دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 08:23 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب قضاء الحاجة(7/9) [ما لا يستجمر به]

100 - وعن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: أَتَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الغائِطَ فأَمَرَنِي أنْ آتِيَهُ بثلاثةِ أَحْجَارٍ، فوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ ولم أَجِدْ ثَالِثًا، فأَتَيْتُهُ برَوْثَةٍ فأَخَذَهما وأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وقالَ: ((هَذَا رِكْسٌ)). أَخرَجَهُ البخاريُّ. زادَ أحمدُ والدارَقُطْنِيُّ: ((ائْتِنِي بِغَيْرِهَا)).

101 - وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى ((أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ)). وقالَ: ((إِنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ)). رواهُ الدارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ.

  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 03:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

15/92- وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثاً، فَأَتَيْتُه بِرَوْثَةٍ. فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: ((هَذَا رِجْسٌ، أَوْ رِكْسٌ)).
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. وَزَادَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ((ائْتِنِي بِغَيْرِهَا)).
(وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ؛ قَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ عَبْدٍ الهُذَلِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَخَادِمُهُ، وَأَحَدُ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، مِنْ كِبَارِ البَدْرِيِّينَ، وَمِنْ نُبَلاَءِ الفُقَهَاءِ وَالمُقَرَّبِينَ.
أَسْلَمَ قَدِيماً، وَحَفِظَ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)).
وَفَضَائِلُهُ جَمَّةٌ عَدِيدَةٌ، تُوُفِّيَ بِالمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً.
(قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثاً، فَأَتَيْتُه بِرَوْثَةٍ فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ) زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ رَوْثَةَ حِمَارٍ (وَقَالَ: إنَّهَا رِكْسٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الكَافِ فِي القَامُوسِ: إنَّهُ الرِّجْسُ؛ (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. وَزَادَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ائْتِنِي بِغَيْرِهَا).
أَخَذَ بِهَذَا الحَدِيثِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الحَدِيثِ فَاشْتَرَطُوا أَنْ لاَ تَنْقُصَ الأَحْجَارُ عَن الثَّلاَثَةِ، مَعَ مُرَاعَاةِ الإِنْقَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا زَادَ حَتَّى يُنَقِّيَ، وَيُسْتَحَبُّ الإِيتَارُ، وَتَقَدَّمَت الإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ، وَلاَ يَجِبُ الإِيتَارُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ:((وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ)) تَقَدَّمَ.
قَالَ الخَطَّابِيُّ: لَوْ كَانَ القَصْدُ الإِنْقَاءَ فَقَطْ لَخَلاَ ذِكْرُ اشْتِرَاطِ العَدَدِ عَن الفَائِدَةِ، فَلَمَّا اشْتَرَطَ العَدَدَ لَفْظاً، وَعُلِمَ الإِنْقَاءُ مَعْنًى دَلَّ عَلَى إيجَابِ الأَمْرَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ كَانَ الثَّلاَثُ شَرْطاً لَطَلَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَالِثاً؛ فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ قَدْ طَلَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ المَذْكُورَةِ فِي كَلاَمِ المُصَنِّفِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الفَتْحِ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَثْبُت الزِّيَادَةُ هَذِهِ. فَالجَوَابُ عَلَى الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتَفَى بِالأَمْرِ الأَوَّلِ فِي طَلَبِ الثَّلاَثِ، وَحِينَ أَلْقَى الرَّوْثَةَ عَلِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ امْتِثَالُهُ الأَمْرَ، حَتَّى يَأْتِيَ بِثَالِثَةٍ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتَفَى بِأَحَدِ أَطْرَافِ الحَجَرَيْنِ، فَمَسَحَ بِهِ المَسْحَةَ الثَّالِثَةَ؛ إذ المَطْلُوبُ تَثْلِيثُ المَسْحِ وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الثَّلاَثَةُ لِأَحَدِ السَّبِيلَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْآخَرِ ثَلاَثَةٌ أيضاً فَتَكُونُ سِتَّةً لِحَدِيثٍ وَرَدَ بِذَلِكَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ.
عَلَى أَنَّ فِي نفسِي مِنْ إثْبَاتِ سِتَّةِ أَحْجَارٍ شَيْئاً؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عُلِمَ أَنَّهُ طَلَبَ سِتَّةَ أَحْجَارٍ مَعَ تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَالأَحَادِيثُ بِلَفْظِ: ((مَنْ أَتَى الغَائِطَ)) كَحَدِيثِ عَائِشَةَ: ((إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الغَائِطِ فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ؛ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ)) عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبِي دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، مَعَ أَنَّ الغَائِطَ إذَا أُطْلِقَ ظَاهِراً فِي خَارِجِ الدُّبُرِ، وَخَارِجُ القُبُلِ يُلاَزِمُهُ.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن الِاسْتِطَابَةِ فَقَالَ: ((بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ)) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالسُّؤَالُ عَامٌّ لِلْمَخْرَجَيْنِ مَعاً أَوْ أَحَدِهِمَا، وَالمَحَلُّ مَحَلُّ البَيَانِ، وَحَدِيثُ سَلْمَانَ بِلَفْظِ: "أُمِرْنَا أَنْ لاَ نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ" أَخْرَجَه مسْلِمٌ. وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي المَخْرَجَيْنِ.
وَمَن اشْتَرَطَ السِّتَّةَ فَلِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَلاَ أَدْرِي مَا صِحَّتُهُ فَيُبْحَثَ عَنْهُ. ثُمَّ تَتَبَّعْتُ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِي الأَمْرِ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ أَقَلَّ مِنْهَا، فَإِذَا هِيَ كُلُّهَا فِي خَارِجِ الدُّبُرِ، فَإِنَّهَا بِلَفْظِ النَّهْيِ عَن الِاسْتِنْجَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، وبلفظِ الاستطابةِ بثلاثةِ أحجارٍ.
وَبِلَفْظِ الِاسْتِجْمَارِ: ((إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلاَثاً)).
وَبِلَفْظِ التَّمَسُّحِ: "نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ ".
إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالِاسْتِنْجَاءُ لُغَةً: إزَالَةُ النَّجْوِ وَهُوَ الغَائِطُ، وَالغَائِطُ: كِنَايَةٌ عَن العَذِرَةِ، وَالعَذِرَةُ خَارِجُ الدُّبُرِ، كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلاَمُ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَفِي القَامُوسِ: النَّجْوُ: مَا يَخْرُجُ مِن البَطْنِ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَائِطٍ، وَاسْتَنْجَى: اغْتَسَلَ بِالمَاءِ منه، أَوْ تَمَسَّحَ بِالحَجَرِ، وَفِيهِ اسْتَطَابَ: اسْتَنْجَى، وَاسْتَجْمَرَ: اسْتَنْجَى؛ وَفِيهِ التَّمَسُّحُ: إمْرَارُ اليَدِ لِإِزَالَةِ الشَّيْءِ السَّائِلِ أَو المُتَلَطِّخِ. اهـ.
فَعَرَفْتَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الثَّلاَثَةَ الأَحْجَارِ لَمْ يَرِد الأَمْرُ بِهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ أَقَلَّ مِنْهَا إلاَّ فِي إزَالَةِ خُرُوجِ الدُّبُرِ لاَ غَيْرُ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا دَلِيلٌ فِي خَارِجِ القُبُلِ، وَالأَصْلُ عَدَمُ التَّقْرِيرِ بِعَدَدٍ، بَل المَطْلُوبُ الإِزَالَةُ لِأَثَرِ البَوْلِ مِن الذَّكَرِ، فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ بَيَانُ اسْتِعْمَالِ الثَّلاَثِ فِي الدُّبُرِ: بِأَنَّ وَاحِدَةً لِلْمَسْرُبَةِ، وَاثْنَتَيْنِ لِلصَّحْفَتَيْنِ، مَا ذَاكَ إلاَّ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا.

16/93 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: ((إنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ)). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: إنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ).
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِهِ هَذَا، وَالبُخَارِيُّ بِقَرِيبٍ مِنْهُ، وَزَادَ فِيهِ: أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمَّا فَرَغَ: مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثِ؟ قَالَ: ((هِيَ مِنْ طَعَامِ الجِنِّ)). وَأَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ مُطَوَّلاً كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَلَفْظُهُ فِي سُنَنِ البَيْهَقِيِّ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((ابْغِنِي أَحْجَاراً أَسْتَنْفِضُ بِهَا، وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ)) فَأَتَيْتُه بِأَحْجَارٍ فِي ثَوْبِي، فَوَضَعْتُهَا إلَى جَنْبِهِ، حَتَّى إذَا فَرَغَ وَقَامَ تَبِعْتُه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثِ؟ فَقَالَ: ((أَتَانِي وَفْدُ نَصِيبِينَ فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَلاَّ يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلاَ عَظْمٍ إلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهِ طَعَاماً)).
وَالنَّهْيُ فِي البَابِ، عَن الزُّبَيْرِ، وَجَابِرٍ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَغَيْرِهِمْ بِأَسَانِيدَ فِيهَا مَا فِيهِ مَقَالٌ، وَالمَجْمُوعُ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. وَعَلَّلَ هُنَا بِأَنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمَا طَعَامُ الجِنِّ، وَعُلِّلَت الرَّوْثَةُ بِأَنَّهَا رِكْسٌ.
وَالتَّعْلِيلُ بِعَدَمِ التَّطْهِيرِ فِيهَا عَائِدٌ إلَى كَوْنِهَا رِكْساً، وَأَمَّا عَدَمُ تَطْهِيرِ العَظْمِ فَلِأَنَّهُ لَزِجٌ لاَ يَكَادُ يَتَمَاسَكُ، فَلاَ يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ، وَلاَ يَقْطَعُ البِلَّةَ.
وَلَمَّا عَلَّلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ العَظْمَ وَالرَّوْثَةَ طَعَامُ الجِنِّ، قَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَمَا يُغْنِي عَنْهُمْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إنَّهُمْ لاَ يَجِدُونَ عَظْماً إلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ أُخِذَ، وَلاَ وَجَدُوا رَوْثاً إلاَّ وَجَدُوا فِيهِ حَبَّهُ الَّذِي كَانَ يَوْمَ أُكِلَ. رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحَاكِمُ فِي الدَّلاَئِلِ، وَلاَ يُنَافِيهِ مَا وَرَدَ أَنَّ الرَّوْثَ عَلَفٌ لِدَوَابِّهِمْ كَمَا لاَ يَخْفَى.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالأَحْجَارِ طَهَارَةٌ لاَ يَلْزَمُ مَعَهَا المَاءُ، وَإِن اسْتُحِبَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ، فَأَفَادَ أَنَّ غَيْرَهُمَا يُطَهِّرُ.

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 03:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

87 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَائِطِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثاً، فَأَتَيْتُهُ بِرَوْثَةٍ، فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: ((إِنَّهَا رِكْسٌ)).
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وزادَ أحمدُ والدَّارَقُطْنِيُّ: ((ائْتِنِي بِغَيْرِهَا)).
مفرداتُ الحديثِ:
- رَوْثَةٌ: هي بفتحِ الراءِ وسكونِ الواوِ، جَمْعُها رَوْثٌ وأَرْوَاثٌ، وهي فَضْلَةُ الدابَّةِ ذاتِ الحافِرِ، وأكثرُها الحَمِيرُ، ويُؤَيِّدُ ذلك روايةُ ابنِ خُزَيْمَةَ: كانَتْ رَوْثَةَ حِمَارٍ.
- رِكْسٌ: بكسرِ الراءِ وسكونِ الكافِ، بعدَها سينٌ مُهْمَلَةٌ، جمعُه أَرْكَاسٌ، والمعنى: رِجْسٌ. قالَ العَيْنِيُّ: الرِّجْسُ والرِّكْسُ قِيلَ: القَذَرُ. وقيلَ: إنَّ الرِّكْسَ هو الرِّجْسُ. وقِيلَ غيرُ ذلكَ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الرَّوْثَةُ هي فَضْلَةُ الحِمارِ ونحوِه مِن ذواتِ الحافِرِ، وقدْ جَاءَ في زيادةِ ابنِ خُزَيْمَةَ أنَّهَا كانَتْ رَوْثَةَ الحِمَارِ. فيكونُ ابنُ مَسْعُودٍ أتاه برَوْثَةِ حِمارٍ فأَلْقَى الرَّوْثَةَ ولم يَسْتَعْمِلْهَا، وقَبِلَ الحَجَرَيْنِ وأَمَرَه أنْ يَأْتِيَه بغيرِ الرَّوْثَةِ بدلاً عنها.
2- ظاهِرُ الحديثِ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الاقْتِصارَ في الاستنجاءِ على الحِجارةِ؛ ذلك أنه طَلَبَ ثلاثةَ أحجارٍ؛ إذ إنها أَدْنَى حدٍّ للحجارةِ المُطَهِّرَةِ، وحَدُّها كما تَقَدَّمَ في حديثِ سَلْمَانَ: "أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ"، ولو أرادَ أنْ يُتْبِعَ الحِجارةَ الماءَ لَمَا عَيَّنَ الثلاثةَ، ولَمَا طَلَبَ حَجراً ثالثاً بدَلَ الرَّوْثَةِ التي رَدَّها.
والذي يُرِيدُ أنْ يُتْبِعَ الحجارةَ الماءَ يَكْتَفِي بما تَيَسَّرَ حُصُولُه؛ لتخفيفِ النجاسةِ والتقليلِ مِن مُباشَرَتِها، وإلاَّ فالماءُ وحدَه كافٍ، كما في حديثِ أهلِ قُباءٍ الآتي إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
3- الحديثُ يَدُلُّ على أنه يَحْرُمُ الاستنجاءُ بالرَّوْثَةِ؛ لأنها رِجْسٌ نَجَسٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ الرَّوْثَةَ هي فَضْلَةُ ذَوَاتِ الحافِرِ، والمُسْتَعْمَلُ من هذه الفصيلةِ الحيوانيَّةِ هو الحِمارُ النَّجِسُ.
4- قالَ الفقهاءُ: الأفضلُ قطعُ الاستجمارِ على وِتْرٍ. والحديثُ يَدُلُّ على ذلكَ؛ فإنه طَلَبَ ثلاثةَ أحجارٍ، ولَمَّا رَدَّ الروْثَةَ طَلَبَ بدَلَها، ولعلَّ هذا مراعاةً للإنقاءِ والإيتارِ، فالإنقاءُ لا بُدَّ مِنه، وأمَّا الإيتارُ فمُسْتَحَبٌّ.
5- تَقَدَّمَ في حديثِ سَلْمَانَ: أنَّ المرادَ هو المَسَحَاتُ الثلاثُ، ولو بحَجَرٍ واحدٍ ذي ثلاثِ شُعَبٍ.
6- فيه دليلٌ على حُسْنِ تعليمِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنه لمَّا رَدَّ الرَّوْثَةَ أَعْلَمَ ابنَ مَسْعُودٍ بسببِ ذلكَ، ولم يَرُدَّها ويَطْلُبْ غيرَها ويَسْكُتْ.

88 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: ((إِنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ)). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ صحيحٌ.
فالبُخَارِيُّ أَخْرَجَ في صحيحِه قريباً منه، وقالَ المَجْدُ في المُنْتَقَى: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقالَ بعدَ إخراجِه: إسنادُه صحيحٌ. وكذا قالَ ابنُ دَقِيقِ العِيدِ في الإلمامِ، وقالَ الحافِظُ: سَنَدُه حَسَنٌ.
والنهيُ في البابِ- "نَهَى أنْ يُسْتَنْجَى..." إلخ - جاءَ عن الزُّبَيْرِ، رَوَاهُ الطبرانيُّ بسندٍ ضعيفٍ، وعن جابرٍ رَوَاهُ مسلمٌ، وعن سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ رَوَاهُ أحمدُ، وإسنادُه وَاهٍ، وعن سَلْمَانَ رَوَاهُ مسلمٌ، وعن ابنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
مفرداتُ الحديثِ:
- أَنْ يُسْتَنْجَى: الاستنجاءُ إزالةُ النَّجْوِ، وهو الغائِطُ، وتَقَدَّمَ معنى الغائِطِ.
- بعَظْمٍ: هو العظمُ المعروفُ، وهو قَصَبٌ يَنْبُتُ عليه اللحْمُ.
- رَوْثٍ: جمعُ رَوْثَةٍ: فضْلَةُ الدابَّةِ ذاتِ الحافرِ، وأكثرُها الحَمِيرُ.
- إِنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ: تعليلٌ للنهيِ عن الاستنجاءِ بهما.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- النهيُ عن الاستنجاءِ بالعظمِ، وأنه لا يُطَهِّرُ.
2- الحِكْمَةُ في ذلك: ما جاءَ في البُخَارِيِّ، أن أبا هُرَيْرَةَ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، ما بالُ العَظْمِ؟ فقالَ: ((هِيَ طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ)).
3- النهيُ عن الاستنجاءِ بالرَّوْثِ وأنها لا تُطَهِّرُ.
4- الحِكْمَةُ في ذلك: ما جاءَ في الحديثِ السابِقِ: ((إِنَّهَا رِكْسٌ)) أي: نَجَسٌ.
5- في الحديثِ دَلالةٌ على أن الاستنجاءَ بالأحجارِ يُطَهِّرُ، ولا يَلْزَمُ بعدَها الماءُ؛ لأنه عَلَّلَ بأنَّ العظمَ والروْثَ لا يُطَهِّرانِ؛ فدَلَّ على أن الأحجارَ تُطَهِّرُ.
6- إذا كانَ الاستنجاءُ بالعَظْمِ لا يَجُوزُ؛ لكونِه طعامَ الجِنِّ، فإنَّ تحريمَ طعامِ الإنسِ من بابِ أولَى بالتحريمِ.
7- كلُّ ما يَقُومُ مقامَ الحجارةِ من الأعوادِ والأخشابِ والخِرَقِ والأوراقِ المُنَشِّفَةِ وغيرِها، مِمَّا لم يُمْنَعْ الاستجمارُ به، تَحْصُلُ به الطهارةُ.
خِلافُ العلماءِ:
المشهورُ من مذهبِ الإمامِ أحمدَ: أنَّ الاستجمارَ بالحجارةِ ليسَ مُطَهِّراً للمَحَلِّ، وإنما هو مُبِيحٌ للصلاةِ ونحوِها، وبِناءً عليه: فإنَّ أثرَ الاستجمارِ نَجِسٌ، وإنما يُعْفَى عن يَسِيرِه. قالَ في الإنصافِ: وعليه جماهيرُ الأصحابِ.
والرِّوايةُ الأُخْرَى: أنه مُطَهِّرٌ، اخْتارَه جماعةٌ.
والحديثُ الذي معَنا يَدُلُّ على طهارةِ المَحَلِّ بعدَ الاستجمارِ؛ لقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يُطَهِّرَانِ)) يعني: العظمُ والروْثُ، فدَلَّ على أن الحجارةَ وَحْدَها تُطَهِّرُ.
قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: الصحيحُ أنَّ الاستجمارَ مُطَهِّرٌ للمَحَلِّ بعدَ الإتيانِ بما يُعْتَبَرُ شرعاً؛ للنصِّ الصحيحِ أنه مُطَهِّرٌ.
والاستجمارُ الذي تَحْصُلُ به الطهارةُ هو الإنقاءُ بالحجارةِ ونحوِها، بحيثُ لا يَبْقَى مِن النجاسةِ إلاَّ أَثَرٌ لا يُزِيلُه إلاَّ الماءُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, قضاء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir