السؤال الأول: عامّ لجميع الطلاب.
استخرج ثلاث فوائد سلوكية، وبين كيف دلّت الآيات عليها في قوله تعالى:-
{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} البلد.
1- الإحسان إلى الوالدين, وبرهما, ومعرفة عظم حقهما على الأبناء, حتى لو صدر منهما ما صدر, وحتى مع كفرهما, فلا يسقط حقهما من البر والرعاية والإحسان, وهذا يؤخذ من القسم في قول تعالى:"ووالد وما ولد", فالقسم بشيئ عادة, يكون المراد منه التنبيه على أهميته وعظمه.
2- الصبر على ما يكابده الإنسان في هذه الحياة, وعدم التسخط, والرضا بأقدار الله, ومعرفة حقيقة الدنيا, إنها دار ابتلاء, وإنها بلغة منغصة لا تستقيم لأحد, فنتعامل معها على هذا الأساس, فلا يحملنا التعلق بها على غشيان محارم الله, وتقديمها على الآخرة, بل نقطع تعلق القلب بها, ونوجه تعلقه بالله وبما أعد الله للمؤمنين في الآخرة, وهذا من قوله تعالى:"لقد خلقنا الإنسان في كبد", فالجملة مؤكدة ودالة على العموم, فهذا يشمل الجميع, فلا يغتر أحد بها.
3- العمل الدائم على شكر الله بما أنعم علينا من نعم, واستعمال هذه النعم بما يرضيه عنا سبحانه, بما ينفع نفس العبد, وبما ينفع به غيره ممن حوله, فمن لم يستعملها في الخير استعملها في الباطل ولا بد, فليحذر الإنسان من استعمال نعم الله عليه في مساخطه, وهذا من قوله تعالى:"ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين", فالآيات في سياق التقرير والامتنان بتذكير العبد بما أنعم الله عليه.
المجموعة الثالثة:
السؤال الأول:
ما سبب نزول سورة الضحى؟
اشتكى النبي عليه الصلاة والسلام, فلم يستطع القيام لصلاة الليل لليلة أو ليلتين, فقالت له امرأة مشركة: ما أرى ربك إلا قد تركك, فأنزل سبحانه وتعالى عليه سورة والضحى, ذكره ابن كثير والأشقر, وذكر ابن كثير في تفسيره ما رواه جندب فقال:"اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتت امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك, فأنزل الله عز وجل:"والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى", رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم, وقيل إن هذه المرأة هي أم جميل, ذكره ابن كثير وقال: "وقد ذكر بعض السلف، منهم ابن إسحاق، أن هذه السورة التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو بالأبطح, حين تبدى له جبريل عليه السلام, في هيئته التي خلقه الله عليها، ودنا إليه وتدلى, فقال له هذه: "والضحى والليل إذا سجى".
السؤال الثاني: اذكر الأقوال مع الترجيح في:-
تفسير قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الشمس.
ورد فيها قولان متقاربان:
الأول: طهر نفسه من الذنوب والعيوب, ورقاها بالعلم النافع والعمل الصالح, وهو قول قتادة ومجاهد وعكرمة وسعيد ابن جبير, ذكره ابن كثير واستدل بقوله تعالى:"قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى", وهو حاصل قول السعدي والأشقر, واستدل الأشقر بحديث عائةشة أَنها فقدت النبي عليه الصلاة والسلام, من مضجعه, فلمسته بيدها, فوقعت عليه وهو ساجد وهو يقول:"رب أعط نفسي تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها".
"وقد خاب من دساها" أخملها ووضع منها بالبعد عن الهدى، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله, وأخفى نفسه الكريمة، بالتدنس بالرذائل، وترك مَا يكملها وينميها، واستعمال ما يشينها، ولم يشهرها بالطاعة والعمل الصالح, وهذي خلاصة قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
الثاني: قد أفلح من زكى الله نفسه، وقد خاب من دسى الله نفسه. ذكره ابن كثير, واستدل بالحديث الذي رواه ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهذه الآية:"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها", وقف، ثم قال:"اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وخير من زكاها", رواه الطبراني, وأيضا استدل بحديث عائشة أَنها فقدت النبي عليه الصلاة والسلام, من مضجعه, فلمسته بيدها, فوقعت عليه وهو ساجد وو يقول:"رب أعط نفسي تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها", رواه أحمد.
والقولان ليس بينهما تعارض, فمن زكى الله نفسه, حبب إليه الإيمان وزينه في قلبه, ووفقه لعمل الطاعات وتزكية نفسه بترك المعاصي, واجتناب ما يدنسها, كما قال نعالى: فأما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واسنغنى وكذب بالحسنى فسنيره للعسرى", وقوله:"ثم تاب عليهم ليتوبوا".
السؤال الثالث: فسّر باختصار قوله تعالى:-
{ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)} البلد.
"فلا اقتحم العقبة": عدد الله سبحانه وتعالى بعضا من نعمه التي امتن بها على خلقه, من خلق العينين واللسان والشفتين, والتي بها يستطيع التمييز بين الخير والشر, وأيضا بيان طريق الهدى من طريق الضلالة, فهلا نشط هذا العبد واخترق العفبات, وعبر الموانع التي تحول بينه وبن طاعة الله ومرضاته والفوز بجنته, من التسويف وتسويل النفس, واتباع الهوى والإعراض عن الهدى.
"وما أدراك ما العقبة": وأي شيئ أدراك وأعلمك عن أمرها, وهذا تهويلا وتعظيما لشأنها, ولفت النظر والإنتباه إليها.
"فك رقبة": ثم بين لنا بعض الأمور التي يكون فيها عبور الموانع وكسر الحواجز واجتيازها بسلامة, وأولها: تحرير رقبة وفكاكها من أغلال العبودية, ويدخل فيها فداء الأسرى من المسلمين, وتخليصهم من أيدي الكفار المحاربين, وقد حثت الشريعة على العتق ورغبت به كثيرا, بل جعلته الكفارة في كثير من المواضع, كالظهار وكفارة اليمين, لما فيه من تخليص روح من العبودية والذل, وتفريغها لعبودية الله الكاملة, وعمل الطاعات, فمن يفعل هذا, يجازيه الله بالمثل, و"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان", فيعتق الله رقبته من النار, وقد قال عليه الصلاة والسلام:"من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا من النار، حتى إنه ليعتق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج".
"أو إطعام في يوم ذي مسغبة": ومنها بذل الطعام, في وقت يكون الطعام فيه عزيزا, كأوقات المجاعة والحاجة, حيث يندر الطعام, ويجوع الناس, ويضن المرء بطعامه, فمن بذله لغيره في أوقات كهذه, لا يكون بذله إلا لله, متيقنا بوعده, محتسبا ثوابه, فكما أعان الناس في الأوقات الشديدة, يسهل الله عليه اجتياز شدة عقبات يوم القيامة وأهوالها.
"يتيما ذا مقربة": وإن كان هذا الفقير يجمع بين الفقر واليتم, وكونه من اقرباء هذا المحسن, فيعظم الأجر والثواب, كما قال عليه الصلاة والسلام:"الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة".
"أو مسكينا ذا متربة":أو قد يكون فقيرا فقرا مدقعا, لا شيئ عنده يستره أو يقيه من التراب, فهو محتاج, مديون بلا بيت يأويه, فمن جاد بما عنده في أيام يعز فيها العطاء, لهذين الصنفين أومن يشبههما, كان ممن اقتحم العقبة التي أخبر الله عنها.
"ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة": لما ذكر الله بعضا من أوصافهم الظاهرة التي امتازوا بها عن غيرهم, وبعضا من أعمال جوارحهم, ذكر الدافع لهذ الأعمال, وهو الإيمان بالله تعالى, والإيمان بكل ما وعد به من اتقى غضبه وعذابه, وهم مع صلاحهم ظاهرا وباطنا, يحث بعضهم بعضا على الصبر, وهذا مما يحتاج إليه المؤمن ليعبر هذه الحياة الدنيا, إلى الآخرة, فيحتاج إلى الصبر على طاعة الله, وعن معصيته, وعلى الأقدار المؤلمة التي لا بد له أن يكابدها في هذه الحياة, فيصبر ويحث غيره على الصبر والرحمة, لنشر الألفة والمودة بين أفراد المجتمع, ويكون كالبنيان الواحد كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام:"إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى", وكما قال تعالى في وصفه للمؤمنين:"أشداء على الكفار رحماء بينهم".
"أولئك أصحاب الميمنة": فمن اتصف بهذه الصفات فهو ممن اقتحم العقبة, واستحق أن يكون من أصحاب الميمنة الذين ظفروا بالمطلوب, ونجوا من المرهوب, وتلقوا كتابهم بيمينهم وقالوا:"هاؤم اقرؤوا كتابيه".
"والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة": أما الذين اعرضوا وكذبوا بآيات الله الشرعية والكونية, فلا أدوا حقوق الله ولا حقوق الخلق, ولم يقدموا ما يتقوا به نار الله التي وعد بها المكذبون, هؤلاء هم أصحاب الشمال, الذين يستلمون كتابهم يوم القيامة بشمالهمو من وارء ظهورهم, ويقولون:"ياليتني لم أوت كتابيه", وهم أصحاب النار المشؤومة, وتكوننار جهنم
"عليهم نار مؤصدة": مغلقة, مطبقة عليهم, لا يستطيعون الخروج منها خالدين فيها, "كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون".