فقلت لكم؛ فقولوا)). قال أبيٌّ: فقال لنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فنحن نقول.
ب- لعل ابن مسعود لم يسمعهما من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يتواتر عنده،
ج- لعلّه قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة؛
د- أن الصحابة رضي اللّه عنهم كتبوهما في المصاحف الأئمّة، ونفّذوها إلى سائر الآفاق كذلك.
ثانيا: أنهن آيات لم ير مثلن قط، فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ألم تر آياتٍ أنزلت هذه اللّيلة لم ير مثلهنّ قطّ: {قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس}))، كما رواه أحمد ومسلمٌ أيضاً والتّرمذيّ والنّسائيّ من طرق أخرى، وحسنه وصححه الترمذي.
وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((اقرأ بالمعوّذتين؛ فإنّك لن تقرأ بمثلهما)).
ثالثا: سورتين من خير سورتين قرأ بهما النّاس، أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بهما كلما نمنا أو قمنا، كما روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر عندما وصاه الرسول بالمعوذتين فقال: ((يا عقيب، ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما النّاس؟)). قلت: بلى يا رسول اللّه. فأقرأني: {قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس}، ثم أقيمت الصلاة، فتقدّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ بهما، ثم مرّ بي فقال: ((كيف رأيت يا عقيب اقرأ بهما كلّما نمت وكلّما قمت)).
رابعا: متى نقرأ بهما:
1- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما في صلاة الصبح، كما روى النسائي عن عقبة بن عامر.
2- ما صلي بمثلهما، فقد روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامرٍ، أنه قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أهديت له بغلةٌ شهباء فركبها، فأخذ عقبة يقودها له، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((اقرأ: {قل أعوذ بربّ الفلق})) -فأعادها له حتّى قرأها- فعرف أنّي لم أفرح بها جدًّا؛ فقال: ((لعلّك تهاونت بها؟ فما قمت تصلّي بشيءٍ مثلها)).
3- أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأ المعوذتين دبر كل صلاة؛ روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: "أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن أقرأ بالمعوّذات في دبر كلّ صلاةٍ".
4- أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بهما كلما نمنا أو قمنا، كما في حديث عقبة بن عامر الذي رواه أحمد.
5- كان النبي يقرأ بهما إذا اشتكى، روى الإمام مالك عن عائشة: "أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذتين وينفث، فلمّا اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده عليه رجاء بركتها"، ذكره ابن كثير والأشقر.
6- "كان النبي يتعوذ من أعين الجان والإنسان، فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما"، رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه عن أبي سعيد، حسنه الترمذي، ذكره ابن كثير والأشقر.
7- أن الناس لم يتعوذوا بمثلهما؛ روى النسائي عن عقبة بن عامرٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((إنّ النّاس لم يتعوّذوا بمثل هذين: {قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس}))، وزاد في رواية أخرى: ((ما سأل سائلٌ بمثلها، ولا استعاذ مستعيذٌ بمثلها)).
فهذه طرقٌ عن عقبة كالمتواترة عنه، تفيد القطع عند كثيرٍ من المحقّقين في الحديث.
فالمعوذتان وسورة الإخلاص لم ينزل في التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا الفرقان مثلهن، كما في رواية صديّ بن عجلان، وفروة بن مجاهدٍ عنه: ((ألا أعلّمك ثلاث سورٍ لم ينزل في التّوراة ولا في الإنجيل ولا في الزّبور ولا في الفرقان مثلهنّ؟ {قل هو اللّه أحدٌ}، و{قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس})).
قوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق}
4-متعلق "قل" :
يأمر الله نبيه أن يقول متعوذا، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
5- معنى "أعوذ":
ألجأ وألوذ، وأعتصم، ذكره السعدي.
6- المراد ب"رب الفلق":
خالقه وهو الله، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
7- المراد ب"الفلق":
القول الأول: الصبح،
رواه ابن أبي حاتم عن جابر، ورواه العوفي عن ابن عباس، كما روي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وعبد اللّه بن محمد بن عقيلٍ والحسن وقتادة ومحمد بن كعبٍ القرظيّ وابن زيدٍ ومالكٍ، عن زيد بن أسلم، واستدل القرظيّ وابن زيدٍ وابن جريرٍ: وهي كقوله تعالى: {فالق الإصباح}، واختاره ابن جرير وصوبه وهو اختيار البخاري في صحيحه، فيما ذكر ابن كثير، وذكره السعدي والأشقر.
القول الثاني: الخلق كلهم،
رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وكذا قال الضّحّاك، فيما ذكر ابن كثير، وكذا ذكر الأشقر، ومنه الحب والنوى، ذكره السعدي.
القول الثالث: بيتٌ في قعر جهنّم، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه،
رواه ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار وعن زيد بن علي عن آبائه مثله، وكذا روي عن عمرو بن عبسة والسّدّيّ وغيرهم، ذكره ابن كثير وذكر ما رواه ابن جرير عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الفلق: جبٌّ في جهنّم مغطًّى)). وعلق عليه ابن كثير أن إسناده غريب، ولا يصح رفعه.
القول الرابع: اسم من أسماء جهنم،
قاله أبو عبد الرحمن الحبلي، فيما ذكر ابن كثير.
7- لماذا سمي الفلق:
- على القول بأنه الصبح؛ لأن الليل ينفلق عنه، ذكره السعدي
- على القول بأنه الخلق: لأنه ينفلق عن جميع ما خلق اللَّه من الحيوان والصبح والحب والنوى، وَكلِ شيء من نبات وغيره، ذكره السعدي
8- المراد بالاستعاذة برب الفلق:
الإيماء إلى أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضا أن يدفع عن العائذ به كل ما يخافه ويخشاه، ذكره الأشقر.
قوله تعالى: {من شر ما خلق}
9- المراد ب"ما خلق":
من شرّ جميع المخلوقات، وهو الأعم، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر، ومنه : جهنم وإبليس وذريته، قاله ثابتٌ البنانيّ والحسن البصري، فيما ذكر ابن كثير
قوله تعالى: {ومن شر غاسق إذا وقب}
10- المراد ب"غاسق إذا وقب":
القول الأول: الليل إذا أقبل بظلامه،
قاله مجاهد، حكاه البخاريّ عنه، ورواه ابن أبي نجيحٍ عنه. وكذا قال ابن عبّاسٍ ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة وقاله الزهري: "الشمس إذا غربت"، فيما ذكر ابن كثير
القول الثاني: اللّيل إذا ذهب ، قاله عطية وقتادة، فيما ذكر ابن كثير
القول الثالث:
- كوكب، رواه أبو المهزّم عن أبي هريرة، ذكره ابن كثير
- سقوط الثريا، قاله ابن زيد، واستدل بأن العرب كانت تقول: الغاسق: سقوط الثّريّا. وكانت الأسقام والطّواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها.
روى ابن جرير عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}. قال: ((النّجم الغاسق))، ذكره ابن كثير وعلق على الحديث أنه لا يصحّ رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- القمر إذا طلع، وهو الأرجح، قاله ابن جرير وقاله آخرون، واستدلوا بما رواه الإمام أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها: أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيدي، فأراني القمر حين طلع وقال: ((تعوّذي باللّه من شرّ هذا الغاسق إذا وقب))، ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ في كتابي التفسير من سننيهما من طريق آخر، بمعناه، فيما ذكر ابنكثي وكذا ذكر الأشقر
ولا ينافي القول الأول: لأن القمر آية الليل، ولايوجد له سلطان إلا فيه، وكذلك النجوم لا تضيء إلا بالليل، فهو يرجع إلى القول الأول.
11- لماذا خص الاستعاذة بالليل أو القمر بعد عموم الاستعاذة من شر الخلق:
لأن الليل يغشى الناس، وفيه ينتشر كثير من أهل الشر ويكثر العبث والفساد ، والحيوانات المؤذية، ففيها تخرج السباع والهوام من أماكنه، ذكره السعدي والأشقر
قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد}.
12- المراد ب"النفاثات":
السواحر، قاله مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك، فيما ذكر ابن كثير والسعدي والأشقر .
13- المراد ب"في العقد":
إذا رقين ونفثن في عقد الخيط عندما يسحرن ، قاله مجاهد فيما ذكر ابن كثير، وذكره السعدي والأشقر.
قوله تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد}
14- مشروعية الرقية من العين والحسد والسحر، وأنه كله حق، كما جاء فيما رواه ابن جرير عن طاوس من حديث رقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم حينما اشتكى، وكان قد سحره يهود، كما روى البخاريّ في كتاب الطّبّ من صحيحه عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سحر حتّى كان يرى أنّه يأتي النّساء ولا يأتيهنّ -قال سفيان: وهذا أشدّ ما يكون من السّحر إذا كان كذا- فقال: ((يا عائشة، أعلمت أنّ اللّه قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرّجل؟ قال: مطبوبٌ. قال: ومن طبّه؟ قال: لبيد بن أعصم -رجلٌ من بني زريقٍ حليفٌ ليهود، كان منافقاً- قال: وفيم؟ قال: في مشطٍ ومشاقةٍ. قال: وأين؟ قال: في جفّ طلعةٍ ذكرٍ، تحت راعوفةٍ في بئر ذروان)).
قالت: فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم البئر حتّى استخرجه. فقال: ((هذه البئر التي أريتها، وكأنّ ماءها نقاعة الحنّاء، وكأنّ نخلها رؤوس الشّياطين)). قال: فاستخرج. قالت: فقلت: أفلا تنشّرت؟ فقال: ((أمّا اللّه فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحدٍ من النّاس شرًّا))، وقد رواه مسلمٌ وأحمد من طرق أخرى، وروى الثعلبي في تفسيره عن ابن عبّاسٍ وعائشة رضي اللّه عنهما: حديث أن الرسول سحر، ذكره ابن كثير وعلق عليه أنه أورده بلا إسنادٍ، وفيه غرابةٌ وفي بعضه نكارةٌ شديدةٌ، ولبعضه شواهد ممّا تقدّم.
15- الدلالة على حقيقة السحر وأنه يلزم الاستعاذة من شره، ذكره ابن كثير والسعدي.
16- المراد ب"الحاسد":
هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسودِ فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، ذكره السعدي والأشقر.
17- الدلالة على الحاجة إلى الاستعاذة بالله من شر الحاسد، لإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، ذكره السعدي.
18- محور السورة: أهمية الاستعاذة من جميع الشرور العامة والخاصة، ذكره السعدي.
السؤال الثالث:
لخّص أقوال العلماء مع الترجيح في المسائل التالية:
1: المراد بالفلق
المراد ب"الفلق":
القول الأول: الصبح،
رواه ابن أبي حاتم عن جابر، ورواه العوفي عن ابن عباس، كما روي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وعبد اللّه بن محمد بن عقيلٍ والحسن وقتادة ومحمد بن كعبٍ القرظيّ وابن زيدٍ ومالكٍ، عن زيد بن أسلم، واستدل القرظيّ وابن زيدٍ وابن جريرٍ: وهي كقوله تعالى: {فالق الإصباح}، واختاره ابن جرير وصوبه وهو اختيار البخاري في صحيحه، فيما ذكر ابن كثير، وذكره السعدي والأشقر.
القول الثاني: الخلق كلهم،
رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وكذا قال الضّحّاك، فيما ذكر ابن كثير، وكذا ذكر الأشقر، ومنه الحب والنوى، ذكره السعدي.
القول الثالث: اسم من أسماء جهنم، قاله أبو عبد الرحمن الحبلي، فيما ذكر ابن كثير، أو بيتٌ أو جب في قعر جهنّم، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه، أو صاحت جهنم نفسها من حره،
رواه ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار وعن زيد بن علي عن آبائه مثله، وكذا روي عن عمرو بن عبسة والسّدّيّ وغيرهم، ذكره ابن كثير وذكر ما رواه ابن جرير عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الفلق: جبٌّ في جهنّم مغطًّى)). وعلق عليه ابن كثير أن إسناده غريب، ولا يصح رفعه.
لماذا سمي الفلق:
- على القول بأنه الصبح؛ لأن الليل ينفلق عنه، ذكره السعدي
- على القول بأنه الخلق؛ لأنه ينفلق عن جميع ما خلق اللَّه من الحيوان والصبح والحب والنوى، وَكلِ شيء من نبات وغيره، ذكره السعدي
2: المراد بالكوثر
القول الأول : نهر أعطاه الله نبيه في الجنة، وهو الأرجح
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك، فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((هل تدرون ما الكوثر؟))، قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: ((هو نهرٌ أعطانيه ربّي عزّ وجلّ في الجنّة، عليه خيرٌ كثيرٌ، ترد عليه أمّتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يختلج العبد منهم فأقول: يا ربّ، إنّه من أمّتي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك))، وقد روى هذا الحديث مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ من طريق آخر، كما في حديث الإسراء وهو مخرج في الصحيحين، وقد صح عن ابن عباس أيضا، ورواه ابن جرير عن ابن عمر وعن عطاء، ورواه التّرمذيّ وابن ماجه وابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ عن عطاء مرفوعا، وروي عن أنسٍ وأبي العالية ومجاهدٍ وغير واحدٍ من السلف، فيما ذكر ابن كثير وعلق أن الأحاديث تواترت من طرقٍ تفيد القطع عند كثيرٍ من أئمّة الحديث، وكذا ذكر الأشقر واستدل بحديث أنس الذي رواه أحمد ومسلم.
القول الثاني: حوض في الجنة، قاله عطاء، فيما ذكر ابن كثير.
القول الثالث: القرآن، ذكره الأشقر.
القول الرابع: كثرة الأصحاب والأمة، ذكره الأشقر.
القول الخامس: النبوة والقرآن وثواب الآخرة، قاله عكرمة، فيما ذكر ابن كثير.
القول السادس: الخير الكثير الذي أعطاه الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا التفسير يعمّ النّهر وغيره؛ لأنّ الكوثر من الكثرة، وهو الخير الكثير، ومن ذلك النّهر، وهو قول ابن عباس رواه عنه البخاري وابن جرير، بطرق كثيرة، ورواه الثوري عن ابن عباس، وقاله ابن عبّاسٍ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ ومحارب بن دثارٍ والحسن بن أبي الحسن البصريّ، فيما ذكر ابن كثير، وكذا ذكر السعدي، وذكره الأشقر وذكر أن هذا هو معناه في اللغة.
القول السابع: الخير الكثير في الدّنيا والآخرة، قاله مجاهد، فيما ذكر ابن كثير.
والقول الأخير هو الأعم ويشمل جميع الأقوال، وهو يدل على كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه وعظم منزلته ورفيع قدره.