المجموعة الرابعة:
س1: بيّن معنى اسم (الربّ) تبارك وتعالى.
(الرَّبُّ): هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية.
فالرب في اللغة يطلق على جميع هذه المعاني إطلاقا صحيحا
.أنواع الربوبية:
وربوبية الله تعالى لخلقه على نوعين:
النوع الأول:ربوبية عامة بالخلق والملك والإنعام والتدبير، وهذه عامة لكل المخلوقات.
والنوع الثاني: ربوبية خاصة لأوليائه جل وعلا بالتربية الخاصة والهداية والإصلاح والنصرة والتوفيق والتسديد والحفظ.
.
س2: ما سبب حذف الألف في {بسم الله}
اتفقت المصاحف على حذف الألف في كتابة{بسم الله}في فواتح السور في قول الله تعالى:{بسم الله مجريها ومرساها}،وإثباتها في نحو{فسبّح باسم ربّك}، و{اقرأ باسم ربّك}. .
وقد ذكر لذلك علل منها
- أَمْنُ اللبس في{بسم الله} وهو قول الفرَّاء،
-إرادة التخفيف لكثرة الاستعمال، وهو قول جماعة من العلماء...منهم الزجاج وأبو عمر الداني
س3: ما المراد بالعالمين.
العالمون جمع عالَم، وهو اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه، يشمل أفراداً كثيرة يجمعها صِنْفٌ واحد.
فالإنس عالَم، والجنّ عالَم، وكلّ صنف من الحيوانات عالَم، وكلّ صنف من النباتات عالم، إلى غير ذلك مما لا يحصيه إلا الله تعالى من عوالم الأفلاك والملائكة والجبال والرياح والسحاب والمياه، وغيرها من العوالم الكثيرة والعجيبة.
وقال تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}.
فكلُّ أمَّة من هذه الأمم عالَم.
. ثمَّ كلُّ صنفٍ من هذه العوالم ينقسم إلى عوالَم في كلّ قرن؛ فأهل كلّ قرن من ذلك الصنف عالَم كما قال الله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}
وقد ورد لأهل العلم أقوال في المراد بالعالمين أشهرها قولان صحيحان:
القول الأول:المراد جميع العالَمين، وهو قول أبي العالية الرياحي، وقتادة، وتبيع الحميري، وقال به جمهور المفسّرين.
والقول الثاني:المراد بالعالمين في هذه الآية: الإنس والجنّ، وهذا القول مشتهر عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وعكرمة، وروي أيضاً عن ابن جريج.
و استُدلّ لهذا القول بقول الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ، والمراد بهم هنا المكلّفون من الإنس والجن.
وهذا القول صحيح المعنى والدلالة، وبيان ذلك بالجمع بين أمرين:
أحدهما: أن يكون التعريف في (العالمين) للعهد الذهني، وليس للجنس؛ فيكون هذا اللفظ من العامّ الذي أريد به الخصوص.
والآخر:أن يكون لفظ (ربّ) بمعنى (إله) ؛ وهذا وارد في نصوص عدة منها
-حديث سؤال العبد في قبره: من ربّك؟ أي: من إلهك الذي تعبده؟
و كما ورد في حديث عدي في قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾قال عدي بن حاتم: (يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم)... الحديث، ففهم عَديٌّ رضي الله عنه من هذا اللفظ معنى العبادة، لأن اتخاذ الشيء رباً معناه عبادته، إذ الربوبية تستلزم العبادة.
ومما يقوي هذا المعنى ..اعتبار الخطاب للمكلفين..وهو الجن والإنس... كما قال تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون}؛ فهم أولى من يراد بلفظ العالمين؛ لأنهم المكلفون بالعبادة.
- لكن القول الأوّل أعمّ منه، وله دلالة صحيحة ظاهرة، وهو قول جمهور المفسّرين.
.
قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة: (قوله تعالى: {رب العالمين} لم يبين هنا ما العالمون، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما}).
وهذا من أحسن ما يُستدلّ به على ترجيح القول الأول.
س4: ما الحكمة من تكرار ذكر اسمي {الرحمن الرحيم} بعد ذكرهما في البسملة.
اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
-القول الأول:أنه لا تكرارَ هنا لأن البسملة ليست آية من الفاتحة، وهذا قول ابن جرير. ..وقد تعقب على هذا القول من وجهين
-: أنّ اختيار المفسّر لأحد المذاهب في العدّ لا يقتضي بطلان المذاهب الأخرى، كما أنّ اختياره لإحدى القراءتين لا يقتضي بطلان الأخرى.
-: أنَّ المسألة باقية على حالها حتى على اختياره؛ إذ لا إنكار على من قرأ البسملة قبل الفاتحة ولو لم يعدَّها آية من الفاتحة.
-القول الثاني:التكرار لأجل التأكيد، وهذا القول ذكره الرازي في تفسيره. .-تأكيد كون الله تعالى رحمانا رحيما .
والقول الثالث: التكرار لأجل التنبيه على علّة استحقاق الحمد، وهذا القول ذكره البيضاوي.
ومستند ذا القولين الاجتهاد في التماس الحكمة من التكرار..
ويمكن أن تستشف علة تكرار ذكر الاسمين في هذين الموضعين. من ذلك بالنظر إلى سياق الكلام و المقاصد الآيات
. فالموضع الأول: البسملة، .
..والغرض بيان أن التوفيق لتحقيق أغراض البسملة إنما يكون برحمة الله عزوجل
والموضع الثاني: {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم}
ذكر اسم الرحمان الرحيم بعد ذكر رب العالمين لبيان أن رحمة الله وسعت كل شيء وأنها شملت جميع العالمين؛وأن تربية الله عزوجل للعالمين قائمة على الرحمة.
س5: ما معنى قوله تعالى: {وإياك نستعين}.
- معنى الاستعانة
الاستعانة هي طلب العون؛ والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضارّ.
والاستعانة أوسع معاني الطلب، وإذا أطلقت دلَّت على معنى الاستعاذة والاستغاثة؛ لأنَّ حقيقة الاستعاذة: طلب الإعانة على دفع مكروه، وحقيقة: الاستغاثة: طلب الإعانة على تفريج كربة.
فالاستعانة بمعناها العام تشمل الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاستهداء والاستنصار والاستكفاء وغيرها؛ لأن كل ما يقوم به العبد من قول أو عمل يرجو به تحصيلَ منفعة أو دفع مفسدة فهو استعانة.
وقد حذف متعلّق الاستعانة هنا لإفادة عمومَما يُستعان بالله عليه؛ فيشملَ كلَّ ما يحتاج العبد فيه إلى عون ربّهلجلب نفعأو دفع ضرّفي دينهودنياهأو دوام نعمة قائمة، أو دوام حفظمن شرّ، فكلّ ذلك ممالا يناله العبد إلا بعون ربّه جلّ وعلا.
و معنى: {إياك نستعين}.أي نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها.
س6: ما معنى الالتفات في الخطاب؟ وما فائدته؟ ومالحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟
الالتفات في الخطاب :هو الانتقال بالأسلوب من صيغة التكلم أوالخطابأو الغيبة إلى صيغة أخرى من هذه الصيغ.
وله فوائد في تنويع الخطاب، والبيان عن التنقّل بين مقامات الكلام، والتنبيه على نوع جديد من الخطاب يستدعي التفكّر في مناسبته، واسترعاء الانتباه لمقصده.
-الحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟
قال ابن كثير رحمه الله: (وتحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب له مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك)ا.هـ.