دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ربيع الثاني 1432هـ/30-03-2011م, 03:01 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,514
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ


وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ طِرْتِ، أَوْ صَعَدْتِ السَّمَاءَ، أَوْ قَلَبْتِ الحَجَرَ ذَهَباً،................
قوله: «وإن قال: أنت طالق إن طرت» يعني إن طرت بنفسك فلا تطلق؛ لأن هذا معلق على مستحيل، والمعلق على المستحيل مستحيل، ولهذا قالوا في قول الشاعر:
إذا شاب الغرابُ أتيتُ أهلي
وصار القار كاللبن الحليب
قالوا: هذا الرجل لن يأتي أهله؛ لأن الغراب لا يشيب، والقار الأسود لا يمكن أن يبيض؛ فالتعليق على المستحيل مستحيل، لكن لو نوى إن طرت؛ يعني إن ركبت الطائرة يقع، لكن هذا غير موجود في عهد المؤلف ومن سبقه، فلذلك قالوا: إنه إذا قال: أنت طالق إن طرت فهذا تعليق على مستحيل، والمستحيل قد علم عدمه، وإذا كان قد علم عدمه فإن المعلق به معدوم.
قوله: «أو صعدت السماء» أي قال: أنت طالق إن صعدت السماء، ويريد بالسماء السماء المعروفة ما تطلق؛ لأن هذا شيء مستحيل، والمعلق على المستحيل مستحيل، وهذه المسألة غير الأولى، فالأولى إن طرت ولو قريباً من الأرض ولو بمقدار متر، أما إن صعدت السماء يعني إلى أعلى.
قوله: «أو قلبت الحجر ذهباً» قلباً حقيقياً لا وهمياً ما تطلق؛ لأنه لا يمكن أن تقلب الحجر ذهباً.

وَنَحْوَهُ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ لَمْ تَطْلُقْ، وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ فَوْراً، وَهُوَ النَّفْيُ فِي المُسْتَحِيلِ، مِثْلَ: لَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ، أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ وَنَحْوِهِمَا، ............
قوله: «ونحوه من المستحيل لم تطلق» قال في الروض[(1)]: مثل أن يقول: إن رددت أمس أو جمعت بين الضدين، أو شاء الميت أو شاءت البهيمة، فقوله: «إن جمعت بين الضدين» مثل الجمع بين السواد والبياض، فلا يمكن أن تجمع بين السواد والبياض؛ لأن السواد والبياض ضدان لا يجتمعان، أو قال: أنت طالق إن جمعت بين الحركة والسكون، وهذان نقيضان فلا يمكن أن تطلق، فالمهم أنه إذا علقه على شيء مستحيل لم يقع الطلاق، والتعليل: أن المعلق على المستحيل مستحيل.
قوله: «وتطلق في عكسه فوراً وهو النفي في المستحيل» كقوله: أنت طالق إن لم تطيري تطلق حالاً؛ لأن هذا مستحيل، وإذا دخل حرف النفي على المستحيل طلقت فوراً؛ لأن انتفاء المستحيل أمر واجب؛ إذ المستحيل مستحيل الوقوع فيكون انتفاؤه واجب الوقوع، أو قال: أنت طالق إن لم تقلبي الحجر ذهباً تطلق في الحال، أو أنت طالق إن لم تصعدي السماء تطلق حالاً؛ لأنها لن تصعد السماء.
وقوله: «وهو النفي في المستحيل» الماتن مثَّل بمثال قد يكون فيه نظر فقال:
«مثل لأقتلن الميت» في الحقيقة أن هذا قَسَمٌ، ولهذا أجيب باللام ونون التوكيد الدالة على أن الجملة جواب قسم، أي: أنت طالق لأقتلن الميت، كقوله: والله لأقتلن الميت، وإذا قال: والله لأقتلن الميت يحنث في الحال؛ لأن قتل الميت مستحيل، ثم هذه الجملة هل هي نفي أو إثبات؟ إثبات مؤكد باللام ونون التوكيد وليس بنفي؛ لأنه أقسم أن يقتل، لا أن لا يقتل، لكن لما كان هذا الإثبات مستحيلاً صار يحنث في الحال؛ لأنه مستحيل أن يقع عليه القتل.
والأمثلة الصحيحة: أن تقلب الإيجاب في الأمثلة الأولى إلى نفي، فتقول: أنت طالق إن لم تطيري، أو إن لم تصعدي السماء أو إن لم تقلبي الحجر ذهباً، وحينئذٍ تطلق في الحال.
وخلاصة هذه المسألة: أن الإنسان إذا علق طلاق امرأته على شيء مستحيل لم تطلق؛ لأن المعلق على المستحيل مستحيل، أما إذا كان بالعكس بأن علق الطلاق على نفي المستحيل فإنها تطلق في الحال؛ لأن انتفاء المستحيل أمر واجب، وما علق على الواجب فهو واجب.
قوله: «أو لأصعدن السماء» أي: أنت طالق لأصعدن السماء، قلنا: الصواب أن هذا قسم، لكن المؤلف جعله من باب التعليق، فإذا قال: أنت طالق لأصعدن السماء تطلق في الحال؛ لأن معنى «لأصعدن السماء» إن لم أصعد السماء، ولو قال: والله لأصعدن السماء حنث في الحال؛ لأن صعود السماء غير ممكن، وتيقَّنا أنه لن يفعل هذا، وحينئذٍ تلزمه الكفارة إن كانت يميناً، ويقع الطلاق إن كان طلاقاً.
لكن الصواب في مسألة لأقتلن الميت أو لأصعدن السماء ونحوهما أن هذا قسم، وأنه لا تطلق الزوجة، ولكن عليه كفارة يمين.
قوله: «ونحوهما» [(2)].

وَأَنْتِ طَالِقٌ اليَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ لَغْوٌ، وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي هـذَا الشَّهْرِ، أَوِ اليَوْمِ طَلَقَتْ فِي الَحَالِ، وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ، أَوِ السَّبْتِ، أَوْ رَمَضَانَ طَلَقَتْ فِي أَوَّلِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ آخِرَ الكُلِّ دُيِّنَ وَقُبِلَ،................
قوله: «وأنت طالق اليوم إذا جاء غد لغو» لأن غداً لا يمكن أن يأتي اليوم، فيكون علق الطلاق على شيء مستحيل فلا يقع الطلاق، لكنه في الحقيقة كما قال المؤلف: لغو؛ لأن مثل هذا الكلام ما يصدر من إنسان عاقل.
قال في الروض[(3)]: «لعدم تحقق شرطه؛ لأن الغد لا يأتي في اليوم بل بعد ذهابه» .
قوله: «وإذا قال: أنت طالق في هذا الشهر أو اليوم طلقت في الحال» إذا قال: أنت طالق في هذا الشهر، نقول: تطلق حالاً؛ لأنه من الشهر، وكذلك لو قال: أنت طالق في هذا اليوم تطلق في الحال؛ لأنه من اليوم.
قوله: «وإن قال: في غد، أو السبت، أو رمضان طلقت في أوله» إذا قال: أنت طالق في غد، أو في يوم السبت، أو في رمضان فإنها تطلق في أوله؛ لأن غداً يتحقق بدخول أوله، وكذلك ـ أيضاً ـ يوم السبت يتحقق بأوله، ورمضان يتحقق بأول جزء منه، ولكن إذا قال: أنت طالق في غد، فمتى تطلق، هل بعد غروب شمس غد، أو بعد طلوع الفجر منه؟ الظاهر الأخير؛ لأن هذا هو المعروف أن الغد يعني النهار.
كذلك لو قال: في يوم السبت، يعني به النهار، فتطلق في أول النهار، في أول طلوع الفجر، وفي رمضان تطلق في أول دخوله بعد غروب آخر يوم من شعبان.
قوله: «وإن قال: أردت آخر الكل دُيِّن وقُبل» «آخر الكل» يعني اليوم، والغد، والسبت، والشهر.
وقوله: «دُيِّن» أي: فوض ذلك إلى دينه، ولكن في الحكم لا يقبل؛ وإذا قال الفقهاء: «دُيِّن» فالمعنى فيما بينه وبين الله، وأما عند المحاكمة فيؤخذ بما يدل عليه ظاهر اللفظ.
ففي المسألة الأولى إذا قال: أنت طالق في هذا اليوم، وقال: أردت آخر اليوم، فإن طالبته المرأة حكم بالطلاق من تكلُّمِهِ به، وإن لم تطالبه دُيِّن، وكذلك إن قال: أنت طالق في غد، وقال: أردت آخر النهار، نقول: إن طالبته حكمنا بالطلاق من أول النهار، وإن لم تطالبه دُيِّن، وكذلك السبت، وكذلك رمضان.
ولكن هل الأفضل أن تطالبه أو أن تدينه؟ قلنا فيما سبق: إن كان الرجل ذا دين وأمانة ومستقيماً فإن الواجب عدم المطالبة، وإن كان الأمر بالعكس فإن الواجب المطالبة.
كذلك ينبغي أن يلاحظ ظاهر اللفظ، إن كان ظاهر اللفظ أقرب إلى كلامه فإن الواجب أن يدين، وإن كان الأمر بالعكس يكون التفصيل السابق؛ لأنه قد يقول: أنا قصدت بقولي: أنت طالق في غد آخر النهار، وعندي قرينة هي أني داعٍ الناس على الغداء، ولا أريد أن تطلقي قبل أن تغديهم، فالحاصل على كل حال إذا وجدت قرينة تؤيد ما قال فلا يطالب.

وَأَنْتِ طالِقٌ إِلَى شَهْرٍ طَلَقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْحَالِ فَيَقَعُ، وَطَالِقٌ إِلَى سَنَةٍ تَطْلُقُ بِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرَاً، فَإِنْ عَرَّفَهَا بِاللاَّمِ طَلَقَتْ بِانْسِلاَخِ ذِي الحِجَّةِ.
قوله: «وأنت طالق إلى شهر» ظاهر اللفظ أن الشهر وقت للطلاق، ومن المعلوم أنه لا يريد أن يجعل للطلاق غاية؛ لأن الطلاق لا غاية له، فلا يوجد طلاق لشهر، وطلاق لأسبوع، وطلاق ليوم! لكن مراده بالغاية ابتداء الطلاق؛ فإذا قال: أنت طالق إلى شهر، فالغاية لابتدائه، أي: يبدأ بعد شهر، وليست لانتهائه، بخلاف ما لو قلت: أجرتك هذا البيت إلى شهر فالغاية للانتهاء، والفرق بين الصورتين: أن الطلاق لا ينتهي، فليس بمؤجل، بخلاف الإجارة، ولهذا قال المؤلف:
«طلقت عند انقضائه» فيحسب الشهر من كلامه إلى أن يتم شهرين.
وإن قال: أنت طالق إلى الشهر بـ«أل» تطلق عند انتهاء الشهر الذي تكلم فيه، ولو لم يبقَ فيه إلا عشرة أيام؛ وذلك أنه لما لم يصح أن يكون للطلاق غاية لآخره صارت الغاية لأوله.
قوله: «إلا أن ينوي في الحال فيقع» إذا قال: أنت طالق إلى شهر، وقصده أن يقع الآن، وأن يستمر إلى شهر، ثم إلى شهر، ثم إلى الأبد فإنه يقع.
قوله: «وطالق إلى سنة تطلق باثني عشر شهراً، فإن عرَّفها باللام طلقت بانسلاخ ذي الحجة» كما سبق إذا قال: أنت طالق إلى سنة يحسب اثنا عشر شهراً من كلامه ثم تطلق، وإن قال: أنت طالق إلى السنة، فإذا تمت السنة التي هو فيها وانسلخ ذو الحجة طلقت المرأة، والفرق ظاهر؛ لأن «سنة» منكر و«السنة» معرف، و«أل» فيه للعهد الحضوري فيحمل على ذلك.
وكل هذه الصيغ العلماء يذكرونها لتمرين الطالب، ولأنه ربما تقع عند الغضب؛ فإذا قال: أنت طالق لعشر سنين، وعلمنا أن هناك قرينة تدل على أن المعنى أنت طالق من الآن، أو نوى من الآن يقع، وإلا فإنه ما يقع إلا بعد عشر سنوات.



[1] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/540).
[2] قال في الروض: «كلأشربن ماء الكوز ولا ماء به، أو لا طلعت الشمس، أو لأطيرن، فيقع الطلاق في الحال لما تقدم». الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/541).
[3] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/543).


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطلاق, بالشرط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir