السؤال الأول: دلّل على فضل طلب العلم من الكتاب والسنة.
الإجابة: لطلب العلم فضائل ومكارم لا تُحصى، وكما قيل "من عرف شرف ما يطلب هان عليه ما يبذل" فلعلّنا في هذا المقام نُورد اليسير منها مما ورد في الكتاب والسنّة:
*1* أدلّة من الكتاب:
- العلم طريق الهدى والسلامة من الضلال والشقاء
والدّليل قوله عز وجل في كتابه العزيز {فمن اتّبع هداي فلا يضل ولا يشقى} فأيّ سعادة وأيّ غاية أكبر من أن يبلغ العبد رضوان الله وفضله ويأمن من سخطه وعقابه..-نسأل الله من فضله-
- العلم رفعة، تشريف وتكريم للعبد
يقول عز وجل {يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات}
كيف لا وهو أصل جميع العبادات إذ لا يُعبد المولى إلا كما أمرنا سبحانه وكما علّمنا رسوله الكريم.. كيف لا وبالعلم يعرف العبد ربّه بأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله وهو كما سمّاه العلماء "الفقه الأكبر"...كيف لا وبالعلم يكتسب المرء محاسن الأخلاق ويرقى سلّم الدّرجات..
- العلم يورّث الخشية
يقول تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء}
وفي رواية بن جرير في تفسير الخشية :".. رأس كل شيء خشية الله"، والخشية مما لاشك مفتاح لذكر الله، مفتاح للهدى، مفتاح للنور والبصيرة.. فمن عرف الله وتعلَّم عن قدره وجلاله سبحانه بأسمائه وصفاته فإنه –ولابدّ- يقع في قلبه من خشيته وخوف عقابه وتعظيمه ومراقبته سبحانه في السّر والعلن..
- ما مُدح طلب الزيادة في شيء إلا في العلم
بل هي وصية المولى عز وجل لرسوله الكريم ولأتباعه المؤمنين بطلب الزيادة: {وقل رب زدني علما} ، فالعلم زادٌ للمؤمن لابد أن يتزوّد به ويستكثر، إذ به يُنار طريق السير إلى الله جل وعلا.
*2* أدلّة من السّنّة:
- العلم من أفضل القربات إلى الله تعالى، وعليه تترتب أجور عظيمة ودرجات رفيعة
قال النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا)رواه مسلم
وفي حديث آخر (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له)، فالعلم مما ينتفع به العبد حتى بعد مماته.
- التماس العلم يسهّلُ مَجامِعَ خَيريْ الدنيا والآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)
وقال في حديث غيره: (ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنّة)
- طالب العلم تدعو له الملائكة ويستغفر له من في السماوات والأرض:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سلك ريقا يبتغي فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء...) [الحديث]
- العلم ميراث الأنبياء وزاد الأتقياء
ففي بقية الحديث السابق يقول صلى الله عليه وسلم:( ...وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، رواه أب داود والترمذي.
السؤال الثاني: ماهي أنواع العلوم الشرعية؟
الإجابة: معلوم أن العلم الشرعي هو العلم بدين عزّ وجلّ، وإن اختلف العلماء في تقسيمه من حيث النّوع إلا أنّ المضمون واحد.
فمثلا نجد العلامة بن القيّم رحمه الله قد قسّمه إلى ثلاث أنواع كالآتي:
* ونجد تقسيما آخر لأنواع العلم الشرعي من حيث ظاهر العبد وما يُعقَد في قلبه، كما هو موضّح في الرسم التالي:
وتلزم الاشارة أن النوع الأوّل مستلزم للثاني وجوبا ولا يتحقّق الانتفاع بالأوّل إلا بعد الانتفاع بالثاني لأنه أصل العلم وخالصه وأعلاه.
السؤال الثالث: ماهي المؤلفات في فضل طلب العلم؟
الإجابة: دُوّن في فضل طلب العلم كتبٌ وأبواب واستفاض العلماء في التدليلِ وحُسنِ البيان، وذلك لأهمّية عِلم الطّالِب بفضل ما يَطلب ولحثه على طلبه وترغيبه فيه، ومن بين أهم المؤلفات نذكر-على سبيل الذكر لا الحصر-:
- مصنفات تضمنت كتبا خاصة بفضل طلب العلم، كصحيحي البخاري ومسلم، كذا الأمر بالنسبة للسّنن والجوامع كسنن أبي داوود وسنن الترمذي والنسائي والدارمي وغيرهم من العلماء الذين اتبعوا نفس المنهج فخصّصوا كتابا من بين مصنفاتهم بيّنوا فيه وأفاضوا في فضل طلب العلم.
ومن المؤلفات التي أُفردت في هذا الأمر نذكر:
- كتب بن القيم ومن أهمّها كتاب: "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة"
-كتاب ابن رجب -رحمه الله-: "فضل علم السلف على علم الخلف".
-رسالة الحافظ ابن عساكر : "ذم من لا يعمل بعلمه"،
- كتاب الخطيب البغدادي : "اقتضاء العلم العمل"،
- كتاب الامام الآجرّي: "أخلاق العلماء"
- وفصل أفرده ابن عبد البر في كتابه: "جامع بيان العلم وفضله".
هذا والله أعلم، وأستغفر الله العظيم..