المجموعة الأولى:
س1: اكتب عن سيرة اثنين من التابعين مبيّنا ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
١// مسروق بن الأجدع الهمْداني (ت:62هـ):
سيرته وشمائله وروايته
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يلقه ، صلى خلف أبي بكر ، وكان من كبار التابعين ، وكان إماماً فقيهاً عالماً.
كان كثير طلباً للعلم ، وأخذ العلم من كبار الصحابة ، فكان له أوفر النصيب من هذا العلم.
روى عن: علي وابن مسعود وعائشة وخباب بن الأرت،
وروى عنه: أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي فأكثر، والشعبي، وعبد الله بن مرة، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن الجزار، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وغيرهم.
أعماله.
تولّى القضاء في الكوفة، وكان لا يأخذ أجراً عليه، ومات ولم يترك ثمن كفنه.
كان له شأن في تفسير بعض آيات القرآن.
مما روي عنه في التفسير:
أ: الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: سئل عبد الله عن الكبائر، قال: ما بين فاتحة"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين). رواه ابن جرير.
ب: الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق في قوله (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قال: حين أُسري به). رواه ابن جرير.
ج: منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، في قوله: {أو يأتي بعض آيات ربك} قال: (طلوع الشمس والقمر كالبعيرين القرينين من مغربها).
الأقوال عنه.
قال الشعبي: (ما علمت أن أحداً كان أطلب للعلم في أفقٍ من الآفاق من مسروقٍ).
وقال علي بن المديني: (ما أقدم على مسروقٍ أحداً من أصحاب عبد الله، صلى خلف أبي بكرٍ، ولقي عمراً وعلياً، ولم يرو عن عثمان شيئاً، وزيد بن ثابت وعبد الله والمغيرة وخباب بن الأرت).
غزواته.
شهد مسروق القادسية، وفيها جرح، وأصابت جراحة في رأسه، وشلت يده.
وشهد مع عليّ وقعة الخوارج، واعتزل القتال في الفتنة.
وحضر وقعة صفين وقام بين الصفّين فذكّر ووعظ وحذّر ثم انصرف.
حكمه ووصاياه
قال سعيد بن جبير: (لقيني مسروق فقال: يا سعيد ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في هذا التراب).
وقال: (المرء حقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها فيذكر ذنوبه فيستغفر الله).
وقال: (كفى بالمرء علما أن يخشى الله. وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله). رواه ابن سعد.
٢//أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي: (ت:102هـ)
اسمه ونسبه.
أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي.
نشأته وطلبه للعلم.
ولد في زمن عمر ، وكان أعلم الناس بالتفاسير ، أخذ العلم عن جماعة من الصحابة ، ولازم ابن عباس كثيراً ، وأخذ العلم منه، كان مشمّراً في طلب العلم، والإقبال على شأنه حتى وصف كأنّه رجل أضلّ دابّته فهو يطلبها، ونشر علم التفسير نشراً لم يبلغه أحد.
فضائله.
كان يحذر الشهرة، ويجتهد في العبادة وفي نشر العلم؛ حتى بلغ علمه الآفاق.
الأقوال عنه.
قال: (لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت، وفيم كانت؟). رواه الدارمي وابن جرير.
عن حبيب بن صالح قال: سمعت مجاهدا يقول: (استفرغ علمي القرآن). ذكره الذهبي.
روى الأجلح عن مجاهد أنه قال: (طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية، ثم رزق الله النية بعد).
مشايخه ومن روى عنه.
ابن عباس ، وروى عن عائشة وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وعبيد بن عمير ،وغيرهم.
وروى عنه خلق كثير منهم: ابن أبي نجيح، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وعمرو بن دينار، والحكم بن عتيبة، وأبو بشر اليشكري، وأيوب السختياني، وابن عون، وليث بن أبي سليم، وجماعة.
وقد اعتمد البخاري في صحيحه على تفسير مجاهد؛ فأكثر من ذكر أقواله.
نماذج من تفسيره.
أ: ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال ابن عباس: «أمره أن يسبح، في أدبار الصلوات كلها»، يعني قوله: {وأدبار السجود} رواه البخاري.
ب: شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما ترى من الدم، وما تزداد على تسعة أشهر). رواه ابن جرير.
ج: ابن عيينة , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد , ألا تراه يقول: افعل وافعل , ويقول: {واسجد واقترب}). رواه ابن جرير.
وفاته.
توفي عام ١٠٢ هجري ، وهو ساجد رحمه الله.
واختلف في وفاته ، قيل ١٠٣، وقيل ١٠٤، وماعليه أكثر أهل العلم هو الأول.
مااستفدته من تفسيرهما.
-اجتهادهم لطلب العلم ، وحرصهم على بلوغه.
-صبرهم وتحملهم ، وبلوغهم الآفاق لطلب هذا العلم .
-حرصهم على تعليمه ونشره.
-معرفة درجاتهم بهذا العلم ، والضعيف منها والقوي.
-معرفة فضائلهم ولعل لنا بهم قدوة ،في حرصهم لطلب العلم.
س2: كيف بدأ تدوين التفسير؟
& في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن كتابة شيء غير القرآن ،لئلا يختلط به ،كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
-النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعبد الله بن عمرو أن يكتب عنه، فكتب بصحيفة أسماها الصحيفة الصادقة، ودعا لأبي هريرة بالحفظ؛ فبث علماً كثيراً .
-بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب بعض الصحابة كتباً يسيرة منها :
*فكتب أبو بكر لأهل البحرين صحيفة في مقادير الزكاة.
*وروي أنّ عمر استخار شهراً في كتابة السنن؛ ثمّ عدل عن ذلك خشية أن يشتغل بها الناس عن كتاب الله .
* وكان لعلي بن أبي طالب صحيفة فيها العقل والديات.
* وكان لجابر بن عبد الله صحيفة، ولسمرة بن جندب صحيفة، وكان أنس يحضّ أصحابه على كتابة العلم وتقييده.
*وكان لكبار التابعين صحف؛ من أشهرها صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة، وقد أخرجها الإمام أحمد في مسنده.
فكان المقصد من جمعهم رضوان الله عليهم ، خوفاً على هذا العلم من الضياع.
& في القرن الأول : كان ابن عباس ممن كان له عناية في تدوين التفسير ، وتبعه أصحابه مثل سعيد بن جبير ، ومجاهد وغيرهم.
-وكان من الصحابة مَن يحثّ على كتابة العلم كأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك.
-ومن طبقة أصحاب ابن عباس ، عبيدة السلماني والحارث الأعور ، لكن لم تحفظ كتبهم ولم تُروَ عنهم حتى يعرف ما فيها.
فكثرت صحف التفسير ،في أواخر هذا القرن ،وانتشر أصحاب ابن عباس في الأمصار ، وكثرت الصحف المروية عنهم ، منها ماعرف خبرها ، ومنها ماانقطع خبرها.
&فا أنواع التدوين في القرن الأول على ثلاثة أضرب :
١/ تدوين أحاديث التفسير المروية عن النبي صلى الله عليه، وتدوين أقوال الصحابة في التفسير وروايتها ، كما فعل أصحاب ابن عباس، وبعض تلاميذ أصحاب ابن مسعود، وبعض أصحاب أبي هريرة.
٢/تدوين أقوال المفسّرين من التابعين ومروياتهم في التفسير؛ كما فعل أصحاب مجاهد وأصحاب سعيد بن جبير، وأصحاب عكرمة، وأصحاب زيد بن أسلم، وأصحاب نافع مولى بن عمر، وغيرهم.
٣/تدوين أخبار بني إسرائيل المتلقاة عن أهل الكتاب، ومن يروي عنهم، فكتب بعض ما روي عن كعب الأحبار ووهب بن منبّه وغيرهم
س3: هل الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل يسوّغ الرواية عمّن عرف عنه الكذب في نقل أخبارهم؟
طبعاً لا تسوغ الرواية ممن عرف عنه بالكذب ، وهؤلاء لا تعتبر رواياتهم لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فكيف للإسرائيليات وغيرها.
- في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد من طريق حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار».
- وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»
- وفي صحيح البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم} » الآية).
فأذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عنهم، ونهى عن تصديقهم وتكذيبهم،فمن هذا المنطلق يظهر الفرق بين الإذن المطلق بالتحديث عن بني إسرائيل وبين التحديث عن الكذابين والمتّهمين بالكذب ، ومن لهم روايات منكرة عن الإسرائليات.
فاللعلماء رأي مع الإسرائيليات ، ماكان موافق الكتاب والسنة لاحرج في التحديث عنه ، ومنكان فيه نكارة ولم يرد فيه نص فيتوقف عنده. والله أعلم
س4: عدد أنواع ما بلغنا من الإسرائيليات على وجه الإجمال.
أنواعه.
النوع الأول : ماكان الإيمان به واجب ، وهو ماذكر في كتاب الله من أخبار بني اسرائيل ، وما أخبرنا به رسوله الكريم ، قال الله تعالى: {إنّ هذا القرآن يقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون).
النوع الثاني : ماكان يحدث فيه بعض أهل الكتاب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، منه ماهو حق ، ومنه من دخله التحريف ، وكان ما يذكرونه على ثلاثة أقسام:
١/قسم أخبرنا رسوله الكريم بتصديقه.
٢/ وقسم أمرنا بتكذيبه ، وعدم الأخذ منه.
٣/ وقسم نقف فيه ، لانصدقه ولانكذبه.
وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عنهم، ونهى عن تصديقهم وتكذيبهم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم)).
النوع الثالث : ماكان يحدّث به بعض الصحابة الذين قرؤوا كتب أهل الكتاب، ومنهم: عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
والنوع الرابع : ما كان يُروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب، لكن لهم رواية عمّن قرأها؛ ككعب الأحبار، وغيره، ومنهم: أبو هريرة، وابن عباس، وأبو موسى الأشعري.
وهذا النوع ينظر فيه من ثلاث جهات:
١/ ماصرحوا بالتحديث عنه من أهل الكتاب ، فهو ممن تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالم يتلقوه فهو حكمه حكم الإسرائيليات المعروف.
٢/ نكارة المتن وعدمها؛ فإذا كان المتن غير منكر؛ فقد جرت عادة المفسّرين على التساهل في الرواية، سواء أصرحوا أم لم يصرّحوا.
٣/صحّة الإسناد إليهم، وأهل الحديث ينبّهون على الضعف الشديد في الإسناد وإن لم يكن المتن منكراً؛ ومن المفسّرين من يتساهل في ذلك.
والنوع الخامس: ما رواه بعض التابعين ممن قرأ كتب أهل الكتاب، وأكثر من تروى عنه الإسرائيليات: كعب الأحبار ووهب بن منبّه ونوف البكالي.
النوع السادس : ما كان يحدّث به بعض ثقات التابعين عمَّن قرأ كتب أهل الكتاب ،ومن هؤلاء الثقات: سعيد بن المسيّب، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وطاووس بن كيسان.
والنوع السابع: ما يرويه بعض من لا يتثبّت في التلقّي؛ فيكتب عن الثقة والضعيف، ويخلط الغثّ والسمين، وهؤلاء من أكثر من أشاع الإسرائيليات في كتب التفسير ،ومن هؤلاء: السدّي الكبير إسماعيل بن أبي كريمة، والضحاك بن مزاحم، وعطاء الخراساني، ومحمد بن إسحاق بن يسار.
والنوع الثامن: ما يرويه بعض شديدي الضعف والمتّهمين بالكذب ممن لهم تفاسير قديمة في القرن الثاني الهجري ، ومن هؤلاء : محمد بن السائب الكلبي، ومقاتل بن سليمان البلخي، وموسى بن عبد الرحمن الثقفي وغيرهم.
النوع التاسع: ما يرويه أصحاب كتب التفسير المشتهرة من تلك الإسرائيليات بأسانيدهم إلى من تقدّم؛ كما يروي عبد الرزاق وابن جرير الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد، وإن لم يشترطوا الصحة في تفاسيرهم ، إلا أنهم أقل بكثير مما بعدهم.
النوع العاشر: ما يذكره بعض المتأخرين من المفسّرين في تفاسيرهم من الإسرائيليات؛ كالثعلبي والماوردي والواحدي، إلا أن فيها بعض المنكرة ، وتساهل أصحابها في الرواية عن بعض الكذابين والمتهمين بالكذب.