مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن
السؤال العام : بيّن ما استفدّته من خبر محنة الإمام أحمد.
-كيف تكون القدوة والإمامة في الناس, فلابد للمسلم الحق أن يكون قدوة لغيره في كل ما يعتريه من مكدرات, وما يلم به من ابتلاءات, فالإمامة تستلزم وأن يتحلى العبد بالصبر واليقين؛ قال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانو بآياتنا يوقنون).
-تقديم مصلحة المسلمين على المصلحة الخاصة؛ فلابد أن يحرص المسلم على مصلحة مجتمع المسلمين, ولذلك كان سعي المرء في حاجة أخيه, خير من اعتكافه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم شهرا.
-أن الدين الإسلامي عظيم, وقيم, ولذلك جاد كثير من الصادقين بأنفسهم في سبيل حفظه والزود عنه؛ فليوطن المسلم نفسه على التضحية من أجل دينه.
- الفتنة لها أثر عظيم, ولذلك قال الله تعالى: (والفتنة أشد من القتل), وقال: (والفتنة أكبر من القتل), وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الفتنة نائمة, لعن الله من أيقظها", فليحذر كل مسلم من إثارة الفتن أشد الحذر.
-أصحاب البدع والأهواء تتشابه قلوبهم وحججهم في كل زمان ومكان, ولذلك يجب طالب العلم أن يعرف الحق بدليله, ويقرر الاستلال عليه, ويعرف حجج المبطلين, وهدي السلف في مناظرتهم والرد عليهم.
-البطانة الحسنة كنز ورزق من الله تعالى, وبطانة السوء بلاء وفتنة, وكذلك رفقاء الإنسان يجب أن يتخيرهم, لأن المرء على دين خليله, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم, "فينظر أحدكم من يخالل", وقوله: "مثل الجليس الصالح وجليس السوؤ كحامل المسك ونافخ الكير...".
-عفو المسلم عن أخيه المسلم من شيم الكرام وأصحاب القلوب الصادقة, وما يسر المسلم الصادق أن يعذب أخوه المسلم, فليعف العبد وليصفح, (ألا تحبون أن يغفر الله لكم)؟
-الابتلاء سنة الله في خلقه ليميز الخبيث من الطيب, فليوطن المسلم نفسه على هذه السنة, إن ابتلى أن يصبر حتى يفرج الله عنه, ورب منحة جاءت في طيات المحنة, وصدق الله تعالى إذ يقول: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون).
-الخروج على الحاكم ليس بالأمر الهين, ولذلك شدد الأسلام في شروط الخروج على الحاكم, فاشترط النبي صلى الله عليه وسلم لذلك: "أن يرى كفرا بواحا عليه من الله برهان", فإن تحققت تلك الشروط الصعبة كلها معا, ينظر إلى المصالح والمفاسد, لذلك يجب على المسلم ألا يشغل نفسه بالدعاء على الحكام, بل يشغل نفسه بطاعة الله وإصلاح نفسه ومن يعول.
س1: لخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن:
تتلخص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم في النقاط التالية:
-القرآن كلام الله تعالى حقيقة, وليس كلام غيره.
-حروف القرآن ومعانيه من الله تعالى.
-كل حرف من حروف القرآن تكلم الله به حقيقة.
-القرآن من الله بدأ؛ أي نزل, وإليه يعود؛ أي يرفع في آخر الزمان.
-جبريل عليه السلام سمع القرآن من الله تعالى, والنبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل, والصحابة رضوان الله عليهم سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم, ووصل إلينا بالتواتر.
-أن ما بين دفتي المصحف هو القرآن, وهو محفوظ في السطور وفي الصدور.
-من قال بأن هناك قرآن غير هذا القرآن فهو كافر.
-من قال بأن القرآن مخلوق فهو كافر.
-أن القرآن بلسان عربي مبين.
س2:بيّن الفرق بين كل ممّا يلي:
أ: قول الكلابية وقول الأشاعرة في القرآن
كلا الفريقين قال بأن القرآن غير مخلوق, لكنه ليس كلام الله حقيقة, بل هو المعنى النفسي القائم بالله تعالى, وليس بحرف ولا صوت.
والفرق بين قول الكلابية والأشاعرة:
أن الكلابية يقولون بأن القرآن حكاية عن كلام الله, وأن جبريل يحكي ما في نفس الله تعالى ويسمعه للنبي صلى الله عليه وسلم, وهو قول باطل.
والأشاعرة: يقولون بأن القرآن عبارة عبر بها جبريل عن المعنى النفسي القائم بالله تعالى, وهو قول باطل كذلك.
ب: قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن
المعتزلة: يقولون بأن القرآن كلام الله تعالى, لكنهم يقولون بأن القرآن مخلوق, وهو قول باطل.
والأشاعرة: يقولون بأن القرآن غير مخلوق, لكنهم يقولون بأنه ليس كلام الله تعالى حقيقة, وإنما هو عبارة عبر بها جبريل عليه السلام عن المعنى النفسي القائم بالله تعالى, وهو قول باطل.
وأهل السنة والجماعة يقولون: هو كلام الله تعالى حقيقة, بالحرف والصوت, وأنه غير مخلوق, وأنه بدأ من الله تعالى وإيه يعود.
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون
* الجعد بن درهم: هو أول من تكلم ببدعة خلق القرآن, وقد ذبحه الأمير في زمانه يوم الأضحى, وقال: (ضحوا تقبل الله منكم, فإني مضح بالجعد بن درهم؛ قال بأن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا, ولم يكلم موسى تكليما), ثم نزل فذبحه.
* جهم بن صفوان: وقيل أن جده هو الجعد بن درهم, واشتهر عنه القول بخلق القرآن, ولم لم يكن له أتباع كثر في زمانه, وقد قتله أيضا الأمير في زمانه, ولم يكن من أهل العلم, بل كان ذكيا فصيحا مجادلا, ولما سئل عن ربه الذي يعبده, قال: هو هذا الهواء, الذي مع كل شيء, وفي كل شيء, ولا يخلو منه شيء- وكذب عدو الله-, وبعد فترة تلقف أناس هذه المقولة وطاروا بها, ففتحوا على الأمة من الفتنة أبوابا, وضلوا أضلوا.
* بشر بن غياث المريسي: اشتغل زمنا بالفقه, حتى عد من الفقاء, وناظر الشافعي في مسائل, لكنه افتتن بعلم الكلام, وتجرد من الورع والتقوى, تلقف مقالات جهم بن صفوان من أتباعه, فقال بخلق القرآن, ولما خبره إلى الخليفة هارون الرشيد توعده بالقتل, فعاش مختفيا عن العيون حتى مات هارون الرشيد, ثم ظهر في عهد المأمون قربه إليه, فكان من رؤوس المعتزلة في عهده.