90: قصيدة صُحيْر بن عُمَيْر: تَهْزَأُ مِنِّي أُختُ آلِ طَيْسَلَهْ

[محمد أبو زيد]

قالَ علِيُّ بنُ سليمانَ: حدثنا أبو العبَّاسِ محمدُ بنُ يَزيدَ، أنَّ الأَصْمَعِيَّ أنشدَ أصحابَه أُرْجُوزَةً لرجلٍ مِن بني تَميمٍ يُقالُ له: صُحيْرُ بنُ عُمَيْرٍ، يعني هذه الأُرجوزةَ:
تَهْزَأُ مِنِّي أُختُ آلِ طَيْسَلَهْ
قالَتْ أَراهُ مُمْلِقًا لا شَيْءَ لَهْ
وَهَزِئَتْ مِنِّي بِنْتُ مَوْءَلَهْ
قالَتْ أَراهُ دَالِفًا قدْ دُنْى لَهْ
وأنتِ لا جُنِّبْتِ تَبريحَ الوَلَهْ
مَزْءُودَةً أوْ فَاقِدًا أوْ مُثْكَلَهْ
أَلَسْتِ أَيَّامَ حَلَلْنَا الأَعْزَلَهْ
وقبلُ إذْ نحنُ عَلى الضُّلَضِلَهْ
وقبلَها عامَ ارْتَبَعْنَا الجُعَلَهْ
مثلَ الأَتانِ نَصَفًا جَنَعْدَلَهْ
وأنا في ضُرَّابِ قِيلانُ القُلَهْ
أَبْقَى الزَّمانُ منكِ نابًا نَهْبَلَهْ
وَرَحِمًا عِنْدَ اللِّقَاحِ مُقْفَلَهْ
ومُضغَةً باللُّؤْمِ سَمًّا مَبْهَلَهْ
إمَّا تَرَيْنِي للوَقارِ والعَلَهْ
قارَبْتُ أَمْشِي الفَنْجَلَى والقَعْوَلَهْ
وتَارَةً أَنْبِثُ نَبْثًا نَقْثَلَهْ
خَزَعْلَةَ الضِّبعانِ رَاحَ الهَنْبَلَهْ
وهَلْ عَلِمْتِ فُحَشَاءَ جَهَلَهْ
مَمْغُوثَةً أَعْرَاضُهُمُ مُمَرْطَلَهْ
مِنْ كُلِّ ماءٍ آجِنٍ وسَمَلَهْ
كَمَا تُماثُ في الهِنَاءِ الثَّمَلَهْ
عَرَضْتُ من جَفيلِهم أنْ أَجْفِلَهْ
وهَلْ عَلِمْتِ يا قُفَيَّ التَّتْفُلَهْ
ومَرْسِنَ العِجْلِ وساقَ الحَجَلَهْ
وغَضَنَ الضَّبِّ ولِيطَ الجُعَلَهْ
وكشَّةَ الأفعَى ونَفْخَ الأَصَلَهْ
أنِّي أُفِيتُ المِائةَ المُؤَبَّلَهْ
ثُمَ أُفِيءُ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلَهْ
ولَمْ أُضِعْ ما يَنْبَغِي أَنْ أفْعَلَهْ
وأَفْعَلُ العَارِفَ قبلَ المَسْأَلَهْ
وهل أَكُبُّ البَائِكَ المُحَفَّلَهْ
وأُنْتِجُ العَيْرانَةَ السَّبَحْلَلَهْ
وأَطْعَنُ السَّحْسَاحَةَ المُشَلْشِلَهْ
على غِشاشٍ دَهَشٍ وعَجَلَهْ
إذا أطاشَ الطَّعنُ أيدِي البَعَلَهْ
وصدَّقَ الفِيلُ الجبانُ وَهَلَهْ
أَقْصَدْتُهَا فلَمْ أُجِرْهَا أَنْمُلَهْ
مِنْ حيثُ يَمَّمْتُ سَوَاءَ المَقْتَلَهْ
وأطعَنُ الخَدْباءَ ذَاتَ الرَّعَلَهْ
تَرُدُّ في وَجْهِ الطَّبيبِ فُتُلَهْ
وهَلْ عَلِمْتِ بَيْتَنَا إلا وَلَهْ
شَرَبَةٌ مِنْ غَيْرِنا أوْ أَكَلَهْ

[محمد أبو زيد]

90

قال علي بن سليمان: حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد. أن الأصمعي أنشد أصحابه أرجوزة لرجل من بني تميم يقال له (صحير بن عمير)* يعني هذه الأرجوزة:
1 تهزأ مني أخت آل طيسله
2 قالت أراه مملقًا لا شيء له
3 وهزئت مني بنت موءله
ـــــــــــــــ
(*) ترجمته: لم نعثر على ترجمة: ويقال فيه أيضًا «صخير بن عمير». وفي الجمهرة 3: 130 «صخر بن عمير» وكذلك في اللسان (ثمل). وفي اللسان (مرطل) «صخر بن عمير». وفي (ضل) «صخر الغي»، ولا ريب في تحريف هذا الأخير. وفي الأمالي 2: 284 «عن الأصمعي قال: أنشدني خلف الأحمر لأعرابي». وفي اللآلي 930 «قال النجيرمي: هذا الرجز للأصمعي». وكذا في معجم الأدباء 3: 4 مرجليوث: «حدث المبرد في الروضة عن عبد الصمد بن المعذل قال: جئت أبا قلابة الجرمي ومعه الأرجوزة التي تنسب إلى الأصمعي: تهزأ... الشطرين، فسألته أن يدفعهما إلي فأبى».
جو القصيدة: هذه الأرجوزة الطريفة غريبة النهج في الشعر العربي، إذ تجدها موحدة الغرض، فليست هي إلا حوارًا بين الراجز وامرأة - لعلها زوجه – عابت عليه فقره وشيخوخته، فأجابها مصورًا حالها السالف والباقي، وحاله السالف والباقي أيضًا، وهجاها في ذلك هجاء شديدًا، وفخر بنفسه فخرًا عريضًا.
تخريجها: هي في الأوربية برقم 58 وكذا في أمالي القالي 2: 284 – 286 مع التفسير لها. والبيت 1 في اللآلي 930. و1، 2 في اللسان 13: 425. و5، 6 في اللآلي 930. و7، 8 في اللاسن 13: 240. و9 في المقاييس 1: 461. و11 في اللسان 14: 95. و16 في اللسان 2: 59 والجمهرة 3: 130. و17 في المقاييس 5: 484. و18 في اللسان 14: 236. و19 في اللسان 3: 11/8: 216. و20 في اللآلي 847 والمقاييس 5: 338. و20 – 22، 19، 20 – 23 في اللآلئ 84 – 85. و22 في المقاييس 1: 390. و24 في المخصص 17: 13. و32، 34 في اللآلئ 930. و34، 35، 41 في ديوان المعاني 2: 2: 73. و36، 37 في اللآلئ 930.
(1) طيسلة: اسم، الراجح أنه اسم قبيلة. وفي الاشتقاق 324 أن طيسلة شاعر معروف.
(2) في هامش ش «خ: مبلطًا».


4 قالت: أراه دالفًا قد دنى له
5 وأنت لا جنبت تبريح الوله
6 مزؤودة أو فاقدًا أو مثكله
7 ألست أيام حللنا الأعزله
8 وقبل إذ نحن على الضلضله
9 [وقبلها عام ارتبعنا الجعله]
10 مثل الأتان نصفًا جنعدله
11 وأنا في ضراب قيلان القله
12 أبقى الزمان منك نابًا نهبله
13 ورحمًا عند اللقاح مقفله
14 ومضغة باللؤم سما مبهله
15 إما تريني للوقار والعله
ــــــــــــــ
(4) في صلب ش «قال الأصمعي: إذا قصر خطوه وضعف فقد دلف. ودنى له: قصر الرداء إذا قصر». كذا وردت العبارة. وفي الأمالي «دنى له، أي قوربت خطاه».
(5) في ش «لاحييت» صوابه في ط والأمالي واللآليء.
(6) مزؤودة، أي مذعورة. ويروى «مردودة» في اللآلئ: يعني مطلقة مردودة إلى أهلها.
(7) الأعزلة: موضع، قال ياقوت: واد لبني العنبر بن عمرو بن تميم.
(8) الضلضلة: موضع. ط «المضلضلة».
(9) الجملة: أرض لبني عامر بن صعصعة.
(10) أي ألست مثل الأتان. وفي صلب ش «الأتان صخرة من الماء، فهو أصلب لها. والجنعدلة: الصخرة الصلبة. النصف قد بلغت خمسًا وأربعين».
(11، 12) في صلب ش «القيلان: جمع قال، كنار ونيران. والقال المقلاة: الفعفين! الناب: الكبيرة. والنهبلة: الهرمة». كذا وردت الكلمة التي فسر بها المقلاء مهملة. وفي الأمالي: «والقال والمقلي: العود الذي تضرب به القلة، والقلة: عود قدر شبر محدد الطرفين تلعب به الصبيان».
(14) مبهلة، جاء في صلب ش تفسيرًا لها: «مهملة». وفي الأمالي: «المبهلة: التي لا ضرار عليها».
(15) العله، فسرت في هامش ش بأنها «الجزع»، وكذا في الأمالي.


16 قاربت أمشي الفنجلي والقعوله
17 وتارة أنبث نبثًا نفثله
18 حزعلة الضبعان راح الهنبله
19 وهل علمت فحشاء جهله
20 ممغوثة أعراضهم ممرطله
21 من كل ماء آجن وسمله
22 كما تماث في الهناء الثمله
23 [عرضت من جفيلهم أن أجفله]
24 وهل علمت يا قفى التتفله
25 ومرسن العجل وساق الحجله
26 وغضن الضب وليط الجعله
27 وكشة الأفعى ونفخ الأصله
28 أني أفيت المائة المؤبله
ــــــــــــ
(16) في صلب ش «الفنجلي والقعولة والـ [نعثلة] والنقشلة من مشي الكبير».
(17) النبث: استثارة التراب. وفي ط واللسان والمقاييس والأمالي «نبث النقثلة». قال الجوهري: النقثلة: مشية الشيخ يثير التراب إذا مشى.
(18) الخزعلة: الظلع والعرج. والضبعان: الذكر من الضباع. الهنبلة: الضبع العرجاء.
(19) فحشاء: جمع فاحش، كجاهل وجهلاء.
(20، 22) في صلب ش: «الممغوث: الملطخ. والممرطل مثله. والثملة: الخرقة يهنأ بها البعير». أي يطلي بالهناء، وهو الطلاء. وفي هامش ش «خ: الإناء» أي بدلا من الهناء. وفي الأمالي «تماث: تمرس. والثملة: بقية الهناء في الإناء».
(23) في هامش ش «الجفيل: الجمع».
(24) التنفلة: الأنثى من الثعالب. في هامش ش «خ: السفلة».
(25، 26) في صلب ش: «المرسن: أنف العجل. والغضن: تكسر الجلد. والليط: اللون والقشر».
(27، 28) كشة الأفعى: صوت جلدها. وفي صلب ش «الأصلة: الحية: أفيت: أنحر». المؤبلة: الكثيرة، وقيل هي المتخذة للقنية.


29 ثم أفي بعدها مستقبلة
30 ولم أضع ما ينبغي أن أفعله
31 وأفعل العارف قبل المسأله
32 [وهل أكب البائك المحفله]
33 وأنتج العيرانة السبحلله
34 وأطعن السحساحة المشلشله
35 على غشاش دهش وعجله
36 إذا أطاش الطعن أيدي البعله
37 وصدق الفيل الجبان وهله
38 أقصدتها فلم أجرها أنمله
39 من حيث يممت سواء المقتله
40 وأطعن الخدباء ذات الرعله
ــــــــــــــــ
(29) الأمالي «ثم أفيء مثلها» ط «ثم أفئت». في صلب ش «يروى: ثم أفيت مثلها».
(31) العارف، في صلب ش «العارف: المعروف». والذي في المعاجم بمعناه هو «العارفة».
(32) البائك: السمينة العظيمة السنام. المحفلة: الناقة لا يحلبها صاحبها أيامًا حتى يجتمع لبنها في ضرعها.
(33) في هامش ش «خ: وأمنح المياحة السبحللة». العيرانة: التي تشبه بالعير في صلابتها. السبحللة: العظيمة.
(34، 35) في صلب ش «السحساحة: السيالة، مثل المشلشلة. الغشاش: الدهش أيضًا». ط «غشاش دهش» بالإضافة.
(36) يقال: بعل بالأمر، إذا لم يدر كيف يصنع فيه.
(37) في هامش ش «الفيل أراد الفيل الري، وهو المخطئ». والوهل: الفزع.
(38) ط «أجيزها أنمله»، وفي الأمالي: «أحرها أنمله».
(39) السواء: الوسط. ط «عمت عن سواء».
(40) الخدباء: الضربة التي تهجم على الجوف، وأصل الخدب الهوج. والرعلة: القطعة تبقى من اللحم معلقة.


41 ترد في وجه الطبيب فتله
42 وهل علمت بيتنا إلا وله
43 شربة من غيرنا أو أكله
ـــــــــــــــ
(41) الفتل: جمع فتيل. ط: «نثلة».
(42) في الأمالي «بيننا إلا وله» وفي ط: «بيننا للأوله» وهذه محرفة.
(43) شربة وأكلة: جمع شارب وآكل. والمراد الضيفان.

[شرح الأصمعيات: 234-238]