15/75 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَيَّنَهُ.
(وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَيَّنَهُ)؛ أَيْ: قَالَ: هُوَ لَيِّنٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ صَالِحَ بْنَ مُقَاتِلٍ وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَصْلِ الضَّعِيفِ. وَالحَدِيثُ دليلٌ ومُقَرِّرٌ لِلْأَصْلِ، عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مِن البَدَنِ غَيْرِ الفَرْجَيْنِ لاَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ. وَفِي البَابِ أَحَادِيثُ تُفِيدُ عَدَمَ نَقْضِهِ عَن ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى.
وَقَد اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَالهَادَوِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ نَاقِضٌ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَائِلاً يَقْطُرُ، أَوْ يَكُونَ قَدْرَ الشَّعِيرَةِ يَسِيلُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إلَى مَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالنَّاصِرُ، وَجَمَاعَةٌ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: إنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مِن البَدَنِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا، وَمَا أَيَّدَهُ مِن الآثَارِ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ وُضُوءَ إلاَّ مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: ((لاَ وُضُوءَ إلاَّ مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ)) ولِأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ النَّقْضِ، حَتَّى يَقُومَ مَا يَرْفَعُ الأَصْلَ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ.