دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:14 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 12: قصيدة الحصين بن الحمام المري: جزَى الله أَفنَاء العشيرة كلِّها = بِدارةِ موضوعٍ عُقُوقاً ومَأْثَمَا


قال الحصين بن الحمام المري:

جَزَى اللهُ أَفْنَاءَ العَشيرَةِ كُلِّها = بِدَارَةِ مَوْضوعٍ عُقُوقاً ومَأْثَمَا
بَني عَمِّنَا الأَدْنَيْنَ منهم ورَهْطَنَا = فَزَارةَ إِذْ رامتْ بِنَا الحربُ مُعْظَمَا
مَوَالِي مَوَالِينا الوِلادةُ منهمُ = ومَوْلَى اليمينِ حابِساً مُتَقَسَّمَا
ولمَّا رَأَيتُ الوُدَّ ليسَ بنافِعي = وأَنْ كان يوماً ذَا كَواكِبَ مُظْلِمَا
صَبَرْنا وكان الصَّبْرُ فينا سَجِيَّةً = بأَسيافِنا يَقْطَعْنَ كَفاًّ ومِعْصَمَا
يُفَلِّقْنَ هَاماً مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ = علينا وهم كانُوا أَعَقَّ وأَظْلَمَا
وجوهُ عَدُوٍّ والصُّدُورُ حَدِيثةٌ = بِوُدٍّ، فأَوْدَى كلُّ وُدٍّ فأَنْعَمَا
فليتَ أَبا شِبْلٍ رَأَى كَرَّ خَيْلِنَا = وخيلهِمُ بَيْنَ السِّتَارِ فأَظْلَمَا
نُطارِدُهم نَسْتَنْقِذُ الجُرْدَ كالقَنَا = ويَسْتَنْقِذُون السَّمْهَرِىَّ المُقَوَّمَا
عَشِيَّةَ لا تُغْنِي الرِّماحُ مكانَها = ولا النَّبْلُ إِلاَّ المَشْرَفيَّ المُصَمِّمَا
لَدُنْ غَدْوَةً حتى أَتَى الليلُ، ما تَرَى = مِن الخيلِ إِلاَّ خارِجِيًّاً مُسَوِّمَا
وأَجْرَدَ كالسِّرْحانِ يَضرِبُهُ النَّدَى = ومحبوكةً كالسِّيدِ شَقَّاءَ صِلْدِمَا
يَطأْنَ مِن القَتْلَى ومِن قِصَدِ القَنَا = خَبَاراً فما يَجْرِينَ إِلاَّ تَجَشَّمَا
عليهنَّ فِتْيانٌ كسَاهُمْ مُحَرِّقٌ = وكان إِذا يَكْسُو أَجادَ وأَكْرَمَا
صَفَائِحَ بُصْرَى أَخْلَصَتْهَا قُيونُها = ومُطَّرِداً مِن نَسْجِ داوودَ مُبْهَمَا
يَهُزُّونَ سُمْراً مِن رماحِ رُدَيْنَةٍ = إِذا حُرِّكَتْ بَضَّتْ عَوَامِلُها دَمَا
أَثَعْلَبَ لو كنتمْ مَوَالِيَ مِثْلِها = إِذاً لَمَنَعْنَا حَوْضَكمْ أَنْ يُهَدَّمَا
ولولا رجالٌ مِن رِزَامِ بنِ مَازِنٍ = وآلِ سُبَيْعٍ أَو أَسْوءَكَ عَلْقَمَا
لأَقْسَمْتُ لا تَنْفَكُّ مِنِّي مُحَارِبٌ = على آلةٍ حَدْباءَ حتى تَنَدَّمَا
وحتى يَرَوْا قوماً تضِبُّ لِثَاتُهُمْ = يَهُزُّونَ أَرماحاً وجيشاً عَرَمْرَمَا
ولا غَرْوَ إِلاَّ الخُضْرُ خُضْرُ مُحَارب = يُمَشُّونَ حَوْلِي حَاسِراً ومُلأَّ مَا
وجاءَتْ جِحَاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها = وجَمْعُ عُوَالٍ ما أَدَقَّ وأَلأَمَا
وهارِبةُ البَقْعَاءُ أَصبحَ جَمْعُها = أَمامَ جُموعِ النَّاسِ جَمْعاً مُقَدَّمَا
بِمُعْتَرَكٍ ضَنْكٍ به قِصَدُ القَنَا = صَبَرنْا لهُ قد بَلَّ أَفراسَنا دَمَا
وقلتُ لهم: يا آلَ ذُبْيانَ ما لكُمْ = تَفَاقدْتُمُ، لا تُقْدِمونَ مُقَدَّمَا
أَمَا تَعلمونَ اليومَ حِلْفَ عُرَيْنَةٍ = وحِلفاً بصحراءِ الشَّطُونِ ومُقْسَمَا
وأَبْلِغْ أُنَيْساً سَيدَ الحَيِّ أَنَّهُ = يَسُوس أُموراً غيرُها كان أَحزمَا
فإِنك لو فارقْتَنَا قبلَ هذهِ = إِذاً لَبَعَثْنَا فوقَ قَبْرِكَ مَأْتَما
وأَبلغْ تَلِيداً إِن عَرَضْتَ ابنَ مالِكٍ = وهلْ يَنْفَعَنَّ العِلمُ إِلاَّ المُعَلَّمَا
فإِنْ كنتَ عن أَخلاقِ قومِكَ راغباً = فَعُذْبِضُبَيْعٍ أَو بعَوْفِ بن أَصْرَمَا
أَقِيمِي إِليكِ عَبْدَ عَمْروٍ وشَايِعِي = علي كلِّ ماءٍ وسط ذُبْيَانَ خُيِّمَا
وعُوذِي بأَفناءِ العَشيرةِ إِنما = يَعُوذُ الذَّليلُ بالعَزِيزِ لِيُعْصَمَا
جَزَى الله عنَّا عبدَ عَمروٍ مَلامةً = وعُدْوَانَ سَهْمٍ ما أَدَقَّ وَألأَمَا
وحَيِّ مَنَاف قد رَأَيْنَا مكانَهم = وقُرَّانَ إِذْ أَجْرَى إِلينا وأَلْجمَا
وآلَ لَقِيطٍ إِنني لن أَسُوءَهُمْ = إِذاً لَكَسَوْتُ العَمَّ بُرْداً مُسَهَّمَا
وقالوا: تَبَيَّنْ هل تَرَى بينَ ضَارجٍ = ونَهْي أَكُفٍّ صارِخاً غيرَ أَعْجَمَا
فأَلحقْنَ أَقواماً لِئَاماً بأَصْلهِمْ = وشَيَّدْنَ أَحساباً وفاجأَن مَغْنَمَا
وأَنْجَيْنَ مَن أَبْقَيْنَ مِنَّا بخُطَّةٍ = من العُذْرِ لم يَدْنَسْ وإِن كان مُؤْلَمَا
أََبَى لاِبْنِ سَلْمَى أَنهُ غيرُ خالِدٍ = مُلاَقِي المَنايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا
فلستُ بمُبْتاعِ الحياةِ بِسُبَّةٍ = ولا مُبْتَغٍ من رَهْبَةِ الموتِ سُلَّمَا
ولكنْ خُذُوني أَيَّ يومٍ قَدَرْتُمْ = عليَّ فَحُزُّوا الرأسَ أَنْ أَتَكلَّمَا
بِآيَةِ أَنِّي قد فَجَعْتُ بفارسٍ = إِذا عَرَّدَ الأَقوامُ أَقْدَمَ مُعْلِمَا


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 05:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

12

وقال الحصين بن الحمام المري






1: جَزَى اللهُ أَفْنَاءَ العَشيرَةِ كُلِّها = بِدَارَةِ مَوْضوعٍ عُقُوقاً ومَأْثَمَا
2: بَني عَمِّنَا الأَدْنَيْنَ منهم ورَهْطَنَا = فَزَارةَ إِذْ رامتْ بِنَا الحربُ مُعْظَمَا
3: مَوَالِي مَوَالِينا الوِلادةُ منهمُ = ومَوْلَى اليمينِ حابِساً مُتَقَسَّمَا
4: ولمَّا رَأَيتُ الوُدَّ ليسَ بنافِعي = وأَنْ كان يوماً ذَا كَواكِبَ مُظْلِمَا
5: صَبَرْنا وكان الصَّبْرُ فينا سَجِيَّةً = بأَسيافِنا يَقْطَعْنَ كَفاًّ ومِعْصَمَا
6: يُفَلِّقْنَ هَاماً مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ = علينا وهم كانُوا أَعَقَّ وأَظْلَمَا
7: وجوهُ عَدُوٍّ والصُّدُورُ حَدِيثةٌ = بِوُدٍّ، فأَوْدَى كلُّ وُدٍّ فأَنْعَمَا
8: فليتَ أَبا شِبْلٍ رَأَى كَرَّ خَيْلِنَا = وخيلهِمُ بَيْنَ السِّتَارِ فأَظْلَمَا
9: نُطارِدُهم نَسْتَنْقِذُ الجُرْدَ كالقَنَا = ويَسْتَنْقِذُون السَّمْهَرِيَّ المُقَوَّمَا
10: عَشِيَّةَ لا تُغْنِي الرِّماحُ مكانَها = ولا النَّبْلُ إِلاَّ المَشْرَفيَّ المُصَمِّمَا
11: لَدُنْ غَدْوَةً حتى أَتَى الليلُ، ما تَرَى = مِن الخيلِ إِلاَّ خارِجِيًّا مُسَوِّمَا
12: وأَجْرَدَ كالسِّرْحانِ يَضرِبُهُ النَّدَى = ومحبوكةً كالسِّيدِ شَقَّاءَ صِلْدِمَا
13: يَطأْنَ مِن القَتْلَى ومِن قِصَدِ القَنَا = خَبَاراً فما يَجْرِينَ إِلاَّ تَجَشَّمَا
14: عليهنَّ فِتْيانٌ كسَاهُمْ مُحَرِّقٌ = وكان إِذا يَكْسُو أَجادَ وأَكْرَمَا
15: صَفَائِحَ بُصْرَى أَخْلَصَتْهَا قُيونُها = ومُطَّرِداً مِن نَسْجِ داوودَ مُبْهَمَا
16: يَهُزُّونَ سُمْراً مِن رماحِ رُدَيْنَةٍ = إِذا حُرِّكَتْ بَضَّتْ عَوَامِلُها دَمَا
17: أَثَعْلَبَ لو كنتمْ مَوَالِيَ مِثْلِها = إِذاً لَمَنَعْنَا حَوْضَكمْ أَنْ يُهَدَّمَا
18: ولولا رجالٌ مِن رِزَامِ بنِ مَازِنٍ = وآلِ سُبَيْعٍ أَو أَسْوءَكَ عَلْقَمَا
19: لأَقْسَمْتُ لا تَنْفَكُّ مِنِّي مُحَارِبٌ = على آلةٍ حَدْباءَ حتى تَنَدَّمَا
20: وحتى يَرَوْا قوماً تضِبُّ لِثَاتُهُمْ = يَهُزُّونَ أَرماحاً وجيشاً عَرَمْرَمَا
21: ولا غَرْوَ إِلاَّ الخُضْرُ خُضْرُ مُحَارب = يُمَشُّونَ حَوْلِي حَاسِراً ومُلأَّ مَا
22: وجاءَتْ جِحَاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها = وجَمْعُ عُوَالٍ ما أَدَقَّ وأَلأَمَا
23: وهارِبةُ البَقْعَاءُ أَصبحَ جَمْعُها = أَمامَ جُموعِ النَّاسِ جَمْعاً مُقَدَّمَا
24: بِمُعْتَرَكٍ ضَنْكٍ به قِصَدُ القَنَا = صَبَرنْا لهُ قد بَلَّ أَفراسَنا دَمَا
25: وقلتُ لهم: يا آلَ ذُبْيانَ ما لكُمْ = تَفَاقدْتُمُ، لا تُقْدِمونَ مُقَدَّمَا
26: أَمَا تَعلمونَ اليومَ حِلْفَ عُرَيْنَةٍ = وحِلفاً بصحراءِ الشَّطُونِ ومُقْسَمَا
27: وأَبْلِغْ أُنَيْساً سَيدَ الحَيِّ أَنَّهُ = يَسُوس أُموراً غيرُها كان أَحزمَا
28: فإِنك لو فارقْتَنَا قبلَ هذهِ = إِذاً لَبَعَثْنَا فوقَ قَبْرِكَ مَأْتَما
29: وأَبلغْ تَلِيداً إِن عَرَضْتَ ابنَ مالِكٍ = وهلْ يَنْفَعَنَّ العِلمُ إِلاَّ المُعَلَّمَا
30: فإِنْ كنتَ عن أَخلاقِ قومِكَ راغباً = فَعُذْ بِضُبَيْعٍ أَو بعَوْفِ بن أَصْرَمَا
31: أَقِيمِي إِليكِ عَبْدَ عَمْروٍ وشَايِعِي = علي كلِّ ماءٍ وسط ذُبْيَانَ خُيِّمَا
32: وعُوذِي بأَفناءِ العَشيرةِ إِنما = يَعُوذُ الذَّليلُ بالعَزِيزِ لِيُعْصَمَا
33: جَزَى الله عنَّا عبدَ عَمروٍ مَلامةً = وعُدْوَانَ سَهْمٍ ما أَدَقَّ وَألأَمَا
34: وحَيِّ مَنَاف قد رَأَيْنَا مكانَهم = وقُرَّانَ إِذْ أَجْرَى إِلينا وأَلْجمَا
35: وآلَ لَقِيطٍ إِنني لن أَسُوءَهُمْ = إِذاً لَكَسَوْتُ العَمَّ بُرْداً مُسَهَّمَا
36: وقالوا: تَبَيَّنْ هل تَرَى بينَ ضَارجٍ = ونَهْي أَكُفٍّ صارِخاً غيرَ أَعْجَمَا
37: فأَلحقْنَ أَقواماً لِئَاماً بأَصْلهِمْ = وشَيَّدْنَ أَحساباً وفاجأَن مَغْنَمَا
38: وأَنْجَيْنَ مَن أَبْقَيْنَ مِنَّا بخُطَّةٍ = من العُذْرِ لم يَدْنَسْ وإِن كان مُؤْلَمَا
39: أََبَى لاِبْنِ سَلْمَى أَنهُ غيرُ خالِدٍ = مُلاَقِي المَنايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا
40: فلستُ بمُبْتاعِ الحياةِ بِسُبَّةٍ = ولا مُبْتَغٍ من رَهْبَةِ الموتِ سُلَّمَا
41: ولكنْ خُذُوني أَيَّ يومٍ قَدَرْتُمْ = عليَّ فَحُزُّوا الرأسَ أَنْ أَتَكلَّمَا
42: بِآيَةِ أَنِّي قد فَجَعْتُ بفارسٍ = إِذا عَرَّدَ الأَقوامُ أَقْدَمَ مُعْلِمَا

ـ
ترجمته: هو الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب بن حرام بن وائلة بن سهم بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. كان سيدا شاعرا وفيا، يعد من أوفياء العرب، وفي لجيرانه الحرقة، كما مضت الإشارة إليه في القصيدة 10. وكان سيد قومه. وذا رأيهم وقائدهم ورائدهم، وكان يقال له (مانع الضيم). ذكره ابن عبد البر وابن الأثير وابن حجر في الصحابة. وعده أبو عبيدة في الثلاثة الذين اتفقوا على أنهم أشعر المقلين في الجاهلية. انظر الشعر والشعراء 630. وقد نقلنا ذلك في ترجمة المسيب بن علس رقم 11.
جو القصيدة: قيلت في يوم (دارة موضوع) حين أجلبت بنو سعد بن ذبيان، وفيهم بنو صرمة بن مرة، على بني سهم بن مرة، وقد كرهوا حصينا لما كان من منعه جيرانه الحرقة، وهم أعداؤهم. فخرج الحصين في قبيله، بني وائلة بن سهم، وفي حلفائهم الحرقة، ونكص عنه من بني سهم بنو عدوان وبنو عمرو، فلما لقيهم ومن معه بدارة موضوع ظفر فيهم وهزمهم وقتل منهم فأكثر. فقال في ذلك يندد بخصمه ويفخر بظفره بهم، وبشجاعته واستهانته بالموت. وقال في ذلك أيضا قصيدة أخرى، ستأتي برقم 90، و(الحصين) بالمهملتين والتصغير. و(الحمام) بضم الحاء وتخفيف الميم، وأصله من عرق الخيل إذا حمت.
تخريجها: منتهى الطلب 1: 121-123 عدا الأبيات 7، 19، 30. والأبيات 1، 2، 4-6، 9-11، 18، 19 في الخزانة 2: 7، 8. والأبيات 6، 9، 32 في الشعراء 410 وفيه بيت زائد. والأبيات 13-15 في الأغاني 11: 87-88 ومعها بيت زائد. والأبيات 1، 2، 4-6، 9، 11-15، 33، 40 فيه 12: 120، والبيت 6 في حماسة أبي تمام 1: 54 مع بيتين زائدين. والأبيات 25، 23، 36، 11، 14، 15، 4، 6، 40 فيها 1: 126-128 مع اختلاف كثير وبيت زائد. والأبيات 4-6 في المؤتلف 91. والبيت 12 في الخيل لأبي عبيدة 101. والبيت 6 في الإصابة 2: 19. البيتان 14، 15 في نظام الغريب غير منسوبين. وانظر الشرح 100-121.
(1) أفناء الناس: القوم النزاع من ههنا وههنا لا يدري من أي قبل هم. لا واحد له من لفظه، وقيل واحده (فنا) ولامه واو ، وقيل (فنو) بكسر فسكون. دارة موضوع: مكان كانت فيه الوقعة. وعقوقا ومأثما: جزاء عقوقهم وإثمهم.
(2) الأدنين: الأقربين.
(3) قسم مواليه قسمين: موالي القرابة وهم بنو عمه، وموالي اليمين وهم حلفاؤه. حابسا متقسما: حالان من اليمين، لأنهم يقسم لهم على النصرة ويحبس كل من الحليفين به.
(4) كان يوما: اسم كان محذوف. مظلما: أظلم اليوم من غبار الحرب حتى استبانت الكواكب. وهذا البيت يشبه بيته
(5) في القصيدة 90.
(6) الهام: جمع هامة، وهي الرأس. وأظلما: يقول: بدؤونا بالظلم على إعزازنا إياهم.
(7) أودى: ذهب. فأنعم: بالغ، أي: بالغ الود في الذهاب. وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة، كما قال الأنباري.
(8) أبو شبل: هو مليط -بالتصغير- بن كعب المري. الستار وأظلم: موضعان.
(9) الجرد: الخيل القصيرة الشعر. السمهري: الرمح. يقول: نغنم منهم خيلهم ونترك في أجسادهم رمحنا إذا طعناهم، فهم يحاولون إخراجها.
(10) مكانها أي في مكان استعمالها. المشرفي: سيف منسوب إلى المشارف، وهي قرى للعرب تدنو إلى الريف، أو إلى (مشرف) رجل من ثقيف. المصمم: الذي يمضي في صميم العظم ويبريه. وإنما بلجؤون إلى السيوف حين تشتد الحرب ويلتحمون.
(11) الخارجي من الخيل: الجواد في غير نسب تقدم له، كأنه نبغ بالجودة. ومن الناس: من يخرج ويشرف بنفسه من غير أن يكون له قديم. المسوم: المعلم بعلامة في الحرب، ولا يفعل ذلك إلا الفارس الشجاع. يقول: إن الناس انكشفوا في هذه الحرب، فلم يبقى إلا أهل هذه الخيل الأشداء، الذين سوموا أنفسهم وخيلهم شجاعة وجرأة. وانظر المفضليات 108: 7. والأصمعيات 42: 20 و67: 22.
(12) وأجرد: عطف على (خارجيا)، وهو الفرس القصير الشعر. السرحان: الذئب. يضربه الندى: يصيبه المطر فهو يسرع إلى مأواه. المحبوكة: الفرس التي تحبك خلقها، أي: فتل فتلا شديدا. السيد، بالكسر: الذئب. الشقاء: الطويلة، مذكرها (أشق) الصلدم: الصلبة.
(13) المعنى: أن الخيل تعثر بالقتلى وبقصد القنا، أي: القطع المكسرة من الرماح. فكأنما تطأ في خبار، وهي الأرض اللينة فيها جحور. التجشم: حمل النفس على المشقة وما تكره.
(14) محرق: لقب سمي به جماعة من ملوك العرب.
(15) صفائح: سيوف عريضة. بصرى: بلد تنسب إليه جياد السيوف. القين: الحداد والصقيل أخلصتها: جاءت بها خالصة من العيوب ولم تجر العادة بأن يقال (كسوته سيفا) وإنما جاز ذلك هنا لعطف الدروع عليها. المطرد: المتتابع الذي ليس فيه اختلاف، يريد أنها لا فتق فيها. ويريد بها الدرع. وهو مما يذكر ويؤنث المبهم: الذي لا ثلم فيه ولا خرق، أو: الذي لا يخالط لونه لون آخر.
(16) السمر من الرماح أصلب من غيرها، لأنها تنضج في منبتها. ردينة: امرأة كانت بالبحرين تقوم الرماح. بضت: سالت. عامل الرمح: سنانة. وقيل: ما يلي السنان.
(17) أثعلب: أراد: أثعلبة: فرخم، وهم بنو ثعلبة بن سعد بن ذبيان. الموالي: الأولياء. الحوض: أراد به هنا العز. يقول: لو كنتم موالينا في مثل هذه الحرب لمنعناكم الأعداء.
(18) في رواية أبي عكرمة (رزام بن مالك) وعليها النسخ المطبوعة، وقد نص الأنباري على أن هذا خطأ، وأن الصواب (رزام بن مازن) وأن مالكا هو ابن رزام لا أبوه، وهو رزام بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان. وسيأتي على الصواب في 15: 35. سبيع هو ابن عمرو بن فتية. علقم: ترخيم علقمة بن عبيد بن عبد بن فتية.
(19) لأقسمت: جواب (لولا) محارب: هم بنو محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان. الآلة: الحالة. الحدباء: الصعبة. أي: تحمل على أمر عظيم صعب، لا تطمئن عليه إذا ركبته.
(20) تضب لثائهم: تسهل من حب الغنيمة وشهوة الحرب. واللثة، بكسر اللام، والعامة تفتحها لحنا. يقال (جاء فلان تضب لثته) إذا جاء وهو حريص على الأمر. عرمرم: كثير.
(21) لا غرو: لا عجب. الخضر خضر محارب، هم بنو محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان. وانظر الأصمعية 29: 13. يمشون التمشية: المشي. الحاسر: الذي لا مغفر عليه ولا درع. الملائم: ذو اللأمة بفتح اللام وسكون الهمزة وهي الدرع والمغفر أو أحدهما
(22) جحاش، بكسر الجيم. وهم بنو جحاش بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان قضها بقضيضها، بالنصب على الحال أي: صغيرها بكبيرها. وأصل القض الحصى الصغار والتراب، والقضيض جمعه، مثل (كلب وكليب) وقيل (القض) الحصى الكبار، و(القضيض) الحصى الصغار. وقيل في تأويله غير ذلك، وانظر اللسان 9: 87-88 والخزانة 1: 525. والمراد أنهم جاءوا أجمعون. عوال، بضم العين وتخفيف الواو. هو ابن الحرث بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان.
(23) هاربة بن ذبيان، رحلوا من بني ذبيان فنزلوا في بني ثعلبة بن سعد. فعدادهم معهم، وهم قليل، وسميت هاربة البقعاء لكثرة البلق في عساكرها. ولا يركب الأبلق إلا مدل بشجاعته. وانظر المفضلية 98: 40.
(24) المعترك: موقع المعاركة في القتال، الضنك: الضيق. قصد القنا: ما تكسر من الرماح.
(25) تفاقدتم: دعاء عليهم بالموت، وأن يفقدوا بعضهم بعضا، وهي جملة معترضة والبيت يشبه بيته في المفضلية 90: 11.
(26) عرينة، هم بنو عرينة بن نذير بن فسر، بفتح فسكون، بن بجيلة بن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان. وأشار بحلفهم إلى ما كان من تنازعهم واضطرارهم إلى محالفة قبائل شيء من العرب. الشطون: موضع. المقسم: مكان القسم، أو مصدر ميمي منه. أراد الشاعر بذلك تحذير قومه عاقبة الفرقة.
(27) أنيس: يريد به أنس بن يزيد بن عامر المري، فصغر اسمه.
(28) المأتم: كل جماعة تجتمع، وغلب عليه عند الناس الاجتماع على الميت. يقول: لو مت قبل هذه الفعلة لبكينا عليك ووجدنا فقدك، فإن مت الآن لم نبك عليك ولم نجد فقدك.
(29) (إن عرضت) جملة اعتراضية. إلا المعلما: أي: لا ينفع العلم إلا من تعلم وتمكن.
(30) هذا البيت زيادة في بعض النسخ. ولم نعرف نسب ضبيع ولا عوف.
(31) عبد عمرو، وعدوان: ابنا سهم بن مرة، وهم الذين نكصوا عنه، كما سبق في جو القصيدة خيما، بالبناء لما لم يسم فاعله، أي: خيم حوله، من قولهم (خيم بالمكان): أقام، كأنه نصب الخيام. يقول لهؤلاء: إليكم عنا وشايعوا من ترون من ذبيان.
(32) عوذي: من قولهم (عاذ بالشيء) لجأ إليه واعصم. الأفناء، فسرت في البيت الأول. ليعصما: من العصمة، وهي المنعة.
(33) عدوان سهم: يعني عدوان بن سهم بن مرة أضاف الابن إلى الأب، وهو جائز، وإن أوهم فيه كثيرون. ما أدق وألأما: ما أدقهم وألامهم الدقة هنا: الخسة،
(34) قران: قبيلة أو رجل لم نعرف نسبة. أجرى إلينا وألجما: أجرى الخيل وألجمها.
(35) لن أسوءهم، في رواية في منتهى الطلب (لو أسوؤهم) العم: الجماعات. البرد المسهم: المخطط الذي يشبه وشيه بنقش السهام. والمعنى. لهجوتهم جميعا هجاء يبقى أثره ويشتهرون به شهرة البرد المسهم، ويتسامع الناس به.
(36) ضارج: ماء لبني عبس، وقيل لغيرهم. نهي أكف النهي بفتح النون وكسرها: موضع مطمئن من الأرض فيه ماء. الصارخ هنا: المغيث. الأعجم: ما لا ينطق. يريد انظر فلست ترى بين هذين الموضعين من يغيث.
(37) ألحقن: يعني الخيل، هزمت قوما وصفهم بالخور، للؤم أصولهم. وشيدن: رفعن أحساب من صبر في الحرب. فاجأن مغنما: لقينه.
(38) من العذر، يريد: من أنجته الخيل وأبقته هذه الحرب فقد أتى بعذر لأنه قد أبلى. لم يدنس، يريد: لم يفر فيركبه العار، وإن كان قد أصابه الألم من جراحه.
(39) سلمى: أمه أو جدته، وأراد بابن سلمى نفسه. أي: صرف تيمما: أي: جهة قصد. يريد أنه أبى أن يحتمل الذل والعار، وأنه غير باق وأنه ملاقي المنايا.
(40) يقول: لا أشتري الحياة بما أسب عليه، ولا أطلب النجاة من الموت، فلا مهرب منه فمن علم أنه ميت لا محالة لم يحتمل المذلة.
(41) قال ثعلب: يقول: متى وجدتموني فخذوني وحذوا رأسي حتى لا أتكلم. والمعنى. أني أقول فيكم وأهجوكم وأذمكم ما حييت.
(42) الآية: العلامة. فجعت، فجعتكم بقتل فارس منكم. عرد: هرب. المعلم: الذي يجعل لنفسه علامة في الحرب يعرف بها يحرضهم على نفسه، ويذكرهم بفارسهم الذي قتل.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 04:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال الحصين بن الحمام المري
1: جزى الله أفناء العشيرة كلها.......بدارة موضوع عقوقًا ومأثما
كذا روى أبو عكرمة لم يزد على هذا النسب شيئًا، قال أحمد: قال هشام بن محمد بن السائب الكلبي أبو المنذر: هو الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب بن حرام بن وائلة بن سهم بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، قال أحمد: وروى لنا أصحابنا من أهل النسب الكلبيون وغيرهم أن الباردة بنت عوف بن غنم بن عبد الله بن غطفان كانت تحت لؤي بن غالب فولدت له عوفًا وهلك لؤي فرجعت إلى قومها غطفان فتزوجها سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وتبنى عوفًا، فأصابت غطفان سنة فتحملوا وتركوا عوفًا في الدار هزيلاً، فقال: لو كنت من هؤلاء ما تركت فعن له فزارة بن ذبيان واسم فزارة عمرو وإنما سمي فزارة لأن سعد بن ذبيان فزر ظهره فكانت به فزرة، وعرف ما أراد فقال:
عرج علي ابن لؤي جملك.......تركك القوم ولا مترك لك
ويروى ولا منزل لك، فثبت نسبه فيهم، فولد عوف مرة فصار عوف بن لؤي في غطفان ينتسب ولد فيقولون مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث، ويقال إن أصل وقوع عوف بن لؤي بن غالب في بلاد غطفان أنه خرج في ركب من قريش فلما كان في أرض غطفان أبطأ به جمله وانطلق من كان معه فأتاه ثعلبة بن سعد بن ذبيان وهو سيد بني ذبيان فحبسه عنده وزوجه فشاع نسبه في غطفان، ولم يزل بنوه بنو مرة بن عوف سادة غطفان، وأشرافهم، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لو كنت مستلحقًا حيًا من العرب لاستلحقت بني مرة لما كنا نعرف فيهم من الشرف البين مع ما كنا نعرف من موقع عوف بن لؤي بتلك البلاد، ثم قال لبعض أشرافهم: إن شئتم أن ترجعوا لنسبكم من قريش فافعلوا، فعرض ذلك على قومه فاختلفوا عليه، وكانوا أشراف قومهم فكرهوا أن يتركوا نسبهم في قومهم ولهم فيهم من الشرف والفضل ما ليس لغيرهم، كان منهم سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان الذي كان زهير بن أبي سلمى يمدحه وابنه هرم الجواد، ومنهم خارجة بن سنان بن أبي حارثة وإنما سمي خارجة لأن أمه ماتت وهو في بطنها فبقر بطنها فاستخرج فسمي خارجة وسميت أمه البقيرة، والحصين بن الحمام المري وهاشم بن حرملة والحارث بن ظالم كل هؤلاء كان شريفًا سيدًا، والهاشم بن حرملة يقول الشاعر:
أحيا أباه هاشم بن حرمله.......يوم الهباتين ويوم اليعمله
ترى الملوك حوله مغربله.......يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له
ورمحه للوالدات مثكله وأم غطفان: ثكمة بنت مر بن أد: ولدت غطفان بن سعد وأعصر بن سعد، وولدت أيضًا سليمًا وسلامان، ومازنًا بني منصور بن عكرمة بن خصفة، فهؤلاء الثلاثة إخوة غطفان وأعصر لأمهم وغطفان وأعصر أخوان لأب وأم، وأعصر بن سعد بن قيس وهو لقب واسمه منبه وإنما عصر ببيت قاله:
قالت عميرة ما لرأسك بعدما.......نفد الشباب أتى بلون منكر
أعمير إن أباك غير لونه.......مر الليالي واختلاف الأعصر
وأعصر تسمى دخانًا وذلك أن ملكا من ملوك اليمن أغار على معد فدخل هو وأصحابه كهفًا، فدخن عليهم منبه فهلكوا فسمي دخانًا، فغني وباهلة يقال لهما ابنا دخان، وقال منصور بن عكرمة بن خصفة في ذلك:
إنا وجدنا أعصر بن سعد.......ميمم البيت رفيع المجد
أهلك ذا الأسوار عن معد
وقدم وفد بني مرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد: فيما أخبرني أبو الحسن المدائني وهم ثلاثة عشر رجلاً عليهم الحارث بن مرة قدموا بعد الفزاريين، قال: وقد قيل إنهم قدموا قبل الفزاريين في سنة تسع، فقال الحارث: يا محمد إنا بنو لؤي بن غالب، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((يا بن عوف كيف تركت أهلك والبلاد؟))، قال: تركت البلاد مجدبة وأهلها مسنتون فادع الله أن يسقينا، فقال: ((اللهم أسقهم الغيث)) فأسلموا وأقاموا أيامًا وأمر لهم بجوائز لكل رجل منهم بعشر أواقي وأعطى الحارث اثنتي عشر أوقية فضة، فانصرفوا فوجدوا بلادهم مطرت يوم دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حج، فقالوا: يا رسول الله مطرنا يوم دعوت لنا وكان الحيا قلدتنا السماء أقلاد الودع في كل خمس عشرة ليلة مطرة جود، فرأيت الإبل تأكل باركة وغنمنا ما توارعنا ترجع فتقيل من القائلة.
وريث وعبد العزى ابنا غطفان أمهما أسيلة بنت عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، ووفد بنو عبد العزى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ((من أنتم؟)) فقالوا: نحن بنو عبد العزى، فقال: ((أنتم بنو عبد الله)) فسموا به، ورضوه، وسمتهم العرب بني محولة فمنه قول الفرزدق يهجوهم:
لعمري لئن كانت محولة اشترت.......سبابي ما آبت بخير تجارها
ووفد حضرمي بن عامر بن مجمع بن موألة بن همام بن ضب بن كعب بن قيس بن مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد أحد بني الزنية، والزنية مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان نسبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نحن بنو الزنية فقال: ((أنتم بنو الرشدة)) فقالوا: يا رسول الله لا نحب أن نكون كبني محولة، وزنية المرأة آخر ولدها وكذلك عجزتها ونضاضتها وأم ذبيان وأنمار وعامر بني بغيض بن ريث المفداة بنت ثعلبة بن عكابة وأم غيظ وسهم ومالك بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان سلمى بنت مالك بن حنظلة، ومما يروى في خبر عوف بن لؤي أيضًا أنه لما مات سعد بن ذبيان قال ثعلبة بن سعد لعوف أخيه: إنما أنت ابن لؤي وما لك في ميراث سعد شيء، فلما رأى ذلك عوف أتى أمه فذكر لها ذلك فقالت: صدق والله ثعلبة بن سعد إنك لابن لؤي فركب ليلحق بأهله ونسبه وأورد فزارة نعمه فلما رآه قال: ما هذا الراكب؟ قال: هذا ابن أخيك عوف منعه ثعلبة ميراث أبيه فركب ليلحق بنسبه وأصله فطلبه فزارة فأمسكه وقال:
أمسك علي ابن لؤي جملك.......تركك القوم ولا مترك لك
ويروى عرج، ارجع يا بن أخي فلك من مالي مثل ما يصيبك من ميراث أبيك وأنا أزوجك ابنتي هندًا بنت فزارة، فرجع معه فوفى له فزوجه وأعطاه فولدت له هند مرة بن عوف وفي ذلك يقول الحارث بن ظالم في يوم الفجار:
رفعت الرمح إذ قالوا قريش.......وشبهت الشمائل والقبابا
فما قومي بثعلبة بن سعد.......ولا بفزارة الشعر الرقابا
وقومي إن سألت بنو لؤي.......بمكة علموا مضر الضرابا
ولذلك هرب من النعمان عند قتله خالد بن جعفر وهو في جوار النعمان إلى قريش فلجأ إليهم. وكانت بنو سعد بن ذبيان قد أحلبت على بني سهم مع بني صرمة، وأحلبت معهم محارب بن خصفة، فساروا إليهم ورئيسهم خميصة بن حرملة الصرمي، نكصت عن الحصين بن الحمام قبيلتان وهما عدوان بن وائلة بن سهم، وعبد غنم بن وائلة بن سهم، فلم يكن معه إلا بنو وائلة بن سهم والحرقة، فسار إليهم فلقيهم الحصين ومن معه بدارة موضوع فظفر فيهم وهزمهم وقتل منهم فأكثر، فلذلك يقول الحصين بن الحمام:
ولا غرو إلا يوم جاءت محارب.......يقودون ألفًا كلهم قد تكتبا
موالي موالينا ليسبوا نساءنا.......أثعلب قد جئتم بنكراء ثعلبا
وإنما سارت إليهم محارب معه للحلف الذي كان بينهم فقال الحصين:
أيا أخوينا من أبينا وأمنا.......إليكم وعند الله والرحم العذر
ويقال إنه لما هلك سعد بن زيد مناة بن تميم، وعنده سلمى بنت مالك بن غنم ذهبت ومعها مالك بن سعد بن زيد مناة فتزوجها مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد فقالت لها نساء بني دودان بن أسد: ما زنيتك هذا الذي جئتنا به فقالت: هذا زنيتي فقال الأسدي:
ليس بنو الزنية من حي أسد.......حقًا ولا سعد وليسوا من أحد
جاءت به سلمى إلينا من بعد.......فأصبح الزنية فينا ذا عدد
2: بني عمنا الأدنين منهم ورهطنا.......فزارة إذ رامت بنا الحرب معظما
ويروى: موالينا (الأذنين) منهم وقومنا، ويروى (إذ رامت) من الشر (معظما).
3: موالي موالينا الولادة منهم.......ومولى اليمين حابسًا متقسما
يقول منهم (الولادة)، ومولى اليمين كما تقول القوم قائم وقاعد أي منهم قائم ومنهم قاعد، ورأيت القوم قائمًا وقاعدًا وقائم وقاعد، وكان القوم قائمًا وقاعدًا وقائم وقاعد، ويروى قد (تقسما مولى اليمين) يريد الحلف.
4: ولما رأيت الود ليس بنافعي.......وأن كان يومًا ذا كواكب مظلما
جعل في كان مجهولاً يريد في الشدة، كقول النابغة:
تبدو كواكبه والشمس طالعة.......نور بنور وإظلام بإظلام
وقال الأصمعي وهو كقول المحذر صاحبه: لأرينك (الكواكب) بالنهار، وهو كقول طرفة:
إن تنوله فقد تمنعه.......وتريه النجم يجري بالظهر
فقد تحرمه في الأصل، ويروى (لما رأينا الود ليس بنافع).
5: صبرنا وكان الصبر فينا سجية.......بأسيافنا يقطعن كفًا ومعصما
أصل (الصبر): الحبس ومنه الحديث أنه يقتل دابة صبرًا أي تمسك فتقتل، و(السجية) الطبيعة و(المعصم): موضع السوار، ويروى: يخذمن (كفًا ومعصما)، وأصل الخذم: القطع، ويروى: ضربنا وكان الضرب منا سجية.
6: يفلقن هامًا من رجال أعزة.......علينا وهم كانوا أعق وأظلما
(الهام) جمع هامة، (وهم كانوا أعق وأظلما)، يقول بدؤونا بالظلم على إعزازنا، كما قال قيس بن الخطيم:
قالت لنا الناس معشرًا ظفروا.......قلت فإنا بقومنا خلف
وكقول الحارث بن وعلة الشيباني:
قومي هم قتلوا أميم أخي.......فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً.......ولئن سطوت لأوهنن عظمي
ويروى من رجال أحبة إلينا ويروى من إناس أحبة إلينا.
7: وجوه عدو والصدور حديثة.......بود فأودى كل ود فأنعما
أي بالغ، ولم يرو أبو عكرمة هذا البيت، المعنى (وجوه عدو)، أي بالغ في الإيذاء والذهاب.
ومنه قول طرفة:
فيا عجبا من عبد عمرو وبغيه.......لقد رام ظلمي عبد عمرو فأنعما
أي بالغ، ومنه دق الدواء فأنعم أي بالغ في دقه، وهو عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.
8: فليت أبا شبل رأى كر خيلنا.......وخيلهم بين الستار فأظلما
(الستار وأظلم) موضعان، أبو شبل مليط بن كعب المري، وهو الذي هجا زبان بن سيار بن عمرو فقال:
غشيت اليوم دارًا هيجتني.......لزبان بن سيار بن عمرو
ليالي تستبيك بجيد رئم.......ومفلوق عليه الفرم يجري
ويروى: شأن خيلنا.
9: نطاردهم نستنقذ الجرد كالقنا.......ويستنقذون السمهري المقوما
(الجرد): الخيل القصيرة الشعور وذلك مدح لها، و(السمهري): القنا و(المقوم): المثقف، ويروى: نقاتلهم (نستنقذ الجرد كالقنا) ويستودعون السمهري المقوما، قال أحمد: يقول نستنقذ الخيل (الجرد) منهم ونجر أصحابها الرماح نتركها فيهم إذا طعناهم فهو أعنت لهم، وشبيه به قول الآخر: ونجر في الهيجا الرماح وندعي، يقول: نطعنهم بالرماح ونتركها فيهم، وقوله: وندعي وهو أن يقول له خذها مني وأنا ابن فلان فهو أقتل لهم.
والسمهري الصلب الشديد، قد اسمهر الأمر إذا اشتد.
10: عشية لا تغني الرماح مكانها.......ولا النبل إلا المشرفي المصمما
يعني أنهم لشدة غيظهم وحربهم استقلوا عمل الرماح والنبل فتنازلوا بالسيوف، و(المشرفية) المنسوبة إلى المشارف، وهي قرى للعرب تدنو من الريف، ويقال بل هي منسوبة إلى مشرف رجل من ثقيف.
و(المصمم): الذي إذا وقع في الضريبة غمض مكانه وصمم، قال أحمد نصب المشرفي على المعنى كأنه أراد بقوله (لا تغنى الرماح) أي لا نستعملها ولا نستعمل (إلا المشرفي)، قال أحمد (المصمم): الذي يبري العظم بريًا حتى كأنه وقع في المفصل من سرعة مضائه والمطبق: الذي يقع على المفصل، ومنه قول الكميت يصف رجلاً شبهه بالسيف:
فأراك حين تهز عند ضريبة.......في النائبات مصممًا كمطبق
أي: هو يمضي في نفس العظم ويبريه فكأنه إنما طبق أي وقع على المفصل، أي فهذا الرجل حين يهز لما ينوب من الخطوب كهذا السيف في مضائه أي يركب معالي الأمور وشدادها ولا يثنيه شيء كهذا السيف.
11: لدن غدوة حتى أتى الليل ما ترى.......من الخيل إلا خارجيًا مسوما
(الخارجي): من الخيل الجواد في غير نسب تقدم له كأنه نبغ بالجودة، وكذلك الخارجي من كل شيء، و(المسوم) المعلم للحرب، يقال قد سوم الرجل فرسه إذا علمه ولا يفعل ذلك إلا الفارس الشجاع، وقال أحمد الخارجي كأنه فضل الخيل بنفسه لا بعرق له في الكرم نزع إليه، وشبيه به في الناس قول الشاعر:
نفس عصام سودت عصاما.......وعلمته الكر والإقداما.......وجعلته ملكًا هماما
يقول: شرفه من فعاله لا من أفعال آبائه وكرمهم ولكنه ابتدع الشرف هو لنفسه، قال يقول إن الناس انكشفوا في هذه الحرب فلم يبق إلا أهل هذه الخيل الأشداء الذين سوموا أنفسهم وخيلهم شجاعة وجرأة، لأنه لا يثبت عند انكشاف الناس وانهزامهم إلا أبطال الرجال، ويروى أن حمزة رضي الله عنه أعلم يوم بدر بريش نعامة، فقال بعض المشركين من المعلم بريش نعامة فقيل حمزة فقال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، قال أحمد وإنما يسومون ليعرفوا فيثبتوا ولا ينهزموا مع من انهزم لأنه عرف موقعهم.
12: وأجرد كالسرحان يضربه الندى.......ومحبوكة كالسيد شقاء صلدما
(الأجرد): الفرس القصير الشعر، و(السرحان): الذئب وقوله: (يضربه الندى) يعني الذئب، وذلك أسرع له، كقول طفيل الغنوي وهو يصف فرسًا:
كأنه بعدما صدرن من عرق.......سيد تمطر جنح الليل مبلول
تمطر أصابه المطر فهو يبادر، السيد: الذئب قول طفيل كأنه يريد فرسًا، وصدرن يعني خيلاً سبقت الخيل بصدورها يقال للفرس إذا سبق الخيل بصدره جاء مصدرًا، فيقول كأن هذا الفرس لما سبق الخيل بصدره ذئب أصابه مطر، وقد جنح الليل أي أقبل، فهو يبادر موضعه، ويقال تمطر أسرع ويقال اخرجوا بنا نتمطر أي نقوم في المطر، ويقال تمطرت بفلان فرسه أي أسرعت به، يقول فكأن هذا الفرس وقد سبقت الخيل بصدورها ذئب أصابه مطر وقد أدركه الليل فهو مبادر مبيته ومأواه فهو لا يألو وكذلك هذا الفرس يبلغ غاية عدوه ومثله قول دكين:
مصدر لا وسط ولا تال.......فهو يفدى بالأبين والخال
يقول قد سبق الخيل بصدره وليس هو في وسطها ولا يتلوها، والعرق السطور من الخيل أو طير أو غير ذلك الواحدة عرقة، وكل سطر عرقة، ويروى: و(أجرد كالسرحان) يتبع ظله، يفعل ذلك من الخيلاء إذا رأى ظله توهم أنه فرس يعارضه فاجتهد في مشيه وعدوه، و(المحبوكة): يعني حجرًا حبك خلقها حبكًا أي فتل فتلاً شديدًا.
و(الشقاء): الطويلة، والذكر: أشق، و(الصلدم): الصلبة، قال الأصمعي: (الأجرد) القصير الشعرة، وذلك من كرم الفرس وعتقه وطول الشعر هجنة، والمعنى أنه شبه عدو هذه الفرس بعدو ذئب أصابه بلل فهو أشد لعدوه ومضيه.
قال أحمد: وأما أبو عبيدة فإنه قال: (المحبوكة) التي حبكت سراتها، فترى لها حبكًا من شدة أسرها، قال: و(الأجرد) القصير الشعر الصافي الأديم، قال: و(الصلدم) الشديدة تشبه بالصخرة كذا قال أبو عبيدة، وقال الأصمعي: هي الصلبة.
13: يطأن من القتلى ومن قصد القنا.......خبارًا فما يجرين إلا تجشما
ويروى فما يجرين إلا تقحما، ويروى: (يطأن من القتلى) وصم ردينة، (الخبار): الأرض اللينة ذات الجرفة والوراط والجحرة، يريد أن هذه الخيل تطأ القتلى و(قصد القنا) والقصد: الكسر، كما تطأ الخبار، يريد تتقي فيه و(التجشم) حمل النفس على المشقة وما تكره، يقول الرجل لصاحبه تجشمت لك ما تحب بركوبي المشقة لأبلغ محبتك. قال أحمد: والمعنى أن الخيل تعثر بالقتلى و(بقصد القنا) كما تعثر في (الخبار)، و(قصد القنا): كسره الواحدة قصدة، والمعنى كأنها تطأ بوطئها القتلى و(قصد القنا خبارًا)، وروى خالد بن كلثوم ومن قصد القنا شريجًا أي خليطًا، قال أحمد شريج لونان
14: عليهن فتيان كساهم محرق.......وكان إذا يكسو أجاد وأكرما
يريد أنهم لبسوا الدروع من عمل (محرق)، وقوله (أجادا وأكرما) أي: جاء بها جيادًا كرامًا.
15: صفائح بصرى أخلصتها قيونها.......ومطردًا من نسج داوود مبهما
(الصفائح): السيوف نسبها إلى (بصرى)، وكل عامل بحديدة عند العرب قين وهو ههنا الحداد والصيقل، وقوله (أخلصتها) جاءت بها خالصة من العيوب، وعنى (بالمطرد): المتتابع كما تقول: قد تتابع القول، و(المبهم): الذي لا ثلم فيه ولا خرق، وحكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء حائط مبهم إذا لم يكن فيه باب، والأمر (المبهم) الذي لا توجه له، قال الأصمعي: ومنه قولهم فرس بهيم إذا خلص له لون واحد ليس غيره، قال أحمد: قال الأصمعي: (الصفيحة) السيف العريض، (والمطرد): المتتابع الذي ليس فيه اختلاف، يقال اطرد القول إذا تتابع، والدرع يذكر ويؤنث، قال أبو الأخرز: مقلص بالدرع ذي التغضن، قوله (مبهم) أي: ليس فيها فتق لا يخالطها لون غير لونها، ويقال أبهم الأمر علي إذا أصمته فلم يجعل فيه فرجًا أعرفه.
16: يهزون سمرًا من رماح ردينة.......إذا حركت بضت عواملها دما
(السمر من الرماح) أصلب من غيرها لأنها تبلغ في آجامها، وهي التي توصف (من الرماح) قال الشاعر:
وأسمر خطيًا كأنك كعوبه.......نوى القسب قد أرمى ذراعًا على العشر
ويروى قد أرمى وأربى بمعنى زاد، و(ردينة): امرأة كانت بالبحرين تقوم الرماح قد ذكرتها الشعراء.
قال الشماخ:
رماح ردينة وبحار لج.......غواربها تقاذف بالسفين
و(بضت): سالت يقال تركت جرح فلان يبض دمًا ومنه قولهم قد بضت الشفة إذا سالت باللعاب لشهوة الشيء، و(العامل من الرمح) أسفل من السنان بذراع، ويقال بل العامل في الرمح كله ما بين الزج والنصل لأنه لا يعمل ببعضه دون بعض.
ويروى ضبت أي سالت ويقال أخرج يديه وهما تضبان وتبضان أي: تسيلان، قال أبو عبيدة: عامل الرمح فيه قولان: قال بعضهم هو السنان لأنه هو الذي يعمل به منه، وقال آخرون: بل هو ما كان من المقبض إلى السنان لأنه هو الذي يعمل فيه لا يستغني ذلك عن هذا فهذا جمعهما ويروى يهزون زرقًا، وقوله (إذا حركت بضت) المعنى: أنهم لا يحركونها إلا طعنوا بها وأسالت الدم.
17: أثعلب لو كنتم موالي مثلها.......إذًا لمنعنا حوضكم أنه يهدما
أراد (أثعلبة) فرخم، (موالي مثلها) أولياء مثلها، و(الموالي) ههنا الولي، وأراد (بالحوض) العز، أي: لحطناكم ودفعنا عنكم قال أحمد: (مثلها) أي مثل هذه الحرب، ومواليها أولياؤها، أي لو كنتم موالينا في مثل هذه الحرب لمنعناكم الأعداء.
18: ولولا رجال من رزام بن مالك.......وآل سبيع أو أسوءك علقما
ويروى (من رزام) بن مازن، وهي الرواية، وقوله (أو أسوءك علقما) أراد (أو أن أسوءك علقما)، أراد سبيع بن عمرو بن فتية بن أمه هكذا قال هشام بن محمد عن أبيه إن بني عبس دفعوا صبيتهم إلى مالك بن سبيع وأما أبو عبيدة فيما أخبرني به أحمد فقال: إنما دفعوا إلى (سبيع أبي مالك) فلما حضره الموت قال لابنه مالك: إن عندي مكرمة لا تبيد أبدًا إن احتفظت بهؤلاء الأغيلمة، وقد مر حديثهم بتمامه في كتاب داحس، و(مالك): ابن سبيع بن عمرو بن فتية بن أمه بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان وكان شريفًا وهو صاحب الرهن التي وضعت على يديه في حرب عبس وذبيان، و(علقم) ترخيم علقمة بن عبيد بن عبد ابن فتية بن أمه بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن ذبيان ومن روى رزام بن مالك فلا معنى له وهو غلط وإنما هو مالك بن رزام بن مازن والصحيح رزام بن مازن وولد رزام مالكًا وسبدًا وحزيمة.
19: لأقسمت لا تنفك مني محارب.......على آلة حدباء حتى تندما
ويروى (لآليت)، محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان، وأم (محارب): هند بنت عمرو بن ربيعة بن نزار، وأم عكرمة أخي محارب ريطة بنت وبرة أخت كلب، (الآلة) الحالة، قال الشاعر:
قد أركب الآلة بعد الآله.......وأترك العاجز بالجداله.......ملتبسًا ليست له محاله
الجدالة: الأرض، والمحالة: الحيلة و(الحدباء): الصعبة أي تحمل على أمر عظيم صعب لا تطمئن عليه إذا ركبته كما قال الأخطل:
لقد حملت قيس بن عيلان حربنا.......على يابس السيساء محدودب الظهر
ويقال سنة (حدباء) إذا كانت مجدبة، ورزام بن مالك بن ثعلبة وسبيع من بني ثعلبة وعلقمة من بني أمية بن بجالة، وقول أبي عكرمة رزام بن مالك بن ثعلبة باطل لأن ثعلبة ولد مازنًا والحارث وهو شزن لقب به، وعجبًا فهؤلاء الثلاثة ولد ثعلبة ولا نعلمه ولد مالكًا، وقوله (سبيع) من بني ثعلبة فقد نسبناه إلى ذبيان، وقوله (علقمة) من بني أمية بن بجالة فغلط منه، وإنما أراد أن يقول أمه بن بجالة، فقال أمية، وإن كان ذهب به إلى التصغير فأمه تصغير أميه، وإنما أمية تصغير أمة، قال أحمد قال هشام عن أبيه قال قول الشماخ:
ألا تلك ابنة الأموي قالت.......أراك اليوم جسمك كالرجيع
نسبها إلى أمة بن بحالة ومنهم شماخ الشاعر، واسمه معقل ومزرد واسمه يزيد ابنا ضرار بن سنان بن أمة، وقد قيل إنه شماخ بن ضرار بن صفي بن أصرم بن إياس بن عبد غنم بن جحاش بن بجالة، ومنهم عبد الله بن الحجاج بن جندب بن نصر بن عمرو بن عبد غنم بن جحاش الفاتك الشاعر، كان خرج مع ابن الزبير على عبد الملك ثم صار إلى عبد الملك بعدما استقام له الأمر وقتل ابن الزبير فاحتال عليه حتى آمنه فأفلت منه، وله معه حديث وأبيات شعر على العين منها:
ارحم أصيبيتي الذين كأنهم.......حجل دوارج بالشربة جوع
فأققبل ينشده وعبد الملك يجيبه بما يكره وهو لا يعرفه، ثم عرفه بنفسه بعد أن وقع له منه أمان، فهذا قول هشام في بيت الشماخ، وغيره يروي: ألا تلك ابنة الأموي قالت، وقال صاحب هذه الرواية يعني عائشة بنت عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك أنها قالت له: ما بال جسمك ناحلاً ولونك متغيرًا، فقال:
أعائش ما لأهلك لا أراهم.......يضيعون الهجان مع المضيع
وقد مر تفسير هذه الأبيات فيما مضى من الكتاب، حديث عبد الله بن الحجاج الثعلبي: قال أحمد قال هشام بن محمد بن السائب، هو عبد الله بن الحجاج بن محصن بن جندب بن نصر بن عمرو بن عبد غنم بن جحاش بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان، قال وكان فاتكًا وكان يعين ابن الزبير على عبد الملك، فدخل عليه ليلاً وهو يعشي الناس فقال:
منع القرار فجئت نحوك هاربًا.......جيش يجر ومقنب يتلمع
فقال عبد الملك أي الأخابث أنت، فقال:
ارحم أصيبيتي هديت فإنهم.......حجل دوارج بالشربة جوع
فقال: أجاع الله بطونهم أنت أجعتها، فقال:
مال لهم مما يضن جمعته.......يوم القليب فحيز عنهم أجمع
قال: أظنه كان كسب سوء، فقال:
أدنو لترحمني وتقبل توبتي.......وأراك تدفعني فأين المدفع
فقال: إلى النار فقال:
ضاقت ثياب الملبسين وفضلهم.......عني فألبسني فثوبك أوسع
قال: فرمى إليه بمطرف خز كان عليه، قال: أآكل يا أمير المؤمنين قال: كل قال: أمنت ورب الكعبة قال عبد الملك: كن من شئت إلا عبد الله بن الحجاج، قال: فأنا والله عبد الله بن الحجاج وقد أكلت طعامك ولبست ثيابك فأي خوف علي، فآمنه عبد الملك، وحدثنيه عبد اله بن عمرو قال وحدثني الزبير بن أبي بكر ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بمكة قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بهذا الكلام.
20: وحتى يروا قومًا تضب لثاتهم.......يهزون أرماحًا وجيشًا عرمرما
(تضب لثاتهم): تسيل من الشهوة و(العرمرم): الكثير الشديد قال أحمد: تضب لثاتهم من حب الغنيمة وشهوة الحرب، ويروى وحتى يروا جمعًا (وجيشًا)، يقال جاء فلان تضب لثته إذا جاء وهو حريص على الأمر.
(عرمرم): كثير يقال ضبت لثته وبضت.
21: ولا غرو إلا الخضر خضر محارب.......يمشون حولي حاسرًا وملأما
(الغرو): العجب و(الحاسر): الذي لا مغفر له والمغفر يكون على الرأس من زرد وربما كان له رفرف على العنق، و(الحاسر) الذي لا درع عليه و(الملأم) الذي عليه لأمة وهي الدرع، قال أبو عبيدة: يقال جاؤوا بين حاسر وملأم، وهو في موضع مفعول كأنه ألبس لأمة يقال قد تلأمت الدرع واستلأمت، من ذلك قول امرئ القيس:
إذا ركبوا الخيل واستلأموا.......تحرقت الأرض واليوم قر
22: وجاءت جحاش قضها بقضيضها.......وجمع عوال ما أدق وألأما
أي (ما أدقهم وألأمهم)، (جحاش) بن بجالة بن سعد بن غطفان وهم قوم الشماخ بن ضرار.
(قضاها): أي خاصة، وقضها بقضيضها أي: صغيرها بكبيرها أي جاءوا أجمعون، وأصل القض الحصى الصغار والتراب، وجاؤوا إلى حصاهم وترابهم، وإنما يريد الصغير والكبير، و(عوال) من بني عبد الله بن غطفان، قول أبي عكرمة (جحاش) بن بجالة بن ثعلبة بن سعد بن غطفان باطل وهو (جحاش) بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان، ويقال (عوال) من بني ثعلبة، قال أحمد: قال هشام عوال بن الحارث ولقب الحارث شزن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان.
23: وهاربة البقعاء أصبح جمعها.......أمام جموع الناس جمعًا مقدمًا
(هاربة) بن ذبيان سميت (هاربة البقعاء) لكثرة البلق في عساكرها ولا يركب الأبلق إلا مدل بشجاعته.
قال أحمد هاربة بن ذبيان فيما أخبرنا هشام بن محمد قال: هم بطن من بني ثعلبة بن سعد ولهم يقول بشر بن أبي خازم:
ولم تغضب لمرة إذ تولوا.......فساروا سير هاربة فغاروا
وذلك لحرب كانت بينهم، فرحلوا من بني ذبيان فنزلوا في بني ثعلبة بن سعد فعدادهم اليوم معهم وهم قليل، قال أحمد: قال هشام لم أر هاربيًا قط، وسلامان بن ذبيان هم في بني عبس على نسب يقال لهم بنو ملاص، وأمهم هند بنت الأوقص بن لجيم وقالت هند وهي ترقص فزارة:
إن تشبه الأوقص أو لجيما.......أو تشبه الأحنف أو لهيما.......تشبه رجالاً يمنعون الضيما
تعني حنيفة بن لجيم ولهيم بن لجيم سلامان في بني عبس وهاربة في بني ثعلبة بن سعد.
24: بمعترك ضنك به قصد القنا.......صبرنا له قد بل أفراسنا دمًا
وروى أبو عبيدة (قد بل أفراسنا دماء المعترك) موضع المعاركة والمزاحمة في القتال، و(الضنك) الضيق، و(قصد القنا) كسره الواحدة قصدة.
25: وقلت لهم يا آل ذبيان مالكم.......تفاقدتم لا تقدمون مقدما
(تفاقدتم): دعاء عليهم بالموت وأن يفقدوا بعضهم بعضًا.
26: أما تعلمون اليوم حلف عرينة.......وحلفا بصحراء الشطون ومقسما
روى أحمد (ومقسما) ولم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، قال أحمد: قال هشام بن محمد بن سائب: (عرينة) بن نذير بن قسر بن عبقر وهو بجيلة بن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان وكان سبب هذا الحلف فيما أخبرنا به هشام بن محمد عن أبيه عن معاوية بن عميرة بن مخوس بن معدي كرب الكندي عن ابن عباس قال: فقأ أنمار بن نزار بن معد عين أخيه مضر بن نزار ثم هرب فصار حيث تعلم أي انتسب إلى اليمن، قال أحمد: قال هشام انتسب إلى اليمن فيقال أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، فقالوا: نحن من أولاد قحطان ولسنا من ولد معد بن عدنان، قال: وكان منازل أولاد نزار من تهامة وما يليها من ظواهر نجد فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ثم أجليت بجيلة وخثعم ابنا أنمار بن نزار عن منازلها وغور تهامة بالحروب التي وقعت بينهم، والاختلاف وحلت بنو مدركة بن إلياس بن مضر منازلهم، فظعنت بجيلة وخثعم ابنا أنمار إلى جبال السروات فنزلوها وانتشروا فيها، فنزلت قسر بن عبقر بن أنمار حقال حلية وأسالم وما صاقبها من البلاد، وأهلها يومئذ حي من العاربة الأولى يقال لهم بنو ثابر فأزحلوهم عنها ونزلوا مساكنهم منها ثم قاتلوهم فغلبوهم على السراة ونفوهم عنها وقاتلوا بعد ذلك خثعم أيضًا فنفوهم عن بلادهم، فقال سويد بن جدعة أحد بني أفصى بن نذير بن قسر وهو يذكر ثابرًا وإخراجهم إياهم من مساكنهم ويفتخر بذلك وبإجلائهم خثعم:
نحن أزحنا ثابرًا عن بلادها.......وحليي أبحناها فنحن أسودها
إذا سنة طالت وطال طوالها.......وأقحط عنا القطر واسود عودها
ويروى واصفر، ويروى وحلية أبحناها، قال ثعلب: يقال أقحط القطر وقحط:
وجدنا سراة لا يحول ضيفنا.......إذا خطة يعيا بقوم نكيدها
قال ثعلب: نكيدها، ونزيرها واحد.
ونحن نفينا خثعما عن بلادها.......تقتل حتى عاد مولى شريدها
فريقين فرقًا باليمامة منهم.......وفرقًا بخيف الخيل تترى خدودها
قال ثعلب: تترى تتبع بعضها بعضًا، وقال عمرو بن الخثارم البجلي وهو يذكر نفيهم إياهم عن السراة وقتالهم إياهم عنها:
بقينا كأنا أصل دائرة جلجل.......مدل على أشباله يتهمهم
فما شعروا بالجمع حتى تبينوا.......ثنية ذات النخل ما يتضرم
شددنا عليهم والسيوف كأنها.......بأيماننا عمامة تتبسم
وقاموا لنا دون النساء كأنهم.......مصاعيب زهر جللت لا تحطم
فلم ينج إلا كل صعل هزلج.......يخفف من أطماره فهو محرم
ونلوي بأنمار ويدعون ثابرًا.......على ذي الفنا ونحن والله أظلم
حبيته قسرية أحمسية.......إذا بلغوا فرع المكارم تمموا
أبحنا لم دار السراة فأصبحوا.......على حد من أبرى وأغلى وأنعموا
منحنا حقًالا آخر الدهر قومنا.......بجيلة كي يرعوا جميعًا وينعموا
قال هشام عن أشياخ من بجيلة من آل جرير بن عبدالله البجلي قالوا: فصارت السراة لبجيلة إلى أعالي تربة وهو واد يأخذ من السراة ويفرغ في نجران، فكانت دارهم جامعة وأيديهم واحدة حتى وقعت حرب بين بني أحمس بن الغوث بن أنمار وبين زيد بن الغوث بن أنمار فقتلت زيد أحمس حتى لم يبق منهم إلا أربعون غلامًا، فاحتملهم عوف بن أسلم بن أحمس حتى أتى بني الحارث بن كعب فنزل فيهم وجاورهم وعوف يومئذ شيخ، فلم يزالوا في ديار بني الحارث بن كعب حتى تلاحقوا وقووا فأغاروا ببني الحارث على بني زيد فقتلوهم ونفوهم عن ديارهم إلا بقية منهم، ورجعت أحمس إلى ديارها، فلم تزل قسر في ديارها مقيمة في محالها يغزون من يليهم ويدفعون عن بلادهم مجتمعة كلمتهم على عدوهم حتى مرت بهم حدأة فقال رجل من عرينة بن نذير: أنا لهذه الحدأة جار، فعرفت بالعرني ونسبت إليه، فلبثت حينًا ثم إنها وجدت ميتة وفيها سهم رجل من بني أفصى بن نذير بن قسر، فطلبت عرينة صاحب السهم فقتلوه ثم إن أفصى جمعت لعرينة فالتقوا فظهرت عليهم عرينة فقتلوهم إلا بقية منهم، فلم يزالوا قليلاً حتى ظهر الإسلام، واجتمعت قبائل قسر فأخرجوا عرينة عن ديارهم ونفوهم عنها، فقال عوف بن مالك بن ذبيان القسري وبلغه أمرهم:
أتاني ولم أعلم به حين جاءني.......حديث بصحراء الخصوص عجيب
وحدثت قومي أحدث الدهر بينهم.......وعهدهم بالنائبات قريب
فإن يك حقًا ما أتاني فإنهم.......كرام إذا ما النائبات تنوب
فقيرهم مبدي الغنى وغنيهم.......له ورق للمعتفين رطيب
وحدثت قومًا يفرحون بهلكهم.......سيأتيهم ملمنديات نصيب
قال: فتفرقت بطون بجيلة عن الحروب التي كانت بينهم فصاروا متقطعين في قبائل العرب مجاورين لهم في بلادهم، فلحق عظم عرينة بن نذير بن قسر ببني جعفر بن كلاب وعمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ولحقت قبيلتان من عرينة غانم ومنقذ ابنا مالك بن هوزان بن عرينة بكلب بن وبرة وانضمت موهبة بن الربعة بن هوزان بن عرينة إلى سليم بن منصور ودخلت أبيات من عرينة في بني سعد بن زيد مناة بن تميم، فلم يزالوا على ذلك حتى أظهر الله تعالى الإسلام وهم في تلك القبائل، فلما أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يوجه جرير بن عبد الله بن جابر وهو الشليل بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف بن حزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد مناة بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار لقتال الأعاجم بالعراق سأله جرير أن يجمع له قبائل بجيلة ويخرجهم من تلك القبائل ففعل له ذلك وكتب له إلى عماله على صدقات تلك الأحياء كلها كتابًا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين لجرير بن عبد الله: كتاب مني إلى من بلغته رسالتي من بادية العرب من سليم وكلب وعامر والحارث بن كعب ومن لم أسم ذكره منهم وإلى الهيثم وثابت والعلاء السعاة عليهم، إن جرير بن عبد الله ذكر جوار قومه إياكم أيتها الأحياء واغترابهم في الجاهلية عن دار قومهم لحرب كانت بينهم: وقد كنت قضيت بمبلغ رأيي لخير ما أردت والله يوفق أن أيما حي من العرب كانوا في حي من العرب أسلموا معهم فهم معهم، فلما ذكر لي جرير وقومه الذي كان من اغتراب قومهم والحرب التي كانت بينهم وأتاني بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد له عصابة من المسلمين وصدق جرير وشهد جرير، رددت قومه الذين في جواركم إليه، فلا تحولن أيتها المعاشر من هذه الأحياء دون قوم جرير إن كنتم مسلمين، فلينفضهم أمري، أي: يحركهم، بذلك من كان مسلمًا ولينته إلى ذلك، ومن كان له غير زعم جرير وقومه ممن يزعمون أنهم قومهم وأنهم فيكم فإلي فأقبلوا فليقاوموا جريرًا والحي الذين معه عندي إن شاء الله تعالى، وليهاجروا مع جرير وقومه في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فإنها أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون، هذه حجة على من استرعيت الأمانة وإعذار مني إليهم، وتسليم مني لجرير وقومه.
شهد العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان وخالد بن الوليد وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك وعبد الله بن أرقم على أن عمر قد سلم لجرير وقومه وسلم لهم نضالهم الأحياء عن قومهم وصدقه وقومه بقولهم فسيروا مسلمين.
وكتب عبد الله بن أرقم في شوال سنة أربع عشرة مرجع جرير وقومه من الشام، والحمد لله رب العالمين، قال: وكانت السعاة الهيثم بن قيس بن الصلت السلمي على صدقات غطفان وطيء وتلك البلاد وأما العلاء بن الحضرمي فكان على البحرين وصدقات سعد وعامة عامر وكان ثابت بن عمر الأنصاري على صدقات كلب وسائر قضاعة ليخبر مخبر من علم، والمقسم الموضع الذي حلف فيه وهو القسم: أقسم في اليمين إقسامًا وقسمًا والمقسم الموضع الذي أقسم فيه، ولا يكون مقسمة ومقسمة ومقسم ومقسم إلا من قسم يقسم وهو القسم أيضًا، والشطون موضع وأصله البعد، ويروى حلف طمية وهو جبل، ويروى حلف طمية.
قال أحمد عن هشام طمية موضع في بلاد كلب وكان به منزل زهير بن جناب الكلبي وكانت بلادهم من حضن وما والاه إلى ناحية الربذة وما خلفها إلى جبل طمية، وفي ذلك يقول زهير بن جناب وهو يوصي بنيه ويذكر منزله في طمية:
أبني إن أهلك فإنـ.......ـي قد بنيت لكم بنيه
من كل ما نال الفتى.......قد نلته إلا التحيه
ولقد شهدت النار للـ.......ـأضياف توقد في طميه
وقال خفاف بن ندبة في طمية:
متى كان للقينين قين طمية.......وقين بلي معدن بفران
27: وأبلغ أنيسًا سيد الحي أنه.......يسوس أمورًا غيرها كان أحزما
يريد (أنس) بن يزيد بن عامر المري، فأجاب الحصين أنس عن شعره بأبيات منها:
أخبرت أنك يا حصين تلومني.......فاقصد بذرعك لمت غير ملوم
28: فإنك لو فارقتنا قبل هذه.......إذًا لبعثنا فوق قبرك مأتما
قال الأصمعي: إن كل جماعة تجتمع مأتم وغلب عليه عند الناس الاجتماع على الميت، غيره قال: ومثله كل معلم لشيء فهو موسم فغلب عليه موسم الحج، قال ثعلب: (لو فارقتنا قبل هذه) يقول لو مت قبل هذه الفعلة لبكينا عليك ووجدنا فقدك، فإن مت الآن لم نبك عليك ولم نجد فقدك، كما قال الآخر يذم رجلاً:
فليت الحي قد حفروا بفأس.......قليبًا ثم أعمرت القليبا
فلم يبكوا عليك ولم ينوحوا.......ولم تكن الفقيد ولا الحبيبا
فأخبره أن آثاره لم تكن فيهم محمودة فإن مات لم يبكوا عليه، ومثله قول الآخر:
فإن تصبك من الأيام فاجعة.......لم نبك منك على دنيا ولا دين
أي: ما حمدناك فيهما جميعًا.
29: وأبلغ تليدًا إن عرضت ابن مالك.......وهل ينفعن العلم إلا المعلما
أي لا ينفع العلم إلا من تعلم وصلب.
30: فإن كنت عن أخلاق قومك راغبًا.......فعذ بضبيع أو بعوف بن أصرما
31: أقيمي إليك عبد عمرو وشايعي.......على كل ماءٍ وسط ذبيان خيما
عبد عمرو وعدوان ابنا سهم بن مرة، ويروى خيما، خيم أقام.
32: وعوذي بأفناء العشيرة إنما.......يعوذ الذليل بالعزيز ليعصما
(عوذي) الجني إليها وطوفي بها، ومنه سميت العائذ من النوق وهي التي معها ولدها، ويقال في الناس رجل ذليل وفي البهائم دابة ذلول، ويقال في الناس قد ذل يذل ذلاً، وفي البهائم قد ذل يذل ذلاً، و(الذل) ضد العز، والذل ضد الصعوبة، وقوله (ليعصما) أي ليسد أمره، ومنه العصمة وهي المنعة من الذنب، وأصله من العصام وهو خيط تشد به القربة، ويقال لذلك الحبل العصام، ويروى: (وعوذي بأذراء العشيرة)، يقال هو في ذراه، وأصل الذرى دفء الشجرة، وهو في ظله وحشاه وناحيته، وهو في كنفه وفي جناحه وفي عراه وحراه يعني ما حوله.
33: جزى الله عنا عبد عمرو وملامة.......وعدوان سهم ما أدق وألأما
المعنى (ما أدقهم وألأمهم عبد عمرو وعدوان ابنا سهم) بن مرة، ويروى ما أذل وألأما، ويروى ما أذل وأفدما، أي ما أذلهم وأفدمهم.
34: وحي مناف قد رأينا مكانهم.......وقران إذا أجرى إلينا وألجما
قوله: (وألجما) أي استعد لحربنا وسعى علينا، يقال جرى الفرس وأجراه صاحبه وركض الرجل فرسه ولا يجعل للفرس فعلاً، قال الأصمعي: ركضت الفرس ولا يقال ركض الفرس، وقال ابن الأعرابي: ركضت الفرس وركض هو.
35: وآل لقيط إنني لن أسوءهم.......إذًا لكسوت العم بردًا مسهمًا
أي لهجوتهم هجاءً مشهورًا كشهرة (البرد المسهم): وهو الذي يشبه نقشه بنقش السهام، غيره يقول لهجوتهم هجاءً يبقى أثره كأثر الوشي المسهم، وهو الذي وشيه كأوفايق السهام، والمعنى لهجوتكم جميعًا هجاءً تشتهرون به كشهرة البرد المسهم في الثياب، أي يتسامع به الناس ويروونه ويعرفونه، و(العم) الجماعات كما قال المرقش:
لا يبعد الله التلبب والـ.......ـغارات إذ قال الخميس نعم
والعدو بين المجلسين إذا.......آد العشي وتنادى العم
أي تجالست الجماعة من النادي وهو المجلس، ومنه قول الله عز وجل: {وتأتون في ناديكم المنكر}، آد العشي: مال وأنشد:
خذامية آدت لها عجوة القرى.......وتأكل بالمأقوط حيسًا مجعدا
مأقوط: شيء يعمل وصير فيه أقط.
36: وقالوا تبين هل ترى بين ضارج.......ونهي أكف صارخًا غير أعجما
الأصل هل ترى بين واسط أي لا تسمع صارخًا إلا من أهلك من العرب وما فيهم أعجم، أي ليس به أحد يعرب أي ليس به إنسان، و(النهي) بفتح النون وكسرها وهو موضع مطمئن من الأرض له حاجز يمنع الماء الفيوض منه، ويروى غير أخرما ويقال جيش أخرم أي منقطع، ورواية خالد غير أعجما.
37: فألحقن أقوامًا لئاما بأصلهم.......وشيدن أحسابًا وفاجأن مغنما
قوله (ألحقن) يعني: الخيل، هزمت قومًا وصفهم بالخور فإن ذلك للؤم أصولهم، (وشيدن أحسابًا) أي رفعتها وأعظمن ذكرها، يريد بذلك من صبر في الحرب، وقوله (فاجأن مغنمًا) أي لقينه.
38: وأنجين من أبقين منا بخطة.......من العذر لم يدنس وإن كان مؤلما
ويروى: (ونجين من أبقينا منا بخطة)، (من العذر) أي من أبقته هذه الحرب فقد أتى بعذر لأنه قد أبلى، وقوله (لم يدنس) أي: لم يفر، فيكون ذلك عارًا عليه، وإن كان قد ألم وأصل الألم الوجع، والأليم الوجيع، قال أحمد مؤلم أصابه ألم من جراح وغير ذلك وهو صابر حافظ لم ينهزم فيمن انهزم.
قال ثعلب: أي له (العذر) أي أنه غير باق أي عذره لم يبقه فلم يعذر، ومثله قول قيس بن زهير للحنفي الذي أجاره ومرا على عظم نخر فأخذه قيس ففته ثم قال: كم ضيم أقررت به ثم لم تئل أي كم ضيم صبرت عليه واحتملته خوف الموت ثم لم أرك مع احتمالك إياه بقيت، فقال له الحنفي بعد رجوعه إلى قومه وإعلامهم ذلك: اردد علي جواري.
39: أبى لابن سلمى أنه غير خالد.......ملاقي المنايا أي صرف تيمما
أي أبى أن يحتمل الذل والعار أنه غير باق وأنه (ملاقي المنايا) أي جهة انصرف إليها، بخطة أي بعلة اعتل بها، والخطة الطريق والخطة الطريقة المثلى، يقال سلمى أم الحصين بن الحمام
40: فلست بمبتاع الحياة بسبة.......ولا مبتغ من رهبة الموت سلما
يقول: لا أشتري (الحياة) بما أسب عليه وأعير به ولا أطلب النجاة من الموت لأني أعلم أن الموت لا بد منه. يقول من طلب النجاة من الموت احتمل الذل ومن علم أنه ميت لا محالة لم يحتمل المذلة.
41: ولكن خذوني أي يوم قدرتم.......علي فحزوا الرأس أن أتكلما
قال ثعلب: يقول متى وجدتموني (فخذوني وحزوا رأسي حتى لا أتكلم)، والمعنى أني أقول فيكم وأهجوكم وأذمكم حتى تأخذوا رأسي ما حييت.
42: بآية أني قد فجعت بفارس.......إذا عرد الأقوام أقدم معلما
ويروى (فجعت)، (الآية): العلامة، يحرضهم بذلك على نفسه ويذكرهم بذلك قتله رجلاً شجاعًا. و(عرد): نكص وفر، و(المعلم) الذي يجعل لنفسه علمًا في الحرب يعرف به، ويروى أن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أعلم يوم بدر بريشة نعامة فقال رجل من المشركين وهو في الإسار لرجل من المسلمين من رجل منكم أعلم بريشة فقال ذاك حمزة بن عبد المطلب فقال هو الذي فعل الفعل، ويروى إذا عرد الأبطال وهو جمع بطل، يقال منه بطل الرجل بطولة وإن البطولة في فلان لبينة، فإذا كان الرجل فارغًا فقد بطل يبطل بطالة، اختار ثعلب فجعت به أي أفعل بكم هذا أي إنكم (فجعتموني بفارس) هذه صفته.
[شرح المفضليات: 100-121]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
12, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir