دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 جمادى الأولى 1438هـ/15-02-2017م, 02:15 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثاني: مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسير سورة الفاتحة

مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسير الفاتحة

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية..

المجموعة الأولى:
س1: بيّن بإيجاز معنى اسم (الله) تبارك وتعالى.
س2: ما المراد بالبسملة.
س3: ما الفرق بين المدح والثناء
س4: ما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}
س5: ما الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}؟
س6: اذكر أقسام الاستعانة، وفائدة معرفة هذه الأقسام.

المجموعة الثانية:
س1: بيّن معنى اسم (الرحمن)
س2: اذكر الخلاف في عدّ البسملة آية أوّل كلّ سورة عدا سورة براءة وسورة الفاتحة مع الترجيح.
س3: ما الفرق بين الحمد والمدح
س4: ما معنى قوله تعالى: {إياك نعبد} ؟
س5: ما الحكمة من حذف متعلّق الاستعانة؟
س6: ما الحكمة من تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين}


المجموعة الثالثة:
س1: بيّن معنى اسم (الرحيم)
س2: ما معنى الباء في {بسم الله}
س3: ما الفرق بين الحمد والشكر
س4: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {مالك يوم الدين} وما الموقف الصحيح من هذا الاختلاف؟
س5: اشرح بإيجاز أقسام الناس في العبادة والاستعانة.
س6: ما الحكمة من تكرر {إياك} مرّتين في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}.


المجموعة الرابعة:
س1: بيّن معنى اسم (الربّ) تبارك وتعالى.
س2: ما سبب حذف الألف في {بسم الله}
س3: ما المراد بالعالمين.
س4: ما الحكمة من تكرار ذكر اسمي {الرحمن الرحيم} بعد ذكرهما في البسملة.
س5: ما معنى قوله تعالى: {وإياك نستعين}.
س6: ما معنى الالتفات في الخطاب؟ وما فائدته؟ ومالحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟


المجموعة الخامسة:
س1: ما الحكمة من اقتران اسمي "الرحمن" و"الرحيم"
س2: ما متعلّق الجار والمجرور المحذوف في {بسم الله}، وما الحكمة من حذفه؟
س3: فسّر بإيجاز قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.
س4: بيّن معنى العبادة لغة وشرعا.
س5: بيّن معنى الاستعانة وكيف يكون تحقيقها؟
س6: ما الحكمة من الإتيان بضمير الجمع في فعلي {نعبد} و{نستعين}

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الأولى 1438هـ/17-02-2017م, 11:39 PM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

🔶 بسم الله الرحمن الرحيم 🔶
المجموعة الأولى:
🔸س1: بيّن بإيجاز معنى اسم (الله) تبارك وتعالى.
معنى اسم ( الله ) يتضمن معنيين :
الأول: هو الإله الجامع لجميع صفات الكمال و الجلال و الجمال ؛ فيدل باللزوم على سائر الأسماء الحسنى ؛ قال ابن القيم :( اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى و الصفات العلى)
و دلالته على سائر الأسماء الحسنى بالتضمن و اللزوم ظاهرة :
✨ فإنه يتضمن كمال الألوهية لله تعالى و هو معنى جامع لكلّ ما يؤله الله تعالى لأجله، و ما يدل على ذلك من أسمائه و صفاته .
✨ و يستلزم كمال ربوبية الله تعالى ، و ما يدل على ذلك من أسمائه و صفاته .
و يستلزم كمال ملكه و تدبيره ، و مايدل على ذلك من الأسماء و الصفات .
الثاني : المألوه أي المعبود الذي لا يستحق العبادة أحد سواه كما قال تعالى:{ و هو الله في السموات و الأرض} أي : المعبود في السماوات و المعبود في الأرض .
و لا تسمى العبادة عبادة حتى تجتمع فيها :
✨المحبة العظيمة ، فالعبادة أعظم درجات المحبة
✨التعظيم و الإجلال ، فإن العابد معظم لله أشد التعظيم ، و مجل له غاية الإجلال.
✨الذل و الخضوع و الانقياد ، فالعابد منقاد لمعبوده خاصع له
⬅ فهذه الأمور الثلاثة هي معاني العبادة و لوازمها التي يجب إخلاصها لله عزّ و جلّ ، فمن جمعها و أخلصها لله فهو من أهل التوحيد .
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔸س2: ما المراد بالبسملة.
المراد بالبسملة : قول ( بسم الله الرحمن الرحيم)
فإن البسملة اسم لهذه الكلمة دالٌّ عليها بطريقة النحت اختصارًا . اشتهر إطلاق البسملة عليها
قال ابن السكيت :( يقال : قد أكثرت من البسملة ، إذا أكثر من قوله " بسم الله الرحمن الرحيم" )
- و أكثر ما يستعمل لفظ " البسملة" في كلام أهل العلم لقول :( بسم الله الرحمن الرحيم)
- و أكثر ما تستعمل التسمية لقول ( بسم الله)
* و يقع في كلام البعض استعمال اللفظين للمعنيين ، و السياق يخصص المراد .
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔸س3: ما الفرق بين المدح والثناء
المدح :
- لا يكون عن رضا و محبة ؛ فقد يمدح الشخص من لا يحبه
- و المدح قد يكون على ما ليس بحسن ؛ كمدح أهل الباطل بعض المفسدين مع أن أمرهم غير محمود
- المدح يكون باللسان .
الثناء :
- الثناء تكرير الحمد و تثنيته ، لذلك جاء في الحديث
(( فإذا قال العبد :{ الحمد لله ربّ العالمين} ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ، و إذا قال :{ الرّحمن الرّحيم}
قال الله تعالى : أثنى عليّ عبدي ..)
- الثناء يكون على الخير و الشر ، كما الحديث : قال أنس بن مالك رضي الله عنه : مروا بجنازة ، فأثنوا عليها خيرًا ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم :(( وجبت)) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرًّا ، فقال :(( وجبت)) .
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وجبت؟
قال :(( هذا أثنيتم عليه خيرًا ، فوجبت له الجنة ، و هذا أثنيتم عليه شرًّا ، فوجبت له النار ، أنتم شهداء الله في الأرض )) متفق عليه
* فيتفقان في كون المدح و الثناء قد يكون للخير و الشر
* و الثناء مدح متكرر
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔸س4: ما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}
الإضافة لها معنيان :
الأول : إضافة على معنى ( في) أي هو المالك في يوم الدين ؛ ففي يوم الدّين لا يملك أحد دونه شيئًا
الثاني : إضافة على معنى اللام ، أي هو المالك ليوم الدّين .
قال ابن السراج : إن معنى مالك يوم الدين : أنه يملك مجيئه و وقوعه .
⏪ و كلا الإضافتين الحصر ، و كلاهما حق ، و الكمال الجمع بينهما .
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔸س5: ما الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}؟
1- إفادة الحصر ؛ و هو إثبات الحكم للمذكور و نفيه عما عداه ، فكأنه يقول : نعبدك و لا نعبد غيرك ، أو قول : ( لا نعبد إلا إيّاك )؛ مع اختصار اللفظ و عذوبته
2 - تقديم ذكر المعبود جلّ جلاله
3 - إفادة الحرص على التقرب ؛ فهو أبلغ من ( لا نعبد إلا إياك)
و أحسن ابن القيم جمعها و البان عنها في كتابه " مدارج السالكين" فقال :( و أما تقديم المعبود و المستعان على الفعلين ، ففيه : أدبهم مع الله بتقديم اسمه على فعلهم ، و فيه الاهتمام و شدة العناية به ، و فيه الإيذان بالاختصاص ، المسمى بالحصر ، فهو في قوة : لا نعبد إلا إياك ، و لا نستعين إلا بك ، و الحاكم في ذلك ذوق العربية و الفقه فيها ، و استقراء موارد استعمال ذلك مقدمًا ، و سيبويه نص على الاهتمام ، و لم ينف غيره)
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
🔸س6: اذكر أقسام الاستعانة، وفائدة معرفة هذه الأقسام.
الاستعانة على قسمين :
الأول : استعانة العبادة ؛ وهي معانٍ تعبدية تقوم في قلب المستعين من المحبة و الخوف و الرجاء و الرغب و الرهب فهذه عبادة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى ، و من صرفها لغيره فهو مشرك كافر ، و هي الاستعانة التي أوجب الله تعالى إخلاصها له ، كما قال فيما علّمه عباده المؤمنين :{ إيّاك نعبد و إيّاك نستعين}
فتقديم المعمول يفيد الحصر ، فيستعان بالله وحده ،
* و الاستعانة ملازمة للعبادة فكل عابد مستعين ؛ فإنه لم يعبد إلهه إلا ليستعين به على تحقيق النفع و دفع الضر .
الثاني : استعانة التسبب ، و هو بذل السبب رجاء نفعه في تحصيل المطلوب مع اعتقاد أن النفع و الضر بيد الله جلّ و علا ، و أن ما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن .
* هذه الاستعانة ليست عبادة لخلوّها من المعاني التعبدية ، و حكمها بحسب حكم السبب و حكم الغرض :
-فإذا كان الغرض مشروعًا و السبب مشروعًا كانت الاستعانة مشروعة
- و إذا كان الغرض محرّمًا أو كان السبب محرّمًا لم تجز تلك الاستعانة
- و إن تعلّق القلب بالسبب كان ذلك شركًا أصغر من شرك الأسباب .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 جمادى الأولى 1438هـ/18-02-2017م, 05:12 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي


المجموعة الثالثة:
س1: بيّن معنى اسم (الرحيم).
صيغة مبالغة على وزن فعيل بمعنى فاعل أي راحم.
والمبالغة تكون بمعنى الكثرة ،وبمعنى العظمة ،والله تعالى رحيم بالمعنيين فهو سبحانه وتعالى كثير الرحمة وعظيم الرحمة.
والرحمة نوعان :رحمة عامة ورحمة خاصة .
الرحمة العامة شاملة لجميع ما في الكون من خير حتى رحمة البهيمة بصغيرها.
الرحمة الخاصة ما يرحم الله به عباده المؤمنين وما يخصهم به من هداية ورعاية وحفظ وإعانة ونصرة وغير ذلك.
س2: ما معنى الباء في {بسم الله}
اشتهر فيها أربعة أقوال :
القول الأول: الباء للاستعانة ،وهو قول أبي حيان الأندلسي والسمين الحلبي، وقال به جماعة من المفسرين.
القول الثاني: الباء للابتداء،وهو قول الفراء، وابن قتيبة، وأبي بكر الصولي، وأبي منصور الأزهري، وابن سيده، وابن يعيش، وجماعة.
القول الثالث: الباء للمصاحبة والملابسة، واختاره ابن عاشور.
القول الرابع: الباء للتبرك،وهذا القول مستخرج من قول بعض السلف في سبب كتابة البسملة في المصاحف.
والأظهر أن هذه الأقوال كلها صحيحة لا تعارض بينها.
- واعترض البعض على معنى الاستعانة وأن الاستعانة تكون بالله وليس باسم الله والرد على ذلك أن المستعين يستعين بالله في الحقيقة ولكنه يتوسل لله بذكر اسمه .
- وقد أرجع سيبويه معاني الباء إلى أصل واحد وهو الإلزاق وهذا صحيح من حيث الأصل لكن يعبر عن المعنى في كل موضع بما يناسبه فقد يكون للاستعانة أو للتبرك أو للاستفتاح، وقد يكون لغير ذلك، وقد تجتمع عدة معاني في الموضع الواحد .
- وقد وردت في معنى الباء في بسم الله أقوال ضعيفة فقيل أنها زائدة وهذا القول ضعيف جدا، وقيل أنها للقسم وهو قول ضعيف أيضا لعدم وجود جواب القسم ، وقيل أنها للاستعلاء وهو يصح إذا كان معنى الاستعلاء عند التسمية مطلوب مثل التسمية عند الرمي أما في غير ذلك من المواضع مثل التسمية لقراءة القرآن وما يصاحبها من تذلل لله وتقرب إليه فلا يصح القول بذلك، فمعاني حروف القرآن ليست جامدة بل متنوعة تبعا للسياق والمقاصد.
س3: ما الفرق بين الحمد والشكر
الفرق بينهما أن الحمد أعم من وجه، والشكر أعم من وجه آخر.
فالحمد أعم من وجه لأنه يكون على ما أحسن به المحمود و على صفاته الحسنة ، أما الشكر فيكون مقابل الإحسان .
والشكر أعم من وجه آخر لأنه يكون بالقلب واللسان والعمل كما قال الله تعالى: {اعملوا آل داوود شكرا} ، أما الحمد فيكون بالقلب واللسان .
ومن أجمل ما قيل في ذلك قول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: (والفرق بينهما: أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه، وأخص من جهة متعلقاته. والحمد أعم من جهة المتعلقات، وأخص من جهة الأسباب.
ومعنى هذا: أن الشكر يكون بالقلب خضوعا واستكانة، وباللسان ثناء واعترافا، وبالجوارح طاعة وانقيادا. ومتعلقه: النعم، دون الأوصاف الذاتية، فلا يقال: شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه. وهو المحمود عليها. كما هو محمود على إحسانه وعدله، والشكر يكون على الإحسان والنعم.
فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس. فإن الشكر يقع بالجوارح. والحمد يقع بالقلب واللسان)
وقد ذهب ابن جرير الطبري والمبرد وجماعة من أهل العلم إلى ان الحمد والشكر لا فرق بينهما ،وهذا القول إنما يصح فيما يشترك فيه الحمد والشكر؛ وهو ما يكون بالقلب واللسان في مقابل الإحسان.
س4: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {مالك يوم الدين} وما الموقف الصحيح من هذا الاختلاف؟
القراءة الأولى: {مالك يوم الدين} ،وهي قراءة عاصم والكسائي.
القراءة الثانية: {ملك يوم الدين} ،وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وابن عامر.
والمالك الذي يملك كل شيء يوم الدين، فلا أحد يملك شيئا بل كلهم يأتونه فردا فردا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ،قال تعالى: {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله}.
أما الملك فهو صاحب الملك الكامل والتصرف التام بلا مدافعة أو ممانعة ، فلا ملك يوم الدين إلا الله سبحانه وتعالى ،فكل الملوك يذهب ملكهم وسلطانهم في هذا اليوم ، قال تعالى: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}.
والمعنى الاول صفة كمال تقتضي تمجيد الله تعالى وتعظيمه والتفويض إليه ، والمعنى الثاني أيضا صفة كمال تقتضي تمجيد الله تعالى وتعظيمه والتفويض إليه من أوجه أخرى، واجتماع المعنيين يفيد كمال المُلك والمِلك في حق الله تعالى ، فمن الناس ملك لا يملِك ، ومنهم مالك لا يملُك، ولكن الله تعالى هو الملك المالك.

س5: اشرح بإيجاز أقسام الناس في العبادة والاستعانة.
ينقسم الناس في العبادة والاستعانة إلى أقسام أفضلهم من أخلص العبادة والاستعانة لله تعالى، ولأن الناس تتفاضل في إخلاص العبادة والاستعانة تفاضلا كبيرا لذا نجد أنهم على درجات ومراتب في ذلك لايحصيها إلا الله .
فقد يقع في العبادة تقصير من جهة إخلاصها لله، فيترتب على ذلك آفات وعقوبات فقد يحبط العمل أو ينقص ثوابه بسبب الرياء والسمعة، وقد يكون التقصير في أداء العبادة على وجهها فيسيء فيها لضعف إيمانه.
والتقصير في الاستعانة تحصل بسببه آفات عظيمة من الضعف والعجز ، فإن أحسن فقد يصيبه العجب والركون إلى الأسباب ،وإن أساء فقد يصيبه الجزع .
فعلى المؤمن أن يعلم أن سعادته ورفعة درجاته بحسب إحسانه في عبادة ربه واستعانته به.
س6: ما الحكمة من تكرر {إياك} مرّتين في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين
}.
- لاختلاف الفعلين جاءت الحاجة لتكرارها مع كل فعل للتأكيد والاهتمام ، وهو قول ابن عطيه
- للاهتمام والحصر ، قول ابن كثير.
وقال ابن القيم: (وفي إعادة " إياك " مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه، فإذا قلت لملك مثلا: إياك أحب، وإياك أخاف، كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف).

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 جمادى الأولى 1438هـ/18-02-2017م, 06:42 PM
فاطمة محمود صالح فاطمة محمود صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة - قطر
المشاركات: 297
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسير سورة الفاتحة
المجموعة الثانية

س1: بيّن معنى اسم (الرحمن )
الرحمن : اسم على وزن فعلان وهو من أبنية الذي يبالغ في وصفه ، مثل غضبان ومعناه شديد الامتلاء بالغضب وكذلك فرحان ، فالرحمن يدل على السعة وبلوغ الغاية ، وهو اسم يختص بالله تعالى وحده دون غيره ولا يجوز أن يسمى أحد به إلا الله تعالى ، ومعناه ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء . ذكره أبو اسحاق الزجاج

س2: اذكر الخلاف في عدّ البسملة آية أوّل كلّ سورة عدا سورة براءة وسورة الفاتحة مع الترجيح.
أصل الخلاف هو اختيار كل إمام للقراءة التي يقرأ بها ، و تعد البسملة آية من الفاتحة في بعض القراءات ، وقد تواتر عن جماعة منهم بقراءتها في أول كل سورة عدا سورة براءة ، ويفصل بها بين السور ، كما وتعد البسملة بعض آية في سورة النمل باتفاق جمهور العلماء في قوله تعالى{ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم }
واختلف العلماء في عدّ البسملة في أول كل سورة عدا سورة براءة على أقوال منها :
القول الأول: لا تعد آية من سورة الفاتحة، ولا من أول كل سورة ، قول أبي حنيفة والأوزاعي ومالك، وحُكي عن سفيان الثوري.
القول الثاني: عد البسملة آية في سورة الفاتحة دون بقية سور القرآن الكريم، وعليه عدّ الكوفييين والمكيين ، وهي ليست آية منها عند باقي أهل العدد. وهو إحدى الروايات عن الشافعي.
القول الثالث: أن البسملة آية في أول كل سورة عدا سورة براءة، زهو قول الثوري وابن المبارك وهو إحدى الروايات عن أحمد وأصح الروايات عن الشافعي، وهو الذي رجحه الإمام النووي. وقال سفيان الثوري : (بسم الله الرحمن الرحيم في فواتح السور من السور). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
القول الرابع: أنها آية من الفاتحة، وجزء من الآية الأولى من كل سورة عدا سورة براءة، وهو رواية عن الشافعي، وقول لبعض الشافعية حكاه الرازي في تفسيره، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن الجزري، وهو قول ضعيف.
القول الخامس: أن البسملة آية مستقلة في أول كل سورة وليست من السور ، فلا تعد مع آيات السور، وهو رواية عن أحمد، وقول لبعض الحنفية.
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) في بداية السور :
عن أنس بن مالك رضي الله ، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت علي آنفا سورة؛ فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر} صحيح مسلم
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام إذ اجتمعت الأدلة لكتابة الصحابة لها في المصاحف فهذا دليل أنها من القرآن ، وبفصلهم إياها عن السورة التي بعدها دل على أنها ليست منها ، إذ لم يكتبوا آمين بعد الفاتحة لأنها ليست من القرآن رغم إنها من السنن الثايتة ، فدل ذلك عند أهل العلم أن الخلاف في البسملة في عدد النزول وفي قراءتها في الصلاة وليس الخلاف في كونها من القرآن . وهو ما ذكره أبو بكر البيهقي
واتفقت مذاهب العد على عدم عد البسملة آية، وإن كانوا يقرؤون بها في أول كل سورة غير براءة، إلا إنهم لا يعدونها من آيات السورة، وهو ما ذكره السخاوي
• واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن سورة من القرآن، ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: {تبارك الذي بيده الملك} . رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وغيرهم ، وقال ابن حجر: مقبول، ولهذا الحديث شاهد عن أنس رضي الله عنه، وحسنه جماعة من أهل الحديث.
وسورة الملك ثلاثون آية من غير البسملة عند جمهور أهل العدد، ومن قال أنها إحدى ثلاثون آية فلم يعدّ البسملة وإنما عدّ {قد جاءنا نذير} آية، كما هو في العدّ المكي، والعد المدني الأخير.
• وبحديث حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود عن زرّ بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب) كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ أو كأين تعدها؟(
قال: قلت له: (ثلاثا وسبعين آية (
فقال ( قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة) الحديث، رواه أحمد في مسنده، وتابع حماداً على هذه الرواية منصور بن المعتمر كما عند النسائي في الكبرى؛ فقولهما أرجح من قول من قال: بضعاً وسبعين)
وسورة الأحزاب قد أجمع أهل العدد على أنها ثلاث وسبعون آية من غير البسملة، ولا خلاف بينهم في ذلك.

وباتفاق أهل العدد دليل قوي للأخذ بقولهم إلا أن ما جاء من الأقوال المأثورة عن أهل العلم في عد البسملة آية من كل سورة فقد تكون صحيحة عن بعض القراء الأوائل، وأنها مما تختلف فيه الأحرف السبعة ، هذا والله أعلم .

س3: ما الفرق بين الحمد والمدح
بين الحمد والمدح عموم وخصوص ، فالمدح أعم من الحمد لاعتبارات ، ومما يلي خلاصة ما قيل للتفريق بينها :
1. أن الحمد يكون عن رضا ومحبة، والمدح لا يقتضي أن يكون كذلك؛ بل قد يمدح المرء من لا يحبه طمعا في نيل خيره أو كف شره.
2. أن الحمد لا يكون إلا على حسن صفات المحمود أو إحسانه، والمدح قد يكون على ما ليس بحسن؛ مثل أن يمدح أهل الباطل بعض المفسدين بإفسادهم مع أن أمرهم غير محمود.
3. أن الحمد يكون بالقلب واللسان، والمدح لا يكون إلا باللسان .

س4: ما معنى قوله تعالى: {إياك نعبد} ؟
أن العبادة لله وحده دون غيره ، فنطيع أوامره محبة وخوفا ورجاء خاضعين ومتذللين ومستكينين له وحده لا شريك له .
فالعبادة في اللغة : أصلها الذلة ، وهي الطاعة مع الخضوع ، والعبادة في الشرع هي : التذلل والخضوع والانقياد مع شدة المحبة والتعظيم .
ومن أحسن ما قيل في تعريف العبادة شرعا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة العبودية : أن العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة )

س5: ما الحكمة من حذف متعلّق الاستعانة؟

المراد بمتعلق الاستعانة ما يستعان الله تعالى عليه، ففي قوله تعالى { إياك نستعين } ثلاثة أركان هي استعانة ومستعان به ومستعان عليه؛ فالاستعانة فعل العبد، والمستعان به هو الله، والمستعان عليه لم يذكر ، لذلك تكلم العلماء في بيان متعلق الاستعانة ، وحاصل ما قالوا يرجع إلى معنيين هما :
المعنى الأول : نستعين بك يا الله على عبادتك؛ لتقدم ذكرها.
المعنى الثاني : نستعين بك يا الله على قضاء حوائجنا، وجميع شؤوننا؛ فلا غنى لنا عن عونك وإمدادك.
والمعنيان صحيحان ومتوافقان ويمكن الجمع بينهما فكلاهما حق ، فالأول طلب الإعانة لأداء حق الله تعالى والآخر في طلب الإعانة على ما يحتاجه المخلوق من ربه .
قال ابن عباس رضي الله عنهما ما يفيد الجمع بين المعنيين في تفسير قوله تعالى{ وإيّاك نستعين } على طاعتك وعلى أمورنا كلّها . رواه الضحاك وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم.

س6: ما الحكمة من تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين }
تعد هذه المسألة من المسائل التي اشتهرت وظهرت فيها عناية المفسرين لأنها من مسائل التفسير البياني وفيها تعددت أقوالهم في الحكمة من هذا التقديم ، حتى أوصلها الألوسي في كتابه روح المعاني إلى أحد عشر وجها والتي منها فيه نظر ، والله تعالى حكيم عليم، فأحكم كتابه غاية الإحكام، والقرآن قد بلغ الذروة العليا في الفصاحة وحسن البيان، لذلك قد يجتمع في المسألة الواحدة من المسائل البيانية حكم متعددة يتفاوت العلماء في إدراكها وحسن البيان عنها ، إلا أن القاعدة في مثل هذه المسائل أن يُقبل ما يحتمله السياق وترتيب الكلام ومقاصد الآيات وغيرها من الدلالات بشرطين:
أحدهما: أن يكون القول في نفسه صحيحاً.
والثاني: أن يكون لنظم الآية دلالة معتبرة عليه.

ومن الحكم من تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين } الأقوال التالية :
القول الأول: لمراعاة فواصل الآيات في السورة، ذكره البيضاوي والنسفي وابن عاشور وغيرهم.
القول الثاني: أنه لا فرق في المعنى بين تقديم العبادة على الاستعانة والعكس ، قاله ابن جرير وفيه نظر .
القول الثالث: أن العبادة أعم من الاستعانة ، إذ أن الاستعانة نوع من أنواع العبادة لذلك قدم الأعم على الأخص، ذكره البغوي في تفسيره.
القول الرابع: أن العبادة هي المقصودة والاستعانة وسيلة إليها،والمقاصد مقدمة في القصد والقول على الوسائل ، وهو أن يقدم ما هو أهم فالأهم ، ذكره ابن كثير في تفسيره، وهوقول ابن تيمية في مواضع من كتبه.
ولعل من أفضل من قدم جوابا في هذه المسألة ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه "مدارج السالكين"
إذ قدم جملة من الأحكام والأسرار البديعة التي قل ما تجدها في كتب التفسير بمثل ما قدم وبيّن ولعل أخذ أصله من شيخه ابن تيمية وبنى عليه.
القول الخامس: أن عبادة العبد لربه لا تكون إلا بإعانة الله تعالى له وتوفيقه ، مما يستوجب الشكر ويذهب العجب فناسب أن يتبع قوله : ( إياك نعبد ) بـ ( إياك نستعين ) وذلك للاعتراف بفضل الله تعالى أن وفقه للعبادة وأعانه عليها، ذكره البيضاوي وألمح إليه أبو السعود.
القول السادس: لأن العبادة هي تقرب للخالق وبالتالي هي أجدر بالتقديم في المناجاة ، أما الاستعانة هي لنفع المخلوق حتي تيسر الأمر عليه ،فناسب أن يقدِّم المناجي ما هو من عزمه وصنعه على ما يسأله مما يعين على ذلك ، ولأن الاستعانة بالله تتركب على كونه معبودا للمستعين به ، ولأن من جملة ما تطلب الإعانة عليه العبادة فكانت متقدمة على الاستعانة في التعقل ، قول ابن عاشور
القول السابع : في هذا التقديم إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة؛ لأن غيره ليس بيده الأمر، كقول الله تعالى { فاعبده وتوكل عليه } ذكره الشنقيطي

والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 جمادى الأولى 1438هـ/18-02-2017م, 09:12 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسير الفاتحة
المجموعة الأولى


س1: بيّن بإيجاز معنى اسم (الله) تبارك وتعالى.
معنى الاسم :
من أجمع ما ورد عن معنى هذا الاسم قول ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين)
معنى اسم (الله) يشتمل على معنيين عظيمين :
المعنى الأول:
متعلق بالله فالله هو الإله الجامع لجميع صفات الكمال والجلال والجمال؛ فهذا الاسم يدلّ باللزوم على سائر الأسماء الحسنى
قال ابن القيّم رحمه لله: (اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى)
فجميع الأسماء الحسنى كالملك والغنيّ والرازق، والقويّ و القدير والقاهر، و العليم والحكيم، والسميع البصير، واللطيف الخبير، والرحمن الرحيم وغيرها داخلة في اسم الله واسم الله دال عليها بالتضمّن واللزوم، وهذا الاسم يستلزم كمال ربوبيّة الله تعالى و كمال ملكه وتدبيره، وما يدلّ على ذلك من الأسماء والصفات.
المعنى الثاني:
متعلق بالعبد ،فالله هو المألوه أي المعبود الذي لا يستحق العبادة أحد سواه، كما قال تعالى: {وهو الله في السموات وفي الأرض} أي: المعبود في السماوات والمعبود في الأرض.
وعلى ذلك يكون معنى اسم الله مأخوذ من (الإله – المألوه )
فهو الإله الذي اتصف بصفة الألوهية وهي جميع صفات الكمال ومن أجل ذلك كان هو المألوه فاستحق العبادة وحده دون من سواه ،ودل على هذا المعنى قول ابن عباس (الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين)
والعبادة لاتكون عبادة حتى تجتمع فيها ثلاثة أمور :
1- المحبة العظيمة وهي عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل، ومن صرفها لغير الله فقد أشرك كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)
2- التعظيم والإجلال، فيعظم الله ويعظم أوامره ونواهيه
3- الذل والخضوع والانقياد، فيخضع ويذل بين يدي الله وكلما زاد ذله زاد تحقيقه للعبودية
ومن عرف الله بأسمائه وصفاته وكماله عبده وحده وأحبه وعظمه وذل له وخضع وانقاد فيكون بذلك عبداً لخالقه وسيده المتصف بالكمال .
خصائص اسم الله :
1- هو الاسم الجامع للأسماء الحسنى
2- أن جميع الأسماء الحسنى تضاف إليه
قال ابن القيّم رحمه الله: ( هذا الاسم هو الجامع، ولهذا تضاف الأَسماءُ الحسنى كلها إليه فيقال: الرحمن الرحيم العزيز الغفار القهار من أَسماء الله، ولا يقال: الله من أَسماءِ الرحمن، قال الله تعالى: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}).
3- هو أخصّ أسماء الله تعالى
4- أعرف المعارف على الإطلاق
5- اسم خاص لله لم يتسم به غيرالله
قال أبو سليمان الخطابي: (وهو اسم ممنوع، لم يتسم به أحد، قد قبض الله عنه الألسن؛ فلم يُدْعَ به شيء سواه)
س2: ما المراد بالبسملة.
المراد بالبسملة قول (بسم الله الرحمن الرحيم)
فالبسملة اسم لهذه الكلمة دالٌّ عليها بطريقة النحت اختصاراً
قال ابن فارس: (العرب تَنْحَتُ من كلمتين كلمةً واحدة، وهو جنس من الاختصار)
والأصل في البسملة أنها اختصار: (بسم الله)، وقد ورد لفظ البسملة في شواهد لغوية احتجّ بها بعض أهل اللغة، واشتهر إطلاق اسم البسملة على كلمة (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال ابن السكِّيت : (يقال: قد أكثرت من البسملة، إذا أكثر من قوله "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد أكثرت من الهيللة، إذا أكثرت من قول "لا إله إلا الله"، وقد أكثرت من الحوقلة، إذا أكثرت من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"
وأكثر ما يستعمل لفظ "البسملة" في كلام أهل العلم لقول (بسم الله الرحمن الرحيم.
وأكثر ما تستعمل التسمية لقول (بسم الله)
س3: ما الفرق بين المدح والثناء
الثناء: هو تكرير الحمد وتثنيته فيكون الثناء أعم من الحمد ،ويكون في الخير والشر
الحمد : يدخل الحمد في الثناء إذا تكرر الحمد ويكون على الحسن
توضيح الفرق بين الحمد والثناء من وجهين:
الأول: أن الثناء هو تكرير الحمد وتثنيته، ولذلك جاء في الحديث: (فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم} ، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي..).
الثاني: أن الحمد لا يكون إلا على الحُسْن والإحسان، والثناء يكون على الخير وعلى الشر، كما في الصحيحين من حديث عبد العزيز بن صهيب، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: مروا بجنازة، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجبت» ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: «وجبت».
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟
قال: «هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض».

س4: ما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}
الإضافة في مالك يوم الدين لها معنيان:
المعنى الأول:
إضافة على معنى (في) أي هو المالك في يوم الدين؛ ففي يوم الدين لا يملك أحد دونه شيئاً
توضيح :فيكون الملك بذلك ثابت لله وحده ولايملك غيره كما يكون في الدنيا من الملك لغيره وهو الواهب له في الحقيقة فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام ولكن يظهر كمال ملكه لجميع الخلائق في يوم القيامة ويومها لايشفع أحد إلا بإذنه لتمام ملكه .
المعنى الثاني: إضافة على معنى اللام، أي هو المالك ليوم الدين.
قال ابن السراج: (إن معنى مالك يوم الدين: أنه يملك مجيئه ووقوعه). ذكره أبو حيان، فلا يملك وقوع ذلك اليوم والإتيان به غير الله
وكلا الإضافتين تقتضيان الحصر، وكلاهما حقّ، والكمال الجمع بينهما.

س5: ما الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}؟
الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}:
1- إفادة الحصر؛ وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ؛ فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ
قال السعدي:وقوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: نخصك وحدك بالعبادة
والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور، ونفيه عما عداه. فكأنه يقول: نعبدك، ولا نعبد غيرك، ونستعين بك، ولا نستعين بغيرك.
2- تقديم ذكر المعبود جلَّ جلاله وفي هذا أدب مع الله وتعظيم له بتقديم اسمه على فعل العبد
3- إفادة الحرص على التقرّب؛ فهو أبلغ من (لا نعبد إلا إياك)
قال ابن القيم :(وأما تقديم المعبود والمستعان على الفعلين، ففيه: أدبهم مع الله بتقديم اسمه على فعلهم، وفيه الاهتمام وشدة العناية به، وفيه الإيذان بالاختصاص، المسمى بالحصر، فهو في قوة: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك، والحاكم في ذلك ذوق العربية والفقه فيها، واستقراء موارد استعمال ذلك مقدما، وسيبويه نص على الاهتمام، ولم ينف غيره)



س6: اذكر أقسام الاستعانة، وفائدة معرفة هذه الأقسام.
أقسام الاستعانة :
الاستعانة على قسمين:
القسم الأول:
استعانة العبادة، فيستعين العبد بالله بطلب العون منه فتقوم في قلبه جملة من العبادات القلبية كالمحبة والخوف والرجاء والرغب والرهب
فائدة معرفة هذا القسم :
صرف الاستعانة لله وحده والحذر من صرفها لغير الله
لأن استعانة العبادة من اسمها عبادة والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل، ومن صرفها لغيره فهو مشرك كافر
من الأدلة الدلة على وجوب الإخلاص في الاستعانة :
قال الله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؛ وتقديم المعمول يفيد الحصر، فيستعان بالله جل وعلا وحده، ولا يستعان بغيره.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (( وإذا استعنت فاستعن بالله)) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

القسم الثاني:
استعانة التسبب، وهو بذل السبب رجاء نفعه في تحصيل المطلوب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله جل وعلا، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
فهذه الاستعانة ليست بعبادة لخلوّها من المعاني التعبّدية
فائدة معرفة هذا القسم :
معرفة كيفية التعامل مع الأسباب بحسب حكمها الشرعي:
فإذا كان الغرض مشروعاً والسبب مشروعاً كانت الاستعانة مشروعة
وإذا كان الغرض محرماً أو كان السبب محرماً لم تجز تلك الاستعانة، فإن تعلق القلب بالسبب كان ذلك شركاً أصغر من شرك الأسباب.
من الأدلة الدلة على استعانة التسبب:
قول الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة}
قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لمّا أعطاه عطيَّة: (استعن بها على دنياك ودينك) رواه ابن خزيمة.
حديث قابوس بن المخارق عن أبيه، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله، الرجل يأتيني يريد مالي، قال: «ذكّره بالله».
قال: فإن لم يذكر الله؟
قال: «استعن بمن حولك من المسلمين»
قال: فإن لم يكن حولي أحد؟
قال: «فاستعن عليه بالسلطان».
قال: فإن نأى عني السلطان؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فقاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع مالك» رواه ابن أبي شيبة والنسائي.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 جمادى الأولى 1438هـ/18-02-2017م, 11:15 PM
سناء بنت عثمان سناء بنت عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 286
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسيرالفاتحة


المجموعة الثالثة:

س1: بيّن معنى اسم (الرحيم)
ج1: الرحيم على وزن فعيل، وهي من صيغ المبالغة.
وتأتي هنا بمعنى: فاعل، أي: راحم، والمبالغة المقصودة في (الرحيم): تشمل معنيين العظمة والكثرة؛ فهو سبحانه وتعالى عظيم الرحمة وكثيرها.
_فكل ما في الكون من خير فهو من آثار رحمة الله العامة التي جعلها الله بين خلقه.
_وهناك نوع آخر وهي الرحمة الخاصة التي جعلها الله لعباده المؤمنين واختصهم بها، فيهديهم للحق ويستجيب دعائهم ويكشف عن بلائهم وضرائهم وينصرهم على أعدائهم وغيرها..

س2: ما معنى الباء في {بسم الله}
ج2:الذي ينبغي أن يعلم، أن معاني الحروف تتنوع على حسب سياقها ومقاصدها التي يحتملها الكلام، وقد تنوعت واختلفت أقوال اللغوين في معنى الباء الواردة في (بسم الله) وتعددت تلك الأقوال؛ ويمكن تقسيم تلك الأقوال إلى قسمين:
القسم الأول: أقوال صحيحة لا تعارض فيها، وما ورد فيها من اعتراض فله توجيه يصح به القول الوارد. وهذه الأقوال أربعة هي:
الأول: أنها للاستعانة. وهو منسوب لأبي حيان الأندلسي والسمين الحلبي وجماعة من المفسرين.
الثاني:أنها للابتداء. قاله الفراء وابن قتيبة وأبي بكر الصولي وأبي منصور الأزهري وابن سيدة وابن يعيش وجماعة.
الثالث: أنها للمصاحبة والملابسة. وهو اختيار ابن عاشور وقد استبدلها من عبارة الإلزاق التي ذكرها سيبويه.
الرابع:أنها للتبرك. وهو مستخرج من قول بعض السلف في كتبهم مع إضافتهم لمعان أخر.
القسم الثاني: أقوال ضعيفة لا يمكن الاعتداد بها وهي:
الأول: أنها زائدة. وقد رد العلماء هذا القول؛ وقيل ضعيف جدا.
الثاني: أنها للقسم. وقد رد العلماء هذا القول أيضا؛ وحجتهم: أن القسم لا يكون إلا على معلوم، ويحتاج إلى جواب أيضا.
الثالث: أنها للاستعلاء. أن هذا القول قد يكون صحيحا في بعض المواضع وهي المواضع التي يتطلب فيها استعلاء مثل: أعمال الجهاد والتسمية عند الرمي وغيرها من أمثال تلك المواضع.
*وأما المواضع التي يتطلب فيها التذلل لله سبحانه وتعالى فإن هذا المعنى يتعارض، بل ولا يصح.

س3: ما الفرق بين الحمد والشكر؟
ج3: هناك تباين وفرق بين الحمد والشكر يظهر في عدد من النقاط:
ما كان الحمد أعم من الشكر:
من ناحية المعنى:
_أن الحمد قد يراد به الذكر، كما في قوله تعالى:(الحمد لله رب العالمين).
كما يراد به الثناء.
_بينما الشكر هو الثناء فقط.

في المتعلقات:
_فإن الحمد متعلقه:
1/الصفات الذاتية للمحمود. فيكون الثناء على المحمود بما له من الصفات والجوانب الحسنة.
2/ ويكون على مقابل. وبهذا المعنى أنه يمكن أن يطلق الحمد في كل مواضع الشكر ولا عكس.
_بينما الشكر لا يكون إلا على مقابل.
ما كان الشكر أعم من الحمد وهذا في الأنواع والأسباب:
_فإن الشكر تعدد أنواعه وأسبابه:
1/فيكون بالقلب واللسان والجوارح.
_أما الحمد فلا يكون إلا بالقلب واللسان.
وهو هنا أعم من الحمد.
وقد ذكر ابن تيمية وابن القيم هذا التفريق في مواضع من كتبهما.
* قال ابن القيم: والفرق بينهما: أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه، وأخص من جهة متعلقاته، والحمد أعم من جهة المتعلقات، وأخص من جهة الأسباب.

*قال ابن جرير الطبري والمبرد وجماعة من أهل العلم: أنه لا فرق بين الحمد والشكر، وأن الحمد يطلق في موضع الشكر، والشكر يطلق في موضع الحمد. وهذا غير صحيح. وقد سبق بيانه.
س4: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قولهتعالى: {مالك يوم الدين} وما الموقف الصحيح من هذا الاختلاف؟
ج4:جاءت قراءتان سبعيتان متواترتان في قوله تعالى:(مالك يوم الدين).
الأولى:بإثبات الألف. (مالك يوم الدين) وهي قراءة عاصم والكسائي.
الثاني:بحذف الألف، (ملك يوم الدين)وهيقراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وابن عامر.
*فما كانت بإثبات الألف: (مالك يوم الدين)فهي صفة كمال لله سبحانه وتعالى، وتعني: اختصاصه سبحانه وتعالى بالملك التام في ذلك اليوم العظيم، فقد ملك كل شيء، وفني كل مُلك كان في الدنيا وذهب. ويقتضي ذلك تمجيده سبحانه وتعالى وتفويض كل الأمور إليه.
*وما كان بحذف الألف: (ملك يوم الدين) فهي أيضا صفة كمال له سبحانه وتعالى،
وتعني: أي: هو ذو الملك الذي يفيد كمال التصرف والتدبير والنفوذ، فلا قوة فوق قوته، ولا سلطان فوق سلطانه سبحانه.
_وباجتماع المعنيين: يجتمع كمال آخر على أحسن الوجوه وأتمها كما يليق به سبحانه وتعالى، فهو سبحانه جمع بين المِلك والمُلك، وأما غيره فقد يكون مَلِك دون أن يكون مالك، وقد يكون مالك وليس بمَلِك، لكنه في حق الله سبحانه وتعالى مَلِك ومالك.
س5: اشرح بإيجازأقسام الناس في العبادة والاستعانة.
ج5: تتنوع أقسام الناس في العبادة والاستعانة ويرجع ذلك لاختلافهم في إخلاصهم للعبادة، وإحسانهم في استعانتهم وهم في ذلك على أقسام:
الأول:قوم أخلصوا في عبادتهم لله تعالى وأحسنوا في استعانتهم به، وهؤلاء بأعلى المراتب وأفضلها، وتتفاوت درجاتهم حسب تفاوت إخلاصهم واستعانتهم.

الثاني:قوم أخلصوا في عبادتهم، لكن لهم تقصير في جانب الاستعانة، وهذا قد يفوت عليهم جوانب الاحسان في عبادتهم، ويرجع سبب ذلك لضعف إيمانه.

الثالث:قوم لهم تفريط في جانب الإخلاص والاستعانة. وهم أقل مرتبة مما سبق، وهذا التقصير قد يؤدي إلى حبوط العمل أو نقص ثوابه.

س6: ما الحكمة من تكرر {إياك} مرّتين فيقوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين.}
ج6:جاء التكرار لقوله:(إياك) من قول الله تعالى:(إياك نعبد وإياك نستعين) مرتين لفوائد ذكرها العلماء، وفي هذه الفوائد حكم لا تخفى ومن ذلك:
1/ أنه لما اختلف الفعلان جاء ذلك التكرار ب(إياك) لبيان ما يقتضيه كل فعل.
2/ أن التكرار ب(إياك) يفيد معان ما كان ليفيدها الحذف.
قال ابن القيم: أنك إذا قلت: إياك أحب وإياك أخاف. كان فيه اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره، ما ليس في قولك: إياك أحب وأخاف.
وقال ابن كثير: وكرر للاهتمام والحصر.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 جمادى الأولى 1438هـ/18-02-2017م, 11:17 PM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي المجلس المذاكرة للقسم الثاني من الفاتحة

المجموعة الأولى:
س1: بيّن بإيجاز معنى اسم (الله) تبارك وتعالى.

اسم الله هو الاسم الجامع لكل أسماء الله الحسنى،و هو أخص الأسماء و المعارف. و قال ابن القيم هو اسم جامع و يضاف إليه أسماء الله الحسنى و ليس العكس؛ فيقال الرحمن من أسماء الله الحسنى،و لا يقال الله هو من أسماء الرحمن. وقال أبو سليمان الخطابي:"هو اسم ممنوع لا يسمى به أحد و قبض الله تعالى الألسن عنه.
و هو على معنيين عظيمين:
المعنى الأول: هو الإله الجامع لصفات الكمال و الجلال و الجمال فهو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى و العزيز الجبار الحكيم،فهو اسم يدل باللزوم على أسماء الله الحسنى. فهو اسم يجمع أسماء الله الحسنى والصفات العلى.
و دلالة الإسم تدل على التضمن و اللزوم؛ فالإسم يتضمن على كمال الألوهية ويجمع كل صفات الله التي تتسم بالكمال و يستلزم كمال الربوبية من تصريف و تدبير و رزق فهو من الأسماء الحسنى و الصفات العلى.

و المعنى الثاني: إنه الإله المعبود بالحق، الذي يستحق العبودية،"و هو الله في السماوات و في الأرض"، أي المعبود بحق في السموات و الأرض.

و العبودية الحق هي التي تستلزم ثلاثة أمور المحبة و التعظيم و الانقياد

الأمر الأول: المحبة العظيمة التي تصرف العبد إلى حب الله وحده عمن سواه." : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ).
الأمر الثاني: تعظيم الله في قلب كل محب صادق،"من أهم صور تعظيم الله في قلوب المؤمنين هو تعظيم حرمات الله و العمل باوامره و النهي عن المنكر.
الأمر الثالث: الانقياد لا يكون المؤمن محباً حقاً إلا و هو منقاد يتذلل لله تعالى . ومن ذل لله رفعه الله فشرف المؤمن في انقياد العبد للملك الواحد الفرد الصمد.وفي المقابل من استكبر و تجبر قصمه الله تعالى و أذله في الدنيا و الآخرة.

س2: ما المراد بالبسملة.

المراد بالبسملة هي قول بسم الله الرحمن الرحيم ن طريق النحت؛ و هي طريقة معروفة عند العرب مثل الحوقلة المراد بها قول "لا حول و لا قوة إلا بالله". قال البن فارس العرب تنحت الكلمتين في كلمة عم طريق النحت بغية الاختصار. واستعمال العرب للنحت قديم، ومن شواهده من شعر الجاهليين قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي:
وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا
قال الخليل: (نَسَبها إلى عَبْدِ شَمْسٍ، فأَخَذَ العين والباء من (عَبْد) وأخذَ الشينَ والميمَ من (شَمْس) ، وأسقَطَ الدال والسِّين، فبَنى من الكلمتين كلمة؛ فهذا من النَّحت)ا.هـ.
و لقد استشهد أهل اللغة بأن البسملة لها شواهد من الشعر:
ومن ذلك ما أنشده الخليل بن أحمد وأبو منصور الأزهري وأبو علي القالي وغيرهم من قول الشاعر:
لقد بَسمَلَتْ هندٌ غداةَ لَقِيتها ... فيا حبّذا ذاك الحبيب المبسمِلُ
(بَسْمَلَتْ) أي: قالت: (بسم الله) استغراباً أو فزعاً.
ونُسب هذا البيت مغيَّراً إلى عمر بن أبي ربيعة.
و أكثر ما يستعمل للفظ البسملة هي قول"بسم الله الرحمن الرحيم".

س3: ما الفرق بين المدح والثناء

المدح لا يقتضي الرضا و المحبة ،و قد يكون على باطل كما يمدح أهل الباطل المفسدين و يمدونهم في غيهم طمعاً في منفعة أو مصلحة. و المدح يكون باللسان فقط و ليس بالقلب.

أما الثناء فهو تكرير الحمد و تثنيته، كما جاء في الحديث القدسي: (فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم} ، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي..). والتمجيد هو كثرة ذكر صفات المحمود على جهة التعظيم. ولذلك قال في الحديث: (وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي).
و الثناء يكون على الخير و الشر، كما ورد في صحيح البخاري: أنه عندما أثنى الصحابة على جنازة خيراً،قال صل الله عليه و سلم وجبت، و عندما أثنوا على جنازة شراً قال وجبت.

س4: ما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}

في هذه الآية قراءتان سبعيتان متواترتان:
الإضافة في مالك يوم الدين لها معنيان:
المعنى الأول: إضافة تفيد معنى (في) أي هو المالك في يوم الدين؛ فهو الملك الذي يملك كل شئ في يوم الدين.
والمعنى الثاني: إضافة على معنى اللام، أي هو المالك ليوم الدين.
قال ابن السراج: (إن معنى مالك يوم الدين: أنه يملك مجيئه ووقوعه). ذكره أبو حيان.
وكلا الإضافتين تقتضيان الحصر، وكلاهما حقّ، والكمال الجمع بينهما

س5: ما الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}؟
يوجد فيه عدة أمور:

أحدهما: تفيد الحصر؛و اثبات حكم العبادة لله تعالى و نفيه عمن سواه.أي كأن العبد يقول نعبدك و لا نعبد من هو سواك، ومما يوضّح هذا المعنى قول الله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين . بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون}، {با إياه تدعون} تفيد الحصر بأنهم لا يدعون إلا الله .
الثانية: تقديم ذكر المعبود جلّ جلاله.
الثالثة:وأفاد الحصر هو الأدب مع الله تعالى و التقرب إليه و التذلل بين يديه، تمهيدا للدعاء و رجاء في الاستجابة.
الرابعة:الحكمة مراعاة فواصل الآيات في السورة.
الخامسة: أنه لا فرق في المعنى بين تقديم العبادة على الاستعانة والعكس ، وهذا القول قاله ابن جرير
السادسة :أن العبادة أعم من الاستعانة ، لأن الاستعانة نوع من أنواع العبادة وهذا القول ذكره البغوي في تفسيره.

س6: اذكر أقسام الاستعانة، وفائدة معرفة هذه الأقسام.

الاستعانة هي طلب العون؛ والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضارّ. و الاستعانة هي اوسع معاني الطلب.
القسم الأول: استعانة العبادة،و هي ما يبذله العبد من عبادة فهي عبادة تعبدية؛ تتضمن المحبة و الخوف و الرجاء و تستلزم التعظيم والرهبة و هذه لا تصرف إلا لله تعالى.و لذلك أفاد الحصر"إياك نعبد و إياك نستعين" ،أنه لا معبود إلا الله تعالى. و لذلك جاء في الحديث:"استعن بالله و لا تعجز".

القسم الثاني: استعانة التسبب، و هي تتضمن بذل الأسباب لجلب المنفعة، مع الاعتقاد الجازم أن من يجلب النفع هو الله و من يدفع البلاء هو الله تعالى.و هي كالكاتب يستعين بالقلم للكتابة، و قال الله تعالى:"و استعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين".فامر الله تعالى ببذل الأسباب و الأخذ بها مع اجتماع القلب و اليقين بالله تعالى و حسن الظن و التوكل عليه.و لذلك من استعان بغير الله مع الاعتقاد بأن هذا السبب ينفع أويضر فقد أشرك العبد.

أقسام الناس في العبادة والاستعانة.
الناس في العبادة والاستعانة على أقسام:
- فأفضلهم حققوا قول الله تعالى إيا نعبد و إياك نستعين}، فقد حققوا الدرجات العلى من اللإخلاص و الصدق مع الله تعالى .و في ذلك فليتنافس المتنافسون فهم على درجات من التفاضل لن قدرات الناس تتفاوت. فهم يسارعون في الخيرات محبة و خوفا{إنما نطعمكم لوجه الله تعالى لا نريد منكم جزاء و لا شكورا}.
و هناك من يقع منه التقصير في اخلاص العبادة و الاستعانة،فأولئك يوكلهم الله تعالى إلى من أشركوا به و إلى أنفسهم فيتخبطوا ويضلوا السبيل،و يصابهم من الهموم و العقوبات بتقصيرهم.و مما قد يصابوا به الرياء و حب الظهور و التسميع و إيثار الحياة الدنيا عن الآخرة. و هؤلاء يصابوا في إيمانهم و ضعف اليقين. و التقصير في الاستعانة يصيب العبد قلة الصبر و الاغترار بما لديه من اسباب و إمكانيات فيحصل له العجب،وإذا حدث العكس أصابه الجزع و قلة الصبر.و يفقد سلامة الصدر والنفس.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 جمادى الأولى 1438هـ/19-02-2017م, 03:08 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة الخامسة:
س 1 : ما الحكمة من اقتران اسمي "الرحمن" و"الرحيم"
ورد في هذه المسألة أقوال ... أصحها وأحسنها قول ابن القيم حيث قال : ( الرحمن : دال على الصفة القائمة به سبحانه، و(الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم؛ فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته. والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته.
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ، {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ولم يجئ قط رحمن بهم، فعلم أن "رحمن" هو الموصوف بالرحمة، و"رحيم" هو الراحم برحمته)

- ومعنى ذلك أن الرحمن الذي هو على وزن فعلان مختص بالوصف ، ووزن فعلان في اللغة دال على قيام الصفة بالموصوف مع الامتلاء به ، فهو كما تقول للجائع جوعان ولشديد العطش عطشان وللمتلئ ريا ريان ولشديد الغضب غضبان وغيرها من الصفات ... فالرحمن على ذلك اسم يدل على اتصافه سبحانه بعظيم الرحمة ... فهو رحمن ...

- وأما الرحيم وهو على وزن فعيل فهو دال على الفعل ، فسميع تدل على أنه يسمع الأصوات كلها ، وبصير يبصر كل شيء ، وحكيم يحكم بين عباده بالحق والحكمة ... وكذلك رحيم يرحم عباده وعبيده ...

فالرحمن تصف ذات الله والرحيم تصف فعله جل وعلا ...

فهذا القول الأول والأقرب إلى الصواب ...
🔸وأما الأقوال الأخرى فلا تخلو من نقص ونظر ... ومنها :
2 - أن الرحمن الذي يرحم عبيده مؤمنهم وكافرهم فهو دال على الرحمة العامة للخلق ، والرحيم خاص بالمؤمنين فهو دال على رحمة خاصة ، واستدلوا لذلك بقوله تعالى ( وكان بالمؤمنين رحيما)
ويرد على هذا القول بأنه سبحانه أيضا قال ( {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) }.الإسراء ... فهذه الآية تدل أن الله رحيم بعبيده كلهم مؤمنهم وكافرهم وأن هذا اللفظ لا يختص بالمؤمنين ...

3 - أن أحد اللفظين دال على الرحمة في الدنيا ( العاجلة ) والآخر دال على رحمته في الآخرة ( الآجلة )

4 - أن فائدة جمعهما معا هو المشاكلة لأجل التوكيد .. والحقيقة أن اقترانهما معا يدل على التأكيد على رحمته تعالى بعباده ، ولكن لا يصح قصر المعنى على ذلك ... إذ اللفظان مختلفان في مبانيهما واختلاف المباني لا بد أن يؤدي إلى اختلاف في المعاني ... فليست فعلان كفعيل ... بل كل مبنى منها له معان تخصه ... وإلا لما ورد الوزنان في اللغة لو كان مجرد إتيان اللفظ بهما هو مجرد توكيد معنى ...

س2: ما متعلّق الجار والمجرور المحذوف في {بسم الله}، وما الحكمة من حذفه؟
🔹متعلق الجار والمجرور في ( بسم الله ) محذوف ، وقد اختلف في تحديد هذا المحذوف ، فقالوا يقدر المحذوف وفق ما يناسب كل موضع ... فإن كنت تكتبها فتقديره بسم الله أكتب ، وإن كنت تقرؤها فتقديره بسم الله أقرأ ...
وقال بعضهم بل يقدر المحذوف حسب نوع الباء فإن كانت للابتداء فهي باسم الله أبدأ أو باسم الله ابتدائي ، وإن كانت للاستعانة فبسم الله أستعين أو استعانتي وهكذا ...
- قال أبو البقاء العكبري: (عند البصريين المحذوف مبتدأ، والجار والمجرور خبره، والتقدير: ابتدائي بسم الله، أي كائن باسم الله؛ فالباء متعلقة بالكون والاستقرار.
- وقال الكوفيون: المحذوف فعلٌ تقديره ابتدأت، أو أبدأ، فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف)

- وقد يتعلق الجار والمجرور في ( بسم ) بالاسم أو بالفعل ، وقد ورد في القرآن كليهما :
فمثال تعلّقه بالاسم قول الله تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها}
ومثال تعلّقه بالفعل قول الله تعالى: {اقرأ باسم ربك}.

🔹وأما سبب حذف متعلق الجار والمجرور ... ففيه عدة فوائد ذكرها النحاة منها :
1- أن يتقدم اسم الله على غيره ولا يتقدم غيره عليه ... إذ لو كان المتعلق مذكورا لكان موقعه الابتداء ( أكتب باسم الله ) أو ( ابتدائي بسم الله )
2- التخفيف لكثرة الاستعمال ، وهو دارج في العربية التخفيف في كل ما يكثر استعماله ...
3- التوسعة في المعنى ، إذ بحذف المتعلق يصلح تقديره في كلّ موضع بحسبه ، فمن يقرأ يقدر المتعلق بالقراءة ، ومن يكتب بالكتابة ومن يبدأ شيئا أو من يأكل أو يشرب أو يلبس أو يريد نوما أو استيقاظا أو خروجا من منزله أو عملا يقدر المحذوف بما يدل على ما يفعله اسما أو فعلا ...

س3: فسّر بإيجاز قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.
قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين ) أي أن كل حمد من المحامد إنما هو مستحق لله تعالى ... وكل ما حمد به الحامدون وما لم يبلغه حمدهم مستحق له سبحانه ... حمدا تاما كاملا كثيرا طيبا مباركا كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ... فهو رب العالمين كلهم وهو المدبر لأمورهم المصرف لها كأفضل ما يكون التدبير ... وذلك يستلزم أنه وحده المعبود بحق ... فلا تصرف العبادة إلا له ولا يصمد في الحوائج إلا إليه سبحانه ...

🔹فالحمد هو ذكر محاسن المحمود عن محبة ورضا ... سواء كانت تلك المحاسن من ذاته وصفاته أو من أفعاله ....
وبينه وبين بعض الألفاظ كالمدح والثناء والشكر عموم وخصوص ...
🔸فأما الحمد والشكر :
- فالحمد أعم من الشكر من جهة كونه ذكر لمحاسن المحمود في ذاته وصفاته وفي أفعاله ، أما الشكر فمختص على محاسن الأفعال فهو في مجازاة النعمة والإحسان ...
- والشكر أعم منه لكونه بالقلب والجوارح ( الأفعال ) واللسان ، والحمد إنما هو بالقلب واللسان

🔸 وأما الحمد والمدح :
- فالحمد أعم من المدح باعتبار أنه المدح يكون باللسان ولا يشترط أن يكون في القلب ، أما الحمد فبالقلب واللسان
- والمدح أعم من الحمد باعتبار أن الحمد إنما يكون عن محبة ورضا ، ولا يشترط ذلك في المدح فقد يمدح الإنسان غيره طمعا فيما عنده من هبات أو خوفا مما يملكه من بطش ...
كما أن المدح قد يكون على غير الحسن كما يكون على الحسن أما الحمد فمختص بالحسن ...

🔸وأما الحمد والثناء :
- فالثناء تكرير للحمد وتثنية له ...
- والحمد لا يكون إلا على الحسن أما الثناء فيكون على الخير والشر ... فتقول أثنى عليه خيرا ، وتقول: وأثنى عليه شرا

وعلى ذلك يتبين كيف اختار الله لنفسه في هذا الموضع أعظم الألفاظ اذ كل صفاته سبحانه عليا وكل أفعاله حسنة ... فناسب ذلك اختصاص اللفظ بالحمد ...
🔹والتعريف في ( الحمد )
- يفيد استغراق المحامد كلها ... فهو استغراق لجنس الحمد كله ... وكل حمد لغيره هو من من الله تعالى ... فما حمد به غيره سبحانه مما أودع الله فيهم من المحاسن إنما هو بفضل الله وكرمه ...فكل حمد في حقيقة أصله من الله ... وكل حمد لغيره إنما هو من آثار حمده ...
- يفيد التمام والكمال ، أي الحمد التام الكامل من كل وجه لله وحده ...
فالله وحده لا يكون إلا محمودا على كل حاله فله المحامد كلها ... تبارك ذو الجلال والإكرام ... فهو محمود في ذاته وصفاته ، محمود في أفعاله ، وفيما خلق وقدر ... فهذا الحمد خاص لله لا يشاركه في غيره ... إذ لا كمال إلا لله ...

🔹اللام في ( لله ) للاختصاص ... أي اختصاص الله تعالى بالحمد ... فالحمد بكل أنواعه حمدا كاملا تاما مطلقا إنما هو مختص بالله وحده سبحانه فلا يحمد في السراء والضراء إلا هو ... ولا يحمد في كل حال إلا هو ، ولا يكون سبحانه إلا محمودا ...

- والله علم على اسم الله تعالى ... دال على أنه وحده المألوه المعبود بحق ...

🔹رب العالمين : مركب إضافي مكون من اللفظين رب ، العالمين
🔸والرب : هو اسم جامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والتدبير والملك والإنعام والرزق وغيرها ... وهذه الربوبية عامة لكل المخلوقات ...
وهناك ربوبية خاصة لعباده الطائعين ربوبية الهداية والإصلاح والتوفيق والسداد ...
🔸العالمين : جمع عالم ، وعالم اسم جمع لا مفرد له ، يطلق على أفراد كثيرة يجمعها صنف واحد ... فنقول عالم الإنس وعالم الجن وعالم النبات وعالم الحيوان وغيرها من العوالم
قال ابن كثير ( والعوالم أصناف المخلوقات في السموات والأرض والبر والبحر وكل قرن وكل جيل يسمى عالما أيضا )

- فرب العالمين هو خالق العوالم كلها صغيرها وكبيرها ظاهرها وخفيها ما علمناه وما لم نعلمه منذ خلق الخليقة ... فهو وحده خالقها على كثرتها وتنوعها وتنوع أصنافها وتعددها وتعاقب أجيالها ... لا يحصيها إلا هو ولا يعلم عددها وأنواعها إلا هو ( لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) سبأ ...
وهذه العوالم كلها خلقها ربنا على غير مثال سابق ... وهو يخلق مايشاء سبحانه ( يخلق ما يشاء ويختار ) القصص 68

- ورب العالمين هو المدبر لما خلق في كل أمورهم ... فهو يرزق الخلق على كثرتهم ، ويدبر أمورهم ... فيعطي هذا سؤله ويقضي حاجة ذاك ويدفع ضر هذا ويمضي ماشاء الله أن يمضي فيهم من سننه ... فكل حركة وكل سكنة من حركاتهم وسكناتهم لا تخرج عن علمه وتدبيره ...

- ورب العالمين هو المالك لكل ما خلق له الملك المطلق الذي لا يجاريه ولا يشاركه فيه أحد ... فلا يملك أحد نفعا لنفسه أو لغيره إلا بإذن الله ولا يملك دفع ضر عن نفسه أو عن غيره إلا بإذن الله

- وهو لذلك كله المتوجه إليه في الحوائج كلها ... الذي تفتقر له المخلوقات كلها ... ولا تقوم لها حياة ولا أمر بغير أمره سبحانه وإنعامه وتقديره ...

- وهو لذلك من تتوجه له الخلائق طوعا وكرها ... وهو وحده المستحق للعبادة لا شريك له ولا ند ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا ، ( ليس كمثله شيء ) فمن كان وحده رب العالمين لم يكن مستحقا للعبادة إلا هو ...

فإذا تأمل العبد تلك المعاني من ربوبيته سبحانه للعالمين أجمع علم يقينا أنه سبحانه له الحمد وأنه وحده للمستحق للعبادة ...
ولو تأمل العبد في كون الله محمودا بصفاته وأفعاله ، ونظر إلى ما من عليه بكرمه وإنعامه ما وسعه إلا الحمد والثناء ولو قضى عمره كله حامدا شاكرا ... فيحمد الله على أن سواه في أحسن صورة وأحسن تقويم ، وأنه فضله على خلقه وكرمه بأن جعله من بني آدم ( ولقد كرمنا بني آدم ) ، وحمده على أن هداه للإيمان وما كان ليهتدي إلا بتوفيق من الله ومن وفضل ...
وحمده أن جعله من أمة خاتم النبيين وسيد المرسلين على نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ... وحمده على كل يوم رد عليه فيه روحه وأجرى على لسانه حمده وتسبيحه ووفقه للعبادة على نهج نبيه ... ثم إن حمده إنما هو عن تمام المحبة والرضا ... فيكون من حمده رضاه بما يقضي له ربه ويقدره ... فيكون حامدا لله في السراء والضراء ... صابرا على اللأواء ... راضيا عن ربه في كل ما قدره وقضاه ... يحمده أن جعله متوجها له في حوائجه كلها فيعلم أن أي حاجة أناخها بباب مولاه مقضية مجابة ... فيكون قرير العين مطمئن النفس مرتاح البال ...
يحمده على أنه هو رب العالمين لا رب سواه ... خلق الكون في أدق ناموس وأحكمه ... وأودع فيه من أسرار حكمته ما يعجز الخلق عن إدراك كثير منه ... خلق الكون فصرف أمره أحسن تصريف ... كل شيء عنده بمقدار ... ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ) يس ، وملك هذا الإنسان مفاتح العلم والمعرفة ليزداد بها علما ويزداد إلى الله تقربا ... فمن تفكر في ذلك وفي كثير منا حوله مما لا يحصيه المحصون لا يسعه إلا أن يردد من أعماق روحه وقلبه ( الحمد لله رب العالمين )
فلك المحامد والمدائح كلها ... بخواطري وجوارحي ولساني


س4: بيّن معنى العبادة لغة وشرعا.
🔹 العبادة لغة من عبد أي ذلل ...
قال ابن جرير رحمه الله: (العبودية عندَ جميع العرب أصلُها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ المذلَّلَ الذي قد وَطِئته الأقدام، وذلّلته السابلة (معبَّدًا) ) و قال: (ومن ذلك قول طَرَفَة بن العَبْد: تُبَارِي عِتَاقًا نَاجياتٍ وأَتْبَعت ... وَظِيفًا وظيفًـا فـوق مَـوْرٍ مُعَبَّـدِ
يعني بالموْر: الطريق، وبالمعبَّد: المذلَّل الموطوء، ومن ذلك قيل للبعير المذلّل بالركوب في الحوائج: معبَّد، ومنه سمي العبْدُ عبدًا لذلّته لمولاه)
وفسره أبو منصور الأزهري لغة باعتبار أصل معناها الملازم لها ... فقال (ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع، ويقال طريقٌ مُعَبَّدٌ إذا كان مذلَّلا بكثرة الوطء).
ويدل على هذا المعنى ما أورده الخليل في العين لمن لم يسمّه:
تَعبَّدَني نِمْرُ بن سعدٍ وقد أُرى ... ونمر بن سعدٍ لي مطيع ومُهْطعُ

🔹وأما العبادة شرعا فقد عرفت تعريفات شتى ... أحسنها وأعمها تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في رسالة العبودية : (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة )
فهو تعريف جامع مانع ... مطرد في كل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال ...

📍فبين تعريفه رحمه الله عدة أمور منها :
1- أن ما يدخل تحت تعريف العبادة هو ما يحبه الله مما يكتسبه العبد من الأقوال والأفعال فأخرج بقوله ( ما يحبه الله ) كل ما لا يحبه الله ولا يرضى عنه من كسب العبد وإن سميت في الظاهر عبادة لكنها ليست شرعية ... إذ لا توصف العبادة الشرعية بكونها شرعية إلا إن كانت مما يحبه الله تعالى ويرضاه ... فعبادة الكفار وكل ما أشرك فيه غيره لا يرضى عنها الله ولا يحبها ، وكل ما ابتدع من العبادات كذلك ... فهذه خارجة عن وصف العبادة لله ...
فالله تعالى سمى عبادة المشركين عبادة والمقصود بذلك العبادة لغة لا العبادة الشرعية ... فقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ ؛ فسمَّى ما يفعلونه عبادة، وقال تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) رواه مسلم.
فدلت هذه الآيات أن ما يفعله المشركون والكفار و المبتدعون وإن أطلق عليه عبادة إلا أنه مردود وليس عبادة شرعية ... إذ هي وإن كانت تذللا وخضوعا من الإنسان إلا أنها إن كانت كفرا أو شركا كانت متوجهة لمن لا يستحق العبادة أو أشرك مع الله غيره فيها وهوأغنى الأغنياء عن الشرك ، وإن كانت ابتداعا كانت أصلا مما لم يشرعه تعالى ولم يرضه أو يحبه أو يأذن به

2- أن قوله ( ما يحبه الله ) أن المقصود بالعبادة هو الله وحده لا غيره ، فلا يهم رضا المخلوقين أو غير الله عما يقوم به العبد ... فالعبادة لله وحده بلا شرك ولا رياء ولا طلب لغير رضاه سبحانه ... ولا بحث عن محاب غيره ... قال تعالى : ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾.
وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)﴾

3 - أن قوله ( من الأقوال والأفعال ) أخرج من معنى العبادة كل ما يحبه الله تعالى من الأشخاص والأمكنة والأزمنة ... فهذه لا توصف بأنها عبادة ، فالعبادة خاصة بكسب العبد من قول أو فعل ...

4 - أن قوله ( الظاهرة والباطنة ) دلت على أن من كان عابدا لله في الظاهر لكن باطنه غير خاضع ولا متذلل لم تكن تلك عبادة شرعية ... فالعبادة الشرعية تشمل أعمال القلوب والجوارح ( اللسان وغيره من الجوارح ) ... ولذلك كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار رغم أنهم كانوا يؤدون العبادات ظاهرا ، لكن بواطنهم كانت كافرة غير مؤمنة ولا خاضعة ...

قال الشيخ عبد العزيز الداخل : فتعريف شيخ الإسلام للعبادة تعريف بالحدّ الرسميّ لغرض بيان ما يشمله اسم العبادة الشرعية، وتعريف ابن جرير وأبي منصور للعبادة تعريف بالحد الحقيقي لغرض بيان ماهية العبادة وحقيقتها؛ فهي لا تكون إلا بتذلل وخضوع.
ولا بد للذلة في العبادة أن تستصحب أمورا ثلاثة :المحبة، والانقياد، والتعظيم.


س5: بيّن معنى الاستعانة وكيف يكون تحقيقها؟
🔹 الاستعانة هي :
من استعان وتعني طلب العون والاعتماد على من استعانه في جلب النفع ودفع الضر ...
وهي بذلك تشمل معنيي الاستعاذة والاستغاثة ... إذ الاستعاذة طلب العوذ والالتجاء بمعاذ لدفع ضر وشر ... والاستغاثة طلب العون ممن يغيث لتفريج كرب ... فكلاهما طلب عون ...
- وعلى ذلك فالاستعانة آوسع معاني الطلب وهي بمعناها العام تشمل الدعاء والتوكل والاستغاثة والاستعاذة والاستهداء والاستنصار والاستفتاح وغيرها ... فكل هذه طلب معونة من الله لتحقيق هذه المنافع أو دفع المضار ...
وهي من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله ... إذ أنها متضمنة معنى الافتقار إلى الله وحاجته في كل أمور العبد صغيرها وكبيرها وغناه هو عن عباده وصمديته إذ يلجأ إليه في الحوائج كلها ... قال تعالى ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر 15، وقال ( فاعبده وتوكل عليه ) ... هود 123 ، ففيها أعظم التذلل والخضوع وتحقيق للب العبادة وأسها ... ولذلك أفردها الله تعالى بعد قوله ( إياك نعبد ) رغم أن الاستعانة متضمنة في العبادة ...

- فهي وإن كانت من العبادات إلا أنها عبادة تلازم المؤمن في كل أوقاته ... فهو في سعيه في دنياه محتاج ... ولا يقضي له حوائجه إلا من ترفع عنده الحوائج سبحانه ... فإن طلب الهداية فالاستعانة على الهداية بالله ( اهدنا الصراط المستقيم ) ... وإن طلب الغوث فالاستغاثة وطلب الغوث منه سبحانه ( إذ تستغيثون ربكم ) الأنفال 9، وإن كان في حوائجه في دنياه فالرزق منه وحده سبحانه ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) الرعد 26 ، وإن قصد تفريج كرب فالله وحده ينجيه من كربه فلا يلجأ إلا إليه ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) ...الإسراء 67 ، وإذا قصد صلاح نفسه واستقامتها فلا رجاء له في ذلك إلا بعون الله ... وذلك لأنه لا يملك جلب النفع ولا دفع الضر إل هو سبحانه فلا يرجى في ذلك غيره .... ولذلك كان من الكلمات التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهو غلام : ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله )

🔸 وذلك كله يدل على أن الاستعانة بالله والتوجه إليه لتحقيق المطلوب لا بد فيه من بذل للعبد ... فيبذل في تحقيق مطلوبه ما يقتضيه تحقيقه من الأسباب ويكون مع بذله متوكلا على الله ملتجئا إليه طالبا منه العون والسداد والتوفيق في كل خطوة يخطوها ... فلا يطلب طالب أن يصير عالما وهو لم يبذل في تحصيل العلم شيئا ولم يفتح كتابا أو يسمع درسا أو يحضر حلقة علم ، وإنما يبذل كل سبب يحقق مطلوبه ويكون في ذلك كله راجيا تحقق مطلوبه بما بذله في تحققه من أسباب ...
وهذه الأسباب كما قال علماؤنا لا تحقق مسبباتها إلا بتحقق شروط السبب ( وهو ما يسميه البعض بالأسباب المساندة ) وانتفاء موانعه ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فكل سبب فهو موقوف على وجود الشروط وانتفاء الموانع ... ) ثم قال ( فلا بد من تمام الشروط وانتفاء الموانع وكل ذلك بقضاء الله وقدره ، وليس شيء من الأسباب مستقلا بمطلوبه بل لا بد من انضمام أسباب أخرى إليه ولا بد أيضا من صرف الموانع والمعارضات عنه حتى يحصل المقصود ، فالمطر وحده لا ينبت النبات إلا بما ينضم إليه من الهواء والتراب وغير ذلك ...، ثم الزرع لا يتم حتى تنصرف عنه الآفات المفسدة له ، والطعام والشراب لا يغذي إلا بما جعل الله في البدن من الأعضاء والقوى ) مجموع الفتاوى لابن تيمية

- فمن آمن بذلك كله اطمأن قلبه وعلم أن أمره كله بين يدي مولاه ... وأنه قد أوى إلى ركن شديد ... فكمل توكله على الله وأدام استعانته به ووحد خوفه لله وحده فلا شيء يخشاه من كان الله مولاه وناصره ... ووحد رجاءه فلا أحد يرجوه وقد علم أن ربه وحده يملك نفعه وضره ...

🔹تحقيق الاستعانة
ومما مضى يتبين لنا أن الاستعانة بالله حتى تتحقق كما يريدها الله لا بد فيها من أمرين :
1- إخلاص وصدق توجه القلب لله وحده لطلب العون في جلب نفع أو دفع ضر أو تحقيق مصلحة ..
2- بذل كل ما يمكن للعبد أن يبذله من أسباب يملك بذلها في تحقيق مقصوده ... وفي ذلك اتباع لأمر الله تعالى وهدي نبيه بالأخذ بالأسباب واستصحاب التوكل معه ...
قال ابن القيم رحمه الله ( والله أمر بالقيام بالأسباب فمن رفض ما أمره الله أن يقوم به فقد ضاد الله في أمره ) مدارج السالكين

🔸وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذين الأمرين بقوله: (( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)). رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فقوله صلى الله عليه وسلم ( واستعن بالله ) أي اطلب منه العون ، ولا تعجز : أي لا تترك بذل ما تملك من الأسباب والأفعال لتحقيق ما تريد ... فمن حقق الاستعانة حقق الله له مراده ، ومن ترك بذل الأسباب لم يكن محققا للاستعانة ...

🔸قال ابن تيمية رحمه الله ( فإن الله تعالى خلق المخلوقات بأسباب ، وشرع للعباد أسبابا ينالون بها مغفرته ورحمته وثوابه في الدنيا والآخرة ، فمن ظن أنه بمجرد توكله مع ترك ما أمره الله به الأسباب يحصل مطلوبه وأن المطالب لا تتوقف على الأسباب التي جعلها الله أسبابا لها فهو غالط ) مجموع الفتاوى لابن تيمية


س6: ما الحكمة من الإتيان بضمير الجمع في فعلي {نعبد} و{نستعين}
اختلف في معنى النون في ( نعبد ) ( نستعين ) على أقوال ذكرها ابن كثير في تفسيره :
- القول الأول: أن المراد الإخبار عن جنس العباد والمصلّي فرد منهم.
- والقول الثاني: أنها للتعظيم الذي يُشعِر به شرف العبادة، وهذا القول ذكره الرازي في تفسيره، وفيه نظر.
- والقول الثالث: أن ذلك ألطف في التواضع من : إياك أعبد، لما في الثاني من تعظيمه نفسه.

فالقول الثالث يشمل القول الأول معه ... فكأن المصلي يقر أنه فرد من عباد الله المصلين له وحده ... ولذلك يذكر بنون الجمع ليكون إقراره أعظم في التواضع فليس وحده العابد لله المتوجه له ... وإنما هو فرد من بين كل من يتوجه إلى الله وحده بالعبادة ...
والجملتان ( إياك نعبد وإياك نستعين ) خبريتان ، إلا أن الثانية متضمنة معنى الطلب لأن الاستعانة طلب ... فالإتيان بضمير الجمع في الإخبار أبلغ في تعظيم الله وتمجيده ( إياك نعبد ) فتوحي بأن الخلائق كلها متوجهة إلى الله بهذ الإقرار والإخبار فكلها لله طائعة ...
والإتيان بضمير الجمع في الطلب أبلغ في التوسل إذ الخلائق كلها مفتقرة إليه سبحانه ... وكأن العبد يطلب من الله أن يعينه كما أعان إخوانه المسلمين ...

🔸فجمعت هذه النون في هذا الموضع استشعار المؤمن أنه في توجهه إلى الله إنما هو فرد في تلك القافلة العابدة المتوجهة إلى الله تعالى ... وأن في القافلة - لا بد - من هو خير منه ، فيملأ ذلك قلبه تواضعا وتذللا ويزداد رجاء وتوسلا لله أن يهبه ما وهبهم من الهداية والإعانة ويكون ذلك أبلغ في تعظيمه لربه لعله يلحق بركب السائرين ...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 جمادى الأولى 1438هـ/19-02-2017م, 04:52 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الثالثة

س1: بيّن معنى اسم (الرحيم)

" الرحيم " على وزن فعيل ، وهي صيغة مبالغة في الرحمة .
وهو بمعنى راحم أي فاعل .
والمبالغة إنما تكون للدلالة على معنى العظمة ومعنى الكثرة ، فالله تعالى عظيم الرحمة وكثر الرحمة .
ورحمة الله نوعان :
النوع الأول : الرحمة العامة :
وتتجلى في كل ما في الكون من رحمة ، يرحم الله بها عباده جميعاً مؤمنهم وكافرهم ، ويتراحم بها المخلوقات فيما بينهم ، حتى إن البهيمة لترفع رجلها لصغيرها يرضع منها من رحمة الله عز وجل كما جاء ذلك في الحديث.
النوع الثاني : الرحمة الخاصة :
وهي ما اختص الله بها عباده المؤمنين ، فيرحمهم بها في الدنيا بتوفيقهم لطاعته وما ينفعهم في أخراهم ، كما أن بها يكشف كربهم ويغيثهم وينصرهم على أعدائهم وغير ذلك ، كما أنه يرحمهم بها في الآخرة بالتجاوز عن صغائرهم ، وخروج العصاة منهم من النار وغير ذلك .

س2: ما معنى الباء في {بسم الله}

معنى الباء في {بسم الله}
اختلف اللغويون في معنى الباء في (بسم الله) على أقوال أقربها للصواب الأربعة أقوال الأولى ، وهي أشهر ما قيل في هذه المسألة ، أما بقية الأقوال فهي ضعيفة .
القول الأول: الباء للاستعانة ، وهو قول أبي حيان الأندلسي والسمين الحلبي، وقال به جماعة من المفسّرين.
والقول الثاني: الباء للابتداء ، وهو قول الفراء، وابن قتيبة، وأبي بكر الصولي، وأبي منصور الأزهري، وابن سيده، وابن يعيش، وجماعة.
والقول الثالث: الباء للمصاحبة والملابسة ، واختاره ابن عاشور ، وقد أرجع سيبويه معاني الباء إلى أصل واحد وهو الإلزاق ؛ فقال في الكتاب: (وباء الجر إنما هي للإلزاق) ، وهذا من حيث الأصل مقبول لكن يُعبَّر عن المعنى في كلّ موضع بما يناسبه، ولذلك استبدل ابن عاشور عبارة الإلزاق في هذا الموضع بالمصاحبة والملابسة وذكر أنها مترادفة، ومن أهل اللغة من يذكر بينها فروقاً دقيقة.
والإلزاق ينقسم إلى حسيّ ومعنوي :
فالحسيّ للماديات ولمحسوسات نحو: أمسكت بالقلم.
والمعنويّ نحو: قرأتُ بِنَهَمٍ.
ثمّ يتفرَّع على الإلزاق الحسي والمعنوي أنواع أخرى؛ فقد يكون للاستعانة وقد يكون للتبرك، وقد يكون للاستفتاح، وقد يكون لغير ذلك، وقد تجتمع بعض هذه المعاني.

والقول الرابع: الباء للتبرك، أي أبدأ متبركاً، وهذا المعنى يذكره بعض المفسرين مع بعض ما يذكرونه من المعاني.
كما أن هذا القول مستخرج من قول بعض السلف في سبب كتابة البسملة في المصاحف، وأنها كتبت للتبرّك.

وهذه المعاني الأربعة كلها صحيحة لا تعارض بينها ، فما اجتمع منها من غير تنافر فيصحّ القول به، ولذلك يصحّ أن يستحضرَ المبسملَ عندَ بسملته هذه المعاني جميعاً، ولا يجد في نفسه تعارضاً بينها.

ومن أمثلة الجمع بين أقوال العلماء في معنى الباء في قوله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب}
فقيل: الباء للاستعانة، وقيل: للمصاحبة، وقيل: للملابسة، وقيل: للسبيية، وقيل: للتبرّك.
وهذه كلها معانٍ صحيحة لا تعارض بينها
وهناك بعض الاعتراضات على هذه الأقوال ولكن يمكننا الرد على كل اعتراض منها بتوجيه صحيح .
فمثلا ًمن اعترض على معنى الاستعانة : ذكر أنما تكون الاستعانة بالله وليس باسم الله
وهذا الاعتراض يدفعه أنّ من استعان بالله لا يمكنه تحقيق ذلك إلا بذكر اسم ربه متوسلاً به طالباً منه عونه وتوفيقه ، وهذا مراد من قال بمعنى الاستعانة .
القول الخامس : أنها زائدة ، وهو ضعيف جداً
القول السادس: بأنّها للقسم، والقسم يفتقر إلى جواب، ولا ينعقد إلا معلوماً.
القول السابع : أنها للاستعلاء ، وهذا المعنى يكون صحيحاً إذا استحضره المبسمل وكان مطلوباً في موضعه كالتسمية عند الرمي، وفي أعمال الجهاد، وسائر ما يطلب فيه الاستعلاء كما قال الله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} ، ولا يصح في مواضع الافتقار والتذلل لله عز وجل كما في قراءة القرآن وغيرها .
فمعاني الحروف تتنوّع بحسب السياق والمقاصد وما يحتمله الكلام ، وليست جامدة على معانٍ معيَّنة يكرر المفسّر القول بها في كلّ موضع.

س3: ما الفرق بين الحمد والشكر

بين الحمد والشكر عموم وخصوص وجهي :
فالحمد أعم من وجه ، والشكر أعم من وجه .
- الحمد أعم من جهة أنه إنما يكون على الصفات الذاتية والمتعدية للمحمود ، أي على ما اتصف به المحمود من الصفات الذاتية الحسنة ، كما يحمد على جميله وإحسانه .
والشكر أخص لأنه على الصفات المتعدية فقط ، أي في مقابل الإحسان والإنعام .
- والشكر أعم من جهة الآلة التي يؤدى بها ، فالشكر إنما يكون باللسان والقلب والجوارح ، كما قال الله تعالى: {اعملوا آل داوود شكرا} أما الحمد أخص هنا لأنه إنما يؤدى باللسان والقلب.
- وقيل أن الحمد يطلق في موضع الشكر، والشكر يطلق في موضع الحمد، وأنه لا فرق بينهما في ذلك. وهو قول ابن جرير الطبري والمبرّد وجماعة من أهل العلم .
وهذا القول إنما يصحّ فيما يشترك فيه الحمد والشكر؛ وهو ما يكون بالقلب واللسان في مقابل الإحسان .

س4: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {مالك يوم الدين} وما الموقف الصحيح من هذا الاختلاف؟

القراءات في الآية :
في هذه الآية قراءتان سبعيتان متواترتان:
الأولى: {مالك يوم الدين} بإثبات الألف بعد الميم ، وهي قراءة عاصم والكسائي.
والثانية: {ملك يوم الدين} بحذف الألف، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وابن عامر.
معنى القراءتين :
- أمَّا المَلِك فهو ذو المُلك ، ومن كان ذو ملك ؛ فهو من له كمال السيادة والتدبير والتصرف ونفوذ الأمر على من هم تحت سلطانه وتصرفه وملكه .
· وإضافة المَلِك إلى يوم الدين (ملك يوم الدين) تفيد الاختصاص ؛ فلا مَلِك يومئذ غيره ولا متصرف سواه ؛ فكلّ ملوك الدنيا يذهب ملكهم وسلطانهم وسيادتهم ، فيأتون كما خلقوا أول مرة حفاة عراة ؛ كما قال الله تعالى: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}.
- وأمَّا المالك فهو الذي يملِكُ كلَّ شيء يوم الدين ، ويتفرّد بالمِلك التامّ فلا يملِك أحدٌ سواه شيئاً ، فيظهر في ذلك اليوم عظمة ما يَـمْلِكه جلَّ وعلا ، فيأتي الخلق لا حول لهم ولا قوة ، ولا يملك لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فضلا عن غيرهم ،كما قال تعالى { يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله}.
- فكلا الوجهين في القراءة صفة كمال لله وتمجيد وتعظيم وتفويض ،كل له وجهه ، والجمع بين المعنين فيه كمال فوق الكمال ؛ فاجتماع المُلك والمِلك في حقّ الله تعالى على أتمّ الوجوه وأحسنها وأكملها ، فمن كان ملكا كان له من الكمال وجهه ، ومن كان مالكا كان له كذلك ، أما من جمع بين المُلك والمِلك فقد اجتمع له الكمالين ، فالله تعالى هو المالك الملِك، ويوم القيامة يضمحلّ ويزول كلّ مُلك دون ملكه، ولا يبقى مِلكٌ غير مِلكه.
- ومن هنا يظهر الموقف الصحيح من هذه القراءات ؛ ألا وهو الجمع بينها ، لأن كل وجه يضيف معنى جديداً ، ويبرز الآخر ويبينه ويقويه .


س5: اشرح بإيجاز أقسام الناس في العبادة والاستعانة.

الناس في العبادة والاستعانة على أقسام:
-
أعلاهم درجة وأفضلهم منزلة الذين أخلصوا العبادة والاستعانة لله وحده فكانوا من أهل {إياك نعبد وإياك نستعين}.وهم متفاوتون ومتفاضلون في درجاتهم حسب ما حصلوا واقتربوا من الإخلاص فيهما ، فمن وصل فيهما لدرجة الإحسان فهو السابق بالخيرات باذن الله .
أما من كان مقصراً مفرطاً فله من العقوبات والآفات ما كان نتيجة لتقصيره وتفريطه وكل بحسبه .
فهناك من يقصر في أداء العبادة فيسئ فيها ويخل بأركانها وواجباتها .
ومنهم من يكون تقصيره في اخلاصه ، فيعمل العمل رئاء الناس فيحبط عمله أو ينقص ثوابه بحسب قربه أو بعده عن الرياء وإرادة الدنيا .
أما المقصر في الاستعانة فيعاقب بالضعف والهوان العجز والكسل ، وإن أصاب ما يريد فيحصل له من العجب والكبر مالا يحمد عقباه ، وإن أخفق فيما أراد ؛ أصابه من القنوط والتسخط ما قد يخسر بسببه رضا ربه ومحبته ، بل ويجلب عليه سخطه .
ولا تحصل السكينة والرضا والاطمئنان للعبد إلا باجتماع هاتين العملين الجليلين .
وبهذا يعلم المؤمن أنَّ كماله وسعادته ورفعة درجاته بحسب إحسانه في عبادة ربّه واستعانته به.

س6: ما الحكمة من تكرر {إياك} مرّتين في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}.

ذكر المفسرون أقولاً في الحكمة من تكرار " إياك " مرتين في الآية :
القول الأول : أنها تكررت بحسب اختلاف الفعلين ،فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام ....ذكره ابن عطية
القول الثاني : تكررت للدلالة على اختصاص كلا من الفعلين والاهتمام بذكره ، فالمقام اقتضي التكرار ، ففيه من القوة ما ليس في حذفه .....وهو حاصل ما ذكره ابن القيم رحمه الله
القول الثالث : أن التكرار للاهتمام والحصر . ذكره ابن كثير .
والأقوال الثلاثة متقاربة جدا من بعضها البعض ويمكننا جمعها في عبارة جامعة : أن التكرار أفاد الاهتمام والتأكيد والاختصاص والحصر .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23 جمادى الأولى 1438هـ/19-02-2017م, 05:49 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المجموعة الخامسة:

س1: ما الحكمة من اقتران اسمي "الرحمن" و"الرحيم"
للعلماء في ذلك أقوال عدة:
وأفضل ما قيل في ذلك أن الرحمن يدل على صفة قائمة بالله –سبحانه- أما الرحيم فيدل على الفعل المتعلق بالمرحوم فيرحم الله خلقه برحمته.
ويدل عليه قوله تعالى: (وكان بالمؤمنين رحيما) ولم يقل رحمن بهم في موضع قط.
ويدل عليه أيضا أن صيغة فعلان تأتي في اللغة للدلالة على قيام الصفة بالموصوف كشبعان وريان، أما صيغة فعيل فتدل على الفعل كالحكيم هي بمعنى الحاكم.
وقد قيل غير ذلك ولا تخلو الأقوال من نظر.
ومن تلك الأقوال:
- أن الرحمن عام لجميع الخلق والرحيم خاص بعباد الله المؤمنين واستدلوا له بقوله: } وكان بالمؤمنين رحيما{وفيه نظر لأنه ورد في موضع آخر اسم الرحيم يراد به الرحمة العامة لجميع الخلق كما في قوله :: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66 }.
- وقيل: أن المراد الإنباء عن رحمة عاجلة ورحمة آجله.
- وقيل: أنالمراد المشاكلة لأجل التأكيد، وهو صواب من حيث الدلالة إلا أن قصر المعنى عليه غير صحيح.

س2: ما متعلّق الجار والمجرور المحذوف في {بسم الله}، وما الحكمة من حذفه؟
متعلق الجار والمجرور يقدّر في كل موضع بما يناسبه، فعند القراءة يكون التقدير باسم الله أقرأ، وعند الكتابة باسم الله أكتب، وقد ورد في القرآن مقترنا بالفعل كقوله (اقرأ باسم ربك) ومقترنا بالاسم كقوله: (وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها)
ومن العلماء من قدّره بما اختاره في معنى الباء فمن رأى أنها للابتداء قدرها بباسم الله ابتدائي أو باسم الله أبدأ.
قال أبو البقاء العكبري: (عندالبصريين المحذوف مبتدأ، والجار والمجرور خبره، والتقدير: ابتدائي بسم الله، أي كائن باسم الله؛ فالباء متعلقة بالكون والاستقرار.
وقال الكوفيون: المحذوف فعلٌ تقديره ابتدأت، أو أبدأ، فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف)
أما الحكمة من حذفه فلأسباب ثلاثة :
الأول: تقديم اسم الله تعالى فلا يُقدّم عليه شيء.
والثاني: التخفيف لكثرة الاستعمال.
والثالث: ليصلح تقدير المتعلّق المحذوف في كلّ موضع بحسبه.

س3: فسّر بإيجازقوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.
(الحمد لله) الحمد هو ذكر محاسن المحمود عن رضا ومحبة، والتعريف يدل على استغراق الجنس أي كل حمد فالله هو المستحق له وكل ما في الكون من مستحق للحمد فإنما حقيقة ذاك الحمد لله -عز وجل – لأنه إنما كان منه وبه.
ويفيد التعريف أيضا الدلالة على الكمال والتمام أي لله الحمد التام من كل وجه الخالي من كل نقص، فلله الحمد بكلا المعنيين.
(لله) اللام للاختصاص على الراجح؛ لأن الحمد أسند إلى ذات، وعلى المعنى الأول يفيد الاختصاص الأولوية والأحقية، وعلى المعنى الثاني يفيد الاختصاص الحصر.
(رب) الرب هو الجامع لمعاني الربوبية كالخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية، وتشمل الربوبية العامة لجميع الخلق والخاصة بأوليائه الصالحين من الهداية والتوفيق والتسديد.
(العالمين) جمع عالم وهو اسم جمع يشمل أفرادا كثيرة فالإنس عالم والجن عالم وكل صنف من أصناف المخلوقات عالم على القول الراجح، وهو قول أبي العالية الرياحي وقتادة، وتبيع الحميري،وقال به جمهور المفسّرين.
وقيل: هما الإنس والجن، وهذا القول مشتهر عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه سعيد بن جبير ومجاهد بن جبر وعكرمة، وروي أيضاً عن ابن جريج.
وقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من طرق عن قيس بن الربيععن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ: {ربّ العالمين} قال: (ربّ الجنّ والإنس).
وفيه قيس بن الربيع الأسدي وهو مختلف فيه،كان شعبة يُثني عليه، وقال عفّان: ثقة، وليَّنه الإمام أحمد، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك ، والأقرب في مثل حاله عدم قبول تفرده، وقد تعددت طرق هذا القول عن أصحاب ابن عباس لكنها لا تخلو من مقال وتعدد الطرق دال على أن القول محفوظ عن أصحاب ابن عباس.
وهذا القول صحيح من حيث المعنى ووجهه أن يجمع بين أمرين:
أحدهما: أن يكون التعريف للعهد الذهن دون الجنس؛ فيكون هذا اللفظ من العامّ الذي أريد بهالخصوص.
والآخر: أن يكون رب بمعنى إله؛ كما في حديث سؤال العبد في قبره: من ربّك؟ أي: من إلهك الذي تعبده؟ فتوجه الخطاب للمكلفين.
وقيل: هم أصناف الخلق الرّوحانيّين، وهم الإنس والجن والملائكة، كلّ صنف منهمعالم"، وهذا قول ابن قتيبة الدينوري في "تفسير غريب القرآن".وقد اضطرب قوله في هذه المسألة في كتبه، ودعوى تخصيص المراد من غير حُجَّة معتبرة يُستند إليها دعوى باطلة.
والقول الأول أعم ودلالته صحيحة وبه قال الجمهور واستدل له الشنقيطي – رحمه الله- بقوله تعالى: {قال فرعون وما رب العالمين - قال رب السماوات والأرض ومابينهما}).

والإضافة في (رب العالمين) أي أن الله هو خالق تلك العوالم وموجدها على اختلاف أنواعها وتعددها ، وهو سبحانه مالكها يتصرف بها كيف يشاء ومدبرها ومسيرها ورازقها وحكمه فيها نافذ ولا غنى للعالمين عنه ولا نفع لهم ولا ضر إلا بإذنه ، ففي الآية دعوة إلى التفكر في عظيم ملكه – عز وجل- والتعرف إليه بأسمائه وصفاته واليقين بربوبيته المستلزم لتوحيد الألوهية.

س4: بيّن معنى العبادة لغة وشرعا.
معنى العبادة في اللغة: التذلل والخضوع نقله ابن جرير، وعرفت بأنها الطاعة مع الخضوع باعتبار أصل معناها الملازم لها ذكره أبو منصور الأزهري.
قال ابن جرير رحمه الله: (العبودية عندَ جميع العرب أصلُها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ المذلَّلَ الذي قد وَطِئته الأقدام،وذلّلته السابلة (معبَّدًا) ).
قال: (ومن ذلك قول طَرَفَة بن العَبْد:
تُبَارِي عِتَاقًا نَاجياتٍ وأَتْبَعت...وَظِيفًا وظيفًـا فـوق مَـوْرٍ مُعَبَّـدِ
يعني بالموْر: الطريق، وبالمعبَّد: المذلَّل الموطوء.
ومن ذلك قيل للبعير المذلّل بالركوب في الحوائج: معبَّد، ومنه سمي العبْدُ عبدًا لذلّته لمولاه)ا.هـ.
ويشهد لما ذكره أبو منصور ما أنشده الخليل في العين لمن لم يسمّه:
تَعبَّدَني نِمْرُ بنسعدٍ وقد أُرى...ونمر بن سعدٍ لي مطيعومُهْطعُ
أما معناها في الشرع فتعددت أقوال العلماء :
ومن أفضلها ما ذكره ابن تيمية في رسالته العبودية من أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
وهو تعريف جامع مانع.
فقوله من الأقوال والأعمال: يخرج الأشخاص والأماكن والأزمنة التي يحبها الله.
وقوله ما يحبه الله ويرضاه: قيد يخرج مالا يحبه الله من الأعمال والأقوال الشركية.
فتعريف ابن جرير وأبي منصور تعريف للحد الحقيقي لغرض بيان حقيقة العبادة وماهيتها، وتعريف ابن تيمية تعريف للحد الرسمي لغرض بيان ما يشمله اسم العبادة الشرعية.
ثم إنه يصاحب هذه الذلة ثلاثة أمور : المحبة، والانقياد، والتعظيم.

س5: بيّن معنى الاستعانة وكيف يكون تحقيقها؟
الاستعانة هي طلب العون والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضار.
وتدل عند الإطلاق على معنى الاستغاثة والاستعاذة لأن حقيقة كل منهما طلب العون إما على تفريج كربة أو دفع مكروه.
وليس معناها العام مقصورا عليهما بل هي شاملة لمعان كثيرة لاسيما وأن العبد بحاجة إلى الإعانة من الله في كافة أحواله، فتدخل في الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاهتداء والاستنصار والاستكفاء وكثير من العبادات والأحوال، فكل ما يحتاج فيه العبد إلى إعانة من دفع مكروه أو تحصيل منفعة متضمن لمعنى الاستعانة.
وإذا علم العبد وأيقن بحاجته للعون من ربه فاستعان به في كافة أحواله، قام بقلبه كثير من العبادات القلبية الأخرى.
أما تحقيق الاستعانة فيكون بأمرين:
أحدهما: أن يلجأ العبد إلى ربه بصدق ويقين بأن الله قادر على تحقيق مطلوبه لا يعجزه شيء سبحانه.
والآخر: أن يتبع هدى الله تعالى فيبذل الأسباب التي أرشد الله إليها وجعلها سببا لتحصيل ذاك المطلوب.
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( احرص على ماينفعك واستعن بالله ولا تعجز)). رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فجمع بين السببين بعد أن دعا إلى الحرص على ما ينفع من أمور الدين والدنيا فقال استعن بالله أي اطلب عونه والتجئ إليه صادقا موقنا، ولا تعجز بترك الأسباب التي جعلها الله أسبابا.

س6: ما الحكمة من الإتيان بضمير الجمعفي فعلي {نعبد} و{نستعين}
للعلماء في ذلك أقوال عدة أوردها ابن كثير في تفسيره:
فقيل: أن المراد الإخبار عن جنس العباد والمصلّي فرد منهم.
وقيل: أنها للتعظيم الذي يُشعِر به شرف العبادة، ذكره الرازي في تفسيره، وفيهنظر.
وقيل: أن ذلك ألطف في التواض عمن (إياك أعبد) لما في الثاني من تعظيمه نفسه.
والمعنى أنني فرد من جملة عبادك فأعني كما أعنتهم، فأتى بضمير الجمع في مقام الإخبار في قوله: (إياك نعبد) لأنه أبلغ في التعظيم والتمجيد، وأتى بضمير الجمع في مقام الطلب (وإياك نستعين) لأنه أبلغ في التوسّل فتوسل به أن يعينه كما أعان إخوانه المؤمنين.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 27 جمادى الأولى 1438هـ/23-02-2017م, 02:23 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من تفسير الفاتحة


أحسنتم بارك الله فيكم وأحسن إليكم.
فاتني في المجلس السابق أن أهنّئكم على انتقالكم للمستوى الرابع، أدام الله عليكم الرفعة في الدنيا والآخرة، وبلّغكم رضوانه.

يَا رَبِّ أَكْرِمْ مَـنْ يَعيـشُ حَيَاتَـهُ ... لِكِتَابِكَ الوَضَّاءِ لَا يَتَوَانَى
يَا مُنْزِلَ الوَحْـيِ الْمُبِيـنِ تَفَضُّـلاً ... نَدْعُوكَ فَاقْبَلْ يَا كَرِيمُ دُعَانَا



المجموعة الأولى:
ج3: الفرق بين الثناء والمدح.
أشكر لكم اجتهادكم في هذا السؤال -بارك الله فيكم- ونضيف:
1: الثناء منه ما هو مدح، ومنه ما هو ذمّ. (دليله حديث الجنازة التي أثنوا عليها خيرا، والأخرى التي أثنوا عليها شرّا).
2: الثناء يكون في حياة الممدوح ويكون بعد موته، أما المدح فلا يكون إلا في حياة الممدوح.
3: الثناء يكون للبشر فقط أما المدح فيكون كذلك وللحيوان والجمادات.
4: الثناء يكون موافقا للحقيقة، أما المدح فقد يكون خلاف الحقيقة طمعا في نيل مرغوب أو كفّ مرهوب.



1: مريم أحمد حجاز
ي أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: تصحيح الآية: {وهو الله في السماوات وفي الأرض}.
ج3: المادح وإن مدح شرّا فإنه لا يسمّيه باسم الشرّ، بل يلبسه لباس الحسن، وعليه فلا يتّفق المدح والثناء في أنهما يكونان على الخير والشرّ، بل المدح ذكر محاسن للممدوح، سواء كانت محاسن حقيقية أو مدّعاة، فليس شرطا أن يعتقد المادح حسن الممدوح، وهو ما قصدتيه أنه قد يكون على الشرّ ، أما الثناء فيكون موافقا للحقيقة معتقدا صفات المثنى عليه، فيثني خيرا أو يثني شرّا.
وقولك: (الثناء مدح متكرّر) هذا إن افترضنا أنه ثناء حسن، غير أن الثناء الحسن حمد متكرّر وليس مدحا، وفرق بين الحمد والمدح.
ج6: فاتك بيان فائدة معرفة أقسام الاستعانة، وأحيلك على جواب الأخت منى مدني.

2: منى محمد مدني أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج3: المطلوب في السؤال الاجتهاد في التفريق بين الثناء والمدح وليس الثناء والحمد.

3: رشا نصر زيدان ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج5: أدخلت في الجواب ما ليس منه، فقد أدخلت الحكمة من تقديم العبادة على الاستعانة.
ج6: زدتِ في الجواب ما هو خارج السؤال، وهو أقسام الناس في العبادة والاستعانة، غير أنك لم تجيبي على الشقّ الثاني من السؤال وهو فائدة معرفة أقسام الاستعانة.


المجموعة الثانية:
4: فاطمة محمود صالح ج+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج2: لم يطلب في السؤال الكلام عن الفاتحة وبراءة وأنت أدخلت الفاتحة ضمن تحرير المسألة، وقد أحسنتِ الجواب لولا هذا الزيادة، فانتبهي لها، بارك الله فيك.
ج4:
أحسنتِ التفسير -بارك الله فيك-، ولو بيّنتِ أن إخلاص العبادة لله مستفاد من تقديم المفعول "إياك".
ج5:
تكلمتِ عن متعلّق الاستعانة ولم تتكلمي عن الحكمة في حذفه -وهو المطلوب في السؤال-، والحكمة في حذف المتعلّق هي إفادة العموم، أن يعمّ ويشمل كل ما يُحتاج فيه إلى إعانة مما يحتاج إليه الداعي من العبادة والهداية وما سواهما، راجعي الدرس.
ج6: لو لخّصتِ كلام ابن القيّم رحمه الله.

المجموعة الثالثة:
ج5: مراتب الناس في العبادة والاستعانة.
لقبول العبادة -ويدخل فيها الاستعانة- شرطان: الإخلاص والمتابعة.
ويتفاوت الناس فيهما بحسب تفاوتهم في تحصيل هذين الشرطين:
- فمن أخلص العبادة لله وحده واتّبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من المحسنين.
ومن قصّر في إخلاصه في عبادته فراءى أو سمّع أو ابتغى الدنيا فهو معرّض لحبوط عمله أو نقص ثوابه، كلٌ بحسبه.
ومن قصّر في أداء العبادة على وجهها الصحيح، أو فرّط في شيء منها، ناله من الخسران بحسب ما يكون من تفريطه.
- ومن أخلص في استعانته فالتجأ إلى الله وعلّق قلبه به وفوّض أمره إليه ثم اجتهد في بذل الأسباب، فهو الموفّق.
ومن لم يصدق في طلب العون من الله أو غفل قلبه كان عرضة لكثير من الآفات والمخاطر، فإن حصّل ما يحب فيصيبه الغرور والكبر وعدم الاعتراف لله بالفضل، وإن فاته أو أصابه ما يكره كان عرضة للقنوط واليأس، وكلاهما مذموم.
ومن أخلص في استعانته وقعد عن بذل الأسباب المطلوبة لم يكن مصيبا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن).
ومن تعلّق بالأسباب ولم يلتجيء إلى مسبّبها وقع في الشرك وحرم من التوفيق.


5: رضوى مح
مود أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج4: أحسنتِ، والموقف الصحيح من اختلاف القراءات
أنها إذا كانت صحيحة متواترة، فالواجب أن تحمل الآية على جميع معانيها ولا يردّ منها شيء ولا يرجّح بينها، لأنها كلها مما ثبت نزوله، وفيه دلالة على سعة وتنوع معاني القرآن.
ج6: اختصرتِ فيما يتعلّق بإخلاص الاستعانة، والعبارة تحتاج إلى مراجعة وضبط أفضل.

6: سناء بنت عثمان أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج4: أحسنت، ويراجع التعليق في التصحيح السابق.
ج6: يراجع التعليق العامّ

7: حنان علي محمود أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك وزادك من فضله.


المجموعة الخامسة:
8: هناء محمد علي أ+

أحسنت بارك الله فيك وزادك هدى وسدادا.
ج3: أجدتِ وأفدتِ، لكن الكلام عن الفرق بين الحمد والشكر والمدح يعتبر استطرادا خارج التفسير.

9: ندى علي أ+

أحسنت بارك الله فيك وسدّدك.
ج3: لا داعي للتفصيل في الخلاف في المراد بالعالمين عند تفسير الآية، بل يكتفى بالراجح، وقد يحتاج إلى الإشارة إلى بقية الأقوال باختصار.




رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
ووفقكم لما يحبه ويرضاه

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 7 رمضان 1438هـ/1-06-2017م, 07:06 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الرابعة:
س1: بيّن معنى اسم (الربّ) تبارك وتعالى.

(
الرَّبُّ): هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية.
فالرب في اللغة يطلق على جميع هذه المعاني إطلاقا صحيحا
.أنواع الربوبية:
وربوبية الله تعالى لخلقه على نوعين:
النوع الأول:ربوبية عامة بالخلق والملك والإنعام والتدبير، وهذه عامة لكل المخلوقات.
والنوع الثاني: ربوبية خاصة لأوليائه جل وعلا بالتربية الخاصة والهداية والإصلاح والنصرة والتوفيق والتسديد والحفظ.
.
س2: ما سبب حذف الألف في {بسم الله}

اتفقت المصاحف على حذف الألف في كتابة{بسم الله}في فواتح السور في قول الله تعالى:{بسم الله مجريها ومرساها}،وإثباتها في نحو{فسبّح باسم ربّك}، و{اقرأ باسم ربّك}. .
وقد ذكر لذلك علل منها
- أَمْنُ اللبس في{بسم الله} وهو قول الفرَّاء،
-إرادة التخفيف لكثرة الاستعمال، وهو قول جماعة من العلماء...منهم الزجاج وأبو عمر الداني

س3: ما المراد بالعالمين.
العالمون جمع عالَم، وهو اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه، يشمل أفراداً كثيرة يجمعها صِنْفٌ واحد.
فالإنس عالَم، والجنّ عالَم، وكلّ صنف من الحيوانات عالَم، وكلّ صنف من النباتات عالم، إلى غير ذلك مما لا يحصيه إلا الله تعالى من عوالم الأفلاك والملائكة والجبال والرياح والسحاب والمياه، وغيرها من العوالم الكثيرة والعجيبة.
وقال تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}.
فكلُّ أمَّة من هذه الأمم عالَم.

.
ثمَّ كلُّ صنفٍ من هذه العوالم ينقسم إلى عوالَم في كلّ قرن؛ فأهل كلّ قرن من ذلك الصنف عالَم كما قال الله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}

وقد ورد لأهل العلم أقوال في المراد بالعالمين أشهرها قولان صحيحان:
القول الأول:المراد جميع العالَمين، وهو قول أبي العالية الرياحي، وقتادة، وتبيع الحميري، وقال به جمهور المفسّرين.
والقول الثاني:المراد بالعالمين في هذه الآية: الإنس والجنّ، وهذا القول مشتهر عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وعكرمة، وروي أيضاً عن ابن جريج.

و استُدلّ لهذا القول بقول الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ، والمراد بهم هنا المكلّفون من الإنس والجن.
وهذا القول صحيح المعنى والدلالة، وبيان ذلك بالجمع بين أمرين:
أحدهما: أن يكون التعريف في (العالمين) للعهد الذهني، وليس للجنس؛ فيكون هذا اللفظ من العامّ الذي أريد به الخصوص.
والآخر:أن يكون لفظ (ربّ) بمعنى (إله) ؛ وهذا وارد في نصوص عدة منها
-حديث سؤال العبد في قبره: من ربّك؟ أي: من إلهك الذي تعبده؟

و كما ورد في حديث عدي في قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾قال عدي بن حاتم: (يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم)... الحديث، ففهم عَديٌّ رضي الله عنه من هذا اللفظ معنى العبادة، لأن اتخاذ الشيء رباً معناه عبادته، إذ الربوبية تستلزم العبادة.
ومما يقوي هذا المعنى ..اعتبار الخطاب للمكلفين..وهو الجن والإنس... كما قال تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون}؛ فهم أولى من يراد بلفظ العالمين؛ لأنهم المكلفون بالعبادة.

- لكن القول الأوّل أعمّ منه، وله دلالة صحيحة ظاهرة، وهو قول جمهور المفسّرين.
.
قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة: (قوله تعالى: {رب العالمين} لم يبين هنا ما العالمون، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما}).
وهذا من أحسن ما يُستدلّ به على ترجيح القول الأول.

س4: ما الحكمة من تكرار ذكر اسمي {الرحمن الرحيم} بعد ذكرهما في البسملة.
اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:

-القول الأول:أنه لا تكرارَ هنا لأن البسملة ليست آية من الفاتحة، وهذا قول ابن جرير. ..وقد تعقب على هذا القول من وجهين
-: أنّ اختيار المفسّر لأحد المذاهب في العدّ لا يقتضي بطلان المذاهب الأخرى، كما أنّ اختياره لإحدى القراءتين لا يقتضي بطلان الأخرى.
-: أنَّ المسألة باقية على حالها حتى على اختياره؛ إذ لا إنكار على من قرأ البسملة قبل الفاتحة ولو لم يعدَّها آية من الفاتحة.
-القول الثاني:التكرار لأجل التأكيد، وهذا القول ذكره الرازي في تفسيره. .-تأكيد كون الله تعالى رحمانا رحيما .
والقول الثالث: التكرار لأجل التنبيه على علّة استحقاق الحمد، وهذا القول ذكره البيضاوي.
ومستند ذا القولين الاجتهاد في التماس الحكمة من التكرار..
ويمكن أن تستشف علة تكرار ذكر الاسمين في هذين الموضعين. من ذلك بالنظر إلى سياق الكلام و المقاصد الآيات
. فالموضع الأول: البسملة، .
..والغرض بيان أن التوفيق لتحقيق أغراض البسملة إنما يكون برحمة الله عزوجل
والموضع الثاني: {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم}
ذكر اسم الرحمان الرحيم بعد ذكر رب العالمين لبيان أن رحمة الله وسعت كل شيء وأنها شملت جميع العالمين؛وأن تربية الله عزوجل للعالمين قائمة على الرحمة.

س5: ما معنى قوله تعالى: {وإياك نستعين}.
- معنى الاستعانة
الاستعانة هي طلب العون؛ والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضارّ.

والاستعانة أوسع معاني الطلب، وإذا أطلقت دلَّت على معنى الاستعاذة والاستغاثة؛ لأنَّ حقيقة الاستعاذة: طلب الإعانة على دفع مكروه، وحقيقة: الاستغاثة: طلب الإعانة على تفريج كربة.
فالاستعانة بمعناها العام تشمل الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاستهداء والاستنصار والاستكفاء وغيرها؛ لأن كل ما يقوم به العبد من قول أو عمل يرجو به تحصيلَ منفعة أو دفع مفسدة فهو استعانة.
وقد حذف متعلّق الاستعانة هنا لإفادة عمومَما يُستعان بالله عليه؛ فيشملَ كلَّ ما يحتاج العبد فيه إلى عون ربّهلجلب نفعأو دفع ضرّفي دينهودنياهأو دوام نعمة قائمة، أو دوام حفظمن شرّ، فكلّ ذلك ممالا يناله العبد إلا بعون ربّه جلّ وعلا.
و معنى: {إياك نستعين}.أي نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها.

س6: ما معنى الالتفات في الخطاب؟ وما فائدته؟ ومالحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟

الالتفات في الخطاب :هو الانتقال بالأسلوب من صيغة التكلم أوالخطابأو الغيبة إلى صيغة أخرى من هذه الصيغ.

وله فوائد في تنويع الخطاب، والبيان عن التنقّل بين مقامات الكلام، والتنبيه على نوع جديد من الخطاب يستدعي التفكّر في مناسبته، واسترعاء الانتباه لمقصده.

-الحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟
قال ابن كثير رحمه الله: (وتحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب له مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك)ا.هـ.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 02:36 PM
منيرة جابر الخالدي منيرة جابر الخالدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 364
افتراضي

🔸 المجموعة الأولى:

س1: بيّن بإيجاز معنى اسم (الله) تبارك وتعالى.

اسم الله هو الاسم الجامع للأسماء الحسنى، وهو أخص أسماء الله تعالى، وأعرف المعارف على الإطلاق.
وجميع الأسماء الحسنى تضاف إليه، ولا يضاف هو إليها.

و(الله) يشتمل على معنيين: فهو بمعنى (إله) وبمعنى (مألوه)
- فالإله الجامع لجميع صفات الكمال والجلال والجمال،
ويدل على سائر الأسماء الحسنى بالتضمن واللزوم:
. فبالتضمن: هو يتضمن كمال الألوهية لله تعالى، وهو معنى جامع لكل ما يؤله الله تعالى لأجله، وما يدل على ذلك من أسمائه وصفاته.
. وكمال الألوهية تستلزم كمال الربوبية لله تعالى، وما يدل على ذلك من الأسماء والصفات وكمال الملك والتقدير وما يدل على ذلك من الأسماء والصفات.

* فهذا الاسم يدل باللزوم على سائر الأسماء الحسنى. فهو الخالق البارئ الواحد القهار العزيز العظيم.
قال ابن القيّم رحمه الله: (اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى)ا.هـ.

- والمألوه أي المعبود الذي لا يستحق العبادة أحد سواه، والعبادة تستلزم: المحبة، والتعظيم، والانقياد
فمن اجتمعت فيه هذه الثلاث وأخلصها لله تعالى فهو من أهل التوحيد والإخلاص.

والعبادة درجة من درجات المحبة، وهي أعظمها ولذلك لا يجوز صرف هذه الدرجة من المحبة لغير الله عز وجل، ومن صرفها لغيره فقد أشرك (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)
* وكذلك التعظيم والذل والخضوع والانقياد لا يجوز صرفهم لغير الله عز وجل.



س2: ما المراد بالبسملة.

المراد بها قول: بسم الله الرحمن الرحيم
فالبسملة اسم لهذه الكلمة دال عليها بطريقة النحت اختصارا
والأصل فيها أنها اختصار قول: بسم الله
ومن ذلك قول الشاعر:
لقد بَسمَلَتْ هندٌ غداةَ لَقِيتها ... فيا حبّذا ذاك الحبيب المبسمِلُ
بسملت: أي قالت بسم الله

واشتهر إطلاق البسملة على كلمة: بسم الله الرحمن الرحيم، وهو أكثر ما يستعمل فيها عند أهل العلم. وأكثر ما يستعمل في التسمية قول: بسم الله
وقد يقع في كلام بعضهم استعمال اللفظين لكلا المعنيين، والسياق هو الذي يحدد المراد.



س3: ما الفرق بين المدح والثناء

بينهما تقارب واشتراك
فالمدح ثناء
فما كان عن رضا ومحبة من المدح سمي حمدا، وتكرير الحمد وتثنيته؛ ثناء بالحسن.

وكلاهما أعم من الحمد، وباللسان فقط ، ويكونان على الخير والشر وعن حب أو بغض بخلاف الحمد.



س4: ما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}

الإضافة في مالك يوم الدين لها معنيان:
المعنى الأول: إضافة على معنى (في) أي هو المالك في يوم الدين؛ ففي يوم الدين لا يملك أحد دونه شيئاً.
والمعنى الثاني: إضافة على معنى اللام، أي هو المالك ليوم الدين.
قال ابن السراج: (إن معنى مالك يوم الدين: أنه يملك مجيئه ووقوعه). ذكره أبو حيان.
وكلا الإضافتين تقتضيان الحصر، وكلاهما حقّ، والكمال الجمع بينهما.



س5: ما الحكمة من تقديم المفعول {إياك} على الفعل {نعبد}؟


تقديم المفعول {إيَّاك} على الفعل {نعبد} فيه ثلاث فوائد جليلة:

إحداها: إفادة الحصر؛ وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ؛ فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ، أوقول: (لا نعبد إلا إيَّاك)؛ مع اختصار اللفظ وعذوبته.

والثانية: تقديم ذكر المعبود جلَّ جلاله.

والثالثة: إفادة الحرص على التقرّب؛ فهو أبلغ من (لا نعبد إلا إياك).

قال ابن القيّم في "مدارج السالكين": (وأما تقديم المعبود والمستعان على الفعلين، ففيه: أدبهم مع الله بتقديم اسمه على فعلهم، وفيه الاهتمام وشدة العناية به، وفيه الإيذان بالاختصاص، المسمى بالحصر، فهو في قوة: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك، والحاكم في ذلك ذوق العربية والفقه فيها، واستقراء موارد استعمال ذلك مقدما، وسيبويه نص على الاهتمام، ولم ينف غيره)ا.هـ.



س6: اذكر أقسام الاستعانة، وفائدة معرفة هذه الأقسام.
الاستعانة على قسمين:
الأول: استعانة العبادة، وهي الاستعانة التي يصاحبها معانٍ تعبدية تقوم في قلب المستعين وهذه يجب إخلاص العبادة فيها لله تعالى ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وقال صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استعنت فاستعن بالله) ، ومن صرفها لغيره فهو مشرك كافر.
الثاني: استعانة التسبب، وهو بذل السبب رجاء نفعه في تحصيل المطلوب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله جل وعلا، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
فهذه ليست عبادة، وتأخذ حكم السبب والغرض مشروعية وحرمة، وإن تعلق القلب بالسبب كان ذلك شركاً أصغر من شرك الأسباب.
ومنها قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لمّا أعطاه عطيَّة: (استعن بها على دنياك ودينك) رواه ابن خزيمة.

وهذا يوجب على العبد أن لا يخلط بين الاستعانتين. فلا يستعين بمخلوق فيما لا قدر عليه إلا الله، وأن لا يقوم في قلبه في استعانة السبب ما يقوم في قلبه في استعانة العبادة. كما أنه لا مانع في الاستعانة بالأسباب بل هو من تحقيق الاستعانة، فمن ترك بذل السبب الممكن فهو غير محقق للاستعانة.




🔸المجموعة الثانية:

س1: بيّن معنى اسم (الرحمن)

هو اسم مختص بالله تعالى، وبناؤه على وزن فعلان يدل على السعة والمبالغة وبلوغ الغاية، وقيل في معناه:
. أنه ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء، يدل عليها الوزن.
. أو أنه دال على الصفة القائمة به سبحانه. أي أن الرحمة صفته.
. وقيل أن الرحمن ذو الرحمة العامة للخلق كلهم.
* والقولين الأوليين أولى
**

س2: اذكر الخلاف في عدّ البسملة آية أوّل كلّ سورة عدا سورة براءة وسورة الفاتحة مع الترجيح.

البسملة جزء من آية في سورة النمل وهي قوله: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)، لا خلاف في ذلك.

وإنما الخلاف في عدها في أول كل سورة عدا براءة.
فهناك خلاف في عدها في الفاتحة، وهناك خلاف في عدها في باقي السور.

▫بالنسبة لباقي السور عدا براءة والفاتحة، فحاصل ما قيل :
* 1. أنها لا تعد آية من أول كل سورة.* وهذا قول أبي حنيفة والأوزاعي ومالك ورواية عن الشافعي وحكي عن سفيان الثوري، وهذا ما عليه العد الكوفي والمكي
2. أنه آية في أول كل سورة.* وهو قول سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وأصح الروايات عن الشافعي ورواية عن أحمد ورجحه النووي
3. أنها جزء من الآية الأولى من كل سورة.** وهو رواية عن الشافعي وقول لبعض الشافعية حكاه الرازي في تفسيره وذكره شيخ الإسلام وابن كثير وابن الجزري هو قول ضعيف
4. أنها آية مستقلة في أول كل سورة وليست من السور، فلا تعد مع آيات السور.** وهو رواية عن أحمد وقول لبعض الحنفية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما اتفقت عليه مذاهب العد، فهو الراجح
ومما استندوا عليه

ومع رجحان هذا القول إلا أنه لا ترد باقي الأقوال بل هناك احتمال قوي قائم على أن الأقوال المأثورة في عدها آية من كل سورة قد تكون صحيحة عن بعض القراء الأوائل، وأنها مما تختلف فيه الأحرف السبعة.

وهذا يتبين بفهم أصل الخلاف في المسألة، وهو أنه راجع إلى اختيار كل إمام للقراءة التي يقرأ بها. مع التسليم بأن البسملة يفصل بها بين السور وأنها من كلام الله تعالى، وأنه صح عن النبي صلى الله عليه قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) في غير ما سورة



س3: ما الفرق بين الحمد والمدح

كل واحد منهما أعم من الآخر باعتبار وأخص باعتبار
فالمدح أعم: باعتبار أن الحمد يكون عن رضا ومحبة، والمدح لا يقتضي أن يكون كذلك؛ بل قد يمدح المرء من لا يحبه.
والحمد أعم: باعتبار أنه يكون بالقلب واللسان، والمدح باللسان فقط



س4: ما معنى قوله تعالى: {إياك نعبد} ؟

معنى قوله تعالى: {إياك نعبد}: أي نُخلِص لك العبادة؛ فنطيع أوامرك محبّة وخوفاً ورجاء خاضعين مستكينين لك وحدك لا شريك لك.
والعِبادةُ هي: التَّذلُّلُ والخُضوعُ والانقيادُ مع شدَّةِ المحبَّةِ والتعظيمِ.


س5: ما الحكمة من حذف متعلّق الاستعانة؟

المراد بمتعلَّق الاستعانة: ما يُستعان الله تعالى عليه، ولم يُذكر في هذه الآية ولذلك تكلم العلماء في بيان متعلَّق الاستعانة هنا، وحاصل ما قالوه يرجع إلى معنيين:
أحدهما: نستعينك على عبادتك؛ لتقدّم ذكرها.
والمعنى الآخر: نستعينك على قضاء حوائجنا، وجميع شؤوننا؛ فلا غنى لنا عن عونك وإمدادك.
والصواب الجمع بين المعنيين؛ إذ كلاهما حقّ، فالأوَّل طلب الإعانة على أداء حقّ الخالق جلّ وعلا، والآخر طلب الإعانة على ما يحتاجه المخلوق.
وقد روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يفيد الجمع بين المعنيين؛ فقال في قوله تعالى: ({وإيّاك نستعين} على طاعتك وعلى أمورنا كلّها). أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وحذف متعلّق الاستعانة هنا يفيد عمومَ ما يُستعان بالله عليه؛ ليشملَ كلَّ ما يحتاج العبد فيه إلى عون ربّه لجلب نفع أو دفع ضرّ في دينه ودنياه أو دوام نعمة قائمة، أو دوام حفظ من شرّ، فكلّ ذلك مما لا يناله العبد إلا بعون ربّه جلّ وعلا.


س6: ما الحكمة من تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين}؟

هناك عدة أقوال، مبناها على تلمس الحكمة في تقديمها:
1. مراعاة فواصل الآيات في السورة. قول البيضاوي، النسفي، ابن عاشور
2. أنه لا فرق بين تقديم العبادة على الاستعانة والعكس. قول ابن جرير. وفيه نظر
3 من باب تقديم الأعم على الأخص، لأن العبادة أعم من الاستعانة، فالاستعانة نوع من أنواعها. ذكره البغوي في تفسيره، وابن القيم في مدارج السالكين
4. من باب تقديم المقاصد والغايات على الوسائل، وتقديم الأهم فالأهم. فالعبادة له هي المقصودة والاستعانة وسيلة إليها. وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه، وقال به ابن كثير في تفسيره
5. لبيان أن عبادة العبد لربه لا تكون إلا بإعانة الله تعالى وتوفيقه، وهذا مما يستوجب الشكر، ويذهب العجب. فعند إتباع (إياك نعبد) ب(وإياك نستعين) فيها اعتراف بفضل الله تعالى في توفيقه للعبادة والإعانة عليها. هذا القول ذكره البيضاوي وجها، وألمح إليه أبو السعود.
6. أن العبادة تقرب للخالق، فهي أجدر بالتقديم في المناجاة، وأما الاستعانة فهي لنفس المخلوق للتيسير عليه فناسب أن يقدم المناجي ما هو من عزمه وصنعه على ما يسأله مما يعين على ذلك. ومن جملة ما تطلب الإعانة عليه؛ العبادة. فكانت متقدمة على الاستعانة في التعقل. كما أنه حصل بهذا التقديم إيفاء حق فواصل السورة. ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير، وذكر ابن القيم نحوه حيث قال: ولأن {إياك نعبد} قِسْم "الرب"؛ فكان من الشطر الأول، الذي هو ثناء على الله تعالى، لكونه أولى به، و{إياك نستعين} قِسْم العبد؛ فكان من الشطر الذي له، وهو " {اهدنا الصراط المستقيم} " إلى آخر السورة.

وذكر ابن القيم بعض الحكم في كتابه مدارج السالكين، منها أن:
7. {إياك نعبد} متعلق بألوهيته واسمه "الله"، {وإياك نستعين} متعلق بربوبيته واسمه "الرب" فقدم {إياك نعبد} على {إياك نستعين} كما قدم اسم "الله" على "الرب" في أول السورة.
8. الاستعانة طلب منه، والعبادة طلب له.
9. "العبادة" لا تكون إلا من مخلص، و"الاستعانة" تكون من مخلص ومن غير مخلص.
10. "العبادة" حقّه الذي أوجبه عليك، و"الاستعانة" طلب العون على "العبادة"، وهو بيان صدقته التي تصدق بها عليك، وأداء حقه أهم من التعرض لصدقته.
11. العبادة سبب للإعانة، لأن العبادة شكر نعمته عليك، والإعانة فعله بك وتوفيقه لك. فإذا التزمت عبوديته، ودخلت تحت رقها أعانك عليها، فكان التزامها والدخول تحت رقها سببا لنيل الإعانة، وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الإعانة من الله له أعظم.
12. {إياك نعبد} له، و{إياك نستعين} به، وما له مقدم على ما به، لأن ما له متعلق بمحبته ورضاه، وما به متعلق بمشيئته، وما تعلق بمحبته أكمل مما تعلق بمجرد مشيئته، فإن الكون كله متعلق بمشيئته.
13. الإتيان ب{وإياك نستعين} بعد قوله: {إياك نعبد} فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة؛ لأن غيره ليس بيده الأمر، كما في قوله: {فاعبده وتوكل عليه}. ذكره الشيخ محمد الأمين الشتقيطي

وقد تجتمع أكثر من حكمة، ويقبل منها ما يحتمله السياق وترتيب الكلام ومقاصد الآيات. إن صح فر نفسه وكان لنظم الآية دلالة معتبرة عليه.





🔸 المجموعة الثالثة:

س1: بيّن معنى اسم (الرحيم)

. رحيم، فعل بمعنى فاعل، أي: راحم. وهذا معنى من المعاني
. وفعيل من أوزان المبالغة وتكون للعظمة وللكثرة، والرحيم على المعنيين فهو سبحانه عظيم الرحمة وكثيرها.*
. وقيل أن رحيم متعلقة بالمرحوم. وهذا المعنى ليس بالقوي

ورحمته سبحانه:
(عامة) لجميع خلقه.
(وخاصة) لعباده المؤمنين.



س2: ما معنى الباء في {بسم الله}

اختلف اللغويون في معنى الباء في (بسم الله) على أقوال:
1. أنها للاستعانة.******** وهو قول أبي حيان الأندلسي والسمين الحلبي وقال به جماعة من المفسرين
2. للابتداء.** وهو قول الفراء، وابن قتيبة، وثعلب، وأبي بكر الصولي، وأبي منصور الأزهري، وابن سيده، وابن يعيش وجماعة*
3. للمصاحبة والملابسة.* واختاره ابن عاشور
4. للتبرك.*** وهذا القول مستخرج من قول بعض السلف في سبب كتابة البسملة في المصاحف.وهذا المعنى يذكره بعض المفسرين مع بعض ما يذكرونه من المعاني

➰وهذه الأربعة هي أشهر الأقوال وأقربها للصواب➰
وكلها صحيحة لا تعارض بينها..حسب القاعدة في معني الحروف: أن منها -معاني الحروف- ما يجتمع ولا يتنافر.

▫ويرد على هذا الترجيح اعتراض
* . الاعتراض:
**** أن الاستعانة بالله وليست باسم الله،لأن المستعين يقول: أستعين بالله ولبس أستعين باسم الله.
* . التوجيه:
*** أنه يستعين بالله تعالى حقيفة، ويذكر اسمه متوسلا به إليه ليعينه على ما عزم عليه،فمعنى الاستعانة متحقق.
*
5. زائدة.* وهذا القول ضعيف جدا.
6. للقسم.* وهذا القول ضعيف جدا. والقسم يفتقر إلى جواب،ولا ينعقد إلا معلوما.
7. للاستعلاء.* وهذا المعنى صحيحا إذا كان معنى الاستعلاء عند التسمية مطلوبا، ولا يراد إذا كانت التسمية لما يراد به التذلل لله والتقرب إليه.
8. وقد أرجع سيبويه معاني الباء إلى أصل واحد وهو الإلزاق.* وهذا مقبول من حيث الأصل، لكن من حيث المعنى فيعبر عن المعنى في كل موضع بما يناسبه.
والإلزاق حسي ومعنوي،* ثم يتفرع عنهما أنواع أخرى فقد يكون [للاستعانة،للابتداء، للمصاحبة، للتبرك] وقد تجتمع بعض هذه المعاني، فما اجتمع منها من غير تنافر فيصح القول به.




س3: ما الفرق بين الحمد والشكر

كل واحد منهما أعم من الآخر باعتبار وأخص باعتبار
فمن جهة الأنواع والأسباب -> الشكر أعم
ومن جهة المتعلقات -> الحمد أعم
فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس. فإن الشكر يقع بالجوارح. والحمد يقع بالقلب واللسان.



س4: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {مالك يوم الدين} وما الموقف الصحيح من هذا الاختلاف؟

فيها قراءتان سبعيتان متواترتان:
الأولى: {مالك يوم الدين} بإثبات الألف بعد الميم، وهي قراءة عاصم والكسائي.
والثانية: {ملك يوم الدين} بحذف الألف، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو بن العلاء وحمزة وابن عامر.


و (المَلِك) أي: ذو المُلك، وهو كمال التصرّف والتدبير ونفوذ أمره على من تحت ملكه وسلطانه.
وإضافة المَلِك إلى يوم الدين (ملك يوم الدين) تفيد الاختصاص؛ لأنه اليوم الذي لا مَلِكَ فيه إلا الله.
و(المالك) فهو الذي يملِكُ كلَّ شيء يوم الدين، فيظهر في ذلك اليوم عظمة ما يَـمْلِكه جلَّ وعلا، ويتفرّد بالمِلك التامّ فلا يملِك أحدٌ دونه شيئاً .

والقراءتان ثابتتان ومتواترتان والمعنى الأولّ صفة كمال فيه ما يقتضي تمجيد الله تعالى وتعظيمه والتفويض إليه، والمعنى الثاني صفة كمال أيضاً وفيه تمجيد لله تعالى وتعظيم له وتفويض إليه من أوجه أخرى، والجمع بين المعنيين فيه كمال آخر وهو اجتماع المُلك والمِلك في حقّ الله تعالى على أتمّ الوجوه وأحسنها وأكملها؛ فإذا كان من الناس من هو مَلِكٌ لا يملِك، ومنهم من هو مالكٌ لا يملُك، فالله تعالى هو المالك الملِك، ويوم القيامة يضمحلّ كلّ مُلك دون ملكه، ولا يبقى مِلكٌ غير مِلكه.


س5: اشرح بإيجاز أقسام الناس في العبادة والاستعانة.


الناس في العبادة والاستعانة على أقسام:
-قسم أخلصوا العبادة والاستعانة لله تعالى؛ فكانوا من أهل {إياك نعبد وإياك نستعين} -> وهم أفضلهم.
وهم على درجات بحسب إخلاصهم في العبادة وبحسب تحقيق الاستعانة، ومن أحسن في هذين العملين فهو سابق بالخيرات بإذن ربه.
- وقسم لديه تفريط وتقصير في إخلاص العبادة والاستعانة؛ فيحصل لهم بسبب ذلك آفات وعقوبات.
.فالتقصير في إخلاص العبادة -> تحصل بسببه آفات عظيمة تحبط العمل أو تنقص ثوابه.
وأخف من هؤلاء من يؤدي هذه العبادات لله لكن لا يؤديها كما يجب؛ فيسيء فيها ويخلّ بواجباتها لضعف إخلاصه وضعف إيمانه.
. والتقصير في الاستعانة -> تحصل بسببه آفات عظيمة من الضعف والعجز والوهن فإن أصابه ما يحِبُّ فقد يحصل منه عجب واغترار بما يملك من الأسباب، وإن أصابه ما يكره فقد يصاب بالجزع وضعف الصبر.

وكلا التفريطين لا يحصل لصاحبهما طمأنينة قلب ولا سكينة نفس ولا تطيب حياته حتى يحقق هذين العملين الجليلين.


س6: ما الحكمة من تكرر {إياك} مرّتين في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}.

اجتهد العلماء في التماس الحكمة، فمما قوالوا:
. أن التكرار بحسب اختلاف الفعلين، فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام. وهذا قول ابن عطية
. أن فيه دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه. قاله ابن القيم
. التكرار للاهتمام والحصر. قاله ابن كثير



🔸 المجموعة الرابعة:
س1: بيّن معنى اسم (الربّ) تبارك وتعالى.

(الرَّبُّ) هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية، فلفظ الربّ يطلق على هذه المعاني في لسان العرب إطلاقاً صحيحاً.



س2: ما سبب حذف الألف في {بسم الله}

من المعلوم أن المصاحف اتفقت على حذفها ولم يختلفوا في ذلك
والسبب: اتباع الرسم العثماني
والتمس علماء اللغة وعلماء الرسم أسبابا لهذا السبب منها:
- أمن اللبس بين البسملة وبين بعض المواضع.
- إرادة التخفيف، وذلك لكثرة الاستعمال.



س3: ما المراد بالعالمين.

اختلف المفسرين في المراد بالعالمين على أقوال، أشهرها ثلاثة:
الأول: جميع العالمين. كما ورد في قوله تعالى: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما}. وهو قول جمهور المفسرين.
الثاني: الإنس والجن. وهذا القول مشتهر عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه. استدلالا بقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ، والمراد بهم هنا المكلّفون من الإنس والجن.
وهذا القول صحيح الدلالة إذا كان (ال) التعريف للعهد الذهني لا الجنس، وإذا كان (رب) بمعنى (إله)
الثالث: أصناف الخلق الرّوحانيّين، وهم الإنس والجن والملائكة، كلّ صنف منهم عالم، وهو قول ابن قتيبة الدينوري. ونسبه الثعلبي إلى أبي عمرو بن العلاء من غير إسناد، وعلى معنى آخر ولا يصحّ هذا القول عن أبي عمرو بن العلاء، ولا ما ذكره الثعلبي عن ابن عباس.وابن قتيبة قد اضطرب قوله في هذه المسألة في كتبه، ودعوى تخصيص المراد من غير حُجَّة معتبرة يُستند إليها دعوى باطلة.



س4: ما الحكمة من تكرار ذكر اسمي {الرحمن الرحيم} بعد ذكرهما في البسملة.

اختلف المفسرون في ذلك على أقوال:
1. أنه لا تكرارَ، لأن البسملة ليست آية من الفاتحة، وهذا قول ابن جرير.
ويعترض عليه من وجهين:
أحدهما: أنّ اختيار المفسّر لأحد المذاهب في العدّ لا يقتضي بطلان المذاهب الأخرى، كما أنّ اختياره لإحدى القراءتين لا يقتضي بطلان الأخرى.
والوجه الآخر: أنَّ المسألة باقية على حالها حتى على اختياره؛ إذ لا إنكار على من قرأ البسملة قبل الفاتحة ولو لم يعدَّها آية من الفاتحة.
2. لأجل التأكيد، وهذا القول ذكره الرازي في تفسيره.
3. لأجل التنبيه على علّة استحقاق الحمد، وهذا القول ذكره البيضاوي.
وهذان القولان مستندهما الاجتهاد بالنظر في التماس الحكمة من التكرار.

وسياق الآيات يبين الفرق بين مقصد ذكر هذين الاسمين في كل موضع:
فالأول؛ المقصود منه: الاستعانة بالله تعالى والتبرّك بذكر اسمه واستصحابه على تلاوة القرآن وتدبّره وتفهّمه والاهتداء به. والتوفيق لتحقيق هذه المقاصد إنما يكون برحمة الله تعالى، والتعبّد لله تعالى بذكر هذين الاسمين مما يفيض على قلب القارئ من الإيمان والتوكّل ما يعظم به رجاؤه لرحمة ربّه، وإعانته على تحقيق مقاصده من التلاوة.
والثاني: ثناء عليه تعالى لربوبيته العامة للعالمين، وبيان أن رحمته وسعت كل شيء، وأنه عظيم الرحمة، كثير الرحمة إذ أن ذكرهما أتى بعد ذكر حمده وربوبيته العامة {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم} .



س5: ما معنى قوله تعالى: {وإياك نستعين}.

أي نستعينك وحدك لا شريك لك على إخلاص العبادة لك؛ فإنا لا نقدر على ذلك إلا بأن تعيننا عليه، ونستعينك وحدَك على جميع أمورنا؛ فإنّك إن لم تعنّا لم نقدر على جلبِ النفعِ لأنفسنا ولا دفع الضرّ عنها.



س6: ما معنى الالتفات في الخطاب؟ وما فائدته؟ ومالحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة؟

الالتفات في علم البلاغة: هو تحول الكلام من صيغة وضمير إلى صيغة أخرى، كتحوله الغيبة إلى الخطاب.
فائدته/ له فوائد في:
. تنويع الخطاب.
. والبيان عن التنقّل بين مقامات الكلام.
. والتنبيه على نوع جديد من الخطاب يستدعي التفكّر في مناسبته، واسترعاء الانتباه لمقصده.

الحكمة من الالتفات في سورة الفاتحة/
قال ابن كثير رحمه الله: (وتحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب له مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك)ا.هـ.





🔸 المجموعة الخامسة:

س1: ما الحكمة من اقتران اسمي "الرحمن" و"الرحيم"

اختلف العلماء في سبب اقتران هذين الاسمين،وكثرة تكرارهما مقترنين على أقوال:
1. الرحمن -> دال على الصفة القائمة به سبحانه. أي أن الرحمة صفته.
وذلك أن صيغة (فعلان) في اللغة تدل على قيام الصفة بالموصوف وسعتها.
الرحيم -> دال على ما يتعلق بالمرحوم. أي أنه يرحم خلقه برحمته، فهو دال على الفعل.
وصيغة (فعيل) في اللغة تدل على الفعل كالحكيم بمعنى الحاكم.

قال أبو عبيدة: (الرحمن) مجازه: ذو الرحمة، و (الرحيم) مجازه: الراحم.

2. الرحمن -> ذو الرحمة العامة للخلق كلهم.
الرحيم -> ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين.

وهذا يعترض عليه قوله تعالى: (ربكم الذي يزجي لكم الفلك... إنه كان بكم رحيما)
فالآية في معرض الامتنان على جميع الخلق مؤمنهم وكافرهم.

3. المراد به الإنباء عن رحمة عاجلة ورحمة آجلة.
4. المراد المشاكلة لأجل التأكيد.
وهذا القول وإن كان فيه صواب من جهة أن جمع الاسمين فيه دلالة على تأكيد صفة الرحمة إلا أن قصر التأويل عليه لا يصح.

فالقول الأول أحسن الأقوال وأجمعها، والباقي فيها نظر



س2: ما متعلّق الجار والمجرور المحذوف في {بسم الله}، وما الحكمة من حذفه؟

- متعلق الجار والمحرور:
. الجار والمجرور متعلق بمحذوف مؤخر يقدر في كل موضع بما يناسبه.
. بحسب الاختيار في معنى الباء.

- سبب الحذف:
. تقديم اسم الله تعالى.
. التخفيف؛ لكثرة الاستعمال.
. لصلاح تقدير المتعلق في كل موضع بحسبه.



س3: فسّر بإيجاز قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.

{الحمد لله}
الحمد هو ذكر محاسن المحمود وإحسانه عن رضا ومحبة. فهو أخص من المدح ومن الثناء

والمراد به هنا: الذكر، أي ما يحمد به العبد ربه.
ويكون بالقلب واللسان، ويكون على النعم، وعلى ما أحسن به المحمود وعلى ما اتصف به من الصفات .

والحمد لله أي أن :
كلّ حمدٍ حقيقته أنه لله تعالى لأنه هو المانّ به، وهو من آثار حمده، فما أَعْطَى أحدٌ من خلقهِ شيئاً يُحمدُ عليه إلا مما أعطاه الله، ولا اتّصف أحدٌ من خلق الله بصفة يُحمد عليها إلا لأنَّ الله تعالى هو الذي جبله عليها وخلقه على تلك الصفة، ووفّقه لما اتصف به من السجايا والأخلاق الحميدة. وهو على هذا المعنى يشتمل على أنواع كثيرة؛ فمنها ما يختص بالله تعالى، ومنها ما يقع اسم الحمد فيه على بعض ما يُحمد به بعض خلقه.
وكذلك له الحمد التامّ الكامل من كلّ وجه وبكلّ اعتبار، لا يشوبه نقص ولا انقطاع، ولا تخلو منه ذرَّة من ذرَّات الكون. وهذا المعنى مختص بالله تعالى لا يطلق على غيره.

{لله}
أي أن المختص بالحمد هو الله سبحانه وتعالى
سواء كان هذا الاختصاص محصورا عليه سبحانه، وهذا يرد على معنى التمام والكمال في (ال) التعريف في قوله (الحمد)
أو كان الاختصاص بمعنى الأولوية والأحقية، أي أن هناك الكثير ممن يحمد لكن أحق من حمد وأولى من حمد هو الله سبحانه وتعالى.
كلا المعنيين مرادان.

{الرَّبّ}
هو الجامع لجميع معاني الربوبية من الخلق والرزق والملك والتدبير والإصلاح والرعاية لجميع عباده مؤمنهم وكافرهم، وجميع مخلوقاته. والهداية والإصلاح والنصرة والتوفيق والتسديد والحفظ لعباده المؤمنين، وهذه هي الربوبية الخاصة.


{العالمين}
جمع عالَم، لا واحد له من لفظه، يشمل أفراداً كثيرة يجمعها صِنْفٌ واحد [فالإنس عالَم، والجنّ عالَم، وكلّ صنف من الحيوانات عالَم، وكلّ صنف من النباتات عالم، إلى غير ذلك مما لا يحصيه إلا الله تعالى من عوالم الأفلاك والملائكة والجبال والرياح والسحاب والمياه، وغيرها من العوالم الكثيرة والعجيبة.قال تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} ]
فكلُّ أمَّة من هذه الأمم عالَم، ثمَّ كلُّ صنفٍ من هذه العوالم ينقسم إلى عوالَم في كلّ قرن؛ فأهل كلّ قرن من ذلك الصنف عالَم كما قال الله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}

وهذا هو الراجح، وهو قول جمهور المفسرين، وهو ما فسره به تعالى في قصة موسى وفرعون في قوله: {قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما} ذكره الشنقيطي في تفسيره.
وهناك قول بأن المراد بالعالمين: الإنس والجن، وهذا القول مشتهر عن ابن عباس، استنادا على قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ، والمراد بهم هنا المكلّفون من الإنس والجن.
والقول الثالث: أنهم أصناف الخلق الرّوحانيّين، وهم الإنس والجن والملائكة، كلّ صنف منهم عالم.

{ربّ العالمين}

المراد بربوبيته للعالمين جميعا -> الربوبية العامة. ربوبية الخلق والملك والتدبير.
ربوبية الخلق -> ففي هذه العوالم أممٌ لا يحصيها إلا من خلقها، وفي كل مخلوق منها دقائق وعجائب في تفاصيل خلقه تبهر العقول، يستدل المتفكّر في شأنها على حكمة خالقها جل وعلا وسعة علمه، وعظيم قدرته.
وربوبية الملك -> فهو المالك لكلِّ تلك العوالم فلا يخرج شيء منها عن ملكه، ويملك بقاءها وفناءها؛ ملكا مطلقا، وتصرفاته تاما، فما يقتضيه فيها نافذ لا مرد له.
وربوبية التدبير -> فهو الذي دبَّر أمرها، وأعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى.
وهو ربّ العالمين -> الذي لا غنى للعالمين عنه، كلهم فقراء إليه فقراً دائماً متّصلاً، وهو الغنّي الحميد.
وهو ربّ العالمين -> الذي دلّت ربوبيّته للعالمين على كثير من أسمائه الحسنى وصفاته العليا من الحكمة والقوة والغنى والعظمة والمجد.

وهذه الربوبية تقتضي وتسليم أن يفرد بالألوهية والعبادة كما أفرد بها.



س4: بيّن معنى العبادة لغة وشرعا.


لغة: الذلة وهي الطاعة مع الخضوع.
قال ابن جرير رحمه الله: (العبودية عندَ جميع العرب أصلُها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ المذلَّلَ الذي قد وَطِئته الأقدام، وذلّلته السابلة (معبَّدًا) ).
وقال أبو منصور الأزهري: (ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع، ويقال طريقٌ مُعَبَّدٌ إذا كان مذلَّلا بكثرة الوطء)ا.هـ.

شرعاً:
لها تعريفات متعددة ذكرها أهل العلم، من أحسنها تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)ا.هـ.
فيخرج من التعريف: العبادات الشركية والبدعية، لأن الله تعالى لا يحبها ولا يرضاها ولا يقبلها، وإن كانت داخلةً في اسم العبادة لغة. ويشملها حقيقة من جهة كونها صادرة عن تذلل وخضوع للمعبود، لكنها عبادات باطلة عند الله.
فتعريف شيخ الإسلام للعبادة تعريف بالحدّ الرسميّ لغرض بيان ما يشمله اسم العبادة الشرعية، وتعريف ابن جرير وأبي منصور للعبادة تعريف بالحد الحقيقي لغرض بيان ماهية العبادة وحقيقتها؛ فهي لا تكون إلا بتذلل وخضوع.
ويصحب هذه الذلة في العبادات الشرعية التي أمر الله بها ثلاثة أمور: المحبة، والانقياد، والتعظيم.
والعبادةُ تكونُ بالقلبِ واللسانِ والجوارحِ، وقد أمَرَ اللهُ تعالى بإخلاصِ العبادةِ له وَحْدَه لا شَريكَ له؛ قال اللهُ تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)﴾


س5: بيّن معنى الاستعانة وكيف يكون تحقيقها؟

الاستعانة هي طلب العون؛ والاعتماد على المستعان به في جلب المنافع ودفع المضارّ.
وإذا أطلقت دلَّت على معنى الاستعاذة والاستغاثة، وتشمل بمعناها العام الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاستهداء والاستنصار والاستكفاء وغيرها؛ فكل ما يقوم به العبد من قول أو عمل يرجو به تحصيلَ منفعة أو دفع مفسدة فهو استعانة.
وحاجة العبد إلى الاستعانة بالله تعالى لا تعدلها حاجة، بل هو مفتقر إليه في جميع حالاته؛ ففي كل وقت يجد في قلبه مطلوباً من المطلوبات يحتاج إلى الإعانة على تحقيقه، والله تعالى هو المستعان الذي بيده تحقيق النفع ودفع الضر، فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو سبحانه.
وكل سبب من الأسباب التي يبذلها العبد لتحقيق النفع أو دفع الضر لا يستقل بالمطلوب، وإنما لا بد أن يكون معه سبب مساعد ولا بد معه أيضاً من انتفاء المانع، ولا يكون كلُّ ذلك إلا بإذن الله جل وعلا.
وهذا يجعل العبد يسلمَ قلبَه لله جل وعلا، ويبذل لنيل ما يريد ما هدى الله إليه وبيَّنه من الأسباب .
واليقين بهذه الحقيقة يورث في القلب أنواعٌ من العبودية لله جل وعلا من المحبة والرجاء والخوف والرغب والرهب والتوكل وإسلام القلب له جل وعلا والثقة به وإحسان الظن به.


● وتحقيق الاستعانة يكون بأمرين:
1 - التجاء القلب إلى الله تعالى بصدق طلب العون منه، وتفويض الأمر إليه، والإيمان بأن النفع والضر بيده جل وعلا.
2 - اتّباع هدى الله تعالى ببذل الأسباب التي أرشد إليها وبينها.
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذين الأمرين بقوله: (( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)).
فتبيَّن بذلك أنَّ من يترك بذل السبب الممكن غير محقّقٍ للاستعانة.
ومن حقّق الاستعانة أعانه الله، والله لا يخلف وعده.


س6: ما الحكمة من الإتيان بضمير الجمع في فعلي {نعبد} و{نستعين}

- الإتيان بضمير الجمع في مقام الإخبار أبلغ في التعظيم والتمجيد، وهو قول ابن القيم.
- للإخبار عن جنس العباد وأن المصلّي فرد منهم، ذكره ابن كثير.
- أن ذلك ألطف في التواضع من (إياك أعبد) لما في الثاني من تعظيمه نفسه.
- الإتيان بضمير الجمع أغيظ للمشركين، وأبلغ في الثناء على الله، وهو قول ابن عاشور إذا قال في تحريره: (وفي العدول عن ضمير الواحد إلى الإتيان بضمير المتكلم المشارَك الدلالة على أن هذه المحامد صادرة من جماعات، ففيه إغاظة للمشركين إذ يعلمون أن المسلمين صاروا في عِزة ومَنَعة ، ولأنه أبلغ في الثناء من أعبد وأستعين لئلا تخلو المناجاة عن ثناء أيضاً بأن المحمود المعبود المستعان قد شهد له الجماعات وعرفوا فضله).
- النون للتعظيم الذي يُشعِر به شرفُ العبادة، وهذا القول ذكره الرازي في تفسيره، وفيه نظر.
وهذه الأقوال حسنة،ويجمعها أنّ الإتيان بضمير الجمع يتضمن إقرار القارئ بأنه إنما هو عبد من جملة العباد الذين يعبدون الله وحده ويستعينون به ولا يشركون به، ويضاف إليها بيانُ أن الجملة في {إيَّاك نعبد} خبرية، وفي {إيَّاك نستعين} خبرية متضمّنة معنى الطلب.

- والإتيان بضمير الجمع في مقام الطلب أبلغ في التوسّل، فأضاف إلى التوسّل بالتوحيد التوسّل بكرمه تعالى في إعانة إخوانه المؤمنين؛ كأنّ المعنى (أعنّي كما أعنتهم) فهي في معنى (اهدني فيمن هديت).

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir