دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #22  
قديم 2 رجب 1436هـ/20-04-2015م, 07:52 AM
نبيلة الصفدي نبيلة الصفدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 508
افتراضي تلخيص رسالة في تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}

تلخيص رسالة في تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}
للحافظ ابن رجب الحنبلي
عناصر الرسالة :
- بيان دلالة الآية :" إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء"
- اثبات الخشية للعلماء ودلالتها لغوياً:
- نفي الخشية عن غيرهم ودلالتها اللغوية :
ü الاختلاف على دلالة {ما} في نفي الخشية عن غير العلماء هل هي بطريق المفهوم أم المنطوق
ü الاختلاف في الدلالة {ما} على النفي بطريق المفهوم هل هي بالنص أم الظاهر
ü الأقوال في " إنما" واثبات القول الراجح بالأدلة والرد على المرجوح
- - نفي العلم عن غير أهل الخشية ودلالتها اللغوية:
ü هل يقتضي ثبوت الخشية للعلماء للرهط أم لجنس العلماء
- أقوال السلف في الخشية من منظور هذه الآية :
- العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية وهذا من وجوه
- الجمع بين هذه الوجوه والدلالة على أكمل حالات الخشية
- أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه
مسائل استطرادية في رسالة ابن رجب:
- اختلاف الناس في التائب، هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية:
- الفرق بين أهل المعصية وأهل الطاعة
- أنواع العلماء:
- بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي مع العلم:
شرح عناصر الرسالة :
- بيان دلالة الآية :" إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء" :

- على أنّ من خشي اللّه وأطاعه وامتثل أوامره واجتنب نواهيه فهو عالم لأنه لا يخشاه إلا عالمٌ، وعلى نفي الخشية عن غير العلماء، ونفي العلم عن غير أولي الخشية أيضًا، وأنّ من لم يخش اللّه فليس بعالم
- العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره؛ هو أصل العلم النافع،
- الخشية ملازمةٌ للعلم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره،
- صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه وأن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وأنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل
******1- اثبات الخشية للعلماء باتفاق:
- دلالة اثبات الخشية للعلماء لغوياً:
- صيغة "إنما" تقتضي تأكد ثبوت الخشية للعلماء باتفاق:
- "إن" إفادة التأكيد
- "ما" فالجمهور على أنها كافة
- ذهب طائفة من الأصوليين إلى أن {ما} هنا نافية وتفيد الحصر ، و{إن} تفيد الإثبات و{ما} تفيد النفي ، ومن هؤلاء أبي علي الفارسي .
وهذا القول باطل باتفاق أهل المعرفة باللسان لأن {إن} تفيد توكيد الكلام نفيا أو كان إثباتا ، وما زائدة كافة لا نافية .
ومما سبق نرى اتفاق الجميع على أن ( إنما ) تفيد تأكيد ثبوت الخشية للعلماء باتفاق ، وإن اختلفوا في معنى ( ما) إلا أن اثبات الخشية للعلماء باتفاق لا خلاف فيه لأن ( إن ) تفيد التأكيد

******2- نفي الخشية عن غيرهم ودلالتها اللغوية :
n الاختلاف على دلالة {ما} في نفي الخشية عن غير العلماء هل هي بطريق المفهوم أم المنطوق
- إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء - وهو قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.-
- أنّ دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين و كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني. وقالوا : إنّ الاستثناء ليس لإثبات النقيض بل لرفع الحكم إما مطلقًا أو في الاستثناء من الإثبات وحده كما يذكر عن الحنفية وجعلوه من باب المفهوم الذي ينفونه


n الاختلاف في الدلالة {ما} على النفي بطريق المفهوم هل هي بالنص أم الظاهر
- "إنّما " تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وأكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ....
- " إنما" دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً.
- فظهر بهذا : أنّ المخالف في إفادتها الحصر هو من القائلين بأنّ دلالتها على النفيّ بالمفهوم وهم قسمان:
أحدهما: من لا يرى كون المفهوم حجّةً بالكلية كالحنفية، ومن وافقهم من المتكلمين.
والثاني: من يراه حجةً من الجملة، ولكن ينفيه هاهنا لقيام الدليل عنده على أنّه لا مفهوم لها،

n الأقوال في " إنما" واثبات القول الراجح بالأدلة والرد على المرجوح
- الجمهور على أن {ما} هي الكافة ، وإذا دخلت على {إن} تفيد الحصر ، مثل ابن عقيل والقاضي ،
- ذهب البعض أن ما لغير الحصر ، والدليل على ذلك قوله تعالى : {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إنما الربا في النسيئة
- ذهب آخرون أن أغلب مواردها لا تكون للحصر ، مثل قوله تعالى : {إنما الله إله واحد} ، و{إنما أنت منذر} و {إنما أنا بشر مثلكم} .
- ومنهم جعلها موصولةً فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه،
- الراجح : أنها تدل على الحصر ودلالتها عليه معلوم بالاضطرار من لغة العرب
- وذلك للأسباب الأتية :
1- أن {ما} الكافة تثبت معنى زائدا إذا دخلت على الحرف ، كما قال ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء تفيد التقليل ، كقول الشاعر : فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب
أو التعليل إذا دخلت على الكاف مثل قوله تعالى : {واذكروه كما هداكم}
2- .{إن} تفيد التوكيد و{ما} زائدة تقوي التوكيد ولكن هذا لا يمنع من أنها تفيد الحصر الذي يخرج عن إفادة قوة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكر .
3- أن استعمال {إن} المكفوفة بما في الحصر صار حقيقة عرفية في اللغة ، فدلالة {إنما} على الحصر هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة ، وهذا قول ابن تيمية .


***** 3- نفي العلم عن غير أهل الخشية ودلالتها اللغوية:
فتقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، وتقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه، ونظيره قوله تعالى: {إنّما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب} فيه الحصر من الطرفين، فإن اقتضى أن إنذاره مختصٌّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فإن هذا هو المختصّ بقبول الإنذار، والانتفاع به فلذلك نفى الإنذار عن غيره،
وكذلك قوله: {إنّما أنت منذر من يخشاها}.
وقوله: {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا} الآية.
فإن انحصار الإنذار في أهل الخشية، كانحصار أهل الخشية في أهل الإنذار، والذين خرّوا سجدًا في أهل الإيمان

n هل يقتضي ثبوت الخشية للعلماء للرهط أم لجنس العلماء ،
الثاني هو الصّحيح أي لجنس العلماء وتقريره من جهتين:
الجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، ، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم،
والجهة الثانية: العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه

n بعض أقوال السلف في الخشية من منظور هذه الآية :
ü عن ابن عباس قال:"يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".
ü وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ".
ü وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".
ü وذكر ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ في هذه الآية: "العلماء باللّه الذين يخافونه ".
ü وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ.
ü وعن الربيع عن أبي العالية قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ"مستشهداًبقوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}
ü عن ابن عباسٍ: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}قال: "من خشي اللّه فهو عالمٌ ".
ü وعن مسروقٍ قال: " كفى بالمرء علمًا أن يخشى اللّه عزّ وجل وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلم
ü وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".
ü وعن قتادة قال: "أجمع أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أنّ كلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ جهالةً، عمدًا كان أو لم يكن، وكلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ ".
العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية وهذا من وجوه :
إحداها:أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية
والمقصود أنّ العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره؛ هو أصل العلم النافع، وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه "
الثاني:أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك:
- يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور، وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}.
- أنّ ما في القلب من التصديق والمعرفة يقبل الزيادة والنقصان، فالمؤمن يحتاج دائمًا كلّ وقتٍ إلى تحديد إيمانه وتقوية يقينه، وطلب الزيادة في معارفه، والحذر من أسباب الشكّ والريب والشبهة،
ودليله :
عن عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال: "الإيمان يزيد وينقصقيل: وما زيادته ونقصانه؟قال: إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ".
عن أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "جدّدوا إيمانكم "قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟قال: "قولوا: لا إله إلا اللّه ".
الوجه الثالث:أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا
الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح ، فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه.
الخامس:أنّ كل ما علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعل شيئًا يضرّه ضررًا راجحًا لم يفعله، فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها
الوجه السادس:وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد ألبتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك، ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها،
الوجه السابع: وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ، وهذا من أعظم الجهل،
الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا
- الجمع بين هذه الوجوه والدلالة على أكمل حالات الخشية
لكن على الوجه الأول يستلزم الخشية العلم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف، كما تقدّم، وعلى الوجوه الأخر تكون الخشية ملازمةٌ للعلم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره، ولا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين.


المقصد الأخير : أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه
ü أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك،
ü ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر،
ودليله :
قال تعالى:"كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون"

مسائل استطرادية في رسالة ابن رجب:
- اختلاف الناس في التائب، هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية:على قولين
- فالقاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك،
- ولكنّ أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها،
- وإن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ فإن كان ذلك بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة.
وإن عفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها: ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21).
ولهذا قال بعض السلف: عدّ أن المسيء قد عفي عنه.أليس قد فاته ثواب المحسنين؟
ومنها: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه.وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً، عن عبد اللّه بن عمر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك .

- الفرق بين أهل المعصية وأهل الطاعة
يحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية،
فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك،
قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}.
وقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
وقال: {ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}.
وقال في أهل الطاعة: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}.
قال الحسن وغيره من السلف: "لنرزقنّه عبادةً يجد حلاوتها في قلبه ".
ومن أنواع الحياة الطيبة الرضى ، فما في الطاعة من اللذة والسرور والابتهاج والطمأنينة وقرة العين
وقال: {فآتاهم اللّه ثواب الدّنيا وحسن ثواب الآخرة واللّه يحبّ المحسنين (148)}.
كما قال عن إبراهيم عليه السلام:{وآتيناه في الدّنيا حسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (122)}...
أمر ثابتٌ بالنصوص المستفيضة وهو مشهودٌ محسوسٌ يدركه بالذوق والوجد من حصل له ولا يمكن التعبير بالكلام عن حقيقته، والآثار عن السلف والمشايخ العارفين في هذا الباب كثيرةٌ موجودةٌ حتّى كان بعض السلف يقول: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
وقال آخر: "لو علموا ما نحن فيه لقتلونا ودخلوا فيه ".
وقال: "إنه ليمرّ على القلب أوقاتٌ يضحك فيها ضحكًا".
وقال ابن المبارك وغيره: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها ولم يذوقوا أطيب ما فيها، قيل: ما أطيب ما فيها؟ قال: معرفة اللّه ".
وقال آخر: "أوجدني اللّه قلبًا طيبًا حتى قلت: إن كان أهل الجنة في مثل هذا فإنّهم في عيشٍ طيب ".
وقال مالك بن دينار: "ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر اللّه ".
والمعاصي تقطع هذه الموادّ، وتغلق أبواب هذه الجنة المعجلة، وتفتح أبواب الجحيم العاجلة من الهمّ والغمّ، والضيق والحزن والتكدر وقسوة القلب وظلمته وبعده عن الربّ - عزّ وجلّ - وعن مواهبه السّنيّة الخاصة بأهل التقوى.
كما ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي - رضي الله عنه - قال: "جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعس في اللذة. قيل: وما التعس في اللذة؟ قال:لا ينال شهوةً حلالاً، إلا جاءه ما يبغّضه إيّاها".
وعن الحسن قال: "العمل بالحسنة نورٌ في القلب وقوةٌ في البدن، والعمل بالسيئة ظلمةٌ في القلب ووهن في البدن ".
وروى ابن المنادي وغيره عن الحسن، قال: "إن للحسنة ثوابًا في الدنيا وثوابًا في الآخرة، وإنّ للسيئة ثوابًا في الدنيا، وثوابًا في الآخرة، فثواب الحسنة في الدنيا البصر في الدّين، والنور في القلب، والقوة في البدن مع صحبةٍ حسنةٍ جميلةٍ، وثوابها في الآخرة رضوان اللّه عزّ وجلّ وثواب السيئة في الدنيا العمى في الدنيا، والظلمة في القلب، والوهن في البدن مع عقوباتٍ ونقماتٍ، وثوابها في الآخرة سخط اللّه عزّ وجلّ والنار".
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مالك بن دينارٍ، قال: "إن للّه عقوبات فتعاهدوهنّ من أنفسكم في القلوب والأبدان: ضنكٌ في المعيشة، ووهن فى العبادة، وسخطٌ في الرزق ".
وعنه أنه قال: "ما ضرب عبدٌ بعقوبةٍ أعظم من قسوة القلب ".

- أنواع العلماء:
كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ".
فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ

- بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي مع العلم:
- فإنّ العلم له موجب ومقتضى.:وهو اتباعه والاهتداء به وصدّه الجهل،
- فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل،
- فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه،
- وهو من سلب اسم الشيء أو مسمّاه لانتفاء مقصوده وفائدته وإن كان موجودًا،
- وهذا كما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى: {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}.
- كما قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا من الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون (179)}.
- فسلب العلم والعقل والسمع والبصر وإثبات الجهل والبكم والصمم والعمى في حقّ من فقد حقائق هذه الصفات وفوائدها ، من الكفّار والمنافقين أو من شركهم في بعض ذلك كلّه؛

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صفحة, نبيلة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir