دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 06:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب إزالة النجاسة (2/5)

25 - وعنه قالَ: لَمَّا كان يَومُ خَيْبَرَ أَمَرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ أبا طَلْحَةَ فنَادَى: ((إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ [ الْأَهْلِيَّةِ ] فَإِنَّهَا رِجْسٌ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
26 - وعن عمرِو بنِ خَارِجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: خَطَبَنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ بِمِنًى، وهو علَى رَاحِلَتِهِ ولُعابُها يَسيلُ علَى كَتِفِي. أَخرَجَهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

2/23- وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَلْحَةَ، فَنَادَى إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَلْحَةَ فَنَادَى: إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ) بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْخَطِيبِ الَّذِي قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا" الحَدِيثَ: ((بِئْسَ خَطِيبُ القَوْمِ أَنْتَ))؛ لِجَمْعِهِ بَيْنَ ضَمِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَمِيرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: ((قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)). فَالوَاقِعُ هُنَا يُعَارِضُهُ.
وَقَدْ وَقَعَ أَيْضاً فِي كَلامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّثْنِيَةُ بِلَفْظِ: ((أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)).
وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الخَطِيبَ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الخَطَابَةِ يَقْتَضِي البَسْطَ وَالإِيضَاحَ، فَأَرْشَدَهُ إلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ لا بِالضَّمِيرِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ العَتْبُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ جَمْعُهُ بَيْنَ ضَمِيرِهِ تَعَالَى وَضَمِيرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الضَّمِيرَيْنِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِجَلالِ رَبِّهِ وَعَظَمَتِه.
(عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ) كَمَا يَأْتِي (فَإِنَّهَا رِجْسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي البُخَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الحُمُرُ. ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُفْنِيَتِ الحُمُرُ. فَأَمَرَ مُنَادِياً يُنَادِي: إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللحمِ.
وَالنَّهْيُ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ ثَابِتٌ من حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَالبَرَاءِ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَالمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَكُلِّهَا ثَابِتَةٌ فِي دَوَاوِينِ الإِسْلامِ، وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ أَخْرَجَهَا فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. وَتَحْرِيمُهَا هُوَ قَوْلُ الجَمَاهِيرِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِهَذِهِ الأَدِلَّةِ.
وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. وَفِي البُخَارِيِّ عَنْهُ: لا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةَ النَّاسِ أَوْ حُرِّمَتْ؟ وَلا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا القَوْلِ؛ لِأَنَّ الأَصْلَ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ جَهِلْنَا عِلَّتَهُ. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ} الآيَةَ. فَإِنَّهُ تَلاهَا جَوَاباً لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ تَحْرِيمِهَا.
وَلِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد، أنَّهُ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنَا سَنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إلَّا سِمَانُ حُمُرٍ، وَإِنَّك حَرَّمْتَ لُحُومَ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؟ فَقَالَ: ((أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِك؛ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَالِّ القَرْيَةِ)) يُرِيدُ الَّتِي تَأْكُلُ الجِلَّةَ وَهِيَ العَذِرَةُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الآيَةَ خَصَّتْ عُمُومَهَا الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ المُتَقَدِّمَةُ، وَبِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي دَاوُدَ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.
قالَ البَيْهَقِيُّ في (السُّنَنُ) بعدَ ذِكْرِه أنه مختلَفٌ في إسنادِه، قال: ومثلُه لا يُعَارَضُ به الأحاديثُ الصحيحةُ. اهـ.
وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الأَكْلِ مِنْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ. أَيْ: شِدَّةٌ وَحَاجَةٌ.
قلتُ: وأمَّا الاعتذارُ أنه أُبِيحَ ذلك للضرورةِ؛ فإنه لا يُطَابِقُ التعليلَ بقولِه: ((إِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَالِّ القَرْيَةِ)). فإنه يُؤْذِنُ بأنها إذا لم تَكُنْ جَلاَّلَةً حَلَّتْ مُطْلَقاً، فلا يَتِمُّ الاعتذارُ بالضرورةِ.
وَذِكْرُ المُصَنِّفِ لِهَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ وَتَعْدَادِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ مِنْ لازِمِهِ التَّنْجِيسُ، وَهُوَ قَوْلُ الأَكْثَرِ، وَفِيهِ خِلافٌ، وَالحَقُّ أَنَّ الأَصْلَ فِي الأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ لا يُلازِمُ النَّجَاسَةَ، فَإِنَّ الحَشِيشَةَ مُحَرَّمَةٌ طَاهِرَةٌ، وَكَذَا المُخَدِّرَاتُ وَالسُّمُومُ القَاتِلَةُ، لا دَلِيلَ عَلَى نَجَاسَتِهَا.
وَأَمَّا النَّجَاسَةُ فَيُلازِمُهَا التَّحْرِيمُ، فَكُلُّ نَجِسٍ مُحَرَّمٌ وَلا عَكْسَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الحُكْمَ فِي النَّجَاسَةِ هُوَ المَنْعُ عَنْ مُلابَسَتِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَالحُكْمُ بِنَجَاسَةِ العَيْنِ حُكْمٌ بِتَحْرِيمِهَا، بِخِلافِ الحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَهُمَا طَاهِرَانِ ضَرُورَةً شَرْعِيَّةً وَإِجْمَاعاً.
فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَتَحْرِيمُ الحُمُرِ وَالخَمْرِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ لا يَلْزَمُ مِنْهُ نَجَاسَتُهُمَا، بَلْ لا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بَقِينا عَلَى الأَصْلِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِن الطَّهَارَةِ، فَمَن ادَّعَى خِلافَهُ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَكذَا نَقُولُ: لا حَاجَةَ إلَى إتْيَانِ المُصَنِّفِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى طَهَارَةِ لعاب الرَّاحِلَةِ؛ وَأَمَّا المَيْتَةُ فَلَوْلا أَنَّهُ وَرَدَ: ((دِبَاغُ الأَدِيمِ طُهُورُهُ)) و: ((أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)) لَقُلْنَا بِطَهَارَتِهَا؛ إذِ الوَارِدُ فِي القُرْآنِ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا، لَكِنْ حَكَمْنَا بِالنَّجَاسَةِ لَمَّا قَامَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ غَيْرُ دَلِيلِ تَحْرِيمِهَا.
3/24- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى كَتِفِي. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ) هُوَ صَحَابِيٌّ أَنْصَارِيٌّ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ حَلِيفاً لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍأَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: ((إنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)).
(قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ) بِالحَاءِ المُهْمَلَةِ، وَهِيَ مِن الإِبِلِ الصَّالِحَةُ لِأَنْ تُرْحَلَ (وَلُعَابُهَا) بِضَمِّ اللَّامِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَبَعْدَ الأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ هُوَ: مَا سَالَ مِن الفَمِ (يَسِيلُ عَلَى كَتِفِي. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ).
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لُعَابَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ، قِيلَ: وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَهُوَ أَيْضاً الأَصْلُ، فَذُكِرَ الحَدِيثُ تأكيداً لِلْأَصْلِ، ثُمَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ سَيَلانَ اللُّعَابِ عَلَيْهِ، فيَكُونَ تَقْرِيراً.


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 10:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

23 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَلْحَةَ فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مفرداتُ الحديثِ:
- خَيْبَرَ: بفتحِ الخاءِ وسكونِ الياءِ المُثَنَّاةِ التحتيَّةِ، بعدَها باءٌ موحَّدَةٌ، آخِرَها راءٌ، بلدةٌ تَقَعُ شمالَ المدينةِ المنوَّرَةِ بمسافةِ نحوِ 160 كليو متراً، وكانَ يَسْكُنُها طائفةٌ من اليهودِ، ففَتَحَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السنَةِ السابعةِ من الهجرةِ، والآنَ هي بلدةٌ عامرةٌ، فيها الدوائرُ الحكوميَّةُ والمرافقُ العامَّةُ، وفيها بعضُ الآثارِ.
- يَنْهَيَانِكُمْ: تثنيةُ الضميرِ للهِ تعالى ورسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- لُحُومِ: جمعُ لحمٍ، واللحمُ من جِسْمِ الحيوانِ والطيرِ: الجُزْءُ العَضَلِيُّ الرَّخْوُ بينَ الجِلْدِ والعَظْمِ.
- الْحُمُرِ: بضمتيْنِ، جمعُ حِمارٍ، وهو حيوانٌ داجنٌ من الفصيلةِ الخيليَّةِ، يُسْتَخْدَمُ للحملِ والركوبِ، والأنثى: حِمارةٌ وأَتانٌ.
- الأَهْلِيَّةِ: مُؤَنَّثُ الأَهْلِيِّ، نسبةً إلى الأَهْلِ، ضِدُّ الوحشِ، والأهليُّ الأليفُ من الحيوانِ.
- رِجْسٌ: بكسرِ الراءِ، وسكونِ الجيمِ، آخِرَه مهملةٌ، جَمْعُه أرجاسٌ، أي: قَذِرٌ محرَّمٌ، وأكثرُ ما يُقالُ في المُسْتَقْذَرِ طبعاً.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- نجاسةُ الحُمُرِ الأهليَّةِ في لحمِها ودَمِها وبَوْلِها ورَوْثِها.
2- أما عَرَقُها ولُعَابُها وبَدَنُها ففيه خلافٌ، سيأتي إنْ شاءَ اللَّهُ.
3- تحريمُ أكلِ لُحُومِها وشُرْبِ لَبَنِها؛ فإنها رِجْسٌ، والرِّجْسُ هو القَذِرُ النَّجِسُ.
4- تَقْيِيدُه بالحُمُرِ الأهليَّةِ دليلٌ على طهارةِ وإباحةِ الحُمُرِ الوحشيَّةِ؛ ذلك أنها صَيْدٌ طاهرٌ حلالٌ.
5- التعليلُ بأنها رِجْسٌ دليلٌ على أنَّ كلَّ عينٍ نَجِسَةٍ فهي محرَّمةٌ؛ لما فيها مِن المضَارِّ الصحيَّةِ، ولأنه خبيثٌ مُسْتَقْذَرٌ.
6- قولُه: ينهيانِكم. تثنيةُ الضميرِ؛ أحدُهما يعودُ إلى اللَّهِ تعالى، والآخرُ يعودُ إلى رسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد جاءَ مثلُ هذا في عِدَّةِ نصوصٍ؛ منها: ((أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (16) ومسلمٌ (43).
أما قولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخطيبِ الذي قالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسولَه فَقَدْ رَشَدَ، ومَنْ يَعْصِهِما فقدْ غَوَى. فقالَ: ((بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ)) روَاه مسلمٌ (870)؛ فقد حَمَلُوا هذا على أنَّ الخُطَبَ ينبغي فيها البَسْطُ والإطنابُ؛ لِيَحْصُلَ التبليغُ الكاملُ.
خلافُ العلماءِ:
أَجْمَعَ العلماءُ على أنَّ رَوْثَ الحِمارِ الأهليِّ والبغلِ وبولَه ودَمَهِ ولحمَه نجسةٌ؛ لقولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحِمارِ: ((إِنَّهُ رِجْسٌ)). وقالَ عن رَوْثِهِ: ((إِنَّهُ رِجْسٌ)).
واخْتَلَفُوا في بَدَنِه وما يُفْرِزُه من عَرَقٍ، وفي فَمِه وما يَخْرُجُ مِنه مِن ريقٍ، وسُؤْرِه، وأنفِه وما يَخْرُجُ منه مِن مُخاطٍ، هل هي نَجِسَةٌ أو طاهرةٌ؟
فذهَبَ الإمامُ أَحْمَدُ في المشهورِ عنه إلى نجاسَتِها، وتَبِعَه على ذلك أصحابُه، قالَ في المُقْنِعِ والإنصافِ: والبغلُ والحِمارُ الأهليُّ نَجِسَةٌ، هذا المذهَبُ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: هذا هو الصحيحُ مِن المذهَبِ.
وذهَبَ الإمامانِ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ إلى أنهما طاهِرانِ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أَحْمَدَ، اخْتارَهَا بعضُ أصحابِه ومنهم المُوَفَّقُ، قالَ في المُغْنِي: والصحيحُ طهارةُ البغلِ والحِمارِ. قالَ في الإنصافِ: قلتُ: وهو الصحيحُ والأقوى دليلاً.
واخْتارَها بعضُ مشايِخِنَا المعاصرينَ:
قالَ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيْخِ: إنها طاهرةٌ في الحياةِ، ولا يَنْجُسُ منها إلا البوْلُ والرَّوْثُ والدمُ.
وقالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: الصحيحُ الذي لا ريبَ فيه أنَّ البغلَ والحِمارَ طاهرانِ في الحياةِ كالهِرِّ، فيكونُ ريقُهما وعَرَقُهما وشَعَرُهما طاهراً.
واسْتَدَلَّ الأوَّلونَ على نجاستِهِما بقولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّهَا رِجْسٌ)). والرِّجْسُ هو النَّجِسُ، فعمومُ الحديثِ يَقْتَضِي نجاسةَ كلِّ شيءٍ مِنه، والأصلُ أنَّ كلَّ حيوانٍ محرَّمٍ، فهو نَجِسٌ خبيثٌ، هو وجميعُ أجزائِه.
أما الذين يَرَوْنَ طهارةَ بدنِهِما ورِيقِهِما ومُخاطِهِما وعَرَقِهما وشُعُورِهما: فلهم على ذلك أدلَّةٌ؛ منها:
أولاً: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هو وأصحابُه، كانوا يَرْكَبُونَهُما، ومعَ هذا لم يَأْمُرْ بالتوقِّي من هذه الفضلاتِ منهما، وتأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ لا يجوزُ.
ثانياً: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ عن الهِرَّةِ: ((إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ؛ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ)). وهذه العلَّةُ موجودةٌ في الحِمارِ والبَغْلِ وأكثرُ؛ فإنَّ رُكُوبَهُما واستعمالَهما أكثرُ لُصُوقاً وأَمَسُّ حاجةً من الهِرَّةِ، فإذا عُفِيَ عن الهِرَّةِ لِتَطَوُّفِها فهو في الحِمارِ والبغلِ أَوْلَى.
ثالثاً: القاعدةُ الشَّرْعِيَّةُ الكلِّيَّةُ الكبرَى، وهي "المشقَّةُ تَجْلُبُ التيسيرَ"، فمَشَقَّةُ ركوبِ الحمارِ والبغلِ والحَمْلِ عليهما مسألةٌ جزئيَّةٌ من هذه القاعدةِ العظيمةِ.
ولذا قالَ الإمامُ أَحْمَدُ: البغلُ والحِمارُ طاهرانِ؛ رِيقُهما وعَرَقُهما وشُعُورُهما. وقالَ في المُغْنِي: الصحيحُ عندي طهارةُ البغلِ والحِمارِ؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَرْكَبُهُما ويُرْكَبَانِ في زَمَنِه، فلو كانا نَجِسَيْنِ لَبَيَّنَ لهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلكَ.
وقالَ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيخِ: هذا القولُ هو الأليقُ بالشريعةِ المُحَمَّدِيَّةِ، شريعةِ اليُسْرِ والبُعْدِ عن الحَرَجِ والمشقَّةِ.
وقالَ ابنُ القَيِّمِ: دليلُ النجاسةِ لا يُقَاوِمُ دليلَ الطهارةِ.
24 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى كَتِفِي. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ صحيحٌ.
فقد صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وفيه شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ مُخْتَلَفٌ فيه، ووَثَّقَه البُخَارِيُّ، ويُؤَيِّدُه ما ثَبَتَ في البُخَارِيِّ (6802)، ومسلمٍ (1671)، وغيرِهما، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ العُرَنِيِّينَ بأنْ يَشْرَبُوا مِن أبوالِ الإِبِلِ، فإذا كانَ البوْلُ طاهراً فاللُّعابُ أَوْلَى.
مفرداتُ الحديثِ:
- مِنًى: بالتنوينِ، أحدُ المشاعرِ المقدَّسَةِ، فيها الجَمَرَاتُ الثلاثُ، ويُشْرَعُ المَبيتُ فيها ليالِيَ الأيامِ المعدوداتِ، وهي أدنَى المشاعرِ من مَكَّةَ، وفيها الآنَ جميعُ المرافقِ والخِدْماتِ التي تُسَهِّلُ على الحاجِّ أداءَ نُسُكِه؛ من الطرُقِ والجُسُورِ والماءِ والكَهْرباءِ وغيرِ ذلك من الخِدْمَاتِ، وسيأتي تفصيلُ أحكامِ المناسِكِ فيها وتَحْدِيدُها، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
- رَاحِلَتِهِ: بالحاءِ المهملةِ، هي من الإبلِ: الصالحةُ لأنْ تُرْحَلَ، جَمْعُها رَوَاحِلُ، وقالَ بعضُهم: الراحلةُ من الإبلِ: البَعِيرُ القويُّ على الأسفارِ والأحمالِ.
- لُعَابُهَا: بضمِّ اللامِ فعينٍ مهملةٍ، وبعدَ الألفِ باءٌ موحَّدةٌ، هو ما سالَ من الفمِ، وهو إحدَى عُصاراتِ الهَضْمِ، سائلٌ لَزِجٌ، لا لونَ له، يَمِيلُ إلى الحُمُوضَةِ وقتَ إفرازِه.
- يَسِيلُ: سالَ سيلاً وسَيَلاَناً: جَرَى.
- الكَتِفُ: بفتحِ الكافِ وكسرِ التاءِ، آخِرَه فاءٌ، وهو عَظْمٌ عَرِيضٌ خلْفَ المَنْكِبِ تكونُ للإنسانِ والحيوانِ، مُؤَنَّثَةٌ، جَمْعُه أكتافٌ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- طهارةُ لُعابِ البَعِيرِ، وأنه ليسَ بِنَجِسٍ، وهذا بإجماعِ المسلمينَ؛ ذلك أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَى اللُّعَابَ يَسِيلُ على عَمْرِو بنِ خَارِجَةَ ولم يَأْمُرْه بغَسْلِه، وإقرارُه على الشيءِ من سُنَّتِه، وعلى فرضِ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَعْلَمْ، فإنَّ اللَّهَ تعالى يَعْلَمُ، ولو كانَ نَجِساً لم يُقِرَّه اللَّهُ عليه، فإقرارُه عليه دليلٌ على طهارتِه.
2- مِثْلُ لُعابِه – على الصحيحِ – بولُه ورَوْثُه، فإنه طاهرٌ؛ لحديثِ العُرَنِيِّينَ وغيرِه.
3- مثلُ البَعِيرِ سائرُ بهيمةِ الأنعامِ وغيرِها من الحيواناتِ الطاهرةِ في حالِ الحياةِ؛ لِنُصُوصِها الخاصَّةِ؛ للعلَّةِ الواحدةِ الجامعةِ بينَها وبينَ البَعِيرِ.
4- جوازُ الخُطْبَةِ والموعظةِ على الراحلةِ.
5- استحبابُ الخُطَبِ والمواعظِ على الأمكنةِ العاليةِ؛ لأنه أبلَغُ في الإعلامِ والإفهامِ، ويَحْصُلُ به المقصودُ.
6- استحبابُ الخُطْبَةِ ثانِيَ أيَّامِ التشريقِ بمنًى مِن وَلِيِّ أمرِ المسلمينَ أو نائبِه؛ لِيَعْلَمَ الناسُ بقيَّةَ أحكامِ المناسِكِ ووداعِ البيتِ؛ فإنَّ هذه الخُطْبَةَ منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي في ذلك اليومِ.
7- جوازُ جَعْلِ الخطيبِ مَن يُسَاعِدُه في مُهِمَّتِه تحتَه في إبلاغِ خُطبتِه وتَوْجِيهِ الناسِ أو تَسْكِيتِهم أو تَرْتِيبِهم، ولا يُعْتَبَرُ هذا من التعالي والكبرياءِ، ما دامَ القلبُ مُطْمَئِنًّا.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, إزالة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir