دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 07:47 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب نواقض الوضوء(9/12) [مس المحدث للقرآن]

77 - وعن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي بكرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنَّ في الكتابِ الذي كَتَبَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لعمرِو بنِ حَزْمٍ: ((أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)). رواهُ مالكٌ مُرْسَلًا، ووَصَلَهُ النَّسائيُّ وابنُ حِبَّانَ، وهو معلولٌ.

78 - وعن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: كان رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كلِّ أَحيانِه. رواهُ مسلِمٌ، وعَلَّقَهُ البخاريُّ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

11/71 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ فِي الكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لاَ يَمَسَّ القُرْآنَ إلاَّ طَاهِرٌ.
رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً، وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ مَعْلُولٌ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أُمُّهُ وَأُمُّ أَسْمَاءَ وَاحِدَةٌ، أَسْلَمَ قَدِيماً، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ، وَأَصَابَهُ سَهْمٌ، انْتَقَضَ عَلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُوهُ.
(أَنَّ فِي الكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) هُوَ عَمْرُو بْنُ حَزْمِ بْنِ زَيْدٍ الخَزْرَجِيُّ البُخَارِيُّ، يُكَنَّى أَبَا الضَّحَّاكِ، أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الخَنْدَقُ. وَاسْتَعْمَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَجْرَانَ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِيُفَقِّهَهُمْ فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَهُم القُرْآنَ، وَيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً فِيهِ الفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ، وَالصَّدَقَاتُ وَالدِّيَاتُ، وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ " فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ " بِالمَدِينَةِ، وَذَكَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ.
(أَنْ لاَ يَمَسَّ القُرْآنَ إلاَّ طَاهِرٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً؛ وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ مَعْلُولٌ) حَقِيقَةُ المَعْلُولِ الحَدِيثُ الَّذِي يُطَّلَعُ عَلَى الوَهْمِ فِيهِ بالقَرَائِنِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ، فَيُقَالُ لَهُ: مُعَلَّلٌ ومعلولٌ، وَالأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ: المُعَلُّ، مِنْ: أَعَلَّهُ، وَالعِلَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ أَسْبَابٍ خَفِيَّةٍ غَامِضَةٍ طَرَأَتْ عَلَى الحَدِيثِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ، وَقَدَحَتْ؛ وَهُوَ من أَغْمَضِ أَنْوَاعِ عُلُومِ الحَدِيثِ وَأَدَقِّهَا، وَلاَ يَقُومُ بِذَلِكَ إلاَّ مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْماً ثَاقِباً، وَحِفْظاً وَاسِعاً، وَمَعْرِفَةً تَامَّةً بِمَرَاتِبِ الرُّوَاةِ، وَمَلَكَةً قَوِيَّةً بِالأَسَانِيدِ وَالمُتُونِ.
وَإِنَّمَا قَالَ المُصَنِّفُ: إنَّ هَذَا الحَدِيثَ مَعْلُولٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ، كَمَا قَالَه ابْنُ حَزْمٍ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ اليَمَامِيُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الخَوْلاَنِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجَمَاعَةٌ مِن الحُفَّاظِ، وَاليَمَانِيُّ هُوَ المُتَّفَقُ عَلَى ضَعْفِهِ. وَكِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالقَبُولِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: إنَّهُ أَشْبَهَ المُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالقَبُولِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: لاَ أَعْلَمُ كِتَاباً أَصَحَّ مِنْ هَذَا الكِتَابِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ، وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ وَإِمَامُ عَصْرِهِ الزُّهْرِيُّ، بِالصِّحَّةِ لِهَذَا الكِتَابِ. وَفِي البَابِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ:((لاَ يَمَسُّ القُرْآنَ إلاَّ طَاهِرٌ)) وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، إلاَّ أَنَّهُ ذَكَرَه الهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَمَسُّ القُرْآنَ إلاَّ طَاهِرٌ)).
قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ. وَذَكَرَ لَهُ شَاهِدَيْنِ، وَلَكِنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي المُرَادِ مِن الطَّاهِرِ؛ فَإِنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الطَّاهِرِ مِن الحَدَثِ الأَكْبَرِ وَالطَّاهِرِ مِن الحَدَثِ الأَصْغَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى المُؤْمِنِ، وَعَلَى مَنْ لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، وَلاَ بُدَّ لِحَمْلِهِ عَلَى معنًى مُعَيَّنٍ مِنْ قَرِينَةٍ.
وَأَمَّا قَوْلُه تَعَالَى: {لاَ يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ} فَالأَوْضَحُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْكِتَابِ المَكْنُونِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي صَدْرِ الآيَةِ، وَأَنَّ {المُطَهَّرُونَ} هُم المَلاَئِكَةُ.

12/72 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَلَّقَهُ البُخَارِيُّ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَلَّقَهُ البُخَارِيُّ) وَالحَدِيثُ مُقَرِّرٌ لِلْأَصْلِ، وَهُوَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِن الأَحْوَالِ؛ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عُمُومِ الذِّكْرِ، فَتَدْخُلُ تِلاَوَةُ القُرْآنِ وَلَوْ كَانَ جُنُباً؛ إلاَّ أَنَّهُ قَدْ خَصَّصَهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الَّذِي فِي بَابِ الغُسْلِ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا القُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُباً" وَأَحَادِيثُ أُخَرُ فِي مَعْنَاهُ تَأْتِي.
وَكَذَلِكَ هُوَ مُخَصَّصٌ بِحَالَةِ الغَائِطِ وَالبَوْلِ وَالجِمَاعِ، وَالمُرَادُ بِكُلِّ أَحْيَانِهِ مُعْظَمُهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}، وَالمُصَنِّفُ ذَكَرَ الحَدِيثَ لِئَلاَّ يُتَوَهَّمَ أَنَّ نَوَاقِضَ الوُضُوءِ مَانِعَةٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.


  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 02:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

71 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَه اللَّهُ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ.
رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً، وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ مَعْلُولٌ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ صحيحٌ.
إلاَّ أَنَّ المُحَدِّثِينَ اخْتَلَفُوا في صحَّةِ هذا الحديثِ؛ فقالَ أبو داودَ: قدْ أُسْنِدَ هذا الحديثُ ولا يَصِحُّ، والذي في إسنادِه سليمانُ بنُ داودَ وَهْمٌ، إنما هو سليمانُ بنُ أَرْقَمَ، وهكذا قالَ أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: إنه الصوابُ. وتَبِعَه صالحٌ جزرةُ وأبو الحَسَنِ الهَرَوِيُّ.
وقالَ النَّسائيُّ: وهذا أشبَهُ بالصوابِ. يعني: عن سليمانَ بنِ أَرْقَمَ، وقالَ ابنُ حَزْمٍ: صحيفةُ عمرِو بنِ حَزْمٍ مُنْقَطِعَةٌ، لا تَقُومُ بها حُجَّةٌ، وسليمانُ بنُ داودَ مُتَّفَقٌ على تركِه.
قالَ ابنُ حِبَّانَ: سليمانُ بنُ داودَ اليمامِيُّ ضعيفٌ، وسليمانُ بنُ داودَ الخَوْلاَنِيُّ ثِقَةٌ، وكلاهما يَرْوِي عن الزُّهْرِيِّ، والذي رَوَى حديثَ الصَّدَقَاتِ هو الخَوْلاَنِيُّ، فمَن ضَعَّفَه فإنما ظَنَّ أنَّ الراويَ له هو اليَمَامِيُّ.
قالَ ابنُ حَجَرٍ: ولولا ما تَقَدَّمَ مِن أنَّ الحَكَمَ بنَ مُوسَى وَهِمَ في قَوْلِهِ: سليمانُ بنُ داودَ. وإنما هو سليمانُ بنُ أَرْقَمَ- لكانَ لكلامِ ابنِ حِبَّانَ وجهٌ.
وصَحَّحَهُ الحاكمُ وابنُ حِبَّانَ والبَيْهَقِيُّ، ونُقِلَ عن أحمدَ أنه قالَ: أَرْجُو أنْ يَكُونَ صحيحاً.
وقدْ صَحَّحَ الحديثَ بالكتابِ المذكورِ جماعةٌ مِن الأئمَّةِ، لا مِن حيثُ الإسنادُ، لكن مِن حيثُ الشهرةُ:
فقالَ الشافعيُّ: لم يَقْبَلُوا هذا الحديثَ حتى ثَبَتَ عندَهم أنه كتابُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا كتابٌ مشهورٌ عندَ أهلِ السِّيَرِ، معروفٌ ما فيه عندَ أهلِ العلمِ معرفةً يُسْتَغْنَى بشهرتِها عن الإسنادِ؛ لأنه أَشْبَهَ التواتُرَ في مجيئِه؛ لِتَلَقِّي الناسِ له بالقَبولِ والمعرفةِ.
وقالَ العُقَيْلِيُّ: هذا حديثٌ ثابتٌ محفوظٌ، إلاَّ أنَّا نَرَى أنه كتابٌ غيرُ مسموعٍ عمَّن فوقَ الزُّهْرِيِّ.
وقالَ يعقوبُ بنُ سُفيانَ: لا أَعْلَمُ في جميعِ الكُتُبِ المنقولةِ كتاباً أصحَّ من كتابِ عمرِو بنِ حَزْمٍ هذا؛ فإنَّ أصحابَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعينَ يَرْجِعُونَ إليه ويَدَعُونَ رأيَهم.
وقالَ الحاكِمُ: قد شَهِدَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ وإمامُ عَصْرِه الزُّهْرِيُّ لهذا الكتابِ بالصحَّةِ.
مفرداتُ الحديثِ:
- إِلاَّ طَاهِرٌ: الطاهِرُ لفظٌ مُشْتَرَكٌ، يُطْلَقُ على الطاهرِ مِن الحَدَثِ الأكبرِ، ويُطْلَقُ على الطاهرِ مِن الحدَثِ الأصغرِ، ويُطْلَقُ على مَن لَيْسَ على بَدَنِه نجاسةٌ، والراجحُ أنَّ المرادَ هنا: الطاهرُ من الحَدَثِ الأصغرِ، كما سيأْتِي تحقيقُه في الكلامِ على فِقْهِ الحديثِ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
- الْقُرْآنَ: مصدرٌ مرادِفٌ للقراءةِ، ثمَّ نُقِلَ فجُعِلَ اسماً للكلامِ المُعْجِزِ المُنَزَّلِ على النبيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ من بابِ إطلاقِ المصدرِ على مفعولِه.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- عمرُو بنُ حَزْمٍ الأنصاريُّ حينَما بَعَثَه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نَجْرَانَ لِيُفَقِّهَهُم في الدِّينِ، كَتَبَ له هذا الكتابَ العظيمَ، الذي جَمَعَ كثيراً مِن السُّنَنِ، وتَلَقَّتْه الأُمَّةُ بالقَبولِ. قالَ الحاكِمُ: حديثُ عمرِو بنِ حَزْمٍ من قواعدِ الإسلامِ.
2- في هذا الكتابِ أنه لا يَمَسُّ القرآنَ إلا طاهرٌ، والمؤلِّفُ ساقَه لبيانِ مَنْعِ المُحْدِثِ حَدَثاً أصغرَ مِن مَسِّه، وكذلك صاحبُ الحَدَثِ الأكبرِ مِن بابِ أَوْلَى.
3- ظاهِرُ الحديثِ تحريمُ مَسِّ المصحَفِ بدونِ حائلٍ لغيرِ المتوضِّئِ.
4- قالَ الوزيرُ ابنُ هُبَيْرَةَ: أَجْمَعُوا أنه لا يَجُوزُ للمُحْدِثِ مَسُّ المصحَفِ بلا حائلٍ. وقالَ شيخُ الإسلامِ: مذهبُ الأئمَّةِ الأربعةِ أنه لا يَمَسُّ المصحْفَ إلا طاهِرٌ، والذي دَلَّ عليه الكتابُ والسنَّةُ هو أنَّ مَسَّ المصحَفِ لا يَجُوزُ للمُحْدِثِ، وهو قولُ الجمهورِ، والمعروفُ عن الصحابةِ.
5- للصغيرِ في مَسِّ المُصْحَفِ وَجهانِ: أحدُهما: المَنْعُ اعتباراً بالكِبارِ. الثاني: الجوازُ للضرورةِ، فلو لم يُمَكَّنْ منه لم يَحْفَظْه. قالَ في الإنصافِ: فيه روايتانِ في المذهَبِ.
قالَ الشيخُ عبدُ اللَّهِ أبابطينُ: المشهورُ مِن المذهبِ: أنه لا يجوزُ، وفيه روايةٌ عن أحمدَ بالجَوَازِ.
6- قولُه: ((إلاَّ طَاهِرٌ)) هذا اللفظُ مشترَكٌ بينَ أربعةِ أمورٍ:
(أ‌) المرادُ بالطاهرِ المسلِمُ؛ كما قالَ تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]. فالمرادُ بها: طهارةٌ معنويَّةٌ اعتقاديَّةٌ.
(ب‌) المرادُ به الطاهِرُ مِن النجاسةِ؛ كقولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الهِرَّةِ: ((إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ)).
(ج) المرادُ به الطاهرُ مِن الجَنابَةِ؛ لِمَا رَوَى أحمدُ (640)، وأبو داودَ (229)، والتِّرْمِذِيُّ (146)، والنَّسائيُّ (265)، وابنُ ماجَهْ (594) عن عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَحْجِزُه شيءٌ عن القرآنِ لَيْسَ الجَنَابَةَ.
(د) أنَّ المرادَ بالطاهرِ المتوضِّئُ؛ لِمَا رَوَى البُخَارِيُّ (6945)، ومسلمٌ (255)، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ)).
كلُّ هذه المعاني للطهارةِ في الشرعِ مُحْتَمَلَةٌ في المرادِ من هذا الحديثِ، وليسَ لدينا مرجِّحٌ لأحدِها على الآخَرِ؛ فالأَوْلَى حَمْلُها على أدنَى محامِلِها، وهو المُحْدِثُ حَدَثاً أصغرَ؛ فإنه المُتَيَقَّنُ، وهو موافقٌ لمَا ذَهَبَ إليه الجمهورُ، ومنهم الأئمَّةُ الأربعةُ وأتباعُهم.
وهذا لا يُعْطِي المسألةَ دليلاً قاطعاً على تحريمِ مسِّ المصحَفِ للمُحْدِثِ؛ لأنَّ الشكَّ في صِحَّتِه موجودٌ، ولكن الاحتياطَ والأَولَى هو ذاكَ.
قالَ ابنُ رُشْدٍ: السببُ في اختلافِهم تردُّدُ مفهومِ قولِه تعالى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] بينَ أنْ يكونَ {الْمُطَهَّرُونَ} هم بني آدمَ، وبينَ أنْ يكونوا هم الملائكةَ، وبينَ أنْ يكونَ هذا الخبرُ مفهومُه النهيُ، وبينَ أنْ يكونَ خبراً لا نهياً.
فمَن فَهِمَ من {الْمُطَهَّرُونَ} بني آدَمَ، وفَهِمَ من الخبرِ النهيَ قالَ: لا يجوزُ أنْ يَمَسَّ المصحفَ إلا طاهرٌ.
ومَن فَهِمَ منه الخبرَ فقطْ، وفَهِمَ من لفظِ {الْمُطَهَّرُونَ} الملائكةَ قالَ: إنه ليسَ في الآيةِ دليلٌ على اشتراطِ هذه الطهارةِ لمَسِّ المصحَفِ، وإذاً فلا دليلَ مِن كتابٍ ولا سنَّةٍ ثابتةٍ على قولِ مَن لا يَرَى قَبولَ الحديثِ.
7- في الحديثِ تعظيمُ القرآنِ، وأنه يَجِبُ احترامُه؛ فلا يجوزُ مَسُّ المصحَفِ بنجاسةٍ، ولا يُجْعَلُ القرآنُ في مكانٍ لا يَلِيقُ؛ إما لنجاستِه وإما بجانبِ صُوَرٍ، أو تُعَلَّقُ آياتُه بجانبِ صُوَرٍ، أو يُتْلَى في مكانِ لَهْوٍ، أو عندَ الأغاني، أو عندَ أحدٍ يَشْرَبُ الدُّخَانَ، أو في مكانِ لَغَطٍ وأصواتٍ ونحوِ ذلكَ مما يُعَرِّضُ كتابَ اللَّهِ تعالى للإهانةِ.

72 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَلَّقَهُ البُخَارِيُّ.
مفرداتُ الحديثِ:
- أَحْيَانِهِ: جمعُ حِينٍ، قالَ في المصباحِ: الحِينُ: الزمانُ؛ قَلَّ أو كَثُرَ، والمرادُ بكلِّ أحيانِه مُعْظَمُها.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الحديثُ مقرِّرٌ للأصلِ، وهو ذكرُ اللَّهِ تعالى على كلِّ حالٍ مِن الأحوالِ، ولو كانَ مُحْدِثاً أو جُنُباً، والذكْرُ بالتسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ وشِبْهِها مِن الأذكارِ جائزٌ كلَّ حِينٍ بإجماعِ المسلمينَ.
2- يَدْخُلُ في الذِّكْرِ تلاوةُ القرآنِ، إلاَّ أنَّ التلاوةَ مخصَّصَةٌ بحديثِ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا القرآنَ ما لم يَكُنْ جُنُباً. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ (628)، وأبو داودَ (229)، والتِّرْمِذِيُّ (146)، والنَّسائِيُّ (265)، وابنُ ماجَهْ (594)، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
3- يُخَصَّصُ كذلك بحالةِ البولِ والغائطِ والجِماعِ، هذا إذا كانَ الذِّكْرُ باللِّسانِ، أمَّا الذكْرُ في القلبِ: فلا مانِعَ منه في هذه الأحوالِ، والراجِحُ أنَّ مرادَ عائِشَةَ باللسانِ.
4- هذا الحديثُ في معنى الآيةِ الكريمةِ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عِمران: 191].


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, نواقض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir