القِسمُ الثانِي: القراءةُ علَى الشيخِ حِفظًا أو مِن كتابٍ، وهو العَرْضُ عِنْدَ الجُمْهورِ، والروايةُ بها سَائِغَةٌ عِندَ العلماءِ إلا عند شُذَّاذٍ لا يُعْتَدُّ بخِلافِهِم، ومُسْتَنَدُ العُلماءِ حَدِيثُ ضِمَامِ بنِ ثَعْلَبَةَ، وهو في الصَّحِيحِ، وهي دُونَ السَّمَاعِ مِن لَفْظِ الشيخِ.
وعن مالكٍ وأبي حَنِيفَةَ وابنِ أَبِي ذِئْبٍ: أنها أَقْوَى.
وقِيلَ: هما سَواءٌ، ويُعْزَى ذلك إلى أهلِ الحِجَازِ والكُوفَةِ وإِلَى مَالِكٍ أيضًا وأَشْيَاخِه مِن أَهْلِ المَدِينَةِ، وإِلَى اختِيَارِ البُخَارِيِّ.
والصحيحُ الأولُ، وعَلَيْهِ عُلَمَاءُ المَشْرِقِ.
فإذا حَدَّثَ بها يَقُولُ: (قَرَأْتُ) أو (قُرِئَ علَى فُلانٍ وأَنَا أَسْمَعُ فأَقَرَّ بِه) أو (أَخْبرَنا)، أو (حَدَّثَنَا قِرَاءَةً عليه) وهذا واضِحٌ.
فإنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ والبُخارِيِّ ويَحْيَى بنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ والزُّهْرِيِّ وسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ ومُعْظَمِ الحِجازِيِّينَ والكُوفِيِّينَ، حتى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ سَوَّغَ (سَمِعْتُ) أَيْضًا، ومَنَعَ مِن ذَلِكَ أَحْمَدُ والنَّسَائِيُّ وابنُ المُبَارَكِ ويَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ.
القولُ الثالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ (أَخْبَرَنا)، ولا يَجُوزُ (حَدَّثَنا) وبه قالَ الشَّافِعِيُّ ومُسلِمٌ والنَّسَائِيُّ أيضًا وجُمْهُورُ المَشَارِقَةِ، بَلْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَكْثَرِ المُحَدِّثِينَ.
وقد قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَن فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ الشيخُ أَبُو عَمْرٍو: وقد سَبَقَهُ إلى ذلكَ ابنُ جُرَيْجٍ والأوزاعِيُّ، قالَ: وهُوَ الشَّائِعُ الغَالِبُ علَى أَهْلِ الحَدِيثِ.