دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الأطعمة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:32 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب الأطعمة

كتابُ الأَطْعِمَةِ
الأصلُ فيها الْحِلُّ، فيُباحُ كلُّ طاهِرٍ لا مَضَرَّةَ فيه من حَبٍّ وثَمَرٍ وغيرِهما.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


كتابُ الأطعِمَةِ
جمعُ طَعَامٍ، وهو ما يُؤْكَلُ ويُشْرَبُ. (والأصلُ فيها الحِلُّ)؛ لقولِه تعالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}. (فيُبَاحُ كُلُّ) طعامٍ (طاهرٍ)، بخلافِ مُتَنَجِّسٍ ونَجِسٍ، (لا مَضَرَّةَ فيه)؛ احْتِرَازاً عن السُّمِّ ونحوِهِ، حتَّى المِسْكُ ونحوُه، (مِن حَبٍّ وثَمَرٍ ونحوِهما) مِن الطاهِرَاتِ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


كتاب الأطعمة([1])

جع طعام([2]) وهو ما يؤكل ويشرب([3]) و(الأصل فيها الحل)([4]) لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}([5]).
(فيباح كل) طعام (طاهر) بخلاف متنجنس ونجس([6]) (لا مضرة فيه) احتراز عن السم ونحوه([7]) حتى المسك ونحوه كالعنبر([8]) (من حب وثمر وغيرهما) من الطاهرات([9])


([1]) أي هذا كتاب يذكر فيه أجناس، ما يجوز أكله وشربه من الأطعمة وما لا يجوز.
([2]) وما ضيه طعم.
([3]) وقال الجوهري: هو ما يؤكل، وربما خص به البر، وقال تعالى {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}.
([4]) أي والأصل في الأطعمة الحل، لنصوص الكتاب والسنة، إلا ما استثنى بهما، وقال الشيخ: الأصل فيها الحل لمسلم عمل صالحا، لأن الله تعالى إنما أحل الطيبات لمن يستعين بها على طاعتهن لا على معصيته لقوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} ولهذا لا يجوز أن يستعان بالمباح على المعصية، كمن يعطي اللحم والخبز من يشرب عليه الخمر، ويستعين به على الفواحش ومن أكل الطيبات ولم يشكر فمذموم قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أي عن الشكر عليه.
([5]) لكي تنتفعوا بما خلقه لكم فيها وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا} وقوله: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وقال: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} وقال صلى الله عليه وسلم «ما سكت عنه فهو عفو»، فكل ما لم يبين الله ولا رسوله تحريمه، من المطاعم والمشارب والملابس، فلا يجوز تحريمها فإن الله قد فصل علينا ما حرم، فإن كان شيء منها حراما، فلا بد أن يكون تحريمه مفصلا، كما أنه لا يجوز إباحة ما حرم الله، فكذلك لا يجوز تحريم ما عفا الله عنه ولم يحرمه.
([6]) أي فيباح كل طعام، من الحبوب والثمار والنبات، طاهر لا نجس ولا متنجس قال تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} أي من المطاعم، والمشارب، والملابس والفروج، {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} كالدم والميتة، ولحم الخنزير والزنا، وغير ذلك من المحرمات، وقال الوزير: اتفقوا على أن ما لا يحتاج من الأطعمة إلى ذكاة كالنبات وغيره، من الجامدات والمائعات، فإنه يحل أكله، ما لم يكن نجسا بنفسه، أو مخالطا لنجس أو ضار.
([7]) وكذا ما فيه مضرة مما يقتل غالبا، وفي الإنصاف، الصحيح من المذهب، أن السموم نجسة محرمة، والسم المحرم أكله، هو هذا السم القاتل، المعروف.
([8]) وقشر بيض وقرن حيوان مذكي، إذا دق ونحوه ونحو فاكهة مسوسة بدودها لا استقلالا والمسك طيب معروف، يستخرج من دم دابة تسمى غزال المسك، وتقدم؛ والعنبر من الطيب، روث دابة بحرية أو نبع مائة.
([9]) لما تقدم من الآيات، وغيرها.

  #5  
قديم 9 ربيع الثاني 1432هـ/14-03-2011م, 03:38 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كِتَابُ الأَْطْعِمَةِ


الأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ، ..............
قوله: «الأطعمة» جمع طعام، وهو كل ما يؤكل أو يُشرب، أما كون ما يؤكل طعاماً فأمره ظاهرٌ؛ وأما كون ما يشرب طعاماً فلقوله تعالى: {{فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}} [البقرة: 249] ، فجعل الشرب طعْماً، ولأن الشارب يطعم الشيء المشروبَ، فهو في الواقع طعامٌ.
واعلم أن كون الإنسان يحتاج إلى الطعام دليلٌ على نقصه، ولهذا برهن الله عزّ وجل على أن عيسى وأمه ليسا بإلهين بقوله: {{كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ}} [المائدة: 75] ، وتمدَّح سبحانه وتعالى بكونه يُطْعِم ولا يُطْعَم {{وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ}} [الأنعام: 14] ، فالحاجة إلى الطعام لا شك أنها نقص؛ لأن الإنسان لا يبقى بدونه، وكونه لا يأكل الطعام أيضاً نقص؛ لأن عدم أكله الطعام خروج عن الطبيعة التي خُلق عليها، والخروج عن الطبيعة يعتبر نقصاً.
إذاً فالإنسان إن أكل فهو ناقص، وإن لم يأكل فهو ناقص، وهذا يتبين به كمال الله عزّ وجل، ونقص ما سواه.
فالإنسان مضطر إلى الطعام، سواء كان مأكولاً أم مشروباً، والأصل فيه الحلّ كما قال المؤلف:
«الأصل فيها الحِل» «فيها» أي: في الأطعمة، وهذا أمر مجمع عليه، دل عليه القرآن قي قوله تعالى: {{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}} [البقرة: 29] ، و«ما» اسم موصول، والاسم الموصول يفيد العموم، كما أنه أكَّد ذلك العموم بقوله: {{جَمِيعًا}}، فكل ما في الأرض فهو حلالٌ لنا، أكلاً، وشرباً، ولُبساً، وانتفاعاً، ومَنِ ادَّعى خلاف ذلك فهو محجوج بهذا الدليل، إلا أن يقيم دليلاً على ما ادَّعاه، ولهذا أنكر الله ـ عزّ وجل ـ على الذين يُحرِّمون ما أحل الله من هذه الأمور فقال: {{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}} [الأعراف: 32] .
وقوله: «الأصل فيها الحل» وهذا الأصل ليس ثابتاً لكل إنسان، بل هو للمؤمن خاصة، أما الكافر فالأطعمة عليه حرام؛ لأن الله يقول: {{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}}، فقوله: {{قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}}، يُخرج غير الذين آمنوا، وكذلك قال ـ تعالى ـ في سورة المائدة: {{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}، فمفهومها أن غيرهم عليهم جناح فيما طعموا، ومع ذلك ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا بشرط ألا يستعينوا بذلك على المعصية، ولهذا قال الله تعالى: {{إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}} [المائدة: 93] .
ووالله ما ندري هل نحن مُطبقون لهذه الشروط، أو أننا نأكل الشيء وعلينا جناحٌ فيه؟ وهي سبعة شروط، مؤكدة بـ«ما» الزائدة، فإن «ما» من المتعارف عليه من حروف الزيادة، وقد قيل:
يا طالباً خُذْ فائدة *** (ما) بعد (إذا) زائدة
وكل حروف الزيادة في القرآن، أو في السنَّة، أو في كلام العرب للتوكيد.
إذاً الأصل في الأطعمة الحل للمؤمنين، أما غيرهم فلا؛ فإن الكافر لن يرفع لقمة إلى فمه إلا عُوقب عليها يوم القيامة، ولن يبتلع جُرعة من ماء إلا عوقب عليها يوم القيامة، ولن يستتر، أو يدفئ نفسه بسلكٍ من قطن، إلا حوسب عليه يوم القيامة.
وهذه القاعدة العظيمة التي دل عليها الكتاب، ودلت عليها السنة، قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها» [(1)]، وقال: «ما سكت عنه فهو عفو»[(2)]، فهذا الأصل الذي دل عليه الكتاب، والسنة، وأجمع عليه المسلمون في الجملة نستفيد منه فائدة، وهي أن كل إنسان يقول: إن هذا الشيء حرام، مما يؤكل، أو يشرب، أو يُلبس أيضاً، نقول له: هاتِ الدليل؛ لأن عندنا أدلة تدل على حله.
فلو قال قائل: الدخان حلال فلا نطالبه بالدليل؛ لأن الأصل الحل.
فإذا قال الثاني: بل هو حرام، نقول لهذا: هات الدليل، ولا شك أن من تأمَّل نصوص الكتاب، والسنة، ونظر نظراً صحيحاً تبيَّن له أن الدخان حرام، وليس هذا موضع ذكر أدلة تحريمه. وربما يأتي لاحقاً من كلام المؤلف نفسه.
قال المؤلف تفريعاً على هذه القاعدة:

فَيُبَاحُ كُلُّ طَاهِرٍ لاَ مَضَرَّةَ فِيهِ،.....................................
«فيباح» الفاء هنا للتفريع، يعني فبناءً على ذلك يباح كل طاهر لا مضرة فيه.
قوله: «كل طاهر» خرج به ما كان نجساً أو متنجِّساً، فالنَّجس نجاسته عينية، والمتنجِّس نجاسته حكمية.
فالنجس مثل: الميتة، والخنزير، والدم المسفوح، قال الله تعالى: {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}} [الأنعام: 145] والضمير عائد على الثلاثة المذكورة، فإذا قال قائل: لو كان كذلك لقال: فإنها رجس. والمراد بالدم هنا الدم المسفوح وهو الذي يكون قبل موت البهيمة أما ما كان بعد الموت فإنه طاهر وحلال قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أحل لنا ميتتان ودمان، أما الميتان فالجراد والحوت وأما الدمان فالكبد والطحال»[(3)].
والجواب: أن قوله: {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}}، معناه إلا أن يكون ذلك الشيء المحرم على الطاعم الذي يطعمه {{مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ}} أي: ذلك الشيء {{رِجْسٌ}} أي: نجس.
فإن قال قائل: النجس واضح تحريمه؛ لأنه نجس العين، وكل نجس حرام، وليس كل حرام نجساً، وهذه القاعدة مرَّت علينا في الآنية[(4)]، فما الدليل على أن المتنجِّس حرام؟
الجواب: لأن المتنجِّس متأثر بالنجاسة، مختلط بها، فالنجاسة لم تزل فيه، فإذا أكَلْتَهُ، أو شَرِبْتَه فقد باشرت النجاسة، أكلت النجاسة وشربتها، ولهذا نقول: المتنجس محرَّم؛ لأنه ليس بطاهر، وإذا كان الشرع يأمرنا بإزالة النجاسة من ظاهر أجسامنا، فكيف نُدخل النجاسة باطن أجسامنا؟!
قوله: «لا مضرة فيه» خرج بذلك الطاهر الذي فيه مضرة، فالطاهر الذي فيه مضرة لا يجوز، بل هو حرام، وسواء كانت المضرة في عينه، أو في غيره.
في عينه كالسُّم، فالسم ضرره في عينه، وكذلك الدخان فإنه ضارٌّ في عينه، وضرره مُجمعٌ عليه بين الأطباء اليوم، لا يختلف في ذلك اثنان منهم؛ لما يشتمل عليه من المواد السامة المفسدة للدم.
والضار في غيره مثل أن يكون هذا الطعام لا يلتئم مع هذا الطعام، بمعنى أنك إذا جمعت بين الطعامين حصل الضرر، وإذا أكلتهما على انفرادٍ لم يحصل الضرر، ومن ذلك الحُمْية للمرضى، فإن المريض إذا حُمي عن نوع معينٍ من الطعام، وقيل له: إن تناوله يضرك، صار عليه حراماً، ومن ذلك على تمثيل النحويين: «لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبن» بالفتح، ولكننا نقول للنحويين في هذه القاعدة، أو هذا الضابط: ما هذا عِشك فادرجي؛ فإن الأطباء الآن يقولون: إنه لا يضر، وقد رأينا أهل جدة يأكلون السمك، ويشربون اللبن، ولا يضرهم ذلك شيئاً.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وإذا خاف الإنسان من الأكل أذًى أو تخمة حَرُمَ عليه».
فإذا قال الإنسان: أنا إذا ملأتُ بطني من هذا الطعام فإنه سيحتاج إلى ماء، فإذا أضفتُ إليه الماء فلا أكاد أمشي، وأتأذى، فإن جلست تأذيت، وإن ركعتُ تأذيت، وإن استلقيت على ظهري تأذيت، وإن انبطحت على بطني تأذيت، وفي هذا يقول شيخ الإسلام: إذا خاف الأذية فإنه يحرم عليه الأكل، وما قاله ـ رحمه الله ـ صحيح؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يأكل ما يؤذيه، أو يلبس ما يؤذيه، أو يجلس على ما يؤذيه، حتى الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في السجود، كانوا إذا أذاهم الحر يبسطون ثيابهم، ويسجدون عليها[(5)]؛ لئلا يتأذوا، ولأجل أن يطمئنوا في صلاتهم.
وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتُّخمة ممَّا ضرره في غيره، وهو الإكثار، يعني هو بنفسه ليس بضار، لكن الإكثار منه يكون ضاراً مؤذياً، حتى وإن لم يتضرر، لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر؛ لأن المعدة إذا ملأتها سوف تتأذى وتتعب. وهل الشِّرِّية في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه» تعتبر شراً شرعياً أو أنه من الناحية العادية؟ هذا محل توقف وتأمل ولا شك أن الأحسن والأفضل هو ما أرشد إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وجرِّب تجد.
وقد قيل: إن من الأمور المهلكة إدخال الطعام على الطعام، فإذا صح ذلك كان ـ أيضاً ـ حراماً؛ لأن الله يقول: {{وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}} [النساء: 29] .
ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً، وهو أمر مجرَّب، وقد ضربوا له مثلاً، برجل أعطى عُمَّالاً عملاً يقومون به، وقبل أن يستكملوا العمل أضاف إليهم عملاً آخر، ومعلوم أنهم لا يمكن أن يشتغلوا بالعَمَلين إلاَّ على حساب أحدهما، فإذا بدؤوا بالشغل الجديد فالشغل القديم يختل، والمعدة إذا استقبلت الطعام الجديد اختل هضمها للطعام الأول، ولا سيما أن الهضم جعل الله له غدداً تفرز مواد بحسب بقائه في المعدة.
وللهضم عند الأطباء مراتب: النضج الأول، والثاني، والثالث، والرابع، فلا بد أن يكون هناك موازنة، حتى يَعرف الإنسان ما مرتبة، أو ما درجة الطعام الأول؟ وهل يمكن أن يضيف إليه طعاماً آخر أو لا؟

مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَغَيْرِهِمَا ...
قوله: «من حَبٍّ» هذا بيان لقوله: «كل طاهر» والحب مثل: البر، والأرز، والشعير، والعدس، والفول، وما أشبه ذلك.
قوله: «وثمر وغيرهما» : كالتمر، والتين، والعنب، والبرتقال، ونحوها، فتعداد الأنواع قد يصعب ولا نحيط بها، لكن عندنا القاعدة العامة «كل طاهر لا مضرة فيه».


_____________________
[1] رواه الطبراني في الكبير (22/589)، والدارقطني (4/184)، والحاكم (4/115)، وعنه البيهقي (10/12) كلهم من طريق مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني به مرفوعاً، وأعله أبو مسهر الدمشقي وأبو نعيم وابن رجب بعدم سماع مكحول من أبي ثعلبة الخشني.
[2] رواه البزار [مختصر زوائد البزار لابن حجر، رقم (117)]، وابن أبي حاتم الرازي في تفسير ابن كثير (مريم: الآية 64)، والحاكم (2/375)، والبيهقي (10/12) بأسانيدهم عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء به مرفوعاً.
قال البزار: «إسناده صالح» وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي: «إسناده حسن ورجاله موثقون» المجمع (1/171).
[3] رواه ابن ماجه في كتاب الأطعمة/ باب الكبد والطحال (3314).
[4] الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/86).
[5] أخرجه البخاري في الصلاة/ باب السجود على الثوب في شدة الحر (385)، ومسلم في المساجد/ باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت (620) (191).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأطعمة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir