دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 29 رجب 1441هـ/23-03-2020م, 03:33 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة "السبيل إلى فهم القرآن"


تطبيقات الدرس السادس:

4: معنى النحر في قول الله تعالى: {فصلّ لربّك وانحر}
قيل في معنى النحر أقوال:
==القول الأول:
هُوَ وَضْعُ الْيَمِين عَلَى الشمال فِي الصَّلَاةِ
=تخريج هذا القول:
وهذا القول رواه عبد الرزاق في تفسيره، وابن أبي شيبة في المصنف، والطبري في تفسيره والحاكم في المستدرك عن عقبة بن ظهير عن علي بن أبي طالب:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ: «هُوَ وَضْعُكَ يَمِينَكَ عَلَى شِمَالِكَ فِي الصَّلَاةِ»
وذكره الجصاص في أحكام القرآن عن ابن عباس

==القول الثاني:
هو نحر البدن أي ذبحها بقطع الحلقوم والمريء من بهيمة الأنعام.
=تخريج هذا القول:
وهذا القول رواه عبد الرزاق في تفسيره عن عطاء. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ: «صَلِّ الصُّبْحَ بِجَمْعٍ , وَانْحَرِ الْبُدْنَ بِمِنًى»
والطبري في تفسيره عن ابن عباس وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة، والحسن وقتادة، ومجاهد، وابن زيد، وأبن أبي حاتم عن مجاهد وعطاء وعكرمة، وسعيد بن جبير.
وذكره الثعلبي في تفسيره عن سعيد بن جبير ومجاهد وذكره الجصاص في أحكام القرآن عن الحسن

=القول الثالث:
هو رفع اليدين عند الإحرام وعند الركوع والرفع منه
=تخريج هذا القول:
روي هذا القول الطبري في تفسيره عن أبي جعفر، وابن أبي حاتم في تفسيره، الحاكم في المستدرك عن علي بن أبي طالب:
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟» قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلَاةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ، وَإِذَا رَكَعْتَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهَا صَلَاتُنَا وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَفْعُ الْأَيْدِي مِنَ الِاسْتِكَانَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76] "
وفي الإسناد إسرائيل صاحب عجائب لا يعتمد عليه وأصبغ شيعي متروك عند النسائي

==القول الرابع:
استقبل القبلة بنحرك
=القائلين به:
ذكر هذا بعض أهل اللغة
=توجيه هذا القول:
أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:
أبا حَكَمٍ هَلْ أنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ ... وَسَيِّدُ أهْلِ الأبْطَحِ المُتَنَاحِرِ
أي ينحر بعضه بعضا.


مناقشة الأقوال:
-قال الطبري: والذي يظهر أن المراد هنا هو القول الثاني، لأنه المعانى الأقرب والأظهر من معاني النحر وإن كانت الأقوال الأخرى مقبولة، ولهذا وجدت أن بعض المفسرين لما ذكروا هذه الأقوال اختاروا هذا القول كما قال
ابن جرير الطبري بعد سرد الأقوال:
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له،.... إلى أن قال:
فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر، إنعاما منا عليك به، وتكرمة منا لك، فأخلص لربك العبادة، وأفرد له صلاتك ونسكك، خلافا لما يفعله من كفر به، وعبد غيره، ونحر للأوثان.
-وقال الجصاص في أحكام القرآن بعد سرد الأقوال:
وَتَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى حَقِيقَةِ نَحْرِ الْبُدْنَ أَوْلَى لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَلِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَنْ قَالَ نَحَرَ فُلَانٌ الْيَوْمَ عُقِلَ مِنْهُ نَحْرُ الْبُدْنَ وَلَمْ يُعْقَلْ مِنْهُ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضَعُ يَدَهُ عِنْدَ النَّحْرِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ أَسْفَلَ السُّرَّةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ) أ.ه


========================
5: معنى العصر في قول الله تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر}
ورد في معنى العصر أقوال منها:
==القول الأول:
أنه العشي
ومعنى العشي هو الوقت ما بين زوال الشمس وغروبها كما ذكره الشوكاني في فتح القدير.
القائلين به:
ورد هذا القول عن الحسن
تخريجه:
هذا القول رواه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن الحسن: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] قَالَ: هُوَ الْعَشِيُّ "
ورواه الطبري في تفسيره عن ابن ثور عن معمر عن الحسن.

==القول الثاني:
أنه ساعة من ساعات النهار
القائلين به:
روي هذا القول عن قتادة.
تخريجه
هذا القول رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في تفسيره قال: قَالَ مَعْمَرٌ , وَقَالَ قَتَادَةُ: «سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ»

==القول الثالث:
أنها آخر النهار
-القائلين به:
روي هذا القول عن أبي بن كعب.
-تخريجه:
هذا القول رواه الثعلبي عن أبي أمامة عن أبي بن كعب في تفسيره.

==القول الرابع:
أنه الدهر.
-القائلين به.
روي هذا القول عن ابن عباس
-تخريجه:
رواه ابن الطبري عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
ذكره الواحدي في تفسيره، والبغوي في تفسيره
-ووجه هذا القول: أن الله أقسم بالدهر لأن فيه عبرة للناظرين من جهة مرور الليل والنهار على تقدير الأدوار

==القول الخامس:
أنه صلاة العصر.
-القائلين به:
روي هذا القول عن مقاتل.
-تخريجه:
ذكر هذا القول الواحدي في تفسيره عن مقاتل، وكذا البغوي.

==القول السادس:
أن معناه "ورب العصر"
-القائلين به:
قال الزجاج أنه قول البعض، وكذا قال البغوي في تفسيره.

==القول السابع:
أنه آخر ساعة من ساعات النهار.
-القائلين به:
روي هذا القول عن قتادة.
-تخريجه:
ذكره البغوي في تفسيره عنه ولم يسنده.

مناقشة الأقوال:
قد جعل ابن جرير الطبري المراد الدهر -وهو القول الرابع- وأدخل فيه كل ما يكون تحته :
كالقول الأول -العشي-
والقول الثاني - أنه ساعة من ساعات النهار- ،
والقول الثالث -أنه آخر النهار- ،
والقول السابع - أنه آخر ساعة من ساعات النهار-.
فجعل هذه الأقوال الأربعة تحت القول بأنه الدهر ورجحه.

والذي يظهر أن المراد في السورة أن العصر هو: الوقت الكائن في آخر النهار قبل غروب الشمس وهذا القول يمثله القول الأول، والثاني، والثالث، والسابع
وإنما اخترت هذا القول لأنه المراد عند الإطلاق في خطاب الشرع، فإذا وردت كلمة العصر في القرآن فإن المراد بها هذا الوقت وقد استفدته من بعض مشايخي.
ووجدت في كلام للطاهر بن عاشور في تفسيره أنه قال عنه أنه أشهر إطلاق للفظ العصر حيث قال:
وَأَشْهَرُ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْعَصْرِ أَنَّهُ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ لِوَقْتٍ مَا بَيْنَ آخَرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فَمَبْدَؤُهُ إِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِسْمِ مِثْلَهُ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَيَمْتَدُّ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الْجِسْمِ مِثْلَيْ قَدْرِهِ بَعْدَ الظِّلِّ الَّذِي كَانَ لَهُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. وَذَلِكَ وَقْتُ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَالْعَصْرُ مَبْدَأُ الْعَشِيِّ. وَيَعْقُبُهُ الْأَصِيلُ وَالِاحْمِرَارُ وَهُوَ مَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) انتهى

======================================================================================

تطبيقات الدرس السابع:
- بيّن المراد بالمفردات التاليات:
(4) الحبل في قول الله تعالى: {إلا بحبل من الله وحبل من الناس}

ورد في المراد بالحبل قولان:
==القول الأول:
قيل إن المراد به العهد، وعهد الله ذمته، وعهد الناس حِلفهم ونَصرُهم
وهذا القول رواه عبد الرزاق عن معمر عن قادة
ورواه ابن جرير في تفسيره عن جماعة منهم ابن عباس، مجاهد، وقتادة، وعكرمة، والسدي، والربيع، وابن زيد، والضحاك، ورواه ابن المنذر عن ابن عباس، ومجاهد ونسبه لقتادة والضحاك وأبي عبيدة، أيضا
ورواه ابن أبي حاتم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ: عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ وَعَهْدٌ مِنَ النَّاسِ) ثم قال وَرُوِيَ عَنِ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، والضحاك والسدي نَحْوُ ذَلِكَ. وذكره صاحب التحرير والتنوير،
المعنى على هذا القول:
وَالْمَعْنَى لَا يَسْلَمُونَ مِنَ الذِّلَّةِ إِلَّا إِذَا تَلَبَّسُوا بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ، أَيْ ذِمَّةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ إِذَا اسْتَنْصَرُوا بِقَبَائِلَ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ، وَأَمَّا هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ فَلَا نَصْرَ لَهُمْ. وَهَذَا مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا أعزّة بيشرب وَخَيْبَرَ وَالنَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ، فَأَصْبَحُوا أَذِلَّةً، وَعَمَّتْهُمُ الْمَذَلَّةُ فِي سَائِرِ أقطار الدُّنْيَا. [ذكره في التحرير والتنوير]

**وقد وقع خلاف بين أهل العربية في المعنى الذي جلب"الباء" في قوله:" بحبل"
-فقال بعض نحويي الكوفة -وهو الفراء في معاني القرآن-: الذي جلبها فعل مضمر قد تُرك ذكره، ومعنى الكلام: ضُربت عليهم الذلة أينما ثقفوا، إلا أن يعتصموا بحبل من الله واستشهدوا لقولهم ذلك بقول الشاعر:
رَأَتْنِي بِحَبْلَيْها فَصَدَّتْ مَخَافَةً ... وَفِي الحَبْلِ رَوْعَاءُ الفُؤَادِ فَرُوقُ
ورده الطبري بقوله: "وذلك في مذاهب العربية ضعيف، ومن كلام العرب بعيد. وأما ما استشهد به لقوله من الأبيات، فغير دالّ على صحة دعواه، لأن في قول الشاعر: "رأتني بحبليها"، دلالة بينة في أنها رأته بالحبل ممسكً" انتهى كلامه
- وقال آخرون من نحويي الكوفة: هو استثناء متصل، والمعنى: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا، أي: بكل مكان = إلا بموضع حبل من الله، كما تقول: ضُربت عليهم الذلة في الأمكنة إلا في هذا المكان.
وهذا يرد عليه أن الذلة مضروبة عليهم سواء كان لهم حبل من الله والناس أو لا فالذلة وصف ملازم لهم. وذهبوا لذلك لأنهم جعلوا الاستثناء متصلا وليس كذلك.
- قال أبو جعفر: ولكن القول عندنا أن"الباء" في قوله:"إلا بحبل من الله"، أدخلت لأن الكلام الذي قبل الاستثناء مقتضٍ في المعنى"الباء". وذلك أن معنى قوله:"ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا" ضربت عليهم الذلة بكل مكان ثقفوا = ثم قال:"إلا بحبل من الله وحبل من الناس" على غير وجه الاتصال بالأول، ولكنه على الانقطاع عنه. ومعناه: ولكن يثقفون بحبل من الله وحبل من الناس، كما قيل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً) [سورة النساء: 92] ، فالخطأ وإن كان منصوبًا بما عمل فيما قبل الاستثناء، فليس قوله باستثناء متصل بالأول بمعنى:"إلا خطأ"، فإن له قتله كذلك = ولكن معناه: ولكن قد يقتله خطأ. فكذلك قوله:"أينما ثقفوا إلا بحبل من الله، وإن كان الذي جلب"الباء" التي بعد"إلا" الفعل الذي يقتضيها قبل"إلا"، فليس الاستثناء بالاستثناء المتصل بالذي قبله، بمعنى: أن القوم إذا لُقوا، فالذلة زائلة عنهم، بل الذلة ثابتة بكل حال. ولكن معناه ما بينا آنفا.
وقال الزجاج: وما بعد الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ ليس من الأول، وإنما المعنى: أنهم أذلاء، إلا أنهم يعتصمون بالعهد إذا أعطوه.

==والقول الثاني:
قيل إن المراد بالحبل: القرآن
وهذا القول ذكره ابن كثير في تفسيره
واستدل له بما روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمتِينُ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ وهُوَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، ونَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ" رواه مسلم.
وُروي مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَحْوُ ذَلِكَ
وقد ذكره عند تفسيره قوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا" فاستدل بقوله تعالى "إلا بحبل من الله" الآية، ولما أتى لتفسير قوله تعالى "إلا بحبل من الله" لم يذكر غير العهد.
النقاش
كلا القولين يظهر لي أنه يصح أن يكون مرادا هنا، ووجه ذلك أن العهد من الله ومن الناس محل ذكره إنما هو القرآن الكريم فهو المصدر الذي نتلقى منه الأحكام
فالعهود التي لهم هي في القرآن ويكون المعنى بعهد من الله أو بعهد الله المذكور في القرآن.
والله أعلم


(5) السيما في قول الله تعالى: {سيماهم في وجوههم}
قيل في المراد بها أقوال:
=الأول: قيل المراد علامتهم الصلاة
روي هذا القول عبد الرزاق عن قتادة
=الثاني: قيل المراد العلامة التي تكون لهم يوم القيامة ويعرفون بها وهي بياض مواضع السجود
وقد روى هذا القول الطبري في تقسيره عن جماعة منهم:
ابن عباس قال: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة.
وخالد الحنفي، وعطية، ومقاتل ابن حيان، والحسن.
=والثالث: قيل المراد سيما الإسلام وهي الخشوع وترى عليهم في الدنيا
وقد روى هذا القول الطبري في تقسيره عن جماعة منهم:
ابن عباس في قوله (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قال: أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسَحْنته وسَمته وخشوعه.
، ورواه عن مجاهد
=والرابع: قيل المراد بها علامتها وأثرها في الدنيا يكون في وجوه المصلين من السهر
وقد روى هذا القول الطبري في تقسيره عن جماعة منهم:
الحسن (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قال: الصفرة.
وعن شَمِر بن عَطية، في قوله (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) قال: تهيج في الوجه من سهر الليل.
=والخامس: قيل ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض، أو نَدَى الطَّهُور.
روي هذا القول عن سعيد بن جُبير، في قوله (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قال: ثرى الأرض، وندى الطَّهُور. رواه الطبري عن جعفر ابن أبي المغيرة عنه.
ثم رواه عن عكرمة

مناقشة الأقوال:
هذه الأقوال يجمعها قسمان كبيران:
أحدهما: أن العلامة المراد بها ما يكون في الآخرة، وهذا القسم يمثله القول الثاني
وهو العلامة التي تكون عليهم يوم القيامة فيعرفون بها وهي الغرة التي تكون في الوجه أو التحجيل في أعضاء الوضوء، وبياض الوجوه من أثر السجود وكل هذا دلت عليه أدلة منفصلة كثيرة.
والآخر: أن العلامة المراد بها ما يكون في الدنيا، وهذا القسم يندرج فيه باقي الأقوال فمنها ما يكون ناشئ عن الوضوء ومنها ما يكون ناشئ عن أداء الفرائض ومنها ما يكون ناشئ عن أداء النوافل ومنها ما يكون من أثر التزام أحكام الإسلام.
الترجيح:
كل هذه الأقوال يصح حمل المراد ب"سيماهم" عليها، وإنما قلنا ذلك لأن الله سبحانه وتعالى لم يقيدها بوقت معين ولذلك صح حملها على ما جاء في تفسيرها عند من قصد بها ما يكون في الدنيا وحملها عند من قصد بها ما يكون يوم القيامة. وقد ذهب لهذا القول ابن جرير الطبري في تفسيره بعد ذكر الأقوال ثم استدل على ترجيحه بما رواه عن قتادة (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) يقول: علامتهم أو أعلمتهم الصلاة.
ثم وجدت هذا التقسيم في زاد المسير في علم التفسير ولكنه لم يرجح شيئا.

=======================================================
تطبيقات الدرس الثامن:
- بيّن أثر دلالة الإعراب على المفردات التالية:
(1) سبيل في قول الله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين}

ورد في قراءة "سبيل" قراءتان:
=الأولى
"سبيلَ" بالنصب على أنها مفعول به،
وهذه قراءة عامة قراء أهل المدينة.
ويكون معنى الآية على ذلك: ولتستبين أنت يا محمد، سبيل المجرمين.
وروي هذا عن ابن زيد وكان يتأول المقصود بالمجرمين هم من كان يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرد الصحابة من عنده.
قال الطبري: حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن ريد: "ولتستبين سبيلَ المجرمين"، قال: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء.

=الثانية:
"سبيلُ" بالرفع على أن القصد للسبيل، فهي فاعل يستبين أو تستبين
وهذه قراءة ذلك بعض المكيين وبعض البصرين.
وقراءة عامة الكوفيين مع "ليستبين" بالياء
وكأن معنى الكلام عندهم: وكذلك نفصل الآيات، ولتتضح طريقُ المجرمين لك وللمؤمنين.

النقاش:
تبين مما سبق أن إعراب الكلمة أثر على المعنى فعلى قراءة النصب يكون المعنى فيه اقتصار البيان على النبي صلى الله عليه وسلم فالخطاب له ليتبين طريق المجرمين
وعلى المعنى الثاني -وهو قراءة الرفع- فالخطاب عام له ولغيره ليعرفوا ويتضح لهم صفات "طريق المجرمين"
ولذلك نجد في كلام بعض المفسرين أنهم رجحوا الرفع لأنه أعم في بيان طريق أهل الضلال إذ أن المعنى أي وليظهر يا محمد -أو يا مخاطب- طريقُ المجرمين.
ولذلك:
ذكر ابن جرير الطبري أن القراءة الأولى بالصواب عنده قراءة الرفع لأن الله تعالى فصَّل آياته في كتابه وتنزيله، ليتبين الحقَّ بها من الباطل جميعُ من خوطب بها، لا بعضٌ دون بعض.
ثم بين وجه ترجيحه التقديم على قراءة النصب فقال:
ومن قرأ "السبيل" بالنصب، فإنما جعل تبيين ذلك محصورًا على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما القراءة في قوله: "ولتستبين"، فسواء قرئت بالتاء أو بالياء، لأن من العرب من يذكر "السبيل" = وهم تميم وأهل نجد = ومنهم من يؤنث "السبيل" = وهم أهل الحجاز. وهما قراءتان مستفيضتان في قرأءة الأمصار، ولغتان مشهورتان من لغات العرب، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلافٌ لقراءته بالأخرى، ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى = بعد أن يرفع "السبيل" = للعلة التي ذكرنا.
قال الثعلبي:
ودليل المذكر قوله عزّ وجل وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ودليل التأنيث قوله تعالى لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وقوله عز وجل قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ ولذلك قرأ وَلِتَسْتَبِينَ بالياء والتاء. أنتهى
-واقتصر ابن كثير على ذكرها والله أعلم بسبب ذلك.


(4) مرجع الضمير في "به" في قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}
=قيل في مرجع الضمير
=أنه يرجع لما كتموه وهو أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم واسمه وصدق نبوته
فقد نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم، كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم الثابتة في كتبهم، لئلا تذهب برياستهم ومآكلهم، والآية عامة في كل من كتم العلم لأجل ذلك.
عن قتادة قوله:"إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" الآية كلها، هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم وبَين لهم من الحق والهدى، من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأمره. رواه الطبري عن يزيد بن زريع عن سعيد عنه.
ويدل عليه أيضا ما رواه ابن أبي حاتم قال: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا هَؤُلاءِ هُمُ الْيَهُودُ كَتَمُوا اسْمَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذُوا عَلَيْهِ طَمَعًا قَلِيلا، فَهُوَ الثَّمَنُ الْقَلِيلُ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوُ ذَلِكَ.
وقد ذكره الثعلبي واقتصر عليه وكذلك البغوي والقرطبي.
ورجوع الضمير إلى المكتوم يظهر منه معنى جليل، وهو أنهم ما كتموا إلا لأجل الثمن الذي أرادوه فوقع منهم التحريف والتدليس لأجل استحقاق هذا الثمن.
=وقد يكون مرجع الضمير إلى "الكتاب"
وعلى هذا يكون الثمن هو التحريف للكتاب كله
ولكني لم أجد ذكر هذا المعنى.

فعلى المعنى الأول يكون الثمن هو التحريف والتدليس لأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم ونبوته، وعلى المعنى الثاني: يكون التحريف واقع في جميع الكتاب سواء ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأحكام
وكلا الأمرين واقع منهم، وله أدلة كثيرة.
والله أعلم

=========================================================
تطبيقات الدرس التاسع:
-استخرج دلالات الصيغة الصرفية مما يأتي:
2: "مُنزل" في قول الله تعالى: {وقل رب أنزلنا مُنزلا مباركاً وأنت خير المنزلين}

ورد في قوله تعالى "منزلا" قراءتان:
=القراءة الأولى:
قرأت عامة الأمصار "منزلا" بضم الميم وفتح الزاي على أنها مصدر مفعول ثان، أو مفعول مطلق، ويكون المعنى؛ أنزلني إنزالا مباركا
ويحتمل أن يكون المراد بالإنزال أمرين:
إحداهما: الإنزال في السفينة بعد ركوبها،
وثانيهما: الإنزال من السفينة بأن يكون الهبوط بسلام.
عن مجاهد في قوله: (مُنزلا مُبَارَكًا) قال: لنوح حين نزل من السفينة. رواه الطبري
=القراءة الثانية:
قرأ عاصم "منزلا" بفتح الميم وكسر الزاي، على أنه اسم مكان، ويكون المعنى أنزلني مكانا من الأرض مباركا
وهو قول الكلبي: منزلا مباركا بالماء والشجر.
وهو أحد القولين فإنه يحتمل أن يكون المراد بالمكان أيضا أمران:
أحدهما: أنزلني في السفينة مكان مباركا ويكون البركة باعتبار النجاة من الهلاك فكونه في السفينة فهو في مكان مبارك بالنسبة لما حوله.
والآخر: أنزلني في مكان مبارك من الأرض بأن يكون فيه الماء والشجر والذرية ونحوه.

فتبين مما سبق أن اختلاف التصريف نتج عنه اختلاف في المعاني التي تفسر بها الآية، وهذا من عظمة القرآن، ومن براهين صدقه وأنه "تنزيل من حكيم حميد".
وهذا ما يسمى بالمشترك الصرفي وهو أخصّ من المشترك اللفظي، إذ المراد به أن تحتمل الصيغة الصرفية معنيين أو أكثر فهنا احتملت المصدرية على القراءة الأولى، واسم المكان على القراءة الثانية.

5. دلالة اسم الفاعل في قول الله تعالى: {إنّ الله بالغ أمره}
= قيل إنها منقطعة عما قبلها فالمعنى إن الله بالغ أمره بكل حال توكل عليه العبد أو لم يتوكل عليه.
روى ذلك القول ابن جرير الطبري في تفسيره عن جماعة منهم:
مسروق: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) توكل عليه أو لم يتوكل عليه، غير أن المتوكل يُكَفِّرْ عنه سيئاته، ويُعظِم له أجرًا.

==وقد وردت في "بالغ" قراءات
=إحداهما: "بالغُ" بالإضافة مع نصب "أمره" وهي قراءة طلحة بن مصرف، وحفص والمفضل عن عاصم.
والمعنى هنا أن الله سبحانه وتعالى بالغٌ ما يريد من الأمر لا يفوته شيء ولا يعجزه مطلوب.
=وثانيها: "بالغٌ" بالتنوين "أمرَه" بالنصب على أنها مفعول به، وهي قراءة الجمهور، والمعنى: أي هو سبحانه وتعالى منفذ أمره ممض في خلقه ما قضاه.
وهو بنفس المعنى على القراءة الأولى.
=وثالثها: ما نسب القرطبي في تفسيره إلى المفضل أنه قرأ "بالغاً أمرُهُ" على أن قوله "قد جعل الله" هي خبر إنّ، وبالغاً حال.
وعلى هذا المعنى فهو وصف لأمر الله بنفاذه

=ورابعها: ما نسبه القرطبي أيضا في تفسيره إلى داود بن أبي هند وأبو عمرو في رواية عنه وانب أبي عبلة أنهم قرأوا "" بَالِغٌ أَمْرُهُ" بِالتَّنْوِينِ وَرَفْعِ "أمره" على أنه فاعل أو مبتدأ مؤخر
قال الفراء في توجيه هذه القراءة: أَيْ أَمْرُهُ بَالِغٌ. وَقِيلَ:" أَمْرُهُ" مُرْتَفِعٌ" بِ" بَالِغٌ" وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بَالِغُ أَمْرِهِ مَا أَرَادَ.
وقيل المعنى: سيبلغ أمره فيما يريد منكم، ومن أضاف حذف التنوين وهو مراد، كقوله: {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ} و {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}

وبقي من الكلام أن يقال إن صيغة المبالغة أتت على زنة "فاعل" وهي تأتي أحيانا للدلالة على المبالغة، وهي هنا تدل على المبالغة في بيان هذا الأمر وتحقق وقوعه وثبوته فإن أمره سبحانه وتعالى واقع لا محالة.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, التاسع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir