عامّ لجميع الطلاب:
استخلص الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير صدر سورة عبس.
1- في عتاب الله عز و جل للنبي عبرة لكل داعية و واعظ (عبس و تولى أن جاءه الأعمى )( و ما يدريك لعله يتزكى) فلا تعرض عمن ثنى الركب بين يديك و سعى لمجلسك طالباً كلمة ترفع مقامه من الجهل الى العلم .
2_ ( و أما من جاءك يسعى و هو يخشى) العلم لا يبذل الا لصاحبه ، و صاحبه من كان مشغولاً به ،حريصاً على طلبه ، يتحرى مجالس العلم و ليس من كان مشغولاً عنه ، ( أما من استغنى)مستغنياً بما لديه من العلم الزائف و العقل الضعيف القاصر عن معرفة الفاضل من المفضول فاعرف من بين يديك.
3- (جاءك يسعى)لا تقف مكانك يا طالب العلم ، و لا تتذمر و ابذل الوقت و الجهد لتكون أهلاً لما يبذل لك من العلم .
4- (و ما يدريك لعله يزكى)على المعلم و المربي و الداعية أن يحسن الظن بمن وقف بين يديه طالب العلم فلا يحكم عليه بالفشل و يقرر أنه لا فائدة منه ، ما وقف بين يديك الا لصدق نيته فادعو الله له و لا تكن عونا للشيطان عليه .
5- ( لعله يزكى) الغاية من طلب العلم التزكية للنفس و البدن من الذنوب و المعاصي فمن لا يرى أثراً لما يتعلم في نفسه ، فليراجع ما هو عليه.
6-( و هو يخشى) تقوى الله هي غاية و سبب ، فهي الدافع للعلم عما يحبه الله و يبغضه لينال رضاه و هي الغاية المرجوة بالعمل بالعلم الذي يصيبه الانسان ، فجدد نيتك يا طالب العلم ، لتكن نيتك رفع الجهل عن نفسك و ادع الله أن يهديك صراطه المستقيم و يرزقك العلم النافع لتكون من المتقين .
أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1. فسّر بإيجاز قوله تعالى:
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}.
بعد أن ذكر الله دلائل حفظ كتابه من التغيير و التبديل و الزيادة و النقص و التي تقتضي الايمان به و قبوله ، ذم من ثبت على جحوده و كفره رغم ما اتضح له من أن كتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه فقال جل و علا ( قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) قتل هي الدعاء بالقتل و فسرت هنا بمعنى اللعن و هو من لوازم الدعاء الذي يستوجب الطرد من رحمة الله عز و جل ، فيقول الله عز و جل أن من كان كافراً بالله جاحداً لآياته ، منكراً و مكذباً لمن بعثه و بما بعثه لعن و ذلك بسبب شدة كفره التي تثير العجب و تثير السؤال ما سبب هذا الكفر الشديد و العناد ، ما الذي دفعه له ، و سبب التعجب من فعله ما هو عليه من الضعف الذي يبدأ بخلقه من عدم من ماء مهين يخرج بين السبيلين ، (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) خلقه الله القادر على كل شئ فقدر له أجله و عمله و رزقه و شقي أم سعيد كما جاء في حديث بن مسعود حين يتم اربعين يوما يكتب الملك ما قدره الله عليه ، و من لوازم هذا التقدير خلقه في أحسن صورة تعده للحياة،فكان له العينين و اليدين و الرجلين و الأذنين و غيرها من الاعضاء تعينه على العمل و الحياة ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) بعد أن خلقه و قدره يسر له سبيل الخروج من بطن أمه و يسر له و هيأ الأسبابَ الدينيةَ والدنيويةَ في الحياة، فهو لم يخلقه و يتركه هملاً ،دبر و يسر له أسباب الحياة , بين ووضح له الطريق و هو يختار و في هذا مزيد رحمة و منة من الله على هذا الانسان الضعيف ( انا هديناه السبيل اما شاكرا و اما كافورا) يختار ما يكون عليه ، من خير أو شر ، أرسل الرسل بالبينات تنذر و تبشر و تبين ما خفي على العباد ، ( ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) و بعد ان خلق الله الانسان من عدم و ولد و عاش حياته (ثم) على التراخي أي هناك وقت بين مولده و موته ، الذي به تنتهي الدنيا ، موته الذي قدره الله عليه ليكون بداية حسابه فمن مات قامت قيامته و من كرمه أن جعل له قبراً يدفن فيه فلا يترك كالجيفة تأكل منه الحيوانات و جعل للدفن ضوابط و أجر من أول الصلاة على الميت و الدعاء له و السير وراء الجنازة و الوقوف على القبر للدعاء له ، مزيد تكريم لهذا المخلوق الضعيف الذي مع منن الله عليه لازال يكابر و يعرض عن الوحي و تستمر الآيات مظهرة مزيد عظيم قدرة الله فمتى شاء أنشره و بعثه للحساب يوم القيامة ، فعلم الساعة عند خالقها ( علمها عند ربي ) متى شاء أقامها ، شأنه في خبرها التلقي و الايمان بها و العمل لها ،( ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ) ، (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) كلا الأمر ليس كما يعتقدون أنهم أدوا ما عليهم من واجب لله ، لا المؤمن و لا الكافر ، فلا يوجد من قام بحق الله على الوجه الأكمل الا القليل , و لا تقوم الساعة الا بعدما يقض الله أوامره الكونية و القدرية لمن خلق و قدر من بني آدم .
. وحرّر القول في:
المراد بـالنازعات في قوله تعالى: {والنازعات غرقا}.
ذكر بن كثير خمس أقوال
القول الأول : الملائكة و قال به ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ ومسروقٌ وسعيد بن جبيرٍ وأبو صالحٍ وأبو الضّحى والسّدّيّ و في رواية عن ابن عبّاسٍ.
القول الثاني : هي أنفس الكفار تنزع قاله بن عباس في رواية عن ابن أبي حاتمٍ.
القول الثالث : الموت و قال به مجاهد .
القول الرابع : النّجوم و قاله الحسن وقتادة
القول الخامس : هي القسيّ في القتال وقاله عطاء بن أبي رباحٍ
و حاصل قول كل من بن كثير و السعدي و الأشقر هو:أن المراد بالنازعات الملائكة حين تنزع أرواح بني آدم و هو ما ذكره بن كثير عن كل من ؛ ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ ومسروقٌ وسعيد بن جبيرٍ وأبو صالحٍ وأبو الضّحى والسّدّيّ و في رواية عن ابن عبّاسٍ.
و جمع بن جرير بين الأقوال كلها ،على أن كلا منها تفسير بالمثال ، و قال : إنَّ اللَّهَ تَعالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بالنَّازِعَاتِ غَرْقاً، ولَمْ يَخْصُصْ نَازِعَةً دونَ نَازِعَةٍ، فكلُّ نَازِعَةٍ غَرْقاً فداخِلَةٌ في قَسَمِهِ، مَلَكاً كانَ أوْ مَوْتاً، أوْ نَجْماً، أوْ قَوْساً، أوْ غيرَ ذلكَ.
3. بيّن ما يلي:
أ: صفات الملائكة التي أقسم الله بها في أول سورة النازعات.
النازعات ، الناشطات ، السابحات ، السابقات و المدبرات
النازعات ؛ يعنون حين تنزع أرواح بني آدم، تأخذ الأرواح بعسرٍ فتغرق في نزعها، (كَمَا يَنْزِعُ النازِعُ فِي القَوْسِ فَيَبْلُغُ بِهَا غايةَ المَدِّ ) إِغْرَاقاً فِي النَّزْعِ حَيْثُ تَنْزِعُهَا مِنْ أَقَاصِي الأجسادِ ،
والنّاشطات ؛ والنَّشْطُ: الجَذْبُ بِسُرْعَةٍ، تجتَذبُ الأرواحَ بقوةٍ ونشاطٍ، تَنْشِطُ النُّفُوسَ؛أَيْ: تُخْرِجُهَا من الأجسادِ جَذْباً بِقُوَّةٍ، تأخذ روحه بسهولةٍ وكأنّما حلّته من نشاطٍ .
فالنازعات و الناشطات وصف للملائكة حين قبض الأرواح ، اختلفت الأقوال فيمن تنزع أرواحهم و من تنشط على قولين ، النزع لأرواح الكافرين و النشط لأرواح المؤمنين أو العكس .
. وَالسَّابِحَاتِ ؛ المتردداتِ في الهواءِ صعوداً ونزولاً ، يَنْزِلُونَ مِن السَّمَاءِ مُسْرِعِينَ لأمرِ اللَّهِ.
السَّابِقَاتِ ؛ السابقات لغيرها ، سبقت إلى الإيمان والتّصديق به ، فتبادرُ لأمرِ اللهِ، وتسبقُ الشياطينَ في إيصالِ الوحيِ إلى رسلِ اللهِ حتى لا تسترقَه و قيل هِيَ الْمَلائِكَةُ تَسْبِقُ بِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْجَنَّةِ.
الْمُدَبِّرَاتِ : تدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض ، يعني: بأمر ربّها عزّ وجلّ ،الملائكةُ الذينَ وكَّلهم اللهُ أن يدبروا كثيراً منْ أمور العالمِ العلويِّ والسفليِّ، منَ الأمطارِ، والنباتِ، والأشجارِ، والرياحِ، والبحارِ، والأجنحةِ، والحيواناتِ، والجنةِ، والنارِ وغيرِ ذلكَ .
ب: دلائل حفظ الله تعالى لكتابه.
قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)
و دلائل حفظ الله لكتابه التي ذكرها لنا في سورة عبس
(فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16))
فذكر لنا مكانه في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وهوَ المرفوعُ المُطَهَّرُ عندَ اللَّهِ نزهه من الدّنس ، ( لا يَمَسُّهَ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ )، و حفظه من عبث الشياطين فلم يجعل لهم عليه سبيلاً ؛ بجعلَ السُّفراءَ فيهِ إلى الرسلِ الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء ، فلا ينالون منه و لا يسترقوه فيصيبوه بزيادة أو نقص أو تغيير .